Beginning
مَلِكَةُ سَبَأ تَزُورُ سُلَيمَان
9 وَسَمِعَتْ مَلِكَةُ سَبَأ بِشُهرَةِ سُلَيْمَانَ. فَأتَتْ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ مَعَ حَاشِيَةٍ كَبِيرَةٍ فِي مَوْكِبٍ ضَخمٍ بَهِيٍّ. فَكَانَ مَعَهَا جِمَالٌ كَثِيرَةٌ تَحْمِلُ أطْيَابًا وَجَوَاهِرَ وَذَهَبًا كَثِيرًا. جَاءَتْ لِتَمْتَحِنَ سُلَيْمَانَ بِأسئِلَةٍ صَعْبَةٍ. فَقَابَلَتْهُ، وَتَحَدَّثَتْ مَعَهُ فِي كُلِّ المّسَائِلِ الَّتِي فِي فِكْرِهَا. 2 فَأجَابَ سُلَيْمَانُ عَنْ أسئِلَتِهَا، وَلَمْ يَصْعُبْ عَلَى سُلَيْمَانَ سُؤَالٌ مِنْهَا. 3 فَأدرَكَتْ مَلِكَةُ سَبَأ عَظَمَةَ حِكْمَةِ سُلَيْمَانَ. رَأتْ القَصْرَ الَّذِي بَنَاهُ، 4 وَالطَّعَامَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَمَجلِسَ كِبَارِ مَسْؤُولِيهِ، وَحَاشِيَةَ خَدَمِهِ وَثِيَابَهُمُ وَالذَّبَائِحَ الَّتِي قَدَّمَهَا فِي بَيْتِ اللهِ. فَانحَبَسَتْ أنفَاسُهَا دَهشَةً!
5 فَقَالَتِ المَلِكَةُ لِلمَلِكِ: «سَمِعْتُ فِي بَلَدَي الكَثِيرَ عَنْ حِكْمَتِكَ وَأعْمَالِكَ. وَكُلُّ مَا سَمِعْتُهُ صَحِيحٌ! 6 لَمْ أُصَدِّقْ مَا سَمِعْتُ بِهِ إلَى أنْ رَأيْتُهُ بعَيْنِي. وَالْآنَ أُدرِكُ أنَّ مَا أرَاهُ أعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِمَّا سَمِعْتُ بِهِ. فَثَرَاؤُكَ وَحِكمَتُكَ تَفُوقُ مَا أُخبِرْتُ بِهِ 7 فَهَنِيئًا لِزَوْجَاتِكَ وَمُوَظَّفِيكَ! إذْ يُمكِنُهُمْ أنْ يَخْدِمُوكَ وَيَسْمَعُوا حِكمَتَكَ كُلَّ يَوْمٍ. 8 مُبَارَكٌ إلَهُكَ الَّذِي رَضِيَ عَنْكَ وَأجلَسَكَ عَلَى العَرْشِ لِتَكُونَ مَلِكًا تَخْدِمُ إلَهَكَ. قَدْ أحَبَّ إلَهُكَ إسْرَائِيلَ وَسَيَدْعَمُهَا إلَى الأبَدِ، فَجَعَلَكَ مَلِكًا عَلَى إسْرَائِيلَ، لِتُقِيمَ العَدْلَ وَالِاسْتِقَامَةَ.»
