Chronological
المَلِكُ سُلَيْمَانُ يَطْلُبُ حِكمَة
3 وصَاهَر سُلَيْمَانُ فِرعَوْنَ مَلِكَ مِصْرٍ، حَيْثُ تَزَوَّجَ مِنَ ابنَتِهِ وَأتَى بِهَا إلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ.[a] وَفِي ذَلِكَ الوَقْتِ، لَمْ يَكُنْ سُلَيْمَانُ قَدِ انْتَهَى مِنْ بِنَاءِ قَصْرِهِ وَبَيْتِ اللهِ وَالسُّورِ المُحِيطِ بِالقُدْسِ. 2 وَكَانَ الشَّعْبُ يُقَدِّمُونَ الذَّبَائِحَ للهِ عَلَى المَذَابِحِ فِي المُرْتَفَعَاتِ، لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ بُنِيَ بَعْدُ بَيتٌ إكْرَامًا لِاسْمِ اللهِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ. 3 وَأظْهَرَ سُلَيْمَانُ مَحَبَّتَهُ للهِ بِإطَاعَتِهِ كُلَّ مَا أوصَاهُ بِهِ دَاوُدُ أبُوهُ. إلَّا أنَّهُ كَانَ مَا يَزَالُ يُقَدِّمُ الذَّبَائِحَ وَيُوقِدُ البَخُورَ فِي المُرْتَفَعَاتِ.
4 وَذَهَبَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ إلَى جِبْعُونَ لِيُقَدِّمَ ذَبِيحَةً، لِأنَّهَا كَانَتِ المُرتَفَعَةَ الأهَمَّ. فَقَدَّمَ ألْفَ ذَبِيحَةٍ عَلَى ذَلِكَ المَذْبَحِ. 5 وَأثنَاءَ وُجُودِ سُلَيْمَانَ فِي جِبْعُونَ، جَاءَ إلَيْهِ اللهُ لَيْلًا فِي حُلْمٍ. وَقَالَ لَهُ: «اطلُبْ مِنِّي مَا شِئتَ، وَسَأُعْطِيهِ لَكَ.»
6 فَأجَابَ سُلَيْمَانُ: «كُنْتَ كَرِيمًا جِدًّا مَعَ عَبدِكَ دَاوُدَ أبِي. وَهو سَارَ مَعَكَ فِي حَيَاةٍ صَالِحَةٍ بَارَّةٍ وَقَلْبٍ مُسْتَقِيمٍ. فَأظْهَرْتَ لَهُ أعْظَمَ كَرَمٍ، وَأعْطَيْتَهُ ابْنًا يَجْلِسُ عَلَى عَرشِهِ مِنْ بَعدِهِ. 7 يَا إلَهِي، أنْتَ تَلَطَّفتَ فَجَعَلْتَنِي أخْلِفُ وَالِدِي فِي الحُكْمِ. لَكِنَّنِي أشْبَهُ بِطِفلٍ صَغِيرٍ. فَأنَا أفتَقِرُ إلَى الحِكْمَةِ لِأَعْرِفَ مَا يَنْبَغِي عَلَيَّ أنْ أفعَلَ. 8 وَأنَا خَادِمَكَ فِي وَسَطِ عَدَدٍ لَا يُحصَى مِنْ شَعْبِكَ المُختَارِ العَظِيمِ. 9 فأعْطِ خَادِمَكَ فَهمًا لِيَمْلُكَ عَلَى شَعْبِكَ، وَأُمّيِّزَ الصَّوَابَ مِنَ الخَطَأ. فَمَنْ يَقْدِرُ أنْ يَحْكَمَ مِثْلَ هَذَا الشَّعْبِ العَظِيمِ.»
