لِقَائِدِ الْمُنْشِدِينَ، مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ

40 انْتَظَرْتُ الرَّبَّ صَابِراً، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخَ اسْتِغَاثَتِي، وَانْتَشَلَنِي مِنْ هُوَّةِ الْهَلاكِ، مِنْ طِينِ الْمُسْتَنْقَعِ. وَأَوْقَفَ قَدَمَيَّ عَلَى أَرْضٍ صَخْرِيَّةٍ، فَصِرْتُ أَمْشِي بِخُطُوَاتٍ ثَابِتَةٍ. وَضَعَ فِي فَمِي تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً، قَصِيدَةَ تَسْبِيحٍ لإِلَهِنَا. يَرَى ذَلِكَ كَثِيرُونَ فَيَخَافُونَ الرَّبَّ.

طُوبَى لِرَجُلٍ وَضَعَ فِي الرَّبِّ ثِقَتَهُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُنْحَرِفِينَ إِلَى الْكَذِبِ. أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي، مَا أَكْثَرَ أَعْمَالَكَ الْعَجِيبَةَ! إِنْ تَحَدَّثْتُ عَنْ خُطَطِكَ الرَّائِعَةِ لَنَا فَلَنْ أَقْدِرَ أَنْ أُحْصِيَهَا. زَادَتْ عَنْ أَنْ تُعَدَّ. لَمْ تُرِدْ أَوْ تَطْلُبْ ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ عَنِ الْخَطِيئَةِ، لَكِنَّكَ وَهَبْتَنِي أُذُنَيْنِ مُصْغِيَتَيْنِ مُطِيعَتَيْنِ. عِنْدَئِذٍ قُلْتُ: «هَا أَنَا أَجِيءُ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي دَرْجِ الْكِتَابِ: إِنَّ مَسَرَّتِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَتَكَ الصَّالِحَةَ يَا إِلَهِي، وَشَرِيعَتُكَ فِي صَمِيمِ قَلْبِي. أَعْلَنْتُ بِرَّكَ وَسَطَ جَمَاعَةِ شَعْبِكَ الْعَظِيمِ، وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَلِمْتَ أَنَّنِي لَمْ أُلْجِمْ شَفَتَيَّ. 10 لَمْ أُخْفِ بِرَّكَ دَاخِلَ قَلْبِي، بَلْ أَعْلَنْتُ أَمَانَتَكَ وَخَلاصَكَ. لَمْ أَكْتُمْ رَحْمَتَكَ وَحَقَّكَ عَنْ جَمَاعَةِ شَعْبِكَ الْعَظِيمِ».

11 فَأَنْتَ يَا رَبُّ لَنْ تَمْنَعَ مَرَاحِمَكَ عَنِّي. تَنْصُرُنِي دَائِماً رَحْمَتُكَ وَحَقُّكَ. 12 إِنَّ شُرُوراً لَا تُحْصَى قَدْ أَحَاطَتْ بِي، وَآثَامِي قَدْ أَطْبَقَتْ عَلَيَّ فَأَعْمَتْنِي لأَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي، وَقَلْبِي قَدْ خَذَلَنِي. 13 يَا رَبُّ، ارْتَضِ أَنْ تُنَجِّيَنِي. أَسْرِعْ يَا رَبُّ لإِغَاثَتِي. 14 لِيَخْزَ وَلْيَخْجَلْ مَعاً الَّذِينَ يَسْعَوْنَ إِلَى قَتْلِي. لِيُدْبِرْ وَلْيَخْزَ الْمَسْرُورُونَ بِأَذِيَّتِي. 15 لِيَذْهَلْ خِزْياً السَّاخِرُونَ مِنِّي. 16 وَلْيَفْرَحْ وَيَبْتَهِجْ بِكَ جَمِيعُ طَالِبِيكَ، وَلْيَقُلْ كُلَّ حِينٍ مُحبُّو خَلاصِكَ: «يَتَعَظَّمُ الرَّبُّ». 17 أَمَّا أَنَا فَمِسْكِينٌ وَبَائِسٌ. الرَّبُّ يَهْتَمُّ بِي. عَوْنِي وَمُنْقِذِي أَنْتَ. فَلَا تَتَوَانَ يَا إِلَهِي.

لِقَائِدِ الْمُنْشِدِينَ، مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ

41 طُوبَى لِلْمُتَرَفِّقِ بِالْمِسْكِينِ، فَإِنَّ الرَّبَّ يُنْقِذُهُ فِي يَوْمِ الشَّرِّ. الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ وَيُسْعِدُهُ فِي الأَرْضِ، وَلَا يُسَلِّمُهُ إِلَى مَقَاصِدِ أَعْدَائِهِ. يَعْضُدُهُ الرَّبُّ عَلَى فِرَاشِ الأَلَمِ، وَيَرُدُّ عَافِيَتَهُ.

وَأَنَا قُلْتُ: يَا رَبُّ ارْحَمْنِي! أَبْرِئْ نَفْسِي لأَنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ. أَعْدَائِي يَتَآمَرُونَ عَلَيَّ بِالشَّرِّ وَيَقُولُونَ: «مَتَى يَمُوتُ وَيَنْقَرِضُ اسْمُهُ؟» إِنْ أَقْبَلَ لِيَرَانِي، يُبْدِي لِي نِفَاقاً وَيُضْمِرُ فِي قَلْبِهِ شَرّاً يُشِيعُهُ عَنِّي حَالَمَا يُفَارِقُنِي. جَمِيعُ مُبْغِضِيَّ يَتَهَامَسُونَ عَلَيَّ، وَيَتَآمَرُونَ عَلَى إِيذَائِي قَائِلِينَ: «قَدِ اعْتَرَاهُ دَاءٌ عُضَالٌ، وَلَنْ يَقُومَ مِنْ فِرَاشِهِ أَبَداً». حَتَّى صَدِيقِي الْمُلازِمُ لِي الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، الآكِلُ مِنْ طَعَامِي قَدِ انْقَلَبَ عَلَيَّ، وَرَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ.

