القحط والجوع والسيف

14 هَذِهِ كَلِمَةُ الرَّبِّ الَّتِي أَوْحَى بِها إِلَى إرْمِيَا بِشَأْنِ الْقَحْطِ: «أَرْضُ يَهُوذَا تَنُوحُ وَأَبْوَابُهَا وَاهِيَةٌ. أَهْلُهَا يَنْدُبُونَ مَطْرُوحِينَ إِلَى الأَرْضِ، وَعَوِيلُ أُورُشَلِيمَ قَدْ صَعِدَ إِلَى الْعُلَى. أَرْسَلَ أَشْرَافُهُمْ خُدَّامَهُمْ لِيَحْمِلُوا إِلَيْهِمِ الْمَاءَ، فَأَقْبَلُوا إِلَى الْجِبَابِ وَإذَا بِها فَارِغَةٌ مِنَ الْمَاءِ، فَرَجَعُوا بِجِرَارٍ خَاوِيَةٍ وَقَدِ اعْتَرَاهُمُ الْخِزْيُ وَالْخَجَلُ وَغَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ. خَزِيَ الْفَلاحُونَ وَغَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ تَشَقَّقَتْ لاِنْقِطَاعِ الْمَطَرِ عَنْهَا. حَتَّى الإِيَّلُ فِي الصَّحْرَاءِ قَدْ هَجَرَتْ وَلِيدَهَا لِتَعَذُّرِ وُجُودِ الْكَلَأ. وَقَفَتِ الْفِرَاءُ عَلَى الرَّوَابِي وَتَنَسَّمَتِ الرِّيحَ كَبَنَاتِ آوَى فَكَلَّتْ عُيُونُهَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْعُشْبِ».

وَإِنْ تَكُنْ آثَامُنَا تَشْهَدُ عَلَيْنَا يَا رَبُّ، فَلأَجْلِ اسْمِكَ خَلِّصْنَا، لأَنَّ مَعَاصِيَنَا كَثُرَتْ وَقَدْ أَخْطَأْنَا إِلَيْكَ. يَا رَجَاءَ إِسْرَائِيلَ وَمُخَلِّصَهُ فِي وَقْتِ الضِّيقِ، لِمَاذَا تَكُونُ كَغَرِيبٍ فِي الأَرْضِ، وَكَعَابِرِ سَبِيلٍ يَمِيلُ لِيَبِيتَ ثُمَّ يَمْضِي؟ لِمَاذَا تَكُونُ كَالرَّجُلِ الْمُتَحَيِّرِ وكَجَبَّارٍ يَعْجِزُ عَنِ الْخَلاصِ؟ وَأَنْتَ يَا رَبُّ قَائِمٌ فِي وَسَطِنَا، وَبِاسْمِكَ دُعِينَا، فَلا تَتْرُكْنَا.

10 وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ لِهَذَا الشَّعْبِ: «لَشَدَّ مَا أَحَبُّوا التَّجَوُّلَ وَلَمْ يَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّرِّ، لِذَلِكَ لَا يَقْبَلُهُمُ اللهُ. وَالآنَ يَذْكُرُ إِثْمَهُمْ وَيُعَاقِبُ خَطَايَاهُمْ». 11 وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «لا تُصَلِّ لِخَيْرِ الشَّعْبِ. 12 وَإِنْ صَامُوا فَلَنْ أَسْتَجِيبَ إِلَى صُرَاخِهِمْ، وَإِنْ قَرَّبُوا مُحْرَقَاتٍ وَتَقْدِمَاتِ دَقِيقٍ فَلَنْ أَتَقَبَّلَهَا، وَلَكِنِّي أُفْنِيهِمْ بِالسَّيْفِ وَالْمَجَاعَةِ وَالْوَبَاءِ».

13 ثُمَّ قُلْتُ: «آهِ أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، هَا الأَنْبِيَاءُ الْكَذَبَةُ يَقُولُونَ لَهُمْ: لَنْ تَتَعَرَّضُوا لِلسَّيْفِ وَلا لِلْجُوعِ، بَلْ أُنْعِمُ عَلَيْكُمْ بِسَلامٍ مُحَقَّقٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ». 14 وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «إِنَّ الأَنْبِيَاءَ يَتَنَبَّأُونَ زُوراً بِاسْمِي وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلَمْ آمُرْهُمْ، وَلَمْ أُكَلِّمْهُمْ، إِنَّمَا هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ بَاطِلَةٍ مُسْتَوْحَاةٍ مِنْ ضَلالِ قُلُوبِهِمْ.

