المرأة والتنين

12 وَظَهَرَتْ فِي السَّمَاءِ آيَةٌ عَظِيمَةٌ: امْرَأَةٌ لابِسَةٌ الشَّمْسَ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ قَدَمَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا تَاجٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ نَجْماً. وَكَانَتْ حُبْلَى تَصْرُخُ مِنْ أَلَمِ الْوِلادَةِ وَتَتَوَجَّعُ وَهِيَ تَلِدُ. وَظَهَرَتْ فِي السَّمَاءِ آيَةٌ أُخْرَى: تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ، عَلَى كُلٍّ مِنْهَا تَاجٌ، وَلَهُ عَشَرَةُ قُرُونٍ، فَسَحَبَ بِذَيْلِهِ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ وَأَلْقَاهَا إِلَى الأَرْضِ. ثُمَّ وَقَفَ التِّنِّينُ أَمَامَ الْمَرْأَةِ وَهِيَ تَلِدُ، لِيَبْتَلِعَ طِفْلَهَا بَعْدَ أَنْ تَلِدَهُ! وَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْناً ذَكَراً، وَهُوَ الَّذِي سَيَحْكُمُ الأُمَمَ كُلَّهَا بِعَصاً مِنْ حَدِيدٍ. وَرُفِعَ الطِّفْلُ إِلَى حَضْرَةِ اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ. أَمَّا الْمَرْأَةُ فَهَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ أَعدَّ اللهُ لَهَا مَكَاناً تُعَالُ فِيهِ مُدَّةَ أَلْفٍ وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْماً.

وَنَشِبَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ، إِذْ هَاجَمَ مِيخَائِيلُ وَمَلائِكَتُهُ التِّنِّينَ وَمَلائِكَتَهُ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلائِكَتُهُ، لَكِنَّهُمُ انْهَزَمُوا وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَكَانٌ فِي السَّمَاءِ، إِذْ طُرِحُوا إِلَى الأَرْضِ. هَذَا التِّنِّينُ الْعَظِيمُ هُوَ الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ، وَيُسَمَّى إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ الَّذِي يُضَلِّلُ الْعَالَمَ كُلَّهُ. 10 ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتاً عَالِياً فِي السَّمَاءِ يَقُولُ: «الآنَ تَمَّ خَلاصُ إِلَهِنَا، وَآلَتِ الْقُدْرَةِ وَالْمُلْكُ إِلَيْهِ وَالسُّلْطَانُ إِلَى مَسِيحِهِ! فَإِنَّهُ قَدْ طُرِحَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ الْمُشْتَكِي الَّذِي يَتَّهِمُ إِخْوَتَنَا أَمَامَ إِلهِنَا لَيْلاً وَنَهَاراً. 11 وَهُمْ قَدِ انْتَصَرُوا عَلَيْهِ بِدَمِ الْحَمَلِ وَبِالْكَلِمَةِ الَّتِي شَهِدُوا لَهَا، فَلَمْ تَكُنْ حَيَاتُهُمْ عَزِيزَةً لَدَيْهِمْ، حَتَّى إِنَّهُمْ مَاتُوا. 12 افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ، وافْرَحُوا يَا أَهْلَهَا، الْوَيْلُ لَكُمْ يَا أَهْلَ الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ هَبَطَ عَلَيْكُمْ وَهُوَ فِي شِدَّةِ الْغَضَبِ، عَالِماً أَنَّ أَيَّامَهُ صَارَتْ مَعْدُودَةً». 13 وَعِنْدَمَا وَجَدَ التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، أَخَذَ يُطَارِدُ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتِ الطِّفْلَ الذَّكَرَ، 14 فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ، لِتَطِيرَ بِهِمَا إِلَى الْبَرِّيَّةِ، إِلَى الْمَكَانِ الْمُجَهَّزِ لَهَا، حَيْثُ تُعَالُ بِمَأْمَنٍ مِنَ الْحَيَّةِ، مُدَّةَ ثَلاثِ سَنَوَاتٍ وَنِصْفِ السَّنَةِ. 15 وَأَخْرَجَتِ الْحَيَّةُ مِنْ جَوْفِهَا خَلْفَ الْمَرْأَةِ مَا يُشْبِهُ النَّهْرَ لِتُغْرِقَهَا فِيهِ، 16 وَلكِنَّ الأَرْضَ أَعَانَتِ الْمَرْأَةَ، فَفَتَحَتْ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ! 17 فَاغْتَاظَ التِّنِّينُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَشَنَّ حَرْباً عَلَى بَاقِي أَوْلادِهَا الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِوَصَايَا اللهِ وَعِنْدَهُمُ الشَّهَادَةُ لِيَسُوعَ.

الوحش الخارج من البحر

13 ثُمَّ رَأَيْتُ نَفْسِي وَاقِفاً عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، وَإذَا وَحْشٌ خَارِجٌ مِنَ الْبَحْرِ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، عَلَى كُلِّ قَرْنٍ مِنْهَا تَاجٌ، وَقَدْ كُتِبَ عَلَى كُلِّ رَأْسٍ اسْمُ تَجْدِيفٍ. وَبَدَا هَذَا الْوَحْشُ مِثْلَ النَّمِرِ وَلَهُ قَوَائِمُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ وَفَمٌ كَفَمِ أَسَدٍ! وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَةً عَظِيمَةً. وَبَدَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤُوسِهِ كَأَنَّهُ ذُبِحَ ذَبْحاً مُمِيتاً، وَلكِنَّ الْجُرْحَ الْمُمِيتَ شُفِيَ، فَتَعَجَّبَ سُكَّانُ الأَرْضِ لِذَلِكَ، وَتَبِعُوا الْوَحْشَ. وَسَجَدَ النَّاسُ لِلتِّنِّينِ لأَنَّهُ وَهَبَ الْوَحْشَ سُلْطَتَهُ، وَعَبَدُوا الْوَحْشَ وَهُمْ يَقُولُونَ: «مَنْ مِثْلُ هَذَا الْوَحْشِ؟ وَمَنْ يَجْرُؤُ عَلَى مُحَارَبَتِهِ؟»

وَأَعْطَى التِّنِّينُ الْوَحْشَ فَماً يَنْطِقُ بِكَلامِ الْكِبْرِيَاءِ وَالتَّجْدِيفِ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَةَ الْعَمَلِ مُدَّةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْراً. فَأَخَذَ الْوَحْشُ يَشْتُمُ اسْمَ اللهِ، وَيَشْتُمُ بَيْتَهُ وَسُكَّانَ السَّمَاءِ. وَأُعْطِيَ الْوَحْشُ قُدْرَةً عَلَى أَنْ يُحَارِبَ الْقِدِّيسِينَ وَيَهْزِمَهُمْ وَسُلْطَةً عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ وَشَعْبٍ وَلُغَةٍ وَأُمَّةٍ. فَيَسْجُدُ لِلْوَحْشِ جَمِيعُ سُكَّانِ الأَرْضِ الَّذِينَ لَمْ تُكْتَبْ أَسْمَاؤُهُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِجِلِّ الْحَيَاةِ لِلْحَمَلِ الَّذِي ذُبِحَ. مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ: 10 مَنْ سَاقَ غَيْرَهُ إِلَى السَّبْيِ، فَإِلَى السَّبْيِ سَيُسَاقُ؛ وَمَنْ قَتَلَ بِالسَّيْفِ، فَبِالسَّيْفِ سَيُقْتَلُ! هُنَا يَظْهَرُ صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإِيمَانُهُمْ.

الوحش الخارج من الأرض

11 ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشاً آخَرَ خَارِجاً مِنَ الأَرْضِ، لَهُ قَرْنَانِ صَغِيرَانِ كَقَرْنَيْ خَرُوفٍ، وَلَكِنَّ صَوْتَهُ كَصَوْتِ تِنِّينٍ، 12 وَقَدِ اسْتَمَدَّ سُلْطَتَهُ مِنَ الْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْبَحْرِ لِيَعْمَلَ بِها فِي حُضُورِهِ، فَجَعَلَ سُكَّانَ الأَرْضِ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي شُفِيَ مِنْ جُرْحِهِ الْمُمِيتِ. 13 وَقَامَ الْوَحْشُ الثَّانِي بِآيَاتٍ خَارِقَةٍ، حَتَّى إِنَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ نَاراً عَلَى الأَرْضِ بِمَشْهَدٍ مِنَ النَّاسِ جَمِيعاً، 14 فَخَدَعَ سُكَّانَ الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِي كَانَ يَقُومُ بِها فِي حُضُورِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ. وَأَمَرَ سُكَّانَ الأَرْضِ أَنْ يُقِيمُوا تِمْثَالاً لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي كَانَ قَدْ جُرِحَ جُرْحاً مُمِيتاً وَلَكِنَّهُ عَاشَ! 15 وَأُعْطِيَ سُلْطَةً عَلَى أَنْ يَبْعَثَ الرُّوحَ فِي التِّمْثَالِ لِيَنْطِقَ، وَأَنْ يَمُدَّ يَدَهُ فَيَقْتُلُ كُلَّ مَنْ يَرْفُضُ السُّجُودَ لِتِمْثَالِ الْوَحْشِ، 16 وَأَنْ يَأْمُرَ الْجَمِيعَ، كِبَاراً وَصِغَاراً، أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ، أَحْرَاراً وَعَبِيداً، أَنْ يَحْملُوا عَلامَةً عَلَى أَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جِبَاهِهِمْ، 17 فَلا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ إِلّا إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ عَلامَةُ الْوَحْشِ، أَوِ الرَّقْمُ الَّذِي يَرْمِزُ لاسْمِهِ! 18 وَلابُدَّ هُنَا مِنَ الْفِطْنَةِ: فَعَلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنْ يَحْسُبُوا عَدَدَ اسْمِ الْوَحْشِ. إِنَّهُ عَدَدٌ لإِنْسَانٍ، وَهُوَ الرَّقْمُ «سِتُّ مِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ».