10 أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَاشْفِنِي، فَأُجَازِيَهُمْ. 11 قَدْ أَدْرَكْتُ أَنِّي حَظِيتُ بِرِضَاكَ (حِينَ نَصَرْتَنِي) فَلَمْ يُطْلِقْ عَلَيَّ عَدُوِّي هُتَافَ الظَّفَرِ 12 فَإِنَّكَ تَدْعَمُنِي فِي كَمَالِي، وَتُقِيمُنِي فِي مَحْضَرِكَ إِلَى الأَبَدِ. 13 تَبَارَكَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ، مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِين فَآمِين.

الكتاب الثاني: مزمور 42‏–72

لِقَائِدِ الْمُنْشِدِينَ. مَزْمُورٌ تَعْلِيمِيٌّ لِبَنِي قُورَحَ

42 مِثْلَمَا تَشْتَاقُ الْغِزْلانُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هَكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ. نَفْسِي عَطْشَى إِلَى اللهِ الإِلَهِ الْحَيِّ، فَمَتَى أَجِيءُ وَأَمْثُلُ أَمَامَ اللهِ؟ قَدْ صَارَتْ دُمُوعِي طَعَامِي الْوَحِيدَ نَهَاراً وَلَيْلاً، إِذْ قِيلَ لِي كُلَّ يَوْمٍ: «أَيْنَ إِلَهُكَ؟» حِينَ أَتَأَمَّلُ فِي نَفْسِي تُعَاوِدُنِي هَذِهِ الذِّكْرَى: كَيْفَ كُنْتُ أُرَافِقُ حُشُودَ الْعَابِدِينَ الْمُحْتَفِلِينَ بِالْعِيدِ وَأَقُودُهُمْ فِي الْحُضُورِ إِلَى بَيْتِ اللهِ، هَاتِفاً مَعَهُمْ فَرَحاً وَحَمْداً. لِمَاذَا أَنْتِ مُكْتَئِبَةٌ يَا نَفْسِي؟ وَلِمَاذَا أَنْتِ قَلِقَةٌ فِي دَاخِلِي؟ تَرَجَّيِ اللهَ، فَإِنِّي سَأَظَلُّ أَحْمَدُهُ، لأَنَّهُ عَوْنِي وَإِلَهِي.

إِلَهِي، إِنَّ نَفْسِي مُكْتَئِبَةٌ فِيَّ، لِذَلِكَ أَذْكُرُكَ مِنْ وَادِي الأُرْدُنِّ، وَمِنْ جِبَالِ حَرْمُونَ، وَمِنْ جَبَلِ مِصْعَرَ. أَمْوَاجُ النَّكَبَاتِ تَوَالَتْ عَلَيَّ كَمَا تَتَوَالَى مِيَاهُ شَلالاتِكَ. يُبْدِي الرَّبُّ لِي رَحْمَتَهُ فِي النَّهَارِ، وَفِي اللَّيْلِ تُرَافِقُنِي تَرْنِيمَتُهُ، صَلاةٌ لإِلَهِ حَيَاتِي. أَقُولُ لِلهِ صَخْرَتِي: «لِمَاذَا نَسِيتَنِي؟ لِمَاذَا أَطُوفُ نَائِحاً مِنْ مُضَايَقَةِ الْعَدُوِّ؟» 10 لَقَدْ عَيَّرَنِي مُضَايِقِيَّ وَسَحَقُوا عِظَامِي، إِذْ يَقُولُونَ لِي طُولَ النَّهَارِ: «أَيْنَ إِلَهُكَ؟» 11 لِمَاذَا أَنْتِ مُكْتَئِبَةٌ يَا نَفْسِي، وَلِمَاذَا أَنْتِ قَلِقَةٌ؟ تَرَجَّيِ اللهَ، فَإِنِّي سَأَظَلُّ أَحْمَدُهُ، لأَنَّهُ عَوْنِي وَإِلَهِي.

43 يَا اللهُ احْكُمْ بِبَرَاءَتِي، وَدَافِعْ عَنْ قَضِيَّتِي ضِدَّ شَعْبٍ لَا يَرْحَمُ. أَنْقِذْنِي مِنَ الْغَشَّاشِ وَالظَّالِمِ. لأَنَّكَ أَنْتَ حِصْنِي. لِمَاذَا رَفَضْتَنِي؟ لِمَاذَا أَطُوفُ نَائِحاً مِنْ مُضَايَقَةِ الْعَدُوِّ؟ أَرْسِلْ نُورَكَ وَحَقَّكَ فَيُرْشِدَانِي، وَيَأْتِيَا بِي إِلَى جَبَلِكَ الْمُقَدَّسِ وَإِلَى مَسَاكِنِكَ، فَأُقْبِلَ إِلَى مَذْبَحِ اللهِ، إِلَى اللهِ فَرَحِي وَأُسَبِّحُكَ بِالعُودِ يَا إِلَهِي. لِمَاذَا أَنْتِ مُكْتَئِبَةٌ يَا نَفْسِي؟ لِمَاذَا أَنْتِ قَلِقَةٌ فِي دَاخِلِي؟ تَرَجَّيِ اللهَ فَإِنِّي سَأَظَلُّ أَحْمَدُهُ، لأَنَّهُ عَوْنِي وَإِلَهِي.