10 فَسُرَّ اللهُ لِأنَّ سُلَيْمَانَ طَلَبَ مِنْهُ هَذَا. 11 وَقَالَ لَهُ اللهُ: «لَمْ تَطْلُبْ لِنَفْسِكَ طُولَ العُمْرِ، وَلَمْ تَطْلُبْ غِنَىً شَخصِيًّا لَكَ. وَلَمْ تَطْلُبْ لِأعْدَائِكَ المَوْتَ. بَلْ طَلَبْتَ لِنَفسِكَ القُدرَةَ عَلَى التَّميِيزِ وَاتِّخَاذِ القَرَارَاتِ الصَّائِبَةِ، 12 لِهَذَا سَأُلَبِّي لَكَ طَلَبَكَ. سَأجْعَلُكَ حَكِيمًا وَفَهِيمًا، بَلْ سَأجْعَلُكَ أحْكَمُ مِنْ كُلِّ مَنْ أتَى قَبلَكَ. وَمِنْ كُلِّ مَنْ سَيَأتِي بَعْدَكَ. 13 وَسَأُكَافِئُكَ أيْضًا بِمَا لَمْ تَطْلُبْ. سَتَتَمَتَّعُ كُلَّ حَيَاتِكَ بِغِنَىً وَكَرَامَةٍ، وَلَنْ يَبْلُغَ مَلِكٌ آخَرُ عَظَمَتَكَ. 14 فَاتبَعْنِي وَأطِعْ شَرَائِعِي وَوَصَايَايَ، كَمَا فَعَلَ دَاوُدُ أبُوكَ. فَإنْ فَعَلْتَ هَذَا سَأُطِيلُ عُمرَكَ أيْضًا.»
15 ثُمَّ استَيْقَظَ سُلَيْمَانُ، فَعَرَفَ أنَّ اللهَ كَلَّمَهُ فِي حُلْمٍ. وَعَادَ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ، وَوَقَفَ أمَامَ صُنْدُوقِ عَهْدِ اللهِ. وَقَدَّمَ لَهُ ذَبِيحَةً صَاعِدَةً وَذَبَائِحَ سَلَامٍ للهِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ أقَامَ حَفلَةً وَدَعَا إلَيْهَا كُلَّ قَادَتِهِ وَمُعَاوِنِيهِ.
إظهَارُ حِكمَةِ سُلَيمَان
16 وَذَاتَ يَوْمٍ جَاءَتِ امْرَأتَانِ عَاهِرَتَانِ إلَى سُلَيْمَانَ، وَوَقَفَتَا أمَامَهُ. 17 فَقَالَتْ إحدَاهُمَا لِلمَلِكِ: «يَا مَوْلَايَ، أنَا أسْكُنُ مَعَ هَذِهِ المَرْأةِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ حَبِلْنَا كِلْتَينَا وَاقْتَرَبَ مَوعِدُ وَضْعِنَا. فَأنجَبْتُ أنَا ابنِي وَهِيَ مَعِي. 18 وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ وَضَعَتْ هَذِهِ المَرْأةُ أيْضًا ابنًا. وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أحَدٌ فِي البَيْتِ سِوَانَا نَحْنُ الِاثنَتَيْنِ. 19 وَذَاتَ لَيلَةٍ، مَاتَ ابْنُ هَذِهِ المَرْأةِ لِأنَّهَا نَامَتْ عليهِ. 20 فَقَامَتْ فِي اللَّيلِ، وَأخَذَتِ ابنِي مِنْ فِرَاشِي وَأنَا نَائِمَةٌ، وَحَمَلَتْهُ وَوَضَعَتْهُ فِي فِرَاشِهَا، ثُمَّ وَضَعَتِ ابْنَهَا المَيِّتَ فِي فِرَاشِي. 21 وَفِي الصَّبَاحِ، نَهَضْتُ لِإرْضَاعِ ابْنِي، فَوَجَدْتُهُ قَدْ مَاتَ. وَلَمَّا تَفَرَّستُ فِيهِ عَنْ قُربٍ، أدرَكْتُ أنَّهُ لَمْ يَكُنِ ابْنِي.»
22 لَكِنَّ المَرْأةَ الأُخرَى قَالَتْ: «لَا! فَالوَلَدُ الحَيُّ هُوَ ابْنِي أنَا، وَالوَلَدُ المَيِّتُ هُوَ ابْنُكِ!»
أمَّا المَرْأةَ الأُولَى فَقَالَتْ: «لَا! لَيْسَ صَحِيحًا! فَالوَلَدُ المَيِّتُ هُوَ ابْنُكِ. وَالوَلَدُ الحَيُّ ابنِي أنَا!» فَتَجَادَلَتَا هَكَذَا أمَامَ المَلِكِ.
