لِقَائِدِ الْمُنْشِدِينَ، مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ

40 انْتَظَرْتُ الرَّبَّ صَابِراً، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخَ اسْتِغَاثَتِي، وَانْتَشَلَنِي مِنْ هُوَّةِ الْهَلاكِ، مِنْ طِينِ الْمُسْتَنْقَعِ. وَأَوْقَفَ قَدَمَيَّ عَلَى أَرْضٍ صَخْرِيَّةٍ، فَصِرْتُ أَمْشِي بِخُطُوَاتٍ ثَابِتَةٍ. وَضَعَ فِي فَمِي تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً، قَصِيدَةَ تَسْبِيحٍ لإِلَهِنَا. يَرَى ذَلِكَ كَثِيرُونَ فَيَخَافُونَ الرَّبَّ.

طُوبَى لِرَجُلٍ وَضَعَ فِي الرَّبِّ ثِقَتَهُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُنْحَرِفِينَ إِلَى الْكَذِبِ. أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي، مَا أَكْثَرَ أَعْمَالَكَ الْعَجِيبَةَ! إِنْ تَحَدَّثْتُ عَنْ خُطَطِكَ الرَّائِعَةِ لَنَا فَلَنْ أَقْدِرَ أَنْ أُحْصِيَهَا. زَادَتْ عَنْ أَنْ تُعَدَّ. لَمْ تُرِدْ أَوْ تَطْلُبْ ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ عَنِ الْخَطِيئَةِ، لَكِنَّكَ وَهَبْتَنِي أُذُنَيْنِ مُصْغِيَتَيْنِ مُطِيعَتَيْنِ. عِنْدَئِذٍ قُلْتُ: «هَا أَنَا أَجِيءُ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي دَرْجِ الْكِتَابِ: إِنَّ مَسَرَّتِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَتَكَ الصَّالِحَةَ يَا إِلَهِي، وَشَرِيعَتُكَ فِي صَمِيمِ قَلْبِي. أَعْلَنْتُ بِرَّكَ وَسَطَ جَمَاعَةِ شَعْبِكَ الْعَظِيمِ، وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَلِمْتَ أَنَّنِي لَمْ أُلْجِمْ شَفَتَيَّ. 10 لَمْ أُخْفِ بِرَّكَ دَاخِلَ قَلْبِي، بَلْ أَعْلَنْتُ أَمَانَتَكَ وَخَلاصَكَ. لَمْ أَكْتُمْ رَحْمَتَكَ وَحَقَّكَ عَنْ جَمَاعَةِ شَعْبِكَ الْعَظِيمِ».

11 فَأَنْتَ يَا رَبُّ لَنْ تَمْنَعَ مَرَاحِمَكَ عَنِّي. تَنْصُرُنِي دَائِماً رَحْمَتُكَ وَحَقُّكَ. 12 إِنَّ شُرُوراً لَا تُحْصَى قَدْ أَحَاطَتْ بِي، وَآثَامِي قَدْ أَطْبَقَتْ عَلَيَّ فَأَعْمَتْنِي لأَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي، وَقَلْبِي قَدْ خَذَلَنِي. 13 يَا رَبُّ، ارْتَضِ أَنْ تُنَجِّيَنِي. أَسْرِعْ يَا رَبُّ لإِغَاثَتِي. 14 لِيَخْزَ وَلْيَخْجَلْ مَعاً الَّذِينَ يَسْعَوْنَ إِلَى قَتْلِي. لِيُدْبِرْ وَلْيَخْزَ الْمَسْرُورُونَ بِأَذِيَّتِي. 15 لِيَذْهَلْ خِزْياً السَّاخِرُونَ مِنِّي. 16 وَلْيَفْرَحْ وَيَبْتَهِجْ بِكَ جَمِيعُ طَالِبِيكَ، وَلْيَقُلْ كُلَّ حِينٍ مُحبُّو خَلاصِكَ: «يَتَعَظَّمُ الرَّبُّ». 17 أَمَّا أَنَا فَمِسْكِينٌ وَبَائِسٌ. الرَّبُّ يَهْتَمُّ بِي. عَوْنِي وَمُنْقِذِي أَنْتَ. فَلَا تَتَوَانَ يَا إِلَهِي.

لِقَائِدِ الْمُنْشِدِينَ، مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ

41 طُوبَى لِلْمُتَرَفِّقِ بِالْمِسْكِينِ، فَإِنَّ الرَّبَّ يُنْقِذُهُ فِي يَوْمِ الشَّرِّ. الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ وَيُسْعِدُهُ فِي الأَرْضِ، وَلَا يُسَلِّمُهُ إِلَى مَقَاصِدِ أَعْدَائِهِ. يَعْضُدُهُ الرَّبُّ عَلَى فِرَاشِ الأَلَمِ، وَيَرُدُّ عَافِيَتَهُ.