15 لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ عَنْ هَؤُلاءِ الأَنْبِيَاءِ الْمُتَنَبِّئِينَ بِاسْمِي: مَعَ أَنِّي لَمْ أُرْسِلْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَنْ تُبْتَلَى هَذِهِ الأَرْضُ بِسَيْفٍ وَلا مَجَاعَةٍ، لِهَذَا فَإِنَّ هَؤلاءِ الأَنْبِيَاءَ يَفْنَوْنَ بِالسَّيْفِ وَالْمَجَاعَةِ. 16 وَيَغْدُو الشَّعْبُ الَّذِي يَتَنَبَّأُونَ لَهُ، مَطْرُوحاً صَرِيعاً فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ فَرِيسَةَ الْجُوعِ وَالسَّيْفِ، وَلَيْسَ مَنْ يَدْفِنُهُمْ هُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَبَنَاتِهِمْ، وَأَصُبُّ شَرَّهُمْ عَلَيْهِمْ». 17 وَقُلْ لَهُمْ هَذَا الْكَلامَ: «لِتَذْرِفْ عَيْنَايَ دُمُوعاً لَيْلاً وَنَهَاراً، وَلا تَكُفَّا أَبَداً لأَنَّ أُورُشَلِيمَ سُحِقَتْ سَحْقاً عَظِيماً بِضَرْبَةٍ أَلِيمَةٍ جِدّاً. 18 إِنْ خَرَجْتُ إِلَى الْحُقُولِ أَشْهَدُ قَتْلَى السَّيْفِ، وَإِنْ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ أَرَى ضَحَايَا الْمَجَاعَةِ. وَهَا النَّبِيُّ وَالْكَاهِنُ كِلاهُمَا يَذْهَبَانِ إِلَى أَرْضٍ لَا يَعْرِفَانِهَا». 19 هَلْ تَنَكَّرْتَ لِيَهُوذَا كُلَّ التَّنَكُّرِ؟ وَهَلْ كَرِهَتْ نَفْسُكَ صِهْيَوْنَ؟ مَا بَالُكَ قَدِ ابْتَلَيْتَنَا بِضَرْبَةٍ لَا شِفَاءَ مِنْهَا؟ وَقَدْ طَلَبْنَا السَّلامَ فَلَمْ نَحْظَ بِالْخَيْرِ. رَجَوْنَا وَقْتَ الشِّفَاءِ وَإذَا بِنَا نَلْقَى الرُّعْبَ. 20 نَحْنُ نُقِرُّ بِشَرِّنَا يَا رَبُّ وَبِآثَامِ آبَائِنَا، لأَنَّنَا قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَيْكَ. 21 لَا تَرْفُضْنَا مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ وَلا تَهِنْ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ. اذْكُرْ عَهْدَكَ مَعَنَا وَلا تَنْقُضْهُ. 22 هَلْ بَيْنَ أَصْنَامِ الأُمَمِ الْبَاطِلَةِ مَنْ يَمْطُرُ؟ أَوْ هَلْ تَسْكُبُ السَّمَوَاتُ بِنَفْسِهَا وَابِلَ الْغَيْثِ؟ أَلَسْتَ أَنْتَ الرَّبَّ إِلَهَنَا؟ إِنَّنَا إِيَّاكَ نَرْجُو لأَنَّكَ أَنْتَ صَنَعْتَ هَذِهِ جَمِيعَهَا.

15 ثُمَّ قَالَ لِيَ الرَّبُّ: «وحَتَّى لَوْ مَثَلَ مُوسَى وَصَمُوئِيلُ أَمَامِي، مِنْ أَجْلِ الشَّعْبِ فَإِنَّ قَلْبِي لَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى هَذَا الشَّعْبِ. اطْرَحْهُمْ مِنْ مَحْضَرِي فَيَخْرُجُوا. وَعِنْدَمَا يَسْأَلُونَكَ: إِلَى أَيْنَ نَذْهَبُ؟ أَجِبْهُمْ: هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: مَنْ هُوَ لِلْوَبَأِ فَبِالْوَبَأِ يَمُوتُ، وَمَنْ هُوَ لِلسَّيْفِ فَبِالسَّيْفِ يُقْتَلُ، وَمَنْ هُوَ لِلْمَجَاعَةِ فَبِالْمَجَاعَةِ يَفْنَى، وَمَنْ هُوَ لِلسَّبْيِ فَإِلَى السَّبْيِ يَذْهَبُ. وَأَعْهَدُ بِهِمْ إِلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ مِنَ الْخَرَابِ يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفِ لِلذَّبْحِ، وَالْكِلابِ لِلتَّمْزِيقِ، وَطُيُورِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ الأَرْضِ لِلاِفْتِرَاسِ وَالإِهْلاكِ. وَأَجْعَلُهُمْ مَثَارَ رُعْبِ أُمَمِ الأَرْضِ نَتِيجَةً لِمَا ارْتَكَبَهُ مَنَسَّى بْنُ حَزَقِيَّا فِي أُورُشَلِيمُ. فَمَنْ يَعْطِفُ عَلَيْكِ يَا أُورُشَلِيمُ، وَمَنْ يَرْثِي لَكِ؟ مَنْ يَتَوَقَّفُ لِيَسْأَلَ عَنْ سَلامَتِكِ؟ قَدْ رَفَضْتِنِي» يَقُولُ الرَّبُّ، «وَوَاظَبْتِ عَلَى الارْتِدَادِ، لِذَلِكَ مَدَدْتُ يَدِي ضِدَّكِ وَدَمَّرْتُكِ، إِذْ سَئِمْتُ مِنْ كَثْرَةِ الصَّفْحِ عَنْكِ. وَأُذَرِّيهِمْ بِالْمِذْرَاةِ فِي أَبْوَابِ مُدُنِ الأَرْضِ؛ وَأُثْكِلُ وَأُهْلِكُ شَعْبِي لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الأَثِيمَةِ. وَأَجْعَلُ عَدَدَ أَرَامِلِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ رَمْلِ الْبَحْرِ، وَأَجْلِبُ فِي الظَّهِيرَةِ مُهْلِكاً عَلَى أُمَّهَاتِ الشُّبَّانِ، وَأُوْقِعُ عَلَيْهِمِ الرُّعْبَ وَالْهَوْلَ بَغْتَةً. ذَبُلَتْ وَالِدَةُ السَّبْعَةِ الأَبْنَاءِ. أَسْلَمَتْ رُوحَهَا وَغَرَبَتْ شَمْسُ حَيَاتِهَا وَالنَّهَارُ لَمْ يَغِبْ بَعْدُ. لَحِقَ بِها الْخِزْيُ وَالْعَارُ. أَمَّا بَقِيَّتُهُمْ فَأَدْفَعُهُمْ إِلَى حَدِّ السَّيْفِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ»، يَقُولُ الرَّبُّ.