9 وَأعْطَتْ مَلِكَةُ سَبَأ المَلِكَ سُلَيْمَانَ مِئِةً وَعِشْرِينَ قِنْطَارًا مِنَ الذَّهَبِ، وَكَمِّيَّةً كَبِيرَةً مِنَ التَّوَابِلِ وَالحِجَارَةِ الكَرِيمَةِ. وَلَمْ يُقَدِّمْ إنْسَانٌ تَوَابِلَ فَاخِرَةً لِلمَلِكِ سُلَيْمَانَ كَتِلْكَ الَّتِي قَدَّمَتْهَا لَهُ مَلِكَةُ سَبَأ. 10 وَجَلَبَ خُدَّامُ حُورَامَ وَخُدَّامُ سُلَيْمَانَ ذَهَبًا مِنْ أُوفِيرَ. وَجَلَبُوا أيْضًا خَشَبَ الصَّندَلِ وَحجَارَةً كَريمَةً. 11 فَاسْتَخْدَمَ سُلَيْمَانُ خَشَبَ الصَّنْدَلِ فِي صُنْعِ دَرَجٍ لِبَيْتِ اللهِ، وَلِقَصرِ المَلِكِ، وَلِصُنعِ قَيَاثِيرَ وَرَبَابٍ لِلمُرَنِّمينَ. وَلَمْ يَسْبِقْ لِأحَدٍ أنْ رَأى مِثْلَ تِلْكَ الأشْيَاءِ الجَمِيلَةِ الَّتِي صُنِعَتْ مِنْ خَشَبِ الصَّنْدَلِ فِي أرْضِ يَهُوذَا.
12 ثُمَّ أعْطَى المَلِكُ سُلَيْمَانُ مَلِكَةَ سَبَأ هَدَايَا كَثِيرَةً حَسَبَ كَرَمِهِ المَلَكِيِّ. وَأعْطَاهَا فَوْقَ ذَلِكَ كُلَّ مَا طَلَبَتْهُ، حَتَّى إنَّهُ أعْطَاهَا أكْثَرَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ رَجِعَتِ المَلِكَةُ وَحَاشِيَتُهَا إلَى مَوطِنِهَا.
ثَروَةُ سُلَيْمَانَ العَظِيمَة
13 وَجَمَعَ سُلَيْمَانُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ سِتَّ مِئِةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ قِنْطَارًا مِنَ الذَّهَبِ. 14 وَفَضلًا عَنْ شُحنَاتِ الذَّهَبِ الكَبِيرَةِ، كَانَ يَحْصُلُ عَلى ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مِنَ التُّجَّارِ الكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وَمِنْ مُلُوكِ العَرَبِ وَوُلَاةِ الأرْضِ. 15 فَصَنَعَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ مِئَتَي تُرسٍ مِنَ الذَّهَبِ المَطرُوقِ، فِي كُلِّ تُرسٍ سِتُّ مِئَةِ مِثْقَالٍ مِنَ الذَّهَبِ. 16 وَصَنَعَ سُلَيْمَانُ أيْضًا ثَلَاثَ مئَةِ تُرسٍ صَغِيرٍ مِنَ الذَّهَبِ المَطرُوقِ، فِي كُلِّ تُرسٍ ثَلَاثُ مِئَةِ مِثْقَالٍ مِنَ الذَّهَبِ. وَوَضَعَهَا فِي المَبنى المَدْعُوِّ «بَيْتَ غَابَةِ لُبْنَانَ.»
17 وَصَنَعَ المَلِكُ عَرْشًا عَاجِيًّا ضَخْمًا، وَغَشَّاهُ بِذَهَبٍ نَقِيٍّ. 18 وَكَانَ لِلعَرشِ سِتُّ دَرَجَاتٍ. وَكَانَ لَهُ مَدَاسٌ مِنَ الذَّهَبِ، وَعَلَى جَانِبَيهِ يَدَانِ. وَكَانَ عَلَى جَانِبَيِّ العَرْشِ، تَحْتَ اليَدَينِ تَمَامًا، نَحْتٌ عَلَى شَكْلِ أسَدَينِ، 19 ثُمَّ اثنَيْ عَشَرَ أسَدًا: اثنَيْنِ عَلَى طَرَفِي كُلِّ دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِ العَرْشِ السِّتِّ. وَلَمْ يَكُنْ فِي أيَّةِ مَملَكَةٍ أُخْرَى مِثْلُ هَذَا العَرْشِ.
