دفاع أيوب الأخير

29 وَاسْتَطْرَدَ أَيُّوبُ فِي ضَرْبِ مَثَلِهِ: «يَا لَيْتَنِي مَازِلْتُ كَمَا كُنْتُ فِي الشُّهُورِ الْغَابِرَةِ، فِي الأَيَّامِ الَّتِي حَفِظَنِي فِيهَا اللهُ، كَانَ مِصْبَاحُهُ يُضِيءُ فَوْقَ رَأْسِي، فَأَسْلُكُ عَبْرَ الظُّلْمَةِ فِي نُورِهِ. يَوْمَ كُنْتُ فِي رَيعَانِ قُوَّتِي وَرِضَى اللهِ مُخَيِّماً فَوْقَ بَيْتِي. وَالْقَدِيرُ مَا بَرِحَ مَعِي، وَأَوْلادِي مَازَالُوا حَوْلِي. حِينَ كُنْتُ أَغْسِلُ خَطْوَاتِي بِاللَّبَنِ، وَالصَّخْرُ يَفِيضُ لِي أَنْهَاراً مِنَ الزَّيْتِ. حِينَ كُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى بَوَّابَةِ الْمَدِينَةِ، وَأَحْتَلُّ فِي السَّاحَةِ مَجْلِسِي، فَيَرَانِي الشُّبَّانُ وَيَتَوَارَوْنَ، وَيَقِفُ الشُّيُوخُ احْتِرَاماً لِي. يَمْتَنِعُ الْعُظَمَاءُ عَنِ الْكَلامِ وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ. 10 يَتَلاشَى صَوْتُ النُّبَلاءِ، وَتَلْتَصِقُ أَلْسِنَتُهُمْ بِأَحْنَاكِهِمْ. 11 إِذَا سَمِعَتْ لِيَ الأُذُنُ تُطَوِّبُنِي، وَإذَا شَهِدَتْنِي الْعَيْنُ تُثْنِي عَلَيَّ، 12 لأَنِّي أَنْقَذْتُ الْبَائِسَ الْمُسْتَغِيثَ، وَأَجَرْتُ الْيَتِيمَ طَالِبَ الْعَوْنِ، 13 فَحَلَّتْ عَلَيَّ بَرَكَةُ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمَوْتِ، وَجَعَلْتُ قَلْبَ الأَرْمَلَةِ يَتَهَلَّلُ فَرَحاً. 14 ارْتَدَيْتُ الْبِرَّ فَكَسَانِي، وَكَجُبَّةٍ وَعِمَامَةٍ كَانَ عَدْلِي. 15 كُنْتُ عُيُوناً لِلأَعْمَى، وَأَقْدَاماً لِلأَعْرَجِ، 16 وَكُنْتُ أَباً لِلْمِسْكِينِ، أَتَقَصَّى دَعْوَى مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ. 17 هَشَّمْتُ أَنْيَابَ الظَّالِمِ وَمِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ نَزَعْتُ الْفَرِيسَةَ، 18 ثُمَّ حَدَّثْتُ نَفْسِي: إِنِّي سَأَمُوتُ فِي خَيْمَتِي وَتَتَكَاثَرُ أَيَّامِي كَحَبَّاتِ الرَّمْلِ. 19 سَتَمْتَدُّ أُصُولِي إِلَى الْمِيَاهِ، وَالطَّلُّ يَبِيتُ عَلَى أَغْصَانِي. 20 يَتَجَدَّدُ مَجْدِي دَائِماً، وَقَوْسِي أَبَداً جَدِيدَةٌ فِي يَدِي. 21 يَسْتَمِعُ النَّاسُ لِي وَيَنْتَظِرُونَ، وَيَصْمُتُونَ مُنْصِتِينَ لِمَشُورَتِي. 22 بَعْدَ كَلامِي لَا يُثَنُّونَ عَلَى أَقْوَالِي، وَحَدِيثِي يَقْطُرُ عَلَيْهِمْ كَالنَّدَى. 23 يَتَرَقَّبُونَنِي كَالْغَيْثِ، وَيَفْتَحُونَ أَفْوَاهَهُمْ كَمَنْ يَنْهَلُ مِنْ مَطَرِ الرَّبِيعِ 24 إِنِ ابْتَسَمْتُ لَهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ، وَنُورُ وَجْهِي لَمْ يَطْرَحُوهُ عَنْهُمْ بَعِيداً. 25 أَخْتَارُ لَهُمْ طَرِيقَهُمْ وَأَتَصَدَّرُ مَجْلِسَهُمْ، وَأَكُونُ بَيْنَهُمْ كَمَلِكٍ بَيْنَ جُيُوشِهِ، وَكَالْمُعَزِّي بَيْنَ النَّائِحِينَ.