الحمل والمائة والأربعة والأربعون ألفاً

14 ثُمَّ رَأَيْتُ حَمَلاً وَاقِفاً عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً كُتِبَ عَلَى جِبَاهِهِمْ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ. وَسَمِعْتُ مِنَ السَّمَاءِ صَوْتاً أَشْبَهَ بِصَوْتِ الشَّلّالِ الْغَزِيرِ أَوْ دَوِيِّ الرَّعْدِ الشَّدِيدِ. وَكَانَ الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَأَنَّهُ صَوْتُ مُنْشِدِينَ عَلَى الْقِيثَارَاتِ يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ وَكَانُوا يُنْشِدُونَ تَرْتِيلَةً جَدِيدَةً أَمَامَ عَرْشِ اللهِ، وَأَمَامَ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الأَرْبَعَةِ وَالشُّيُوخِ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ هذِهِ التَّرْتِيلَةَ إِلّا الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفاً الْمُشْتَرَوْنَ مِنَ الأَرْضِ، فَهَؤُلاءِ لَمْ يُنَجِّسُوا أَنْفُسَهُمْ مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ، وَهُمْ يَتْبَعُونَ الْحَمَلَ حَيْثُمَا ذَهَبَ، وَقَدْ تَمَّ شِرَاؤُهُمْ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً لِلهِ، وَلِلْحَمَلِ، لَمْ تَنْطِقْ أَفْوَاهُهُمْ بِالْكَذِبِ، وَلا عَيْبَ فِيهِمْ.

الملائكة الثلاثة

ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاكاً آخَرَ يَطِيرُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ، مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ يُبَشِّرُ بِها أَهْلَ الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلُغَةٍ وَشَعْبٍ، وَهُوَ يُنَادِي عَالِياً: «اتَّقُوا اللهَ وَمَجِّدُوهُ، فَقَدْ حَانَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ. اسْجُدُوا لِمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَالْيَنَابِيعَ».

وَتَبِعَهُ مَلاكٌ ثَانٍ يَقُولُ: «سَقَطَتْ، سَقَطَتْ بَابِلُ الْعُظْمَى الَّتِي سَقَتْ أُمَمَ الْعَالَمِ مِنْ خَمْرِ زِنَاهَا الْجَالِبَةِ لِلْغَضَبِ!»

ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاكٌ ثَالِثٌ يُنَادِي بِصَوْتٍ عَالٍ: «جَمِيعُ الَّذِينَ سَجَدُوا لِلْوَحْشِ وَلِتِمْثَالِهِ، وَقَبِلُوا عَلامَتَهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ أَوْ عَلَى جِبَاهِهِمْ، 10 لابُدَّ لَهُمْ، فِي حَضْرَةِ الْمَلائِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَفِي حَضْرَةِ الْحَمَلِ، أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ خَمْرِ الْغَضَبِ غَيْرِ الْمُخَفَّفَةِ، الْمَسْكُوبَةِ فِي كَأْسِ غَضَبِ اللهِ، فَيُكَابِدُوا عَذَابَ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ الْمُتَّقِدِ، 11 وَيَتَصَاعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. لَا رَاحَةَ فِي النَّهَارِ وَلا فِي اللَّيْلِ لِلَّذِينَ عَبَدُوا الْوَحْشَ وَسَجَدُوا لِتِمْثَالِهِ وَقَبِلُوا عَلامَةَ اسْمِهِ. 12 وَهُنَا يَظْهَرُ صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ يُحَافِظُونَ عَلَى وَصَايَا اللهِ وَالإِيمَانِ بِيَسُوعَ!»

13 وَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ: «اُكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ مُنْذُ الآنَ وَهُمْ فِي الرَّبِّ! يَقُولُ الرُّوحُ: نَعَمْ! فَلْيَسْتَرِيحُوا مِنْ مَتَاعِبِهِمْ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ تُرَافِقُهُمْ».

حصاد الأرض

14 ثُمَّ نَظَرْتُ، فَرَأَيْتُ سَحَابَةً بَيْضَاءَ، يَجْلِسُ عَلَيْهَا كَائِنٌ يُشْبِهُ ابْنَ الإِنْسَانِ، عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ. 15 وَخَرَجَ مَلاكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ يُنَادِيهِ بِصَوْتٍ عَالٍ: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ لِيَحْصِدَ، فَقَدْ حَلَّتْ سَاعَةُ الْحَصَادِ وَنَضَجَ حَصَادُ الأَرْضِ». 16 فَأَلْقَى الْجَالِسُ عَلَى السَّحَابَةِ مِنْجَلَهُ عَلَى الأَرْضِ فَحُصِدَتِ الأَرْضُ.

17 ثُمَّ خَرَجَ مَلاكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، وَمَعَهُ أَيْضاً مِنْجَلٌ حَادٌّ. 18 وَمِنَ الْمَذْبَحِ خَرَجَ مَلاكٌ آخَرُ لَهُ السُّلْطَةُ عَلَى النَّارِ، وَنَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ الْمَلاكَ الَّذِي يُمْسِكُ الْمِنْجَلَ الْحَادَّ: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ الْحَادَّ وَاقْطِفْ عَنَاقِيدَ كَرْمِ الأَرْضِ لأَنَّ عِنَبَهَا قَدْ نَضَجَ». 19 فَأَلْقَى الْمَلاكُ مِنْجَلَهُ إِلَى الأَرْضِ وَقَطَفَ الْعَنَاقِيدَ وَأَلْقَاهَا فِي مِعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعُظْمَى، 20 فَدِيسَتِ الْمَعْصَرَةُ بِالأَرْجُلِ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَانْبَثَقَ مِنْهَا الدَّمُ وَجَرَى أَنْهَاراً حَتَّى إِلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتُّمَائَةِ غَلْوَةً (ثُلْثُمَائةٍ وَعِشْرِينَ كيلُومِتْراً).

سبعة ملائكة وسبع بلايا

15 ثُمَّ رَأَيْتُ فِي السَّمَاءِ آيَةً أُخْرَى عَظِيمَةً وَعَجِيبَةً: سَبْعَةُ مَلائِكَةٍ مُكَلَّفِينَ أَنْ يُنْزِلُوا بِالأَرْضِ الْبَلايَا السَّبْعَ الأَخِيرَةَ الَّتِي بِها يَكْتَمِلُ غَضَبُ اللهِ. وَرَأَيْتُ أَيْضاً مَا يُشْبِهُ بَحْراً مِنْ زُجَاجٍ تَخْتَلِطُ بِهِ النَّارُ، وَقَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الَّذِينَ انْتَصَرُوا عَلَى الْوَحْشِ وَتِمْثَالِهِ وَرَقْمِ اسْمِهِ، وَهُمْ يَحْمِلُونَ قِيثَارَاتِ اللهِ، وَيُنْشِدُونَ تَرْتِيلَةَ مُوسَى، عَبْدِ اللهِ وَتَرْتِيلَةَ الْحَمَلِ قَائِلِينَ: «عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، عَادِلَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الدُّهُورِ. مَنْ لَا يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَلا يُمَجِّدُ اسْمَكَ؟ فَأَنْتَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ! وَالأُمَمُ جَمِيعاً سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ لَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ ظَهَرَتْ جَلِيَّةً».

وَبَعْدَ ذَلِكَ نَظَرْتُ، فَرَأَيْتُ هَيْكَلَ خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ فِي السَّمَاءِ وَقَدِ انْفَتَحَ، وَخَرَجَ مِنْهُ الْمَلائِكَةُ السَّبْعَةُ الْمُكَلَّفُونَ بِإِنْزَالِ الْبَلايَا السَّبْعِ الأَخِيرَةِ بِالأَرْضِ، وَهُمْ يَرْتَدُونَ ثِيَاباً مِنْ كَتَّانٍ خَالِصٍ بَرَّاقٍ، وَيَشُدُّونَ صُدُورَهُمْ بِأَحْزِمَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَسَلَّمَ وَاحِدٌ مِنَ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الأَرْبَعَةِ هَؤُلاءِ الْمَلائِكَةَ السَّبْعَةَ سَبْعَ كُؤُوسٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ بِغَضَبِ اللهِ الْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَامْتَلأَ الْهَيْكَلُ دُخَاناً مِنْ مَجْدِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ الْهَيْكَلَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ الْمَلائِكَةُ السَّبْعَةُ مِنْ إِنْزَالِ الْبَلايَا السَّبْعِ بِالأَرْضِ.

سبع كؤوس غضب الله

16 وَسَمِعْتُ صَوْتاً عَالِياً صَادِراً مِنَ الْهَيْكَلِ يَأْمُرُ الْمَلائِكَةَ السَّبْعَةَ: «اذْهَبُوا الآنَ وَاسْكُبُوا عَلَى الأَرْضِ كُؤُوسَ غَضَبِ اللهِ السَّبْعَ».

فَذَهَبَ الْمَلاكُ الأَوَّلُ وَسَكَبَ كَأْسَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَخَرَجَتْ مِنْهَا قُرُوحٌ خَبِيثَةٌ أَصَابَتْ جَمِيعَ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ عَلامَةُ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِتِمْثَالِهِ.

ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاكُ الثَّانِي كَأْسَهُ عَلَى الْبَحْرِ، فَصَارَ دَماً كَدَمِ الْمَيْتِ، وَمَاتَتْ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ الْحَيَّةِ الَّتِي فِيهِ.

وَسَكَبَ الْمَلاكُ الثَّالِثُ كَأْسَهُ عَلَى الأَنْهَارِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ، فَصَارَتْ كُلُّهَا دَماً. وَسَمِعْتُ مَلاكَ الْمِيَاهِ يَقُولُ: «عَادِلٌ أَنْتَ فِي أَحْكَامِكَ، أَيُّهَا الإِلهُ الْقُدُّوسُ، الْكَائِنُ الَّذِي كَانَ، فَقَدْ سَفَكَ النَّاسُ دَمَ قِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَاءَ، وَهَا أَنْتَ تَسْقِي قَاتِلِيهِمْ دَماً! إِنَّهُمْ يَنَالُونَ مَا يَسْتَحِقُّونَ!» وَسَمِعْتُ مَلاكَ الْمَذْبَحِ يَقُولُ: «إِنَّ أَحْكَامَكَ حَقٌّ وَعَدْلٌ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ».

وَسَكَبَ الْمَلاكُ الرَّابِعُ كَأْسَهُ عَلَى الشَّمْسِ، فَأُعْطِيَتِ الشَّمْسُ أَنْ تُحْرِقَ النَّاسَ بِنَارٍ، فَاحْتَرَقَ النَّاسُ مِنَ الْحَرِّ الشَّدِيدِ. وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتُوبُوا لِيُمَجِّدُوا اللهَ، بَلْ جَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ صَاحِبِ السُّلْطَةِ عَلَى هَذِهِ الْبَلايَا.

10 ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاكُ الْخَامِسُ كَأْسَهُ عَلَى عَرْشِ الْوَحْشِ، فَحَلَّ بِمَمْلَكَتِهِ ظَلامٌ دَامِسٌ، جَعَلَ أَتْبَاعَهُ يَعُضُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ مِنَ الأَلَمِ. 11 غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِهِمِ الشِّرِّيرَةِ، بَلْ جَدَّفُوا عَلَى إِلهِ السَّمَاءِ لِمَا يُعَانُونَ مِنْ آلامٍ وَقُرُوحٍ!