23 فَقَالَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ: «تَزْعَمُ كُلٌّ مِنْكُمَا أنَّ الوَلَدَ الحَيَّ هُوَ ابْنُهَا، وَأنَّ الوَلَدَ المَيِّتَ هُوَ ابْنُ المَرْأةِ الأُخرَى.» 24 ثُمَّ أمَرَ المَلِكُ بِإحْضَارِ سَيفٍ. فَأحْضَرُوا لَهُ سَيْفًا. 25 فَقَالَ المَلِكُ لِخَادِمِهِ: «اشْطُرِ الوَلَدَ إلَى نِصفَينِ، وَأعْطِ نِصفًا مِنْهُ لِكُلِّ امْرأةٍ.»
26 فَقَالَتِ المَرْأةُ الثَّانِيَةُ: «هَذَا أمرٌ يُوافِقُنِي. اشْطُرِ الوَلَدَ إلَى نِصفَينِ، فَلَا يَكُونَ لِأيٍّ مِنَّا.» لَكِنَّ المَرْأةَ الأُولَى، الأُمَّ الحَقِيقِيَّةَ لِلوَلَدِ، تَحَنَّنَتْ عَلَى ابْنِهَا. فَقَالَتْ لِلمَلِكِ: «لَا يَا مَوْلَايَ! لَا تَقْتُلِ الوَلَدَ! بَلْ أعْطِهِ لَهَا.» 27 فَقَالَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ: «لَا تَقْتُلِ الوَلَدَ! بَلْ أعْطِهِ لِلمَرْأةِ الأُولَى، فَهِيَ أُمُّهُ.»
28 فَذَاعَ فِي كُلِّ إسْرَائِيلَ مَا فَعَلَهُ المَلِكُ سُلَيْمَانُ. فَصَارَ الشَّعْبُ يَحْتَرِمُونَهُ وَيُكَرِّمُونَهُ، لِأنَّهُمْ رَأوْا أنَّ اللهَ أعطَاهُ حِكْمَةً عَظِيمَةً جِدًّا فِي اتِّخَاذِ القَرَارَاتِ وَإصْدَارِهَا.
مَملَكَةُ سُلَيمَان
4 امتَدَّ حُكْمُ سُلَيْمَانَ عَلَى كُلِّ إسْرَائِيلَ. 2 وَفِيمَا يَلِي أسْمَاءُ كِبَارِ المَسؤُولِينَ الَّذِينَ أعَانُوهُ فِي الحُكْمِ:
الكَاهِنُ عَزَرْيَا بْنُ صَادُوقَ.
3 ألِيحُورَفُ وَأخِيَّا، ابْنَا شِيشَا، وَكَانَا كَاتِبَينِ لِلسِّجِلَاتِ القَانُونِيَّةِ.
وَالمُؤَرِّخُ يَهُوشَافَاطُ بْنُ أخِيلُودَ.
4 وَقَائِدُ الجَيْشِ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ.
وَالكَاهِنَانِ صَادُوقُ وَأبِيَاثَارُ.
5 عَزَرْيَا بْنُ نَاثَانَ المَسؤولُ عَنْ وُلَاةِ المُقَاطَعَاتِ.
زَابُودُ بْنُ نَاثَانَ، وَكَانَ كَاهِنًا وَمُسْتَشَارًا شَخْصِيًّا لِلمَلِكِ.
6 أخِيشَارُ المَسؤولُ عَنْ شُؤونِ بَيْتِ المَلِكِ.
أدُونِيرَامُ بْنُ عَبْدَا المَسؤولُ عَنِ العُمَّالِ.
7 وَقَدْ وَلَّى سُلَيْمَانُ اثنَيْ عَشَرَ وَالِيًا عَلَى كُلِّ إسْرَائِيلَ. فَكَانُوا يُوفِّرُونَ الطَّعَامَ لِلمَلِكِ وَلِبَيْتِهِ بِالتَّنَاوُبِ، بَحَيْثُ يَتَولَّى وَاحِدٌ مِنْهُمْ هَذَا الأمْرَ شَهرًا كُلَّ سَنَةٍ. 8 وَفِيمَا يَلِي أسمَاؤُهُمْ:
ابْنُ حُورٍ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مُقَاطَعَةِ أفْرَايِمَ الجَبَلِيَّةِ.
