Beginning
اجتِيَاحُ الأشُّورِيِّينَ لِيَهُوذَا
36 فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ حُكْمِ المَلِكِ حَزَقِيَّا، خَرَجَ سِنحَارِيبُ المَلِكُ عَلَى المُدُنِ الحَصِينَةِ فِي يَهُوذَا وَاستَوْلَى عَلَيْهَا. 2 وَأرْسَلَ مَلِكُ أشُّورَ رَئِيسَ السُّقَاةِ[a] مَعَ جَيْشٍ عَظِيمٍ مِنْ لَاخِيشَ إلَى المَلِكِ حَزَقِيَّا فِي مَدِينَةِ القُدْسِ. فَوَقَفَ القَائِدُ بِجَانِبِ قَنَاةِ البِركَةِ العُليَا عَلَى الطَّرِيقِ المُؤَدِّيَةِ إلَى حَقْلِ مُبَيِّضِ الثِّيَابِ.
3 فَخَرَجَ لِلِقَائِهِ ألِيَاقِيمُ بْنُ حَلْقِيَّا المَسؤُولُ عَنِ بَيْتِ المَلِكِ، وَشَبْنَةُ كَاتِبُ المَلِكِ، وَيُوآخُ بْنُ آسَافَ حَافِظُ السِّجِلَّاتِ.
4 فَقَالَ لَهُمْ رَئِيسُ السُّقَاةِ: «قُولُوا لِحَزَقِيَّا: هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ مَلِكُ أشُّورَ العَظِيمُ:
«مَا الَّذِي تَتَّكِلُ عَلَيْهِ؟ 5 أنْتَ تَقُولُ: لَدَيَّ مُسْتَشَارُونَ وَقُوَّةٌ تُعِينُنِي فِي الحَرْبِ، وَكَلَامُكَ هَذَا مُجَرَّدُ هَبَاءٍ! عَلَى مَنْ تَتَّكِلُ فِي تَمَرُّدِكَ عَلَيَّ؟ 6 أنْتَ مُتَّكِئٌ عَلَى عُكَّازٍ مِنْ قَصَبَةٍ مَكْسُورَةٍ. فَهذِهِ هِيَ مِصْرٌ الَّتِي إنِ اتَّكَأ أحَدٌ عَلَيْهَا اختَرَقَتْ يَدَهُ. هَكَذَا هُوَ مَلِكُ مِصْرٍ لِكُلِّ الَّذِينَ يَتَّكِلُونَ عَلَيْهِ.
7 «وَإنْ قُلْتُمْ: نَتَّكِلُ عَلَى يهوه إلِهِنَا! أمَا أزَالَ حَزَقِيَّا مَذَابِحَهُ وَمُرتَفَعَاتِهِ، وَقَالَ لِأهْلِ يَهُوذَا وَالقُدْسِ: لَا تَعْبُدُوا إلَّا أمَامَ هَذَا المَذْبَحِ؟
8 «وَالْآنَ يُرَاهِنُكَ مَوْلَايَ مَلِكُ أشُّورَ عَلَى هَذَا الأمْرِ: إنَّهُ مُسْتَعِدٌّ أنْ يُعطِيَكَ ألفَي حِصَانٍ إنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَجِدَ رِجَالًا يَرْكَبُونَهَا. 9 أنْتَ لَا تَقْدِرُ أنْ تَهْزِمَ حَتَّى أصْغَرَ قَادَةِ مَوْلَايَ، حَتَّى لَوِ اعتَمَدْتَ عَلَى مَرْكِبَاتِ مِصْرٍ وَفُرْسَانِهَا. 10 أتَظُنُّ أنِّي جِئْتُ لِمُهَاجَمَةِ القُدْسِ وَتَدْمِيرِهَا مِنْ دُونِ يهوه؟ بَلْ هُوَ الَّذِي قَالَ لِي: اذْهَبْ إلَى تِلْكَ الأرْضِ وَدَمِّرْهَا!»
11 فَقَالَ ألِيَاقِيمُ وَشَبْنَةُ وَيُوآخُ لرَئِيسِ السُّقَاةِ: «نَرْجُو أنْ تُكِلِّمنَا، نَحْنُ خُدَّامَكَ، بِاللُّغَةِ الأرَامِيَّةِ، فَنَحْنُ نَفهَمُهَا. وَلَا تُكَلِّمْنَا بِلُغَةِ يَهُوذَا لِئَلَّا يَفْهَمَ الشَّعْبُ مَا تَقُولُهُ.»
12 غَيْرَ أنَّ رَئِيسَ السُّقَاةِ قَالَ لَهُمْ:
«لَمْ يُرْسِلْنِي سَيِّدِي لِكَي أُكَلِّمَكُمْ أنْتُمْ وَحدَكُمْ وَمَلِكَكُمْ، بَلْ أرْسَلَنِي أيْضًا لِأُكَلِّمَ الجُنُودَ الوَاقِفِينَ عَلَى السُّورِ. هُمْ أيْضًا سَيَأْكُلُونَ فَضَلَاتِهِمْ، وَيَشْرَبُونَ بَولَهُمْ مَعَكُمْ!»
13 ثُمَّ نَادَى رَئِيسُ السُّقَاةِ بِصَوْتٍ عَالٍ وَقَالَ بِالعِبْرِيَّةِ:
اسْمَعُوا رِسَالَةَ المَلِكِ العَظِيمِ، مَلِكِ أشُّورَ! 14 يَقُولُ المَلِكُ: لَا تَدَعُوا حَزَقِيَّا يَخْدَعُكُمْ، لِأنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أنْ يُنْقِذَكُمْ مِنْ قُوَّتِي. 15 لَا تَدَعُوا حَزَقِيَّا يُقنِعُكُمْ بِالِاتِّكَالِ عَلَى إلَهِكُمْ بِقَولِهِ: «يهوه سَيُخَلِّصُنَا، وَلَنْ يَدَعَ مَلِكَ أشُّورَ يَسْتَوْلِي عَلَى المَدِينَةِ.»
16 فَلَا تَسْمَعُوا لِحَزَقِيَّا. يَقُولُ مَلِكُ أشُّورَ: اعقِدُوا صُلْحًا مَعِي وَاخرُجُوا إلَيَّ. حِينَئِذٍ، سَيَأْكُلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مِنْ عِنَبِهِ وَتِينِهِ وَيَشْرَبُ مِنْ بِئْرِهِ. 17 يُمْكِنُكُمْ أنْ تَتَمَتَّعُوا بِخَيرَاتِكُمْ إلَى أنْ آتِيَ وَآخُذَكُمْ إلَى أرْضٍ كَأرْضِكُمْ. هِيَ أرْضُ قَمْحٍ وَنَبِيذٍ، أرْضُ خُبْزٍ وَكُرُومٍ.