12 وَسَكَبَ الْمَلاكُ السَّادِسُ كَأْسَهُ عَلَى نَهْرِ «الْفُرَاتِ» الْكَبِيرِ فَجَفَّ مَاؤُهُ، لِيَصِيرَ مَمَرّاً لِلْمُلُوكِ الْقَادِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ. 13 وَعِنْدَ هَذَا رَأَيْتُ ثَلاثَةَ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ تُشْبِهُ الضَّفَادِعَ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ التِّنِّينِ، وَمِنْ فَمِ الْوَحْشِ، وَمِنْ فَمِ النَّبِيِّ الدَّجَّالِ، 14 وَهِيَ أَرْوَاحٌ شَيْطَانِيَّةٌ قَادِرَةٌ عَلَى صُنْعِ الْمُعْجِزَاتِ، تَذْهَبُ إِلَى مُلُوكِ الأَرْضِ جَمِيعاً وَتَجْمَعُهُمْ لِلْحَرْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، يَوْمِ اللهِ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

15 «هَا أَنَا آتٍ كَمَا يَأْتِي اللِّصُّ، طُوبَى لِمَنْ يَكُونُ بِانْتِظَارِي، سَاهِراً وَحَارِساً لِثِيَابِهِ، لِئَلّا يَمْشِيَ عُرْيَاناً فَيَرَى النَّاسُ عَوْرَتَهُ!»

16 وَجَمَعَتِ الأَرْوَاحُ الشَّيْطَانِيَّةُ جُيُوشَ الْعَالَمِ كُلَّهَا فِي مَكَانٍ يُسَمَّى بِالْعِبْرِيَّةِ «هَرْمَجِدُّونَ».

17 ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاكُ السَّابِعُ كَأْسَهُ عَلَى الْهَوَاءِ، فَدَوَّى صَوْتٌ مِنَ الْعَرْشِ فِي الْهَيْكَلِ السَّمَاوِيِّ يَقُولُ: «قَدْ تَمَّ!» 18 فَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزِلْزَالٌ عَنِيفٌ لَمْ تَشْهَدِ الأَرْضُ لَهُ مَثِيلاً مُنْذُ وُجِدَ الإِنْسَانُ عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّهُ كَانَ زِلْزَالاً عَنِيفاً جِدّاً! 19 فَانْقَسَمَتِ الْمَدِينَةُ الْعُظْمَى إِلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ، وَحَلَّ الدَّمَارُ بِمُدُنِ الأُمَمِ. فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ بَابِلَ الْعُظْمَى لِيَسْقِيَهَا كَأْساً تَفُورُ بِخَمْرِ غَضَبِهِ. 20 وَهَرَبَتِ الْجُزُرُ كُلُّهَا، وَاخْتَفَتِ الْجِبَالُ. 21 وَتَسَاقَطَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى النَّاسِ بَرَدٌ كَبِيرٌ، كُلُّ حَبَّةٍ مِنْهُ بِمِقْدَارِ وَزْنَةٍ وَاحِدَةٍ، فَجَدَّفَ النَّاسُ عَلَى اللهِ بِسَبَبِ هذِهِ الْبَلِيَّةِ الشَّدِيدَةِ جِدّاً.

المرأة والوحش

17 وَجَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ السَّبْعَةِ حَامِلِي الْكُؤُوسِ السَّبْعِ وَقَالَ لِي: «تَعَالَ فَأُرِيَكَ عِقَابَ الزَّانِيَةِ الْكُبْرَى الْجَالِسَةِ عَلَى الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، الَّتِي زَنَى مَعَهَا مُلُوكُ الأَرْضِ، وَسَكِرَ أَهْلُ الأَرْضِ مِنْ خَمْرِ زِنَاهَا».

وَحَمَلَنِي الْمَلاكُ بِالرُّوحِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً رَاكِبَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَقَدْ كُتِبَتْ عَلَى جِسْمِهِ كُلِّهِ أَسْمَاءُ تَجْدِيفٍ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْبَسُ مَلابِسَ مِنْ أُرْجُوَانٍ وَقِرْمِزٍ، وَتَتَحَلَّى بِالذَّهَبِ وَالْحِجَارَةِ الْكَرِيمَةِ وَاللُّؤْلُوءِ، وَقَدْ أَمْسَكَتْ كَأْسَ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةً بِزِنَاهَا الْمَكْرُوهِ النَّجِسِ، وَعَلَى جَبِينِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ: سِرٌّ: «بَابِلُ الْعُظْمَى، أُمُّ زَانِيَاتِ الأَرْضِ وَأَصْنَامِهَا الْمَكْرُوهَةِ». وَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ سَكْرَى لِكَثْرَةِ مَا شَرِبَتْ مِنْ دَمِ الْقِدِّيسِينَ، وَدَمِ شُهَدَاءِ يَسُوعَ الَّذِينَ قَتَلَتْهُمْ. فَتَمَلَّكَتْنِي الدَّهْشَةُ لِمَنْظَرِهَا، فَسَأَلَنِي الْمَلاكُ: «لِمَاذَا دُهِشْتَ؟ سَأُطْلِعُكَ عَلَى سِرِّ الْمَرْأَةِ وَالْوَحْشِ الَّذِي يَحْمِلُهَا، صَاحِبُ الرُّؤُوسِ السَّبْعَةِ وَالْقُرُونِ الْعَشَرَةِ: هَذَا الْوَحْشُ كَانَ مَوْجُوداً، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ الآنَ، وَلَكِنَّهُ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَطْلُعَ مِنَ الْهَاوِيَةِ وَيَمْضِيَ إِلَى الْهَلاكِ. وَسَيُدْهَشُ سُكَّانُ الأَرْضِ الَّذِينَ لَمْ تُكْتَبْ أَسْمَاؤُهُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِجِلِّ الْحَيَاةِ، عِنْدَمَا يَرَوْنَ الْوَحْشَ، لأَنَّهُ كَانَ مَوْجُوداً، ثُمَّ أَصْبَحَ غَيْرَ مَوْجُودٍ، وَسَيَعُودُ! وَلابُدَّ هُنَا مِنْ فِطْنَةِ الْعَقْلِ: الرُّؤُوسُ السَّبْعَةُ هِيَ التِّلالُ السَّبْعَةُ الَّتِي تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهَا وَتَرْمِزُ أَيْضاً إِلَى سَبْعَةِ مُلُوكٍ، 10 خَمْسَةٌ مِنْهُمْ مَضَوْا، وَالسَّادِسُ يَحْكُمُ الآنَ، وَالسَّابِعُ سَيَأْتِي، وَلَكِنَّ مُدَّةَ حُكْمِهِ سَتَكُونُ قَصِيرَةً. 11 أَمَّا الْوَحْشُ الَّذِي كَانَ مَوْجُوداً ثُمَّ أَصْبَحَ غَيْرَ مَوْجُودٍ، فَهُوَ مَلِكٌ ثَامِنٌ سَبَقَ أَنْ مَلَكَ كَوَاحِدٍ مِنَ السَّبْعَةِ، سَيَمْضِي إِلَى الْهَلاكِ. 12 وَأَمَّا الْقُرُونُ الْعَشَرَةُ الَّتِي رَأَيْتَهَا هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ لَمْ يَتَوَلَّوْا الْمُلْكَ بَعْدُ، وَسَيَتَوَلَّوْنَ سُلْطَةَ الْمُلْكِ مَعَ الْوَحْشِ لِمُدَّةِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، 13 يَتَّفِقُونَ فِيهَا بِرَأْيٍ وَاحِدٍ أَنْ يُعْطُوا الْوَحْشَ قُوَّتَهُمْ وَسُلْطَتَهُمْ. 14 ثُمَّ يُحَارِبُونَ الْحَمَلَ، وَلَكِنَّ الْحَمَلَ يَهْزِمُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ هُمُ الْمَدْعُوُّونَ، الْمُخْتَارُونَ، الْمُؤْمِنُونَ».

15 ثُمَّ قَالَ لِيَ الْمَلاكُ: «أَمَّا الْمِيَاهُ الَّتِي رَأَيْتَ حَيْثُ تَجْلِسُ الزَّانِيَةُ، فَتَرْمِزُ إِلَى شُعُوبٍ وَجَمَاهِيرَ وَأُمَمٍ وَلُغَاتٍ. 16 وَأَمَّا الْقُرُونُ الْعَشَرَةُ الَّتِي رَأَيْتَهَا، وَالْوَحْشُ، فَسَيُبْغِضُونَ الزَّانِيَةَ وَيَجْعَلُونَهَا مَعْزُولَةً وَعَارِيَةً، وَيَأْكُلُونَ لَحْمَهَا وَيُحْرِقُونَهَا بِالنَّارِ، 17 لأَنَّ اللهَ جَعَلَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَعْمَلُوا وَفْقَ قَصْدِهِ، فَيَتَّفِقُوا عَلَى أَنْ يُعْطُوا الْوَحْشَ مُلْكَهُمْ، حَتَّى تَتِمَّ كَلِمَاتُ اللهِ. 18 أَمَّا هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتَهَا، فَهِيَ الْمَدِينَةُ الْعُظْمَى الَّتِي تَحْكُمُ مُلُوكَ الأَرْضِ».

سقوط بابل

18 بَعْدَ هَذَا رَأَيْتُ مَلاكاً آخَرَ نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ، لَهُ سُلْطَانٌ عَظِيمٌ، أَضَاءَ بَهَاؤُهُ الأَرْضَ. وَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «سَقَطَتْ، سَقَطَتْ بَابِلُ الْعُظْمَى، وَصَارَتْ وَكْراً لِلشَّيَاطِينِ وَمَأْوىً لِكُلِّ رُوحٍ نَجِسٍ وَلِكُلِّ طَائِرٍ نَجِسٍ مَكْرُوهٍ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ شَرِبَتْ مِنْ خَمْرِ زِنَاهَا، وَمُلُوكَ الأَرْضِ زَنَوْا مَعَهَا، وَتُجَّارَ الأَرْضِ اغْتَنَوْا مِنْ كَثْرَةِ تَرَفِهَا!»