20 وَقَدْ صُنِعَتْ أقدَاحُ سُلَيْمَانَ مِنَ الذَّهَبِ، وَكَانَتِ الأطبَاقُ فِي المَبنَى المُسَمَّى «بَيْتَ غَابَةِ لُبْنَانَ» مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. وَلَمْ يَكُنْ لِلفِضَّةِ أيَّامَ سُلَيْمَانَ أيُّ اعْتِبَارٍ! 21 وَامتَلَكَ المَلِكُ سُفُنَ شَحْنٍ كَانَ يُرسِلُهَا إلَى مَدِينَةِ تَرْشِيشَ مَعَ رِجَالِ حِيرَامَ. وَكَانَتِ السُّفُنُ تعُودُ كُلَّ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ مُحَمَّلَةً بِحُمُولَةٍ جَدِيدَةٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالعَاجِ وَالقُرودِ وَالطَّوَاوِيسِ.
22 وَفَاقَ سُلَيْمَانُ كُلَّ مُلُوكِ الأرْضِ غِنَى وَحِكمَةً. 23 وَجَاءَ كُلُّ مُلُوكِ الأرْضِ لِزِيَارَةِ سُلَيْمَانَ وَلِلِاستِمَاعِ إلَى أقْوَالِهِ الحَكِيمَةِ الَّتِي وَضَعَهَا اللهُ فِي قَلْبِهِ. 24 فَكَانُوا يَتَوَافَدُونَ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ بِهَدَايَا مِنْ فِضَّةٍ وَمِنْ ذَهَبٍ وَأسلِحَةٍ وَتَوَابِلَ وَخُيولٍ وَبِغَالٍ.
25 وَكَانَ لَدَى سُلَيْمَانَ أرْبَعَةُ آلَافِ حَظِيرَةٍ لِلخَيلِ وَالمَرْكَبَاتِ، وَاثْنَا عَشَرَ ألْفَ سَائِقِ مَرْكَبَةٍ. وَقَدْ حَفِظَ سُلَيْمَانُ المَرْكَبَاتِ فِي مُدُنٍ خَاصَّةٍ وَفِي مَدِينَةِ القُدْسِ حَيْثُ يُقِيمُ هُوَ. 26 وَكَانَ سُلَيْمَانُ مَلكًا عَلَى كُلِّ المُلُوكِ مِنْ نَهْرِ الفُرَاتِ إلَى أرْضِ الفِلَسطِيِّينَ وَحَتَّى حُدُودِ مِصْرٍ. 27 وَجَعَلَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ الفِضَّةَ فِي القُدْسِ بِكَثْرَةِ الحِجَارَةِ، وَخَشَبَ الأرْزِ بِكَثْرةِ أشْجَارِ الجُمَّيزِ فِي التِّلَالِ الغَرْبِيَّةِ. 28 وَجَلَبُوا خُيُولًا لسُلَيمَانَ مِنْ مصْرَ وَمِنْ كُلِّ البِلَادِ الأُخرَى.
مَوْتُ سُلَيمَان
29 أمَّا بَقِيَّةُ أعْمَالِ سُلَيْمَانُ، مِنْ أوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا، فَهِيَ مُدَوَّنَةٌ فِي كِتَابَاتِ النَّبِيِّ نَاثَانَ، وَفِي نُبُوَّةِ أخِيَّا الشَّيلُونِيِّ، وَفِي رُؤَى يَعْدُو الرَّائِي. كَمَا كَتَبَ يَعْدُو الرَّائِي عَنْ يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ.
30 وَدَامَ حُكْمُ سُلَيْمَانَ عَلَى إسْرَائِيلَ كُلِّهَا أرْبَعِينَ سَنَةً. 31 ثُمَّ رَقَدَ سُلَيْمَانُ وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ. وَدَفَنَهُ الشَّعْبُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ[a] أبِيهِ. وَخَلَفَهُ عَلَى العَرْشِ ابْنُهُ رَحُبْعَامُ.