18 فَلَا يَغُرُّكُمْ حَزَقِيَّا بِقَولِهِ: يهوه سَيُنقِذُنَا. هَلْ أنقَذَ أيُّ إلَهٍ مِنْ كُلِّ آلِهَةِ الشُّعُوبِ أرْضَهُ مِنْ مَلِكِ أشُّورَ؟ 19 عَجِزَتْ أمَامِي آلِهَةُ حَمَاةَ وَأرفَادَ. عَجِزَتْ آلِهَةُ سَفْرَاوِيمَ. لَمْ تَسْتَطِعْ هَذِهِ الآلِهَةُ كُلُّهَا أنْ تُنقِذَ السَّامِرَةَ مِنِّي. 20 أيُّ إلَهٍ مِنْ كُلِّ آلِهَةِ الأُمَمِ اسْتَطَاعَ أنْ يُنْقِذَ أرْضَهُ مِنِّي؟ فَكَيْفَ تَتَوَقَّعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ أنْ يُنْقِذَ يهوه القُدْسَ مِنِّي؟
21 لَكِنَّ الشَّعْبَ لَزِمَ الصَّمْتَ. فَلَمْ يَرُدُّوا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى رَئِيسِ السُّقَاةِ حَسَبَ أمْرِ المَلِكِ حَزَقِيَّا. فَقَدْ أمَرَهُمْ: «لَا تَرُدُّوا عَلَيْهِ.»
22 فَمَزَّقَ ألِيَاقِيمُ بْنُ حِلْقِيَّا المَسْؤولُ عَنْ بَيْتِ المَلِكِ، وَشَبْنَةُ كَاتِبُ المَلِكِ، وَيُوآخُ بْنُ آسَافَ حَافِظُ السِّجِلَّاتِ ثِيَابَهُمْ حُزْنًا عَلَى مَا سَمِعُوهُ. وَجَاءُوا إلَى حَزَقِيَّا، وَأخبَرُوهُ بِمَا قَالَهُ رَئِيسُ السُّقَاةِ.
حَزَقِيَّا يَتَحَدَّثُ مَعَ النَّبِيِّ إشَعْيَاء
37 فَلَمَّا سَمِعَ حَزَقِيَّا هَذَا، مَزَّقَ ثِيَابَهُ، وَلَبِسَ خَيْشًا حُزْنًا بِسَبِبِ مَا سَمِعَ، ثُمَّ دَخَلَ إلَى بَيْتِ اللهِ.
2 وَأرْسَلَ حَزَقِيَّا ألِيَاقِيمَ المَسْؤولَ عَنْ بَيْتِ المَلِكِ، وَشَبْنَةَ كَاتِبَ المَلِكِ، وَرُؤَسَاءَ الكَهَنَةِ إلَى النَّبِيِّ إشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ، وَهُمْ يَلبَسُونَ الخَيْشَ. 3 فَقَالُوا لِإشَعْيَاءَ: «يَقُولُ حَزَقِيَّا: ‹هَذَا يَوْمُ ضِيقٍ وَتَأْدِيبٍ لَنَا، فَكَأنَّ حَالَنَا هُوَ حَالُ امْرأةٍ حَانَ وَقْتُ وِلَادَتِهَا، غَيْرَ أنَّهُ لَا قُوَّةَ فِيهَا لِلوِلَادَةِ. 4 لَعَلَّ إلَهَكَ يَسْمَعُ كُلَّ كَلَامِ رَئِيسِ السُّقَاةِ الَّذِي أرْسَلَهُ سَيِّدُهُ مَلِكُ أشُّورَ لِيُهِينَ اللهَ الحَيَّ. وَلَعَلَّهُ يُعَاقِبُهُ عَلَى الكَلَامِ الَّذِي قَالَهُ. فَصَلِّ لِإلَهِكَ مِنْ أجْلِ الأحيَاءِ البَاقِينَ فِي المَدِينَةِ.›»
5 فَجَاءَ مَسْؤُولُو المَلِكِ إلَى إشَعْيَاءَ. 6 فَقَالَ لَهُمْ إشَعْيَاءُ: «بَلِّغُوا حَزَقِيَّا هَذِهِ الرِّسَالَةَ: ‹يَقُولُ اللهُ: لَا تَخَفْ بِسَبَبِ مَا قَالَهُ خُدَّامُ مَلِكِ أشُّورَ وَأهَانُونِي بِهِ. 7 هَا إنِّي وَاضِعٌ فِيهِ رُوحَ خَوْفٍ. سَيَسْمَعُ إشَاعَةً، فَيَعُودُ إلَى بَلَدِهِ. وَهُنَاكَ سَيَمُوتُ بِالسَّيْفِ.›»
مَلِكُ أشُّورَ يُنْذِرُ حَزَقِيَّا مَرَّةً أُخْرَى
8 وَسَمِعَ رَئِيسُ السُّقَاةِ أنَّ مَلِكَ أشُّورَ قَدْ تَرَكَ لَخِيشَ. وَعَادَ فَوَجَدَهُ فِي مَدِينَةِ لِبْنَةَ يُحَارِبُهَا. 9 ثُمَّ سَمِعَ مَلِكُ أشُّورَ إشَاعَةً عَنْ تِرْهَاقَةَ، مَلِكِ الحَبَشَةِ. فَقِيلَ لَهُ: «جَاءَ تِرْهَاقَةُ كَي يُحَارِبَكَ.» فَأرْسَلَ مَلِكُ أشُّورَ مَرَّةً أُخْرَى رُسُلًا إلَى حَزَقِيَّا. 10 وَحَمَّلَهُمْ هَذِهِ الرِّسَالَةَ إلَيْهِ: «قُولُوا لِمَلِكِ يَهُوذَا:
‹يَخْدَعُكَ إلَهُكَ الَّذِي تَتَّكِلُ عَلَيْهِ حِينَ يَقُولُ: لَنْ يَقْدِرَ مَلِكُ أشُّورَ أنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى القُدْسِ. 11 لَا بُدَّ أنَّكَ سَمِعْتَ بِمَا فَعَلَهُ مُلُوكُ أشُّورَ بِكُلِّ البُلْدَانِ الأُخْرَى، وَكَيْفَ أنَّهُمْ دَمَّرُوهَا تَدْمِيرًا! فَكَيْفَ تَتَوَهَّمُ أنَّكَ سَتَنْجُو؟ 12 لَمْ تَقْدِرْ آلِهَةُ هَذِهِ الشُّعُوبِ أنْ تُنقِذَهَا. فَقَدْ قَضَى آبَائِي عَلَيْهَا. قَضَوْا عَلَى جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصَفَ وَبَنِي عَدَنَ فِي تَلِّ أسَّارَ. 13 وَأينَ مَلِكُ حَمَاةَ وَمَلِكُ أرْفَادَ وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفْرَاوِيمَ وَمَلِكُ هِينَعَ وَمَلِكُ عِوَّا؟›»