9 ابْنُ دَقَرَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مَاقَصَ وَشَعَلُبِّيمَ وَبَيْتِ شَمسٍ وَأيلُونِ بَيْتِ حَانَانَ.
10 ابْنُ حَسَدَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى أرُوبُوتَ وَسُوكُوهَ وَحَافَرَ.
11 ابْنُ أبِينَادَابَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مُرتَفَعَاتِ دُوَرٍ. وَكَانَ مُتَزَوِّجًا مِنْ طَافَةَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ.
12 بَعْنَا بْنُ أخِيلُودَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى تَعْنَكَ وَمَجِدُّو وَكُلِّ بَيْتِ شَانٍ المُجَاوِرَةِ لِصُرْتَانَ، وَهِيَ تَحْتَ يَزْرَعِيلَ، مِنْ بَيْتِ شَانٍ إلَى آبَلَ مَحُولَةَ عَلَى الجَانِبِ الآخَرِ مِنْ يَقْمَعَامَ.
13 ابْنُ جَابَرَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى رَامُوثَ الَّتِي فِي جِلْعَادَ. وَكَانَ مَسؤُولًا عَنْ كُلِّ بَلْدَاتِ يَائِيرَ بْنِ مَنَسَّى وَقُرَاهَا فِي جِلْعَادَ، وَعَنْ مِنْطَقَةِ أرْجُوبَ فِي بَاشَانَ. وَكَانَتْ هَذِهِ المِنْطَقَةُ تَضُمُّ سِتِّينَ مَدِينَةً مُسَوَّرَةً، وَلَهَا قُضبَانٌ نُحَاسِيَّةٌ عَلَى بَوَّابَاتِهَا.
14 أخِينَادَابُ بْنُ عُدُّو، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مَحَنَايِمَ.
15 أخِيمَعَصُ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى نَفْتَالِي. وَكَانَ مُتَزَوِّجًا مِنْ بَاسِمَةٍ بِنْتِ سُلَيْمَانَ.
16 بَعْنَا بْنُ حُوشَايَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى أشِيرَ وَبَعَلُوتَ.
17 يَهُوشَافَاطُ بْنُ فَارُوخَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى يَسَّاكَرَ.
18 شِمْعَى بْنُ أيلَا، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى بَنْيَامِينَ.
19 جَابِرُ بْنُ أُورِي، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى جِلْعَادَ حَيْثُ كَانَ سِيحُونُ مَلِكُ الأمُّورِيِّينَ، وَعُوجٌ مَلِكُ بَاشَانَ يسْكُنَانِ. وَكَانَ جَابِرُ وَالِيًا وَحْدَهُ عَلَى كُلِّ تِلْكَ المُقَاطَعَةِ.
20 وَكَانَ النَّاسُ فِي يَهُوذَا وَإسْرَائِيلَ بِكَثْرَةِ رَملِ الشَّوَاطِئِ، لَكِنْ لَمْ يَنْقُصْهُمْ شَيءٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالثِّيَابِ.
21 وَحَكَمَ سُلَيْمَانُ كُلَّ المَمَالِكِ مِنْ نَهْرِ الفُرَاتِ إلَى أرْضِ الفِلِسْطِيِّينَ. وَامتَدَّتْ مَملَكَتُهُ إلَى حُدُودِ مِصْرٍ. وَكَانَتْ تِلْكَ المَمَالِكُ تُرسِلُ الجِزيَةَ إلَى سُلَيْمَانَ وَتَخْضَعُ لَهُ طَوَالَ أيَّامِ حُكمِهِ.
