الخطيئة والاعتراف والفداء

59 انْظُرُوا، إِنَّ ذِرَاعَ الرَّبِّ لَيْسَتْ قَاصِرَةً حَتَّى تَعْجِزَ عَنْ أَنْ تُخَلِّصَ، وَلا أُذُنَهُ ثَقِيلَةٌ حَتَّى لَا تَسْمَعَ. إِنَّمَا خَطَايَاكُمْ أَضْحَتْ تَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلَهِكُمْ، وَآثَامُكُمْ حَجَبَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ، فَلَمْ يَسْمَعْ، لأَنَّ أَيْدِيَكُمْ تَلَوَّثَتْ بِالدَّمِ وَأَصَابِعَكُمْ بِالإِثْمِ، وَنَطَقَتْ شِفَاهُكُمْ بِالْكَذِبِ، وَلَهَجَتْ أَلْسِنَتُكُمْ بِالشَّرِّ. لَيْسَ بَيْنَكُمْ مَنْ يُطَالِبُ بِالْعَدْلِ، أَوْ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ. يَتَّكِلُونَ عَلَى الْبَاطِلِ وَيَتَفَوَّهُونَ بِالزُّورِ، يَحْبَلُونَ بِالْغِشِّ، وَيَلِدُونَ بِالإِثْمِ. يَفْقِسُونَ بَيْضَ أَفْعَى، وَيَنْسِجُونَ خُيُوطَ الْعَنْكَبُوتِ. مَنْ يَأْكُلُ مِنْ بَيْضِهِمْ يَمُوتُ، وَمِنَ الْبَيْضَةِ الْمَكْسُورَةِ تَخْرُجُ حَيَّةٌ. لَا تَصْلُحُ خُيُوطُهُمْ لِنَسِيجِ الثِّيَابِ، وَلا يَكْتَسُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ هِيَ أَعْمَالُ إِثْمٍ، وَأَفْعَالُ الظُّلْمِ قَدِ ارْتَكَبَتْهَا أَيْدِيهِمْ. تُسْرِعُ أَرْجُلُهُمْ لاِقْتِرَافِ الشَّرِّ، وَيُهَرْوِلُونَ لِسَفْكِ دَمِ الْبَرِيءِ، أَفْكَارُهُمْ أَفْكَارٌ أَثِيمَةٌ، وَفِي طُرُقِهِمْ دَمَارٌ وَخَرَابٌ، لَمْ يَعْرِفُوا سَبِيلَ السَّلامِ، وَلا عَدْلَ فِي مَسَالِكِهِمْ. عَوَّجُوا طُرُقَهُمْ، وَالسَّالِكُ فِيهَا لَا يَعْرِفُ سَلاماً.

الْحَقُّ ابْتَعَدَ عَنَّا، وَلَمْ يُدْرِكْنَا الْعَدْلُ. نَرْتَقِبُ نُوراً، فَيُحْدِقُ بِنَا الظَّلامُ، وَنَنْشُدُ ضَوْءاً فَنَسْلُكُ فِي الْعَتْمَةِ. 10 نَتَحَسَّسُ الْحَائِطَ كَالأَعْمَى، وَنَتَلَمَّسُ كَالْمَكْفُوفِ، نَتَعَثَّرُ فِي الظَّهِيرَةِ كَمَا لَوْ كُنَّا نَسِيرُ فِي عَتْمَةِ اللَّيْلِ وَنَكُونُ كَالأَمْوَاتِ بَيْنَ الْمُتَدَفِّقِينَ بِالْحَيَاةِ. 11 كُلُّنَا نُزَمْجِرُ كَالدِّبَبَةِ، وَنَنُوحُ كَالْحَمَامِ. نَبْحَثُ عَنِ الْعَدْلِ فَلا نَجِدُهُ، وَعَنِ الْخَلاصِ وَإذَا بِهِ قَدِ ابْتَعَدَ عَنَّا، 12 لأَنَّ مَعَاصِيَنَا كَثُرَتْ أَمَامَكَ، وَآثَامَنَا تَشْهَدُ عَلَيْنَا. فَمَعَاصِينَا مَعَنَا، وَذُنُوبُنَا نَعْرِفُهَا. 13 تَمَرَّدْنَا وَتَنَكَّرْنَا لِلرَّبِّ. ارْتَدَدْنَا عَنِ اتِّبَاعِ طُرُقِ إِلَهِنَا، تَفَوَّهْنَا بِالظُّلْمِ وَالْعِصْيَانِ افْتِرَاءً، وَبِكَلامِ زُورٍ مِنَ الْقَلْبِ. 14 قَدِ ارْتَدَّ عَنَّا الإِنْصَافُ، وَوَقَفَ الْعَدْلُ بَعِيداً، إِذْ سَقَطَ الْحَقُّ صَرِيعاً فِي الشَّوَارِعِ، وَالْبِرُّ لَمْ يَسْتَطِعِ الدُّخُولَ. 15 أَضْحَى الْحَقُّ مَفْقُوداً، وَالْحَائِدُ عَنِ الشَّرِّ ضَحِيَّةً. رَأَى الرَّبُّ ذَلِكَ فَأَسْخَطَهُ فُقْدَانُ الإِنْصَافِ.

