الختوم

وَرَأَيْتُ الْحَمَلَ وَهُوَ يَفُكُّ أَوَّلَ الْخُتُومِ السَّبْعَةِ، وَسَمِعْتُ وَاحِداً مِنَ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الأَرْبَعَةِ يُنَادِي بِصَوْتٍ كَالرَّعْدِ: «تَعَالَ!» فَنَظَرْتُ وَإذَا أَمَامِي حِصَانٌ أَبْيَضُ، يَحْمِلُ رَاكِبُهُ قَوْساً، وَعَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ، وَقَدْ خَرَجَ مُنْتَصِراً وَلِكَيْ يَنْتَصِرَ.

ثُمَّ فَكَّ الْحَمَلُ الْخَتْمَ الثَّانِي، فَسَمِعْتُ الْكَائِنَ الثَّانِي يُنَادِي: «تَعَالَ!» فَخَرَجَ حِصَانٌ أَحْمَرُ، أُعْطِيَ رَاكِبُهُ سَيْفاً عَظِيماً، وَمُنِحَ سُلْطَةَ نَزْعِ السَّلامِ مِنَ الأَرْضِ وَجَعْلِ النَّاسِ يَقْتُلُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.

وَعِنْدَمَا فَكَّ الْحَمَلُ الْخَتْمَ الثَّالِثَ سَمِعْتُ الْكَائِنَ الثَّالِثَ يُنَادِي: «تَعَالَ!» فَرَأَيْتُ حِصَاناً أَسْوَدَ، يَحْمِلُ رَاكِبُهُ مِيزَاناً بِيَدِهِ. وَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ بَيْنِ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الأَرْبَعَةِ يَقُولُ: «كَيْلَةُ قَمْحٍ بِدِينَارٍ، وَثَلاثُ كَيْلاتِ شَعِيرٍ بِدِينَارٍ. أَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ فَلا تَمَسَّهُمَا».

ثُمَّ فَكَّ الْحَمَلُ الْخَتْمَ الرَّابِعَ فَسَمِعْتُ الْكَائِنَ الرَّابِعَ يُنَادِي: «تَعَالَ!» فَرَأَيْتُ حِصَاناً لَوْنُهُ أَخْضَرُ «بَاهِتُ اللَّوْنِ»، اسْمُ رَاكِبِهِ «الْمَوْتُ» يَتْبَعُهُ حِصَانٌ آخَرُ اسْمُ رَاكِبِهِ «الْهَاوِيَةُ»، وَأُعْطِيَا سُلْطَةَ إِبَادَةِ رُبْعِ الأَرْضِ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَاءِ وَوُحُوشِ الأَرْضِ الضَّارِيَةِ!

ثُمَّ فَكَّ الْحَمَلُ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، فَرَأَيْتُ مَذْبَحاً تَحْتَهُ أَرْوَاحُ الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي أَدَّوْهَا، 10 وَهُمْ يَصْرُخُونَ لِلرَّبِّ بِأَعْلَى صَوْتِهِمْ: «حَتَّى مَتَى، أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، تُؤَخِّرُ مُعَاقَبَةَ أَهْلِ الأَرْضِ عَلَى مَا فَعَلُوهُ بِنَا؟ مَتَى تَنْتَقِمُ مِنْهُمْ لِدِمَائِنَا؟» 11 فَأُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمْ ثَوْباً أَبْيَضَ، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَصْبِرُوا قَلِيلاً إِلَى أَنْ يَكْمُلَ عَدَدُ شُرَكَائِهِمِ الْعَبِيدِ وَإِخْوَتِهِمِ الَّذِينَ سَيُقْتَلُونَ مِثْلَهُمْ.

12 ثُمَّ نَظَرْتُ، فَرَأَيْتُ الْحَمَلَ يَفُكُّ الْخَتْمَ السَّادِسَ، وَإذَا الأَرْضُ قَدْ زُلْزِلَتْ زِلْزَالاً عَظِيماً، وَالشَّمْسُ اسْوَدَّتْ فَصَارَتْ كَخِرْقَةٍ مِنْ شَعْرٍ، وَصَارَ الْقَمَرُ أَحْمَرَ كَالدَّمِ، 13 وَسَقَطَتْ نُجُومُ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ كَمَا تَطْرَحُ شَجَرَةُ التِّينِ ثِمَارَهَا الْفَجَّةَ، إِذَا هَزَّتْهَا رِيحٌ عَاصِفَةٌ. 14 وَطُوِيَتِ السَّمَاءُ كَمَا تُطْوَى لِفَافَةٌ مِنْ وَرَقٍ، فَتَزَحْزَحَتِ الْجِبَالُ وَالْجُزُرُ كُلُّهَا مِنْ مَوَاضِعِهَا. 15 وَمُلُوكُ الأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالْقُوَّادُ وَالأَغْنِيَاءُ وَالأَقْوِيَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالأَحْرَارُ كُلُّهُمُ اخْتَبَأُوا فِي الْمَغَاوِرِ وَصُخُورِ الْجِبَالِ، 16 وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ وَالصُّخُورِ: «اُسْقُطِي عَلَيْنَا، وَأَخْفِينَا مِنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَمِنْ غَضَبِ الْحَمَلِ!» 17 فَإِنَّ يَوْمَ الْغَضَبِ الْعَظِيمَ قَدْ جَاءَهُمْ، وَمَنْ يَقْوَى عَلَى الْوُقُوفِ أَمَامَهُ؟

144 ألفاً ختموا

وَرَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ مَلائِكَةٍ وَاقِفِينَ عَلَى زَوَايَا الأَرْضِ الأَرْبَعِ، يَحْبِسُونَ رِيَاحَ الأَرْضِ الأَرْبَعَ، فَلا تَهُبُّ رِيحٌ عَلَى بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ أَوْ شَجَرٍ. ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاكاً آخَرَ قَادِماً مِنَ الشَّرْقِ يَحْمِلُ خَتْمَ اللهِ الْحَيِّ، فَنَادَى بِصَوْتٍ عَالٍ الْمَلائِكَةَ الأَرْبَعَةَ الَّذِينَ عُهِدَ إِلَيْهِمْ أَنْ يُنْزِلُوا الضَّرَرَ بِالْبَرِّ وَالْبَحْرِ: «انْتَظِرُوا! لَا تَضُرُّوا الْبَرَّ وَلا الْبَحْرَ وَلا الشَّجَرَ، إِلَى أَنْ نَضَعَ خَتْمَ إِلَهِنَا عَلَى جِبَاهِ عَبِيدِهِ». وَسَمِعْتُ أَنَّ عَدَدَ الْمَخْتُومِينَ، مِئَةُ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً، مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا خُتِمَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ رَأُوبَيْنَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ جَادٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ أَشِيرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ مَنَسَّى اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً وَمِنْ سِبْطِ شِمْعُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ لاوِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ يُوسُفَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً؛ وَمِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ خُتِمَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً.

الجمع الكثير بثياب بيضاء

ثُمَّ نَظَرْتُ، فَرَأَيْتُ جَمْعاً كَثِيراً لَا يُحْصَى، مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَشَعْبٍ وَلُغَةٍ، وَاقِفِينَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْحَمَلِ، وَقَدِ ارْتَدَوْا ثِيَاباً بَيْضَاءَ، وَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ سَعَفَ النَّخْلِ، 10 وَهُمْ يَهْتِفُونَ بِصَوْتٍ عَالٍ: «الْخَلاصُ مِنْ عِنْدِ إِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَمِنْ عِنْدِ الْحَمَلِ!»

11 وَاجْتَمَعَ الْمَلائِكَةُ جَمِيعاً حَوْلَ الْعَرْشِ، وَمَعَهُمُ الشُّيُوخُ وَالْكَائِنَاتُ الْحَيَّةُ الأَرْبَعَةُ، وَخَرُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ أَمَامَ الْعَرْشِ سُجُوداً لِلهِ، 12 قَائِلِينَ: «آمِين! لإِلَهِنَا الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالإِجْلالُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِين!»