صلَاةُ حَزَقِيَّا
14 فَأخَذَ حَزَقِيَّا الرَّسَائِلَ مِنَ الرُّسُلِ وَقَرَأهَا. ثُمَّ صَعِدَ إلَى بَيْتِ اللهِ وَفَرَدَ الرَّسَائِلَ فِي حَضْرَةِ اللهِ. 15 وَصَلَّى حَزَقِيَّا فِي حَضْرَةِ اللهِ وَقَالَ: 16 «أيُّهَا الإلَهُ القَدِيرُ، يَا إلَهَ إسْرَائِيلَ الجَالِسُ عَلَى مَلَائِكَةِ الكَرُوبِيمِ، أنْتَ وَحْدَكَ إلَهُ كُلِّ مَمَالِكِ الأرْضِ. أنْتَ الَّذِي صَنَعَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ! 17 فَاسْتَمِعْ إلَيَّ يَا اللهُ. وَافتَحْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ هَذِهِ الرِّسَالَةَ. وَاسْمَعْ كَلَامَ سَنْحَارِيبَ الَّذِي يُهِينُ اللهَ الحَيَّ. 18 صَحِيحٌ يَا اللهُ، أنَّ مُلُوكَ أشُّورَ دَمَّرُوا الشُّعُوبَ الأُخْرَى وَأرَاضِيهَا. 19 وَصَحِيحٌ أيْضًا أنَّهُمْ ألقَوْا بِآلِهَةِ الأُمَمِ الأُخرَى فِي النَّارِ. لَكِنَّهَا لَمْ تَكُنْ آلِهَةً حَقِيقِيَّةً، بَلْ صَنَعهَا أُنَاسٌ بِأيدِيهِمْ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ. لِذَلِكَ تَدَمَّرَتْ! 20 فَخَلِّصْنَا أنْتَ يَا إلهَنَا، خَلِّصْنَا مِنْ يَدِ سَنْحَارِيبَ، حَتَّى تَعْرِفَ جَمِيعُ مَمَالِكِ الأرْضِ أنَّكَ أنْتَ يهوه[b] هُوَ الإلَهُ الوَحِيدُ.»
جَوَابُ اللهِ لِحَزَقيَّا
21 حِينَئِذٍ، أرْسَلَ إشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ بِرِسَالةٍ إلَى حَزَقِيَّا قَالَ فِيهَا: «هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ، إلَهُ إسْرَائِيلَ: ‹سَمِعْتُ صَلَاتَكَ إليَّ بِخُصُوصِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أشُّورَ.› 22 وَهَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ بِشَأنِهِ:
«احتقرَتْكَ وَاسْتَهْزَأتْ بِكَ العَذْرَاءُ العَزِيزَةُ صِهْيَوْنُ،[c]
وَتَهُزُّ العَزيزَةُ القُدْسُ[d] رَأسَهَا عِنْدَ هَرَبِكَ.
23 مَنْ عَيَّرْتَ؟ وَعَلَى مَنْ جَدَّفْتَ؟
وَعَلَى مَنْ رَفَعْتَ صَوْتَكَ،
وَرَفَعْتَ عُيونَكَ بِكِبْرِيَاءٍ؟
أعَلى قُدُّوسِ إسْرَائِيلَ؟
24 عَيَّرْتَ الرَّبَّ عَلَى فَمِ خُدَّامِكَ.
قُلْتَ: ‹بِمَرْكَبَاتِي الكَثِيرَةِ
صَعِدْتُ إلَى أعَالِي الجِبَالِ
وَإلَى قِمَمِ لُبْنَانَ.
قَطَعْتُ أعْلَى أشْجَارِ الأرْزِ،
وَأفْضَلَ أشْجَارِ السَّروِ.
صَعِدْتُ إلَى أعْلَى قِمَمِهِ،
وَإلَى أكثَرِ غَابَاتِهِ كَثَافَةً.
25 حَفَرْتُ آبَارًا،
وَشَرِبْتُ مَاءَ الأرَاضِي الأُخْرَى.
وَبِبَاطِنِ أقْدَامِي جفَّفْتُ كُلَّ أنْهَارِ مِصْرٍ وَسَوَاقِيهَا.›
26 «لَكِنْ ألَمْ تَسْمَعْ بِمَا خَطَّطتُ لَهُ؟
بِمَا خَطَّطْتُ لَهُ منذُ القديمِ،
وَالْآنَ جعلتُهُ يحدثُ؟
فَقَدْ خَطَّطْتُ لِأنْ تُحَوِّلَ المُدُنَ الحَصِينَةَ إلَى تِلَالِ حُطَامٍ،
27 بَيْنَمَا شَعْبُهَا الضُّعِيفُ مُرتَعِبٌ وَمُرتَبِكٌ
مِثْلَ أعشَابٍ فِي الحَقْلِ وَمِثْلَ حَشِيشٍ أخضَرَ،
مِثْلَ عُشبٍ عَلَى سُطُوحِ المَنَازِلِ،
تُحرِقُهُ الرِّيَاحُ الشَّرْقِيَّةُ.
28 أنَا أعْرِفُ مَتى تَقُومُ وَمَتى تَجْلِسُ،
وَمَتى تَخْرُجُ وَمَتى تَدْخُلُ،
وَأعْرِفُ ثَوَرَانَكَ عَليَّ.
29 لِأنَّكَ ثُرْتَ عَليَّ،
وَأنَا سَمِعْتُ كَلَامَك المُتَكَبِّرَ،
فَسَأضَعُ الخُطَّافَ فِي أنْفِكَ،
وَالرَّسَنَ فِي فَمِكَ،[e]
وَسَأجْعَلُكَ تَعُودُ إلَى أرْضِكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ.»