رَحُبْعَامُ يَتَصَرَّفُ بِحَمَاقَة
10 وَذَهَبَ رَحُبْعَامُ إلَى مَدِينَةِ شَكِيمَ[b] لِأنَّ جَمِيعَ بَنِي إسْرَائِيلَ ذَهَبُوا إلَى هُنَاكَ لِكَي يُبَايِعُوهُ مَلِكًا. 2 وَكَانَ يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ فِي مصْرَ لِأنَّهُ فَرَّ مِنْ وَجْهِ المَلِكِ سُلَيْمَانَ. وَسَمعَ يَرُبْعَامُ أنَّ رَحُبْعَامَ سَيَكُونُ المَلكَ الجَدِيدَ، فَرَجِعَ مِنْ مصْرَ. 3 فَاستَدْعَى بَنُو إسْرَائِيلَ يَرُبْعَامَ، فَجَاءَ مِنْ مِصْرٍ، وَذَهَبَ مَعَ كُلَّ بَنِي إسْرَائِيلَ إلَى رَحُبْعَامَ. وَقَالُوا لَهُ: 4 «لَقَدْ صَعَّبَ أبُوكَ حَيَاتَنَا. فَكَانَ ذَلِكَ عِبئًا ثَقيلًا عَلَيْنَا. وَالْآنَ خَفِّفْ حِملَنَا فَنَخْدِمَكَ.»
5 فَقَالَ لَهُمْ رَحُبْعَامُ: «عُودُوا إلَيَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ.» فَانصَرَفَ الشَّعْبُ.
6 فَاسْتَشَارَ المَلِكُ رَحُبْعَامُ بَعْضَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ عَمِلُوا مُسْتَشَارِينَ لِأبِيهِ سُلَيْمَانَ فِي حَيَاتِهِ وَسَألَهُمْ: «بِمَاذَا أرُدُّ عَلَى الشَّعْبِ؟»
7 فَقَالَ الشُّيُوخُ لرَحُبْعَامَ: «إذَا كُنْتَ لَطِيفًا مَعَ هَذَا الشَّعْبِ وَأرْضَيْتَهُمْ بِكَلَامٍ حَسَنٍ، حِينَئِذٍ، سَيَخْدِمُونَكَ وَيَكُونُونَ طَوْعَ أمْرِكَ إلَى الأبَدِ.»
8 لَكِنَّ رَحُبْعَامَ لَمْ يَسْتَمِعْ إلَى نَصيحَتِهِمْ. فَسَألَ شُبَّانًا صِغَارًا نَشَأُوا مَعَهُ وَجَعَلَهُمْ مُسْتَشَارِيهِ. 9 قَالَ لَهُمْ رَحُبْعَامُ: «قَالَ الشَّعْبُ لِي: ‹خَفِّفِ الحِملَ الَّذِي وَضَعَهُ أبُوكَ عَلَى أكتَافِنَا›. فَبِمَاذَا أرُدُّ عَلَيْهِمْ؟»
10 فَقَالَ لَهُ أصْحَابُهُ الشُّبَّانُ الَّذِينَ نَشَأُوا مَعَهُ: «قَالَ لَكَ هَؤُلَاءِ النَّاسُ: ‹فَرَضَ عَلَيْنَا أبُوكَ أشغَالًا شَاقَّةً. فَالآنَ خَفِّفِ الحِملَ عَنَّا.› فَقُلْ لَهُمْ: ‹خِنْصَرِي أغلَظُ مِنْ جِسْمِ أبِي! 11 فَرَضَ أبِي عَلَيْكُمْ حِمْلًا ثَقِيلًا، أمَّا أنَا فَسَأزِيدُ عَلَيْهِ. أدَّبَكُمْ أبِي بِسِيَاطٍ مِنْ جِلْدٍ، أمَّا أنَا فَسأؤدِّبُكُمْ بِسِيَاطٍ ذَاتِ أطْرَافٍ حَدِيدِيَّةٍ!›»
12 وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ، رَجعَ يَرُبْعَامُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إلَى رَحُبْعَامَ إذْ قَالَ لَهُمْ: «عُودُوا إلَيَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ.» 13 فَتَكَلَّمَ إلَيْهِمْ بِطَرِيقَةٍ قَاسِيَةٍ، تَارِكًا نَصِيحَةَ الشُّيُوخِ. 14 فَقَالَ لَهُمْ مَا نَصَحَهُ الشُّبَّانُ بِهِ: «فَرَضَ أبِي عَلَيْكُمْ حِمْلًا ثَقِيلًا، أمَّا أنَا فَسَأزِيدُ عَلَيْهِ. أدَّبَكُمْ أبِي بِسِيَاطٍ مِنْ جِلْدٍ، أمَّا أنَا فَسأؤدِّبُكُمْ بِسِيَاطٍ ذَاتِ أطرَافٍ حَدِيدِيَّةٍ!»