13 وَسَأَلَنِي أَحَدُ الشُّيُوخِ: «أَتَعْلَمُ مَنْ هُمْ هؤُلاءِ الَّذِينَ يَرْتَدُونَ الثِّيَابَ الْبَيْضَاءَ، وَهَلْ تَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَتَوْا؟» 14 فَأَجَبْتُهُ: «أَنْتَ أَعْلَمُ يَا سَيِّدِي!» فَقَالَ: «هؤُلاءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوهَا بِدَمِ الْحَمَلِ. 15 لِهَذَا هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ يَخْدِمُونَهُ فِي هَيْكَلِهِ لَيْلاً وَنَهَاراً وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَبْسُطُ خَيْمَتَهُ عَلَيْهِمْ، 16 فَلَنْ يَجُوعُوا وَلَنْ يَعْطَشُوا، وَلَنْ تَضْرِبَهُمُ الشَّمْسُ وَلا أَيُّ حَرٍّ، 17 لأَنَّ الْحَمَلَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ وَيَقُودُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءِ الْحَيَاةِ، وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ».

الختم السابع ومبخرة الذهب

وَلَمَّا فَكَّ الْحَمَلُ الْخَتْمَ السَّابِعَ سَادَ السَّمَاءَ سُكُوتٌ نَحْوَ نِصْفِ سَاعَةٍ، وَرَأَيْتُ الْمَلائِكَةَ السَّبْعَةَ الْوَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَقَدْ أُعْطُوا سَبْعَةَ أَبْوَاقٍ.

ثُمَّ جَاءَ مَلاكٌ آخَرُ وَمَعَهُ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَوَقَفَ عِنْدَ الْمَذْبَحِ، وَأُعْطِيَ بَخُوراً كَثِيراً لِيُقَدِّمَهُ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ عَلَى مَذْبَحِ الذَّهَبِ أَمَامَ الْعَرْشِ، فَارْتَفَعَ دُخَانُ الْبَخُورِ مِنْ يَدِ الْمَلاكِ مَصْحُوباً بِصَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ إِلَى حَضْرَةِ اللهِ.

ثُمَّ مَلأَ الْمَلاكُ الْمِبْخَرَةَ مِنَ النَّارِ الَّتِي عَلَى الْمَذْبَحِ وَأَلْقَاهَا إِلَى الأَرْضِ، فَحَدَثَتْ رُعُودٌ وَأَصْوَاتٌ وَبُرُوقٌ وَزَلْزَلَةٌ.

الأبواق

وَاسْتَعَدَّ الْمَلائِكَةُ السَّبْعَةُ، أَصْحَابُ الأَبْوَاقِ السَّبْعَةِ، لِيَنْفُخُوا فِيهَا. وَلَمَّا نَفَخَ الْمَلاكُ الأَوَّلُ فِي بُوقِهِ، إِذَا بَرَدٌ وَنَارٌ يُخَالِطُهُمَا الدَّمُ يَسْقُطَانِ إِلَى الأَرْضِ، فَاحْتَرَقَ ثُلْثُ الأَرْضِ وَثُلْثُ الأَشْجَارِ مَعَ كُلِّ عُشْبٍ أَخْضَرَ.

وَلَمَّا نَفَخَ الْمَلاكُ الثَّانِي فِي بُوقِهِ، أُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ مَا يُشْبِهُ جَبَلاً عَظِيماً مُشْتَعِلاً، فَصَارَ ثُلْثُ الْبَحْرِ دَماً، فَمَاتَ ثُلْثُ الْمَخْلُوقَاتِ الْحَيَّةِ الَّتِي فِيهِ، وَتَحَطَّمَ ثُلْثُ السُّفُنِ.

10 ثُمَّ نَفَخَ الْمَلاكُ الثَّالِثُ فِي بُوقِهِ، فَهَوَى مِنَ السَّمَاءِ نَجْمٌ عَظِيمٌ كَأَنَّهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ، وَسَقَطَ عَلَى ثُلْثِ الأَنْهَارِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ. 11 وَاسْمُ هَذَا النَّجْمِ «الْعَلْقَمُ». فَصَارَ ثُلْثُ الْمِيَاهِ مُرّاً كَالْعَلْقَمِ، وَمَاتَ كَثِيرُونَ مِنَ النَّاسِ بِسَبَبِ مَرَارَةِ الْمِيَاهِ.

12 وَلَمَّا نَفَخَ الْمَلاكُ الرَّابِعُ فِي بُوقِهِ، حَدَثَتْ ضَرْبَةٌ لِثُلْثِ الشَّمْسِ وَثُلْثِ الْقَمَرِ وَثُلْثِ النُّجُومِ، فَأَظْلَمَ ثُلْثُهَا وَفَقَدَ النَّهَارُ ثُلْثَ ضِيَائِهِ، وَكَذَلِكَ اللَّيْلُ. 13 ثُمَّ نَظَرْتُ فَرَأَيْتُ نَسْراً يَطِيرُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ وَسَمِعْتُهُ يَصِيحُ بِصَوْتٍ عَالٍ: «الْوَيْلُ الْوَيْلُ الْوَيْلُ لِسُكَّانِ الأَرْضِ مِمَّا سَيَحْدُثُ لَهُمْ عِنْدَمَا يَنْفُخُ الْمَلائِكَةُ الثَّلاثَةُ الْبَاقُونَ فِي أَبْوَاقِهِمْ!»

وَلَمَّا نَفَخَ الْمَلاكُ الْخَامِسُ فِي بُوقِهِ، رَأَيْتُ نَجْماً قَدْ هَوَى مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَأُعْطِيَ مِفْتَاحَ الْهَاوِيَةِ السَّحِيقَةِ. فَلَمَّا فَتَحَهَا انْدَفَعَ الدُّخَانُ كَأَنَّهُ مِنْ أَتُونٍ عَظِيمٍ، فَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ وَالْجَوُّ مِنْ هَذَا الدُّخَانِ. وَطَلَعَ مِنَ الدُّخَانِ جَرَادٌ عَلَى الأَرْضِ، وَأُعْطِيَ سُلْطَةً أَنْ يَلْسَعَ كَالْعَقَارِبِ، وَأُمِرَ أَلّا يَضُرَّ عُشْبَ الأَرْضِ وَلا مَزْرُوعَاتِهَا وَلا أَشْجَارَهَا بَلْ فَقَطْ جَمِيعَ مَنْ لَيْسَ عَلَى جِبَاهِهِمْ خَتْمُ اللهِ، فَيُعَذِّبُهُمْ دُونَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ، مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ. وَالأَلَمُ الَّذِي يُسَبِّبُهُ يُشْبِهُ أَلَمَ لَدْغَةِ الْعَقْرَبِ. وَفِي أَثْنَاءِ تِلْكَ الشُّهُورِ يُحَاوِلُ النَّاسُ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ حَيَاتِهِمْ فَلا يَقْدِرُونَ! وَيَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَمُوتُوا، لَكِنَّ الْمَوْتَ يَهْرُبُ مِنْهُمْ. وَيَبْدُو هَذَا الْجَرَادُ كَأَنَّهُ خَيْلٌ مُجَهَّزَةٌ لِلْقِتَالِ، عَلَى رُؤُوسِهِ مَا يُشْبِهُ أَكَالِيلَ الذَّهَبِ، وَوُجُوهُهُ كَوُجُوهِ الْبَشَرِ، وَلَهُ شَعْرٌ طَوِيلٌ كَشَعْرِ النِّسَاءِ، وَأَسْنَانُهُ كَأَسْنَانِ الأُسُودِ، وَصُدُورُهُ كَدُرُوعٍ حَدِيدِيَّةٍ، وَحَفِيفُ أَجْنِحَتِهِ كَضَجِيجِ مَرْكَبَاتِ خَيْلٍ تَجْرِي إِلَى الْقِتَالِ، 10 وَأَذْنَابُهُ ذَاتُ إِبَرٍ كَالْعَقَارِبِ. وَلَهُ سُلْطَةٌ أَنْ يُؤْذِيَ الْبَشَرَ بِأَذْنَابِهِ مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ. 11 أَمَّا مَلِكُهُ فَهُوَ «مَلاكُ الْهَاوِيَةِ»، وَاسْمُهُ بِالْعِبْرِيَّةِ «أَبَدُّونُ»، وَبِالْيُونَانِيَّةِ «أَبُولِّيُّونُ». 12 انْقَضَى الْوَيْلُ الأَوَّلُ، وَهُنَاكَ وَيْلانِ آخَرَانِ قَادِمَانِ!