تحذير للهروب من دينونة بابل

ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتاً آخَرَ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ: «اخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي، لِئَلّا تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا، فَتُصَابُوا بِبَلايَاهَا، فَقَدْ تَرَاكَمَتْ خَطَايَاهَا حَتَّى بَلَغَتِ السَّمَاءَ، وَتَذَكَّرَ اللهُ مَا ارْتَكَبَتْهُ مِنْ آثَامٍ! افْعَلُوا بِها كَمَا فَعَلَتْ بِكُمْ، وَضَاعِفُوا لَهَا جَزَاءَ مَا اقْتَرَفَتْ. فِي الْكَأْسِ الَّتِي مَزَجَتْ فِيهَا لِلآخَرِينَ، امْزُجُوا لَهَا ضِعْفاً. أَنْزِلُوا بِها مِنَ الْعَذَابِ وَالشَّقَاءِ عَلَى قَدْرِ مَا عَظَّمَتْ نَفْسَهَا وَتَرَفَّهَتْ. فَإِنَّهَا تَقُولُ فِي نَفْسِهَا: أَنَا مَلِكَةٌ عَلَى الْعَرْشِ، وَلَسْتُ أَرْمَلَةً، وَلَنْ أَذُوقَ طَعْمَ الْحُزْنِ. لِذَلِكَ سَتَنْقَضُّ عَلَيْهَا الْبَلايَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، مِنْ مَوْتٍ وَحُزْنٍ وَجُوعٍ، وَسَتَحْتَرِقُ بِالنَّارِ، فَإِنَّ اللهَ الَّذِي يَدِينُهَا هُوَ رَبٌّ قَدِيرٌ.

الويل بسقوط بابل

وَسَيَبْكِي عَلَيْهَا مُلُوكُ الأَرْضِ الَّذِينَ زَنَوْا وَتَرَفَّهُوا مَعَهَا، وَسَيَنُوحُونَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى دُخَانِ حَرِيقِهَا، 10 فَيَقِفُونَ عَلَى بُعْدٍ مِنْهَا، خَوْفاً مِنْ عَذَابِهَا، وَهُمْ يَصْرُخُونَ: الْوَيْلُ، الْوَيْلُ، أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ الْعُظْمَى، بَابِلُ الْقَوِيَّةُ! فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ حَلَّ بِكِ الْعِقَابُ! 11 وَسَيَبْكِي تُجَّارُ الأَرْضِ وَيَحْزَنُونَ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ لِيَشْتَرِيَ بَضَائِعَهُمْ، 12 فَقَدْ كَانَتْ هِيَ تَشْتَرِي مِنْهُمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالْحِجَارَةَ الْكَرِيمَةَ وَاللُّؤْلُؤَ، وَالْكَتَّانَ وَالأُرْجُوَانَ وَالْحَرِيرَ وَالْقِرْمِزَ، وَجَمِيعَ الأَخْشَابِ الْعَطِرَةِ وَأَدَوَاتِ الْعَاجِ وَالْمَصْنُوعَاتِ الْخَشَبِيَّةِ الثَّمِينَةِ، وَالنُّحَاسَ وَالْحَدِيدَ وَالرُّخَامَ، 13 وَالْقِرْفَةَ وَالْبَهَارَ، وَالعُطُورَ وَالطِّيبَ وَالْبَخُورَ، وَالْخَمْرَ وَالزَّيْتَ وَالدَّقِيقَ وَالْحُبُوبَ، وَالْبَهَائِمَ وَالْغَنَمَ، وَالْخَيْلَ وَالْمَرْكَبَاتِ، وَالأَجْسَادَ وَالنُّفُوسَ الْبَشَرِيَّةَ 14 وَسَيَقُولُونَ: مَضَى عَنْكِ الثَّمَرُ الَّذِي كَانَتْ تَشْتَهِيهِ نَفْسُكِ؛ وَزَالَتْ عَنْكِ مَظَاهِرُ التَّرَفِ وَالْعَظَمَةِ كُلُّهَا، وَلَنْ تَعُودَ! 15 هؤُلاءِ التُّجَّارُ الَّذِينَ اغْتَنَوْا مِنَ التِّجَارَةِ مَعَهَا، يَقِفُونَ عَلَى بُعْدٍ مِنْهَا، خَوْفاً مِنْ عَذَابِهَا، يَبْكُونَ وَيَنْتَحِبُونَ 16 قَائِلِينَ: الْوَيْلُ، الْوَيْلُ عَلَى الْمَدِينَةِ الْعُظْمَى! كَانَتْ تَرْتَدِي أَفْضَلَ الْكَتَّانِ وَالأُرْجُوَانِ وَالْقِرْمِزِ، وَتَتَحَلَّى بِالذَّهَبِ وَالأَحْجَارِ الْكَرِيمَةِ وَاللُّؤْلُوءِ، 17 وَقَدْ زَالَ هَذَا الْغِنَى كُلُّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ!

وَيَقِفُ قَادَةُ السُّفُنِ وَرُكَّابُهَا وَمَلّاحُوهَا وَعُمَّالُ الْبَحْرِ جَمِيعاً عَلَى بُعْدٍ مِنْهَا 18 يَنْظُرُونَ إِلَى دُخَانِ حَرِيقِهَا، فَيَصْرُخُونَ: أَيَّةُ مَدِينَةٍ مِثْلُ هذِهِ الْمَدِينَةِ الْعُظْمَى؟ 19 وَيُذَرُّونَ التُّرَابَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ وَهُمْ يَصْرُخُونَ بَاكِينَ مُنْتَحِبِينَ: الْوَيْلُ، الْوَيْلُ عَلَى الْمَدِينَةِ الْعُظْمَى الَّتِي اغْتَنَى أَصْحَابُ سُفُنِ الْبَحْرِ جَمِيعاً بِفَضْلِ ثَرْوَتِهَا! هَا هِيَ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ زَالَتْ! 20 اشْمَتِي بِها أَيَّتُهَا السَّمَاءُ! وَاشْمَتُوا بِها أَيُّهَا الْقِدِّيسُونَ وَالرُّسُلُ وَالأَنْبِيَاءُ، فَقَدْ أَصْدَرَ اللهُ حُكْمَهُ عَلَيْهَا بَعْدَمَا أَصْدَرَتْ أَحْكَامَهَا عَلَيْكُمْ».

نهاية بابل

21 وَتَنَاوَلَ مَلاكٌ قَوِيٌّ حَجَراً كَأَنَّهُ حَجَرُ طَاحُونَةٍ عَظِيمٌ وَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ قَائِلاً: «هكَذَا تُدْفَعُ وَتُطْرَحُ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعُظْمَى، فَتَخْتَفِي إِلَى الأَبَدِ! 22 لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ عَزْفُ مُوسِيقَى بَعْدُ، لَا صَوْتُ قِيثَارَةٍ وَلا مِزْمَارٍ وَلا بُوقٍ، وَلَنْ تَقُومَ فِيكِ صِنَاعَةٌ بَعْدَ الآنَ، وَلَنْ يُسْمَعَ فِيكِ صَوْتُ رَحىً 23 وَلَنْ يُضِيءَ فِيكِ نُورُ مِصْبَاحٍ. وَلَنْ يُسْمَعَ فِيكِ صَوْتُ عَرِيسٍ وَعَرُوسٍ. فَقَدْ كَانَ تُجَّارُكِ سَادَةَ الأَرْضِ، وَبِسِحْرِكِ ضَلَّلْتِ جَمِيعَ الأُمَمِ. 24 وَفِيهَا وُجِدَتْ دِمَاءُ أَنْبِيَاءَ وَقِدِّيسِينَ وَجَمِيعِ الَّذِينَ قُتِلُوا عَلَى الأَرْضِ».

المَرْأةُ وَالحَيَّةُ العَظِيمَة

12 وَظَهَرَتْ عَلَامَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرأةٌ تَلْبَسُ الشَّمْسَ، وَالقَمَرُ تَحْتَ قَدَمَيهَا، وَفَوقَ رَأسِهَا تَاجٌ بَاثْنَي عَشرَ نَجمًا. كَانَتْ حُبلَى، وَصَرَخَتْ بَسَبَبِ آلَامِ المَخَاضِ، لِأنَّهَا كَانَتْ عَلَى وَشْكِ الوِلَادَةِ.

ثُمَّ ظَهَرَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: تِنِّينٌ ضَخمٌ أحمَرُ كَالنَّارِ، لَهُ سَبعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشْرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبعَةُ تِيجَانٍ. سَحَبَ ذَيلُهُ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَرَمَى بِهَا إلَى الأرْضِ! وَقَفَ التِّنِّينُ أمَامَ المَرْأةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى وَشَكِ الوِلَادَةِ، عَلَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنَ التِهَامِ الوَلِيدِ حَالَ وِلَادَتِهِ.

ثُمَّ وَلَدَتِ المَرْأةُ ابنًا، صَبِيًّا كَانَ يَنْبَغِي أنْ يَحْكُمَ كُلَّ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. لَكِنَّ طِفلَهَا اختُطِفَ إلَى حَيْثُ اللهُ وَعَرشُهُ، وَهَرَبَتِ المَرْأةُ إلَى مَكَانٍ أعَدَّهُ اللهُ لَهَا فِي البَرِّيَّةِ، حَيْثُ سَيُعتَنَى بِهَا لِمُدَّةِ ألفٍ وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَومًا.

ثُمَّ اندَلَعَتْ حَربٌ فِي السَّمَاءِ. وَحَارَبَ مِيخَائِيلُ وَمَلَائِكَتُهُ التّنِّينَ، وَحَارَبَهُمُ التِّنِّينُ وَمَلَائِكَتُهُ. لَكِنْ لَمْ تَكُنْ لَدَى التِّنِّينِ وَمَلَائِكَتِهِ قُوَّةٌ كَافِيَةٌ، فَخَسِرُوا مَكَانَهُمْ فِي السَّمَاءِ. وَأُلقِيَ التِّنِّينُ الضَّخمُ إلَى الأسفَلِ، وَهُوَ تِلْكَ الحَيَّةُ القَدِيمَةُ الَّتِي تُدعَى إبْلِيسَ أوِ الشَّيطَانَ، وَالَّتِي تُضَلِّلُ كُلَّ سَاكِنِي الأرْضِ. سَقَطَ هُوَ وَمَلَائِكَتُهُ مَعَهُ.

10 ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتًا عَالِيًا فِي السَّمَاءِ يَقُولُ: «هَذِهِ هِيَ لَحظَةُ انتِصَارِ إلَهِنَا وَقُوَّتِهِ وَمُلكِهِ، وَهَا مَسِيحُهُ قَدْ أظْهَرَ سَلطَانَهُ! لِأنَّ الَّذِي اتَّهَمَ إخْوَتَنَا قَدْ سَقَطَ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَتَّهِمُهُمْ أمَامَ إلَهِنَا لَيلَ نَهَارَ. 11 لَكِنَّهُمْ هَزَمُوهُ بِدَمِ الحَمَلِ، وَبِالشَّهَادَةِ الَّتِي قَدَّمُوهَا، إذِ لَمْ يَهْتَمُّوا بِحَيَاتِهِمْ حَتَّى إلَى المَوْتِ. 12 لِذَا افرَحِي أيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ، وَأنْتُمُ الَّذِينَ تَعِيشُونَ فِيهَا. لَكِنْ يَا لَهَولِ مَا سَيَحْدُثُ لِلأرْضِ وَلِلبَحرِ، لِأنَّ الشَّيطَانَ قَدْ نَزَلَ إلَيكُمْ! إنَّهُ مَملُوءٌ بِالغَضَبِ، فَهوَ يَعْلَمُ أنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا وَقْتٌ قَلِيلٌ.»