15 فَلَمْ يَسْتَجِبِ المَلِكُ لِطَلَبِ الشَّعْبِ. وَقَدْ تَسَبَّبَ اللهُ فِي حُدُوثِ هَذَا الأمْرِ لِكَي يَفِيَ اللهُ بِالوَعْدِ الَّذِي قَطَعَهُ لِيَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ عَلَى فَمِ النَّبِيِّ أخِيَّا الشِّيلُونِيِّ.
16 وَرَأى كُلُّ بَنِي إسْرَائِيلَ أنَّ المَلِكَ الجَدِيدَ لَمْ يَسْتَمِعْ إلَيْهِمْ. فَقَالُوا لِلمَلِكِ: «مَا لَنَا وَلِعَائِلَةِ دَاوُدَ؟ ألَنَا أيُّ مِيرَاثٍ فِي أرْضِ يَسَّى؟ فَلْنَذْهَبْ، نَحْنُ بَنِي إسْرَائِيلَ، كُلُّ وَاحِدٍ إلَى بَيْتِهِ. وَلْنَدَعِ ابْنَ دَاوُدَ يَحْكُمُ جَمَاعَتَهُ!»
فَذَهَبَ بَنُو إسْرَائِيلَ إلَى بُيُوتِهِمْ. 17 فَلَمْ يَعُدْ رَحُبْعَامُ يَحْكُمُ إلَّا بَنِي إسْرَائِيلَ السَّاكِنِينَ فِي مُدُنِ يَهُوذَا.
18 وَكَانَ هَدُورَامُ أحَدَ المُشرِفِينَ عَلَى العُمَّالِ. فَأرْسَلَهُ رَحُبْعَامُ لِيَتَحَدَّثَ إلَى الشَّعْبِ. لَكِنَّهُمْ رَجَمُوهُ حَتَّى المَوْتِ. فَأسْرَعَ المَلِكُ رَحُبْعَامُ إلَى مَرْكَبَتِهِ وَهَرَبَ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ. 19 فَتَمَرَّدَ بَنُو إسْرَائِيلَ عَلَى عَائِلَةِ دَاوُدَ، وَمَا زَالُوا كَذَلِكَ إلَى هَذَا اليَوْمِ.
11 وَرَجِعَ رَحُبْعَامُ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ. وَحَشَدَ عَائِلَاتِ يَهُوذَا وَعَشِيرَةِ بَنْيَامِينَ، فَكَانُوا جَيْشًا قِوَامُهُ مِئَةٌ وَثَمَانُونَ ألْفَ رَجُلٍ حَشَدَهُمْ رَحُبْعَامُ لِيُحَارِبَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَيَسْتَرِدَّ مَملَكَتَهُ. 2 لَكِنَّ اللهَ تَكَلَّمَ إلَى شَمَعْيَا، رَجُلِ اللهِ، وَقَالَ لَهُ: 3 «تَكَلَّمْ إلَى رَحُبْعَامَ بْنِ سُلَيْمَانَ، مَلِكِ يَهُوذَا، وَإلَى كُلِّ شَعْبِ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ. 4 وَقُلْ لَهُمْ: ‹يَقُولُ اللهُ لَا تَذْهَبُوا لِتُحَارِبُوا إخْوَتَكُمْ. وَلْيَرْجِعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ إلَى بَيْتِهِ. فَأنَا فَعَلْتُ هَذَا كُلَّهُ!›» فَأطَاعَ جَمِيعُ الرِّجَالِ فِي جَيْشِ رَحُبْعَامَ أمْرَ اللهِ، وَعَادُوا جَمِيعًا إلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمْ يُحَارِبُوا يَرُبْعَامَ.