22 وَهَذِهِ كَمِّيَّاتُ الطَّعَامِ الَّتِي احْتَاجَهَا سُلَيْمَانُ كُلَّ يَوْمٍ: ثَلَاثِينَ كِيسًا[b] مِنَ السَّمِيدِ، وَسِتِّينَ كِيسًا مِنَ الطَّحِينِ، 23 وَعَشْرَةُ ثِيرَانٍ مُسَمَّنَةٍ، وَعِشْرُونَ مِنْ بَقَرِ المَرَاعِي، وَمِئَةُ خَرُوفٍ، عَدَا جَمِيعِ أنْوَاعِ الغِزلَانِ[c] وَالطُّيُورِ البَرِّيَّةِ.
24 وَحَكَمَ سُلَيْمَانُ كُلَّ البُلدَانِ الوَاقِعَةِ شَرقِيَّ نَهْرِ الفُرَاتِ، أيْ مِنْ تَفْسَخَ إلَى غَزَّةَ. وَسَادَ السَّلَامُ جَمِيعَ حُدُودِ مَملَكَتِهِ. 25 وقَدْ عَاشَ كُلُّ الشَّعْبِ فِي يَهُوذَا وَإسْرَائِيلَ مِنْ دَانٍ إلَى بِئْرِ السَّبعِ فِي سَلَامٍ وَأمْنٍ طَوَالَ حُكْمِ سُلَيْمَانَ. فَكَانَ النَّاسُ يَجْلِسُونَ مُطمَئِنِّينَ تَحْتَ أشْجَارِ تِينِهِمْ وَكُرُومِهِمْ. 26 وَكَانَ لَدَى سُلَيْمَانَ اسْطَبلَاتٌ تَتَّسِعُ لِأرْبَعَةِ آلَافٍ مِنْ خُيُولِ مَركِبَاتِهِ، وَاثنَا عَشَرَ ألْفَ فَارِسٍ. 27 وَفِي كُلِّ شَهْرٍ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ كُلِّ وُلَاةِ المُقَاطَعَاتِ الِاثنَيْ عَشَرَ يُزَوِّدُ المَلِكَ بِكُلِّ مَا يَحتَاجُهُ مِنْ طَعَامٍ. فَكَانَ ذَلِكَ يَكْفِي لِجَمِيعِ الآكِلِينَ عَلَى مَائِدَةِ المَلِكِ. 28 كَمَا يُقَدِّمَونَ مَا يَكْفِي مِنَ الشَّعِيرِ وَالتِّبْنِ لِخُيُولِ المَركِبَاتِ وَخُيُولِ الفُرسَانِ، وَيَنَقَلُونَ ذَلِكَ إلَى الأمَاكِنِ المُخَصَّصَةِ.
مِقدَارُ حِكمَةِ سُلَيمَان
29 وَأعْطَى اللهُ سُلَيْمَانَ حِكْمَةً عَظِيمَةً، فَكَانَ يَفْهَمُ أُمُورًا كَثِيرَةً جِدًّا، وَكَانَ وَاسِعَ الإدرَاكِ إلَى حَدٍّ يَصْعُبُ تَصَوُّرُهُ. 30 فَقَدْ فَاقَتْ حِكمَةُ سُلَيْمَانَ كُلَّ حِكمَةِ أهْلِ الشَّرقِ وَمِصْرٍ. 31 كَانَ أحْكَمَ النَّاسِ عَلَى الأرْضِ. فَقَدْ تَفَوَّقَ فِي حِكْمَتِهِ عَلَى إيثَانَ الأَزْرَحِيِّ وَهِيمَانَ وَكَلْكُولَ وَدَرْدَعَ أبْنَاءِ مَاحُولَ. فَذَاعَ صِيتُ سُلَيْمَانَ فِي البُلدَانِ المُحِيطَةِ كُلِّهَا.
