Old/New Testament
حَدِيثُ اللهِ إلَى أيُّوب
38 وَبَدَأ اللهُ يَتَكَلَّمُ مِنَ العَاصِفَةِ مُسْتَجِيبًا لِأيُّوبَ:
2 «مَنْ هَذَا الَّذِي يَلُفُّ الظَّلَامَ حَوْلَ مَقَاصِدِي بِكَلِمَاتٍ بِلَا مَعنَى؟[a]
3 تَهَيَّأْ كَرَجُلٍ،
وَبَعْدَ ذَلِكَ أنَا أسْألُكَ فَتُجِيبَنِي.
4 «أيْنَ كُنْتَ حِينَ وَضَعْتُ أسَاسَ الأرْضِ؟
أخْبِرْنِي إنْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ.
5 مَنِ الَّذِي وَضَعَ قِيَاسَاتِهَا؟
أوْ مَنِ الَّذِي مَدَّ فَوقَهَا خَيطًا لِيَقِيسَهَا؟
6 عَلَى أيِّ شَيءٍ رُكِّزَتْ أسَاسَاتُهَا؟
أوْ مَنِ الَّذِي وَضَعَ حَجَرَ زَاوِيَتِهَا
7 عِنْدَمَا رَنَّمَتْ نُجُومُ الصُّبحِ مَعًا،
وَهَتَفَتِ المَلَائِكَةُ[b] فَرَحًا؟
8 «مَنِ الَّذِي حَصَرَ البَحْرَ خَلفَ أبوَابٍ،
عِنْدَمَا اندَفَعَ كَأنَّهُ خَارِجٌ مِنَ الرَّحِمِ.
9 عِنْدَمَا جَعَلْتُ أنَا الغُيُومَ لِبَاسًا لَهُ،
وَلَفَفْتُ غَيمَةً سَودَاءَ حَوْلَهُ.
10 عِنْدَمَا فَرَضْتُ عَلَيْهِ حَدِّي،
وَأقَمتُ قُضبَانًا وَأبوَابًا حَدِيدِيَّةً عَلَيْهِ،
11 عِنْدَمَا قُلْتُ لَهُ:
‹هَذَا حَدُّكَ فَلَا تَتَجَاوَزْهُ،
وَإلَى هُنَا حَدُّ أموَاجِكَ المُعتَزَّةِ؟›
12 «هَلْ أمرْتَ فِي حَيَاتِكِ الصَّبَاحَ أنْ يَطْلُعَ،
أوْ هَلْ أرَيتَ الفَجرَ أيْنَ يَمْكُثُ؟
13 هَلْ أمسَكْتَ الأرْضَ مِنْ أطرَافِهَا
لِكَي يُنْفَضَ عَنْهَا الأشرَارُ؟
14 تَرَى الأرْضَ وَكَأنَّهَا تَتَشَكَّلُ كَطِينٍ تَحْتَ خَتمٍ،
وَتَقِفُ التِّلَالُ وَالوِديَانُ كَطَيَّاتِ ثَوبٍ.
15 هَكَذَا يَظْهَرُ النُّورُ الَّذِي يَقِفُ فِي وَجْهِ الأشْرَارِ،
فَتُكَسِّرُ ذِرَاعَهُمُ المُرْتَفِعَةَ.
16 «هَلْ ذَهَبتَ يَومًا إلَى يَنَابِيعِ البَحْرِ،
وَهَلْ تَمَشَّيتَ فِي أعْمَاقِ المُحِيطِ؟
17 هَلِ انكَشَفَتْ لَكَ بَوَّابَاتُ المَوْتِ؟
وَهَلْ رَأيْتَ بَوَّابَاتِ الظُّلمَةِ العَمِيقَةِ؟
18 هَلْ تَسْتَوْعِبُ أبْعَادَ الأرْضِ؟
قُلْ، إنْ كُنْتَ تَعْرِفُ هَذَا كُلَّهُ.
19 «أيْنَ الطَّرِيقُ إلَى حَيْثُ يَسْكُنُ النُّورُ؟
وَأينَ بَيْتُ الظُلمَةِ؟
20 لَا شَكَّ أنَّكَ تَسْتَطِيعُ أنْ تُعِيدَهَا إلَى مَكَانِهَا.
وَتَعْرِفَ الطَّرِيقَ المُؤَدِّي إلَى النُّورِ.