رَحُبْعَامُ يُقَوِّي يَهُوذَا
5 وَأقَامَ رَحُبْعَامُ فِي القُدْسِ، وَبَنَى مُدُنًا حَصِينَةً فِي يَهُوذَا ضِدَّ هَجَمَاتِ العَدُوِّ. 6 فَأعَادَ بِنَاءَ مُدُنِ بَيْتِ لَحْمٍ وَعِيطَامَ وَتَقُوعَ 7 وَبَيْتَ صُورٍ وَسُوكُوَ وَعَدُلَّامَ 8 وَجَتَّ وَمَريشَةَ وَزِيفَ 9 وَأدُورَايمَ وَلَخيشَ وَعَزِيقَةَ 10 وَصَرْعَةَ وَأيَّلُونَ وَحَبْرُون.[c] حَصَّنَ رَحُبْعَامُ هَذهِ المُدُنَ الَّتِي فِي يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ. 11 وَبَعْدَ أنْ قَوَّى المُدُنَ الحَصِينَةَ، عَيَّنَ فِيهَا قَادَةً، وَبَنَى مَخَازِنَ طَعَامٍ وَزَيْتٍ وَنَبِيذٍ. 12 وَوَضَعَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ تُرُوسًا وَرِمَاحًا وَحَصَّنَهَا. وَأبْقَى رَحُبْعَامُ قَبِيلَتَي يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ وَمُدُنَهُمَا تَحْتَ سَيطَرَتِهِ.
13 وَدَعَمَ الكَهَنَةُ وَاللَّاوِيُّونَ مِنْ كُلِّ أنْحَاءِ إسْرَائِيلَ رَحُبْعَامَ وَانضَمُّوا إلَيْهِ. 14 فَتَرَكَ اللَّاويُّونَ مَرَاعِيَهُمْ وَحُقُولَهُمْ وَجَاءُوا إلَى يَهُوذَا وَالقُدْسِ، لِأنَّ يَرُبْعَامَ وَأبْنَاءَهُ فَصَلُوهُمْ مِنَ الخِدْمَةِ كَكَهَنَةٍ للهِ. 15 وَعَيَّنَ يَرُبْعَامُ كَهَنَةً لَهُ فِي المُرْتَفَعَاتِ، حَيْثُ أقَامَ تَمَاثِيلَ لِتُيُوسٍ وَعُجُولٍ. 16 أمَّا جَمِيعُ الأوفِيَاءِ للهِ، إلَهِ إسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ قَبَائِلِ إسْرَائِيلَ، فَقَدْ لَحِقُوا اللَّاوِيِّينَ لِيُقَدِّمُوا ذَبَائِحَ للهِ، إلَهِ آبَائِهِمْ. 17 فَقَوَّى هَؤُلَاءِ مَملَكَةَ يَهُوذَا. وَدَعَمُوا رَحُبْعَامَ بْنَ سُلَيْمَانَ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ. إذْ سَلَكُوا أثْنَاءَ تِلْكَ السَّنَوَاتِ كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ وَسُلَيمَانُ.
