Chronological
دَاوُدُ يَذْهَبُ إلَى الكَاهِنِ أخِيمَالِك
21 وَوَصَلَ دَاوُدُ إلَى مَدِينَةِ نُوبٍ لِكَي يَرَى الكَاهِنَ أخِيمَالِكَ. فَخَرَجَ أخِيمَالِكُ لِلِقَاءِ دَاوُدَ، وَخَافَ حِينَ التقَاهُ وَسَألَهُ: «لِمَاذَا أنْتَ وَحْدَكَ؟ لِمَاذَا لَيْسَ مَعَكَ أحَدٌ؟»
2 فَأجَابَ دَاوُدُ أخِيمَالِكَ: «وَجَّهَ لِي المَلِكُ أمْرًا خَاصًّا. وَقَالَ لِي: ‹لَا تُخبِرْ أحَدًا بِالمَهَمَّةِ الَّتِي أنَا مُرسِلُكَ فِيهَا، وَلَا بِمَا طَلَبْتُ إلَيْكَ أنْ تَفْعَلَهُ.› وَقَدْ أخبَرْتُ رِجَالِي أيْنَ يُمكِنُهُمْ أنْ يُلَاقُونِي. 3 وَالْآنَ، مَاذَا يُوجَدُ لَدَيكَ مِنْ طَعَامٍ؟ أحْتَاجُ إلَى خَمْسَةِ أرغِفَةٍ أوْ أيِّ طَعَامٍ لَدَيكَ لِآكُلَهُ.»
4 فَقَالَ الكَاهِنُ لِدَاوُدَ: «لَيْسَ لَدَيَّ خُبْزٌ عَادِيٌّ هُنَا، لَكِنْ لَدَيَّ بَعْضٌ مِنَ الخُبْزِ المُقَدَّسِ. يَسْتَطِيعُ رِجَالُكَ أنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُونُوا قَدْ عَاشَرُوا نِسَاءً.»
5 فَأجَابَ دَاوُدُ: «لَمْ نُعَاشِرْ نِسَاءً. فَرِجَالِي يَحْفَظُونَ أجسَادَهُمْ طَاهِرَةً كُلَّمَا خَرَجنَا لِلقِتَالِ، وَحَتَّى فِي المَهَمَّاتِ العَادِيَّةِ. أفَلَا يَكُونُونَ طَاهِرِينَ اليَوْمَ؟»
6 فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خُبْزٌ إلَّا الخُبْزَ المُقَدَّسَ، فَأعطَى الكَاهِنُ دَاوُدَ ذَلِكَ الخُبْزَ. وَهُوَ الخُبْزُ الَّذِي كَانَ يَضَعُهُ الكَهَنَةُ عَلَى المَائِدَةِ المُقَدَّسَةِ فِي حَضْرَةِ اللهِ. وَفِي كُلِّ يَوْمٍ كَانُوا يَأْخُذُونَ هَذَا الخُبْزَ وَيَضَعُونَ خُبْزًا طَازِجًا بَدَلًا مِنْهُ.
7 وَكَانَ أحَدُ رِجَالِ شَاوُلَ هُنَاكَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، وَهُوَ دُواغُ الأدُومِيُّ. وَكَانَ مُشرِفًا عَلَى رِعَاةِ شَاوُلَ. فَقَدْ حُجِزَ هُنَاكَ أمَامَ اللهِ.
8 وَسَألَ دَاوُدُ أخِيمَالِكَ: «ألَدَيكَ رُمْحٌ أوْ سَيْفٌ هُنَا؟ لَمْ أجِدِ الوَقْتَ لِآخُذَ رُمْحِي أوْ سَيْفِي، لِأنَّ أمرَ المَلِكِ كَانَ طَارِئًا.»
9 فَأجَابَ الكَاهِنُ: «السَّيْفُ الوَحِيدُ هُنَا هُوَ سَيْفُ جُليَاتَ الفِلِسْطِيِّ. وَهُوَ السَّيْفُ الَّذِي انتَزَعتَهُ أنْتَ مِنْهُ عِنْدَمَا قَتَلْتَهُ فِي وَادِي البُطمِ. وَهُوَ هُنَاكَ خَلفَ الثَّوبِ الكَهَنُوتِيِّ مَلفُوفًا فِي قُمَاشٍ. فَخُذهُ إنْ كُنْتَ تُرِيدُهُ.»