21 لَا بُدَّ أنَّكَ تَعْلَمُ هَذِهِ الأُمُورَ لِأنَّكَ كُنْتَ مَولُودًا حِينَئِذٍ،
وَلِأنَّ عُمْرَكَ طَوِيلٌ!
22 «هَلْ ذَهَبْتَ يَومًا إلَى مَخَازِنِ الثَّلجِ،
أوْ رَأيْتَ مَخَازِنَ البَرَدِ
23 الَّتِي أبقَيْتُهَا لِوَقْتِ ضِيقٍ،
لِيَوْمِ حَرْبٍ أوْ مَعْرَكَةٍ؟
24 أيْنَ الطَّرِيقُ إلَى حَيْثُ يَخْرُجُ النُّورُ،
الَّذِي تَتَفَرَّقُ مِنْهُ الرِّيحُ الشَّرقِيَّةُ عَلَى الأرْضِ؟
25 مَنِ الَّذِي يَشُقُّ قَنَاةً لِمِيَاهِ الفَيَضَانِ،
وَطَرِيقًا لِقَصْفِ الرَّعدِ،
26 لِيَجْلِبَ المَطَرَ عَلَى أرْضٍ غَيْرِ مَسكُونَةٍ،
صَحرَاءَ لَا يَسْكُنُهَا إنْسَانٌ،
27 فَيَفِيضُ الخَيْرُ فِي الأرْضِ الجَرْدَاءِ،
وَيُطلِعُ العُشْبَ؟
28 هَلْ لِلمَطَرِ أبٌ؟
أوْ مَنْ أنْجَبَ قَطَرَاتِ النَّدَى؟
29 مِنْ أيِّ بَطنٍ يَخْرُجُ الجَلِيدُ؟
وَابْنُ مَنْ صَقِيعُ السَّمَاءِ؟
30 يَتَصَلَّبُ المَاءُ كَصَخرَةٍ،
وَيَتَجَمَّدُ سَطحُ المُحِيطِ.
31 «أتَقْدِرُ أنْ تَرْبِطَ حِبَالَ الثُرَيَّا؟[c]
أوْ أنْ تَفُكَّ حِبَالَ الجَبَّارِ؟[d]
32 أتَقْدِرُ أنْ تُخْرِجَ الكَوَاكِبَ فِي أوْقَاتِهَا،
أوْ تَهْدِي الدُّبَ الأكبَرَ[e] مَعَ بَنِيهِ؟
33 أتَعْرِفُ قَوَانِينَ السَّمَاوَاتِ؟
أوْ هَلْ تُحَدِّدُ القَوَاعِدَ الَّتِي تَحْكُمُ الأرْضَ؟
34 أتَقْدِرُ أنْ تَأْمُرَ الغُيُومَ،
فَتَغْمُرَ نَفْسَكَ بِفَيضِ المِيَاهِ؟
35 أتَقْدِرُ أنْ تَأْمُرَ الصَّوَاعِقَ بِالقَصْفِ،
فَتَقُولَ لَكَ: ‹سَمْعًا وَطَاعَةً؟›
36 «مَنْ جَعَلَ الحِكْمَةَ فِي النَّاسِ؟
أوْ مَنْ وَضَعَ فَهْمًا فِي أعمَاقِهِمْ.
37 مَنِ الَّذِي يُحْصِي الغُيُومَ بِالحِكْمَةِ؟
وَمَنِ الَّذِي يَسْكُبُ المَطَرَ مِنَ السَّمَاءِ
38 فَيُشَكِّلُ التُرَابُ طِينًا تَتَكَتَّلُ حَبَّاتُهُ؟
39 «هَلْ تَصطَادُ فَرِيسَةً لِلأسَدِ،
أمْ تَسُدُّ شَهِيَّةَ الأشْبَالَ،
40 عِنْدَمَا تَرْبِضُ فِي عَرِينِهَا
وَتَكْمُنُ لِفَرِيسَتِهَا فِي العُشبِ الكَثِيفِ؟
41 مَنْ يُزَوِّدُ الغُرَابَ بِالطَعَامِ
عِنْدَمَا تَصْرُخُ صِغَارُهُ مُسْتَغِيثَةً بِاللهِ،
وَتَهِيمُ بَاحِثَةً عَنْ طَعَامٍ؟
39 «أتَعْرِفُ مَتَى تَلِدُ المِعزَاةُ الجَبَلِيَّةُ؟
أتُرَاقِبُ الغُزلَانَ أثْنَاءَ آلَامِ الوِلَادَةِ وَتَحْمِيهَا؟
2 وَتَحْسِبُ الشُّهُورَ حَتَّى تَلِدَ؟
هَلْ تَعْرِفُ وَقْتَ وِلَادَتِهَا؟
3 حِينَ تَرْبِضُ وَتَلِدُ أوْلَادَهَا،
وَتَتَخَلَّصُ مِنْ آلَامِهَا.