30 أَمَّا الآنَ فَقَدْ هَزَأَ بِي مَنْ هُمْ أَصْغَرُ مِنِّي سِنّاً، مَنْ كُنْتُ آنَفُ أَنْ أَجْعَلَ آبَاءَهُمْ مَعَ كِلابِ غَنَمِي. إِذْ مَا جَدْوَى قُوَّةِ أَيْدِيهِمْ لِي بَعْدَ أَنْ أُصِيبَتْ بِعَجْزٍ؟ يَهِيمُونَ هُزَالَى جِيَاعاً، يَنْبِشُونَ الْيَابِسَةَ الْخَرِبَةَ الْمَهْجُورَةَ. يَلْتَقِطُونَ الْخُبَّيْزَةَ بَيْنَ الْعُلَّيْقِ، وَخُبْزُهُمْ عُرُوقُ الرَّتَمِ. يُطْرَدُونَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، وَيَصْرُخُونَ خَلْفَهُمْ كَمَا يَصْرُخُونَ عَلَى لِصٍّ. يُقِيمُونَ فِي كُهُوفِ الْوِدْيَانِ الْجَافَّةِ، بَيْنَ الصُّخُورِ وَفِي ثُقُوبِ الأَرْضِ. يَنْهَقُونَ بَيْنَ الْعُلَّيْقِ، وَيرْبِضُونَ تَحْتَ الْعَوْسَجِ. هُمْ حَمْقَى، أَبْنَاءُ قَوْمٍ خَامِلِينَ مَنْبُوذِينَ مِنَ الأَرْضِ.

أَمَّا الآنَ فَقَدْ أَصْبَحْتُ مَثَارَ سُخْرِيَةٍ لَهُمْ وَمَثَلاً يَتَنَدَّرُونَ بِهِ 10 يَشْمَئِزُّونَ مِنِّي وَيَتَجَافَوْنَنِي، لَا يَتَوَانَوْنَ عَنِ الْبَصْقِ فِي وَجْهِي! 11 لأَنَّ اللهَ قَدْ أَرْخَى وَتَرَ قَوْسِي وَأَذَلَّنِي، انْقَلَبُوا ضِدِّي بِكُلِّ قُوَّتِهِمْ. 12 قَامَ صِغَارُهُمْ عَنْ يَمِينِي يُزِلُّونَ قَدَمِي وَيُمَهِّدُونَ سُبُلَ دَمَارِي. 13 سَدُّوا عَلَيَّ مَنْفَذَ مَهْرَبِي، وَتَضَافَرُوا عَلَى هَلاكِي، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِي مُعِينٌ. 14 وَكَأَنَّمَا مِنْ ثُغْرَةٍ وَاسِعَةٍ تَدَافَعُوا نَحْوِي، وَانْدَفَعُوا هَاجِمِينَ بَيْنَ الرَّدْمِ. 15 طَغَتْ عَلَيَّ الأَهْوَالُ، فَتَطَايَرَتْ كَرَامَتِي كَوَرَقَةٍ أَمَامَ الرِّيحِ، وَمَضَى رَغْدِي كَالسَّحَابِ.

16 وَالآنَ تَهَافَتَتْ نَفْسِي عَلَيَّ وَتَنَاهَبَتْنِي أَيَّامُ بُؤْسِي. 17 يَنْخَرُ اللَّيْلُ عِظَامِي، وَآلامِي الضَّارِيَةُ لَا تَهْجَعُ. 18 تَشُدُّ بِعُنْفٍ لِبَاسِي وَتَحْزِمُنِي مِثْلَ طَوْقِ عَبَاءَتِي. 19 قَدْ طَرَحَنِي اللهُ فِي الْحَمْأَةِ فَأَشْبَهْتُ التُّرَابَ وَالرَّمَادَ. 20 أَسْتَغِيثُ بِكَ فَلا تَسْتَجِيبُ، وَأَقِفُ أَمَامَكَ فَلا تَأْبَهُ بِي. 21 أَصْبَحْتَ لِي عَدُوّاً قَاسِياً، وَبِقُدْرَةِ ذِرَاعِكَ تَضْطَهِدُنِي. 22 خَطَفْتَنِي وَأَرْكَبْتَنِي عَلَى الرِّيحِ، تُذِيبُنِي فِي زَئِيرِ الْعَاصِفَةِ. 23 فَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ تَسُوقُنِي إِلَى الْمَوْتِ، وَإِلَى دَارِ مِيعَادِ كُلِّ حَيٍّ. 24 وَلَكِنْ، أَلا يَمُدُّ إِنْسَانٌ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الأَنْقَاضِ؟ أَوَ لَا يَسْتَغِيثُ فِي بَلِيَّتِهِ؟