13 وَعِنْدَمَا نَفَخَ الْمَلاكُ السَّادِسُ فِي بُوقِهِ، سَمِعْتُ صَوْتاً آتِياً مِنَ الْقُرُونِ الأَرْبَعَةِ لِمَذْبَحِ الذَّهَبِ الْمَوْجُودِ أَمَامَ اللهِ، 14 يَقُولُ لِلْمَلاكِ السَّادِسِ الَّذِي يَحْمِلُ الْبُوقَ: «أَطْلِقِ الْمَلائِكَةَ الأَرْبَعَةَ الْمُقَيَّدِينَ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ الْكَبِيرِ». 15 وَكَانَ هَؤُلاءِ الْمَلائِكَةُ الأَرْبَعَةُ مُجَهَّزِينَ اسْتِعْدَاداً لِهذِهِ السَّاعَةِ وَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ، فَأُطْلِقُوا لِيَقْتُلُوا ثُلْثَ الْبَشَرِ. 16 وَسَمِعْتُ أَنَّ جَيْشَهُمْ يَبْلُغُ مِئَتَيْ مِلْيُونِ مُحَارِبٍ! 17 وَرَأَيْتُ فِي الرُّؤْيَا الْخُيُولَ وَعَلَيْهَا فُرْسَانٌ يَلْبَسُونَ دُرُوعاً بَعْضُهَا أَحْمَرُ نَارِيٌّ، وَبَعْضُهَا بَنَفْسَجِيٌّ، وَبَعْضُهَا أَصْفَرُ كِبْرِيتِيٌّ. وَكَانَتْ رُؤُوسُ الْخَيْلِ مِثْلَ رُؤُوسِ الأُسُودِ، تَلْفُظُ مِنْ أَفْوَاهِهَا نَاراً وَدُخَاناً وَكِبْرِيتاً. 18 فَقُتِلَ ثُلْثُ النَّاسِ بِهذِهِ الْبَلايَا الثَّلاثِ، أَيْ بِالنَّارِ وَالدُّخَانِ وَالْكِبْرِيتِ الْخَارِجَةِ مِنْ أَفْوَاهِ الْخَيْلِ. 19 وَكَانَتْ قُوَّةُ الْخَيْلِ الْقَاتِلَةُ تَكْمُنُ فِي أَفْوَاهِهَا وَفِي أَذْنَابِهَا أَيْضاً، لأَنَّ أَذْنَابَهَا تُشْبِهُ الْحَيَّاتِ ذَاتَ الرُّؤُوسِ الْمُؤْذِيَةِ!

20 وَلَكِنَّ النَّاسَ الَّذِينَ نَجَوْا مِنْ هذِهِ الْبَلايَا، لَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِهِمْ، وَظَلُّوا يَسْجُدُونَ لِلشَّيَاطِينِ وَلِلأَصْنَامِ الَّتِي صَنَعُوهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ، مَعَ أَنَّهَا لَا تَرَى وَلا تَسْمَعُ وَلا تَتَحَرَّكُ! 21 وَلَمْ يَتُوبُوا عَنِ الْقَتْلِ وَالسِّحْرِ وَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ!

الملاك والدرج الصغير

10 ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاكاً آخَرَ قَوِيًّا نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ، لابِساً سَحَابَةً، وَعَلَى رَأْسِهِ قَوْسُ قُزَحٍ؛ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَرِجْلاهُ كَعَمُودَيْنِ مِنْ نَارٍ، وَبِيَدِهِ دَرْجُ كِتَابٍ صَغِيرٌ مَفْتُوحٌ. فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْبَحْرِ وَالْيُسْرَى عَلَى الأَرْضِ، وَصَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً كَزَئِيرِ الأَسَدِ، دَوَّتْ بَعْدَهَا أَصْوَاتُ الرُّعُودِ السَّبْعَةِ. وَلَمَّا تَأَهَّبْتُ لِكِتَابَةِ مَا تَقُولُهُ الرُّعُودُ، سَمِعْتُ صَوْتاً مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ لِي: «لا تَكْتُبْ، فَمَا نَطَقَتْ بِهِ الرُّعُودُ يَجِبُ أَنْ تُبْقِيَهُ مَكْتُوماً». ثُمَّ إِنَّ الْمَلاكَ الَّذِي رَأَيْتُهُ وَاقِفاً عَلَى الْبَحْرِ وَالأَرْضِ رَفَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَقْسَمَ بِالْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَمَا فِيهَا وَالأَرْضَ وَمَا فِيهَا وَالْبَحْرَ وَمَا فِيهِ، إِنَّهُ لَنْ تَكُونَ مُهْلَةٌ بَعْدُ، فَحَالَمَا يَنْفُخُ الْمَلاكُ السَّابِعُ فِي بُوقِهِ، يَتِمُّ سِرُّ اللهِ، وَفْقاً لِمَا أَعْلَنَهُ لِعَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ!

ثُمَّ كَلَّمَنِي الصَّوْتُ السَّمَاوِيُّ ثَانِيَةً وَقَالَ لِي: «اذْهَبْ، خُذِ الْكِتَابَ الصَّغِيرَ الْمَفْتُوحَ فِي يَدِ الْمَلاكِ الْقَوِيِّ الْوَاقِفِ عَلَى الْبَحْرِ وَالأَرْضِ». فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ وَطَلَبْتُ الْكِتَابَ مِنْهُ، فَأَجَابَنِي: «خُذْهُ وَالْتَهِمْهُ. سَتَجِدُ طَعْمَهُ فِي فَمِكَ حُلْواً كَالْعَسَلِ، وَلَكِنَّهُ سَيَجْعَلُ بَطْنَكَ مُرّاً!» 10 وَلَمَّا أَخَذْتُهُ مِنْ يَدِهِ وَالْتَهَمْتُهُ، كَانَ حُلْواً كَالْعَسَلِ فِي فَمِي، وَلَكِنْ مَا إِنِ ابْتَلَعْتُهُ حَتَّى مَلأَ بَطْنِي مَرَارَةً! 11 وَقِيلَ لِي: «عَلَيْكَ أَنْ تَتَنَبَّأَ أَيْضاً بِشَأْنِ كَثِيرٍ مِنَ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَاللُّغَاتِ وَالْمُلُوكِ».