13 وَعِنْدَمَا رَأى التِّنِّينُ[a] أنَّهُ طُرِحَ إلَى الأرْضِ، بَدَأ بِاضطِهَادِ المَرْأةِ الَّتِي وَلَدَتِ الطِّفْلَ الذَّكَرَ. 14 لَكِنَّ المَرْأةَ كَانَتْ قَدْ مُنِحَتْ جَنَاحَي نَسرٍ عَظِيمٍ، حَتَّى تُحَلِّقَ بَعِيدًا إلَى البَرِّيَّةِ، إلَى المَكَانِ المُعَدِّ لَهَا، حَيْثُ سَتُعَالُ لِمُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَنِصفٍ بَعِيدًا عَنِ الحَيَّةِ. 15 عِنْدَهَا سَكَبَتِ الحَيَّةُ عَلَى المَرْأةِ مَاءً مِنْ فَمِهَا كَالنَّهرِ، لِكَي يَجْرِفَهَا النَّهرُ. 16 لَكِنَّ الأرْضَ سَاعَدَتِ المَرْأةَ، فَفَتَحَتْ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهرَ الَّذِي سَكَبَهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ. 17 فَاشتَعَلَ غَضَبُ التِّنِّينِ عَلَى المَرْأةِ، وَذَهَبَ لِيُحَارِبَ بَقِيَّةَ نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَيَشْهَدُونَ عَنْ يَسُوعَ.

الوَحشَان

13 وَوَقَفَ التِّنِّينُ عَلَى شَاطِئِ البَحْرِ. ثُمَّ رَأيْتُ وَحشًا يَصْعَدُ مِنَ البَحْرِ. لَهُ عَشْرَةُ قُرُونٍ وَسَبعَةُ رُؤُوسٍ، وَعَلَى قُرُونِهِ عَشرَةُ تِيجَانٍ، وَأسْمَاءٌ شِرِّيرَةٌ عَلَى رُؤُوسِهِ. الوَحشُ الَّذِي رَأيْتُهُ كَانَ يُشْبِهُ النَّمِرَ. أقْدَامُهُ كَأقْدَامِ الدُّبِّ، وَفَمُهُ كَفَمِ الأسَدِ. التِّنِّينُ مَنَحَهُ قُوَّتَهُ وَعَرشَهُ وَسُلطَانَهُ العَظِيمَ.

وَبَدَا أحَدُ رُؤُوسِهِ كَأنَّهُ قَدْ جُرِحَ جُرحًا مُمِيتًا، لَكِنَّ جُرحَهُ كَانَ قَدْ شُفِيَ. العَالَمُ كُلُّهُ كَانَ مَذْهُولًا بِهَذَا الوَحشِ، فَسَجَدُوا لِلتِّنِّينِ لِأنَّهُ مَنَحَ سُلطَانَهُ لِلوَحشِ، كَمَا سَجَدُوا لِلوَحشِ وَقَالُوا: «مَنْ يُشْبِهُ الوَحشَ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَطِيعُ أنْ يُقَاتِلَهُ؟»

وَكَانَ قَدْ سُمِحَ لِلوَحشِ بِأنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ مُتَغَطرِسٍ وَإهَانَاتٍ ضِدَّ اللهِ. وَكَانَ قَدْ أُعْطِيَ سُلطَانًا لِأنْ يَسْتَعْمِلَ قُوَّتَهُ لَاثْنَيْنِ وَأرْبَعِينَ شَهرًا. فَبَدَأ يَتَلَفَّظُ بِإهَانَاتٍ، مُهِينًا اسْمَ اللهِ وَمَسكَنَهُ وَالَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي السَّمَاءِ. كَمَا أُعْطِيَ سُلطَانًا أنْ يُقَاتِلَ المُؤمِنِينَ المُقَدَّسِينَ وَيَهْزِمَهُمْ، وَسُلطَانًا عَلَى كُلِّ عَشِيرَةٍ وَشَعْبٍ وَلُغَةٍ وَأُمَّةٍ. وَهَكَذَا سَيَعْبُدُهُ جَمِيعُ سُكَّانِ الأرْضِ، كُلُّ الَّذِينَ عَاشُوا مُنْذُ بِدَايَةِ العَالَمِ وَلَمْ تُكْتَبْ أسمَاؤهُمْ فِي كِتَابِ حَيَاةِ الحَمَلِ الَّذِي ذُبِحَ. مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَليَسْمَعْ:

10 «مَنْ يَنْبَغِي أنْ يُسبَى،
فَإلَى السَّبيِ يَذْهَبُ.
وَمَنْ يَنْبَغِي أنْ يُقتَلَ بِالسَّيفِ،
فَبِالسَّيفِ يَنْبَغِي أنْ يُقتَلَ.»

هُنَا يُطلَبُ الصَّبرُ وَالإيمَانُ مِنَ المُؤمِنِينَ المُقَدَّسِينَ.

11 ثُمَّ رَأيْتُ وَحشًا آخَرَ يَخْرُجُ مِنَ الأرْضِ. كَانَ لَدَيهِ قَرنَانِ كَقَرنَيِّ الحَمَلِ، لَكِنَّهُ تَكَلَّمَ مِثْلَ تِنِّينٍ. 12 وَقَدْ مَارَسَ كُلَّ سُلطَانِ الوَحشِ الأوَّلِ بِوُجُودِ التَّنِّينِ، فَجَعَلَ الأرْضَ وَمَنْ عَاشَ عَلَيْهَا يَعْبُدُونَ الوَحشَ الأوَّلَ الَّذِي شُفِيَ جُرحُهُ المُمِيتُ.

13 وَصَنَعَ الوَحشُ الثَّانِي مُعجِزَاتٍ كَثِيرَةً، حَتَّى إنَّهُ أنزَلَ نَارًا مِنَ السَّمَاءِ إلَى الأرْضِ أمَامَ عُيُونِ النَّاسِ. 14 وَبَدَأ يُضَلِّلُ الَّذِينَ يَعِيشُونَ عَلَى الأرْضِ، بِسَبَبِ العَجَائِبِ الَّتِي سُمِحَ لَهُ بِأنْ يَعْمَلَهَا أمَامَ الوَحشِ الأوَّلِ، آمِرًا سُكَّانَ الأرْضِ بِأنْ يَصْنَعُوا تِمثَالًا لِتَكْرِيمِ الوَحشِ الأوَّلِ الَّذِي جَرَحَهُ السَّيفُ لَكِنَّهُ عَاشَ! 15 وَقدْ أُعْطِيَ الوَحشُ الثَّانِي القُدرَةَ لِأنْ يَمْنَحَ الحَيَاةَ لِتِمثَالِ الوَحشِ الأوَّلِ، حَتَّى إنَّ التِمثَالَ يَنْطِقُ، وَيَسْتَطِيعُ أنْ يَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لَا يَعْبُدُونَ التِّمثَالَ يُقتَلُونَ. 16 وَأنْ يَأْمُرَ جَمِيعَ النَّاسِ صِغَارًا وَكِبَارًا، أغنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ، أحرَارًا وَعَبِيدًا بِأنْ يَقْبَلُوا عَلَامَةً عَلَى أيدِيهِمُ اليُمْنَى أوْ عَلَى جِبَاهِهِمْ، 17 فَلَا يَسْتَطِيعُ أحَدٌ أنْ يَشْتَرِيَ أوْ يَبِيعَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَدَيهِ تِلْكَ العَلَامَةُ، الَّتِي هِيَ اسْمُ الوَحْشِ، أوِ الرَّقْمُ الَّذِي يُوافِقُ اسْمَهُ.

18 هُنَا الحَاجَةُ إلَى الحِكْمَةِ: مَنْ لَدَيهِ الذَّكَاءُ فَلْيَحْسِبْ رَقْمَ الوَحشِ، لِأنَّ الرَّقْمَ يُمَثِّلُ اسْمَ إنْسَانٍ. وَرَقْمُهُ هُوَ سِتُّ مِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ!

تَرْنِيمَةُ المَفدِيِّين

14 ثُمَّ نَظَرتُ، فَإذَا الحَمَلُ يَقِفُ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ.[b] وَيَقِفُ مَعَهُ المِئَةُ وَأرْبَعَةُ وَأرْبَعُونَ ألْفًا الَّذِينَ كُتِبَ عَلَى جِبَاهِهِمِ اسْمُ الحَمَلِ وَاسْمُ أبِيهِ. ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ كَهَدِيرِ شَلَّالٍ عَظِيمٍ أوْ كَصَوْتِ الرَّعدِ. الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَانَ كَصَوْتِ مُوسِيقَى العَازِفِينَ عَلَى قِيثَارَاتِهِمْ. كَانُوا يُرَنِّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً أمَامَ العَرْشِ وَأمَامَ الكَائِنَاتِ الحَيَّةِ الأرْبَعَةِ وَأمَامَ الشُّيُوخِ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أحَدٌ أنْ يَتَعَلَّمَ التَّرنِيمَةَ إلَّا المِئَةُ وَالأرْبَعَةُ وَأرْبَعُونَ ألْفًا الَّذِينَ تَمَّ فِدَاؤهُمْ مِنَ العَالَمِ. وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يُنَجِّسُوا أنْفُسَهُمْ مَعَ النِّسَاءِ، بَلْ كَانُوا أتقِيَاءَ. وَهُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الحَمَلَ أينَمَا يَذْهَبُ. تَمَّ فِدَاؤهُمْ مِنْ بَيْنِ بَقِيَّةِ البَشَرِ، لِيَكُونُوا بَاكُورَةَ الحَصَادِ الَّتِي تُخَصَّصُ للهِ وَلِلحَمَلِ. لَيْسَ فِي لِسَانِهِمْ كَذِبٌ، بَلْ هُمْ بِلَا عَيْبٍ.

المَلَائِكَةُ الثَّلَاثَة

ثُمَّ رَأيْتُ مَلَاكًا آخَرَ يَطِيرُ عَالِيًا فِي السَّمَاءِ. وَمَعَهُ رِسَالَةُ بِشَارَةٍ أبَدِيَّةٍ لِيُعلِنَهَا عَلَى الَّذِينَ يَعِيشُونَ عَلَى الأرْضِ، مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ وَعَشِيرَةٍ وَلُغَةٍ وَشَعْبٍ. وَقَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «خَافُوا اللهَ وَمَجِّدُوهُ، لِأنَّ وَقْتَ الدَّينُونَةِ قَدْ جَاءَ. اسجُدُوا لِمَنْ صَنَعَ السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَالبَحْرَ وَيَنَابِيعَ المِيَاهِ.»