25 أَلَمْ أَبْكِ لِمَنْ قَسَى عَلَيْهِ يَوْمُهُ؟ أَلَمْ تَحْزَنْ نَفْسِي لِلْمِسْكِينِ؟ 26 وَلَكِنْ حِينَ تَرَقَّبْتُ الْخَيْرَ أَقْبَلَ الشَّرُّ، وَحِينَ تَوَقَّعْتُ النُّورَ هَجَمَ الظَّلامُ. 27 قَلْبِي يَغْلِي وَلَنْ يَهْدَأَ، وَأَيَّامُ الْبَلِيَّةِ غَشِيَتْنِي. 28 فَأَمْضِي نَائِحاً لَكِنْ مِنْ غَيْرِ عَزَاءٍ. أَقِفُ بَيْنَ النَّاسِ أَطْلُبُ الْعَوْنَ. 29 صِرْتُ أَخاً لِبَنَاتِ آوَى، وَرَفِيقاً لِلنَّعَامِ. 30 اسْوَدَّ جِلْدِي عَلَيَّ وَتَقَشَّرَ، وَاحْتَرَقَتْ عِظَامِي مِنَ الْحُمَّى 31 صَارَتْ قِيثَارَتِي لِلنَّوْحِ، وَمِزْمَارِي لِصَوْتِ النَّادِبِينَ.

31 أَبْرَمْتُ عَهْداً مَعَ عَيْنَيَّ، فَكَيْفَ أَرْنُو إِلَى عَذْرَاءَ؟ وَمَاذَا يَكُونُ نَصِيبِي عِنْدَ اللهِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا هُوَ إِرْثِي مِنْ عِنْدِ الْقَدِيرِ فِي الأَعَالِي؟ أَلَيْسَتِ الْبَلِيَّةُ مِنْ حَظِّ الشِّرِّيرِ، وَالْكَارِثَةُ مِنْ نَصِيبِ فَاعِلِي الإِثْمِ؟ أَلا يَرَى اللهُ طُرُقِي وَيُحْصِي كُلَّ خَطْوَاتِي؟ إِنْ سَلَكْتُ فِي ضَلالٍ وَأَسْرَعَتْ قَدَمِي لاِرْتِكَابِ الْغِشِّ، فَلأُوزَنْ فِي قِسْطَاسِ الْعَدْلِ، وَلْيَعْرِفِ اللهُ كَمَالِي. إِنْ حَادَتْ خَطْوَاتِي عَنِ الطَّرِيقِ، وَغَوَى قَلْبِي وَرَاءَ عَيْنَيَّ، وَعَلِقَتْ بِيَدِي لَطْخَةُ عَارٍ، فَلأَزْرَعْ أَنَا وَآخَرُ يَأْكُلُ، وَلْيُسْتَأْصَلْ مَحْصُولِي.

إِنْ هَامَ قَلْبِي وَرَاءَ امْرَأَةٍ، أَوْ طُفْتُ عِنْدَ بَابِ جَارِي، 10 فَلْتَطْحَنْ زَوْجَتِي لِآخَرَ، وَلْيُضَاجِعْهَا آخَرُونَ. 11 لأَنَّ هَذِهِ رَذِيلَةٌ وَإِثْمٌ يُعَاقِبُ عَلَيْهِ الْقُضَاةُ، 12 وَنَارٌ مُلْتَهِمَةٌ تُفْضِي إِلَى الْهَلاكِ وَتَقْضِي عَلَى غَلَّاتِي.

13 إِنْ كُنْتُ قَدْ تَنَكَّرْتُ لِحَقِّ خَادِمِي وَأَمَتِي عِنْدَمَا اشْتَكَيَا عَلَيَّ، 14 فَمَاذَا أَصْنَعُ عِنْدَمَا يَقُومُ اللهُ (لِمُحَاكَمَتِي)؟ وَبِمَاذَا أُجِيبُ عِنْدَمَا يَتَقَصَّى (لِيُحَاسِبَنِي)؟ 15 أَلَيْسَ الَّذِي كَوَّنَنِي فِي الرَّحِمِ كَوَّنَهُ أَيْضاً؟ أَوَ لَيْسَ الَّذِي شَكَّلَنَا فِي الرَّحِمِ وَاحِدٌ؟ 16 إِنْ كُنْتُ قَدْ مَنَعْتُ عَنِ الْمِسْكِينِ مَا يَطْلُبُهُ، أَوْ أَوْهَنْتُ عَيْنَيِ الأَرْمَلَةِ مِنْ فَرْطِ الْبُكَاءِ، 17 أَوْ أَكَلْتُ كِسْرَةَ خُبْزِي وَحْدِي وَلَمْ أَتَقَاسَمْهَا مَعَ الْيَتِيمِ، 18 إِذْ مُنْذُ حَدَاثَتِي رَعَيْتُهُ كَأَبٍ، وَهَدَيْتُهُ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ. 19 إِنْ كُنْتُ قَدْ رَأَيْتُ أَحَداً مُشْرِفاً عَلَى الْهَلاكِ مِنَ الْعُرْيِ، أَوْ مِسْكِيناً مِنْ غَيْرِ كِسَاءٍ، 20 إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي حَقَوَاهُ الْمُسْتَدْفِئَتَانِ بِجَزَّةِ غَنَمِي! 21 إِنْ كُنْتُ قَدْ رَفَعْتُ يَدِي ضِدَّ الْيَتِيمِ، مُسْتَغِلاً نُفُوذِي فِي الْقَضَاءِ، 22 فَلْيَسْقُطْ عَضُدِي مِنْ كَتِفِي، وَلْتَنْكَسِرْ ذِرَاعِي مِنْ قَصَبَتِهَا. 23 لأَنَّنِي أَرْتَعِبُ مِنْ نِقْمَةِ اللهِ، وَمَا كُنْتُ أَقْوَى عَلَى مُوَاجَهَةِ جَلالِهِ.