الشاهدان

11 وَأُعْطِيتُ عَصَا قِيَاسٍ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَقِيسَ هَيْكَلَ اللهِ وَالْمَذْبَحَ، وَأَنْ أُحْصِيَ عَدَدَ الْمُتَعَبِّدِينَ فِيهِ. وَقِيلَ لِي: «لا تَقِسِ السَّاحَةَ الْخَارِجِيَّةَ لأَنَّهَا خُصِّصَتْ لِلأُمَمِ، وَسَيَدُوسُونَ الْمَدِينَةَ المُقَدَّسَةَ مُدَّةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْراً، وَلَكِنِّي سَأَمْنَحُ شَاهِدَيَّ أَنْ يَتَنَبَّآ مُدَّةَ أَلْفٍ وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْماً، وَهُمَا يَلْبَسَانِ ثَوْبَيْنِ مِنَ الْوَبَرِ». هَذَانِ الشَّاهِدَانِ هُمَا شَجَرَتَا الزَّيْتُونِ وَالْمَنَارَتَانِ الْقَائِمَتَانِ أَمَامَ رَبِّ الأَرْضِ. فَإِذَا حَاوَلَ أَحَدٌ أَنْ يَمَسَّهُمَا بِسُوءٍ تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَلْتَهِمُ أَعْدَاءَهُمَا. ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَصِيرُ مَنْ يُحَاوِلُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا. وَلِلشَّاهِدَيْنِ السُّلْطَةُ أَنْ يُغْلِقَا السَّمَاءَ فَلا تُمْطِرَ طِيلَةَ مُدَّةِ نُبُوءَتِهِمَا، وَأَنْ يُحَوِّلا مِيَاهَ الأَنْهَارِ وَالْبِحَارِ دَماً، وَأَنْ يُنْزِلا الْبَلايَا بِالأَرْضِ، كُلَّمَا أَرَادَا. وَعِنْدَمَا يُكْمِلانِ شَهَادَتَهُمَا يُعْلِنُ الْوَحْشُ الصَّاعِدُ مِنَ الْهَاوِيَةِ الْحَرْبَ عَلَيْهِمَا، وَيَهْزِمُهُمَا وَيَقْتُلُهُمَا وَتَبْقَى جُثَّتَاهُمَا مَطْرُوحَتَيْنِ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ الْعُظْمَى الَّتِي تَرْمُزُ إِلَيْهَا «سَدُومُ» أَوْ «مِصْرُ»، حَيْثُ صُلِبَ رَبُّهُمَا. فَيَرَاهُمَا أُنَاسٌ مِنْ مُخْتَلِفِ الشُّعُوبِ وَالْقَبَائِلِ وَاللُّغَاتِ وَالأُمَمِ، مُدَّةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفِ الْيَوْمِ، وَلا يُؤْذَنُ لأَحَدٍ بِدَفْنِهِمَا. 10 وَيَشْمَتُ بِهِمَا أَهْلُ الأَرْضِ، فَيَفْرَحُونَ كَأَنَّهُمْ فِي عِيدٍ، وَيَتَبَادَلُونَ الْهَدَايَا، لأَنَّ هَذَيْنِ النَّبِيَّيْنِ كَانَا قَدْ عَذَّبَاهُمْ كَثِيراً. 11 وَبَعْدَ أَنْ تَمُرَّ الأَيَّامُ الثَّلاثَةُ وَنِصْفُ الْيَوْمِ يَبْعَثُ اللهُ فِي النَّبِيَّيْنِ رُوحَ الْحَيَاةِ، فَيَنْهَضَانِ وَاقِفَيْنِ، وَيَسْتَوْلِي عَلَى النَّاظِرِينَ إِلَيْهِمَا خَوْفٌ شَدِيدٌ. 12 وَيَدْعُوهُمَا صَوْتٌ عَالٍ مِنَ السَّمَاءِ: «اصْعَدَا إِلَى هُنَا»، فَيَصْعَدَانِ إِلَى السَّمَاءِ فِي سَحَابَةٍ بِمَشْهَدٍ مِنْ أَعْدَائِهِمَا. 13 وَفِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ يَحْدُثُ زِلْزَالٌ عَنِيفٌ يُدَمِّرُ عُشْرَ الْمَدِينَةِ، وَيُهْلِكُ سَبْعَةَ آلافٍ مِنْ سَاكِنِيهَا. فَيَرْتَعِبُ النَّاجُونَ وَيُمَجِّدُونَ إِلهَ السَّمَاءِ.

البوق السابع

14 انْقَضَى الْوَيْلُ الثَّانِي، وَهَا هُوَ الثَّالِثُ يَأْتِي سَرِيعاً!

15 وَنَفَخَ الْمَلاكُ السَّابِعُ فِي بُوقِهِ فَسُمِعَتْ أَصْوَاتٌ عَالِيَةٌ فِي السَّمَاءِ تَقُولُ: «قَدْ صَارَ مُلْكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ. إِنَّهُ يَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ». 16 فَجَثَا الشُّيُوخُ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ الجَالِسُونَ عَلَى عُرُوشِهِمْ فِي حَضْرَةِ اللهِ وَخَرُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ سَاجِدِينَ لِلهِ. 17 وَقَالُوا: «نَحْمَدُكَ أَيُّهَا الإِلهُ الْقَدِيرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْكَائِنُ الَّذِي كَانَ، لأَنَّكَ الآنَ قَدْ تَقَلَّدْتَ قُوَّتَكَ الْعُظْمَى وَبَاشَرْتَ مُلْكَكَ. 18 غَضِبَتْ الشُّعُوبُ عَلَيْكَ، فَجَاءَ دَوْرُ غَضَبِكَ عَلَيْهِمْ. جَاءَتِ السَّاعَةُ لِيُدَانَ الأَمْوَاتُ، وَتُكَافِئَ عَبِيدَكَ الأَنْبِيَاءَ وَالْقِدِّيسِينَ والْمُتَّقِينَ اسْمَكَ، صِغَاراً وَكِبَاراً، وَتُهْلِكَ الَّذِينَ كَانُوا يُدَمِّرُونَ الأَرْضَ!» 19 وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ الْعَهْدِ فِي دَاخِلِهِ. وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ، وَسَقَطَ بَرَدٌ كَثِيرٌ.

الحَمَلُ يُفتَحُ الأختَام

وَفَتَحَ الحَمَلُ أوَّلَ الأختَامِ السَّبعَةِ. فَنَظَرْتُ وَسَمِعْتُ أحَدَ المَخْلُوقَاتِ الأرْبَعَةِ يَقُولُ بِصَوْتٍ كَصَوْتِ الرَّعدِ: «تَعَالَ!» فَنَظَرتُ وَإذَا جَوَادٌ أبيَضُ يَقِفُ أمَامِي، وَكَانَ الرَّاكِبُ عَلَيْهِ يَحْمِلُ قَوسًا، وَعَلَى رَأسِهِ إكلِيلٌ. ثُمَّ خَرَجَ بِجَوَادِهِ مُنتَصِرًا وَلِكَي يَنْتَصِرَ بَعْدُ.

ثُمَّ فَتَحَ الحَمَلُ الخَتْمَ الثَّانِي، فَسَمِعتُ المَخْلُوقَ الثَّانِي يَقُولُ: «تَعَالَ!» حينَئِذٍ خَرَجَ جَوَادٌ آخَرُ أحمَرُ كَالنَّارِ، وَقَدْ مُنِحَ الرَّاكِبُ عَلَيْهِ سَيْفًا عَظِيمًا وَسُلطَانًا لِيَنْزِعَ السَّلَامَ مِنَ الأرْضِ، وَيَدْفَعَ النَّاسَ لِيَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

ثُمَّ فَتَحَ الحَمَلُ الخَتْمَ الثَّالِثَ، فَسَمِعتُ المَخْلُوقَ الثَّالِثَ يَقُولُ: «تَعَالَ!» فَنَظَرتُ وَإذَا جَوَادٌ أسوَدُ أمَامِي، وَالرَّاكِبُ عَلَيْهِ يَحْمِلُ مِيزَانًا بِيَدِهِ. ثُمَّ سَمِعْتُ مَا يُشْبِهُ الصَّوتَ مِنْ وَسَطِ المَخْلُوقَاتِ الأرْبَعَةِ يَقُولُ: «ثُمْنيَّةُ[a] قَمْحٍ بِأجْرِ يَوْمٍ، وَثَلَاثُ ثُمنِيَّاتِ شَعِيرٍ بِأجْرِ يَوْمٍ. لَكِنْ لَا تُفسِدْ زَيْتَ الزَّيْتُونِ وَلَا النَّبِيذَ!»

