الله يدعو إرميا

هَذِهِ نُبُوءَةُ إِرْمِيَا بْنِ حَلْقِيَّا أَحَدِ الْكَهَنَةِ الْمُقِيمِينَ فِي عَنَاثُوثَ بِأَرْضِ سِبْطِ بِنْيَامِينَ. وَقَدْ أَعْلَنَ الرَّبُّ لَهُ هَذِهِ النُّبُوءَةَ فِي عَهْدِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا، فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مِنْ مُلْكِهِ. وَذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ حِقْبَةِ حُكْمِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا وَحَتَّى نِهَايَةِ الشَّهْرِ الْخَامِسِ مِنَ السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ مِنْ وِلايَةِ صِدْقِيَّا بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، الَّذِي فِيهِ تَمَّ سَبْيُ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ.

فَأَوْحَى الرَّبُّ إِلَيَّ قَائِلاً: «قَبْلَمَا شَكَّلْتُكَ فِي أَحْشَاءِ أُمِّكَ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا وُلِدْتَ أَفْرَزْتُكَ، وَأَقَمْتُكَ نَبِيًّا لِلأُمَمِ». فَقُلْتُ: «آهِ، أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ إِنِّي لَا أَعْرِفُ مَاذَا أَقُولُ، لأَنِّي مَازِلْتُ وَلَداً» وَلَكِنَّ الرَّبَّ أَجَابَنِي: «لا تَقُلْ إِنِّي لَسْتُ سِوَى وَلَدٍ، لأَنَّكَ سَتَذْهَبُ إِلَى كُلِّ مَنْ أَبْعَثُ بِكَ إِلَيْهِ، وَتَنْطِقُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ. لَا تَخَفْ مِنْ حَضْرَتِهِمْ لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ». ثُمَّ مَدَّ الرَّبُّ يَدَهُ وَلَمَسَ فَمِي وَقَالَ: «هَا أَنَا أَضَعُ كَلِمَاتِي فِي فَمِكَ. 10 انْظُرْ، هَا أَنَا قَدْ وَلَّيْتُكَ عَلَى أُمَمٍ وَشُعُوبٍ لِتَسْتَأْصِلَ وَتَهْدِمَ وَتُبَدِّدَ وَتَقْلِبَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِسَ».

11 وَسَأَلَنِي الرَّبُّ: «مَاذَا تَرَى يَا إِرْمِيَا؟» فَأَجَبْتُ: «أَرَى غُصْنَ لَوْزٍ». 12 فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «قَدْ أَحْسَنْتَ الرُّؤْيَةَ، لأَنِّي سَاهِرٌ عَلَى كَلِمَتِي لأُتَمِّمَهَا». 13 وَعَادَ الرَّبُّ يَسْأَلُنِي مَرَّةً أُخْرَى: «مَاذَا تَرَى؟» فَأَجَبْتُ: «أَرَى قِدْراً تَغْلِي، وَوَجْهُهَا مُتَحَوِّلٌ عَنِ الشِّمَالِ نَحْوَ الْجَنُوبِ».

14 فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «مِنَ الشِّمَالِ يَكُونُ تَدَفُّقُ الشَّرِّ عَلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ. 15 لأَنِّي هَا أَنَا دَاعٍ جَمِيعَ عَشَائِرِ الْمَمَالِكِ الشِّمَالِيَّةِ لِيَأْتُوا، فَيَنْصِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَرْشَهُ عِنْدَ مَدْخَلِ بَوَّابَاتِ مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ وَعَلَى جَمِيعِ أَسْوَارِهَا الْمُحِيطَةِ بِها وَعَلَى جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا. 16 وَأُصْدِرُ عَلَيْهِمْ حُكْمَ قَضَائِي مِنْ أَجْلِ كُلِّ شَرِّهِمْ لأَنَّهُمْ تَرَكُونِي، وَأَحْرَقُوا بَخُوراً لِآلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدُوا صَنْعَةَ أَيْدِيهِمْ.

17 أَمَّا أَنْتَ فَتَأَهَّبْ، وَقُمْ وَكَلِّمْهُمْ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ. لَا تَخَفْ مِنْ حَضْرَتِهِمْ لِئَلَّا أُفْزِعَكَ أَمَامَهُمْ. 18 انْظُرْ، هَا أَنَا قَدْ جَعَلْتُكَ الْيَوْمَ قَوِيًّا كَمَدِينَةٍ حَصِينَةٍ، وَكَعَمُودٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَكَأَسْوَارٍ مِنْ نُحَاسٍ، لِتُجَابِهَ كُلَّ أَهْلِ الأَرْضِ، وَمُلُوكَ يَهُوذَا وَأُمَرَاءَهَا وَكَهَنَتَهَا وَشَعْبَ الْبِلادِ، 19 فَيُحَارِبُونَكَ وَلَكِنْ لَا يَقْهَرُونَكَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ يَقُولُ الرَّبُّ».