وَأَنَا قُلْتُ: يَا رَبُّ ارْحَمْنِي! أَبْرِئْ نَفْسِي لأَنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ. أَعْدَائِي يَتَآمَرُونَ عَلَيَّ بِالشَّرِّ وَيَقُولُونَ: «مَتَى يَمُوتُ وَيَنْقَرِضُ اسْمُهُ؟» إِنْ أَقْبَلَ لِيَرَانِي، يُبْدِي لِي نِفَاقاً وَيُضْمِرُ فِي قَلْبِهِ شَرّاً يُشِيعُهُ عَنِّي حَالَمَا يُفَارِقُنِي. جَمِيعُ مُبْغِضِيَّ يَتَهَامَسُونَ عَلَيَّ، وَيَتَآمَرُونَ عَلَى إِيذَائِي قَائِلِينَ: «قَدِ اعْتَرَاهُ دَاءٌ عُضَالٌ، وَلَنْ يَقُومَ مِنْ فِرَاشِهِ أَبَداً». حَتَّى صَدِيقِي الْمُلازِمُ لِي الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، الآكِلُ مِنْ طَعَامِي قَدِ انْقَلَبَ عَلَيَّ، وَرَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ.

10 أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَاشْفِنِي، فَأُجَازِيَهُمْ. 11 قَدْ أَدْرَكْتُ أَنِّي حَظِيتُ بِرِضَاكَ (حِينَ نَصَرْتَنِي) فَلَمْ يُطْلِقْ عَلَيَّ عَدُوِّي هُتَافَ الظَّفَرِ 12 فَإِنَّكَ تَدْعَمُنِي فِي كَمَالِي، وَتُقِيمُنِي فِي مَحْضَرِكَ إِلَى الأَبَدِ. 13 تَبَارَكَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ، مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِين فَآمِين.

الكتاب الثاني: مزمور 42‏–72

لِقَائِدِ الْمُنْشِدِينَ. مَزْمُورٌ تَعْلِيمِيٌّ لِبَنِي قُورَحَ

42 مِثْلَمَا تَشْتَاقُ الْغِزْلانُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هَكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ. نَفْسِي عَطْشَى إِلَى اللهِ الإِلَهِ الْحَيِّ، فَمَتَى أَجِيءُ وَأَمْثُلُ أَمَامَ اللهِ؟ قَدْ صَارَتْ دُمُوعِي طَعَامِي الْوَحِيدَ نَهَاراً وَلَيْلاً، إِذْ قِيلَ لِي كُلَّ يَوْمٍ: «أَيْنَ إِلَهُكَ؟» حِينَ أَتَأَمَّلُ فِي نَفْسِي تُعَاوِدُنِي هَذِهِ الذِّكْرَى: كَيْفَ كُنْتُ أُرَافِقُ حُشُودَ الْعَابِدِينَ الْمُحْتَفِلِينَ بِالْعِيدِ وَأَقُودُهُمْ فِي الْحُضُورِ إِلَى بَيْتِ اللهِ، هَاتِفاً مَعَهُمْ فَرَحاً وَحَمْداً. لِمَاذَا أَنْتِ مُكْتَئِبَةٌ يَا نَفْسِي؟ وَلِمَاذَا أَنْتِ قَلِقَةٌ فِي دَاخِلِي؟ تَرَجَّيِ اللهَ، فَإِنِّي سَأَظَلُّ أَحْمَدُهُ، لأَنَّهُ عَوْنِي وَإِلَهِي.

إِلَهِي، إِنَّ نَفْسِي مُكْتَئِبَةٌ فِيَّ، لِذَلِكَ أَذْكُرُكَ مِنْ وَادِي الأُرْدُنِّ، وَمِنْ جِبَالِ حَرْمُونَ، وَمِنْ جَبَلِ مِصْعَرَ. أَمْوَاجُ النَّكَبَاتِ تَوَالَتْ عَلَيَّ كَمَا تَتَوَالَى مِيَاهُ شَلالاتِكَ. يُبْدِي الرَّبُّ لِي رَحْمَتَهُ فِي النَّهَارِ، وَفِي اللَّيْلِ تُرَافِقُنِي تَرْنِيمَتُهُ، صَلاةٌ لإِلَهِ حَيَاتِي. أَقُولُ لِلهِ صَخْرَتِي: «لِمَاذَا نَسِيتَنِي؟ لِمَاذَا أَطُوفُ نَائِحاً مِنْ مُضَايَقَةِ الْعَدُوِّ؟» 10 لَقَدْ عَيَّرَنِي مُضَايِقِيَّ وَسَحَقُوا عِظَامِي، إِذْ يَقُولُونَ لِي طُولَ النَّهَارِ: «أَيْنَ إِلَهُكَ؟» 11 لِمَاذَا أَنْتِ مُكْتَئِبَةٌ يَا نَفْسِي، وَلِمَاذَا أَنْتِ قَلِقَةٌ؟ تَرَجَّيِ اللهَ، فَإِنِّي سَأَظَلُّ أَحْمَدُهُ، لأَنَّهُ عَوْنِي وَإِلَهِي.

لِقَائِدِ المُرَنِّمِينَ، مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ.