4 يَصِيرُ أوْلَادُهَا أقوِيَاءَ،
يَكْبُرُونَ فِي البَرِّيَّةِ.
يَتْرُكُونَ أُمَّهَاتِهِمْ وَلَا يَعُودُونَ.
5 «مَنِ الَّذِي أطلَقَ الحِمَارَ البَرِّيَّ؟
مَنْ حَلَّهُ؟
6 جَعَلْتُ لَهُ فِي الصَّحْرَاءِ بَيْتًا،
وَمَكَانَ سَكَنٍ فِي الأرْضِ المَالِحَةِ.
7 يَضْحَكُ عَلَى ضَجِيجِ المَدِينَةِ،
وَلَا يَسْمَعُ أوَامِرَ مُرَاقِبِ العَمَلِ.
8 يَطُوفُ التِّلَالَ بَحْثًا عَنْ مَرَاعِيهِ،
وَيَسْعَى إلَى كُلِّ مَا هُوَ أخضَرُ.
9 «أيَرْضَى الثَّورُ البَرِّيُّ أنْ يَكُونَ لَكَ خَادِمًا؟
أوْ أنْ يَبِيتَ عِنْدَ مِذوَدِكَ؟
10 أتَقْدِرُ أنْ تَضَعَ نِيرًا عَلَى جَامُوسٍ بَرِّيٍّ لِيَحْرُثَ؟
أمْ يَرْضَى بِأنْ يُمَهِّدَ الحُقُولَ خَلفَكَ؟
11 أتَتَّكِلُ عَلَيْهِ لِقُوَّتِهِ العَظِيمَةِ؟
وَهَلْ تَتْرُكُ لَهُ عَمَلَكَ المُتْعِبَ؟
12 أتَتَّكِلُ عَلَيْهِ لِيُحضِرَ زَرعَكَ،
وَيَجْمَعَهُ إلَى بَيدَرِكَ؟
13 «يُصَفِّقُ جَنَاحَا النَّعَامَةِ،
مَعَ أنَّهُمَا لَيْسَا كَجَنَاحِ اللَّقلَقِ وَرِيشِهِ.
14 لَكِنَّهَا تَتْرُكُ بَيضَهَا عَلَى الأرْضِ،
تَضَعُهُ عَلَى التُّرَابِ لِتُبقِيَهُ دَافِئًا.
15 ثُمَّ تَنْسَى أنَّ قَدَمًا قَدْ تَدُوسُهُ،
وَأنَّ حَيَوَانًا بَرِّيًّا قَدْ يَسْحَقُهُ.
16 تَقْسُو عَلَى صِغَارِهَا كَأنَّهُمْ لَيْسُوا لَهَا.
وَلَا يُقلِقُهَا إنْ كَانَتْ قَدْ تَعِبَتْ عَبَثًا،
17 لِأنَّ اللهَ مَنَعَ عَنْهَا الحِكْمَةَ،
وَلَمْ يُعطِهَا فَهْمًا.
18 لَكِنْ عِنْدَمَا تَنْهَضُ وَتَبْدَأُ العَدْوَ،
تَضْحَكُ عَلَى الحِصَانِ وَرَاكِبِهِ.
19 أأنْتَ مَنْ تُعطِي الحِصَانَ قُوَّتَهُ،
وَتَكْسُو عُنُقَهُ عُرْفًا مُنْسَابًا؟
20 أتَجْعَلُهُ يَثِبُ كَجَرَادَةٍ،
وَهُوَ الَّذِي يُخِيفُ النَّاسَ بِصَهِيلِهِ ذِي الكِبرِيَاءِ؟
21 يَضْرِبُ الأرْضَ بِعُنفٍ بِحَافِرِهِ،
وَيُسرِعُ بِكُلِّ قُوَّتِهِ إلَى المَعْرَكَةِ.
22 يَهْزَأُ بِالخَوفِ وَلَا يَفْزَعُ،
وَلَا يَتَرَاجَعُ أمَامَ السَّيْفِ.
23 تُقَعْقِعُ عَلَيْهِ جَعْبَةُ السِّهَامِ،
وَوَمِيضُ الحَرْبِ وَالرِّمَاحِ.