ثُمَّ تَبِعَهُ مَلَاكٌ ثَانٍ فَقَالَ: «سَقَطَتْ بَابِلُ العَظِيمَةُ، سَقَطَتْ! سَقَطَتْ جَمِيعُ الأُمَمِ مِنْ خَمرِ سَخَطِ اللهِ بِسَبَبِ زِنَاهَا.» ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلَاكٌ ثَالِثٌ لِيَقُولَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَنْ يَسْجُدُ لِلوَحشِ وَتِمثَالِهِ، وَيَأْخُذُ عَلَامَةً عَلَى جَبهَتِهِ أوْ يَدِهِ، 10 فَسَيَشْرَبُ مِنْ خَمرِ سَخَطِ اللهِ المَصبُوبِ بِلَا مَزجٍ فِي كَأسِ غَضَبِهِ. سَيُعَذَّبُ ذَلِكَ الشَّخصُ بِالكِبرِيتِ المُشْتَعِلِ بِحُضُورِ المَلَائِكَةِ المُقَدَّسِينَ وَالحَمَلِ، 11 وَسَيَتَصَاعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إلَى أبَدِ الآبِدِينَ. لَنْ يَرتَاحَ مَنْ يَسْجُدُ لِلوَحشِ وَلِتِمثَالِهِ، وَمَنْ قَبِلَ عَلَامَةَ اسْمِهِ، لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا.» 12 هُنَا يُطلَبُ صَبرُ شَعْبِ اللهِ الَّذِينَ يُحَافِظُونَ عَلَى وَصَايَا اللهِ وَعَلَى إيمَانِهِمْ بِيَسُوعَ.

13 ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ: «اكتُبْ مَا يَلِي: ‹هَنِيئًا لِلأمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ.›» وَيَقُولُ الرُّوحُ: «ذَلِكَ حَقٌّ. الآنَ يَرتَاحُونَ مِنْ أتعَابِهِمْ، لِأنَّ أعْمَالَهُمْ تَشْهَدُ لَهُمْ.»

الأرْضُ تُحصَد

14 ثُمَّ نَظَرتُ، فَإذَا بِسَحَابَةٍ بَيْضَاءَ أمَامِي، وَعَلَى السَّحَابَةِ يَجْلِسُ شِبهُ ابنِ إنْسَانٍ يَعْلُو رَأسَهُ تَاجٌ ذَهَبِيٌّ، وَفِي يَدِهِ مِنجَلٌ حَادٌّ. 15 ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الهَيْكَلِ مَلَاكٌ آخَرٌ. نَادَى بِصَوْتٍ عَالٍ لِلَّذِي يَجْلِسُ عَلَى السَّحَابَةِ: «هَاتِ مِنجَلَكَ وَاجمَعِ الحَصَادَ، فَإنَّ وَقْتَ الحِصَادِ قَدْ حَانَ، وَالمَحصُولُ عَلَى الأرْضِ قَدْ نَضِجَ.» 16 فَلَوَّحَ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى السَّحَابَةِ بِمِنجَلِهِ فَوْقَ الأرْضِ، فَحُصِدَتِ الأرْضُ.

17 ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الهَيْكَلِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ مَلَاكٌ آخَرُ، كَانَ مَعَهُ أيْضًا مِنجَلٌ حَادٌّ. 18 وَخَرَجَ مِنَ المَذْبَحِ مَلَاكٌ آخَرُ، لَهُ سَيطَرَةٌ عَلَى النَّارِ. نَادَى بِصَوْتٍ عَالٍ عَلَى المَلَاكِ الَّذِي مَعَهُ المِنجَلُ الحَادُّ: «هَاتِ مِنجَلَكَ الحَادَّ، وَاقطِفْ عَنَاقِيدَ العِنَبِ مِنْ كَرْمِ الأرْضِ، لِأنَّ العِنَبَ قَدْ نَضِجَ.» 19 فَلَوَّحَ المَلَاكُ بِمِنجَلِهِ فَوْقَ الأرْضِ وَقَطَفَ ثِمَارَ كُرُومِ الأرْضِ، وَألقَى بِالعِنَبِ فِي مِعصَرَةِ خَمرِ سَخَطِ اللهِ العَظِيمِ. 20 وَعُصِرَ العِنَبُ فِي مِعصَرَةِ الخَمْرِ خَارِجَ المَدِينَةِ، وَتَدفَّقَ الدَّمُ مِنْ مِعصَرَةِ الخَمْرِ حَتَّى ارتَفَعَ إلَى رُؤُوسِ الخَيلِ، وَامتَدَّ إلَى مَسَافَةِ نَحْوَ مِئَتَي مِيلٍ.

المَلَائِكَةُ وَالكَوَارِثُ الأخِيرَة

15 ثُمَّ رَأيْتُ عَلَامَةً عَظِيمَةً وَمُدهِشَةً أُخْرَى فِي السَّمَاءِ. رَأيْتُ سَبْعَةَ مِلَائِكَةٍ وَمَعَهُمُ الكَوَارِثُ السَّبعُ الأخِيرَةُ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا غَضَبُ اللهِ. ثُمَّ رَأيْتُ شَيْئًا يُشْبِهُ بَحرًا مِنَ الزُّجَاجِ المَخلُوطِ بِالنَّارِ، وَرَأيْتُ الَّذِينَ انتَصَرُوا عَلَى الوَحشِ وَتِمثَالِهِ، وَعَلَى العَدَدِ الَّذِي يُوافِقُ اسْمَهُ. كَانُوا يَقِفُونَ بِقَيَاثيرِهِمْ إلَى جَانِبِ بَحرِ الزُّجَاجِ وَهُمْ يُنشِدُونَ تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَأُنشُودَةَ الحَمَلِ:

«عَظِيمَةٌ وَرَائِعَةٌ هِيَ أفعَالُكَ،
أيُّهَا الرَّبُّ الإلَهُ القَدِيرُ.
طُرُقُكَ عَدلٌ وَحَقٌّ، يَا مَلِكَ الأُمَمِ.
كُلُّ الشُّعُوبِ سَتَهَابُكَ يَا رَبُّ،
وَسَتُسَبِّحُ اسْمَكَ.
لِأنَّكَ وَحْدَكَ القُدُّوسُ.
كُلُّ الأُمَمِ سَتَأْتِي وَتَسْجُدُ فِي حَضرَتِكَ،
لِأنَّ أحكَامَكَ العَادِلَةَ صَارَتْ مَعرُوفَةً.»

بَعْدَ هَذَا نَظَرتُ، فَإذَا بِالهَيكَلِ السَّمَاوِيِّ، أيْ خَيْمَةُ الشَّهَادَةِ،[c] قَدْ فُتِحَ، وَخَرَجَ مِنْهُ المَلَائِكَةُ السَّبْعَةُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الكَوَارِثَ السَّبعَ الأخِيرَةَ. كَانُوا يَلْبَسُونَ أثوَابًا مِنَ الكِتَّانِ النَّظِيفِ البَهِيِّ، وَحَوْلَ صُدُورِهِمْ أحزِمَةٌ ذَهَبِيَّةٌ. ثُمَّ أعْطَى أحَدُ المَخْلُوقَاتِ الأرْبَعَةِ لِلمَلَائِكَةِ السَّبعَةِ سَبْعَةَ آنِيَةٍ ذَهَبِيَّةٍ مَملُوءَةٍ بِغَضَبِ اللهِ الحَيِّ إلَى أبَدِ الآبِدِينَ. وَامتَلأ الهَيكَلُ بِالدُّخَانِ مِنْ مَجْدِ اللهِ وَقُوَّتِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أحَدٌ أنْ يَدْخُلَ الهَيْكَلَ حَتَّى تَنْتَهِيَ الكَوَارِثُ السَّبعُ الَّتِي حَمَلَهَا المَلَائِكَةُ السَّبْعَةُ.

الآنِيَةُ المَملُوءَةُ مِنْ غَضَبِ الله

16 ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتًا عَالِيًا مِنَ الهَيْكَلِ يَقُولُ: «اذْهَبُوا وَاسكُبُوا عَلَى الأرْضِ الآنِيَةَ السَّبعَةَ المَلِيئَةَ مِنْ غَضَبِ اللهِ.»

فَرَفَعَ المَلَاكُ الأوَّلُ إنَاءَهُ وَسَكَبَهُ عَلَى اليَابِسَةِ، فَأصَابَتْ قُرُوحٌ فَظِيعَةٌ وَمُؤلِمَةٌ جَمِيعَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ عَلَامَةَ الوَحشِ وَالَّذِينَ سَجَدُوا لِتِمثَالِهِ.

ثُمَّ سَكَبَ المَلَاكُ الثَّانِي إنَاءَهُ عَلَى البَحْرِ، فَتَحَوَّلَ البَحرُ إلَى دَمٍ كَدَمِ رَجُلٍ مَيِّتٍ، وَمَاتَ كُلُّ شَيءٍ حَيٍّ فِي البَحْرِ.

ثُمَّ سَكَبَ المَلَاكُ الثَّالِثُ إنَاءَهُ عَلَى الأنهُرِ وَيَنَابِيعِ المِيَاهِ، فَتَحَوَّلَتْ إلَى دَمٍ. وَسَمِعتُ المَلَاكَ المَسؤُولَ عَنِ المِيَاهِ يَقُولُ:

«إنَّكَ بَارٌّ فِي حُكمِكَ هَذَا،
أيُّهَا الكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ، أيُّهَا القُدُّوسُ.
لِأنَّهُمْ سَفَكُوا دِمَاءَ الأنْبِيَاءِ
وَالمُؤمِنِينَ المُقَدَّسِينَ،
فَأعْطَيْتَهُمْ دَمًا لِيَشْرَبُوا!
هَذَا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ.»

ثُمَّ سَمِعْتُ المَذْبَحَ يَقُولُ:

«نَعَمْ، أيُّهَا الرَّبُّ الإلَهُ الَقَدِيرُ،
أحكَامُكَ حَقٌّ وَعَدلٌ.»

ثُمَّ سَكَبَ المَلَاكُ الرَّابِعُ إنَاءَهُ عَلَى الشَّمْسِ، فَأُعْطِيَتْ أنْ تُحْرِقَ النَّاسَ بِالنَّارِ، فَاحْتَرَقَ النَّاسُ بِحَرَارَتِهَا. فَلَعَنُوا اسْمَ اللهِ المُسَيطِرِ عَلَى هَذِهِ الكَوَارِثِ، وَلَمْ يَتُوبُوا وَلَمْ يُمَجِّدُوهُ.