40 انْتَظَرْتُ اللهَ بِصَبْرٍ.
فَالتَفَتَ إلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي.
مِنَ المَوْتِ نَشَلَنِي.
أخرَجَنِي مِنَ الوَحلِ.
عَلَى أرْضٍ ثَابِتَةٍ وَضَعَ قَدَمَيَّ،
وَثَبَّتَ خُطُوَاتِي.
وَضَعَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً[a] عَلَى شَفَتَيَّ،
تَرْنِيمَةَ شُكْرٍ لِإلَهِنَا.
كَثِيرُونَ سَيَرَوْنَ أعْمَالَهُ،
فَيَهَابُونَ اللهِ وَيَتَّكِلُونَ عَلَيْهِ.
هَنِيئًا لِمَنْ وَضَعَ ثِقَتَهُ فِي اللهِ،
وَلَا يَلْجَأُ إلَى الشَّيَاطِينِ وَالآلِهَةِ المُزَيَّفَةِ.
يَا إلَهِي، أنْتَ صَنَعْتَ عَجَائِبَ كَثِيرَةً.
رَائِعَةٌ هِيَ خُطَطُكَ لَنَا،
وَلَيْسَ مَنْ يَقْدِرُ أنْ يَذْكُرَهَا كُلَّهَا.
سَأُخبِرُ بِهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، مَعَ أنَّهَا لَا تُحْصَى.

أنْتَ لَا تُسَرُّ بِالذَّبَائِحِ وَالقَرَابِينِ،
بَلْ فَتَحْتُ أُذُنَيَّ لِصَوْتِكَ.
لَمْ تَطْلُبْ ذَبَائِحَ صَاعِدَةً وَذَبَائِحَ خَطِيَّةٍ.
لِهَذَا قُلْتُ: «هَا قَدْ جِئْتُ.
مَكْتُوبٌ هَذَا عَنِّي فِي الكِتَابِ.
رَغبَتِي أنْ أفعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إلَهِي،
وَشَرِيعَتُكَ هِيَ فِي قَلْبِي.»

بَشَّرْتُ بِأعْمَالِكَ الحَسَنَةِ بَيْنَ الجَمَاعَةِ الكَبِيرَةِ.
وَأنْتَ، يَا اللهُ، تَعْلَمُ أنَّنِي لَا أُقفِلُ شَفَتَيَّ.
10 لَمْ أكتِمْ فِي قَلْبِي أعْمَالَكَ الصَّالِحَةَ.
بَلْ جَاهَرْتُ بِإخلَاصِكَ وَخَلَاصِكَ.
عَنِ الجَمَاعَةِ الكَبِيرَةِ لَمْ أُخفِ شَيْئًا
مِنْ صِدْقِ مَحَبَّتِكَ وَأمَانَتِكَ.
11 فَلَا تَمْنَعْ، يَا اللهُ، عَنِّي رَحْمَتَكَ.
وَبِصِدْقِ مَحَبَّتِكَ وَأمَانَتِكَ احْمِنِي دَوْمًا.
12 لِأنَّ أشْرَارًا بِلَا عَدَدٍ قَدْ حَاصَرُونِي.
وَخَطَايَايَ أمسَكَتْ بِي وَلَا أرَى مَهرَبًا.
خَطَايَايَ أكْثَرُ مِنْ شَعْرِ رَأسِي.
وَشَجَاعَتِي فَارَقَتْنِي.
13 عَجِّلْ يَا اللهُ وَأنْقِذْنِي.
إلَى مَعُونَتِي أسرِعْ يَا اللهُ.
14 لَيْتَ جَمِيعَ السَّاعِينَ إلَى هَلَاكِي يَخْجَلُونَ وَيُخْذَلُونَ.
لَيْتَ مَنْ يُرِيدُونَ أذِيَّتِي يَسْقُطُونَ
وَيَنْدَحِرُونَ!
15 لَيْتَ المُتَهَكِّمِينَ بِي يَفْزَعُونَ فِي خَجَلِهِمْ،
16 بَيْنَمَا يَبْتَهِجُ وَيَفْرَحُ كُلُّ طَالِبِيكَ،
وَيَقُولُ مُحِبُّو خَلَاصِكَ دَائِمًا:
«عَظِيمٌ هُوَ اللهُ

17 لَكِنِ انْظُرْ إلَيَّ يَا رَبِّي،
لِأنِّي أنَا مِسْكِينٌ وَبَائِسٌ.
إلَهِي، عَوْنِي وَخَلَاصِي أنْتَ.
فَلَا تَتَأخَّرْ.

لِقَائِدِ المُرَنِّمِينَ، مَزْمُورٌ لِدَاوُد.

41 هَنِيئًا لِمَنْ يُعِينُ المَسَاكِينَ وَيَهْتَمُّ بِهِمْ.
فَاللهُ يُنْقِذُهُ فِي أزمِنَةِ الشِّدَّةِ.
يَحْرُسُهُ اللهُ وَيَحْفَظُهُ.
يَكُونُ مُبَارَكًا جِدًّا فِي الأرْضِ.
وَلَا يُسَلِّمُهُ اللهُ إلَى أيدِي أعْدَائِهِ.
عَلَى فِرَاشِ مَرَضِهِ يَسْنِدُهُ اللهُ.
يُحَوِّلُ ضَعْفَهُ إلَى قُوَّةٍ.