16 وَإِذْ لَمْ يَجِدْ إِنْسَاناً يَنْتَصِرُ لِلْحَقِّ، وَأَدْهَشَهُ أَنْ لَا يَرَى شَفِيعاً، أَحْرَزَتْ لَهُ ذِرَاعُهُ انْتِصَاراً، وَعَضَدَهُ بِرُّهُ. 17 فَتَدَرَّعَ بِالْبِرِّ وَارْتَدَى عَلَى رَأْسِهِ خُوذَةَ الْخَلاصِ، وَاكْتَسَى بِثِيَابِ الانْتِقَامِ، وَالْتَفَّ بِعَبَاءَةِ الْغَضَبِ. 18 فَهُوَ يُجَازِيهِمْ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِهِمْ. يُجَازِي أَعْدَاءَهُ، وَيُعَاقِبُ خُصُومَهُ، وَيُنْزِلُ الْقَصَاصَ بِالْجَزَائِرِ، 19 فَيَتَّقُونَ مِنَ الْمَغْرِبِ اسْمَ الرَّبِّ، وَمِنَ الْمَشْرِقِ يَخْشَوْنَ مَجْدَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ سَيَأْتِي الْعَدُوُّ كَنَهْرٍ مُتَدَفِّقٍ فَتَدْفَعُهُ رِيحُ الرَّبِّ.

20 وَيُقْبِلُ الْفَادِي إِلَى صِهْيَوْنَ، وَإِلَى التَّائِبِينَ عَنْ مَعَاصِيهِمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ يَعْقُوبَ، يَقُولُ الرَّبُّ. 21 أَمَّا أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، فَهَذَا عَهْدِي مَعَهُمْ: إِنَّ رُوحِي الْحَالَّ عَلَيْكَ وَكَلامِي الَّذِي لَقَّنْتُكَ إِيَّاهُ، لَا يَزُولُ مِنْ فَمِكَ أَوْ مِنْ فَمِ أَبْنَائِكَ أَوْ أَحْفَادِكَ، مِنَ الآنَ وَإِلَى الأَبَدِ.