خيانة بني إسرائيل

وَقَالَ لِي الرَّبُّ: «امْضِ وَأَعْلِنْ فِي مَسَامِعِ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ هَاتِفاً: هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: قَدْ ذَكَرْتُ لَكِ وَلاءَ صِبَاكِ، وَمَحَبَّتَكِ كَعَرُوسٍ لِي، وَكَيْفَ تَبِعْتِنِي فِي الْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضٍ لَا زَرْعَ فِيهَا. كَانَ إِسْرَائِيلُ مُقَدَّساً لِلرَّبِّ وَبَاكُورَةَ غَلَّتِهِ، وَكُلُّ مَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ، يَرْتَكِبُ إِثْماً وَيَحُلُّ بِهِ شَرٌّ.

اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا ذُرِّيَّةَ يَعْقُوبَ، وَيَا جَمِيعَ عَشَائِرِ إِسْرَائِيلَ: أَيُّ خَطَإٍ وَجَدَهُ فِيَّ آبَاؤُكُمْ حَتَّى نَبَذُونِي وَضَلُّوا وَرَاءَ الْبَاطِلِ وَصَارُوا بَاطِلاً؟ لَمْ يَسْأَلُوا: أَيْنَ الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنْ مِصْرَ وَقَادَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ، فِي أَرْضِ مَتَاهَاتٍ وَحُفَرٍ، فِي أَرْضِ قَفْرٍ جَدْبَاءَ، فِي أَرْضِ ظِلالِ الْمَوْتِ، مَا اجْتَازَهَا أَحَدٌ وَلا أَقَامَ فِيهَا بَشَرٌ؟ وَأَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى أَرْضِ خَيْرَاتٍ لِتَسْتَمْتِعُوا بِأَكْلِ ثِمَارِهَا وَطَيِّبَاتِهَا. وَلَكِنَّكُمْ عِنْدَمَا دَخَلْتُمُوهَا نَجَّسْتُمْ أَرْضِي وَجَعَلْتُمْ مِيَراثِي رِجْساً. إِنَّ الْكَهَنَةَ لَمْ يَسْأَلُوا: أَيْنَ الرَّبُّ؟ وَأَهْلَ الشَّرِيعَةِ لَمْ يَعْرِفُونِي، وَحُكَّامَ الشَّعْبِ تَمَرَّدُوا عَلَيَّ، وَالأَنْبِيَاءَ تَنَبَّأُوا بِتَأْثِيرِ بَعْلٍ وَضَلُّوا وَرَاءَ مَا لَا جَدْوَى مِنْهُ.

لِذَلِكَ أُخَاصِمُكُمْ وَأُخَاصِمُ أَحْفَادَكُمْ يَقُولُ الرَّبُّ. 10 فَاعْبُرُوا إِلَى جَزِيرَةِ قُبْرُصَ وَالسَّوَاحِلِ الْغَرْبِيَّةِ، وَأَرْسِلُوا إِلَى قِيدَارَ، وَتَفَحَّصُوا جَيِّداً، وَانْظُرُوا: هَلْ جَرَى مِثْلُ هَذَا؟ 11 هَلِ اسْتَبْدَلَتْ أُمَّةٌ آلِهَتَهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ حَقّاً آلِهَةً؟ أَمَّا شَعْبِي فَاسْتَبْدَلَ مَجْدَهُ بِمَا لَا جَدْوَى مِنْهُ. 12 فَاذْهَلِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ، وَارْتَجِفِي وَارْتَعِدِي جِدّاً. 13 قَدِ ارْتَكَبَ شَعْبِي شَرَّيْنِ: نَبَذُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ، وَحَفَرُوا لأَنْفُسِهِمْ آبَاراً مُشَقَّقَةً لَا تَضْبُطُ مَاءً.