30 «وَهَذِهِ هِيَ العَلَامَةُ عَلَى أنِّي سَأُعِينُكَ، يَا حَزَقِيَّا: سَتَأْكُلُ هَذِهِ السَّنَةَ زَرْعًا يَنْمُو وَحْدَهُ. وَفِي السَّنَةِ القَادِمَةِ سَتَأْكُلُ زَرْعًا يَنْمُو مِنْ بُذُورِ المَحْصوُلِ السَّابِقِ. أمَّا فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَسَتَحْصُدُونَ مَا تَزْرَعُونَ. وَتَغْرِسُونَ كُرُومًا وَتَأْكُلُونَ مِنْهَا عِنَبًا. 31 أمَّا النَّاجُونَ مِنْ عَشِيرَةِ يَهُوذَا فَسَيَعُودُونَ، وَسَيُعَمِّقُونَ جُذُورَهُمْ فِي الأرْضِ وَيَنْمُونَ. 32 لِأنَّهُ سَتَبْقَى بَقِيَّةٌ وَتَخْرُجُ مِنَ القُدْسِ، مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. اللهُ القَدِيرُ يَصْنَعُ هَذَا بِسَبَبِ غَيْرَتِهِ.»
33 هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ عَنْ مَلِكِ أشُّورَ:
«لَنْ يَدْخُلَ هَذِهِ المَدِينَةَ،
أوْ يُطلِقَ فِيهَا سَهْمًا وَاحِدًا.
لَنْ يَقْتَرِبَ إلَى المَدِينَةِ بِأتْرَاسِهِ،
أوْ يَبْنِيَ بُرْجَ حِصَارٍ عَلَيْهَا.
34 فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ سَيَرْجِعُ.
لَنْ يَدْخُلَ هَذِهِ المَدِينَةَ.
هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ.
35 سَأُدَافِعُ عَنِ هذِهِ المَدِينَةِ وَأُنْقِذُهَا.
مِنْ أجْلِ دَاوُدَ، وَمِنْ أجْلِ اسْمِي، سَأفْعَلُ هَذَا.»
القَضَاءُ عَلَى الجَيْشِ الأشُّورِي
36 فِي تِلْكَ اللَّيلَةِ خَرَجَ مَلَاكُ اللهِ وَقَتَلَ مِئَةً وَخَمْسةً وَثَمَانِينَ ألْفَ جُنْدِيٍّ فِي مُعَسْكَرِ الأشُّورِيِّينَ. وَلَمَّا أفَاقَ الأشُّورِيُّونَ فِي الصَّبَاحِ، رَأوْا كُلَّ جُثَثِ القَتلَى. 37 فَغَادَرَ سَنْحَارِيبُ، مَلِكُ أشُّورَ، ذَلِكَ المَكَانَ عَائِدًا إلَى نِينَوَى حَيْثُ أقَامَ. 38 وَذَاتَ يَوْمٍ، كَانَ يَعْبُدُ فِي هَيْكَلِ إلَهِهِ نَسْرُوخَ. فَقَتَلَهُ ابْنَاهُ أدْرَمَّلَكُ وَشَرآصِرُ بِالسَّيْفِ. ثُمَّ هَرَبَا إلَى أرْضِ أرَارَاطَ. وَخَلَفَهُ فِي الحُكْمِ ابْنُهُ آسَرْحَدُّونَ.
مَرَضُ حَزَقِيَّا
38 فِي ذَلِكَ الوَقْتِ، مَرِضَ حَزَقِيَّا وَقَارَبَ المَوْتَ. فَذَهَبَ النَّبِيُّ إشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ إلَى حَزَقِيَّا وَقَالَ لَهُ: «يَقُولُ اللهُ لَكَ: ‹رَتِّبْ شُؤُونَ بَيْتِكَ، لِأنَّهُ لَنْ يَطُولَ بِكَ العُمْرُ. بَلْ سَتَمُوتُ قَرِيبًا!›»
2 فَأدَارَ حَزَقِيَّا وَجْهَهُ إلَى الحَائِطِ. وَصَلَّى إلَى اللهِ 3 وَقَالَ: «اذْكُرْ، يَا اللهُ أنِّي خَدَمْتُكَ بِوَفَاءٍ وَمِنْ كُلِّ قَلْبِي. وَفَعَلْتُ مَا يُرْضِيكَ.» ثُمَّ بَكَى حَزَقِيَّا بُكَاءً مُرًّا.
4 فَجَاءَتْ كَلَّمَهُ اللهِ إلَى إشَعْيَاءَ فَقَالَ لَهُ: 5 «اذهَبْ وَكَلِّمْ حَزَقِيَّا وَقُلْ لَهُ: ‹يَقُولُ اللهُ، إلَهُ جَدِّكَ دَاوُدَ: قَدْ سَمِعْتُ صَلَاتَكَ وَرَأيْتُ دُمُوعَكَ. وَسَأُضِيفُ إلَى حَيَاتِكَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. 6 وَسَأُنْقِذُكَ وَأُنْقِذُ هَذِهِ المَدِينَةَ مِنْ مَلِكِ أشُّورَ. وَسَأحمِي هَذِهِ المَدِينَةَ.›»
7 وَهَذِهِ هِيَ العَلَامَةُ الَّتِي يُعْطِيهَا لَكَ اللهُ دَليلًا عَلَى أنَّ اللهَ سَيُحَقِّقُ كَلَامَهُ: 8 «سَأجْعَلُ الظِلَّ الَّذِي تَحَرَّكَ مَعَ الشَّمْسِ عَلَى دَرَجَاتِ المَلِكِ آحَازَ لِلوَقْتِ[f] يَتَرَاجَعُ عَشَرَ دَرَجَاتٍ. فَتَرَاجَعَ الظِلُّ عَشَرَ دَرَجَاتٍ بَعْدَ أنْ نَزَلَ.»
تَرْنِيمَةُ حَزَقِيَّا
9 وَهَذَا مَا كَتَبَهُ حَزَقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا، بَعْدَ مَرَضِهِ وَشِفَائِهِ مِنَ المَرَضِ:
10 قُلْتُ لِنَفْسِي:
«فِي مُنْتَصَفِ حَيَاتِي سَأعبُرُ بَوَّابَاتِ الهَاوِيَةِ.
قَدِ امتُحِنْتُ، وَأُخِذَتْ بَقِيَّةُ سَنَوَاتِ حَيَاتِي مِنِّي.
11 قُلْتُ لَنْ أرَى اللهَ يَاه[g] فِي أرْضِ الأحيَاءِ،
لَنْ أرَى النَّاسَ،
وَلَنْ أعِيشَ مَعَ سُكَّانِ الأرضِ.
12 حَيَاتِي زَالَتْ وَأُخِذَتْ مِنِّي،
مِثْلَ خَيْمَةِ الرَّاعِي.
قُطِعَتْ حَيَاتِي وَلُفَّتْ،
مِثْلَ نَسَّاجٍ يَفْصِلُ البِسَاطَ عَنِ آلَةِ الحِيَاكَةِ،
قَدِ انْتَهَتْ فِي فَترَةٍ قَصِيرَةٍ!