قُلْتُ: «إلَيْكَ أخْطَأتُ يَا اللهُ.
فَارحَمْنِي وَاشْفِ نَفْسِي.»
لَكِنَّ أعْدَائِي تَكَلَّمُوا عَلَيَّ بِالشَّرِّ وَقَالُوا:
«مَتَى يَمُوتُ وَيُنسَى؟»
وَإنْ جَاءُوا لِرُؤْيَتِي،
لَا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ.
بَلْ يَأْتُونَ لِيَعْرِفُوا خَبَرًا سَيِّئًا عَنِّي.
ثُمَّ يَخْرُجُونَ لِيُرَوِّجُوهُ.
يَتَهَامَسُ كُلُّ كَارِهِيَّ عَلَيَّ
يَتَآمَرُونَ بِشُرُورٍ ضِدِّي.
يَقُولُونَ: «لَا بُدَّ أنَّهُ فَعَلَ أمْرًا رَدِيئًا.
لِذَا هُوَ مَطرُوحٌ وَلَنْ يَقُومَ.»
حَتَّى أعَزُّ صَدِيقٍ لِي،
الَّذِي بِهِ وَثِقْتُ،
أكَلَ خُبْزِي وَانقَلَبَ ضِدِّي.[b]
10 فَارحَمْنِي يَا اللهُ.
أقِمْنِي لِكَي أُجَازِيَهُمْ.
11 بِهَذَا سَأعرِفُ أنَّكَ رَاضٍ عَنِّي،
وَأنَّكَ لَمْ تُهَيِّجْ أعْدَائِي عَلَيَّ.
12 وَسَأعرِفُ أنِّي بَرِيءٌ،
وَأنَّكَ سَانَدْتَنِي،
وَأقَمْتَنِي أمَامَكَ لِأخدِمَكَ إلَى الأبَدِ.

13 مُبَارَكٌ اللهُ إلَهُ إسْرَائِيلَ
مُنْذُ الأزَلِ وَإلَى الأبَدِ.

آمِينَ ثُمَّ آمِينَ.

الجُزْءُ الثَّانِي

(المَزَامِيرُ 42‏-72)

لقَائد المُرَنِّمِين. قَصِيدَةٌ لِأبْنَاءِ قُورَح.

42 إلَيْكَ أتُوقُ يَا اللهُ
تَوْقَ الغَزَالِ إلَى جَدوَلِ مَاءٍ بَارِدٍ.
نَفْسِي عَطْشَى إلَى اللهِ، الإلَهِ الحَيِّ!
فَمَتَى أذْهَبُ ثَانِيَةً إلَى الهَيْكَلِ لِألتَقِيَ اللهَ؟
دُمُوعِي صَارَتْ طَعَامِي الَّذِي أتَنَاوَلُهُ لَيلَ نَهَارٍ،
إذْ يَسألُونَنِي كُلَّ الوَقْتِ: «أيْنَ إلَهُكَ؟»

يَنْكَسِرُ قَلْبِي حِينَ أتَذَكَّرُ ذَلِكَ.
أتَذَكَّرُ مُرُورِي مِنْ بَيْنِ الجُمُوعِ لِأقُودَ المَوكِبَ
إلَى بَيْتِ اللهِ،
وَأنَا أسمَعُ تَسَابِيحَ الفَرَحِ مِنْ جُمُوعِ الحُجَّاجِ المُحتَفِلِينَ.

لِمَاذَا أنْتِ حَزِينَةٌ وَمُضطَرِبَةٌ يَا نَفْسِي؟
ثِقِي بِاللهِ وَانْتَظِرِيهِ،
لِأنِّي سَأحمَدُهُ مِنْ جَدِيدٍ،
فَفِي حَضرَتِهِ خَلَاصِي.
نَفْسِي كَئِيبَةٌ يَا إلَهِي،
لِذَلِكَ أتَذَكَّرَكَ مِنْ هَذَا المَكَانِ.
مِنْ عَلَى هَذِهِ التَّلَّةِ الصَّغِيرَةِ،[c]
حَيْثُ تَلْتَقِي جِبَالُ حَرْمُونَ بِأرْضِ نَهْرِ الأُرْدُنِّ.
مَوْجَةً فِي إثرِ مَوْجَةٍ
تَخْتَلِطُ أصوَاتُهَا بِصَوْتِ شَلَّالَاتِكَ،
تَنْدَفِعُ تَيَّارَاتُكَ وَأموَاجُكَ لِتَتَكَسَّرَ عَلَى رَأسِي.