المجد المنتظر

60 قُومِي اسْتَضِيئِي، فَإِنَّ نُورَكِ قَدْ جَاءَ، وَمَجْدَ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. هَا إِنَّ الظُّلْمَةَ تَغْمُرُ الأَرْضَ، وَاللَّيْلَ الدَّامِسَ يَكْتَنِفُ الشُّعُوبَ، وَلَكِنَّ الرَّبَّ يُشْرِقُ عَلَيْكِ، وَيَتَجَلَّى مَجْدُهُ حَوْلَكِ، فَتُقْبِلُ الأُمَمُ إِلَى نُورِكِ، وَتَتَوَافَدُ الْمُلُوكُ إِلَى إِشْرَاقِ ضِيَائِكِ. تَأَمَّلِي حَوْلَكِ وَانْظُرِي، فَهَا هُمْ جَمِيعاً قَدِ اجْتَمَعُوا، وَأَتَوْا إِلَيْكِ. يَجِيءُ أَبْنَاؤُكِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَذْرُعِ. عِنْدَئِذٍ تَنْظُرِينَ وَتَتَهَلَّلِينَ، وَتَطْغَى الإِثَارَةُ عَلَى قَلْبِكِ، وَتَمْتَلِئِينَ فَرَحاً لأَنَّ ثَرْوَاتِ الْبَحْرِ تَتَحَوَّلُ إِلَيْكِ وَغِنَى الأُمَمِ يَتَدَفَّقُ عَلَيْكِ. تَكْتَظُّ أَرْضُكِ بِكَثْرَةِ الإِبِلِ. مِنْ أَرْضِ مِدْيَانَ وَعِيفَةَ تَغْشَاكِ بَوَاكِيرُ، تَتَقَاطَرُ إِلَيْكِ مِنْ شَبَا مُحَمَّلَةً بِالذَّهَبِ وَاللُّبَانِ وَتُذِيعُ تَسْبِيحَ الرَّبِّ. جَمِيعُ قُطْعَانِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ، وَكِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدُمُكِ، تُقَدِّمُ قَرَابِينَ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، وَأُمَجِّدُ بَيْتِي الْبَهِيَّ.

مَنْ هُؤُلاءِ الطَّائِرُونَ كَالسَّحَابِ وَكَالْحَمَامِ إِلَى أَعْشَاشِهَا؟ فَالْجَزَائِرُ تَنْتَظِرُنِي، وَفِي الطَّلِيعَةِ سُفُنُ تَرْشِيشَ حَامِلَةٌ أَبْنَاءَكِ لِتَأْتِيَ بِهِمْ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، وَمَعَهُمْ فِضَّتُهُمْ وَذَهَبُهُمْ، تَكْرِيماً لاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكِ وَلِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَجَّدَكِ.

10 يُعَمِّرُ الْغُرَبَاءُ أَسْوَارَكِ، وَيَخْدُمُكِ مُلُوكُهُمْ، لأَنِّي فِي غَضَبِي عَاقَبْتُكِ، وَفِي رِضَايَ رَحَمْتُكِ. 11 تَنْفَتِحُ أَبْوَابُكِ دَائِماً وَلا تُوْصَدُ لَيْلَ نَهَارَ، لِيَحْمِلَ إِلَيْكِ النَّاسُ ثَرْوَةَ الأُمَمِ، وَفِي مَوْكِبٍ يُسَاقُ إِلَيْكِ مُلُوكُهُمْ، 12 لأَنَّ الأُمَّةَ وَالْمَمْلَكَةَ الَّتِي لَا تَخْضَعُ لَكِ تَهْلِكُ، وَهَذِهِ الشُّعُوبُ تَتَعَرَّضُ لِلْخَرَابِ السَّاحِقِ. 13 يَأْتِي إِلَيْكِ مَجْدُ لُبْنَانَ بِسَرْوِهِ وَسِنْدِيَانِهِ وَشِرْبِينِهِ لِتَزْيِينِ مَوْضِعِ مَقْدِسِي، فَأَجْعَلُ مَوْطِئَ قَدَمَيَّ مَجِيداً.