13 صَرَختُ طَلَبًا لِلعَونِ طَوَالَ اللَّيلِ.
كَالأسَدِ يُهَشِّمُ عِظَامِي.
أنهَيتَ حَيَاتِي فِي فَترَةٍ قَصِيرَةٍ.
14 أبكِي كَسُنُونَةٍ،
أنُوحُ كَيَمَامَةٍ.
تَعِبَتْ عَيْنَايَ مِنَ النَّظَرِ إلَى الأعْلَى.
يَا رَبُّ أنَا مُتَضَايِقٌ فَأطلِقْنِي.
15 مَاذَا أسْتَطِيعُ أنْ أقُولَ؟
فَهُوَ تَكَلَّمَ، وَهُوَ نَفْسُهُ سَيَعْمَلُ.
سَأتَمَشَّى عَلَى مَهلٍ كُلَّ سِنِي حَيَاتِي،
بِسَبَبِ مَرَارَةِ نَفْسِي.
16 يَا سَيِّدِي، بِسَبَبِ أعْمَالِكَ يَحيَا الإنْسَانُ،
وَفِي كُلِّ هَذِهِ الأعْمَالِ تَجِدُ رُوحِي حَيَاةً.
فَأعْطِنِي صِحَّةً وَحَيَاةً.
17 «فَهُوَذَا المَرَارَةُ الَّتِي فِيَّ تَحَوَّلَتْ لِخَيرِي.
وَأنْتَ حَفِظْتَ حَيَاتِي مِنْ حُفرَةِ الفَنَاءِ.
لِأنَّكَ ألقَيتَ وَرَاءَ ظَهْرِكَ كُلَّ خَطَايَاي.
18 القَبرُ لَا يَسْتَطِيعُ أنْ يَشْكُرَكَ،
وَالمَوْتُ لَا يُسَبِّحُكَ،
وَأُولَئِكَ النَّازِلُونَ إلَى القَبْرِ
لَا يَضَعُونَ رَجَاءَهُمْ فِي أمَانَتِكَ.
19 الأحيَاءُ وَحدَهُمْ يَشْكُرُونَكَ.
كَمَا أفْعَلُ أنَا اليَوْمَ.
الآبَاءُ يُعَلِّمُونَ الأوْلَادَ عَنْ أمَانَتِكَ.
20 سَيُخَلِّصُنِي اللهُ،
لِذَا سَنَعزِفُ عَلَى آلَاتِنَا المُوسِيقِيَّةِ
كُلَّ أيَّامِ حَيَاتِنَا فِي بَيْتِ اللهِ.»
21 وَكَانَ إشَعْيَاءُ قَدْ قَالَ: «لِيَأْخُذُوا ضَمَّادَةً مِنْ تِينٍ مَهرُوسٍ وَيَفْرُكُوا بِهَا البُثُورَ، وَسَيُشفَى حَزَقِيَّا.» 22 وَقَالَ حَزَقِيَّا: «مَا هِيَ العَلَامَةُ بِأنِّي سأُشفَى وَأصعَدُ إلَى بَيْتِ اللهِ؟»
رُسُلٌ مِنْ بَابِل
39 فِي ذَلِكَ الوَقْتِ، أرْسَلَ مَرُودَخُ بَلَاذَانُ بْنُ بَلَاذَانَ، مَلِكُ بَابِلَ، رَسَائِلَ وَهَدِيَّةً إلَى حَزَقِيَّا. وَمَا دَفَعَهُ إلَى عَمَلِ ذَلِكَ هُوَ أنَّهُ سَمِعَ أنَّ حَزَقِيَّا كَانَ مَرِيضًا. 2 فَسمِعَ حَزَقِيَّا عَنْ الوَفدِ القَادِمِ مِنْ بَابِلَ وَرَحَّبَ بِهِ، وَأرَاهُمْ كُلَّ الأشْيَاءِ الثَّمِينَةِ فِي بَيْتِهِ. أرَاهُمُ الفِضَّةَ وَالذَّهَبَ، وَالأطيَابَ، وَالعِطْرَ الثَّمِينَ، وَالأسلِحَةَ، وَكُلَّ شَيءٍ فِي مَخَازِنِهِ. فَلَمْ يَبْقَ شَيءٌ فِي بَيْتِ حَزَقِيَّا لَمْ يُرِهِمْ إيَّاهُ.
3 فَجَاءَ النَّبِيُّ إشَعْيَاءُ إلَى المَلِكِ حَزَقِيَّا وَسَألَهُ: «مَاذَا قَالَ هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ؟ وَمِنْ أيْنَ جَاءُوا؟»
فَأجَابَ حَزَقِيَّا: «جَاءُوا مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ، مِنْ بَابِلَ.»
4 فَقَالَ إشَعْيَاءُ: «وَمَا الَّذِي رَأوْهُ فِي بَيْتِكَ؟»
فَأجَابَ حَزَقِيَّا: «لَقَدْ رَأوْا كُلَّ شَيءٍ فِي بَيْتِي. فَلَا يُوجَدُ شَيءٌ فِي مَخَازِنِي لَمْ أُرِهِ لَهُمْ.»
5 فَقَالَ إشَعْيَاءُ لِحَزَقِيَّا: «اسْمَعْ مَا يَقُولُهُ اللهُ القَدِيرُ: 6 ‹سَيَأْتِي وَقْتٌ يُحمَلُ فِيهِ كُلُّ شَيءٍ فِي بَيْتِكَ، وَكُلُّ مَا ادَّخَرَهُ آبَاؤكَ حَتَّى هَذَا اليَوْمِ، إلَى بَابِلَ. لَنْ يَتَبَقَّى شَيءٌ مِنْهُ. اللهُ هُوَ الَّذِي يَقُولُ هَذَا. 7 وَسَيُؤخَذُ أبْنَاؤكَ أنْتَ لِيَصِيرُوا خُدَّامًا فِي قَصْرِ مَلِكِ بَابِلَ.›»
8 فَقَالَ حَزَقِيَّا: «حَسَنَةٌ هِيَ رِسَالَةُ اللهِ.» ثُمَّ أضَافَ: «مَا دَامَ السَّلَامُ وَالأمَانُ سَيَسُودَانِ فِي حَيَاتِي!»
انتِهَاءُ عِقَابِ إسْرَائِيل
40 يَقُولُ إلَهُكُمْ:
«عَزُّوا عَزُّوا شَعْبِي.