لِيُظهِرِ اللهُ مَحَبَّتَهُ نَهَارًا
لِأُغَنِّي لَهُ لَيْلًا،
مُصَلِّيًا لِإلَهِ حَيَاتِي.
وَأقُولُ للهِ الَّذِي هُوَ صَخرَتِي:
«لِمَاذَا نَسِيتَنِي؟
لِمَاذَا عَلَيَّ أنْ أتَحَمَّلَ قَسوَةَ عَدُوِّي؟»
10 يُهِينُنِي خُصُومِي،
وَعِظَامِي يَسْحَقُونَ.

يَسألُونَنِي كُلَّ الوَقْتِ: «أيْنَ إلَهُكَ؟»
11 لِمَاذَا أنْتِ حَزِينَةٌ
وَمُضطَرِبَةٌ يَا نَفْسِي؟
ثِقِي بِاللهِ،
لِأنِّي سَأحمَدُهُ مِنْ جَدِيدٍ،
فَفِي حَضرَتِهِ خَلَاصِي.

Footnotes

  1. 40‏:3 ترنِيمَة جَدِيدَة كَانَ شُعرَاءُ الشّعبِ يكتبُونَ ترنيمَةً جديدةً فِي كُلِّ مرّةٍ يصنَعُ اللهُ أمْرًا عظيمًا لخيرِهِمْ.
  2. 41‏:9 انقَلَبَ ضِدِّي حرفِيًّا «رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ.»
  3. 42‏:6 التَّلَّة الصَّغِيرَة أوْ تَلَّة زَعُورَة.

بولس يسافر بحراً إلى روما

27 وَأَخِيراً تَقَرَّرَ أَنْ نُسَافِرَ إِلَى إِيطَالِيَا بَحْراً، فَتَوَلَّى حِرَاسَةَ بُولُسَ وَبَعْضِ السُّجَنَاءِ الآخَرِينَ قَائِدُ مِئَةٍ اسْمُهُ يُولِيُوسُ، يَنْتَمِي إِلَى كَتِيبَةِ أُغُسْطُسَ. فَرَكِبْنَا سَفِينَةً قَادِمَةً مِنْ أَدْرَامِيتَ، مُتَّجِهَةً إِلَى مَوَانئِ مُقَاطَعَةِ آسِيَّا. وَرَافَقَنَا فِي الرِّحْلَةِ أَرِسْتَرْخُسُ مِنْ مَدِينَةِ تَسَالُونِيكِي فِي مُقَاطَعَةِ مَقِدُونِيَّةَ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي وَصَلْنَا إِلَى صَيْدَا. وَعَامَلَ يُولِيُوسُ بُولُسَ مُعَامَلَةً طَيِّبَةً فَسَمَحَ لَهُ بِأَنْ يَزُورَ أَصْدِقَاءَهُ فِي صَيْدَا لِيَتَلَقَّى مِنْهُمْ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَأَقْلَعْنَا مِنْ مِينَاءِ صَيْدَا، وَسَافَرْنَا بِمُحَاذَاةِ شَوَاطِئِ قُبْرُصَ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ عَكْسَ اتِّجَاهِ سَيْرِنَا. وَعَبَرْنَا الْبَحْرَ الْمُجَاوِرَ لِمُقَاطَعَتَيْ كِيلِيكِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ، وَوَصَلْنَا إِلَى مِينَاءِ مِيرَا فِي مُقَاطَعَةِ لِيكِيَّةَ. وَهُنَاكَ وَجَدَ قَائِدُ الْمِئَةِ سَفِينَةً قَادِمَةً مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ مُتَّجِهَةً إِلَى إِيطَالِيَا، فَأَصْعَدَنَا إِلَيْهَا. وَسَافَرَتِ السَّفِينَةُ عَلَى مَهْلٍ لِعِدَّةِ أَيَّامٍ، وَاقْتَرَبْنَا مِنْ شَاطِئِ كِنِيدُسَ بَعْدَ جَهْدٍ، وَلَكِنَّ الرِّيحَ مَنَعَتْنَا مِنْ دُخُولِ الْمِينَاءِ فَلَمْ نَقْدِرْ أَنْ نَنْزِلَ هُنَاكَ، فَسَافَرْنَا عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ شَاطِئِ جَزِيرَةِ كَرِيتَ، مُرُوراً بِالْقُرْبِ مِنْ رَأْسِ سَلْمُونِي. وَبَعْدَ جَهْدٍ وَصَلْنَا إِلَى مَكَانٍ يُدْعَى الْمَوَانِئَ الجَمِيلَةَ بِالْقُرْبِ مِنْ مَدِينَةِ لَسَائِيَةَ.