32 وَكَتَبَ سُلَيْمَانُ ثَلَاثَةَ آلَافِ قَولٍ حَكِيمٍ، وَألفًا وَخَمْسَ مِئَةِ تَرْنِيمَةٍ وَأُغْنِيَةٍ. 33 وَعَرَفَ سُلَيْمَانُ أيْضًا الكَثِيرَ عَنِ الطَّبِيعَةِ. فَعَلَّمَ عَنْ أنوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ النَّبَاتَاتِ، مِنْ أشْجَارِ الأرْزِ العَظِيمَةِ فِي لُبْنَانَ، إلَى الزُّوفَا المُتَسَلِّقَةِ عَلَى الجُدرَانِ. وَعَلَّمَ أيْضًا عَنِ الحَيَوَانَاتِ وَالطُّيُورِ وَالزَّوَاحِفِ. 34 فَكَانَ يَأْتِي أُنَاسٌ مِنْ كُلِّ الشُّعُوبِ إلَى سُلَيْمَانَ لِيَسْتَمِعُوا إلَى حِكمَتِهِ. وَأرْسَلَ مُلُوكُ كُلِّ الأُمَمِ حُكَمَاءَهُمْ لِكَي يسمَعُوا ويَتَعَلَّمُوا مِنْ حِكمَتِهِ.
سُلَيْمَانُ يَطْلُبُ حِكْمَة
1 وَصَارَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مَلِكًا قَوِيًّا جِدًّا لِأنَّ إلَهَهُ كَانَ مَعَهُ، وَجَعَلَهُ عَظِيمًا جِدًّا.
2 وَجَمَعَ سُلَيْمَانُ بَنِي إسْرَائِيلَ جَمِيعًا: قَادَةَ الأُلُوفِ وَالمِئَاتِ إلَى الرُّؤَسَاءِ وَجَمِيعَ القَادَةِ وَالقُضَاةِ وَرُؤَسَاءِ العَائِلَاتِ. 3 وَاجتَمَعَ سُلَيْمَانُ وَكُلُّ الشَّعْبِ مَعًا فِي المُرتَفَعِ فِي جِبْعُونَ حَيْثُ كَانَتْ خَيْمَةُ الِاجْتِمَاعِ – وَهِيَ الخَيْمَةُ الَّتِي صَنَعَهَا عَبدُ اللهِ مُوسَى عِنْدَمَا كَانَ هُوَ وَالشَّعْبُ فِي البَرِّيَّةِ.
4 وَكَانَ دَاوُدُ قَدْ نَقَلَ صُنْدُوقَ عَهْدِ اللهِ مِنْ قَريَاتَ يَعَارِيمَ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ، حَيْثُ هَيَّأ لَهُ مَكَانًا، وَنَصَبَ خَيْمَةً لِصُنْدُوقِ عَهْدِ اللهِ فِي القُدْسِ.
5 وَكَانَ بَصَلْئِيلُ بْنُ أُورِي بْنِ حُورٍ قَدْ صَنَعَ مَذْبَحًا نُحَاسِيًّا وَضَعَهُ فِي جِبعُونَ أمَامَ الخَيْمَةِ المُقَدَّسَةِ. فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَالشَّعْبُ إلَى جِبْعُونَ لِيَسْتَشِيرُوا اللهَ. 6 فَصَعِدَ سُلَيْمَانُ إلَى المَذْبَحِ البُرُونْزِيِّ فِي حَضْرَةِ اللهِ فِي خَيْمَةِ الِاجْتِمَاعِ، وَقَدَّمَ ألْفَ ذَبِيحَةٍ عَلَى المَذْبَحِ.
7 وَفِي تلكَ اللَّيلَة، جَاءَ اللهُ إلَى سُلَيْمَانَ فِي حُلْمٍ وَقَالَ لَهُ: «اطلُبْ مِنِّي مَا شِئْتَ، وَسَأُعْطِيهِ لَكَ.»