فَقَالَ دَاوُدُ: «سَيْفُ جُليَاتَ؟ إنَّهُ سَيْفٌ لَا مَثِيلَ لَهُ، فَأعْطِنِي إيَّاهُ.»
دَاوُدُ يَهْرُبُ إلَى العَدُوِّ فِي جَتّ
10 فِي ذَلِكَ اليَوْمَ هَرَبَ دَاوُدُ مِنْ شَاوُلَ، وَذَهَبَ إلَى أخِيشَ مَلِكِ جَتَّ. 11 فَقَالَ كِبَارُ مَسؤُولِي أخِيشَ: «أهَذَا دَاوُدُ مَلِكُ أرْضِ إسْرَائِيلَ؟ ألَيْسَ هُوَ الَّذِي تَتَغَنَّى بِهِ بَنَاتُ إسْرَائِيلَ وَيَرْقُصْنَ مُنْشِدَاتٍ:
«شَاوُلُ قَتَلَ الآلَافَ.
وَدَاوُدُ عَشَرَاتِ الآلَافِ؟»
12 فَانتَبَهَ دَاوُدُ، وَبَدَأ يُفَكِّرُ فِي مَا كَانُوا يَقُولُونَهُ. فَخَشِيَ مِنْ أخِيشَ مَلِكِ جَتَّ. 13 فَتَظَاهَرَ بِالجُنُونِ أمَامَ أخِيشَ وَكبَارِ مَسؤُولِيهِ. فَكُلَّمَا كَانَ فِي حَضرَتِهِمْ كَانَ يَتَصَرَّفُ بِشَكلٍ أخرَقَ. فَكَانَ يَبْصِقُ عَلَى البَوَّابَاتِ. وَتَرَكَ بُصَاقَهُ يَنْزِلُ عَلَى لِحيَتِهِ.
14 فَقَالَ أخِيشُ لِكِبَارِ مَسؤُولِيه: «ألَا تَرَوْنَ أنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَجنُونٌ؟ فَلِمَاذَا أحضَرتُمُوهُ إلَيَّ؟ 15 عِندِي مَا يَكْفِينِي مِنَ المَجَانِينِ. لَكِنَّكُمْ جِئتُمْ بِهِ إلَيَّ لِكَي يَسْتَعْرِضَ أمَامِي جُنُونَهُ. فَكَيْفَ تَسْمَحُونَ لِهَذَا بِأنْ يَدْخُلَ بَيْتِي؟»
دَاوُدُ يَتَجَوَّلُ فِي أمَاكِنَ مُختَلِفَة
22 وَتَرَكَ دَاوُدُ جَتَّ وَهَرَبَ إلَى كَهفِ عَدُلَّامَ. فَسَمِعَ إخْوَةُ دَاوُدَ وَأقرِبَاؤُهُ أنَّهُ فِي عَدُلَّامَ. فَذَهَبُوا لِرُؤيَتِهِ هُنَاكَ. 2 وَانضَمَّ كَثِيرُونَ إلَى دَاوُدَ. كَانَ هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ مُتَوَرِّطِينَ فِي مَشَاكِلَ مُتَنَوِّعَةٍ. فَمِنهُمْ مَنْ كَانَ هَارِبًا مِنْ دَائِنِيهِ. وَمِنهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا عَنْ حَيَاتِهِ. فَصَارَ دَاوُدُ زَعِيمًا عَلَيْهِمْ. وَكَانَ عَدَدُهُمْ نَحْوَ أرْبَعِ مِئَةِ رَجُلٍ.
3 وَتَرَكَ دَاوُدُ عَدُلَّامَ إلَى المِصْفَاةِ فِي مُوآبَ. وَقَالَ لِمَلِكِ مُوآبَ: «أرْجُو أنْ تَسْمَحَ لِأُمِّي وَأبِي أنْ يَمْكُثَا عِنْدَكَ إلَى أنْ أعلَمَ مَاذَا سَيَفْعَلُ اللهُ مَعِي.» 4 فَتَرَكَ دَاوُدُ أبَوَيهِ عِنْدَ مَلِكِ مُوآبَ. وَبَقِيَا عِنْدَهُ طَوَالَ إقَامَةِ دَاوُدَ فِي الحِصْنِ.
5 لَكِنَّ النَّبِيَّ جَادًا قَالَ لِدَاوُدَ: «لَا تَبَقَ فِي الحِصْنِ. بَلِ اذْهَبْ إلَى أرْضِ يَهُوذَا.» فَتَرَكَ دَاوُدُ الحِصنَ وَذَهَبَ إلَى غَابَةِ حَارِثٍ.