14 وَيُقْبِلُ إِلَيْكِ أَبْنَاءُ مُضَايِقِيكِ خَاضِعِينَ، وَكُلُّ الَّذِينَ احْتَقَرُوكِ يَنْحَنُونَ عِنْدَ قَدَمَيْكِ، وَيَدْعُونَكِ مَدِينَةَ الرَّبِّ، صِهْيَوْنَ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ. 15 وَبَعْدَ أَنْ كُنْتِ مَهْجُورَةً مَمْقُوتَةً لَا يَعْبُرُ بِكِ أَحَدٌ، سَأَجْعَلُكِ بَهِيَّةً إِلَى الأَبَدِ، وَفَرَحَ كُلِّ الأَجْيَالِ، 16 وَتَشْرَبِينَ لَبَنَ الأُمَمِ، وَتَرْضَعِينَ ثُدِيَّ الْمُلُوكِ، وَتُدْرِكِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُخَلِّصُكِ وَفَادِيكِ عَزِيزُ يَعْقُوبَ. 17 وَعِوَضاً عَنِ النُّحَاسِ أَجْلِبُ لَكِ الذَّهَبَ، وَبَدَلَ الْحَدِيدِ آتِي لَكِ بِالْفِضَّةِ، وَعِوَضَ الْخَشَبِ نُحَاساً، وَبَدَلَ الْحِجَارَةِ حَدِيداً، وَأَجْعَلُ وُلاتَكِ مَصْدَرَ سَلامٍ، وَمُسَخِّرِيكِ يَعَامِلُونَكِ بِالْعَدْلِ.

18 وَلا يُسْمَعُ بِظُلْمٍ فِي أَرْضِكِ، وَلا بِدَمَارٍ أَوْ خَرَابٍ دَاخِلَ تُخُومِكِ، وَتَدْعِينَ أَسْوَارَكِ خَلاصاً، وَبَوَّابَاتِكِ تَسَابِيحَ. 19 وَلا تَعُودُ الشَّمْسُ نُوراً لَكِ فِي النَّهَارِ وَلا يُشْرِقُ ضَوْءُ الْقَمَرِ عَلَيْكِ لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ نُورَكِ الأَبَدِيَّ، وَإِلَهُكِ يَكُونُ مَجْدَكِ. 20 وَلا تَغْرُبُ شَمْسُكِ مِنْ بَعْدُ، وَلا يَتَضَاءَلُ قَمَرُكِ، لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ نُورَكِ الأَبَدِيَّ، وَتَنْقَضِي أَيَّامُ مَنَاحَتِكِ. 21 وَيَكُونُ شَعْبُكِ جَمِيعاً أَبْرَاراً وَيَرِثُونَ الأَرْضَ إِلَى الأَبَدِ، فَهُمْ غُصْنُ غَرْسِي وَعَمَلُ يَدَيَّ لأَتَمَجَّدَ. 22 وَيَضْحَى أَقَلُّهُمْ أَلْفاً، وَأَصْغَرُهُمْ أُمَّةً قَوِيَّةً، أَنَا الرَّبُّ أُسْرِعُ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ فِي حِينِهِ.

سنة الرب المقبولة

61 رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأُضَمِّدَ جِرَاحَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالعِتْقِ وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالْحُرِّيَّةِ، لأُعْلِنَ سَنَةَ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةَ، وَيَوْمَ انْتِقَامٍ لإِلَهِنَا، لأُعَزِّيَ جَمِيعَ النَّائِحِينَ. لأَمْنَحَ نَائِحِي صِهْيَوْنَ تَاجَ جَمَالٍ بَدَلَ الرَّمَادِ، وَدُهْنَ السُّرُورِ بَدَلَ النَّوْحِ، وَرِدَاءَ تَسْبِيحٍ بَدَلَ الرُّوحِ الْيَائِسَةِ، فَيُدْعَوْنَ أَشْجَارَ الْبِرِّ وَغَرْسَ الرَّبِّ لِكَيْ يَتَمَجَّدَ.

فَيُعَمِّرُونَ الْخَرَائِبَ الْقَدِيمَةَ، وَيَبْنُونَ الدَّمَارَ الْغَابِرَ، وَيُرَمِّمُونَ الْمُدُنَ الْمُتَهَدِّمَةَ، وَالْخِرَبَ الَّتِي انْقَضَتْ عَلَيْهَا أَجْيَالٌ. وَيَقُومُ الْغُرَبَاءُ عَلَى رِعَايَةِ قُطْعَانِكُمْ، وَأَبْنَاءُ الأَجَانِبِ يَكُونُونَ لَكُمْ حُرَّاثاً وَكَرَّامِينَ. أَمَّا أَنْتُمْ فَتُدْعَوْنَ كَهَنَةَ الرَّبِّ، وَيُسَمِّيكُمُ النَّاسُ خُدَّامَ إِلَهِنَا، فَتَأْكُلُونَ ثَرْوَةَ الأُمَمِ وَتَتَعَظَّمُونَ بِغِنَاهُمْ.