لِقَائِدِ الْمُنْشِدِينَ، مَزْمُورٌ تَعْلِيمِيٌّ لِبَنِي قُورَحَ

44 يَا اللهُ، بِآذَانِنَا قَدْ سَمِعْنَا، وَآبَاؤُنَا أَخْبَرُونَا بِمَا عَمِلْتَهُ فِي أَيَّامِهِمِ الْقَدِيمَةِ. بِيَدِكَ اقْتَلَعْتَ الأُمَمَ، وَغَرَسْتَ آبَاءَنَا. حَطَّمْتَ الشُّعُوبَ وَأَنْمَيْتَهُمْ. لَمْ يَمْتَلِكُوا الأَرْضَ بِسَيْفِهِمْ وَلَا بِذِرَاعِهِمْ خَلُصُوا، وَلَكِنْ بِفَضْلِ يُمْنَاكَ وَذِرَاعِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ، لأَنَّكَ رَضِيتَ عَنْهُمْ. أَنْتَ هُوَ مَلِكِي يَا اللهُ، فَمُرْ بِخَلاصِ شَعْبِكَ. بِعَوْنِكَ نَطْرَحُ خُصُومَنَا أَرْضاً، وَبِاسْمِكَ نَدُوسُ الْقَائِمِينَ عَلَيْنَا. فَإِنِّي لَنْ أَتَّكِلَ عَلَى قَوْسِي وَلَنْ يُخَلِّصَنِي سَيْفِي. فَأَنْتَ أَنْقَذْتَنَا مِنْ مُضَايِقِينَا وَأَلْحَقْتَ الْعَارَ بِمُبْغِضِينَا. بِاللهِ نَفْتَخِرُ الْيَوْمَ كُلَّهُ، وَنَحْمَدُ اسْمَكَ إِلَى الأَبَدِ.

غَيْرَ أَنَّكَ قَدْ رَذَلْتَنَا وَأَخْجَلْتَنَا، وَلَمْ تَعُدْ تُرَافِقُ جُنُودَنَا إِلَى الْحَرْبِ. 10 جَعَلْتَنَا نَتَقَهْقَرُ أَمَامَ عَدُوِّنَا. أَمَّا مُبْغِضُونَا فَيَغْنَمُونَ لأَنْفُسِهِمْ. 11 أَسْلَمْتَنَا كَغَنَمٍ مُعَدَّةٍ لِلذَّبْحِ، وَبَدَّدْتَنَا بَيْنَ الأُمَمِ. 12 بِعْتَ شَعْبَكَ بِلَا مَالٍ وَبِثَمَنِهِمْ لَمْ تَرْبَحْ. 13 تَجْعَلُنَا عَاراً عِنْدَ جِيرَانِنَا، وَمَثَارَ هُزْءٍ وَسُخْرِيَةٍ لِمَنْ حَوْلَنَا. 14 تَجْعَلُنَا مَثَلاً بَيْنَ الأُمَمِ وَأُضْحُوكَةً بَيْنَ الشُّعُوبِ. 15 الْيَوْمَ كُلَّهُ خَجَلِي مَاثِلٌ أَمَامِي، وَخِزْيُ وَجْهِي قَدْ غَمَرَنِي 16 مِنْ صَوْتِ الْمُعَيِّرِ وَالْمُجَدِّفِ وَمَرْأَى الْعَدُوِّ الْمُنْتَقِمِ.

17 هَذَا كُلُّهُ وَقَعَ عَلَيْنَا، فَمَا نَسِينَاكَ وَلَا خُنَّا عَهْدَكَ. 18 لَمْ يَرْتَدَّ قَلْبُنَا إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَا حَادَتْ خُطْوَاتُنَا عَنْ طَرِيقِكَ. 19 مَعَ أَنَّكَ سَحَقْتَنَا وَسَطَ الْوُحُوشِ، وَغَمَرْتَنَا بِظِلالِ الْمَوْتِ. 20 إِنْ كُنَّا قَدْ نَسِينَا اسْمَ إِلَهِنَا، وَصَلَّيْنَا إِلَى إِلَهٍ غَرِيبٍ، 21 أَلَا يَعْرِفُ اللهُ ذَلِكَ وَهُوَ عَلّامُ الغُيُوبِ؟ 22 أَلَا أَنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُعَانِي الْمَوْتَ طُولَ النَّهَارِ، وَقَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ مُعَدَّةٍ لِلذَّبْحِ.

23 قُمْ يَا رَبُّ. لِمَاذَا تَتَغَافَى؟ انْتَبِهْ وَلَا تَنْبِذْنَا إِلَى الأَبَدِ. 24 لِمَاذَا تَحْجُبُ وَجْهَكَ وَتَنْسَى مَذَلَّتَنَا وَضِيقَنَا؟ 25 إِنَّ نُفُوسَنَا قَدِ انْحَنَتْ إِلَى التُّرَابِ، وَبُطُونَنَا لَصِقَتْ بِالأَرْضِ. 26 هُبَّ لِنَجْدَتِنَا وَافْدِنَا مِنْ أَجْلِ رَحْمَتِكَ.