24 إِنْ كُنْتُ قَدْ جَعَلْتُ الذَّهَبَ مُتَّكَلِي، أَوْ قُلْتُ لِلإِبْرِيزِ أَنْتَ مُعْتَمَدِي، 25 إِنْ كُنْتُ قَدِ اغْتَبَطْتُ بِعُظْمِ ثَرْوَتِي، أَوْ لأَنَّ يَدَيَّ فَاضَتَا بِوَفْرَةِ الْكَسْبِ، 26 إِنْ كُنْتُ قَدْ نَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ حِينَ أَضَاءَتْ، أَوْ إِلَى الْقَمَرِ السَّائِرِ بِبَهَاءٍ، 27 فَغَوِيَ قَلْبِي سِرّاً وَقَبَّلْتُ يَدَيَّ تَوْقِيراً لَهُمَا، 28 فَإِنَّ هَذَا أَيْضاً إِثْمٌ يُعَاقِبُ عَلَيْهِ الْقُضَاةُ، لأَنِّي أَكُونُ قَدْ جَحَدْتُ اللهَ الْعَلِيَّ.

29 إِنْ كُنْتُ قَدْ فَرِحْتُ بِدَمَارِ مُبْغِضِي أَوْ شَمِتُّ حِينَ أَصَابَهُ شَرٌّ، 30 لا! لَمْ أَدَعْ لِسَانِي يُخْطِئُ بالدُّعَاءِ عَلَى حَيَاتِهِ بِلَعْنَةٍ. 31 إِنْ كَانَ أَهْلُ خَيْمَتِي لَمْ يَقُولُوا: أَهُنَاكَ مَنْ لَمْ يَشْبَعْ مِنْ طَعَامِ أَيُّوبَ؟ 32 فَالْغَرِيبُ لَمْ يَبِتْ فِي الشَّارِعِ لأَنِّي فَتَحْتُ أَبْوَابِي لِعَابِرِي السَّبِيلِ. 33 إِنْ كُنْتُ قَدْ كَتَمْتُ آثَامِي كَبَقِيَّةِ النَّاسِ، طَاوِياً ذُنُوبِي فِي حِضْنِي، 34 رَهْبَةً مِنَ الْجَمَاهِيرِ الْغَفِيرَةِ، وَخَوْفاً مِنْ إِهَانَةِ الْعَشَائِرِ، وصَمَتُّ وَاعْتَصَمْتُ دَاخِلَ الأَبْوَابِ. 35 آهِ، مَنْ لِي بِمَنْ يَسْتَمِعُ لِي! هُوَذَا تَوْقِيعِي، فَلْيُجِبْنِي الْقَدِيرُ. لَيْتَ خَصْمِي يَكْتُبُ شَكْوَاهُ ضِدِّي، 36 فَأَحْمِلَهَا عَلَى كَتِفِي وَأَعْصِبَهَا تَاجاً لِي، 37 لَكُنْتُ أُقَدِّمُ لَهُ حِسَاباً عَنْ كُلِّ خَطْوَاتِي، وَأَدْنُو مِنْهُ كَمَا أَدْنُو مِنْ أَمِيرٍ. 38 إِنْ كَانَتْ أَرْضِي قَدِ احْتَجَّتْ عَلَيَّ وَتَبَاكَتْ أَتْلامُهَا جَمِيعاً، 39 إِنْ كُنْتُ قَدْ أَكَلْتُ غَلّاتِهَا بِلا ثَمَنٍ، أَوْ سَحَقْتُ نُفُوسَ أَصْحَابِهَا، 40 فَلْيَنْبُتْ فِيهَا الشَّوْكُ بَدَلَ الْحِنْطَةِ وَالزَّوَانُ بَدَلَ الشَّعِيرِ». تَمَّتْ هُنَا أَقْوَالُ أَيُّوبَ.