ثُمَّ فَتَحَ الحَمَلُ الخَتْمَ الرَّابِعَ، فَسَمِعتُ المَخْلُوقَ الرَّابِعَ يَقُولُ: «تَعَالَ!» فَنَظَرتُ، وَإذَا جَوَادٌ أصفَرُ شَاحِبٌ يَقِفُ أمَامِي. وَكَانَ الرَّاكِبُ عَلَيْهِ يُدْعَى «المَوْتَ،» وَيَتْبَعُهُ «الهَاوِيَةُ.» وَكَانَا قَدْ مُنِحَا سُلطَانًا عَلَى رُبعِ الأرْضِ، لِيَقْتُلَا النَّاسَ بِالحَرْبِ وَالمَجَاعَةِ وَالحَيَوَانَاتِ المُتَوَحِّشَةِ.

ثُمَّ فَتَحَ الحَمَلُ الخَتْمَ الخَامِسَ، فَرَأيْتُ تَحْتَ المَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا لِأجْلِ رِسَالَةِ اللهِ وَلِأجْلِ شَهَادَتِهِمْ. 10 فَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالُوا: «أيُّهَا الرَّبُّ القُدُّوسُ وَالحَقُّ، مَتَى سَتَدِينُ سُكَّانَ الأرْضِ وَتُعَاقِبَهُمْ لِقَتلِهِمْ إيَّانَا؟» 11 وَكَانَ قَدَ مُنِحَ كُلٌّ مِنْهُمْ ثَوْبًا أبيَضَ. وَطُلِبَ إلَيْهِمْ أنْ يَتَرَيَّثُوا قَلِيلًا حَتَّى يَكْتَمِلَ عَدَدُ جَمِيعِ رِفَاقِهِمُ الخُدَّامِ وَإخوَتِهِمُ الَّذِينَ سَيُقتَلُونَ أيْضًا.

12 ثُمَّ فَتَحَ الحَمَلُ الخَتْمَ السَّادِسَ، فَنَظَرتُ وَإذَا بِزِلزَالٍ عَظِيمٍ قَدْ حَدَثَ. وَالشَّمْسُ أصبَحَتْ سَودَاءَ كَلِبَاسِ الحِدَادِ، وَالبَدرُ أصبَحَ كَالدَّمِ. 13 نُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ عَلَى الأرْضِ كَمَا يَسْقُطُ التِّينُ غَيْرُ النَّاضِجِ عَنِ الشَّجَرَةِ حينَ تَهُزُّهَا رِيحٌ قَوِيَّةٌ. 14 وَانقَسَمَتِ السَّمَاءُ، وَطُوِيَتْ كَلَفِيفَةٍ مِنَ الوَرَقِ. وَزُحزِحَتْ جَمِيعُ الجِبَالِ وَالجُزُرِ عَنْ مَوَاضِعِهَا. 15 مُلُوكُ العَالَمِ وَحُكَّامُهُ، وَقَادَةُ الجُيُوشِ وَالأغنِيَاءُ وَأصْحَابُ المَرَاكِزِ، وَكُلُّ النَّاسِ أحرَارًا وَعَبِيدًا، اختَبَأُوا فِي الكُهُوفِ وَبَيْنَ الصُّخُورِ الَّتِي عَلَى الجِبَالِ، 16 وَقَالُوا لِلجِبَالِ وَالصُّخُورِ: «اسقُطِي عَلَيْنَا، وَخَبِّئِينَا عَنْ وَجْهِ الجَالِسِ عَلَى العَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الحَمَلِ! 17 لَقَدْ حَلَّ يَوْمُ غَضَبِهِ العَظِيمُ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَطِيعُ الصُّمُودَ؟»

عَدَدُ الَّذِينَ خُتِمُوا مِنْ بَنِي إسْرَائيِل

بَعْدَ هَذَا رَأيْتُ أرْبَعَةَ مَلَائِكَةٍ يَقِفُونَ عَلَى زَوَايَا الأرْضِ الأرْبَعَةِ، يُمْسِكُونَ بِرِيَاحِ الأرْضِ الأرْبَعَةِ كَي لَا تَهُبَّ رِيحٌ لَا عَلَى الأرْضِ وَلَا عَلَى البَحْرِ وَلَا عَلَى أيَّةِ شَجَرَةٍ. ثُمَّ رَأيْتُ مَلَاكًا قَادِمًا مِنَ الشَّرقِ، يَحْمِلُ خَتْمَ الإلَهِ الحَيِّ. فَصَرَخَ المَلَاكُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ عَلَى المَلَائِكَةِ الأرْبَعَةِ الَّذِينَ بِيَدِهِمْ أنْ يَضُرُّوا الأرْضَ وَالبَحْرَ، فَقَالَ: «لَا تُؤذُوا لَا الأرْضَ وَلَا البَحْرَ وَلَا الأشْجَارَ، حَتَّى نُمَيِّزَ عِبَادَ إلَهِنَا بِخَتْمٍ عَلَى جِبَاهِهِمْ.» ثُمَّ سَمِعْتُ عَدَدَ الَّذِينَ خُتِمُوا فَكَانُوا مِئَةً وَأرْبَعةً وَأرْبَعينَ ألْفًا مِنْ كُلِّ عَشِيرَةٍ مِنْ بِنِي إسْرَائِيلَ:

اثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْهُمْ مِنْ قَبِيلَةِ يَهُوذَا،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ رَأُوبَيْنَ،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ جَادٍ،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ أشِيرَ،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ نَفْتَالِي،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ مَنَسَّى،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ شِمْعُونَ،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ لَاوِي،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ يسَّاكِرَ،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ زَبُولُونَ،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ عَشِيرَةِ يُوسُفَ،

وَاثنَا عَشَرَ ألْفًا مِنْ قَبِيلَةِ بَنْيَامِينَ.

جَمْعٌ غَفِيرٌ مِنْ كُلِّ الأُمَم

بَعْدَ هَذَا نَظَرتُ، فَإذَا بِجَمعٍ عَظِيمٍ لَا يُحصَى، مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ وَعَشِيرَةٍ وَشَعْبٍ وَلُغَةٍ. كَانُوا يَقِفُونَ أمَامَ العَرْشِ وَأمَامَ الحَمَلِ وَهُمْ يَرْتَدُونَ ثِيَابًا بَيْضَاءَ، وَيَحْمِلُونَ سُعُفَ نَخِيلٍ فِي أيدِيهِمْ، 10 وَيَهْتِفُونَ: «الخَلَاصُ بِيَدِ إلَهِنَا الجَالِسِ عَلَى العَرْشِ، وَبِيَدِ الحَمَلِ.» 11 فَخَرَّ كُلُّ المَلَائِكَةِ الوَاقِفِينَ أمَامَ العَرْشِ، وَالشُّيُوخِ وَالكَائِنَاتِ الحَيَّةِ الأرْبَعَةِ، وَسَجَدُوا للهِ 12 وَقَالُوا:

«آمِين! الحَمْدُ وَالمَجْدُ وَالحِكْمَةُ،
وَالشُكْرُ وَالإكْرَامُ، وَالقُدْرَةُ وَالقُوَّةُ،
لإلَهِنَا إلَى أبَدِ الآبِدِينَ، آمِينْ.»

13 عِنْدَهَا سَألَنِي أحَدُ الشُّيُوخِ: «مَنْ هُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَرْتَدُونَ الأثوَابَ البَيْضَاءَ، وَمِنْ أيْنَ أتَوْا؟»

14 فَأجَبتُهُ: «سَيِّدِي، أنْتَ تَعْلَمُ!»