شَاوُلُ يَقْتُلُ عَائِلَةَ أخِيمَالِك
6 وَبَيْنَمَا كَانَ شَاوُلُ جَالِسًا تَحْتَ الأشْجَارِ عَلَى التَّلَّةِ فِي جِبْعَةَ، وَرَدَتْهُ أخْبَارُ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ. وَكَانَ يَحْمِلُ فِي يَدِهِ رُمْحًا، وَكُلُّ مَسْؤُولِيهِ وَاقِفُونَ حَوْلَهُ. 7 فَقَالَ شَاوُلُ لِمَسْؤُولِيهِ الوَاقِفِينَ حَوْلَهُ: «اسْمَعُوا يَا رِجَالَ بَنْيَامِينَ، هَلْ تَظُنُّونَ أنَّ ابْنَ يَسَّى سَيُعطِيكُمْ حُقُولًا وَكُرُومًا؟ أتَظُنُّونَ أنَّ دَاوُدَ سَيُرَفِّعُكُمْ وَيَجْعَلُكُمْ قَادَةَ ألُوفٍ أوْ حَتَّى مِئَاتٍ؟ 8 لَكِنَّكُمْ رُغْمَ هَذَا تَتَآمَرُونَ عَلَيَّ. فَلَمْ يُخبِرْنِي وَاحِدٌ مِنْكُمْ بِالعَهْدِ الَّذِي بَيْنَ ابنِي يُونَاثَانَ وَبَيْنَ ابنِ يَسَّى. وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ قَلْبُهُ عَلَيَّ فَيَقُولُ لِي إنَّ ابنِي أنَا حَرَّضَ دَاوُدَ عَلَى أنْ يَنْقَلِبَ عَلَيَّ وَيُهَاجِمَنِي. وَهَذَا هُوَ مَا يَفْعَلُهُ دَاوُدُ الآنَ.»
9 وَكَانَ دُواغُ الأدُومِيُّ وَاقِفًا بَيْنَ ضُبَّاطِ شَاوُلَ وَمَسْؤُولِيهِ. فَقَالَ: «رَأيْتُ ابْنَ يَسَّى فِي نُوبٍ. ذَهَبَ لِيَرَى أخِيمَالِكَ بْنَ أخِيطُوبَ. 10 فَصَلَّى أخِيمَالِكُ للهِ مِنْ أجْلِ دَاوُدَ وَأعْطَاهُ طَعَامًا، وَأعْطَاهُ سَيفَ جُليَاتَ الفِلِسْطِيِّ!»
11 فَأمَرَ المَلِكُ شَاوُلُ بَعْضَ رِجَالِهِ بِإحْضَارِ الكَاهِنِ أخِيمَالِكَ بْنِ أخِيطُوبَ وَكُلِّ أقرِبَائِهِ الكَهَنَةِ فِي نُوبٍ. فَأحْضَرُوهُمْ جَمِيعًا إلَى المَلِكِ. 12 فَقَالَ شَاوُلُ لِأخِيمَالِكَ: «اسمَعْ يَا ابْنَ أخِيطُوبَ.» فَأجَابَ أخِيمَالِكُ: «سَمعًا وَطَاعَةً يَا سَيِّدِي.»
13 فَقَالَ شَاوُلُ لِأخِيمَالِكَ: «لِمَاذَا تَآمَرْتَ عَلَيَّ أنْتَ وَابْنُ يَسَّى؟ فَقَدْ أعْطَيْتَهُ طَعَامًا وَسَيْفًا. وَصَلَّيتَ للهِ مِنْ أجْلِ أنْ يَنْتَصرَ عَلَيَّ. وَهَا هُوَ الآنَ يَكْمُنُ لِي فِي مَكَانٍ مُنتَظِرًا فُرْصَةَ الِانْقِضَاضِ عَلَيَّ.»
14 فَأجَابَ أخِيمَالِكُ: «دَاوُدُ أكْثَرُ رِجَالِكَ وَفَاءً لَكَ. وَهُوَ صِهْرُكَ وَرَئِيسُ حَرَسِكَ. وَجَمِيعُ أفرَادِ بَيْتِكَ يَحْتَرِمُونَهُ. 15 لَمْ تَكُنْ تِلْكَ أوَّلَ مَرَّةٍ أُصَلِّي فِيهَا للهِ مِنْ أجْلِ دَاوُدَ. فَكَثِيرًا مَا صَلَّيتُ مِنْ أجْلِهِ. وَلَا تَلُمْنِي أنَا أوْ أحَدَ أقَارِبِي. فَنَحْنُ جَمِيعًا خُدَّامُكَ. وَنَحْنُ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ شَيْئًا عَنْ هَذَا الَّذِي تَقُولُهُ.»