2 تَكَلَّمُوا بِكَلَامٍ لَطِيفٍ إلَى شَعْبِ مَدِينَةِ القُدْسِ،
أخبِرُوهُمْ بِأنَّ زَمَنَ خِدمَتِهِمُ القَاسِيَةِ قَدِ اكتَمَلَ،
وَبِأنَّ أُجْرَةَ خَطَايَاهُمْ قَدْ دُفِعَتْ،
وَأنَّ اللهَ قَدْ جَازَاهُمْ بِيَدِهِ جَزَاءً مُضَاعَفًا عَلَى كُلِّ خَطَايَاهُمْ.»
3 هُنَاكَ صَوْتٌ يُنَادِي:
«أعِدُّوا الطَّرِيقَ للهِ،
مَهِّدُوا فِي البّرِّيَّةِ طَريقًا لِإلِهَنِا.
4 يَنْبَغِي أنْ يَرْتَفِعَ كُلُّ وَادٍ،
وَيُسَوَّى كُلُّ جَبَلٍ وَتَلَّةٍ بِالأرْضِ.
تَسْتَوِي الأرْضُ كَثِيرَةُ التَّعَرُّجَاتِ،
وَالأرْضُ الوَعِرَةُ تَصِيرُ مُمَهَّدَةً.
5 حِينَئِذٍ، يُعلَنُ مَجْدُ اللهِ،
وَسَيَرَاهُ كُلُّ النَّاسِ،
لِأنَّ فَمَ اللهِ قَدْ تَكَلَّمَ.»
6 قَالَ لِي صَوْتٌ: «نَادِ.»
فَقُلْتُ: «بِمَاذَا أُنَادِي؟»
فَقَالَ: «البَشَرُ جَمِيعًا كَالعُشْبِ،
وَثَبَاتُهُمْ كَثَبَاتِ الزُّهُورِ البَرِّيَّةِ.
7 العُشْبُ يَجِفُّ، وَالزَّهْرُ يَسْقُطُ،
عِنْدَمَا تَهُبُّ رِيحُ اللهِ عَلَيْهَا.
إنَّمَا النَّاسُ كَالعُشبِ.
8 العُشبُ يَجِفُّ،
وَالزُّهُورُ تَذْبُلُ وَتَسْقُطُ،
وَأمَّا كَلِمَةُ إلَهِنَا فَتَبْقَى إلَى الأبَدِ.»
بِشَارَةُ الخَلَاص
9 اصعَدِي عَلَى جَبَلٍ عَالٍ،
يَا صِهْيَوْنَ، يَا مُعلِنَةَ البِشَارَةَ.
ارفَعِي صَوْتَكِ وَتَكَلَّمِي.
يَا قُدْسُ، يَا مُعلِنَةَ البِشَارَةَ،
لَا تَخَافِي، ارفَعِي صَوْتَكِ وَاصرُخِي!
قُولِي لِمُدُنِ يَهُوذَا: «هَا هُوَ إلَهُكِ.»
10 هُوَذَا الرَّبُّ الإلَهُ سَيَأْتِي بِقُوَّةٍ،
وَسَيَحْكُمُ بِقُوَّتِهِ.
وَهَا هُوَ يأتِي بِمُكَافَآتِهِ وَبِأعْمَالِهِ العَظِيمَةِ إلَينَا!
11 سَيَعْتَنِي بِشَعْبِهِ كَمَا يَعْتَنِي الرَّاعِي بِقَطِيعِهِ،
سَيَجْمَعُ الحِملَانَ بِذِرَاعَيهِ،
وَسَيَحْمِلُهَا فِي حِضنِهِ،
وَسَيَقُودُ مُرضِعَاتِ القَطِيعِ إلَى جَانِبِهِ.
اللهُ خَلَقَ العَالَمَ، وَهُوَ يَحْكُمُه
12 مَنْ قَاسَ مِيَاهَ البَحْرِ بِرَاحَةِ يَدِهِ؟
مَنْ قَاسَ السَّمَاوَاتِ بِشِبرِهِ؟
مَنْ كَالَ كُلَّ تُرَابِ الأرْضِ بِالكَيلِ؟
مَنْ وَزَنَ الجِبَالَ بِالقَبَّانِ،
وَالتِّلَالَ بِالمِيزَانِ؟
13 مَنْ وَجَّهَ رُوحَ اللهِ،
أوْ مَنْ عَلَّمَهُ وَصَارَ مُشِيرًا لَهُ؟
14 مَنْ أعطَاهُ نَصِيحَةً لِيَتَعَلَّمَ مَاذَا يَفْعَلُ؟
وَمَنْ عَلَّمَهُ كَيْفَ يَكُونُ عَادِلًا؟
مَنْ عَلَّمَهُ المَعْرِفَةَ،
وَدَلَّهُ عَلَى طَرِيقِ الفَهمِ؟
15 هَا إنَّ الأُمَمَ كَنُقطَةٍ مِنْ دَلوٍ،
وَيُحسَبُونَ كَذَرَّاتِ الغُبَارِ عَلَى المِيزَانِ.
هَا إنَّهُ يَرْفَعُ الجُزُرَ عَلَى المِيَاهِ كَالغُبَارِ النَّاعِمِ.
16 أشْجَارُ لُبْنَانَ غَيْرُ كَافِيَةٍ لِإشْعَالِ نَارِ المَذَابِحِ،
وَحَيَوَانَاتُهُ لَا تَكْفِي لِلتَّقدِمَاتِ.
17 كُلُّ الأُمَمِ كَأنَّهَا لَا شَيءَ أمَامَهُ،
وَهُوَ يَحْسِبُهُمْ كَعَدَمٍ وَهَبَاءٍ.
اللهُ الَّذِي لَا يُقَارَنُ بِشَيء
18 بِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهُ؟
وَبِمَنْ تُقَارِنُونَهُ؟
19 أبِصَنَمٍ يَسْبُكُهُ الصَّانِعُ،
وَيُغَشِّيهِ بِالذَّهَبِ،
وَيَصْنَعُ لَهُ أوتَادًا مِنْ فِضَّةٍ؟
20 يَختَارُ أفْضَلَ الخَشَبِ لِقَاعِدَةِ الوَثَنِ،
يَختَارُ خَشَبًا لَا يَتَعَفَّنُ.
ثُمَّ يَبْحَثُ عَنْ صَانِعٍ مَاهِرٍ
لِيَصْنَعَ لَهُ وَثَنًا لَا يَتَفَكَّكُ.
21 ألَمْ تَعْرِفُوا؟
ألَمْ تَسْمَعُوا؟
ألَمْ تُخبَرُوا مِنَ البِدَايَةِ؟
ألَمْ تَفْهَمُوا مُنْذُ تَأْسِيسِ العَالَمِ؟
22 هُوَ الجَالِسُ عَلَى عَرشِهِ فَوْقَ دَائِرَةِ الأرْضِ،
الَّتِي فِيهَا النَّاسُ كَالجَنَادِبِ.