8 فَقَالَ سُلَيْمَانُ للهِ: «قَدْ تَعَامَلْتَ مَعَ أبِي دَاوُدَ بِكلِّ كَرَمٍ وَأمَانَةٍ. وَأجلَسْتَنِي عَلَى عَرْشِ المَمْلَكَةِ مَكَانَهُ. 9 وَالْآنَ يَا اللهُ، احفَظْ وَعدَكَ الَّذِي قَطَعتَهُ لِأبِي دَاوُدَ. فَقَدْ أقَمتَنِي مَلكًا عَلَى أُمَّةٍ كَبِيرَةٍ جِدًّا، وَشَعْبٍ كَثِيرٍ كَتُرَابِ الأرْضِ! 10 فَأعطنِي حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً فَأقُودَ هَؤُلَاءِ النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ. فَمَنْ يَقْدِرُ أنْ يَحْكُمَ كُلَّ هَؤُلَاءِ النَّاسِ دُونَ مَعُونَتِكَ؟»
11 فَقَالَ اللهُ لسُلَيمَانَ: «قَلْبُكَ مُسْتَقِيمٌ، فَلَمْ تَطْلُبْ أمْلَاكًا وَثَروَةً وَمَجدًا، وَلَمْ تَطْلُبْ أنْ يُقتَلَ أعْدَاؤُكَ، أوْ أن يَطُولَ عُمْرُكَ. لَكِنَّكَ طَلَبْتَ حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً لِكَي تَحْكُمَ شَعْبِي الَّذِي جَعَلْتُكَ مَلِكًا عَلَيْهِ. 12 لِذَلِكَ سَأُعْطِيكَ حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً، وَسَأزِيدُ عَلَيْهَا ثَرْوَةً وَأمْلَاكًا وَمَجدًا لَمْ تَكُنْ لمَلِكٍ قَبلَكَ، وَلَنْ تَكُونَ لِمَلِكٍ بَعدَكَ.» 13 فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ إلَى مَكَانِ العِبَادَةِ فِي جِبعُونَ. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ خَيْمَةِ الِاجْتِمَاعِ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ لِيُمَارِسَ حُكمَهُ كَمَلكٍ عَلَى إسْرَائِيلَ.
سُلَيْمَانُ يَبْنِي جَيْشَهُ وَثَروَتَه
14 وَبَدَأ سُلَيْمَانُ يَجْمَعُ جِيَادًا وَمَرْكَبَاتٍ لِجَيْشِهِ. فَكَانَ لَدَيهِ ألْفٌ وَأرْبَعُ مئَةِ مَرْكَبَةٍ وَاثنَا عَشَرَ ألْفَ فَارِسٍ. وَقَدْ وَضَعَهَا فِي مُدُنِ المَرْكَبَاتِ. وَوَضَعَ بَعْضًا مِنْهَا فِي مَدِينَةِ القُدْسِ حَيْثُ كَانَ المَلِكُ يُقيمُ. 15 وَفي مَدِينَةِ القُدْسِ جَمَعَ سُلَيْمَانُ كَمِيَّةً كَبِيرَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، فَكَانَتْ بِكَثْرَةِ الحِجَارَة! وَجَمَعَ سُلَيْمَانُ كَمِيَّةً كَبِيرَةً مِنْ خَشَبِ الأرْزِ، فَكَانَتْ بِكَثْرَةِ أشْجَارِ الجُمَّيزِ فِي التِّلَالِ الغَربيَّةِ. 16 وَجَلَبَ سُلَيْمَانُ جِيَادًا مِنْ مِصْرٍ وَمِنْ مَدِينَةِ كُوِي. فَقَدِ جَلَبَ تُجَّارُ المَلِكِ الجِيَادَ مِنْ مَدِينَةِ كُوِي. 17 فَقَدِ اشتَرَوْا المَركِبَةَ مِنْ مِصْرٍ بِسِتِّ مِئَةِ مِثْقَالٍ مِنَ الفضَّةِ، وَالحِصَانَ بِمِئَةٍ وَخَمْسِينَ مِثْقَالًا مِنَ الفِضَّةِ. ثُمَّ بَاعَ التُّجَّارُ الجِيَادَ وَالعَرَبَاتِ لِجَمِيعِ مُلُوكِ الحِثِّيِّينَ وَمُلُوكِ أرَامَ.
أُغنِيَّةٌ لِسُلَيمَان.
72 أعْطِ يَا اللهَ حُكمًا سَدِيدًا لِلمَلِكِ.
وَلِابنِ المَلِكِ أعْطِ العَدْلَ وَالإنصَافَ.
2 لِكَي يَحْكُمَ المَلِكُ شَعْبَكَ بِالإنْصَافِ
وَيَقْضِي بِالعَدْلِ لِلمَسَاكِينِ.