16 لَكِنَّ المَلِكَ شَاوُلَ قَالَ لَهُ: «سَتَمُوتُ أنْتَ وَكُلُّ أقربَائِكَ.» 17 ثُمَّ قَالَ المَلِكُ للحُرَّاسِ الوَاقِفِينَ إلَى جَانبِهِ: «هَيَّا اقتُلُوا كَهَنَةَ اللهِ وَاحِدًا وَاحِدًا لِأنَّهُمْ يُنَاصِرُونَ دَاوُدَ. كَانُوا يَعْلَمُونَ أنَّ دَاوُدَ هَارِبٌ مِنِّي، لَكِنَّهُمْ لَمْ يُخبرُونِي.»
فَرَفَضَ حُرَّاسُ المَلِكِ أنْ يَمَسُّوا كَهَنَةَ اللهِ. 18 فَأمَرَ المَلِكُ دُواغَ فَقَالَ لَهُ: «تَحَرَّكْ أنْتَ وَاقتُلِ الكَهَنَةَ وَاحِدًا وَاحِدًا.» فَقَتَلَ دُواغُ الأدُومِيُّ الكَهَنَةَ وَاحِدًا وَاحِدًا. فَكَانَ مَجْمُوعُ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ كَاهنًا. 19 وَقَتَلَ دُواغُ الأدُوميُّ جَمِيعَ أهْلِ نُوبٍ، مَدِينَةِ الكَهَنَة. قَتَلَ بِسَيفهِ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأطْفَالَ وَالرُّضَّعَ. وَقَتَلَ حَتَّى أبْقَارَهُمْ وَحَمِيرَهُمْ وَغَنَمَهُمْ.
20 لَكِنَّ وَاحِدًا مِنْ أبْنَاءِ أخِيمَالِكَ بْنِ أخِيطُوبَ، اسْمُهُ أبِيَاثَارُ، تَمَكَّنَ مِنَ الهَرَبِ، وَانْضَمَّ إلَى دَاوُدَ. 21 وَأخبَرَ أبيَاثَارُ دَاوُدَ بِأنَّ شَاوُلَ قَتَلَ كَهَنَةَ اللهِ. 22 فَقَالَ دَاوُدُ لِأبِيَاثَارَ: «رَأيْتُ دُواغَ الأدُومِيَّ فِي مَدِينَةِ نُوبٍ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، وَعَرَفتُ أنَّهُ سَيُخبِرُ شَاوُلَ فَلَمْ أمنَعْهُ. فَعَلَيَّ تَقَعُ مَسْؤُولِيَّةُ مَوْتِ عَائِلَةِ أبِيكَ. 23 ابقَ مَعِي، وَلَا تَخَفْ، لِأنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يَسْعَى إلَى قَتلِكَ هُوَ نَفْسُهُ الَّذِي يَسْعَى إلَى قَتلِي. وَسَأحْمِيكَ إذَا بَقيتَ مَعي.»
دَاوُدُ فِي قَعِيلَة
23 وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِدَاوُدَ: «هَا هُمُ الفِلِسْطِيُّونَ يُهَاجِمُونَ مَدِينَةَ قَعِيلَةَ، وَيَنْهَبُونَ الحُبُوبَ مِنْ بَيَادِرِهَا.»
2 فَسَألَ دَاوُدُ اللهَ: «هَلْ أذْهَبُ لِمُقَاتَلَةِ هَؤُلَاءِ الفِلِسْطِيِّينَ؟»
فَأجَابَ اللهُ دَاوُدَ: «نَعَمْ، اذْهَبْ وَهَاجِمِ الفِلِسْطِيِّينَ، وَخَلِّصْ قَعِيلَةَ.»
3 لَكنَّ رِجَالَ دَاوُدَ قَالُوا لَهُ: «انْظُرْ مَدَى خَوفِنَا وَنَحْنُ هُنَا فِي يَهُوذَا. فَهَلْ يُمكِنُكَ أنْ تَتَصَوَّرَ مَدَى خَوفِنَا إذَا ذَهَبْنَا إلَى قَعِيلَةَ حَيْثُ يَحْتَشدُ الجَيْشُ الفِلِسْطِيُّ مُسْتَعِدًّا لِلقِتَالِ.»