لِقَائِدِ الْمُنْشِدِينَ: عَلَى السُّوسَنِّ. مَزْمُورٌ تَعْلِيمِيٌّ لِبَنِي قُورَحَ. تَرْنِيمَةُ مَحَبَّةٍ

45 فَاضَ قَلْبِي بِكَلامٍ صَالِحٍ: إِنِّي أُخَاطِبُ الْمَلِكَ بِمَا قَدْ أَنْشَأْتُهُ، وَلِسَانِي فَصِيحٌ كَقَلَمِ الْكَاتِبِ الْمَاهِرِ. أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ كُلِّ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ، لِذَلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ. فِي جَلالِكَ وَبَهَائِكَ تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا الْمُقْتَدِرُ، وَبِجَلالِكَ ارْكَبْ ظَافِراً لأَجْلِ الْحَقِّ وَالْوَدَاعَةِ وَالْبِرِّ، فَتَقْتَحِمَ يَمِينُكَ الأَهْوَالَ. سِهَامُكَ مَسْنُونَةٌ تَخْتَرِقُ أَعْمَاقَ قُلُوبِ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ، وَتَسْقُطُ الشُّعُوبُ صَرْعَى تَحْتَ قَدَمَيْكَ.

عَرْشُكَ يَا اللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ، وَصَوْلَجَانُ مُلْكِكَ عَادِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ. أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ (مَلِكاً) بِدُهْنِ الابْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ (الْمُلُوكِ). ثِيَابُكَ كُلُّهَا مُعَطَّرَةٌ بِالْمُرِّ وَدُهْنِ اللُّبَانِ. مِنْ قُصُورِ الْعَاجِ صَدَحَتْ مُوسِيقَى الآلاتِ الْوَتَرِيَّةِ فَأَطْرَبَتْكَ. أَمِيرَاتٌ بَيْنَ حَظِيَّاتِكَ. جَلَسَتِ الْمَلِكَةُ عَنْ يَمِينِكَ مُزَيَّنَةً بِذَهَبِ أُوفِيرَ. 10 اسْمَعِي يَا بِنْتُ وَانْظُرِي، وَأَرْهِفِي إِلَيَّ أُذُنَكِ، وَانْسَيْ شَعْبَكِ وَبَيْتَ أَبِيكِ 11 فَيَشْتَهِيَ الْمَلِكُ جَمَالَكِ، لأَنَّهُ هُوَ سَيِّدُكِ فَاسْجُدِي لَهُ. 12 بِنْتُ صُورٍ أَغْنَى الشُّعُوبِ تَسْتَرْضِيكِ بِهَدِيَّةٍ.

13 كُلُّهَا مَجْدٌ ابْنَةُ الْمَلِكِ فِي قَصْرِهَا. ثِيَابُهَا مَنْسُوجَةٌ بِذَهَبٍ. 14 تُزَفُّ إِلَى الْمَلِكِ بِحُلَلٍ مُطَرَّزَةٍ، وَوَصِيفَاتُهَا العَذَارَى يَتْبَعْنَهَا قَادِمَاتٍ إِلَيْكَ فِي مَوْكِبٍ حَافِلٍ. 15 يُحْضَرْنَ بِفَرَحٍ وَابْتِهَاجٍ. يَدْخُلْنَ إِلَى قَصْرِ الْمَلِكِ. 16 يُصْبِحُ أَبْنَاؤُكَ يَوْماً مُلُوكاً كَآبَائِهِمْ فَيَتَرَبَّعُونَ عَلَى عُرُوشٍ فِي كُلِّ الأَرْضِ. 17 أُخَلِّدُ ذِكْرَى اسْمِكَ فِي كُلِّ الأَجْيَالِ، وَتَحْمَدُكَ الشُّعُوبُ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.

لِقَائِدِ المُرَنِّمِينَ، مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ.

40 انْتَظَرْتُ اللهَ بِصَبْرٍ.
فَالتَفَتَ إلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي.
مِنَ المَوْتِ نَشَلَنِي.
أخرَجَنِي مِنَ الوَحلِ.
عَلَى أرْضٍ ثَابِتَةٍ وَضَعَ قَدَمَيَّ،
وَثَبَّتَ خُطُوَاتِي.
وَضَعَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً[a] عَلَى شَفَتَيَّ،
تَرْنِيمَةَ شُكْرٍ لِإلَهِنَا.
كَثِيرُونَ سَيَرَوْنَ أعْمَالَهُ،
فَيَهَابُونَ اللهِ وَيَتَّكِلُونَ عَلَيْهِ.
هَنِيئًا لِمَنْ وَضَعَ ثِقَتَهُ فِي اللهِ،
وَلَا يَلْجَأُ إلَى الشَّيَاطِينِ وَالآلِهَةِ المُزَيَّفَةِ.
يَا إلَهِي، أنْتَ صَنَعْتَ عَجَائِبَ كَثِيرَةً.
رَائِعَةٌ هِيَ خُطَطُكَ لَنَا،
وَلَيْسَ مَنْ يَقْدِرُ أنْ يَذْكُرَهَا كُلَّهَا.
سَأُخبِرُ بِهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، مَعَ أنَّهَا لَا تُحْصَى.

أنْتَ لَا تُسَرُّ بِالذَّبَائِحِ وَالقَرَابِينِ،
بَلْ فَتَحْتُ أُذُنَيَّ لِصَوْتِكَ.
لَمْ تَطْلُبْ ذَبَائِحَ صَاعِدَةً وَذَبَائِحَ خَطِيَّةٍ.
لِهَذَا قُلْتُ: «هَا قَدْ جِئْتُ.
مَكْتُوبٌ هَذَا عَنِّي فِي الكِتَابِ.
رَغبَتِي أنْ أفعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إلَهِي،
وَشَرِيعَتُكَ هِيَ فِي قَلْبِي.»