10 ثُمَّ سَكَبَ المَلَاكُ الخَامِسُ إنَاءَهُ عَلَى الوَحشِ، فَتَفَرَّقَتْ مَملَكَتُهُ فِي الظَّلَامِ. وَعَضَّ النَّاسُ عَلَى ألسِنَتِهِمْ مِنَ الألَمِ. 11 وَلَعَنُوا إلَهَ السَّمَاءِ مِنْ فَرطِ آلَامِهِمْ وَقُرُوحِهِمْ، وَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أفعَالِهِمْ.

12 ثُمَّ سَكَبَ المَلَاكُ السَّادِسُ إنَاءَهُ عَلَى نَهْرِ الفُرَاتِ العَظِيمِ، فَجَفَّتْ مِيَاهُهُ لِتَمْهِيدِ الطَّرِيقِ لِمَجِيءِ مُلُوكِ الشَّرقِ.

13 ثُمَّ رَأيْتُ ثَلَاثَةَ أروَاحٍ شِرِّيرَةٍ تُشبِهُ الضَّفَادِعَ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ التِّنِّينِ، وَفَمِ الوَحشِ، وَفَمِ النَّبِيِّ الكَذَّابِ. 14 هَذِهِ الأروَاحُ الشِّرِّيرَةُ هِيَ أروَاحٌ شَيطَانِيَّةٌ، لَهَا القُدرَةُ عَلَى أنْ تَعْمَلَ مُعجِزَاتٍ. فَذَهَبَتْ إلَى مُلُوكِ العَالَمِ أجمَعِ، وَجَمَعَتْهُمْ مِنْ أجْلِ مَعرَكَةِ اليَوْمِ العَظِيمِ، يَوْمِ اللهِ القَدِيرِ.

15 «هَا إنِّي آتِي فَجْأةً مِثْلَ لِصٍّ. هَنِيئًا لِمَنْ يَبْقَى مُسْتَيْقِظًا، وَمَلَابِسُهُ قُربَهُ، حَتَّى لَا يُضطَرَّ أنْ يَذْهَبَ عَارِيًا، فَلَا يَرَى النَّاسُ عَورَتَهُ!»

16 وَهَكَذَا جَمَعَتِ الأروَاحُ الشِّرِّيرَةُ المُلُوكَ فِي مَكَانٍ يُدْعَى بِالعِبرِيَّةِ «هَرمَجِدُّونَ.» 17 ثُمَّ سَكَبَ المَلَاكُ السَّابِعُ إنَاءَهُ فِي الهَوَاءِ، فَخَرَجَ صَوْتٌ عَظِيمٌ مِنَ العَرْشِ الَّذِي فِي الهَيْكَلِ وَقَالَ: «لَقَدْ تَمَّ!» 18 فَحَدَثَتْ رُعُودٌ وَبُرُوقٌ وَزُلزِلَتِ الأرْضُ. وَهُوَ أشَدُّ زِلزَالٍ يَحْدُثُ مُنْذُ أنْ ظَهَرَ الإنْسَانُ عَلَى الأرْضِ! إلَى هَذَا الحَدِّ كَانَتْ شِدَّتُهُ! 19 فَانشَقَّتِ المَدِينَةُ إلَى ثَلَاثَةِ أقسَامٍ، وَسَقَطَتْ مُدُنُ الوَثَنِيِّينَ. وَلَمْ يَنْسَ اللهُ أنْ يُعَاقِبَ بَابِلَ العَظيمَةَ، فَأعطَاهَا كَأسَ خَمرِ غَضَبِهِ السَّاخِطِ. 20 جَمِيعُ الجُزُرِ اختَفَتْ، وَمَا عَادَتِ الجِبَالُ مَوجُودَةً. 21 سَقَطَ بَرَدٌ عَظِيمٌ، تَزِنُ الحَبَّةُ الوَاحِدَةُ مِنْهُ نَحْوَ خَمْسةٍ وَثَلَاثينَ كِيلُوغَرَامًا![d] سَقَطَ عَلَى النَّاسِ مِنَ السَّمَاءِ، فَلَعَنَ النَّاسُ اللهَ بِسَبَبِ كَارِثَةِ البَرَدِ، لِأنَّهَا كَانَتْ فَظِيعَةً.

المَرْأةُ الجَالِسَةُ عَلَى الوَحش

17 ثُمَّ جَاءَ أحَدُ المَلَائِكَةِ السَّبعَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ الآنِيَةُ السَّبْعَةُ، وَقَالَ لِي: «تَعَالَ، سَأُرِيكَ جَزَاءَ العَاهِرَةِ المَعْرُوفَةِ الَّتِي تَجْلِسُ بِجِوَارِ شَلَّالَاتِ المِيَاهِ. لَقَدْ زَنَى مُلُوكُ الأرْضِ مَعَهَا، وَسَكِرَ سُكَّانُ الأرْضِ مِنْ خَمرِ زِنَاهَا.» ثُمَّ حَمَلَنِي المَلَاكُ إلَى البَرِّيَّةِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ. وَهُنَاكَ رَأيْتُ امْرأةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ أحْمَرَ مُغَطَّىً بِالأسْمَاءِ الَّتِي تُهينُ اللهَ، وَلَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشْرَةُ قُرُونٍ. كَانَتِ المَرْأةُ تَرْتَدِي ثِيَابًا أُرْجُوانِيَّةً وَحَمْرَاءَ، وَتَتَحَلَّى بِالذَّهَبِ وَالحِجَارَةِ الكَرِيمَةِ وَاللُّؤلُؤِ. وَتَحْمِلُ فِي يَدِهَا كُوبًا ذَهَبِيَّةً مَلِيئَةً بِالشُّرُورِ وَبِقَذَارَةِ زِنَاهَا. مَكْتُوبٌ عَلَى جَبْهَتِهَا لَقَبٌ رَمزِيٌّ:

«مَدِينَةُ بَابِلَ العَظِيمَةُ،
أُمُّ العَاهِرَاتِ، وَكُلِّ شُرُورِ الأرْضِ.»

وَرَأيْتُ أنَّ المَرْأةَ سَكْرَى بِدَمِ المُؤمِنِينَ المُقَدَّسِينَ، وَبِدَمِ الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يَشْهَدُونَ لِيَسُوعَ. وَعِنْدَمَا رَأيْتُهَا انْدَهَشْتُ كَثِيرًا! فَسَألَنِي المَلَاكُ: «لِمَاذَا تَنْدَهِشُ؟ سَأُوَضِّحُ لَكَ مَا تَرْمُزُ إلَيْهِ المَرْأةُ وَالوَحشُ الَّذِي تَرْكَبُ عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشْرَةُ قُرُونٍ. أمَّا الوَحشُ الَّذِي رَأيْتَهُ، كَانَ حَيًّا، وَلَمْ يَعُدْ حَيًّا. وَلَكِنَّهُ عَلَى وَشْكِ أنْ يَصْعَدَ مِنَ الهَاوِيَةِ وَيَمْضِي إلَى دَمَارِهِ. عِنْدَهَا سَيَنْدَهِشُ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ عَلَى الأرْضِ، الَّذِينَ لَمْ تُكتَبْ أسمَاؤُهُمْ فِي كِتَابِ الحَيَاةِ مُنْذُ بِدَايَةِ العَالَمِ. وَهُمْ يَنْظُرُونَ إلَى الوَحشِ لِأنَّهُ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يَعُدْ حَيًّا الآنَ، وَلَكِنَّهُ سَيَعُودُ!

«تَحتَاجُ إلَى عَقلٍ حَكِيمٍ لِتَفْهَمَ هَذَا. الرُّؤُوسُ السَّبْعَةُ هِيَ تِلَالٌ سَبْعٌ، عَلَيْهَا تَجْلِسُ المَرْأةُ، وَهِيَ تُمَثِّلُ أيْضًا سَبْعَةَ مُلُوكٍ. 10 سَقَطَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ، وَوَاحِدٌ مَا يَزَالُ يَحْكُمُ، وَالأخِيرُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ. عِنْدَمَا يَأتِي، سَيُعطَى أنْ يَبْقَى لِفَترَةٍ قَصِيرَةٍ. 11 الوَحشُ الَّذِي كَانَ حَيًّا، وَلَمْ يَعُدْ حَيًّا، هُوَ مَلِكٌ ثَامِنٌ مَعَ المُلُوكِ السَّبعَةِ، وَهُوَ مَاضٍ إلَى دَمَارِهِ أيْضًا.

12 «أمَّا القُرُونُ العَشرَةُ الَّتِي رَأيْتَهَا فَهِيَ عَشرَةُ مُلُوكٍ، لَمْ يَمْلُكُوا بَعْدُ، لَكِنَّهُمْ سَيَمْلُكُونَ لِمُدَّةِ سَاعَةٍ مَعَ الوَحشِ. 13 هَؤُلَاءِ المُلُوكُ العَشرُ لَهُمْ هَدَفٌ وَاحِدٌ، وَسَيُعْطُونَ الوَحشَ قُوَّتَهُمْ وَسُلْطَانَهُمْ. 14 سَيُحَارِبُونَ الحَمَلَ، لَكِنَّ الحَمَلَ سَيَهْزِمُهُمْ لِأنَّهُ رَبُّ الأربَابِ وَمَلِكُ المُلُوكِ، وَمَعَهُ جَمِيعُ الأُمَنَاءِ الَّذِينَ دَعَاهُمْ وَاخْتَارَهُمْ.»

15 ثُمَّ قَالَ لِي المَلَاكُ: «الشَّلَّالَاتُ الَّتِي رَأيْتَهَا، حَيْثُ الزَّانِيَةُ جَالِسَةٌ، هُمْ شُعُوبٌ وَجَمَاهِيرُ وَأُمَمٌ وَلُغَاتٌ. 16 القُرُونُ العَشرَةُ الَّتِي رَأيْتَهَا وَالوَحشُ سَيَحْتَقِرُونَ الزَّانِيَةَ، وَسَيَتْرُكُونَهَا مَهجُورَةً وَعَارِيَةً. سَيَأْكُلُونَ جَسَدَهَا وَيُحْرِقُونَهَا بِالنَّارِ. 17 لِأنَّ اللهَ وَجَّهَ قُلُوبَهُمْ لِكَي يُحَقِّقُوا قَصدَهُ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أنْ يَمْنَحُوا الوَحشَ سُلطَانَهُمْ، حَتَّى يَتَحَقَّقَ كَلَامُ اللهِ. 18 المَرْأةُ الَّتِي رَأيْتَهَا هِيَ المَدِينَةُ العَظِيمَةُ، الَّتِي تَحْكُمُ مُلُوكَ الأرْضِ.»