3 لِكَي تُثمِرَ الجِبَالُ سَلَامًا،
وَالتِّلَالُ أعْمَالَ خَيرٍ.
4 لِكَي يُنْصِفَ المَلِكُ المَسَاكِينَ
وَيُغِيثَ المُحتَاجَ
وَيُعَاقِبَ الظَّالِمِينَ.
5 لِكَي يَخَافَكَ وَيَتَّقِيكَ البَشَرُ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ
طَالَمَا وُجِدَتْ شَمسٌ وَكَانَ قَمَرٌ!
6 وَلِيَكُنِ المَلِكُ كَالنَّدَى عَلَى عُشْبِ الحَقْلِ.
وَكَالمَطَرِ النَّازِلِ عَلَى الأرْضِ.
7 لِيَزْدَهِرِ الإنْسَانُ المُسْتَقِيمُ فِي حَيَاتِهِ،
وَلِيَزْدَهِرْ سَلَامُهُ إلَى الأبَدِ.
8 لِيَمْتَدَّ مُلْكُهُ مِنَ البَحْرِ إلَى البَحْرِ،
وَمِنَ النَّهْرِ إلَى أقَاصِي الأرْضِ.
9 لِيَنْحَنِ لَهُ أعْدَاؤُهُ، سُكَّانُ الصَّحرَاءِ،
وَلْيَلْحَسُوا تُرَابَ قَدَمَيهِ.
10 لِيَأْتِهِ مُلُوكُ تَرْشِيشَ وَالسَّوَاحِلِ بِهَدَايَا،
وَلِيُقَدِّمْ لَهُ مُلُوكُ شَبَا وَسَبأ ضَرِيبَةً.
11 لِيَنْحَنِ خُضُوعًا لَهُ كُلُّ المُلُوكِ،
وَلِتَخْدِمْهُ كُلُّ الشُّعُوبِ.
12 لِأنَّهُ يُنْقِذُ المَسَاكِينَ وَالمُحتَاجِينَ المُسْتَغِيثِينَ،
الَّذِينَ لَا مُنقِذَ لَهُمْ.
13 عَلَى المَسَاكِينَ وَالبَائِسِينَ يَتَحَنَّنُ المَلِكُ،
وَيُخَلِّصُ حَيَاةَ العَاجِزِينَ المُحتَاجِينَ.
14 مِنَ المَكَائِدِ الخَبِيثَةِ وَالبَطشِ يَفْدِي نُفُوسَهُمْ.
فَحَيَاتُهُمْ ثَمِينَةٌ لَدَيهِ.
15 لَيْتَ عُمرَ المَلِكِ يَطُولُ وَيَكُونَ ذَهَبُ شَبَا مِنْ نَصِيبِهِ.
لَيْتَ النَّاسَ يُصَلُّونَ لِأجْلِهِ وَيُبَارِكُونَهُ دَائِمًا.
16 لَيْتَ حُقُولَ الحُبُوبِ تُغَطِّي رُؤُوسَ الجِبَالِ!
لَيْتَ ثَمَرَهَا يَكْبُرُ كَأرْزِ لُبْنَانَ،
وَيَطْلُعُ مِنَ المُدُنِ كَالعُشبِ فِي الحُقُولِ.
17 لَيْتَ اسْمَهُ يَدُومُ إلَى الأبَدِ،
وَيَعْرِفُهُ كُلُّ مَنْ هُوَ تَحْتَ الشَّمْسِ.
لَيْتَ الأُمَمَ بِاسْمِهِ تَتَبَارَكُ،
وَيَطْلُبُونَ لَهُ البَرَكَةَ.
18 لِيَتَبَارَكِ اللهُ،
إلَهُ إسْرَائِيلَ
الَّذِي وَحْدَهُ يَصْنَعُ العَجَائِبَ!
19 لِيَتَبَارَكِ اسْمُهُ المَجِيدُ إلَى الأبَدِ،
وَلْيَملأ مَجْدُهُ كُلَّ الأرْضِ.
آمِينَ ثُمَّ آمِينَ.
20 بِهَذَا تَنْتَهِي صَلَوَاتُ دَاوُدَ بْنِ يَسَّى.
Copyright © 2009, 2016 by Bible League International