اسْتِمْرَارُ أيُّوبَ فِي الحَدِيث

29 وَعَادَ أيُّوبُ وَطَرَحَ دَعْوَاهُ:

«لَيْتَ حَيَاتِي كَانَتْ كَالشُّهُورِ السَّابِقَةِ،
قَبْلَ مَجِيءِ الضِّيقِ.
كَتِلْكَ الأيَّامِ الَّتِي حَمَانِي اللهُ فِيهَا،
عِنْدَمَا أضَاءَ نُورُهُ فَوْقَ رَأسِي،
وَكُنْتُ أمشِي فِي الظُّلمَةِ بِنُورِهِ.
عِنْدَمَا كُنْتُ بَعْدُ فِي قُوَّتِي،
وَكَانَتْ صَدَاقَةُ اللهِ تُظَلِّلُ خَيْمَتِي.
عِنْدَمَا كَانَ القَدِيرُ بَعْدُ مَعِي،
وَصِغَارِي يُحِيطُونَ بِي.
عِنْدَمَا كُنْتُ أغسِلُ قَدَمَيَّ بِالحَلِيبِ!
وَكَانَتِ المَعَاصِرُ الصَّخرِيَّةُ تَسْكُبُ لِي جَدَاوِلَ زَيْتٍ.

«عِنْدَمَا كُنْتُ أخرُجُ إلَى بَوَّابَةِ المَدِينَةِ،
وَأتَّخِذُ مَجلِسِي فِي سَاحَتِهَا.
كَانَ الشَّبَابُ يَرَوْنَنِي فَيَنْسَحِبُونَ،
وَالكِبَارُ يَقُومُونَ وَيَقِفُونَ.
كَانَ الوُجَهَاءُ يَتَوَقَّفُونَ عَنِ الكَلَامِ،
وَيَضَعُونَ أيدِيَهُمْ عَلَى أفوَاهِهِمْ.
10 كَانَتْ أصوَاتُ الأُمَرَاءِ تَخْرَسُ،
فَلَا يَنْطِقُونَ بِحَرْفٍ.
11 كَانُوا يَمْتَدِحُونَ كُلَّ مَا أقُولُ،
وَيَسْتَحْسِنُونَ كُلَّ مَا أفْعَلُ.
12 لِأنِّي أنقَذتُ المِسكِينَ المُسْتَغِيثَ،
وَاليَتِيمَ الَّذِي لَا سَنَدَ لَهُ.
13 حَتَّى المُشَرَّدُونَ كَانُوا يَسْألُونَ لِي البَرَكَةَ،
وَأدْخَلْتُ الفَرَحَ عَلَى قُلُوبِ الأرَامِلِ.
14 لَبِسْتُ البِرَّ فَكَسَانِي كَثَوبٍ.
وَلَبِسْتُ العَدْلَ رِدَاءً وَعِمَامَةً،
15 كُنْتُ لِلأعمَى عَيْنَيْنِ،
وَلِلكَسِيحِ قَدَمَينِ.
16 كُنْتُ أبًا لِلمُحتَاجِ،
أدْرُسُ قَضَايَا أُنَاسٍ لَا أعرِفُهُمْ،
لِأُسَاعِدَهُمْ فِي المَحْكَمَةِ.
17 كَسَّرْتُ قُوَّةَ الظَّالِمِ،
وَجَعَلتُهُ يُسقِطُ فَرِيسَتَهُ مِنْ فَمِهِ.

18 «ثُمَّ قُلْتُ لِنَفْسِي:
سَأمُوتُ فِي سِنٍّ مُتَقَدِّمَةٍ،
وَسَتُضَاعَفُ أيَّامُ حَيَاتِي لِتَكُونَ كَعَدَدِ الرَّملِ،
19 وَسَتَمْتَدُّ إلَى المَاءِ جُذُورِي،
وَيَبِيتُ النَّدَى عَلَى أغْصَانِي.
20 وَتَتَجَدَّدُ عَلَى الدَوَامِ قُوَّتِي،
وَتَرْجِعُ قَوسِي شَابَّةً فِي يَدِي.

21 «كَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ لِيَسْمَعُونِي،
وَيَصْمُتُونَ لِسَمَاعِ نَصِيحَتِي.
22 بَعْدَ أنْ أتَكَلَّمَ، لَا يَبْقَى لِلآخَرِينَ شَيءٌ يَقُولُونَهُ،
وَيَنْزِلُ عَلَيْهِمْ كَلَامِي كَالمَطَرِ.
23 فَكَانُوا يَنْتَظِرُونَنِي كَمَا يَنْتَظِرُونَ المَطَرَ،
وَيَفْتَحُونَ أفوَاهَهُمْ كَمَا لِلمَطَرِ المُتَأخِّرِ.
24 إذَا ابتَسَمْتُ لَهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ مِنَ الفَرَحِ،
وَوَجْهِي البَشُوشُ يُشَجِّعُهُمْ.
25 اختَرْتُ أنْ أكُونَ مَعَهُمْ،
رُغْمَ أنِّي كُنْتُ قَائِدَهُمْ.
جَلَسْتُ مَعَهُمْ كَمَا يَجْلِسُ مَلِكٌ بَيْنَ قُوَّاتِهِ،
وَكَمَنْ يُعَزِّي النَّائِحِينَ.