فَقَالَ لِي: «إنَّهُمُ الَّذِينَ أتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ العَظِيمَةِ. لَقَدْ غَسَلُوا أثوَابَهُمْ بِدَمِ الحَمَلِ فَصَارَتْ بَيْضَاءَ. 15 لِذَلِكَ سَيَكُونُونَ أمَامَ عَرْشِ اللهِ، وَيَعْبُدُونَهُ فِي هَيكَلِهِ نَهَارًا وَلَيلًا. وَالجَالِسُ عَلَى العَرْشِ سَيُظَلِّلُهُمْ، 16 فَلَا يَجُوعُونَ أبَدًا وَلَا يَعْطَشُونَ. وَالشَّمْسُ لَنْ تَؤْذِيَهُمْ وَلَا أيَّةُ حَرَارَةٍ لَاذِعَةٍ، 17 لِأنَّ الحَمَلَ الَّذِي أمَامَ العَرْشِ سَيَرعَاهُمْ وَيَقُودُهُمْ إلَى يَنَابِيعِ مَاءِ الحَيَاةِ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كَلَّ دَمعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ.»

الخَتْمُ السَّابِع

عِنْدَهَا كَسَرَ الحَمَلُ الخَتْمَ السَّابِعَ، فَسَادَ الصَّمتُ فِي السَّمَاءِ نِصفَ سَاعَةٍ. وَرَأيْتُ المَلَائِكَةَ السَّبعَةَ الوَاقِفِينَ أمَامَ اللهِ، وَقَدْ حَمَلُوا سَبْعَةَ أبوَاقٍ. ثُمَّ أتَى مَلَاكٌ آخَرُ وَوَقَفَ عِنْدَ المَذْبَحِ وَمَعَهُ مِبخَرَةٌ ذَهَبِيَّةٌ وَبَخُورٌ كَثِيرٌ، لِيُقَدِّمَهُ مَعَ صَلَوَاتِ شَعْبِ اللهِ المُقَدَّسِينَ عَلَى المَذْبَحِ الذَّهَبِيَّ أمَامَ العَرْشِ. فَتَصَاعَدَ البَخُورُ أمَامَ اللهِ مِنْ يَدِ المَلَاكِ، تَصَاعَدَ مَعَ صَلَوَاتِ شَعْبِ اللهِ المُقَدَّسِينَ. ثُمَّ أخَذَ المَلَاكُ المِبخَرَةَ، وَمَلأهَا بِنَارٍ مِنَ المَذْبَحِ، وَرَمَاهَا إلَى الأرْضِ، فَحَدَثَتْ رُعُودٌ وَبُرُوقُ وَزُلزِلَتِ الأرْضُ!

المَلَائِكَةُ السَّبْعَةُ يَنْفُخُونَ فِي أبوَاقِهِم

أمَّا المَلَائِكَةُ السَّبْعَةُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الأبوَاقَ السَّبعَةَ، فَاسْتَعَدُّوا لِكَي يَنْفُخُوا فِي أبوَاقِهِمْ. فَنَفَخَ المَلَاكُ الأوَّلُ فِي بُوقِهِ، فَظَهَرَ بَرَدٌ وَنَارٌ مَمْزُوجَانِ بِالدَّمِ، وَأُلقِيَا عَلَى الأرْضِ، فَحُرِقَ ثُلْثُ الأرْضِ وَثُلْثُ الأشْجَارِ وَكُلُّ العُشْبِ الأخضَرِ.

وَنَفَخَ المَلَاكُ الثَّانِي فِي بُوقِهِ، فَأُلقِيَ شَيءٌ أشبَهُ بِجَبَلٍ كَبِيرٍ مُشتَعِلٍ فِي البَحْرِ، فَتَحَوَّلَ ثُلْثُ البَحْرِ إلَى دَمٍ، وَمَاتَ ثُلْثُ الكَائِنَاتِ الحَيَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي البَحْرِ، وَدُمِّرَ ثُلْثُ السُّفُنِ.

10 وَنَفَخَ المَلَاكُ الثَّالِثُ فِي بُوقِهِ، فَسَقَطَ نَجمٌ كَبِيرٌ مُلْتَهِبٌ كَالمِشعَلِ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى ثُلْثِ الأنهُرِ وَعَلَى مِيَاهِ اليَنَابِيعِ. 11 وَكَانَ اسْمُ ذَلِكَ النَّجمِ «الأفسَنْتِينَ»[b] فَصَارَ ثُلْثُ المِيَاهِ كُلِّهَا مُرَّةً كَالأفسَنْتينِ، وَكَثِيرُونَ مَاتُوا لِأنَّهُمْ شَرِبُوا مِنْ تِلْكَ المِيَاهِ لِأنَّهَا صَارَتْ مُرَّةً.

12 ثُمَّ نَفَخَ المَلَاكُ الرَّابِعُ فِي بُوقِهِ فَضُرِبَ ثُلْثُ الشَّمْسِ وَثُلْثُ القَمَرِ وَثُلْثُ النُّجُومِ، فَفَقَدَتْ ثُلْثَ إشعَاعِهَا. وَهَكَذَا فَقَدَ النَّهَارُ ثُلْثَ ضَوئِهِ، وَكَذَلِكَ اللَّيلُ.

13 ثُمَّ نَظَرْتُ وَسَمِعْتُ نَسرًا يَطِيرُ عَالِيًا وَيَصْرُخُ: «الوَيْلُ الوَيْلُ الوَيْلُ لِسُكَّانِ الأرْضِ، بِسَبَبِ أصوَاتِ أبوَاقِ المَلَائِكَةِ الثَّلَاثَةِ البَاقِينَ الَّذِينَ سَيَنْفُخُونَ فِي أبوَاقِهِمْ!»

وَنَفَخَ المَلَاكُ الخَامِسُ فِي بُوقِهِ فَرَأيْتُ نَجمًا يَسَقُطُ مِنَ السَّمَاءِ إلَى الأرْضِ، وَقَدْ أُعْطِيَ مِفتَاحَ النَّفَقِ الَّذِي يُؤَدِّي إلَى الهَاوِيَةِ. ثُمَّ فَتَحَ النَّجمُ فُوَّهَةَ الهَاوِيَةِ، فَخَرَجَ مِنْهَا دُخَانٌ كَدُخَانِ فُرنٍ عَظِيمٍ. فَأظلَمَتِ الشَّمْسُ وَالسَّمَاءُ بِسَبَبِ الدُّخَانِ المُنبَعِثِ مِنَ الفُوَّهَةِ. ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الدُّخَانِ جَرَادٌ إلَى الأرْضِ. وَأُعْطِيَ الجَرَادُ قَدرَةً كَقُدرَةِ العَقَارِبِ عَلَى الأرْضِ. وَقِيلَ لَهُ أنْ لَا يُؤذِيَ عُشبَ الأرْضِ، وَلَا أيَّ نَبَاتٍ أخضَرَ أوْ شَجَرَةٍ، بَلْ فَقَطِ النَّاسَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ خَتْمُ اللهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ. وَلَمْ يُسمَحْ لَهُ بِأنْ يَقْتُلَهُمْ، بَلْ أنْ يُعَذِّبَهُمْ لِخَمْسَةِ شُهُورٍ عَذَابًا كَالَّذِي تُسَبِّبُهُ لَدغَةُ العَقرَبِ. وَخِلَالَ ذَلِكَ الوَقْتِ، سَيَطْلُبُ النَّاسُ المَوْتَ فَلَا يَجِدُونَهُ. سَيَتُوقُونَ إلَى المَوْتِ، فَيَخْتَبِئَ المَوْتُ مِنْهُمْ.