وَقَضَيْنَا هُنَاكَ مُدَّةً طَوِيلَةً، حَتَّى مَضَى الصَّيْفُ وَأَصْبَحَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ خَطِراً إِذْ كَانَ الصَّوْمُ أَيْضاً قَدْ مَضَى، فَنَصَحَ بُولُسُ بَحَّارَةَ السَّفِينَةِ 10 قَائِلاً: «أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَرَى فِي سَفَرِنَا الآنَ خَطَراً وَخَسَارَةً عَظِيمَةً، لَا عَلَى السَّفِينَةِ وَحُمُولَتِهَا فَقَطْ، بَلْ عَلَى حَيَاتِنَا أَيْضاً». 11 عَلَى أَنَّ قَائِدَ الْمِئَةِ كَانَ يَمِيلُ إِلَى كَلامِ رُبَّانِ السَّفِينَةِ وَصَاحِبِهَا، لَا إِلَى كَلامِ بُولُسَ. 12 وَلَمَّا لَمْ تَكُنِ الْمِينَاءُ صَالِحَةً لِقَضَاءِ فَصْلِ الشِّتَاءِ، فَقَدْ قَرَّرَ مُعْظَمُ الْبَحَّارَةِ أَنْ يُغَادِرُوهَا، آمِلِينَ الْوُصُولَ إِلَى ميِنَاءِ فِينِكْسَ لِقَضَاءِ الشِّتَاءِ فِيهَا، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْمِينَاءُ فِي كَرِيتَ تُوَاجِهُ الْجَنُوبَ وَالشَّمَالَ الْغَرْبِيَّيْنِ.

العاصفة

13 وَهَبَّتْ رِيحٌ خَفِيفَةٌ مِنَ الْجَنُوبِ، فَظَنَّ الْبَحَّارَةُ أَنَّهَا سَتَدْفَعُهُمْ نَحْوَ فِينِكْسَ، فَرَفَعُوا الْمَرْسَاةَ وَأَبْحَرُوا عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ شَاطِئِ كَرِيتَ.

14 وَلَكِنَّ رِيحاً عَاصِفَةً تُعْرَفُ بِالشَّمَالِيَّةِ الشَّرْقِيَّةِ هَبَّتْ بَعْدَ قَلِيلٍ، 15 فَانْدَفَعَتِ السَّفِينَةُ وَلَمْ تَقْوَ عَلَى مُقَاوَمَةِ الرِّيحِ، فَاسْتَسْلَمْنَا. وَحَمَلَتْنَا الْعَاصِفَةُ 16 إِلَى مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْ جَزِيرَةٍ صَغِيرَةٍ اسْمُهَا كُودَا. وَبَعْدَ جَهْدٍ اسْتَطَعْنَا أَنْ نَرْفَعَ قَارِبَ النَّجَاةِ إِلَى ظَهْرِ السَّفِينَةِ. 17 ثُمَّ أَسْرَعَ الْبَحَّارَةُ بِاتِّخَاذِ الاحْتِيَاطَاتِ الضَّرُورِيَّةِ، فَشَدُّوا وَسَطَ السَّفِينَةِ بِالْحِبَالِ. وَخَوْفاً مِنَ الانْجِرَافِ إِلَى شَوَاطِئِ الرِّمَالِ الْمُتَحَرِّكَةِ، أَنْزَلُوا الأَشْرِعَةَ وَالْحِبَالَ، فَأَصْبَحَتِ الرِّيحُ تَدْفَعُ السَّفِينَةَ. 18 وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي اشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعَاصِفَةُ، فَأَخَذُوا يُخَفِّفُونَ مِنَ الْحُمُولَةِ. 19 وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَمَوْا أَثَاثَ السَّفِينَةِ بِأَيْدِيهِمْ. 20 وَكَانَتِ الْعَاصِفَةُ تَشْتَدُّ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ، حَتَّى إِنَّنَا لَمْ نَرَ الشَّمْسَ وَلا النُّجُومَ عِدَّةَ أَيَّامٍ، فَانْقَطَعَ كُلُّ أَمَلٍ فِي النَّجَاةِ.

21 وَكَانَ الْمُسَافِرُونَ قَدِ امْتَنَعُوا مُدَّةً طَوِيلَةً عَنْ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ، فَتَقَدَّمَ بُولُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ، كَانَ يَجِبُ أَنْ تَسْمَعُوا كَلامِي وَلا تُقْلِعُوا مِنْ كَرِيتَ، فَتَسْلَمُوا مِنْ هَذَا الْخَطَرِ وَالْخَسَارَةِ. 22 وَلَكِنِّي الآنَ أَدْعُوكُمْ لِتَطْمَئِنُّوا، فَلَنْ يَفْقِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ حَيَاتَهُ. وَلَكِنَّ السَّفِينَةَ وَحْدَهَا سَتَتَحَطَّمُ. 23 فَقَدْ ظَهَرَ لِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاكٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَإِيَّاهُ أَخْدِمُ، 24 وَقَالَ لِي: لَا تَخَفْ يَا بُولُسُ! فَلابُدَّ أَنْ تَمْثُلَ أَمَامَ الْقَيْصَرِ. وَقَدْ وَهَبَكَ اللهُ حَيَاةَ جَمِيعِ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ! 25 فَاطْمَئِنُّوا أَيُّهَا الرِّجَالُ، لأَنِّي أُومِنُ بِاللهِ وَبِأَنَّ مَا قَالَهُ لِي سَيَتِمُّ. 26 وَلَكِنْ لابُدَّ أَنْ تَجْنَحَ السَّفِينَةُ إِلَى إِحْدَى الْجُزُرِ».