بَشَّرْتُ بِأعْمَالِكَ الحَسَنَةِ بَيْنَ الجَمَاعَةِ الكَبِيرَةِ.
وَأنْتَ، يَا اللهُ، تَعْلَمُ أنَّنِي لَا أُقفِلُ شَفَتَيَّ.
10 لَمْ أكتِمْ فِي قَلْبِي أعْمَالَكَ الصَّالِحَةَ.
بَلْ جَاهَرْتُ بِإخلَاصِكَ وَخَلَاصِكَ.
عَنِ الجَمَاعَةِ الكَبِيرَةِ لَمْ أُخفِ شَيْئًا
مِنْ صِدْقِ مَحَبَّتِكَ وَأمَانَتِكَ.
11 فَلَا تَمْنَعْ، يَا اللهُ، عَنِّي رَحْمَتَكَ.
وَبِصِدْقِ مَحَبَّتِكَ وَأمَانَتِكَ احْمِنِي دَوْمًا.
12 لِأنَّ أشْرَارًا بِلَا عَدَدٍ قَدْ حَاصَرُونِي.
وَخَطَايَايَ أمسَكَتْ بِي وَلَا أرَى مَهرَبًا.
خَطَايَايَ أكْثَرُ مِنْ شَعْرِ رَأسِي.
وَشَجَاعَتِي فَارَقَتْنِي.
13 عَجِّلْ يَا اللهُ وَأنْقِذْنِي.
إلَى مَعُونَتِي أسرِعْ يَا اللهُ.
14 لَيْتَ جَمِيعَ السَّاعِينَ إلَى هَلَاكِي يَخْجَلُونَ وَيُخْذَلُونَ.
لَيْتَ مَنْ يُرِيدُونَ أذِيَّتِي يَسْقُطُونَ
وَيَنْدَحِرُونَ!
15 لَيْتَ المُتَهَكِّمِينَ بِي يَفْزَعُونَ فِي خَجَلِهِمْ،
16 بَيْنَمَا يَبْتَهِجُ وَيَفْرَحُ كُلُّ طَالِبِيكَ،
وَيَقُولُ مُحِبُّو خَلَاصِكَ دَائِمًا:
«عَظِيمٌ هُوَ اللهُ

17 لَكِنِ انْظُرْ إلَيَّ يَا رَبِّي،
لِأنِّي أنَا مِسْكِينٌ وَبَائِسٌ.
إلَهِي، عَوْنِي وَخَلَاصِي أنْتَ.
فَلَا تَتَأخَّرْ.

لِقَائِدِ المُرَنِّمِينَ، مَزْمُورٌ لِدَاوُد.

41 هَنِيئًا لِمَنْ يُعِينُ المَسَاكِينَ وَيَهْتَمُّ بِهِمْ.
فَاللهُ يُنْقِذُهُ فِي أزمِنَةِ الشِّدَّةِ.
يَحْرُسُهُ اللهُ وَيَحْفَظُهُ.
يَكُونُ مُبَارَكًا جِدًّا فِي الأرْضِ.
وَلَا يُسَلِّمُهُ اللهُ إلَى أيدِي أعْدَائِهِ.
عَلَى فِرَاشِ مَرَضِهِ يَسْنِدُهُ اللهُ.
يُحَوِّلُ ضَعْفَهُ إلَى قُوَّةٍ.

قُلْتُ: «إلَيْكَ أخْطَأتُ يَا اللهُ.
فَارحَمْنِي وَاشْفِ نَفْسِي.»
لَكِنَّ أعْدَائِي تَكَلَّمُوا عَلَيَّ بِالشَّرِّ وَقَالُوا:
«مَتَى يَمُوتُ وَيُنسَى؟»
وَإنْ جَاءُوا لِرُؤْيَتِي،
لَا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ.
بَلْ يَأْتُونَ لِيَعْرِفُوا خَبَرًا سَيِّئًا عَنِّي.
ثُمَّ يَخْرُجُونَ لِيُرَوِّجُوهُ.
يَتَهَامَسُ كُلُّ كَارِهِيَّ عَلَيَّ
يَتَآمَرُونَ بِشُرُورٍ ضِدِّي.
يَقُولُونَ: «لَا بُدَّ أنَّهُ فَعَلَ أمْرًا رَدِيئًا.
لِذَا هُوَ مَطرُوحٌ وَلَنْ يَقُومَ.»
حَتَّى أعَزُّ صَدِيقٍ لِي،
الَّذِي بِهِ وَثِقْتُ،
أكَلَ خُبْزِي وَانقَلَبَ ضِدِّي.[b]
10 فَارحَمْنِي يَا اللهُ.
أقِمْنِي لِكَي أُجَازِيَهُمْ.
11 بِهَذَا سَأعرِفُ أنَّكَ رَاضٍ عَنِّي،
وَأنَّكَ لَمْ تُهَيِّجْ أعْدَائِي عَلَيَّ.
12 وَسَأعرِفُ أنِّي بَرِيءٌ،
وَأنَّكَ سَانَدْتَنِي،
وَأقَمْتَنِي أمَامَكَ لِأخدِمَكَ إلَى الأبَدِ.

13 مُبَارَكٌ اللهُ إلَهُ إسْرَائِيلَ
مُنْذُ الأزَلِ وَإلَى الأبَدِ.