وَكَانَ الجَرَادُ يُشْبِهُ خُيُولًا مُعَدَّةً لِلحَرْبِ، عَلَى رُؤُوسِهَا مَا يُشْبِهُ تِيجَانًا مِنَ الذَّهَبِ، وَوُجُوهُهَا كَوُجُوهِ النَّاسِ. كَانَ لَهَا شَعرٌ كَشَعرِ النِّسَاءِ، وَأسنَانٌ كَأسنَانِ الأُسُودِ. صُدُورُهَا كَدُرُوعٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَصَوْتُ أجنِحَتِهَا كَصَوْتِ عَرَبَاتٍ تَجُرُّهَا خُيُولٌ كَثِيرَةٌ تَنْدَفِعُ نَحْوَ المَعْرَكَةِ. 10 لَهَا أذنَابٌ كَأذنَابِ العَقَارِبِ، وَفِي أذنَابِهَا إبَرٌ لَادِغَةٌ، وَلَهَا القُدرَةُ أنْ تُعَذِّبَ النَّاسَ لِخَمْسَةِ شُهُورٍ. 11 وَكَانَ مَلَاكُ هَذَا الجَرَادِ هُوَ مَلَاكُ الهَاوِيَةِ، الَّذِي اسْمُهُ بِالعِبرِيَّةِ «أبَدُّونُ،»[c] وَفِي اليُونَانِيَّةِ «أبُولِّيُّونُ.»[d] 12 لَقَدْ مَضَى الوَيْلُ الأوَّلُ، لَكِنْ سَيَأْتِي وَيلَانِ آخَرَانِ بَعْدَ هَذَا.

13 وَنَفَخَ المَلَاكُ السَّادِسُ فِي بُوقِهِ، فَسَمِعتُ صَوْتًا مِنَ القُرُونِ الأرْبَعَةِ لِلمَذْبَحِ الذَّهَبِيِّ الَّذِي أمَامَ اللهِ. 14 فَقَالَ الصَّوْتُ لِلمَلَاكِ السَّادِسِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ البُوقُ: «حَرِّرِ المَلَائِكَةَ الأرْبَعَةَ المُقَيَّدِينَ بِجوَارِ نَهْرِ الفُرَاتِ العَظِيمِ.» 15 وَهَكَذَا تَحَرَّرَ المَلَائِكَةُ الأرْبَعَةُ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ أُعِدُّوا لِتِلْكَ السَّاعَةِ وَاليَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ، حَتَّى يَقْتُلُوا ثُلْثَ الجِنسِ البَشَرِيِّ.

16 وَكَانَ عَدَدُ الفُرسَانِ مِئَتَي مِليُونَ فَارِسٍ، فَقَدْ سَمِعْتُ عَدَدَهُمْ. 17 وَفِي رُؤيَايَ بَدَتْ لِي الخُيُولُ وَفُرسَانُهَا كَمَا يَلِي: كَانَتْ لَهُمْ دُرُوعٌ مُلتَهِبَةٌ فِي حُمرَتِهَا، وَكَاليَاقُوتِ فِي زُرقَتِهَا، وَكَالكِبرِيتِ فِي صُفرَتِهَا. رُؤُوسُ الخُيُولِ كَرُؤُوسِ الأُسُودِ، وَمِنْ أفوَاهِهَا يَخْرُجُ اللَّهَبُ وَالدُّخَانُ وَالكِبِرِيتُ. 18 بِهَذِهِ الثَّلَاثةِ: النَّارِ وَالدُّخَانِ وَالكِبِرِيتِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أفوَاهِهَا، قُتِلَ ثُلْثُ الجِنسِ البَشَرِيِّ. 19 كَانَتْ قُوَّةُ الخُيُولِ فِي أفوَاهِهَا وَفِي ذُيُولِهَا، فَقَدْ كَانَتْ ذُيُولُهَا كَالأفَاعِي وَلَهَا رُؤُوسٌ مُؤذِيَةٌ.

20 أمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُقتَلُوا بِهَذِهِ الضَّربَاتِ، فَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ، وَلَمْ يَكُفُّوا عَنْ عِبَادَةِ الأرْوَاحِ الشِّرِّيرَةِ، وَأصْنَامِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالحَجَرِ وَالخَشَبِ، الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ أنْ تَرَى أوْ تَسْمَعَ أوْ تَسِيرَ. 21 وَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ جَرَائِمِهِمْ، وَلَا عَنْ سِحرِهِمْ أوْ زِنَاهُمْ أوْ عَنْ سَرِقَاتِهِمْ.

المَلَاكُ وَاللَّفِيفَةُ الصَّغِيرَة

10 ثُمَّ رَأيْتُ مَلَاكًا قَوِيًّا آخَرَ نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ. وَكَانَ يَلْبَسُ سَحَابَةً، وَقَوسُ قُزَحٍ حَوْلَ رَأسِهِ. وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَسَاقَاهُ كَعَمُودَينِ مِنْ نَارٍ. كَانَ يَحْمِلُ فِي يَدِهِ لَفِيفَةً صَغِيرَةً مَفتُوحَةً. وَوَضَعَ قَدَمَهُ اليُمْنَى فِي البَحْرِ، وَاليُسرَى عَلَى اليَابِسَةِ. ثُمَّ صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ كَزَئِيرِ أسَدٍ. عِنْدَهَا أسمَعَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ أصوَاتَهَا. وَعِنْدَمَا تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ، كُنْتُ سَأكتُبُ، لَكِنَّنِي سَمِعْتُ مِنَ السَّمَاءِ صَوْتًا يَقُولُ: «لَا تُعلِنْ مَا قَالَتهُ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ، وَلَا تَكْتُبْهُ!»

عِنْدَهَا رَفَعَ المَلَاكُ الَّذِي رَأيْتُهُ وَاقِفًا فِي البَحْرِ وَعَلَى اليَابِسَةِ يَدَهُ اليُمْنَى إلَى السَّمَاءِ، وَأقسَمَ بِالحَيِّ إلَى أبَدِ الآبِدِينَ، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَمَا فِيهَا، وَالأرْضَ وَمَا عَلَيْهَا، وَالبَحْرَ وَمَا فِيهِ، وَقَالَ: «لَا تَأْخِيرَ بَعْدَ الآنِ!» وَلَكِنْ عِنْدَمَا يَحِينُ الوَقْتُ لِلمَلَاكِ السَّابِعِ لِأنْ يُسمَعَ، أيْ عِنْدَمَا يَكُونُ عَلَى وَشْكِ أنْ يَنْفُخَ فِي بُوقِهِ، فَإنَّ قَصدَ اللهِ الخَفِيِّ سَيَتَحَقَّقُ، كَمَا بُشِّرَ عِبَادَهُ الأنْبِيَاءِ.

ثُمَّ تَكَلَّمَ إلَيَّ ثَانِيَةً الصَّوْتُ الَّذِي سَبَقَ أنْ سَمِعْتُهُ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ: «اذْهَبْ وَخُذِ اللَّفِيفَةَ المَفتُوحَةَ الَّتِي فِي يَدِ المَلَاكِ الوَاقِفِ فِي البَحْرِ وَعَلَى اليَابِسَةِ.» فَذَهَبتُ إلَى المَلَاكِ، وَطَلَبتُ مِنْهُ أنْ يُعطِيَنِي اللَّفِيفَةَ الصَّغِيرَةَ. فَقَالَ لَي: «خُذْهَا وَكُلْهَا. سَتَجْعَلُ مَعِدَتَكَ مُرَّةً، لَكِنَّهَا فِي فَمِكَ سَتَكُونُ حُلوَةً كَالعَسَلِ.» 10 فَأخذتُ اللَّفِيفَةَ الصَّغِيرَةَ مِنْ يَدِ المَلَاكِ وَأكَلتُهَا، فَكَانَ طَعمُهَا فِي فَمِي كَالعَسَلِ، لَكِنْ بَعْدَ أنْ أكَلتُهَا أصبَحَتْ مَعِدَتِي مُرَّةً. 11 ثُمَّ أخبَرُونِي وَقَالُوا: «عَلَيْكَ أنْ تَتَنَبَّأ بَعْدُ عَلَى عِدَّةِ شُعُوبٍ وَأُمَمٍ وَلُغَاتٍ وَمُلُوكٍ.»