30 «وَأمَّا الآنَ، فَالَّذِينَ هُمْ دُونِي سِنًّا يَهْزَأُونَ بِي.
الَّذِينَ لَمْ أكُنْ أقبَلُ آبَاءَهُمْ مَعَ كِلَابِ قَطِيعِي!
وَقُوَّةُ أيدِيهِمْ لَا تُفِيدُنِي شَيْئًا،
فَقَدْ فَقَدُوا قُوَّتَهُمْ.
وَفِي الفَقرِ وَالجُوعِ الشَّدِيدِ،
يَلْعَقُونَ الغُبَارَ فِي الصَّحرَاءِ.
يَقْلَعُونَ النَّبَاتَاتِ المَالِحَةِ وَسَطَ الشُّجَيرَاتِ،
وَجُذُورَ نَبَاتِ الرَّتَمِ، وَيأكُلُونَهَا.
مِنْ وَسَطِ النَّاسِ يُطرَدُونَ،
وَيَصْرُخُ النَّاسُ عَلَيْهِمْ
كَمَا لَوْ كَانُوا لُصُوصًا.
يَسْكُنُونَ فِي الكُهُوفِ وَبَيْنَ الصُّخُورِ
وَفِي شُقُوقِ الوِديَانِ.
يَنْبَحُونَ بَيْنَ أعشَابِ الصَّحرَاءِ،
وَيَتَجَمَّعُونَ مَعًا تَحْتَ الشُّجَيرَاتِ الشَّائِكَةِ.
هُمْ مُحتَقَرُونَ،
طُرِدُوا مِنَ الأرْضِ بِالسِّيَاطِ.
أُنَاسٌ لَا وَزنَ أوْ قِيمَةَ لَهُمْ.

«وَالْآنَ أصبَحتُ أنَا أُغنِيَتَهُمْ،
وَصِرتُ لَهُمْ أُضْحُوكَةً.
10 يَمْقُتُونَنِي وَيَبْتَعِدُونَ عَنِّي،
وَلَا يَتَرَدَّدُونَ فِي البَصْقِ عَلَيَّ.
11 لِأنَّ اللهَ أرخَى وَتَرَ قَوسِي وَأذَلَّنِي،
يُهَاجِمُونَنِي دُونَ ضَابِطٍ.
12 يَقُومُ أصَاغِرُهُمْ عَنْ يَمِينِي،
لِيَجْعَلُوا قَدَمَيَّ تَزِلَّانِ،
وَيُحَاصِرُونَنِي لِتَدْمِيرِي.
13 خَرَّبُوا طَرِيقِي،
وَنَجَحُوا فِي تَحْطِيمِي،
وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُعِينُنِي عَلَيْهِمْ.
14 يَدْخُلُونَ إلَيَّ مِنْ ثَغرَةٍ وَاسِعَةٍ،
وَيَتَدَحرَجُ عَلَيَّ الحُطَامُ.
15 غَمَرَتْنِي المَصَائِبُ،
وَطَارَدَتْ كَرَامَتِي كَالرِّيحِ،
وَمَضَى خَلَاصِي كَغَيمَةٍ.

16 «وَالْآنَ تَتَهَاوَى حَيَاتِي،
وَيُسَيطِرُ عَلَيَّ زَمَنُ البَلوَى.
17 فِي اللَّيلِ يَخْتَرِقُ الألَمُ عِظَامِي دَاخِلِي،
وَأوجَاعِي لَا تَنَامُ.
18 بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ يُمْسِكُ مَلَابِسِي،
يُمسِكُنِي مِنْ يَاقَةِ رِدَائِي.
19 وَيَرْمِينِي فِي الوَحلِ،
فَأصِيرُ تُرَابًا وَرَمَادًا.

20 «أصرُخُ مُسْتَغِيثًا بِكَ يَا اللهُ،
لَكِنَّكَ لَا تُجِيبُنِي.
أقِفُ فَلَا تَنْتَبِهُ إلَيَّ.
21 صِرْتَ قَاسِيًا عَلَيَّ،
وَبِيَدِكَ القَوِيَّةِ صِرْتَ تُقَاوِمُنِي.
22 تَتْرُكُ الرِّيحَ تَحْمِلُنِي وَتَرْمِي بِي بَعِيدًا،
وَالعَوَاصِفَ الهَادِرَةُ تَتَقَاذَفُنِي.
23 أنَا أعْرِفُ أنَّكَ سَتُرجِعُنِي إلَى المَوْتِ،
إلَى مِيعَادِ الأحيَاءِ جَمِيعًا.