هُوَ مَنْ نَشَرَ السَّمَاوَاتِ كَحِجَابٍ،
وَهُوَ مَنْ بَسَطَهَا كَخَيْمَةٍ لِلعَيشِ فِيهَا.
23 وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ حُكَّامَ الأرْضِ وَأُمَرَاءَهَا كَالعَدَمِ.
24 كَنَبْتَاتٍ زُرِعَتْ قَبْلَ فَترَةٍ قَصِيرَةٍ،
لَيْسَ لَهَا جُذُورٌ بَعْدُ.
فَعِنْدَمَا يَهُبُّ بِرِيحِهِ، يَجِفُّونَ،
وَتَحْمِلُهُمُ الرِّيَاحُ العَاصِفَةُ كَالقَشِّ.
25 يَقُولُ القُدُّوسُ:
«بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي،
وَبِمَنْ تُعَادِلُونَنِي؟»
26 ارفَعُوا عُيُونَكُمْ إلَى الأعْلَى وَانظُرُوا.
مَنْ خَلَقَ هَذِهِ الأشْيَاءَ؟
إنَّهُ هُوَ مَنْ يَقُودُ جَيْشَ النُّجُومِ وَاحِدًا فَوَاحِدًا،
وَيَدْعُوهَا جَمِيعَهَا بِأسْمَاءٍ.
وَبِسَبَبِ قُوَّتِهِ العَظِيمَةِ وَقُدرَتِهِ الشَّدِيدَةِ
لَا يُفقَدُ أحَدٌ مِنْهَا.
27 يَا يَعْقُوبُ، لِمَاذَا تَتَذَمَّرُ،
وَيَا إسْرَائِيلُ، لِمَاذَا تَقُولُ:
«طَرِيقِي مَخفِيٌّ عَنِ اللهِ،
وَاللهُ لَا يَهْتَمُّ بِحَقِّي؟»
28 ألَمْ تَعْلَمْ؟
ألَمْ تَسْمَعْ؟
اللهُ هُوَ الإلَهُ الأبَدِيُّ،
خَالِقُ كُلِّ الأرْضِ.
وَلَا يُصَابُ بِالتَّعَبِ أوِ الإنهَاكِ.
لَا يَسْتَطِيعُ أحَدٌ فَهمَ حِكمَتِهِ تَمَامًا.
29 يُعْطِي قُوَّةً لِلمُتعَبِ،
وَلِعَدِيمِ القُوَّةِ يَمْنَحُ قُدرَةً.
30 الشَّبَابُ يَتْعَبُونَ وَيُنهَكُونَ،
وَالفِتيَانُ يَعْيَونَ وَيَسْقُطُونَ،
31 أمَّا الَّذِينَ يَضَعُونَ رَجَاءَهُمْ فِي اللهِ
فَسَيُجَدِّدُونَ قُوَّتَهُمْ،
سَيُحَلِّقُونَ بِأجنِحَةٍ كَالنُّسُورِ.
سَيَرْكُضُونَ وَلَا يُنْهَكُونَ،
وَسَيَمْشُونَ وَلَا يَتْعَبُونَ.
اللهُ الخَالِقُ الأزَلِي
41 يَقُولُ اللهُ: «اسكُتِي وَاستَمِعِي إلَيَّ يَا بِلَادَ السَّوَاحِلِ،
وَاستَرْجِعِي قُوَّتَكِ أيَّتُهَا الأُمَمُ.
لِيَقْتَرِبُوا ثُمَّ لِيَتَكَلَّمُوا.
لِنَجتَمِعْ مَعًا لِأجْلِ المُحَاكَمَةِ.
2 مَنْ أيقَظَ الرَّجُلَ القَادِمَ مِنَ الشَّرقِ،
الَّذِي يُرَافِقُهُ النَّصرُ أينَمَا ذَهَبَ.
سَيُسَلِّمُ اللهُ لَهُ أُمَمًا،
وَسَيُخضِعُ لَهُ مُلُوكًا.
سَيَجعلُهُمْ بِسَيفِهِ كَالتُّرَابِ،
وَبِقَوسِهِ سَيُبَدِّدُهُمْ كَالقَشِّ الَّذِي طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ.
3 يَطَارِدُهُمْ وَلَا يُصَابُ بِأذَىً،
وَرِجْلَاهُ لَا تَلْمِسَانِ الأرْضَ.
4 مَنْ عَمِلَ هَذَا؟
وَمَنْ هُوَ المُسَيطِرُ عَلَى التَّارِيخِ مُنْذُ البَدءِ؟
أنَا اللهَ، كُنْتُ مِنَ البَدءِ،
وَسَأكُونُ عِنْدَ نِهَايَةِ كُلِّ شِيءٍ.
5 الجُزُرُ وَالشَّوَاطِئُ رَأتْ مَا عَمِلْتُهُ وَخَافَتْ.
الأجزَاءُ البَعِيدَةُ مِنَ الأرْضِ ارتَعَدَتْ.
اقْتَرَبَتْ وَوَصَلَتْ.
6 «يُسَاعِدُ أحَدُهُمُ الآخَرَ، وَيَقُولُ لَهُ: ‹تَشَدَّدْ.› 7 النَّحَّاتُ يُشَجِّعُ الصَّائِغَ. وَالَّذِي يَصْقِلُ المَعَادِنَ بِالمِطرَقَةِ، يُشَجِّعُ الضَّارِبَ عَلَى السِّندَانِ، وَيَقُولُ عَنِ الإلحَامِ: ‹عَمَلٌ جَيِّدٌ.› ثُمَّ يُثَبِّتُ الوَثَنَ بِمَسَامِيرَ حَتَّى لَا يَتَفَكَّكَ.»
اللهُ المُخَلِّص
8 «أمَّا أنْتَ يَا عَبدِي إسْرَائِيلَ،
يَا يَعْقُوبَ الَّذِي اختَرْتُهُ،
يَا نَسْلَ إبْرَاهِيمَ حَبِيبِي،
9 الَّذِي أخَذْتُهُ مِنْ أبعَدِ مَنَاطِقِ الأرْضِ،
الَّذِي دَعَوتُهُ مِنْ أبعَدِ أرْكَانِ الأرْضِ،
الَّذِي قُلْتُ لَهُ: ‹أنْتَ عَبدِي،
أنَا اختَرْتُكَ وَلَمْ أرفُضْكَ.
10 لَا تَخَفْ لِأنِّي مَعَكَ،
لَا تَخَفْ لِأنِّي إلَهُكَ.