Read full chapter

بُولُسُ يُبحِرُ إلَى رُومَا

27 ثُمَّ تَقَرَّرَ أنْ نُبحِرَ إلَى إيطَاليَا. حينَئِذٍ تَمَّ تَسْلِيمُ بُولُسَ وَبَعْضِ السُّجَنَاءِ الآخَرِينَ إلَى ضَابِطٍ رومَانيٍّ[a] اسْمُهُ يُوليُوسُ، مِنْ فِرقَةٍ عَسْكَريَّةٍ تَابِعِةٍ للإمبرَاطُورِ. فَرَكِبنَا سَفِينَةً قَادِمَةً مِنْ مَدِينَةِ أدرَامِيتَ تُوشِكُ عَلَى الإبحَارِ إلَى المَوَانِئِ الَّتِي عَلَى امْتِدَادِ سَاحِلِ أسِيَّا. وَانطَلَقنَا، وَكَانَ مَعَنَا أرِستَرْخُسُ، وَهُوَ مَكدُونِيٌّ مِنْ تَسَالُونِيكِي.

وَفِي اليَوْمِ التَّالِي، رَسَونَا فِي صَيدَا. وَكَانَ يُوليُوسُ لَطِيفًا فِي مُعَامَلَتِهِ لِبُولُسَ، وَسَمَحَ لَهُ بِأنْ يَذْهَبَ إلَى أصدِقَائِهِ لِكَي يَهْتَمُّوا بِحَاجَاتِهِ. وَمِنْ هُنَاكَ انطَلَقنَا وَأبحَرْنَا مُحتَمِينَ بِشَوَاطِئِ قُبرُصَ، لِأنَّ الرِّيَاحَ كَانَتْ ضِدَّنَا. وَأبحَرْنَا مُقَابِلَ كِيلِيكِيَّةَ وَبَمفِيلِيَةَ، وَوَصَلنَا إلَى مِيرَا فِي لِيكِيَّةَ. وَهُنَاكَ وَجَدَ الضَّابِطُ سَفِينَةً إسكَندَرِيَّةً مُبحِرَةً إلَى إيطَاليَا، فَوَضَعَنَا عَلَى ظَهرِهَا.

وَأبحَرْنَا بِبُطءٍ عِدَّةَ أيَّامٍ. وَوَصَلنَا بِصُعُوبَةٍ إلَى مُقَابِلِ كِنِيدُسَ. لَكِنَّ الرِّيحَ لَمْ تَسْمَحْ لَنَا بِالمُحَافَظَةِ عَلَى مَسَارِنَا إلَى كِنِيدَسَ، فَأبحَرْنَا مُحتَمِينَ بِجَزِيرَةِ كرِيتَ مُقَابِلَ سَلمُونِي. وَأبحَرْنَا بِصُعُوبَةٍ عَلَى طُولِ سَاحِلِهَا، حَتَّى وَصَلنَا إلَى مَكَانٍ يُدْعَى «المَرَافِئَ الآمِنَةَ» قُرْبَ بَلْدَةِ لَسَائِيَّةَ.

وَكَانَ وَقْتٌ كَثِيرٌ قَدْ ضَاعَ. فَقَدْ مَضَى عِيدُ الصَّومِ[b] وَكَانَ الإبحَارُ قَدْ أصبَحَ خَطِرًا، فَحَذَّرَهُمْ بُولُسُ 10 وَقَالَ: «أيُّهَا الرِّجَالُ، أرَى كَارِثَةً فِي انتِظَارِ رِحلَتِنَا، وَأنَّنَا سَنَخسَرُ الكَثِيرَ، لَا فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالحُمُولَةِ وَالسَّفِينَةِ فَحَسْبُ، بَلْ حَيَاتِنَا أيْضًا.» 11 لَكِنَّ الضَّابِطَ اقتَنَعَ بِكَلَامِ قُبطَانِ السَّفِينَةِ وَصَاحِبِهَا، وَلَمْ يُصغِ إلَى مَا قَالَهُ بُولُسُ. 12 وَبِمَا أنَّ المِينَاءَ لَمْ يَكُنْ مُنَاسِبًا لِقَضَاءِ الشِّتَاءِ، قَرَّرَ أغلَبُهُمْ أنْ يَنْطَلِقُوا إلَى البَحْرِ مِنْ هُنَاكَ. فَقَدْ كَانُوا يُرِيدُونَ أنْ يُحَاوِلُوا الوُصُولَ إلَى فِينِكسَ إنْ أمكَنَ، لِيَقْضوا الشِّتَاءَ هُنَاكَ. وَفِينِكسُ هِيَ مِينَاءٌ فِي جَزِيرَةِ كرِيتَ يُواجِهُ الجَنُوبَ الغَربِيَّ وَالشِّمَالَ الغَربِيَّ.