14 هَلْ إِسْرَائِيلُ عَبْدٌ، أَمْ وَلِيدُ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ؟ فَمَا بَالُهُ أَضْحَى نَهْباً؟ 15 قَدْ زَأَرَتِ الأُسُودُ عَلَيْهِ زَئِيراً مُدَوِّياً، وَجَعَلَتْ أَرْضَهُ خَرِبَةً. أُحْرِقَتْ مُدُنُهُ فَأَصْبَحَتْ مَهْجُورَةً. 16 كَذَلِكَ رِجَالُ مَمْفِيسَ وَتَحْفَنِيسَ حَطَّمُوا تَاجَ رَأْسِكِ. 17 أَلَسْتِ أَنْتِ الَّتِي جَلَبْتِ هَذَا الدَّمَارَ عَلَى نَفْسِكِ، لأَنَّكِ تَنَاسَيْتِ الرَّبَّ إِلَهَكِ حِينَ قَادَكِ فِي الطَّرِيقِ؟ 18 وَالآنَ مَا بَالُكِ تَتَوَجَّهِينَ صَوْبَ مِصْرَ لِشُرْبِ مِيَاهِ شِيحُورَ؟ وَمَا بَالُكِ تَقْصِدِينَ إِلَى أَشُورَ لِشُرْبِ مِيَاهِ الْفُرَاتِ؟ 19 إِنَّ شَرَّكِ يُقَرِّعُكِ، وَارتِدَادُكِ يُؤَنِّبُكِ. فَتَبَيَّنِي وَاعْلَمِي أَنَّ نَبْذَكِ لِلرَّبِّ إِلَهِكِ شَرٌّ وَمَرَارَةٌ، وَأَنَّكِ تَجَرَّدْتِ مِنْ مَهَابَتِي.

20 قَدْ حَطَّمْتِ نِيرَكِ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ، وَقَطَعْتِ قُيُودَكِ وَقُلْتِ: لَنْ أَتَعَبَّدَ لَكَ، وَصِرْتِ تَضْطَجِعِينَ كَزَانِيَةٍ فَوْقَ كُلِّ أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ (أَيْ عَبَدْتِ الأَوْثَانَ). 21 وَأَنَا غَرَسْتُكِ كَكَرْمَةٍ مُخْتَارَةٍ، وَمِنْ بُذُورٍ سَلِيمَةٍ كَامِلَةٍ، فَكَيْفَ تَحَوَّلْتِ إِلَى كَرْمَةٍ فَاسِدَةٍ غَرِيبَةٍ؟ 22 وَإِنِ اغْتَسَلْتِ بِالنَّطْرُونِ، وَأَكْثَرْتِ مِنِ اسْتِعْمَالِ الإِشْنَانِ (الصَّابُونِ)، فَإِنَّ لَطْخَةَ إِثْمِكِ تَظَلُّ مَاثِلَةً أَمَامِي. 23 كَيْفَ تَقُولِينَ: لَمْ أَتَدَنَّسْ وَلَمْ أَذْهَبْ وَرَاءَ الْبَعْلِ؟ تَأَمَّلِي فِي طَرِيقِكِ فِي وَادِي هِنُّومَ، وَاعْرِفِي مَا ارْتَكَبْتِ أَيَّتُهَا النَّاقَةُ الْجَامِحَةُ الْهَائِمَةُ فِي طُرُقِهَا بَحْثاً عَنْ جَمَلٍ. 24 أَنْتِ أَتَانُ فَرَا اعْتَادَتْ حَيَاةَ الْقَفْرِ، تَتَنَسَّمُ فِي شَهْوَتِهَا الْهَوَاءَ لَعَلَّهَا تَظْفَرُ بِرَائِحَةِ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ. وَمَنْ يَرُدُّهَا؟ لَا يَعْيَا طَالِبُوهَا لأَنَّهُمْ يَجِدُونَهَا حَاضِرَةً فِي مَوْسِمِ الْتَّزَاوُجِ. 25 صُونِي قَدَمَكِ مِنَ الْحَفَاءِ، وَحَلْقَكِ مِنَ الظَّمَأ، لَكِنَّكِ قُلْتِ: لَا جَدْوَى مِنَ الأَمْرِ، فَقَدْ أَحْبَبْتُ آلِهَةً غَرِيبَةً، وَسَأَسْعَى وَرَاءَهَا. 26 وَكَمَا يَعْتَرِي الْخِزْيُ السَّارِقَ حِينَ يُقْبَضُ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ اعْتَرَى الْخِزْيُ بَيْتَ يَعْقُوبَ: هُمْ وَمُلُوكَهُمْ، وَرُؤَسَاءَهُمْ، وَكَهَنَتَهُمْ وَأَنْبِيَاءَهُمْ. 27 إِذْ قَالُوا لِنُصُبِ الْخَشَبِ: أَنْتَ أَبِي، وَلِلْحَجَرِ الْمَنْحُوتِ صَنَماً: أَنْتَ أَنْجَبْتَنِي. وَوَلَّوْا أَدْبَارَهُمْ وَلَيْسَ وُجُوهَهُمْ نَحْوِي، وَفِي وَقْتِ بَلِيَّتِهِمِ اسْتَغَاثُوا بِي قَائِلِينَ: قُمْ وَأَنْقِذْنَا. 28 فَأَيْنَ إِذاً الآلِهَةُ الَّتِي صَنَعْتُمُوهَا لأَنْفُسِكُمْ؟ لِتَقُمْ إِنْ كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى إِنْقَاذِكُمْ فِي وَقْتِ ضِيقِكُمْ، لأَنَّ عَدَدَ آلِهَتِكُمْ يَا أَبْنَاءَ يَهُوذَا صَارَ كَعَدَدِ مُدُنِكُمْ.