وَعِوَضاً عَنْ عَارِكُمْ تَنَالُونَ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَعِوَضاً عَنِ الْهَوَانِ تَبْتَهِجُونَ بِنَصِيبِكُمْ، لِهَذَا تَمْلِكُونَ فِي أَرْضِكُمْ نَصِيبَيْنِ، وَيَكُونُ فَرَحُكُمْ أَبَدِيًّا. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ أُحِبُّ الْعَدْلَ وَأَمْقُتُ الاخْتِلاسَ وَالظُّلْمَ، وَأُكَافِئُهُمْ بِأَمَانَةٍ، وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْداً أَبَدِيًّا. وَتَشْتَهِرُ ذُرِّيَّتُهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ، وَنَسْلُهُمْ وَسَطَ الشُّعُوبِ، وَكُلُّ مَنْ يَرَاهُمْ يَعْرِفُهُمْ، وَيُقِرُّ أَنَّهُمْ شَعْبٌ بَارَكَهُ الرَّبُّ.

10 إِنَّنِي أَبْتَهِجُ حَقّاً بِالرَّبِّ وَتَفْرَحُ نَفْسِي بِإِلَهِي، لأَنَّهُ كَسَانِي ثِيَابَ الْخَلاصِ وَسَرْبَلَنِي بِرِدَاءِ الْبِرِّ، مِثْلَ عَرِيسٍ يُزَيِّنُ رَأْسَهُ بِتَاجٍ، وَكَعَرُوسٍ تَتَجَمَّلُ بِحُلِيِّهَا. 11 لأَنَّهُ كَمَا تُنْبِتُ الأَرْضُ مَزْرُوعَاتِهَا، وَالْحَدِيقَةُ تُخْرِجُ نَبَاتَاتِهَا الَّتِي زُرِعَتْ فِيهَا، هَكَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ يَجْعَلُ الْبِرَّ وَالتَّسْبِيحَ يَنْبُتَانِ أَمَامَ جَمِيعِ الأُمَمِ.

اسم جديد لصهيون

62 إِكْرَاماً لِصِهْيَوْنَ لَا أَصْمُتُ، وَمِنْ أَجْلِ أُورُشَلِيمَ لَا أَسْتَكِينُ حَتَّى يَتَجَلَّى كَضِيَاءٍ بِرُّهَا وَخَلاصُهَا كَمِشْعَلٍ مُتَوَهِّجٍ، فَتَرَى الأُمَمُ بِرَّكِ وَكُلُّ الْمُلُوكِ مَجْدَكِ، وَتُدْعَيْنَ بِاسْمٍ جَدِيدٍ يُطْلِقُهُ عَلَيْكِ فَمُ الرَّبِّ. وَتَكُونِينَ تَاجَ جَمَالٍ فِي يَدِ الرَّبِّ، وَإِكْلِيلاً مَلَكِيًّا فِي كَفِّ إِلَهِكِ. وَلا تَعُودِينَ تُدْعَيْنَ بِالْمَهْجُورَةِ، وَلا يُقَالُ لأَرْضِكِ مِنْ بَعْدُ خَرِبَةً، بَلْ تُدْعَيْنَ «حَفْصِيبَةَ» (أَيْ مَسَرَّتِي بِها)، وَأَرْضُكِ تُدْعَى ذَاتَ بَعْلٍ، لأَنَّ الرَّبَّ يُسَرُّ بِكِ، وَأَرْضُكِ تُصْبِحُ ذَاتَ بَعْلٍ. فَكَمَا يَتَزَوَّجُ الشَّابُ عَذْرَاءَ هَكَذَا يَتَزَوَّجُكِ أَبْنَاؤُكِ، وَكَمَا يَفْرَحُ الْعَرِيسُ بِعَرُوسِهِ هَكَذَا يَبْتَهِجُ الرَّبُّ بِكِ.

