-
أيُّوبُ الصَّالِح
كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ فِي بِلَادِ عُوصٍ اسْمُهُ أيُّوبُ. وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ نَزِيهًا وَمُسْتَقِيمًا، يَتَّقِي اللهَ وَيَبْتَعِدُ عَنِ الشَرِّ.
-
وَعِنْدَ انتِهَاءِ كُلِّ وَلِيمَةٍ، كَانَ أيُّوبُ يُكَرِّسُهُمْ. فَكَانَ يَنْهَضُ بَاكِرًا فِي الصَّبَاحِ وَيُقَدِّمُ ذَبَائِحَ بِعَدَدِ أبنَائِهِ وَبَنَاتِهِ. لِأنَّ أيُّوبَ كَانَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ: «رُبَّمَا أخطَأ أبنَائِي فَلَعَنُوا اللهَ فِي قُلُوبِهِمْ.» وَمَارَسَ أيُّوبُ هَذَا الأمْرَ دَائِمًا.
-
وَذَاتَ يَوْمٍ دَخَلَتِ المَلَائِكَةُ لِتَقِفَ فِي حَضْرَةِ اللهِ، وَكَانَ الشَّيْطَانُ أيْضًا بَيْنَهُمْ.
-
فَقَالَ اللهُ لِلشَّيطَانِ: «مِنْ أيْنَ جِئتَ؟» فَأجَابَ الشَّيْطَانُ اللهَ: «مِنَ التَّجَوُّلِ هُنَا وَهُنَاكَ فِي الأرْضِ وَالتَّمَشِّي فِيهَا.»
-
فَسَألَ اللهُ الشَّيطَانَ: «هَلْ لَاحَظتَ أنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الأرْضِ مَثِيلٌ لِعَبدِي أيُّوبَ فِي نَزَاهَتِهِ وَاستِقَامَتِهِ وَتَقوَاهُ وَخَوْفِهِ اللهَ وَابتِعَادِهِ عَنِ الشَّرِّ؟»
-
فَأجَابَ الشَّيْطَانُ اللهَ: «وَهَلْ يَخَافُ أيُّوبُ اللهَ بِلَا مُقَابِلٍ؟
-
فَقَالَ اللهُ لِلشَّيطَانِ: «افْعَلْ مَا شِئتَ بِأيِّ شَيءٍ يَمْلِكُهُ، لَكِنْ لَا تُؤذِ جَسَدَهُ.» فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ اللهِ.
-
وَقَالَ: «عُرْيَانًا خَرَجتُ مِنْ بَطنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا سَأعُودُ. اللهُ أعْطَى، وَاللهُ أخَذَ. فَلِيَتَبَارَكِ اسْمُ اللهِ.»
-
فَلَمْ يَرْتَكِبْ أيُّوبُ إثمًا فِي كُلِّ هَذَا، وَلَمْ يَتَّهِمِ اللهَ بِالظُّلْمِ!
-
الشَّيْطَانُ يُهَاجِمُ جَسَدَ أيُّوب
وَجَاءَتِ المَلَائِكَةُ ذَاتَ يَوْمٍ لِكَي يَقِفُوا فِي حَضْرَةِ اللهِ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ لِيَقِفَ فِي حَضْرَةِ اللهِ.
-
فَقَالَ اللهُ لِلشَّيطَانِ: «مِنْ أيْنَ جِئتَ؟» فَأجَابَ الشَّيْطَانُ اللهَ: «مِنَ التَّجَوُّلِ فِي الأرْضِ وَالتَّمَشِّي فِيهَا.»
-
فَقَالَ اللهُ لِلشَّيطَانِ: «هَلْ لَاحَظتَ أنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الأرْضِ مَثِيلٌ لِعَبدِي أيُّوبَ فِي نَزَاهَتِهِ وَاستِقَامَتِهِ وَتَقوَاهُ وَابتِعَادِهِ عَنِ الشَّرِّ؟ وَهُوَ مَا يَزَالُ مُتَمَسِّكًا بِنَزَاهَتِهِ مَعَ أنَّكَ حَاوَلتَ أنْ تَدْفَعَنِي لِأُدَمِّرَهُ بِلَا دَاعٍ.»
-
فَأجَابَ الشَّيْطَانُ اللهَ: «وَاحِدَةً بِوَاحِدَةٍ! فَالإنْسَانُ مُسْتَعِدٌّ أنْ يُعْطِيَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ لِإنقَاذِ حَيَاتِهِ.
-
فَقَالَ اللهُ لِلشَّيطَانِ: «افْعَلْ بِهِ كَمَا تَشَاءُ، لَكِنْ أبْقِ عَلَى حَيَاتِهِ.»
-
فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ اللهِ، وَابْتَلَى أيُّوبَ بِقُرُوحٍ مُؤلِمَةٍ مِنْ رَأسِهِ إلَى قَدَمَيهِ.
-
فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: «أمَا زِلتَ مُتَمَسِّكًا بِاسْتِقَامَتِكَ؟ العَنِ اللهَ وَمُتْ!»
-
فَقَالَ لَهَا أيُّوبُ: «تَتَكَلَّمِينَ كَالجَاهِلَاتِ! فَهَلْ نَقبَلُ الخَيْرَ مِنَ اللهَ وَلَا نَقبَلُ الشَّرَّ؟» فَفِي كُلِّ هَذَا لَمْ يَرْتَكِبْ أيُّوبُ إثمًا فِي مَا قَالَهُ.
-
لَيْتَ ذَلِكَ اليَوْمَ ظَلَّ مُظلِمًا، وَلَيْتَ اللهَ فِي سَمَائِهِ لَمْ يَصْنَعْهُ. لَيْتَ النُّورَ لَمْ يُشرِقْ عَلَيْهِ.
-
لِمَاذَا تُعطَى حَيَاةٌ لِإنْسَانٍ لَا يَرَى طَرِيقَهُ، لِأنَّ اللهَ أقَامَ حَوْلَهُ سِيَاجًا؟
-
نَفخَةُ اللهِ تَقْتُلُهُمْ، وَغَضَبُهُ العَاصِفُ يَلْتَهِمُهُمْ.
-
‹أيُمكِنُ أنْ يَكُونَ الإنْسَانُ أكْثَرَ صَوَابًا مِنَ اللهِ، أمْ يُمْكِنُ لِلإنْسَانِ أنْ يَكُونَ أطهَرَ مِنْ صَانِعِهِ؟
-
فَكَيْفَ بِالنَّاسِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ بُيُوتًا مِنْ طِينٍ، أسَاسَاتُهَا فِي التُّرَابِ؟ ألَا يَسْحَقُهُمُ اللهُ كَحَشَرَةٍ؟
-
أمَّا أنَا فَأتَضَرَّعُ إلَى اللهِ، وَأُخبِرُهُ بِمَا أصَابَنِي.
-
يَصطَادُ اللهُ الحُكَمَاءَ بِذَكَائِهِمْ، فَيُفْشِلُ خُطَّةَ المَاكِرِينَ.
-
لَكِنَّ اللهَ يُخَلِّصُ الفَقِيرَ مِنْ سِيَاطِ أفوَاهِهِمْ، وَمِنْ يَدِ القَوِيِّ.