29 لِمَاذَا تُخَاصِمُونَنِي وَأَنْتُمْ كُلُّكُمْ قَدْ تَمَرَّدْتُمْ عَلَيَّ؟ 30 عَبَثاً عَاقَبْتُ بَنِيكُمْ، فَهُمْ أَبَوْا التَّقْوِيمَ وَافْتَرَسَتْ سُيُوفُكُمْ أَنْبِيَاءَكُمْ كَأَسَدٍ كَاسِرٍ.

31 وَأَنْتَ أَيُّهَا الْجِيلُ، اسْمَعْ قَضَاءَ الرَّبِّ: أَكُنْتُ صَحْرَاءَ لإِسْرَائِيلَ أَوْ أَرْضَ ظَلامٍ دَامِسٍ؟ إِذاً لِمَاذَا يَقُولُ شَعْبِي: نَحْنُ طَلِيقُونَ نَسْعَى حَيْثُ شِئْنَا، وَلَنْ نُقْبِلَ إِلَيْكَ بَعْدُ؟ 32 هَلْ تَنْسَى عَذْرَاءُ زِينَتَهَا؟ أَوْ عَرُوسٌ حُلِيَّ زَفَافِهَا؟ لَكِنَّ شَعْبِي نَسِيَنِي أَيَّاماً لَا تُحْصَى. 33 لَكَمْ بَرَعْتُمْ فِي تَمْهِيدِ طُرُقِكُمْ طَلَباً لِلشَّهَوَاتِ، فَعَلَّمْتُمْ أَسَالِيبَكُمْ حَتَّى لِلشِّرِّيرَاتِ. 34 فَوُجِدَ فِي أَذْيَالِكُمْ أَيْضاً دَمُ الْمَسَاكِينِ الأَبْرِيَاءِ الَّذِينَ لَمْ تَقْبِضُوا عَلَيْهِمْ مُتَلَبِّسِينَ بِجَرِيمَةِ الاقْتِحَامِ. وَمَعَ كُلِّ ذَلِكَ 35 تَقُولُونَ: نَحْنُ أَبْرِيَاءُ، فَلِذَلِكَ قَدْ تَحَوَّلَ عَنَّا غَضَبُ الرَّبِّ. غَيْرَ أَنِّي سَأَدِينُكُمْ لِقَوْلِكُمْ إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ. 36 لِمَاذَا تَتَهَافَتُونَ عَلَى تَغْيِيرِ اتِّجَاهِكُمْ؟ سَتُلْحِقُ بِكُمْ مِصْرُ الْخِزْيَ كَمَا أَلْحَقَهُ بِكُمُ الأَشُورِيُّونَ. 37 مِنْ هُنَاكَ تَخْرُجُونَ أَيْضاً وَأَيْدِيكُمْ تُغَطِّي رُؤُوسَكُمْ خَجَلاً، لأَنَّ الرَّبَّ رَفَضَ الَّذِينَ وَثِقْتُمْ بِهِمْ، وَلَنْ يُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ نَجَاحٌ.