4 فَسَألَ دَاوُدُ اللهَ مَرَّةً أُخْرَى. فَقَالَ اللهُ لِدَاوُدَ: «انزِلْ إلَى قَعِيلَةَ. وَسَأنصُرُكَ عَلَى الفِلِسْطِيِّينَ.» 5 فَذَهَبَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ إلَى مَدِينَةِ قَعِيلَةَ وَحَارَبُوا الفِلِسْطِيِّينَ. فَهَزَمُوهُمْ هَزِيمَةً شَدِيدَةً وَاستَرَدُّوا أبْقَارَهُمْ. وَهَكَذَا أنقَذَ دَاوُدُ أهْلَ قَعيلَةَ.
6 وَكَانَ أبِيَاثَارُ بْنُ أخِيمَالِكَ قَدْ حَمَلَ مَعَهُ ثَوْبًا كَهَنُوتِيًّا عندَمَا هَرَبَ إلَى دَاوُدَ فِي قَعِيلَة.
7 فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِشَاوُلَ: «دَاوُدَ فِي قَعِيلَةَ فِي هَذَا الوَقْت.» فَقَالَ شَاوُلُ: «لَقَدْ أوقَعَ اللهُ دَاوُدَ بَيْنَ يَدَيَّ. فَقَدْ وَضَعَ دَاوُدُ نَفْسَهُ فِي فَخٍّ بِدُخُولهِ مَدِينَةً مُسَوَّرَةً لَهَا بَوَّابَاتٌ وَقُضبَانٌ.» 8 فَجَمَعَ شَاوُلُ جَيْشَهُ لِلقِتَالِ. وَاستَعَدُّوا للنُّزُولِ إلَى قَعِيلَةَ لِمُحَاصَرَةِ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ.
9 فَعَلمَ دَاوُدُ أنَّ شَاوُلَ يَنْوِي لَهُ شَرًّا. فَقَالَ دَاوُدُ لِلكَاهِنِ أبيَاثَارَ: «أحْضِرِ الثَّوبَ الكَهَنُوتِيَّ.»
10 فَصَلَّى دَاوُدُ: «يَا اللهُ، يَا إلَهَ إسْرَائِيلَ، سَمِعْتُ أنَّ شَاوُلَ يُخَطِّطُ لِلقُدُومِ إلَى قَعِيلَةَ وَتَدْمِيرِهَا بِسَبَبِي. 11 فَهَلْ سَيَأْتِي شَاوُلُ إلَى قَعِيلَةَ؟ وَهَلْ سَيُسَلِّمُنِي أهْلُهَا إلَى شَاوُلَ؟ أخبِرْنِي يَا اللهُ، يَا إلَهَ إسْرَائِيلَ، أنَا عَبْدَكَ.»
فَأجَابَ اللهُ: «سَيَأْتِي شَاوُلُ.»
12 فَسَألَ دَاوُدُ مَرَّةً أُخْرَى: «هَلْ سَيُسَلِّمُنِي أهْلُ قَعيلَةَ أنَا وَرجَالِي إلَى شَاوُلَ؟»
فَقَالَ اللهُ: «سَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ إنْ بَقِيتَ هُنَا.»
13 فَغَادَرَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ قَعِيلَةَ، وَكَانُوا نَحْوَ ستِّ مِئَةِ رَجُلٍ. وَظَلُّوا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَكَانٍ إلَى آخَرَ. فَعَلمَ شَاوُلُ أنَّ دَاوُدَ هَرَبَ مِنْ قَعيلَةَ، فَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهَا.
شَاوُلُ يُطَارِدُ دَاوُد
14 ذَهَبَ دَاوُدُ إلَى بَرِّيَّةِ زِيفٍ، وَمَكَثَ فِي الجِبَالِ وَالحُصُونِ هُنَاكَ. وَوَاصَلَ شَاوُلُ بَحْثَهُ عَنْ دَاوُدَ، لَكِنَّ اللهَ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنَ الإمْسَاكِ بِهِ.
