-
وَاعتَادَ ألقَانَةُ أنْ يَذْهَبَ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ مَدِينَتِهِ الرَّامَةِ وَيَصْعَدَ إلَى شِيلُوهَ. حَيْثُ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ القَدِيرَ، وَيُقَدِّمُ لَهُ الذَّبَائِحَ. وَكَانَ ابنَا عَالِي الكَاهِنَانِ حُفْنِي وَفِينحَاسُ يَخْدِمَانِ اللهَ فِي شِيلُوهَ.
-
فَنِنَّةُ تُزعِجُ حَنَّة
وَاعتَادَتْ فَنِنَّةُ أنْ تُغِيظَ حَنَّةَ بِقَصدِ مُضَايَقَتِهَا، فَكَانَتْ تَشْمَتُ بِهَا لِأنَّ اللهَ لَمْ يَرزقْهَا أنْ تُنجِبَ.
-
وَتَكَرَّرَ هَذَا سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ. فَكُلَّمَا ذَهَبَتْ العَائِلَةُ إلَى بَيْتِ اللهِ، عَمِدَتْ فَنِنَّةُ إلَى إغَاظَةِ حَنَّةَ. فَتَتَضَايَقُ حَنَّةُ وَتَبْكِي وَتَمْتَنِعُ عَنِ الطَّعَامِ.
-
صَلَاةُ حَنَّة
وَبَعْدَ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، قَامَتْ حَنَّةُ بِهُدُوءٍ وَذَهَبَتْ لِتُصَلِّيَ إلَى اللهِ. وَكَانَ الكَاهِنُ عَالِي جَالِسًا عَلَى كُرسِيٍّ عِنْدَ بَابِ هَيْكَلِ اللهِ.
-
كَانَتْ حَنَّةُ تَشْعُرُ بِأسَىً عَمِيقٍ، فَقَامَتْ تُصَلِّي إلَى اللهِ وَتَبْكِي بِمَرَارَةٍ.
-
وَأطَالَتْ حَنَّةُ الصَّلَاةَ فِي حَضْرَةِ اللهِ، بَيْنَمَا عَالِي يُرَاقِبُ شَفَتَيهَا.
-
فَأجَابَتْ حَنَّةُ: «يَا سَيِّدِي، لَمْ أتَنَاوَلْ خَمْرًا أوْ شَرَابًا مُسْكِرًا، بَلْ أنَا امْرأةٌ حَزِينَةٌ أبْسِطُ مُشكِلَتِي فِي حَضْرَةِ اللهِ.
-
وَفِي الصَّبَاحِ البَاكِرِ قَامَتْ عَائِلَةُ ألقَانَةَ، وَعَبَدُوا اللهَ، ثُمَّ رَجِعُوا إلَى بَيْتِهِمْ فِي الرَّامَةِ.
مَولِدُ صَمُوئِيل
وَعَاشَرَ ألقَانَةُ زَوْجَتَهُ حَنَّةَ، وَتَذَكَّرَهَا اللهُ.
-
وَفِي الوَقْتِ المُعَيَّنِ، كَانَتْ حَنَّةُ قَدْ حَبِلَتْ وَأنْجَبَتْ وَلَدًا. وَأسْمَتْهُ صَمُوئِيلَ إذْ قَالَتْ: «لِأنِّي طَلَبتُهُ مِنَ اللهِ.»
-
لَكِنَّ حَنَّةَ لَمْ تَذْهَبْ. وَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: «عِنْدَمَا يُفطَمُ الوَلَدُ، سَآخُذُهُ إلَى شِيلُوهَ، فَيَكُونُ فِي حَضْرَةِ اللهِ دَائِمًا وَلِيَبْقَى هُنَاكَ عِنْدَهُ إلَى الأبَدِ.»
-
فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا ألقَانَةُ: «افْعَلِي مَا تَرَينَهُ صَوَابًا، وَابقَيْ هُنَا إلَى أنْ يُفْطَمَ الوَلَدُ. لَيْتَ اللهَ يُحَقِّقُ كَلَامَكِ.» فَبَقِيَتْ حَنَّةُ فِي البَيْتِ لِتُرضِعَ ابنَهَا حَتَّى فُطِمَ.