العَاصِفَة

13 وَعِنْدَمَا بَدَأتْ تَهُبُّ رِيحٌ جَنُوبِيَّةٌ لَطِيفَةٌ، اعتَقَدُوا أنَّهُمْ نَالُوا مُرَادَهُمْ. فَرَفَعُوا مِرسَاةَ السَّفِينَةِ، وَأبحَرُوا عَلَى طُولِ سَاحِلِ كرِيتَ. 14 لَكِنْ لَمْ يَمْضِ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى اجتَاحَتهُمْ مِنَ الجَزِيرَةِ رِيحٌ أشبَهُ بِالإعْصَارِ تُسَمَّى «الشِّمَالِيَّةَ الشَّرقِيَّةَ.» 15 فَعَلِقَتِ السَّفِينَةُ فِي هَذَا الإعْصَارِ. وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنَ التَّقَدُّمِ بِاتِّجَاهِ الرِّيحِ، فَاسْتَسْلَمنَا لَهَا، فَصَارَتْ تَقُودُنَا.

16 وَبَيْنَمَا كُنَّا نُبحِرُ مُحتَمِينَ بِجَزِيرَةٍ صَغِيرَةٍ اسْمُهَا كَلَوْدِي، تَمَكَّنَّا بِصُعُوبَةٍ مِنْ تَأْمِينِ قَارِبِ النَّجَاةِ. 17 فَلَمَّا رَفَعُوهُ، استَخْدَمُوا حِبَالًا لِتَثْبِيتِ السَّفِينَةِ. وَلِأنَّهُمْ خَافُوا أنْ يُصدَمُوا بِرِمَالِ سِيترِسَ،[c] أنزَلُوا المِرسَاةَ. وَتَرَكُوا السَّفِينَةَ لِلأموَاجِ تَسُوقُهَا كَيفَمَا تَشَاءُ.

18 وَلِأنَّ العَاصِفَةَ كَانَتْ تَضْرِبُنَا بِعُنفٍ شَدِيدٍ، بَدَأُوا فِي اليَوْمِ التَّالِي بِإلقَاءِ الحُمُولَةِ مِنْ عَلَى ظَهرِ السَّفِينَةِ. 19 وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ رَمَوْا عُدَّةَ السَّفِينَةِ إلَى البَحْرِ بِأيدِيهِمْ. 20 وَلَمْ تَظْهَرِ الشَّمْسُ وَلَا النُّجُومُ أيَّامًا كَثِيرَةً. وَكَانَتِ العَاصِفَةُ تُواجِهُنَا بِشِدَّةٍ. وَأخِيرًا فَقَدنَا كُلَّ أمَلٍ بِإمكَانِيَّةِ النَّجَاةِ.

21 وَلَمْ يَكُنْ أحَدٌ قَدْ أكَلَ شَيْئًا مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ. فَوَقَفَ بُولُسُ أمَامَهُمْ وَقَالَ: «أيُّهَا الرِّجَالُ، كَانَ عَلَيْكُمْ أنْ تَأْخُذُوا بِنَصِيحَتِي بِعَدَمِ الإبحَارِ مِنْ كرِيتَ، فَلَو أنَّكُمْ فَعَلْتُمْ هَذَا لَتَجَنَّبتُمْ هَذَا الضَّرَرَ وَهَذِهِ الخَسَارَةَ. 22 لَكِنِّي الآنَ أحُثُّكُمْ عَلَى أنْ تَتَشَجَّعُوا لِأنَّهُ مَا مِنْ أحَدٍ مِنْكُمْ سَيَفْقِدُ حَيَاتَهُ، وَلَنْ نَفْقِدَ إلَّا السَّفِينَةَ. 23 فَفِي اللَّيلَةِ المَاضِيَةِ وَقَفَ إلَى جَانِبِي مَلَاكٌ مِنْ عِندِ اللهِ الَّذِي أنتَمِي إلَيْهِ وَأخدِمُهُ، 24 وَقَالَ لِي: ‹لَا تَخَفْ يَا بُولُسُ، إذْ يَنْبَغِي أنْ تَقِفَ أمَامَ القَيصَرِ. وَاللهُ يَعِدُكَ بِأنْ يَحْفَظَ حَيَاةَ جَمِيعِ الَّذِينَ مَعَكَ.› 25 فَتَشَجَّعُوا أيُّهَا الرِّجَالُ فَلِي إيمَانٌ بِاللهِ بِأنَّ الأُمُورَ سَتَحْدُثُ تَمَامًا كَمَا قِيلَ لِي. 26 لَكِنْ لَا بُدَّ أنْ نَرسُوَ عَلَى جَزِيرَةٍ مَا.»

Read full chapter

Footnotes

  1. 27‏:1 ضَابط رومَاني حرفيًا «قَائد مئة.» أيْضًا فِي الأعدَاد 6، 11، 31، 43.
  2. 27‏:9 عِيد الصوم هُوَ «عِيد الكَفَّارة» عند اليهود ويأتي فِي خريف كلِّ سَنَة. وَهُوَ وقتٌ تكثر فيهِ العوَاصف وَاضطرَابَات البحر.
  3. 27‏:17 سِيترِس مَنْطِقَة ضحلة فِي البحرِ المتوسّط قرب ليبيَا.