15 وَكَانَ دَاوُدُ فِي الحُرْشِ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ، إذْ كَانَ دَاوُدُ خَائِفًا لِأنَّ شَاوُلَ خَرَجَ ليَبْحَثَ عَنْهُ ليَقْتُلَهُ. 16 لَكنَّ يُونَاثَانَ بْنَ شَاوُلَ ذَهَبَ لِيَرَى دَاوُدَ فِي الحُرْشِ، وَشَدَّ مِنْ عَزمِهِ بِاللهِ. 17 وَقَالَ لَهُ: «لَا تَخَفْ، فَلَنْ يَتَمَكَّنَ أبِي مِنْ إيذَائِكَ. سَتُصبِحُ أنْتَ مَلِكَ إسْرَائِيلَ، وَسَأكُونُ أنَا الرَّجُلَ الثَّانِيَ بَعدَكَ. أبِي نَفْسُهُ يَعْلَمُ هَذَا.»
18 وَتَعَاهَدَ يُونَاثَانُ وَدَاوُدُ فِي حَضْرَةِ اللهِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ عَادَ يُونَاثَانُ إلَى بَيْتِهِ. وَبَقِيَ دَاوُدُ فِي الحُرْشِ.
أهْلُ زِيفٍ يُخبِرُونَ شَاوُلَ عَنْ دَاوُد
19 وَذَهَبَ بَعْضُ رِجَالِ زِيفٍ إلَى شَاوُلَ فِي جِبْعَةَ. وَقَالُوا لَهُ: «إنَّ دَاوُدَ مُختَبِئٌ فِي مِنطَقَتِنَا. وَهُوَ فِي حُصُونِ الحُرْشِ، عَلَى تَلِّ حَخِيلَةَ إلَى الجَنُوبِ مِنْ يَشْمُونَ. 20 فَانزِلْ إلَى هُنَاكَ مَتَى أحْبَبْتَ. وَنَحْنُ نَتَعَهَّدُ بِتَسْلِيمِ دَاوُدَ لَكَ.»
21 فَرَدَّ شَاوُلُ: «لِيُبَارِكْكُمُ اللهُ لِأنَّ قَلْبَكُمْ مَعِي. 22 اذْهَبُوا وَتَحَرَّوْا أكْثَرَ عَنْ دَاوُدَ. ارصُدُوا تَحَرُّكَاتِهِ وَاعرِفُوا مَنْ يَزُورُهُ هُنَاكَ. إنَّهُ ذَكِيٌّ وَيَعْمَدُ إلَى الحِيلَةِ. 23 فَاذهَبُوا وَحَدِّدُوا كُلَّ المَخَابِئِ الَّتِي يَلْجَأُ إلَيْهَا، ثُمَّ تَعَالَوْا وَأطلِعُونِي عَلَى كُلِّ شَيءٍ. حِينَئِذٍ، سَأذهَبُ مَعَكُمْ. إنْ كَانَ هُنَاكَ، سَأجِدُهُ حَتَّى لَوِ اضْطُرَرْتُ لِلبَحثِ فِي كُلِّ عَائِلَةٍ مِنْ عَائِلَاتِ يَهُوذَا.»
24 فَذَهَبَ الرِّجَالُ مِنْ عِندِ شَاوُلَ وَرَجِعُوا إلَى زِيفٍ. وَكَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ فِي بَرِّيَّةِ مَعُونٍ إلَى الجَنُوبِ مِنْ جَشْمُونَ. 25 فَذَهَبَ شَاوُلُ وَرِجَالُهُ بَحْثًا عَنْهُ. فَعَلِمَ دَاوُدُ، فَنَزَلَ إلَى الصَّخْرَةِ فِي بَرِّيَّةِ مَعُونٍ. فَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ أنَّ دَاوُدَ ذَهَبَ إلَى هُنَاكَ، انْطَلَقَ بَحْثًا عَنْهُ.
26 وَكَانَ شَاوُلُ عَلَى أحَدِ جَانِبَيِّ الجَبَلِ. وَكَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ عَلَى الجَانِبِ الآخَرِ. فَأخَذَ دَاوُدُ يَتَحَرَّكُ بِأقصَى سُرْعَةٍ مُمْكِنَةٍ لِلإفلَاتِ مِنْ شَاوُلَ. لَكِنَّ شَاوُلَ وَرجَالَهُ رَاحُوا يُحَاصِرُونَ الجَبَلَ لِيَقْطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى دَاوُدَ وَرِجَالِهِ. 27 وَفِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ وَصَلَ رَسُولٌ وَقَالَ لِشَاوُلَ: «تَعَالَ بِسُرعَةٍ. فَالفِلِسْطِيُّونَ يُهَاجِمُونَنَا.»
