وَهِيَ الأحْدَاثُ الَّتِي نَقَلَهَا إلَينَا الأشْخَاصُ الَّذِينَ كَانُوا شُهُودَ عَيَانٍ لَهَا مُنْذُ البِدَايَةِ، وَخُدَّامًا يُعلِنُونَ رِسَالَةَ اللهِ لِلنَّاسِ.

فَقَالَ لَهُ المَلَاكُ: «لَا تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا. لَقَدْ سَمِعَ اللهُ صَلَاتَكَ. وَسَتَلِدُ لَكَ زَوْجَتُكَ ألِيصَابَاتُ ابنًا، فَسَمِّهِ يُوحَنَّا.

فَأجَابَهُ المَلَاكُ: «أنَا جِبْرَائِيلُ الَّذِي أقِفُ فِي حَضْرَةِ اللهِ. لَقَدْ أُرسِلتُ لِأُكَلِّمَكَ، وَأنقُلَ إلَيْكَ هَذِهِ البُشرَى.

العَذرَاءُ مَريَم

وَحِينَ كَانَتْ ألِيصَابَاتُ فِي شَهرِهَا السَّادِسِ، أرْسَلَ اللهُ المَلَاكَ جِبْرَائِيلَ إلَى بَلدَةٍ فِي إقْلِيمِ الجَلِيلِ تُدعَى النَّاصِرَةُ،

فَقَالَ المَلَاكُ لَهَا: «لَا تَخَافِي يَا مَريَمُ، فَقَدْ نِلتِ نِعْمَةً مِنَ اللهِ.

سَيَكُونُ عَظِيمًا، وَسَيُدْعَى ابْنَ اللهِ العَلِيِّ. وَسَيُعطِيهِ الرَّبُّ الإلَهُ عَرشَ أبِيهِ دَاوُدَ.

فَأجَابَهَا المَلَاكُ: «الرُّوحُ القُدُسُ سَيَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ العَلِيِّ سَتُغَطِّيكِ. لِهَذَا فَإنَّ القُدُّوسَ الَّذِي سَيُولَدُ مِنكِ سَيُدْعَى ابْنَ اللهِ.

إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مُسْتَحِيلٌ عِنْدَ اللهِ.»

وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَقَالَتْ: «لَقَدْ بَارَكَكِ اللهُ أكْثَرَ مِنْ كُلِّ النِّسَاءِ، وَمُبَارَكٌ أيْضًا الطِّفلُ الَّذِي سَتَلِدِينَهُ.

مَريَمُ تُسَبِّحُ الله

فَقَالَتْ مَريَمُ: «تُمَجِّدُ نَفْسِي الرَّبَّ.

لِأنَّ اللهَ القَوِيَّ صَنَعَ لِي أشْيَاءَ مَجِيدَةً. وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ.

فَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأقَارِبُهَا أنَّ اللهَ قَدْ أظْهَرَ لَهَا رَحْمَةً عَظِيمَةً، فَابْتَهَجُوا مَعَهَا.

فَدُهِشُوا جَمِيعًا! وَفي الْحَالِ انفَتَحَ فَمُ زَكَرِيَّا وَانحَلَّ لِسَانُهُ، وَبَدَأ يَتَكَلَّمُ وَيُسَبِّحُ اللهَ.

زَكَرِيَّا يُسَبِّحُ الله

ثُمَّ امتَلأ أبُوهُ زَكَرِيَّا بِالرُّوحِ القُدُسِ وَتَنَبَّأ فَقَالَ:

هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ بِهِ مُنْذُ القَدِيمِ.

وَفَجْأةً ظَهَرَ مَعَ المَلَاكِ جَمْعٌ مِنْ جَيْشِ السَّمَاءِ يُسَبِّحُونَ اللهَ وَيَقُولُونَ:

«المَجْدُ للهِ فِي الأعَالِي، وَعَلَى الأرْضِ السَّلَامُ، لِلنَّاسِ الَّذِينَ يُسَرُّ بِهِمُ اللهُ.»

وَعَادَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأوْهُ. فَقَدْ حَدَثَ كُلُّ شَيءٍ كَمَا قِيلَ لَهُمْ تَمَامًا.

سِمْعَانُ يَرَى يَسُوع

وَكَانَ فِي مَدِينَةِ القُدْسِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِمْعَانُ. وَهُوَ رَجُلٌ بَارٌّ تَقِيٌّ يَنْتَظِرُ وَقْتَ تَعْزِيَةِ اللهِ لِبَنِي إسْرَائِيلَ. وَالرُّوحُ القُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ.

أخَذَهُ سِمْعَانُ بَيْنَ ذِرَاعَيهِ، وَسَبَّحَ اللهَ وَقَالَ:

ثُمَّ بَقِيَتْ أرمَلَةً حَتَّى سِنِّ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ، وَلَمْ تَتْرُكْ سَاحَةَ الهَيْكَلِ قَطُّ. كَانَتْ تَعْبُدُ اللهَ لَيلَ نَهَارٍ بِالصَّومِ وَالصَّلَاةِ.

فَتَقَدَّمَتْ إلَيْهِمْ فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ وَشَكَرَتِ اللهَ. ثُمَّ تَحَدَّثَتْ عَنِ الطِّفلِ لِكُلِّ الَّذِينَ كَانُوا يَتَلَهَّفُونَ عَلَى تَحْريرِ القُدْسِ.

وَاستَمَرَّ الطِّفلُ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى مُمتَلِئًا بِالحِكْمَةِ، وكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.

وَنَمَا يَسُوعُ فِي الحِكْمَةِ وَالجِسمِ وَالنِّعمَةِ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.

وَكَانَ حَنَّانُ وَقِيَافَا رَئِيسَي كَهَنَةٍ خِلَالَ ذَلِكَ الوَقْتِ. فَجَاءَتْ رِسَالَةُ اللهِ إلَى يُوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا وَهُوَ فِي البَرِّيَّةِ.