24 يَبْتَلِعُ الأرْضَ وَسَطَ ضَجِيجِ الحَرْبِ،
وَعِنْدَ صَوْتِ البُوقِ لَا يَهْدَأُ،
25 عِنْدَ نَفخِ البُوقِ يَصْهَلُ مُتَحَمِّسًا!
وَيَشُمُّ رَائِحَةَ المَعْرَكَةِ مِنْ بَعِيدٍ.
يَسْمَعُ صِيَاحَ القَادَةِ وَصَرَخَاتِ القِتَالِ.
26 «أتَفْهَمُ كَيْفَ يَطِيرُ الصَّقرُ،
وَيَنْشُرُ جَنَاحَيهِ حَوْلَ الجَنُوبِ؟
27 أيُحَلِّقُ النَّسرُ بِأمْرِكَ؟
وَيَبْنِي عُشَّهُ فِي الأعَالِي؟
28 يَسْكُنُ عَلَى صَخْرَةٍ شَاهِقَةٍ،
وَيَبِيتُ عَلَى قِمَّتِهَا،
وَيَجْعَلُهَا حِصْنًا لَهُ.
29 يَبْحَثُ عَنْ طَعَامِهِ مِنْ هُنَاكَ،
وَيُرَاقِبُ فَرِيسَتَهُ عَنْ بُعْدٍ.
30 تَلْعَقُ صِغَارُهُ الدَّمَ،
وَحَيْثُ الجُثَثُ، فَهُنَاكَ تَجِدُهُ.»
40 ثُمَّ قَالَ اللهُ لِأيُّوبَ:
2 «أتُرِيدُ أنْ تَنْتَقِدَ القَدِيرَ وَتُجَادِلَهُ؟
مَنْ يُصَحِّحُ اللهَ، عَلَيْهِ أنْ يُقَدِّمَ أجْوِبَتَهُ!»
3 فَأجَابَ أيُّوبُ اللهَ وَقَالَ:
4 «حَقًّا أنَا سَخِيفٌ! فَبِمَاذَا أُجِيبُكَ؟
أضَعُ يَدِي عَلَى فَمِي وَأسكُتُ.
5 تَكَلَّمْتُ أكْثَرَ مِمَّا يَنْبَغِي،
وَلَنْ أزِيدَ عَلَى ذَلِكَ!»
6 فَأجَابَ اللهُ أيُّوبَ مِنَ العَاصِفَةِ:
7 «تَهَيَّأ كَرَجُلٍ،
أسألُكَ فَتُجِيبُنِي.
8 «أتُرِيدُ حَقًّا أنْ تُخَطِّئَ حُكْمِي؟
أوْ أنْ تَدِينَنِي كَي تَتَبَرَّأَ أنْتَ؟
9 ألَعَلَّ لَكَ قُوَّةَ اللهِ،
وَتُرْعِدُ بِصَوْتٍ كَصَوْتِهِ؟
10 إنْ كَانَتْ لَكَ قُوَّتُهُ،
فَتَزَيَّنْ إذًا بِالعَظَمَةِ وَالجَلَالِ،
وَالبِسِ المَجْدَ وَالجَمَالَ.
11 أطلِقْ غَضَبَكَ
وَحَمْلِقْ فِي كُلِّ مُتَفَاخِرٍ حَتَّى يَتَّضِعَ.
12 انْظُرْ إلَى كُلِّ مُتَفَاخِرٍ حَتَّى تُذِلَّهُ،
وَحَطِّمِ الأشرَارَ حَيْثُ هُمْ.
13 ادْفِنْهُمْ فِي التُّرَابِ مَعًا.
وَكَفِّنْهُمْ فِي القَبْرِ.
14 حِينَئِذٍ، سَأمدَحُكَ
لِأنَّ يَمِينَكَ تَقْدِرُ أنْ تُخَلِّصَكَ.
15 «انْظُرْ إلَى فَرَسِ النَّهرِ الَّذِي صَنَعتُهُ كَمَا صَنَعتُكَ،
يَأْكُلُ العُشبَ مِثْلَ المَوَاشِي.
16 انْظُرْ إلَى قُوَّةِ جَسَدِهِ،
وَقُوَّةِ عَضَلَاتِ بَطنِهِ.
17 يَحْنِي ذَنَبَهُ كَشَجَرَةِ أرْزٍ.
عَضَلَاتُ فَخْذَيهِ مَنسُوجَةٌ مَعًا.