آمِينَ ثُمَّ آمِينَ.

الجُزْءُ الثَّانِي

(المَزَامِيرُ 42‏-72)

لقَائد المُرَنِّمِين. قَصِيدَةٌ لِأبْنَاءِ قُورَح.

42 إلَيْكَ أتُوقُ يَا اللهُ
تَوْقَ الغَزَالِ إلَى جَدوَلِ مَاءٍ بَارِدٍ.
نَفْسِي عَطْشَى إلَى اللهِ، الإلَهِ الحَيِّ!
فَمَتَى أذْهَبُ ثَانِيَةً إلَى الهَيْكَلِ لِألتَقِيَ اللهَ؟
دُمُوعِي صَارَتْ طَعَامِي الَّذِي أتَنَاوَلُهُ لَيلَ نَهَارٍ،
إذْ يَسألُونَنِي كُلَّ الوَقْتِ: «أيْنَ إلَهُكَ؟»

يَنْكَسِرُ قَلْبِي حِينَ أتَذَكَّرُ ذَلِكَ.
أتَذَكَّرُ مُرُورِي مِنْ بَيْنِ الجُمُوعِ لِأقُودَ المَوكِبَ
إلَى بَيْتِ اللهِ،
وَأنَا أسمَعُ تَسَابِيحَ الفَرَحِ مِنْ جُمُوعِ الحُجَّاجِ المُحتَفِلِينَ.

لِمَاذَا أنْتِ حَزِينَةٌ وَمُضطَرِبَةٌ يَا نَفْسِي؟
ثِقِي بِاللهِ وَانْتَظِرِيهِ،
لِأنِّي سَأحمَدُهُ مِنْ جَدِيدٍ،
فَفِي حَضرَتِهِ خَلَاصِي.
نَفْسِي كَئِيبَةٌ يَا إلَهِي،
لِذَلِكَ أتَذَكَّرَكَ مِنْ هَذَا المَكَانِ.
مِنْ عَلَى هَذِهِ التَّلَّةِ الصَّغِيرَةِ،[c]
حَيْثُ تَلْتَقِي جِبَالُ حَرْمُونَ بِأرْضِ نَهْرِ الأُرْدُنِّ.
مَوْجَةً فِي إثرِ مَوْجَةٍ
تَخْتَلِطُ أصوَاتُهَا بِصَوْتِ شَلَّالَاتِكَ،
تَنْدَفِعُ تَيَّارَاتُكَ وَأموَاجُكَ لِتَتَكَسَّرَ عَلَى رَأسِي.

لِيُظهِرِ اللهُ مَحَبَّتَهُ نَهَارًا
لِأُغَنِّي لَهُ لَيْلًا،
مُصَلِّيًا لِإلَهِ حَيَاتِي.
وَأقُولُ للهِ الَّذِي هُوَ صَخرَتِي:
«لِمَاذَا نَسِيتَنِي؟
لِمَاذَا عَلَيَّ أنْ أتَحَمَّلَ قَسوَةَ عَدُوِّي؟»
10 يُهِينُنِي خُصُومِي،
وَعِظَامِي يَسْحَقُونَ.

يَسألُونَنِي كُلَّ الوَقْتِ: «أيْنَ إلَهُكَ؟»
11 لِمَاذَا أنْتِ حَزِينَةٌ
وَمُضطَرِبَةٌ يَا نَفْسِي؟
ثِقِي بِاللهِ،
لِأنِّي سَأحمَدُهُ مِنْ جَدِيدٍ،
فَفِي حَضرَتِهِ خَلَاصِي.

43 كُنْتَ أنْتَ يَا اللهُ المُدَافِعَ عَنِّي،
نَجِّنِي مِنَ الأشْرَارِ،
وَمِنَ المُخَادِعِ الشِّرِّيرِ أنْجِدنِي.
لِأنَّكَ أنْتَ إلَهِي وَحِصنِي.
فَلِمَاذَا تَتْرُكُنِي؟
لِمَاذَا أعِيشُ فِي حُزْنٍ؟
لِمَاذَا عَلَيَّ أنْ أحتَمِلَ مُضَايَقَةَ عَدُوِّي؟
أرِنِي نُورَكَ وَخَلَاصَكَ،
وَهُمَا يَهْدِيَانَنِي،
وَيَأْتِيَانِ بِي إلَى مَسْكَنِكَ عَلَى جَبَلِكَ المُقَدَّسِ.
عِنْدَ ذَلِكَ، أقتَرِبُ مِنْ مَذْبَحِ اللهِ.
أقْتَرِبُ مِنَ اللهِ الَّذِي هُوَ فَرَحِي الغَامِرُ،
فَأُسَبِّحُكَ يَا اللهُ،
أُسَبِّحُكَ بِقِيثَارٍ يَا إلَهِي.

لِمَاذَا أنْتِ حَزِينَةٌ
وَمُضطَرِبَةٌ يَا نَفْسِي؟
ثِقِي بِاللهِ
لِأنِّي سَأحمَدُهُ مِنْ جَدِيدٍ،
فَفِي حَضرَتِهِ خَلَاصِي.

لِقَائِدِ المُرَنِّمِينَ. قَصِيدَةٌ لِأبْنَاءِ قُورَحَ.