28 فَتَوَقَّفَ شَاوُلُ عَنْ مُطَارَدَةِ دَاوُدَ وَذَهَبَ لِمُقَاتَلَةِ الفِلِسْطِيِّينَ. وَهَذَا هُوَ مَا دَعَا النَّاسَ إلَى تَسْمِيَةِ ذَلِكَ المَكَانِ «الصَّخرَةَ الزَّلِقَةَ.» 29 وَغَادَرَ دَاوُدُ بَرِّيَّةَ مَعُونٍ وَذَهَبَ إلَى الحُصُونِ القَرِيبَةِ مِنْ عَيْنِ جَدْيٍ.
دَاوُدُ يَعْفُو عَنْ شَاوُل
24 وَبَعْدَ أنْ طَارَدَ شَاوُلُ الفِلِسْطِيِّينَ، قِيلَ لِشَاوُلَ: «دَاوُدُ فِي مِنْطَقَةِ البَرِّيَّةِ قُرْبَ عَيْنِ جَدْيِ.»
2 فَاخْتَارَ شَاوُلُ ثَلَاثَةَ آلَافِ رَجُلٍ مِنْ جَمِيعِ أنْحَاءِ إسْرَائِيلَ وَبَدَأ يَبْحَثُ عَنْ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ. فَفَتَّشَ عَنْهُمْ قُرْبَ مِنْطَقَةِ عَيْنِ جَدْيٍ. 3 وَوَصَلَ شَاوُلُ إلَى بَعْضِ حَظَائِرِ الغَنَمِ إلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ. وَكَانَ هُنَاكَ كَهفٌ، فَدَخَلَهُ لِكَي يَقْضِيَ حَاجَتَهُ. وَكَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ عَلَى مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ مِنْهُ فِي عُمقِ ذَلِكَ الكَهفِ. 4 فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ لَهُ: «هَذَا هُوَ اليَوْمُ الَّذِي كَلَّمَكَ عَنْهُ اللهُ عِنْدَمَا قَالَ: ‹سَأنصُرُكَ عَلَى عَدُوِّكَ، حِينَئِذٍ، تَفْعَلُ بِهِ كُلَّ مَا تُرِيدُ.›»
فَزَحَفَ دَاوُدُ مُقتَرِبًا أكْثَرَ فَأكثَرَ مِنْ شَاوُلَ، وَقَطَعَ طَرَفَ ثَوبِ شَاوُلَ، وَلَمْ يَنْتَبِه شَاوُلُ إلَى مَا حَدَثَ. 5 وَفِيمَا بَعْدُ، نَدِمَ دَاوُدُ مِنْ أعمَاقِهِ لِأنَّهُ قَطَعَ طَرَفَ ثَوبِ شَاوُلَ. 6 فَقَالَ لِرِجَالِهِ: «لَا يَسْمَحُ اللهُ بِأنْ أفعَلَ أمْرًا كَهَذَا بِمَولَايَ الَّذِي مَسَحَهُ اللهُ.[a] فَلَا أمُدُّ يَدِي عَلَيْهِ، لِأنَّ اللهَ مَسَحَهُ.» 7 وَوَبَّخَ دَاوُدُ رِجَالَهُ، وَلَمْ يَسْمَحْ لَهُمْ بِأنْ يُؤذُوا شَاوُلَ.
وَغَادَرَ شَاوُلُ الكَهفَ وَمَضَى فِي طَرِيقِهِ. 8 وَفِيمَا بَعْدُ، خَرَجَ دَاوُدُ مِنَ الكَهفِ وَنَادَى عَلَى شَاوُلَ: «مَوْلَايَ المَلِكُ!»