24 «لَكِنْ أيَضْطَهِدُ أحَدٌ إنْسَانًا مُحَطَّمًا خَرِبًا،
إنِ استَغَاثَ لَحظَةَ الدَّمَارِ؟
25 ألَمْ أبْكِ مِنْ أجْلِ الَّذِينَ عَانَوْا مِنْ أيَّامٍ صَعْبَةٍ؟
ألَمْ أحْزَنْ عَلَى المَسَاكِينِ؟
26 تَوَقَّعتُ خَيْرًا فَجَاءَ الشَّرُّ!
انتَظَرْتُ النُّورَ، فَحَلَّتْ ظُلمَةٌ دَامِسَةٌ.
27 تَضْطَرِبُ أحشَائِي دُونَ تَوَقُّفٍ.
اقْتَرَبَتْ مِنِّي أيَّامُ ألَمِي.
28 تَمَشَّيتُ مُسْوَدًّا لَكِنْ لَيْسَ مِنَ الشَّمْسِ.
وَقَفتُ فِي الجَمَاعَةِ وَاستَغَثْتُ.
29 صِرْتُ أخًا لِلذِّئَابِ،
وَرَفِيقًا لِلبُومِ.
30 اسوَدَّ جِلْدِي مِنَ المَرَضِ،
وَجَسَدِي مَحمُومٌ جِدًّا.
31 قِيثَارَتِي لَا تَعْزِفُ إلَّا لِلحُزنِ،
وَلَا يُطلِقُ مِزمَارِي إلَّا ألحَانَ الرِّثَاءِ.

31 «عَاهَدْتُ عَينَيَّ، فَكَيْفَ أنْظُرُ إلَى عَذْرَاءَ؟
فَمَاذَا كَانَ نَصِيبِي مِنَ اللهِ مِنْ فَوقُ،
وَمَاذَا كَانَ مِيرَاثِي مِنَ القَدِيرِ السَّاكِنِ فِي الأعَالِي؟
ألَيْسَ الدَّمَارُ لِلشِّرِّيرِ،
وَالكَارِثَةُ مِنْ نَصِيبِ فَاعِلِي الإثْمِ؟
ألَا يَرَى اللهُ مَا أفْعَلُهُ،
وَيُرَاقِبُ كُلَّ حَرَكَاتِي؟

«إنْ كُنْتُ تَصَرَّفتُ بِالغِشِّ،
أوْ أسْرَعتُ إلَى الخِدَاعِ،
فَليَزِّنِي اللهُ فِي مِيزَانِ البِرِّ،
وَسَيَعْرِفُ عِنْدَ ذَلِكَ استِقَامَتِي.
إنْ حَادَتْ خُطُواتِي عَنِ الطَّرِيقِ،
وَإنْ ذَهَبَ قَلْبِي وَرَاءَ شَهَوَاتِي،
وَإنْ تَلَطَّخَتْ يَدَايَ بِالخَطِيَّةِ،
فَليَأْكُلْ مَا زَرَعتُهُ رَجُلٌ آخَرَ،
وَلْتُقلَعْ مَحَاصِيلِي.

«إذَا تَغَابَى قَلْبِي فَاشْتَهَى امْرأةً،
وَاقْتَنَصْتُ الفُرْصَةَ لِلتَّسَلُّلِ إلَى امْرأةِ صَاحِبِي،
10 فَلتَطْحَنِ امْرَأتِي حُبُوبًا لِآخَرَ،
وَلْيَضْطَجِعْ مَعَهَا آخَرُونَ!
11 لِأنَّ هَذَا شَرٌّ مُخْزٍ
جَرِيمَةٌ تَسْتَحِقُّ الدَينُونَةَ.
12 فَمِثْلُ هَذَا نَارٌ تَأْكُلُ كُلَّ شَيءٍ
حَتَّى إلَى مَوْضِعِ الهَلَاكِ،[a]
وَتَسْتَأْصِلُ كُلَّ مَا أُنتِجُ.

13 «لَوْ كُنْتُ قَدْ أنكَرتُ حُقُوقَ خَادِمِي أوْ خَادِمَتِي،
إذَا جَاءَا يَتَظَلَّمَانِ،
14 فَمَاذَا سَأفْعَلُ حِينَ يَقُومُ اللهُ لِيَتَّهِمَنِي؟
وَحِينَ يَأْتِي اللهُ لِيَسألَنِي،
فَمَاذَا أقُولُ، وَأيَّ جَوَابٍ أُعْطِيهِ؟
15 ألَيْسَ الَّذِي صَنَعَنِي فِي بَطنِ أُمِّي هُوَ الَّذِي صَنَعَ خَادِمِي؟
ألَمْ يُشَكِّلْنَا الإلَهُ ذَاتُهُ فِي البَطنِ؟

16 «لَوْ كُنْتُ قَدْ مَنَعْتُ عَنِ المَسَاكِينِ مُرَادَهُمْ،
لَوْ لَمْ أمسَحْ دُمُوعَ الأرمَلَةِ،
17 لَوِ احتَفَظتُ بِخُبْزِي لِنَفْسِي،
وَلَمْ أُطْعِمِ اليَتِيمَ،
18 مَعَ أنَّهُ اعتَبَرَنِي أبًا لَهُ مُنْذُ شَبَابِي.
اهتَمَمتُ بِالأرمَلَةِ مُنْذُ وِلَادَتِي،
19 هَل رَأيْتُ مَنْ يَتَعَذَّبُ لِقِلَّةِ مَلَابِسِهِ،
أوْ رَأيْتُ فَقيرًا دُونَ غِطَاءٍ،
20 وَلَمْ يَشْكُرْنِي مِنْ قَلْبِهِ،
أوْ لَمْ يَتَدَفَّأ بِصُوفِ خِرَافِي؟
21 إنْ هَدَّدْتُ اليَتِيمَ،
مُعتَمِدًا عَلَى مَركَزِي وَنُفُوذِي،
22 فَلْيَنْفَصِلْ كَتِفِي مِنْ أصلِهِ،
وَلْتُكسَرْ ذِرَاعِي مِنْ مَفْصِلِهَا.
23 لِأنَّ أكْثَرَ مَا أخشَاهُ هُوَ مُصِيبَةٌ يُرسِلُهَا اللهُ،
فَلَا أنجُو إذَا قَامَ لِمُقَاوَمَتِي.