الشَّاهِدَان

11 ثُمَّ أُعْطِيتُ قَصَبَةً تُشبِهُ عَصَا قِيَاسٍ. وَقِيلَ لِي: «قُمْ وَقِسْ هَيكَلَ اللهِ وَالمَذْبَحَ، وَأحصِ عَدَدَ الَّذِينَ يَتَعَبَّدُونَ بِدَاخِلِهِ. أمَّا سَاحَةُ الهَيْكَلِ الخَارِجِيَّةُ، فَاترُكْهَا وَلَا تَقِسْهَا، لِأنَّهَا قَدْ أُعْطِيَتْ لِلوَثَنِيِّينَ. وَهُمْ سَيَدُوسُونَ المَدِينَةَ المُقَدَّسَةَ لِمُدَّةِ اثْنَيْنِ وَأرْبَعِينَ شَهرًا. وَسَأُرْسِلُ شَاهِدَيَّ الِاثنَيْنِ، وَسَيَتَنَبَّآنِ مُدَّةَ ألفٍ وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَومًا، وَهُمَا يَلْبَسَانِ الخَيْشَ.»

هَذَانِ الشَّاهِدَانِ هُمَا شَجَرَتَا الزَّيْتُونِ، وَهُمَا المِصبَاحَانِ القَائِمَانِ أمَامَ رَبِّ الأرْضِ. إنْ حَاوَلَ أحَدٌ أنْ يُؤذِيَهُمَا، فَإنَّ نَارًا سَتَخْرُجُ مِنْ فَمِهِمَا وَتُبِيدُ أعْدَاءَهُمَا. فَإنْ حَاوَلَ أحَدٌ أنْ يُؤذِيَهُمَا، هَكَذَا يَنْبَغِي أنْ يَمُوتَ. هَذَانِ لَدَيهِمَا السُّلطَانُ أنْ يُغلِقَا السَّمَاءَ، فَلَا يَنْزِلَ مَطَرٌ خِلَالَ فَترَةِ نُبُوَّتِهِمَا. وَلَدَيهِمَا السُّلطَانُ أنْ يُحَوِّلَا المِيَاهَ إلَى دَمٍ، وَأنْ يَضْرِبَا الأرْضَ بِكُلِّ أنْوَاعِ البَلَاءِ مَتَى شَاءَا.

وَعِنْدَمَا يَنْتَهِيَانِ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، سَيَخْرُجُ الوَحشُ مِنَ الهَاوِيَةِ ويُهَاجِمُهُمَا، وَيَهْزِمُهُمَا وَيَقْتُلُهُمَا. وَتُترَكُ جُثَّتَاهُمَا فِي شَوَارِعِ المَدِينَةِ العَظِيمَةِ حَيْثُ صُلِبَ رَبُّهُمَا أيْضًا، وَتُدعَى هَذِهِ المَدِينَةُ رَمزِيًّا سَدُومَ وَمِصْرَ! وَسَيَنْظُرُ النَّاسُ مِنْ كُلِّ الشُّعُوبِ وَالقَبَائِلِ وَاللُّغَاتِ وَالأُمَمِ إلَى جُثَّتَيْهِمَا لِثَلَاثَةِ أيَّامٍ وَنِصفٍ، وَلَنْ يَسْمَحُوا بِأنْ تُدفَنَ جُثَّتَاهُمَا. 10 سَيَشْمَتُ الَّذِينَ يَعِيشُونَ عَلَى الأرْضِ بِهِمَا. سَيَحْتَفِلُونَ وَيُرسِلُونَ الهَدَايَا بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ، لِأنَّ هَذَينِ النَّبِيَّينِ كَانَا مَصدَرَ عَذَابٍ لِلَّذِينَ يَعِيشُونَ عَلَى الأرْضِ.

11 لَكِنْ بَعْدَ انقِضَاءِ الثَّلَاثَةِ أيَّامٍ وَنِصفٍ، دَخَلَتْ فِيهِمَا نَفخَةُ حَيَاةٍ مِنَ اللهِ، فَوَقَفَا عَلَى أقْدَامِهِمَا، وَحَلَّ بِالَّذِينَ كَانُوا يُشَاهِدُونَ ذَلِكَ خَوفٌ عَظِيمٌ!

12 وَسَمِعَ النَّبِيَّانِ صَوْتًا عَالِيًا مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ: «اصعَدَا إلَى هُنَا!» فَصَعِدَا إلَى السَّمَاءِ فِي سَحَابَةٍ، فِيمَا كَانَ أعْدَاؤُهُمَا يَنْظُرُونَ. 13 وَفِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ حَدَثَ زِلزَالٌ عَظِيمٌ، فَانهَارَ عُشْرُ المَدِينَةِ. وَقُتِلَ فِي الزِّلزَالِ سَبعَةُ آلَافِ شَخْصٍ، أمَّا البَاقُونَ فَكَانُوا خَائِفِينَ لِلغَايَةِ، وَمَجَّدُوا إلَهَ السَّمَاءِ.

14 الوَيْلُ الثَّانِي قَدْ مَضَى، وَهَا إنَّ الوَيلَ الثَّالِثَ آتٍ سَرِيعًا.

البُوقُ السَّابِع

15 وَنَفَخَ المَلَاكُ السَّابِعُ فِي بُوقِهِ، وَكَانَتْ هُنَاكَ أصوَاتٌ عَالِيَةٌ فِي السَّمَاءِ تَقُولُ:

«مَمَالِكُ الأرْضِ صَارَتِ الآنَ
لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ،
وَهُوَ سَيَحْكُمُ إلَى أبَدِ الآبِدِينَ.»

16 ثُمَّ خَرَّ الشُّيُوخُ الأرْبَعَةُ وَالعِشرُونَ الجَالِسُونَ عَلَى عُرُوشِهِمْ أمَامَ اللهِ، وَسَجَدُوا لَهُ، 17 وَقَالُوا:

«نَحمَدُكَ أيُّهَا الرَّبُّ الإلَهُ القَدِيرُ
الكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ
لِأنَّكَ أظْهَرتَ قُدرَتَكَ العَظِيمَةَ، وَمَلَكتَ.
18 غَضِبَ الوَثَنِيُّونَ، لَكِنَّ غَضَبَكَ قَدْ أتَى.
آنَ الأوَانُ لِكَي يُدَانَ الأمْوَاتُ،
وَلِكَي يُكَافَأ عِبَادُكَ الأنْبِيَاءُ،
وَشَعْبُكَ المُقَدَّسُ، وَكُلُّ مَنْ يَهَابُ اسْمَكَ صِغَارًا وَكِبَارًا.
حَانَ الوَقْتُ لِكَي يُدَمَّرَ الَّذِينَ كَانُوا يُدَمِّرُونَ الأرْضَ!»

19 ثُمَّ فُتِحَ هَيكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيكَلِهِ. وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَرُعُودٌ، وَزُلزِلَتِ الأرْضُ، وَسَقَطَ عَلَيْهَا بَرَدٌ كَبِيرٌ وَكَثِيرٌ!

Footnotes

  1. 6‏:6 ثُمنِيَّة حصة الجندي اليومية من القمح، وَهِيَ أكبر من حجم اللتر بقليل.
  2. 8‏:11 الأفسنتين نبَات شديد المرَارة، وَهُوَ هُنَا رمز للحزن المرير.
  3. 9‏:11 أبَدُّون اسْمُ مكَان الأمْوَات (الهَاوية) فِي العَهْد القديم. ذُكرَ فِي النص العبري لكتَاب أيوب 26‏:6، ومزمور 88‏:11 وغيرهَا.
  4. 9‏:11 أبُولِّيُّون اسْم يعني «المُدَمِّر.»