18 عِظَامُهُ أنَابِيبُ نُحَاسٍ،
وَأطرَافُهُ كَقُضبَانِ حَدِيدٍ.
19 هُوَ الأوَّلُ بَيْنَ خَلَائِقِ اللهِ،
لَكِنَّ صَانِعَهُ يَهْزِمُهُ بِسَيفِهِ.
20 تأتِيهِ الجِبَالُ بِنِتَاجِهَا،
حَيْثُ تَلْعَبُ جَمِيعُ الحَيَوَانَاتِ البَرِّيَّةِ.
21 يَنَامُ تَحْتَ نَبَاتَاتِ اللُّوطُسِ،[f]
وَيَجْعَلُ مِنَ القَصَبِ وَالمُسْتَنْقَعَاتِ مَخبَأهُ.
22 تُغَطِّيهِ نَبَاتَاتِ اللُّوطُسِ بِظِلِّهَا،
وَيُحِيطُ بِهِ صَفْصَافُ الجَدَاوِلْ.
23 إذَا اندَفَعَ النَّهرُ، لَا يَنْزَعِجُ.
يَظَلُّ مُطمَئِنًّا وَلَوْ فَاضَ نَهْرُ الأُردُّنِّ إلَى فَمِهِ.
24 أيَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَصطَادَهُ بِصِنَّارَةٍ؟
أيَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَصطَادَهُ وَيَثْقُبَ أنْفَهُ؟
تِيمُوثَاوُسُ يُرَافِقُ بُولُسَ وَسِيلَا
16 وَجَاءَ بُولُسُ أيْضًا إلَى دَرْبَةَ وَلِسْتَرَةَ. وَكَانَ هُنَاكَ تِلْمِيذٌ اسْمُهُ تِيمُوثَاوُسُ، أُمُّهُ امْرأةٌ يَهُودِيَّةٌ آمَنَتْ بِالمَسيحِ، وَأبوهُ يُونَانِيٌّ. 2 وَكَانَ الإخْوَةُ فِي لِسْتَرَةَ وَإيقُونِيَةَ يَمْدَحُونَهُ. 3 فَأرَادَ بُولُسُ أنْ يَصْطَحِبَ تِيمُوثَاوُسَ فِي السَّفَرِ. فَأخَذَهُ وَخَتَنَهُ بِسَبَبِ اليَهُودِ المَوجُودِينَ فِي تِلْكَ المَنَاطِقِ. فَقَدْ كَانُوا جَمِيعًا يَعْرِفُونَ أنَّ أبَاهُ يُونَانِيٌّ.
4 وَأثنَاءَ مُرُورِهِمَا بِالمُدُنِ،[a] كَانَا يُسَلِّمَانِ الأحكَامَ الَّتِي قَرَّرَهَا الرُّسُلُ وَالشُّيُوخُ فِي القُدْسِ لِلمُؤمِنِينَ. 5 فَتَقَوَّتِ الكَنَائِسُ فِي الإيمَانِ، وَكَانَتْ تَنْمُو فِي العَدَدِ كُلَّ يَوْمٍ.
دَعوَةُ بُولُسَ إلَى مَكدُونِيَّة
6 وَاجتَازَا فِي فَرِيجِيَّةَ وَغَلَاطِيَّةَ بَعْدَ أنْ مَنَعَهُمَا الرُّوحُ القُدُسُ مِنَ التَّكَلُّمِ بِالرِّسَالَةِ فِي مُقَاطَعَةِ أسِيَّا. 7 وَلَمَّا وَصَلَا إلَى حُدُودِ مِيسِيَّا، حَاوَلَا الذَّهَابَ إلَى بِيثِينِيَّةَ، لَكِنَّ رُوحَ يَسُوعَ لَمْ يَدَعْهُمَا. 8 فَمَرَّا عَلَى مِيسِيَّا وَجَاءَا إلَى تَرُوَاسَ.
9 وَأثنَاءَ اللَّيلِ رَأى بُولُسُ فِي رُؤْيَا رَجُلًا مَكدُونِيًّا وَاقِفًا يَرْجُوهُ وَيَقُولُ: «تَعَالَ إلَى مَكدُونِيَّةَ وَسَاعِدنَا.» 10 فَبَعدَ أنْ رَأى بُولُسُ الرُّؤْيَا، بَدَأنَا عَلَى الفَوْرِ نَسعَى لِلعُبُورِ إلَى مَكدُونِيَّةَ، فَقَدْ تَيَقَّنَّا أنَّ اللهَ قَدْ دَعَانَا لِكي نُبَشِّرَهُمْ.