44 بِآذَانِنَا سَمِعْنَا يَا اللهُ.
آبَاؤُنَا حَكَوْا لَنَا،
حَدَّثُونَا عَنْ أعْمَالِكَ الَّتِي عَمِلْتَ فِي أيَّامِهِمْ مُنْذُ القَدِيمِ.
طَرَدْتَ الأُمَمَ الوَثَنِيَّةَ بِيَدِكَ
قَلَعْتَهُمْ مِنَ الأرْضِ
وَأعْطَيْتَهَا لَنَا.
أخبَرُونَا أنَّ سُيُوفَهُمْ وَقُوَّةَ سَوَاعِدِهُمْ
لَمْ تَضْمَنْ لَهُمُ النَّصرَ وَالأرْضَ.
بَلْ قُوَّتُكَ وَحُضُورُكَ صَنَعَا ذَلِكَ،
لِأنَّكَ رَضِيتَ عَنْهُمْ.
أنْتَ مَلِكِي يَا اللهُ.
فَمُرْ بَانتِصَارِ يَعْقُوبَ.
بِاسْمِكَ وَقُوَّتِكَ
نَطرَحُ مَنْ يُقَاوِمُونَنَا أرْضًا وَنَدُوسُهُمْ.
لِأنِّي لَا أتَّكِلُ عَلَى قَوسِي،
وَسَيفِي لَا يَنْصُرُنِي.
بلْ أنْتَ، أنْتَ تَنْصُرُنَا عَلَى أعْدَائِنَا.
أنْتَ مَنْ يُخزِي كَارِهِينَا!
سَبَّحْنَا اللهَ طَوَالَ اليَوْمِ،
وَإلَى الأبَدِ نُسَبِّحُ اسْمَكَ. سِلَاهْ[d]

لَكِنَّكَ تَخَلَّيتَ عَنَّا وَأخْزَيْتَنَا.
وَرَفَضتَ أنْ تَخْرُجَ إلَى الحَرْبِ مَعَنَا!
10 جَعَلْتَنَا نَفِرُّ مِنْ أمَامِ العُدُوِّ،
فَأخَذَ مُبغِضُونَا الغَنَائِمَ.
11 جَعَلْتَنَا كَغَنَمٍ لِلذَّبحِ،
وَشَتَّتَّنَا بَيْنَ الغُرَبَاءِ!
12 بِعْتَ شَعْبَكَ كَالعَبِيدِ بِثَمَنٍ زَهِيدٍ!
وَلَمْ تَسْعَ لِرَفْعِ ثَمَنِهِمْ!
13 رَأى جِيرَانُنَا مَا فَعَلْتَ بِنَا،
وَهَا هُمْ يَهْزَأُونَ بِنَا وَعَلَينَا يَضْحَكُونَ!
14 جَعَلْتَنَا أُضحُوكَةً عِنْدَ الشُّعُوبِ المُجَاوِرَةِ.
يَسْتَهْزِئُونَ بِنَا وَيَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ.
15 أُواجِهُ خِزْيِي طَوَالَ اليَوْمِ
فَأُغَطِّي وَجْهِي،
16 عِنْدَ سُخْرِيَةِ وَإهَانَةِ العَدُوِّ
السَّاعِي إلَى الِانْتِقَامِ مِنِّي.
17 أنْتَ فَعَلْتَ هَذَا كُلَّهُ يَا اللهُ،
رُغْمَ أنَّنَا مَا نَسَينَاكَ
وَلَمْ نَكسِرْ عَهْدَكَ.
18 لَمْ نُبعِدْ قُلُوبَنَا عَنْكَ!
وَلَا تَوَقَّفنَا عَنِ السَّيرِ وَرَاءَكَ!
19 لَكِنَّكَ سَحَقتَنَا فِي أرْضِ الأفَاعِي،
وَغَطَّيتَنَا بِظُلمَةٍ حَالِكَةٍ كَالمَوْتِ.
20 لَوْ نَسِينَا اسْمَ إلَهِنَا
وَرَفَعْنَا أيدِيَنَا بِالدُّعَاءِ لِإلَهٍ مُزَيَّفٍ،
21 فَسَتَعْلَمُ ذَلِكَ،
لِأنَّكَ تَعْرِفُ أسرَارَ قُلُوبِنَا.
22 لِانَّنَا مِنْ أجْلِكَ
نُواجِهُ خَطَرَ المَوْتِ طَوَالَ النَّهَارِ.
وَنَحْنُ مَحسُوبُونَ كَغَنَمٍ لِلذَّبحِ.
23 استَيْقِظْ، لِمَاذَا تَنَامُ يَا رَبُّ؟
قُمْ وَلَا تَتْرُكنَا إلَى الأبَدِ!
24 لِمَاذَا تَخْتَفِي عَنَّا؟
لَا تَتَجَاهَلْ مُعَانَاتَنَا وَاضطِهَادَنَا.
25 إلَى الوَحلِ دُفِعَتْ نُفُوسُنَا
وَبُطُونُنَا التَصَقَتْ فِي التُّرَابِ.
26 قُمْ، سَارِعْ إلَى عَونِنَا،
أنقِذْنَا بِسَبَبِ رَحْمَتِكَ الدَّائِمَةِ.

لِقَائِدِ المُرَنِّمِينَ، عَلَى لَحنِ «الزَّنَابِقِ.» قَصِيدَةٌ لِأبْنَاءِ قُورَحَ. تَرْنِيمَةُ مَحَبَّةٍ.

45 كَلَامٌ حُلوٌ يَملأُ قَلْبِي،
وَأنَا أكتُبُهُ لِلمَلِكِ.
مِنْ لِسَانِي تَتَدَفَّقُ الكَلِمَاتُ
كَمَا مِنْ قَلَمِ كَاتِبٍ مُبدِعٍ.