عَلَى أَسْوَارِكِ يَا أُورُشَلِيمُ أَقَمْتُ حُرَّاساً يَبْتَهِلُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً. يَا ذَاكِرِي الرَّبِّ لَا تَكُفُّوا. وَلا تَدَعُوهُ يَسْتَكِينُ حَتَّى يُعِيدَ تَأْسِيسَ أُورُشَلِيمَ وَيَجْعَلَهَا مَفْخَرَةَ الأَرْضِ. قَدْ أَقْسَمَ الرَّبُّ بِيَمِينِهِ وَبِذِرَاعِهِ الْقَدِيرَةِ قَائِلاً: لَنْ أُعْطِيَ حِنْطَتَكِ مِنْ بَعْدُ طَعَاماً لأَعْدَائِكِ، وَلَنْ يَشْرَبَ الْغُرَبَاءُ خَمْرَكِ الَّتِي تَعِبْتِ فِيهَا، بَلْ يَأْكُلُهَا الَّذِينَ تَكَبَّدُوا مَشَقَّةَ زَرْعِهَا، وَيَحْمَدُونَ اللهَ. وَالَّذِينَ جَنَوْا الْكَرْمَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فِي سَاحَاتِ مَقْدِسِي.

10 اُعْبُرُوا بِالأَبْوَابِ، وَأَعِدُّوا طَرِيقاً لِلشَّعْبِ. عَبِّدُوا السَّبِيلَ، وَنَقُّوهُ مِنَ الْحِجَارَةِ، ارْفَعُوا رَايَةً لِلشَّعْبِ. 11 الرَّبُّ قَدْ أَذَاعَ فِي كُلِّ أَقَاصِيِ الأَرْضِ: قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ قَدْ أَقْبَلَ مُخَلِّصُكِ. هَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَجَزَاؤُهُ يَتَقَدَّمُهُ. 12 وَيَدْعُونَهُ شَعْباً مُقَدَّساً، مَفْدِيِّي الرَّبِّ. وَأَنْتِ تُدْعَيْنَ «الْمَطْلُوبَةَ» وَالْمَدِينَةَ غَيْرَ الْمَهْجُورَةِ.

يوم انتقام الرب وفدائه

63 مَنْ هَذَا الْمُقْبِلُ مِنْ أَدُومَ، بِثِيَابٍ حَمْرَاءَ مِنْ بُصْرَةَ؛ هَذَا الْمُتَسَرْبِلُ بِالْبَهَاءِ. السَّائِرُ بِخُيَلاءِ قُوَّتِهِ؟ إِنَّهُ أَنَا الرَّبُّ النَّاطِقُ بِالْبِرِّ، الْعَظِيمُ لِلْخَلاصِ. مَا بَالُ رِدَائِكَ أَحْمَرُ وَثِيَابِكَ كَمَنْ دَاسَ عِنَبَ الْمِعْصَرَةِ؟ لَقَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَلَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ مِنَ الشُّعُوبِ. قَدْ دُسْتُهُمْ فِي سَخَطِي وَوَطِئْتُهُمْ فِي غَيْظِي، فَتَنَاثَرَ دَمُهُمْ عَلَى رِدَائِي وَلَطَخْتُ ثِيَابِي. لأَنَّ يَوْمَ الانْتِقَامِ كَانَ كَامِناً فِي قَلْبِي، وَسَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قَدْ أَتَتْ. تَلَفَّتُّ فَلَمْ أَعْثُرْ عَلَى مُعِينٍ، وَعَجِبْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاصِرٍ، فَانْتَصَرْتُ بِقُوَّةِ ذِرَاعِي، وَتَأَيَّدْتُ بِنَجْدَةِ سَخَطِي، فَدُسْتُ الشُّعُوبَ فِي غَيْظِي، وَأَسْكَرْتُهُمْ فِي غَضَبِي، وَسَكَبْتُ دِمَاءَهُمْ فَوْقَ الأَرْضِ.