قِيلَ: إِنْ طَلَّقَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ فَانْصَرَفَتْ مِنْ عِنْدِهِ، وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ، فَهَلْ يَرْجِعُ إِلَيْهَا زَوْجُهَا الأَوَّلُ؟ أَلا تَتَدَنَّسُ تِلْكَ الزَّوْجَةُ أَشَدَّ تَدَنُّسٍ؟ أَمَّا أَنْتَ يَا شَعْبَ اللهِ فَقَدْ زَنَيْتَ مَعَ عُشَّاقٍ كَثِيرِينَ، فَهَلَّا تَرْجِعُ إِلَيَّ؟ يَقُولُ الرَّبُّ. ارْفَعِي عَيْنَيْكِ إِلَى الْهِضَابِ وَتَأَمَّلِي، أَهُنَاكَ مَكَانٌ لَمْ تُضَاجِعِي (أَيْ لَمْ تَعْبُدِي فِيهِ الأَوْثَانَ)؟ قَدْ جَلَسْتِ لَهُمْ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ كَالأَعْرَابِيِّ فِي الْبَادِيَةِ وَدَنَّسْتِ الأَرْضَ بِزِنَاكِ وَعَهَارَتِكِ. لِذَلِكَ امْتَنَعَ عَنْكِ الْغَيْثُ، وَلَمْ تَهْطِلْ أَمْطَارُ الرَّبِيعِ، وَمَعَ ذَلِكَ صَارَتْ لَكِ جَبْهَةُ زَانِيَةٍ تَأْبَى أَنْ تَخْجَلَ. أَلَمْ تَدْعِينِي الآنَ قَائِلَةً: يَا أَبِي، أَنْتَ رَفِيقُ صِبَايَ؟ أَيَظَلُّ غَاضِباً دَائِماً؟ أَيَبْقَى سَاخِطاً إِلَى الأَبَدِ؟ انْظُرِي، هَذَا مَا نَطَقْتِ بِهِ، وَلَكِنَّكِ ارْتَكَبْتِ كُلَّ مَا اسْتَطَعْتِ مِنْ شَرٍّ».

إسرائيل الخائنة

وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ فِي أَيَّامِ حُكْمِ الْمَلِكِ يُوشِيَّا: «هَلْ شَاهَدْتَ مَا فَعَلَتِ الْخَائِنَةُ إِسْرَائِيلُ؟ كَيْفَ صَعِدَتْ إِلَى كُلِّ أَكَمَةٍ عَالِيَةٍ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ وَزَنَتْ هُنَاكَ (أَيْ عَبَدَتِ الأَوْثَانَ)؟ وَقُلْتُ بَعْدَ أَنِ ارْتَكَبَتْ كُلَّ هَذِهِ الْمُوبِقَاتِ، إِنَّهَا سَتَرْجِعُ إِلَيَّ، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَرْجِعْ. وَشَهِدَتْ هَذَا أُخْتُهَا الْغَادِرَةُ يَهُوذَا، وَرَأَتْ أَنِّي أَرْسَلْتُ كِتَابَ طَلاقٍ إِلَى الْغَادِرَةِ إِسْرَائِيلَ لِعَهْرِهَا فَلَمْ تَفْزَعْ أُخْتُهَا الْخَائِنَةُ يَهُوذَا بَلْ مَضَتْ هِيَ أَيْضاً وَزَنَتْ (أَيْ عَبَدَتِ الأَوْثَانَ). وَلأَنَّهَا اسْتَهَانَتْ بِالزِّنَى، فَقَدْ نَجَّسَتِ الأَرْضَ وَارْتَكَبَتِ الْفُجُورَ (أَيْ عَبَدَتِ الأَوْثَانَ) مَعَ الْحَجَرِ وَمَعَ الشَّجَرِ. 10 وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيَّ أُخْتُهَا الْخَائِنَةُ يَهُوذَا مِنْ كُلِّ قَلْبِهَا، إِنَّمَا تَظَاهَرَتْ بِذَلِكَ»، يَقُولُ الرَّبُّ. 11 وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «إِنَّ إِسْرَائِيلَ الْخَائِنَةَ قَدْ بَرَّرَتْ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنَ الْخَائِنَةِ يَهُوذَا.