فُقْتَ كُلَّ البَشَرِ جَمَالًا.
وَمِنْ فَمِكَ يَخْرُجُ كَلَامٌ رَائِعٌ!
لِهَذَا بَارَكَكَ اللهُ إلَى الأبَدِ!
ضَعْ زِيَّكَ المَجِيدَ!
تَقَلَّدْ سَيفَكَ عَلَى فَخذِكَ،
مَا أبهَاكَ فِي ثِيَابِ الجَلَالِ!
اركَبْ وَامْضِ إلَى أعْمَالِ الحَقِّ
وَالنَّصرِ العَظِيمِ!
يَمِينُكَ قَدْ تَدَرَّبَتْ عَلَى أعْمَالٍ مُهِيبَةٍ.
سِهَامُكَ المَسنُونَةُ،
تَطِيرُ مُبَاشَرَةً إلَى قَلْبِ أعْدَاءِ المَلِكِ،
فَتَتَسَاقَطُ شُعُوبٌ تَحْتَ قَدَمَيكَ.
عَرْشُكَ يَا اللهُ بَاقٍ إلَى أبَدِ الآبِدِينَ،
بِصَولَجَانِ الِاسْتِقَامَةِ سَتَحْكُمُ مَملَكَتَكَ.
أحبَبْتَ البِرَّ، وَكَرِهْتَ الإثْمَ.
لِهَذَا مَسَحَكَ اللهُ إلَهُكَ بِزَيْتِ الِابتِهَاجِ
أكْثَرَ مِنْ كُلِّ رِفَاقِكَ.

مِنْ ثِيَابِكَ يَفُوحُ المُرُّ[e] وَالصَّبرُ[f] وَالسَّنَا[g]
وَفِي قُصُورٍ مُزَيَّنَةٍ بِالعَاجِ يُكَرِّمُكَ العَازِفُونَ.
هُنَاكَ أمِيرَاتٌ بَيْنَ سَيِّدَاتِ بَلَاطِكَ.
وَعَنْ يَمِينِكَ تَقِفُ المَلِكَةُ
وَعَلَى رَأسِهَا تَاجٌ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ.

10 أيَّتُهَا الفَتَاةُ العَزِيزَةُ، اسْمَعِينِي.
انتَبِهِي وَافهَمِي،
انسَي شَعْبَكِ وَبَيْتَ أبِيكِ.
11 فَالمَلِكُ يَشْتَهِي جَمَالَكِ.
هُوَ الآنَ سَيِّدُكِ، فَانحَنِي لَهُ!
12 شَعْبُ صُورٍ الَّذِي هُوَ أغنَى الشُّعُوبِ،
سَيَأْتِي بِهَدَايَا لِيَسْتَرْضِيَ وَجْهَكِ.

13 بِنْتُ المَلِكِ غَايَةٌ فِي البَهَاءِ
لِبَاسُهَا مُزَخْرَفٌ بِالذَّهَبِ.
14 تُزَفُّ إلَى المَلِكِ فِي رِدَائِهَا المَنسُوجِ الجَمِيلِ.
تَتْبَعُهَا صَاحِبَاتُهَا العَذَارَى
اللَّوَاتِي أُحْضِرْنَ مَعَهَا.
15 يُحْضَرْنَ بِفَرَحٍ وَابتِهَاجٍ
لِيَدْخُلنَ قَصرَ المَلِكِ.

16 يَكُونُ لَكَ أبْنَاءٌ كَثِيرُونَ يَا مَلِكِي
وَرَثَةً لِعَرشِ آبَائِكَ،
يَكُونُونَ أُمَرَاءَ عَبْرَ الأرْضِ.
17 لِأجيَالٍ قَادِمَةٍ سَأُعَرِّفُ بِاسْمِكَ.
فَتُسَبِّحُكَ إلَى الأبَدِ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ.

Notas al pie

  1. 40‏:3 ترنِيمَة جَدِيدَة كَانَ شُعرَاءُ الشّعبِ يكتبُونَ ترنيمَةً جديدةً فِي كُلِّ مرّةٍ يصنَعُ اللهُ أمْرًا عظيمًا لخيرِهِمْ.
  2. 41‏:9 انقَلَبَ ضِدِّي حرفِيًّا «رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ.»
  3. 42‏:6 التَّلَّة الصَّغِيرَة أوْ تَلَّة زَعُورَة.
  4. 44‏:8 سِلَاهْ كلمةٌ تظهرُ فِي كِتَابِ المزَاميرِ وكتَابِ حَبَقُوقَ. وَهِيَ عَلَى الأغلبِ إشَارةٌ للمرنّمينَ أوِ العَازِفينَ بِمَعْنَى التّوقّفُ قليلًا أوْ تغييرِ الطبقة.
  5. 45‏:8 المرّ مَادةٌ طَيِّبةُ الرَّائحةِ تُستَخلصُ مِنْ عصَارةِ بَعْضِ الأشْجَار.
  6. 45‏:8 الصَّبر أوِ «العُود أوِ الألوَة.» زيتُ خَشَبٍ عِطرِيٍّ كَانَ يُستَخْدَمُ فِي صُنْعِ العُطورِ (انْظرْ المَزْمُور 45‏:8، الأمثَال 7‏:17).
  7. 45‏:8 السّنَا عطرٌ مُسْتَخلصٌ مِنْ أزهَارِ شَجَرَةِ القِرفةِ، يُستَخدمُ كَعطرٍ عَادِيٍّ وَكَذَلِكَ فِي زَيْتِ المِسْحة.