عَائِلَةُ رَحُبْعَام
18 وَتَزَوَّجَ رَحُبْعَامُ مَحلَةَ بِنْتَ يَريمُوثَ بْنِ دَاوُدَ. وَكَانَتْ أُمُّهَا أبِيحَايِلَ بِنْتَ أليآبَ بْنِ يَسَّى. 19 فَأنْجَبَتْ مَحلَةُ لرَحُبْعَامَ أبْنَاءَهُ يَعُوشَ وَشَمَرْيَا وَزَاهَمَ. 20 ثُمَّ تَزَوَّجَ رَحُبْعَامُ أيْضًا مِنْ مَعْكَةَ بِنتِ أبْشَالُومَ. فَأنْجَبَتْ مَعْكَةُ لَهُ أبيَّا وَعَتَايَ وَزِيزَا وَشَلُوميثَ. 21 وَتَعَلَّقَ رَحُبْعَامُ بِمَعْكَةَ بِنتِ أبْشَالُومَ أكْثَرَ مِمَّا تَعَلَّقَ بِزَوْجَاتهِ الأُخرَيَاتِ وَجَوَارِيهِ. وَكَانَتْ لَهُ ثَمَانِي عَشْرَةَ زَوْجَةً وَسِتُّونَ جَارِيَةً. وَأنْجَبَ ثَمَانِيَةً وَعِشرِينَ ابْنًا وَسِتِّينَ ابْنَةً.
22 وَاخْتَارَ رَحُبْعَامُ أبِيَّا ابْنَ مَعْكَةَ لِيَكُونَ القَائدَ بَيْنَ إخْوَتِهِ، لِأنَّهُ كَانَ يَنْوِي أنْ يَجْعَلَ أبِيَّا مَلِكًا. 23 تَصَرَّفَ رَحُبْعَامُ بِحِكمَةٍ، وَوَزَّعَ أبْنَاءَهُ عَلَى كُلِّ مَنَاطِقِ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ فِي كُلّ مَدِينَةٍ حَصينَةٍ. وَأعْطَاهُمْ رَحُبْعَامُ مُؤَنًا كَثِيرَةً، وَوَجَدَ لَهُمْ زَوْجَاتٍ كَثِيرَاتٍ.
شِيشَقُ يُهَاجِمُ القُدْس
12 وَصَارَ رَحُبْعَامُ مَلِكًا قَويًّا عَلَى مَملَكَةٍ قَوِيَّةٍ. حِينَئِذٍ، تَمَرَّدَ رَحُبْعَامُ وَكُلُّ قَبِيلَةِ يَهُوذَا مَعَهُ عَلَى شَرِيعَةِ اللهِ.
2 فَهَاجَمَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرٍ القُدْسَ فِي السَّنَةِ الخَامِسَةِ مِنْ حُكْمِ رَحُبْعَامَ. وَقَدْ حَدَثَ هَذَا لِأنَّ رَحُبْعَامَ وَشَعْبَ يَهُوذَا لَمْ يَكُونُوا أوفِيَاءَ للهِ. 3 وَقَدْ جَلَبَ شِيشَقُ مَعَهُ ألْفًا وَمِئَتَي مَرْكَبَةٍ، وَسِتِّينَ ألْفَ فَارِسٍ، وَجَيْشًا لَا يُحصَى. وَانْضَمَّ إلَيْهِ فِي جَيْشِهِ الكَبِيرِ لِيبِيُّونَ وَسُكِّيُّونَ وَحَبَشِيُّونَ. 4 وَاستَوْلَى شِيشَقُ عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا الحَصِينَةِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ جَلَبَ جَيْشَهُ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ.
5 وَجَاءَ النَّبِيُّ شَمَعْيَا إلَى رَحُبْعَامَ وَقَادَةِ يَهُوذَا الَّذِينَ اجتَمَعُوا فِي القُدْسِ خَوْفًا مِنْ شِيشَقَ. وَقَالَ شَمَعْيَا لرَحُبْعَامَ وَقَادَةِ يَهُوذَا: «هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ لَكُمْ: ‹أنْتُمْ تَرَكتُمُوني، لِذَلِكَ سَأترُكُكُمْ لشِيشَقَ لِيَفْعَلَ بِكُمْ مَا يَشَاءُ.›»
6 فَنَدِمَ قَادَةُ يَهُوذَا وَالمَلِكُ رَحُبْعَامُ وَتَذَلَّلُوا. وَقَالُوا: «اللهُ بَارٌّ فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُ.»