24 «إنِ اتَكَلتُ عَلَى الغِنَى،
وَقُلْتُ لِلذَّهَبِ: ‹أنْتَ أمَانِي،›
25 إنْ فَرِحتُ كَثِيرًا بِثَروَتِي الكَثِيرَةِ،
أوْ لِأنِّي جَمَعتُ مَالًا كَثِيرًا،
26 إنْ لَاحَظتُ شُعَاعَ الشَّمْسِ الجَمِيلَ،
وَرَوعَةَ القَمَرِ فِي حَرَكَتِهِ،
27 فَغَوَى قَلْبِي سِرًّا،
وَقَبَّلتُ يَدَيَّ عِبَادَةً لَهُمَا،
28 فَهَذِهِ أيْضًا جَرِيمَةٌ تَسْتَوْجِبُ الدَّينُونَةَ،
لِأنِّي سَأكُونُ قَدْ خَذَلْتُ العَلِيَّ.

29 «إنِ ابْتَهَجْتُ بِمُصِيبَةٍ حَلَّتْ بِعَدُوِّي،
أوْ هَتَفْتُ لِأنَّ سوءًا أصَابَهُ …
30 لَكِنِّي لَمْ أُخطِئْ بِكَلَامِي،
لَمْ أنْطِقْ بِلَعْنَةٍ عَلَى حَيَاتِهِ.
31 أُقْسِمُ أنَّ لَا أحَدَ مِنْ أهْلِي وَبَيْتِي
طَلَبَ طَعَامًا وَلَمْ يَأْخُذْ كِفَايَتَهُ.
32 لَمْ يَبِتْ غَرِيبٌ لَيلَتَهُ فِي الطَّرِيقِ،
بَلْ فَتَحْتُ بَيْتِي لِلمُسَافِرِ.
33 إنْ أخفَيتُ إثمِي كَآدَمَ،[b]
فَكَتَمْتُ جَرِيمَتِي فِي صَدرِي،
34 لِأنِّي خِفْتُ مِنَ النَّاسِ،
أوْ لِأنِّي خَشِيتُ أنْ لَا يَرْضَى أقَارِبِي،
فَسَكَتُّ وَلَمْ أُغَادِرْ مَدخَلَ بَيْتِي.

35 «لَيْتَ هُنَاكَ مَنْ يَرْضَى أنْ يَسْتَمِعَ إلَيَّ!
فَلْيُجِبْنِي خَصْمِي القَدِيرُ،
وَلِيَكْتُبِ اتِّهَامَاتِهُ عَلَى مَخْطُوطَةٍ،
وَأنَا سَأُوَقِّعُ عَلَيْهَا.
36 سَأضَعُهَا عَلَى كَتِفِي،
وَألبَسُهَا تَاجًا عَلَى رَأسِي.
37 سَأذكُرُ لَهُ كُلَّ مَا فَعَلْتُ،
وَأدنُو مِنْهُ كَقَائِدٍ مَرْفُوعِ الرَّأسِ.

38 «إنْ صَرَخَتْ أرْضِي ضِدِّي،
وَبَكَتْ أتلَامُهَا[c] مَعًا.
39 إنْ كُنْتُ قَدْ أكَلْتُ غَلَّتَهَا،
دُونَ أنْ أدفَعَ أُجرَةً.
أوْ سَلَبْتُ حِصَّةَ مَالِكِيهَا،
40 فَليَنْبُتِ الشَّوكُ فِيهَا عِوَضًا عَنِ القَمْحِ،
وَالأعشَابُ عِوَضًا عَنِ الشَّعِيرِ.»

اكتَمَلَتْ أقْوَالُ أيُّوبَ.

Footnotes

  1. 31‏:12 مَوْضِع الهَلَاك حرفيًا «أبَدُّون» وَهُوَ اسمٌ من أسْمَاءِ «الهَاوِيَة.» (انْظُرْ كتَاب رُؤيَا يُوحَنَّا 9‏:11)
  2. 31‏:33 كآدَم أوْ كبقيّةِ البّشر.
  3. 31‏:38 أتلَامُهَا الأتلَامُ هِيَ مَا تترُكُهُ حِرَاثَةُ الأرْضِ مِنْ آثَارٍ.