تسبيح وصلاة

أَلْهَجُ بِرَأْفَاتِ الرَّبِّ وَتَسَابِيحِهِ وَإحْسَانَاتِهِ الَّتِي أَغْدَقَهَا عَلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بِفَضْلِ خَيْرِهِ وَرَحْمَتِهِ. لأَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُمْ حَقّاً شَعْبِي وَأَبْنَاءُ أَوْفِيَاءُ، لَنْ يَعُودُوا لِلْبَاطِلِ، فَخَلَّصَهُمْ. تَضَايَقَ فِي كُلِّ ضِيقَاتِهِمْ، وَمَلاكُ حَضْرَتِهِ أَنْقَذَهُمْ، وَبِفَضْلِ مَحَبَّتِهِ وَحَنَانِهِ افْتَدَاهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ طَوَالَ الأَيَّامِ الْغَابِرَةِ.

10 لَكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَهُ فَاسْتَحَالَ إِلَى عَدُوٍّ لَهُمْ وَحَارَبَهُمْ بِنَفْسِهِ. 11 ثُمَّ تَذَكَّرُوا الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ، أَيَّامَ مُوسَى عَبْدِهِ وَتَسَاءَلُوا: أَيْنَ مَنْ أَصْعَدَنَا مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي قَطِيعِهِ؟ أَيْنَ مَنْ أَقَامَ رُوحَهُ الْقُدُّوسَ فِي وَسَطِنَا؟ 12 مَنْ جَعَلَ ذِرَاعَ قُوَّتِهِ الْمَجِيدَةِ تَسِيرُ إِلَى يَمِينِ مُوسَى؟ مَنْ شَقَّ مِيَاهَ الْبَحْرِ أَمَامَنَا لِيَكْتَسِبَ اسْماً أَبَدِيًّا؟ 13 مَنِ اقْتَادَنَا فِي اللُّجَجِ؟ فَسِرْنَا كَفَرَسٍ فِي الْبَرِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَعْثُرَ؟ 14 كَقَطِيعٍ مُنْحَدِرٍ إِلَى وَادٍ، أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ رُوحُ الرَّبِّ بِالرَّاحَةِ، هَكَذَا هَدَيْتَ شَعْبَكَ لِتَصْنَعَ لِنَفْسِكَ اسْماً مَجِيداً.

15 تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاءِ وَانْظُرْ مِنْ مَسْكَنِكَ الْمُقَدَّسِ وَالْمَجِيدِ. أَيْنَ غَيْرَتُكَ وَاقْتِدَارُكَ؟ قَدِ امْتَنَعَ عَنِّي لَهِيبُ أَشْوَاقِكَ وَإِحْسَانَاتِكَ. 16 فَأَنْتَ هُوَ أَبُونَا، مَعَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَا يَعْرِفُنَا، وَإِسْرَائِيلَ لَا يَعْتَرِفُ بِنَا، فَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ، هُوَ أَبُونَا، وَاسْمُكَ فَادِينَا مُنْذُ الْقَدِيمِ.

17 لِمَاذَا يَا رَبُّ تَرَكْتَنَا نَضِلُّ عَنْ طُرُقِكَ وَقَسَّيْتَ قُلُوبَنَا حَتَّى لَمْ نَعُدْ نَتَّقِيكَ؟ ارْجِعْ إِلَيْنَا مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ، أَسْبَاطِ مِيرَاثِكَ. 18 قَدْ دَاسَ أَعْدَاؤُنَا هَيْكَلَكَ الَّذِي امْتَلَكَهُ شَعْبُكَ الْمُقَدَّسُ زَمَناً يَسِيراً، 19 وَأَصْبَحْنَا نَظِيرَ الَّذِينَ لَمْ تَتَسَلَّطْ عَلَيْهِمْ قَطُّ وَلَمْ يُدْعَ عَلَيْهِمْ بِاسْمِكَ.