7 فَرَأى اللهُ أنَّ المَلِكَ وَقَادَةَ يَهُوذَا قَدْ تَذَلَّلُوا، فَقَالَ اللهُ لِلنَّبِيِّ شَمَعْيَا: «قَدْ تَذَلَّلُوا. وَلهَذَا لَنْ أُفنيَهُمْ، بَلْ سَأُخَلِّصُهُمْ قَرِيبًا. وَلَنْ أستَخْدِمَ شِيشَقَ فِي سَكْبِ غَضَبِي عَلَى القُدْسِ. 8 لَكنَّ أهْلَ القُدْسِ سَيَصِيرُونَ عَبِيدًا لِشِيشَقَ، لِيَتَعَلَّمُوا كَيْفَ تَخْتَلِفُ خِدْمَتُهُمْ لِي عَنْ خِدْمَتِهِمْ لمُلُوكِ شُعُوبٍ أُخْرَى.»
9 فَهَاجَمَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرٍ القُدْسَ وَاستَوْلَى عَلَى الكُنُوزِ الَّتِي فِي بَيْتِ اللهِ، وَالَّتِي فِي قَصرِ المَلِكِ. أخَذَ كُلَّ شَيءٍ بِمَا فِي ذَلِكَ التُّرُوسَ الذَّهَبيَّةَ. 10 فَصَنعَ رَحُبْعَامُ تُروسًا بُرُونزِيَّةً بَدَلَ التُّروسِ الذَّهَبيَّةِ، وَسَلَّمَهَا لِلمَسؤُولِينَ عَنْ حرَاسَةِ المَدْخَلِ إلَى بَيْتِ المَلِكِ. 11 وَكُلَّمَا دَخَلَ المَلِكُ بَيْتَ اللهِ، كَانَ الحُرَّاسُ يُخْرِجُونَ التُّرُوسَ البُرُونْزيَّةَ. وَكَانُوا فِيمَا بَعْدُ يُعِيدُونَهَا إلَى غُرفَةِ الحَرَسِ.
12 وَلَمَّا تَذَلَّلَ رَحُبْعَامُ فِي حَضْرَةِ اللهِ، ارتَدَّ عَنْهُ غَضَبُ اللهِ. فَلَمْ يُفْنِهِ تَمَامًا. كَمَا كَانَ هُنَاكَ بَعْضُ الصَّلَاحِ فِي يَهُوذَا!
13 وَصَارَ رَحُبْعَامُ مَلِكًا قَوِيًّا فِي القُدْسِ. صَارَ مَلكًا عندَمَا بَلَغَ وَاحِدًا وَأرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ العُمْرِ. وَمَلَكَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى القُدْسِ، المَدِينَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا اللهُ مِنْ بَيْنِ كُلِّ قَبَائِلِ إسْرَائِيلَ لِيُعلِنَ اسْمَهُ فِيهَا. وَكَانَ اسْمُ أُمِّ رَحُبْعَامَ نِعْمَةَ، وَهِيَ مِنْ أرْضِ عَمُّونَ. 14 وَصَنَعَ رَحُبْعَامُ الشَّرَّ، لِأنَّهُ لَمْ يَعْزِمْ فِي قَلْبهِ أنْ يُطِيعَ اللهَ.
15 أمَّا الأشْيَاءُ الَّتِي عَمِلَهَا رَحُبْعَامُ كَمَلِكٍ مِنْ بِدَايَةِ حُكمِهِ إلَى آخِرِهِ، فَمُدَوَّنَةٌ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ شَمَعْيَا وَيَعْدُو الرَّائِي اللَّذَيْنِ كَتَبَا عَنْ أنْسَابِ العَائِلَاتِ. وَقَدْ نَشَبَتْ حُرُوبٌ بَيْنَ رَحُبْعَامَ وَيَرُبْعَامَ طَوَالَ مُدَّةِ حُكمِهِمَا. 16 وَرَقَدَ رَحُبْعَامُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ.[d] وَخَلَفَهُ عَلَى العَرْشِ ابْنُهُ أبِيَّا.
Copyright © 2009, 2016 by Bible League International