سَأُقَوِّيكَ وَأُسَاعِدُكَ،
وَسَأدْعَمُكَ بِيَمِينِي المُنْتَصِرَةِ.
11 هَا كُلُّ الغَاضِبِينَ عَلَيْكَ سَيَخْجَلُونَ وَيُخْزَوْنَ.
وَالَّذِينَ يُقَاوِمُونَكَ سَيَتَلَاشَوْنَ وَيَهْلِكُونَ.
12 سَتَبْحَثُ عَنِ مُعَارِضِيكَ،
وَلَنْ تَجِدَهُمْ.
الَّذِينَ يُحَارِبُونَكَ سَيَصِيرُونَ كَالعَدَمِ وَيَهْلِكُونَ.
13 لِأنِّي أنَا إلَهُكَ،
أُمسِكُ بِيَمِينِكَ.
أقُولُ لَكَ: لَا تَخَفْ. فَأنَا أُعِينُكَ.›
14 «لَا تَخَفْ يَا يَعْقُوبُ، أيُّهَا الدُّودَةُ الصَّغِيرَةُ،
يَا إسْرَائِيلُ، أيُّهَا الشَّرنَقَةُ الضَّعِيفَةُ.
‹أنَا أعَنْتُكَ،› يَقُولُ اللهُ،
وَفَادِيكَ هُوَ قُدُّوسُ إسْرَائِيلَ.
15 سَأجعَلُكَ كَلَوحٍ حَادٍّ لِسَحْقِ الحُبُوبِ،
لَوحًا جَدِيدًا ذَا أسنَانٍ كَثِيرَةٍ،
فَتَدُوسَ الجِبَالَ وَتَسْحَقَهَا،
لِتَصِيرَ التِّلَالُ كَالتِّبنِ.
16 سَتُذَرِّيهِمْ فَتَحْمِلَهُمُ الرِّيحُ بَعِيدًا،
وَتُشَتِّتُهُمُ العَاصِفَةُ.
حِينَئِذٍ، سَتَفْرَحُ بِاللهِ،
وَسَتَفْتَخِرُ بِقُدُّوسِ إسْرَائِيلَ.
17 «عِنْدَمَا يَبْحَثُ الفُقَرَاءُ وَالمَسَاكِينُ
عَنِ المَاءِ وَلَا يَجِدُونَهُ،
وَألسِنَتُهُمْ تَجِفُّ مِنَ العَطَشِ.
أنَا اللهَ سَأستَجِيبُ لَهُمْ،
أنَا إلَهَ إسْرَائِيلَ لَنْ أترُكَهُمْ.
18 سَأفتَحُ أنهَارًا عَلَى الهِضَابِ الجَافَّةِ،
وَيَنَابِيعَ فِي وَسَطِ الوِديَانِ.
سَأجْعَلُ الصَّحرَاءَ بِركَةَ مَاءٍ،
وَالأرْضَ الجَافَّةَ يَنَابِيعَ مَاءٍ.
19 سَأزرَعُ أشْجَارَ الأرْزِ فِي الصَّحرَاءِ،
وَكَذَلِكَ أشْجَارَ السَّنطِ وَالآسِ وَالزَّيْتُونِ.
سَأزرَعُ فِي البَادِيَةِ السَّروَ وَالسِّندِيَانَ وَالصُّنَوبَرَ مَعًا،
20 حَتَّى يَرَى الجَمِيعُ وَيَعْرِفُوا،
وَيُفَكِّرُوا بِهَذَا وَيَفْهَمُوا
أنَّ يَدَ اللهِ هِيَ الَّتِي عَمِلَتْ هَذَا،
وَأنَّ قُدُّوسَ إسْرَائِيلَ خَلَقَهُ.»
تَحَدِّي اللهِ لِلآلِهَةِ المُزَيَّفَة
21 يَقُولُ اللهُ «قَدِّمُوا قَضِيَّتَكُمْ.»
وَيَقُولُ مَلِكُ يَعْقُوبَ لَهُمْ: «هَاتُوا حُجَجَكُمْ.
22 لِيَقْتَرِبُوا وَيُخبِرُونَا بِمَا سَيَحْدُثُ.
لِيُخبِرُونَا عَنِ الأحْدَاثِ المَاضِيَةِ وَأسرَارِهَا،
فَنَتَعَلَّمَ مِنْهَا.
أخبِرُونَا عَنْ أحْدَاثِ المُسْتَقَبَلِ.
23 أخبِرُونَا بِمَا سَيَحْدُثُ، حَتَّى نَعْرِفَ أنَّكُمْ آلِهَةٌ.
اعمَلُوا خَيْرًا أوْ شَرًّا، لِنَخَافَ وَنُكرِمَكُمْ.
24 هَا إنَّكُمْ أقَلُّ مِنَ العَدَمِ، وَعَمَلُكُمْ بَاطِلٌ.
وَمَنْ يَختَارُ عِبَادَتَكُمْ فَهُوَ كَريهٌ مِثْلُكُمْ!»
اللهُ هُوَ الإلَهُ الوَحِيد
25 «أيقَظْتُ رَجُلًا مِنَ الشِّمَالِ فَأتَى،
وَمِنَ الشَّرقِ دَعَوتُهُ بِاسْمِهِ.
يَدُوسُ الوُلَاةَ كَالرَّملِ،
كَفَخَّارِيِّ يَعْجِنُ الطِينَ.
26 «مَنْ أخبَرَ بِهَذَا مِنَ البِدَايَةِ حَتَّى نَعْرِفَهُ،
وَمَنْ عَرَفَهُ قَبْلَ حُدُوثِهِ كَي نَقُولَ: ‹إنَّهُ عَلَى حَقٍّ.›
لَمْ يُخبِرْ بِهِ أحَدٌ،
وَلَمْ يُعلِنْهُ أحَدٌ،
وَلَمْ يَسْتَمِعْ أحَدٌ لِكَلَامِكَ.
27 أنَا أعلَنْتُ هَذِهِ الأُمُورَ لِصِهْيَوْنَ قَبْلَ حُدُوثِهَا،
وَأرسَلْتُ مُبَشِّرًا بِهَا لِلقُدْسِ.
28 «وَلَكِنِّي أنظُرُ فَلَا أجِدُ أحَدًا.
وَمِنْ بَيْنِ هَذِهِ الآلِهَةِ المُزَيَّفَةِ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاصِحٍ،
أسألُهُ فَيُجِيبَ.
29 إنَّمَا هُمْ لَا شَيءٌ،
وَلَا يَسْتَطِيعُونَ عَمَلَ شَيءٍ.
تَمَاثِيلُهُمْ لَا مَنفَعَةَ مِنْهَا.
Copyright © 2009, 2016 by Bible League International