12 فَاذْهَبْ وَأَعْلِنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ نَحْوَ الشِّمَالِ وَقُلْ: ارْجِعِي أَيَّتُهَا الْخَائِنَةُ إِسْرَائِيلُ، فَأَكُفَّ غَضَبِي عَنْكُمْ لأَنِّي رَحِيمٌ، وَلَنْ أَسْخَطَ عَلَيْكُمْ إِلَى الأَبَدِ. 13 إِنَّمَا اعْتَرِفِي بِإِثْمِكِ وَأَقِرِّي أَنَّكِ قَدْ تَمَرَّدْتِ عَلَى الرَّبِّ إِلَهِكِ، وَأَغْدَقْتِ غَرَامَكِ عَلَى الْغُرَبَاءِ تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، وَأَنَّكِ أَبَيْتِ طَاعَةَ صَوْتِي. 14 فَارْجِعُوا أَيُّهَا الأَبْنَاءُ الْغَادِرُونَ، لأَنِّي أَنَا سَيِّدُكُمْ، فَآخُذَكُمْ وَاحِداً مِنَ الْمَدِينَةِ وَاثْنَيْنِ مِنَ الْعَشِيرَةِ وَآتِيَ بِكُمْ إِلَى صِهْيَوْنَ، 15 وَأُقِيمَ عَلَيْكُمْ رُعَاةً يَحْظَوْنَ بِرِضَى قَلْبِي، فَيَرْعَوْنَكُمْ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْفِطْنَةِ. 16 وَحِينَ تَكْثُرُونَ وَتَمْلأُونَ الأَرْضَ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْأَلُوا بَعْدُ عَنْ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلَنْ يَخْطُرَ بِبَالِكُمْ وَلَنْ تَذْكُرُوهُ، وَلَنْ تَفْتَقِدُوهُ أَوْ تَسْعَوْا لِصُنْعِهِ ثَانِيَةً. 17 وَيَدْعُونَ فِي ذَلِكَ الْحِينِ مَدِينَةَ أُورُشَلِيمَ كُرْسِيَّ الرَّبِّ، وَتَجْتَمِعُ إِلَيْهَا كُلُّ الأُمَمِ لِلْمُثُولِ فِي حَضْرَةِ الرَّبِّ، وَلَنْ يَضِلُّوا وَرَاءَ عِنَادِ قُلُوبِهِمِ الشِّرِّيرَةِ. 18 وَتَنْضَمُّ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ذُرِّيَّةُ يَهُوذَا إِلَى ذُرِّيَّةِ إِسْرَائِيلَ وَيَأْتُونَ مَعاً مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ إِلَى الدِّيَارِ الَّتِي أَوْرَثْتُهَا لِآبَائِهِمْ. 19 وَلَكِنِّي قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَشَدَّ مَا يُسْعِدُنِي أَنْ أُقِيمَكِ بَيْنَ الأَبْنَاءِ وَأُوَرِّثَكِ أَرْضاً شَهِيَّةً هِيَ أَجْمَلُ مِيرَاثٍ بَيْنَ الأُمَمِ. وَفَكَّرْتُ أَنَّكِ تَدْعِينَنِي يَا أَبِي، وَلَنْ تَرْتَدِّي عَنِ اتِّبَاعِي.

20 حَقّاً يَا ذُرِّيَّةَ يَعْقُوبَ، قَدْ كُنْتُمْ غَيْرَ أُمَنَاءَ لِي، مِثْلَ زَوْجَةٍ غَادِرَةٍ تَخَلَّتْ عَنْ زَوْجِهَا».

21 تَرَدَّدَ صَوْتٌ فِي الْمَسَامِعِ مِنْ عَلَى الْهِضَابِ الْمُرْتَفِعَةِ، هُوَ بُكَاءُ وَابْتِهَالُ أَبْنَاءِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُمْ حَرَّفُوا طَرِيقَهُمْ، وَنَسُوا الرَّبَّ إِلَهَهُمْ. 22 «فَارْجِعُوا أَيُّهَا الأَبْنَاءُ الْمُرْتَدُّونَ فَأَشْفِيَ ارْتِدَادَكُمْ». وَيَقُولُونَ: «هَا نَحْنُ نُقْبِلُ إِلَيْكَ لأَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ إِلَهُنَا. 23 حَقّاً إِنَّ عِبَادَةَ الأَصْنَامِ عَلَى التِّلالِ وَمُمَارَسَةَ الطُّقُوسِ الْوَثَنِيَّةِ عَلَى الْجِبَالِ لَا جَدْوَى مِنْهَا. إِنَّمَا بِالرَّبِّ إِلَهِنَا خَلاصُ إِسْرَائِيلَ. 24 لَقَدِ الْتَهَمَ خِزْيُ الأَوْثَانِ تَعَبَ آبَائِنَا مُنْذُ صِبَانَا، وَافْتَرَسَ غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَبَنَاتِهِمْ. 25 فَلْنَنْطَرِحْ فِي خِزْيِنَا، وَلْيَغْمُرْنَا عَارُنَا لأَنَّنَا أَخْطَأْنَا فِي حَقِّ الرَّبِّ إِلَهِنَا، نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مُنْذُ صِبَانَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ، وَلَمْ نُطِعْ صَوْتَ الرَّبِّ إِلَهِنَا».