دَمَارُ بَابِل

18 بَعْدَ هَذَا رَأيْتُ مَلَاكًا آخَرَ نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ، لَهُ سُلطَانٌ عَظِيمٌ، وَقَدْ أضَاءَتِ الأرْضُ مِنْ بَهَائِهِ! وَصَرَخَ المَلَاكُ بِصَوْتٍ هَادِرٍ وَقَالَ:

«قَدْ سَقَطَتْ!
بَابِلُ العَظِيمَةُ قَدْ سَقَطَتْ!
أصبَحَتْ مَسكَنًا لِلأروَاحِ الشِّرِّيرَةِ،
وَوَكْرًا لِكُلِّ رُوحٍ نَجِسٍ.
صَارَتْ عُشًّا لِكُلِّ طَائِرٍ.
لِأنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ شَرِبَتْ مِنْ خَمرِ سَخَطِ اللهِ بِسَبَبِ زِنَاهَا.
مُلُوكُ الأرْضِ قَدْ زَنَوْا مَعَهَا،
وَتُجَّارُ العَالَمِ اغتَنَوْا مِنْ إسرَافِهَا.»

ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتًا آخَرَ مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ:

«اخرُجُوا مِنْ تِلْكَ المَدِينَةِ يَا شَعْبِي،
حَتَّى لَا تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا،
وَحَتَّى لَا تُعَانُوا مِنَ الكَوَارِثِ الَّتِي سَتَحِلُّ بِهَا.
لِأنَّ خَطَايَاهَا قَدْ تَكَوَّمَتْ فَوَصَلَتِ إلَى السَّمَاءِ،
وَاللهُ لَمْ يَنْسَ آثَامَهَا!
عَامِلُوهَا كَمَا عَامَلَتِ الآخَرِينَ،
وَرُدُّوا لَهَا مَا فَعَلَتهُ مُضَاعَفًا.
فِي الكَأسِ الَّتِي خَلَطَتْ فِيهَا لِلآخَرِينَ،
اخلِطُوا لَهَا شَرَابًا مُضَاعَفًا.
أعطُوهَا عَذَابًا وَحُزنًا،
بِقَدرِ المَجْدِ وَالتَّرَفِ الَّذِي مَنَحَتهُ لِنَفْسِهَا.
لِأنَّهَا تَقُولُ فِي نَفْسِهَا:
‹إنِّي أجْلِسُ عَلَى عَرشِي كَمَلِكَةٍ.
أنَا لَسْتُ أرمَلَةً،
وَلَنْ أحزَنَ أبَدًا.›
لَكِنْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَتَحِلُّ بِهَا الكَوَارِثُ:
الوَبَاءُ وَالأسَى وَالمَجَاعَةُ.
وَسَتُحرَقُ بِالنَّارِ،
لِأنَّ الرَّبَّ الإلَهَ الَّذِي أدَانَهَا جَبَّارٌ.»

مُلُوكُ الأرْضِ الَّذِينَ زَنَوْا مَعَهَا وَشَارَكُوهَا فِي تَرَفِهَا، سَيَنُوحُونَ عَلَيْهَا عِنْدَمَا يَرَوْنَ دُخَانَ احتِرَاقِهَا. 10 سَيَقِفُونَ بَعِيدًا عَنْهَا خَوْفًا مِنْ عَذَابِهَا، وَسَيَقُولُونَ:

«الوَيْلُ، الوَيْلُ، أيَّتُهَا المَدِينَةُ العَظِيمَةُ!
يَا مَدِينَةَ بَابِلَ القَوِيَّةَ!
فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ حَلَّ جَزَاؤُكِ!»

11 تُجَّارُ العَالَمِ سَيَبْكُونَ أيْضًا وَيَحِدُّونَ عَلَيْهَا، لِأنَّهُ لَنْ يَشْتَرِيَ أحَدٌ بَضَائِعَهُمْ بَعْدَ الآنِ، 12 بَضَائِعَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالأحجَارِ الكَرِيمَةِ وَاللَّآلِئِ وَالكِتَّانِ وَالأُرجُوانِ وَالحَرِيرِ وَالقُمَاشِ القُرمُزِيِّ وَالنَبَاتَاتِ العِطْريَّةِ، وَجَمِيعِ الأشْيَاءِ المَصْنُوعَةِ مِنَ العَاجِ وَالأخشَابِ الثَّمِينَةِ وَالنُّحَاسِ وَالحَدِيدِ وَالرُّخَامِ، 13 وَالقِرفَةِ وَالمَرَاهِمِ وَالبَخُورِ وَالمُرِّ وَاللُّبَانِ وَالنَّبِيذِ وَزَيْتِ الزَّيْتُونِ وَالطَّحِينِ وَالقَمْحِ وَالمَاشِيَةِ وَالخِرَافِ وَالخَيلِ وَالعَرَبَاتِ وَحَتَّى أجْسَادِ العَبِيدِ مِنَ البَشَرِ.

14 «يَا بَابِلُ،
الأشْيَاءُ الحَسَنَةُ الَّتِي اشتَهَيتِهَا ذَهَبَتْ عَنْكِ.
صِحَّتُكِ وَبَهَاؤُكِ ضَاعَا
وَلَنْ تَجِدِيهِمَا ثَانِيَةً.»

15 التُّجَّارُ الَّذِينَ يَبِيعُونَ هَذِهِ الأشْيَاءَ، الّذِينَ صَارُوا أغنِيَاءَ بِسَبَبِهَا، سَيَقِفُونَ بَعِيدًا خَوْفًا مِنْ عَذَابِهَا. سَيَبْكُونَ وَيَنُوحُونَ 16 وَهُمْ يَقُولُونَ:

«وَيْلٌ، وَيْلٌ، لِلمَدِينَةِ العَظِيمَةِ!
كَانَتْ تَلْبَسُ الكِتَّانَ النَّاعِمَ،
وَالأُرجُوانَ وَالمَلَابِسَ القُرمُزِيَّةَ.
تَحَلَّتْ بِالذَّهَبِ وَبِالأحجَارِ الكَرِيمَةِ وَاللَّآلِئِ!
17 وَكُلُّ تِلْكَ الثَّروَةِ قَدْ دُمِّرَتْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ!»

عَندَهَا سَيَقِفُ بَعِيدًا عَنِ المَدِينَةِ بَابِلَ، كُلُّ قُبطَانِ سَفِينَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يَرْكَبُ البَحْرَ، وَالمَلَّاحونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ يَعتَاشُونَ مِنَ البَحْرِ. 18 وَعِنْدَمَا يَرَوْنَ دُخَانَ احتِرَاقِهَا سَيَصِيحُونَ: «أيُّ المُدُنِ كَانَتْ مِثْلَ هَذِهِ المَدِينَةِ العَظِيمَةِ؟» 19 سَيَنْثُرُونَ التُّرَابَ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ، وَسَيَبْكُونَ وَيَنُوحُونَ وَيَصْرُخُونَ:

«وَيْلٌ، وَيْلٌ، لِلمَدِينَةِ العَظِيمَةِ!
أصْحَابُ السُفُنِ فِي البَحْرِ صَارُوا أغنِيَاءَ مِنْ ثَروَتِهَا،
لَكِنَّهَا دُمِّرَتْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ!
20 افرَحِي أيَّتُهَا السَّمَاءُ لِأجْلِهَا،
افرَحُوا أيُّهَا الرُّسُلُ وَالأنْبِيَاءُ لِأجْلِهَا،
وَيَا كُلَّ المُؤمِنِينَ المُقَدَّسِينَ،
لِأنَّ اللهَ قَدْ أدَانَهَا بِسَبَبِ مَا فَعَلَتْهُ بِكُمْ!»

21 ثُمَّ التَقَطَ مَلَاكٌ قَوِيٌّ صَخرَةً كَبِيرَةً كَحَجَرِ الرَّحَى، وَألقَى بِهَا إلَى البَحْرِ وَقَالَ:

«هَكَذَا سَيُلقَى بِالمَدِينَةِ العَظِيمَةِ،
وَلَنْ تُرَى بَعْدَ الآنِ.
22 لَنْ يُسمَعَ فِيكِ ثَانِيَةً أصوَاتُ عَازِفِي القِيثَارَةِ
وَالمُغَنِّينَ وَنَافِخِي الأبوَاقِ.
لَنْ يَكُونَ فِيكِ حِرَفِيٌّ فِي أيَّةِ صِنَاعَةٍ فِيمَا بَعْدُ.
لَنْ يُسمَعَ فِيكِ صَوْتُ الطَّاحُونَةِ ثَانِيَةً.
23 لَنْ يُشِعَّ فِيكِ ضَوْءُ مِصبَاحٍ ثَانِيَةً.
لَنْ يُسمَعَ فِيكِ صَوْتُ عَرِيسٍ وَعَرُوسِهِ.
تُجَّارُكِ كَانُوا أعْظَمَ رِجَالِ العَالَمِ.
جَمِيعُ الأُمَمِ انخَدَعَتْ بِسِحرِكِ.
24 وَعَلَى تِلْكَ المَدِينَةِ ذَنبُ دَمِ الأنْبِيَاءِ،
وَدَمِ المُؤمِنِينَ المُقَدَّسِينَ،
وَدَمِ جَمِيعِ الَّذِينَ ذُبِحُوا عَلَى الأرْضِ.»

Notas al pie

  1. 12‏:13 التنين فِي الأعدَاد 13‏-17، تستخدم الكلمتَان «تنين» و «حيّة» بِالتنَاوب.
  2. 14‏:1 جَبَلُ صِهْيَوْن اسْمٌ آخر للقدس. وَالمقصود بِهَا هُنَا القُدْسِ الجديدة النَازلة من السمَاء، حيث سيسكن الله مع شعبه.
  3. 15‏:5 خَيْمَة الشهَادة اسْم القسم الدَاخلي من خَيْمَة الاجتمَاع فِي العَهْد القديم، وَهُوَ حيث حجرَا الشهَادة المكتوب عليهمَا الوصَايَا العشر. سميَا بذلك لأنهمَا شهَادة أوْ برهَان عَلَى عَهْد الله مع البشر. وَفِي ذلك المكَان المقدس، كَانَ يسكن الله مع شعبه. انْظُرْ كتَاب الخروج 25‏:8‏-22.
  4. 16‏:21 خمسة وثلَاثين كيلوغرَامَا حرفيًا: «وَزْنَة،» وَهِيَ تعَادل مَا بَيْنَ 27 و 36 كيلوغرَامَا.