اهتِدَاءُ لِيدِيَّة
11 فَأبحَرْنَا مِنْ تَرُوَاسَ مُبَاشَرَةً إلَى سَامُوثرَاكِي. وَفِي اليَوْمِ التَّالِي أبحَرْنَا إلَى نِيَابُولِيسَ. 12 وَمِنْ هُنَاكَ ذَهَبْنَا إلَى فِيلِبِّي، وَهِيَ أهَمُّ مَدِينَةٍ فِي ذَلِكَ الجُزءِ مِنْ مُقَاطَعَةِ مَكدُونِيَّةَ، وَهِيَ مُسْتَوْطَنَةٌ رُومَانِيَّةٌ. فَأمضَينَا عِدَّةَ أيَّامٍ فِيهَا.
13 وَفِي السَّبْتِ خَرَجنَا خَارِجَ بَوَّابَةِ المَدِينَةِ إلَى النَّهرِ، حَيْثُ تَوَقَّعْنَا أنْ نَجِدَ مَكَانًا لِلصَّلَاةِ. فَجَلَسْنَا وَبَدَأنَا نُحَدِّثُ النِّسَاءَ اللَّوَاتِي اجتَمَعْنَ هُنَاكَ. 14 وَكَانَتْ هُنَاكَ امْرأةٌ مُتَعَبِّدَةٌ للهِ[b] اسْمُهَا لِيدِيَّةُ مِنْ مَدِينَةِ ثَيَاتِيرَا تَعْمَلُ فِي بَيعِ الأقْمِشَةِ. فَبَيْنَمَا هِيَ تُصغِي إلَينَا، فَتَحَ الرَّبُّ قَلْبَهَا لِتَنْتَبِهَ إلَى كَلَامِ بُولُسَ. 15 وَبَعْدَ أنْ تَعَمَّدَتْ هِيَ وَأهْلُ بَيْتِهَا رَجَتنَا وَقَالَتْ: «إذَا كُنْتُمْ تَعْتَبِرُونَنِي مُؤمِنَةً حَقًّا بِالرَّبِّ، فتَعَالَوْا وَأقِيمُوا فِي بَيْتِي.» فَأقنَعَتنَا بِالإقَامَةِ فِي بَيْتِهَا.
بُولُسُ وَسِيلَا فِي السِّجْن
16 وَبَيْنَمَا كُنَّا ذَاتَ يَوْمٍ ذَاهِبِينِ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ، قَابَلَتْنَا جَاريَةٌ فِيهَا رُوحُ تَبْصِيرٍ، كَانَتْ تُدِرُّ رِبحًا وَفِيرًا عَلَى أصْحَابِهَا بِقِرَاءَةِ البَختِ. 17 فَتَبِعَتْنَا نَحْنُ وَبُولُسَ وَهِيَ تَصْرُخُ: «هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ هُمْ عَبيدُ اللهِ العَلِيِّ! وَهُمْ يُعلِنُونَ لَكُمْ طَرِيقَ الخَلَاصِ!» 18 وَفَعَلَتْ هَذَا أيَّامًا كَثِيرَةً. لَكِنَّ بُولُسَ انزَعَجَ كَثِيرًا، فَالتَفَتَ وَقَالَ لِلرُّوحِ: «أنَا آمُرُكَ بِاسْمِ يَسُوعَ المَسِيحِ أنْ تَخْرُجَ مِنْهَا،» فَخَرَجَ مِنْهَا فَوْرًا.
19 فَلَمَّا رَأى أصْحَابُهَا أنَّ مَا كَانُوا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِي كَسبِ المَالِ قَدْ ضَاعَ، أمسَكُوا بِبُولُسَ وَسِيلَا وَجَرُّوهُمَا إلَى السُّوقِ أمَامَ السُّلُطَاتِ. 20 وَعِنْدَمَا أحضَرُوهُمَا أمَامَ القُضَاةِ قَالُوا: «هَذَانِ الرَّجُلَانِ يَهُودِيَّانِ، وَهُمَا يُثِيرَانِ البَلبَلَةَ فِي مَدِينَتِنَا، 21 وَيَدْعُوانِ إلَى عَادَاتٍ لَا يَجُوزُ لَنَا كَرُومَانِيِّينَ أنْ نَقبَلَهَا أوْ أنْ نُمَارِسَهَا.»
Copyright © 2009, 2016 by Bible League International