فَنَظَرَ شَاوُلُ خَلفَهُ. فَانْحَنَى دَاوُدُ وَوَجْهُهُ إلَى الأرْضِ احتِرَامًا لَهُ. 9 وَقَالَ لِشَاوُلَ: «لِمَاذَا تَسْتَمِعُ إلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَكَ: ‹دَاوُدُ يُخَطِّطُ لِإيذَائِكَ؟› 10 فَهَا أنْتَ تَرَى بِعَيْنَيْكَ أنَّ هَذَا افتِرَاءٌ عَلَيَّ. فَقَدْ وَضَعَكَ اللهُ فِي مُتَنَاوَلِ يَدِي هَذَا اليَوْمَ فِي الكَهفِ. لَكِنِّي لَمْ أشَأ أنْ أقتُلَكَ. فَكُنْتُ رَحِيمًا مَعَكَ، إذْ قُلْتُ لَنْ أُؤذِيَ مَوْلَايَ الَّذِي مَسَحَهُ اللهُ! 11 انْظُرْ إلَى قِطعَةِ القُمَاشِ الَّتِي فِي يَدِي. هَذِهِ قَطَعْتُهَا مِنْ طَرَفِ ثَوبِكَ. فَكَانَ بِمَقدُورِي أنْ أقتُلَكَ، لَكِنِّي لَمْ أفعَلْ. فَلَيتَكَ تُدرِكُ أنِّي لَا أنوِي لَكَ شَرًّا. وَأنَا لَمْ أُسِئْ إلَيْكَ، بَلْ أنْتَ الَّذِي تُطَارِدُنِي وَتَسْعَى إلَى قَتلِي. 12 لِيَكُنِ اللهُ هُوَ القَاضِيَ فِي هَذِهِ المَسألَةِ. رُبَّمَا يُعَاقِبُكَ هُوَ عَلَى إسَاءَتِكَ لِي، أمَّا أنَا فَلَنْ أمُدَّ عَلَيْكَ يَدِي. 13 يَقُولُ مَثَلٌ قَدِيمٌ:
‹يَنْبُعُ الشَّرُّ مِنَ الشِّرِّيرِ!›
«وَأنَا لَمْ أفعَلْ بِكَ سُوءًا وَلَنْ أفعَلَ. 14 فَمَنْ تُطَارِدُ وَأنْتَ مَلِكُ إسْرَائِيلَ العَظِيمِ؟ هَلْ خَرَجَتَ وَرَاءَ كَلْبٍ مَيِّتٍ أوْ بَرغُوثٍ؟ 15 لِيَكُنِ اللهُ القَاضِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ. وَأنَا وَاثِقٌ أنَّهُ سَيَدْعَمُنِي وَيُظهِرُ بَرَاءَتِي. وَهُوَ سَيُخَلِّصُنِي مِنْكَ.»
16 وَلَمَّا أنهَى دَاوُدُ كَلَامَهُ، قَالَ شَاوُلُ: «أهَذَا صَوْتُكَ يَا ابنِي دَاوُدَ؟» ثُمَّ بَدَأ شَاوُلُ يَبْكِي بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ. 17 وَقَالَ لِدَاوُدَ: «أنْتَ عَلَى حَقٍّ، وَأنَا عَلَى بَاطِلٍ. كُنْتَ طَيِّبًا مَعِي، مَعَ أنِّي كُنْتُ سَيِّئًا مَعَكَ. 18 وَأنْتَ قُلْتَ ذَلِكَ بِنَفْسِكَ عِنْدَمَا أخبَرْتَنِي عَنِ الأُمُورِ الحَسَنَةِ الَّتِي فَعَلْتَهَا. فَقَدْ أوقَعَنِي اللهُ بَيْنَ يَدَيْكَ، لَكِنَّكَ لَمْ تَقْتُلْنِي. 19 وَبَرهَنْتَ بِهَذَا أنَّكَ لَسْتَ عَدُوِّي. إذْ لَا يُمْسِكُ رَجُلٌ بِعَدُوِّهِ، ثُمَّ يُخلِي سَبِيلَهُ. لَا يَفْعَلُ إنْسَانٌ خَيَرًا مَعَ عَدُوِّهِ. فَلَيتَ اللهَ يُكَافِئُكَ عَلَى الخَيْرِ الَّذِي عَمِلْتَهُ اليَوْمَ مَعِي. 20 وَهَا قَدْ صِرْتُ الآنَ مُتَيَقِّنًا مِنْ أنَّكَ سَتَكُونُ مَلِكًا بَعدِي. وَسَتَحْكُمُ مَملَكَةَ إسْرَائِيلَ. 21 فَاحلِفِ الآنَ بِاللهِ أمَامِي إنَّكَ لَنْ تَقْضِيَ عَلَى نَسْلِي حَتَّى بَعْدَ مَوْتِي. عِدْنِي بِأنَّكَ لَنْ تَمْحُوَ اسْمِي مِنْ نَسَبِ أبِي.»
22 فَحَلَفَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ بِأنْ لَا يَقْضِيَ عَلَى عَائِلَتِهِ. ثُمَّ عَادَ شَاوُلُ إلَى بَيْتِهِ. وَصَعِدَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ إلَى الحِصْنِ ثَانِيَةً.
Copyright © 2009, 2016 by Bible League International