-
حَنَّةُ تَأْخُذُ صَمُوئِيلَ إلَى بَيْتِ اللهِ فِي شِيلُوه
وَفُطِمَ الوَلَدُ وَكَبِرَ. فَأخَذَتهُ حَنَّةُ، وَأخَذَتْ ثَوْرًا عُمرُهُ ثَلَاثُ سَنَوَاتٍ، وَقُفَّةَ طَحِينٍ، وَزُجَاجَةَ نَبِيذٍ، وَذَهَبُوا إلَى بَيْتِ اللهِ فِي شِيلُوهَ.
-
صَلَّيتُ أنْ أُرْزَقَ بِهَذَا الطِّفلِ. وَقَدِ استَجَابَ اللهُ صَلَاتِي.
-
وَهَا أنَا الآنَ أُعْطِيه للهِ وَأُكِرِّسُهُ لَهُ. وَسَيَخْدِمُ اللهَ كُلَّ حَيَاتِهِ.» فَتَرَكَتْ حَنَّةُ الوَلَدَ هُنَاكَ، وَسَجَدَتْ للهِ.
-
حَنَّةُ تَرْفَعُ شُكرًا للهِ
فَصَلَّتْ حَنَّةُ وَقَالَتْ: «قَلْبِي فَرِحٌ بِاللهِ. نَصَرتَنِي يَا الله، أسْخَرُ بِأعْدَائِي. ابتَهَجْتُ لِأنَّكَ نَصَرتَنِي.
-
«مَا مِنْ إلَهٍ قُدُّوسٍ مِثْلُ اللهِ. فَلَا إلَهَ إلَّا أنْتَ، وَمَا مِنْ حِصْنٍ كَإلَهِنَا.
-
«يُرْسِلُ اللهُ البَشَرَ إلَى الهَاوِيَةِ، وَيَقْدِرُ أنْ يُقِيمَهُمْ مِنَ المَوْتِ.
-
اللهُ يُفقِرُ وَيُغْنِي. هُوَ يُذِلُّ وَهُوَ يُكرِمُ.
-
مَصِيرُ أعْدَاءِ اللهِ هُوَ الهَزِيمَةُ. يُرعِدُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَيْهِمْ. يَدِينُ اللهُ النَّاسَ فِي كُلِّ الأرْضِ. لِمَلِكِهِ يُعْطِي قُوَّةً، وَيَنْصُرُ مَلِكَهُ المَمسُوحَ.»
-
وَعَادَ ألقَانَةُ وَعَائِلَتُهُ إلَى بَيْتِهِ فِي الرَّامَةِ. أمَّا الوَلَدُ فَبَقِيَ فِي شِيلُوهَ، وَخَدَمَ اللهَ تَحْتَ إشرَافِ الكَاهِنِ عَالِي.
-
وَلَدَا عَالِي الشِّرِّيرَان
كَانَ وَلَدَا عَالِي شِرِّيرَينِ لَا يَعْرِفَانِ اللهَ،
-
هَكَذَا كَانَتْ خَطيَّةُ هَذَينِ الخَادِمَينِ كَبِيرَةً جِدًّا أمَامَ اللهِ، لِأنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَهِينُونَ بِذَبَائِحِ النَّاسِ المُقدَّمَةِ للهِ.
-
أمَّا صَمُوئِيلُ فَكَانَ يَخْدِمُ اللهَ بِأمَانَةٍ. عَمِلَ مُعِينًا لِعَالِي، وَكَانَ يَلبَسُ ثَوبَ الكَهَنُوتِ.
-
وَكَانَ مِنْ عَادَةِ عَالِي أنْ يُبَارِكَ ألقَانَةَ وَزَوْجَتَهُ، فَيَقُولُ لِألقَانَةَ: «لَيْتَ اللهَ يُعطِيكَ أبْنَاءً مِنْ زَوْجَتِكَ هَذِهِ تَعْوِيضًا عَنِ الوَلَدِ الَّذِي كَرَّسَتْهُ للهِ.» بَعْدَ ذَلِكَ، كَانَ ألقَانَةُ وَحَنَّةُ يَعُودَانِ إلَى بَيْتِهِمَا.
-
وَتَحَنَّنَ اللهُ عَلَى حَنَّةَ، فَرَزَقَهَا بِثَلَاثَةِ أبْنَاءٍ وَبِنتَيْنِ. أمَّا صَمُوئِيلُ، فَتَرَعرَعَ فِي المَكَانِ المُقَدَّسِ عِنْدَ اللهِ.