10 وَيْلٌ لِي يَا أُمِّي لأَنَّكِ أَنْجَبْتِنِي لأَكُونَ إِنْسَانَ خِصَامٍ وَرَجُلَ نِزَاعٍ لِكُلِّ الأَرْضِ. لَمْ أَقْرِضْ وَلَمْ أَقْتَرِضْ. وَمَعَ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ يَلْعَنُنِي. 11 دَعْهُمْ يَشْتِمُونَ يَا رَبُّ. أَلَمْ أَتَضَرَّعْ إِلَيْكَ مِنْ أَجْلِ خَيْرِهِمْ؟ إِنِّي أَبْتَهِلُ إِلَيْكَ الآنَ مِنْ أَجْلِ أَعْدَائِي فِي وَقْتِ الضِّيقِ وَالْمِحْنَةِ.

12 «أَيُمْكِنُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكْسِرَ حَدِيداً وَنُحَاساً مِنَ الشِّمَالِ؟ 13 سَأَجْعَلُ ثَرْوَتَكَ وَكُنُوزَكَ نَهْباً بِلا ثَمَنٍ بِسَبَبِ كُلِّ خَطَايَاكَ فِي جَمِيعِ أَرْضِكَ. 14 وَأُصَيِّرُكَ عَبْداً لأَعْدَائِكَ فِي أَرْضٍ لَا تَعْرِفُهَا، لأَنَّ نَاراً قَدِ اضْطَرَمَتْ فِي احْتِدَامِ غَضَبِي، سَوْفَ تُحْرِقُكُمْ».

15 يَا رَبُّ، أَنْتَ عَرَفْتَ. اذْكُرْنِي وَارْعَنِي وَانْتَقِمْ لِي مِنْ مُضْطَهِدِيَّ. لَا تَتَمَهَّلْ طَوِيلاً فِي الانْتِقَامِ لِي، فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي مِنْ أَجْلِكَ احْتَمَلْتُ التَّعْيِيرَ. 16 حَالَمَا بَلَغَتْنِي كَلِمَاتُكَ أَكَلْتُهَا فَأَصْبَحَتْ لِي بَهْجَةً وَمَسَرَّةً لِقَلْبِي، لأَنِّي دُعِيتُ بِاسْمِكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَدِيرُ. 17 لَمْ أَجْلِسْ فِي مَجَالِسِ الْعَابِثِينَ، وَلَمْ أَشْتَرِكْ فِي لَهْوِهِمْ. اعْتَزَلْتُ وَحْدِي لأَنَّ يَدَكَ كَانَتْ عَلَيَّ، وَقَدْ مَلأْتَنِي سُخْطاً. 18 لِمَاذَا لَا يَنْقَطِعُ أَلَمِي، وَجُرْحِي لَا يُشْفَى، وَيَأْبَى الالْتِئَامَ؟ أَتَكُونُ لِي كَجَدْوَلٍ كَاذِبٍ أَوْ مِيَاهٍ سَرِيعَةِ النُّضُوبِ؟

19 لِذَلِكَ، هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «إِنْ رَجَعْتَ أَسْتَرِدَّكَ فَتَمْثُلَ أَمَامِي. إِنْ نَطَقْتَ بِالْقَوْلِ السَّدِيدِ وَنَبَذْتَ الْكَلامَ الْغَثَّ، أَجْعَلْكَ الْمُتَحَدِّثَ بِفَمِي، فَيُقْبِلُونَ إِلَيْكَ مُسْتَرْشِدِينَ، وَأَنْتَ لَا تَلْجَأُ إِلَيْهِمْ طَالِباً نَصِيحَةً. 20 وَأَجْعَلُكَ سُوراً نُحَاسِيًّا مَنِيعاً لِهَذَا الشَّعْبِ، فَيُحَارِبُونَكَ وَلَكِنَّهُمْ يُخْفِقُونَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ وَأُخَلِّصَكَ. 21 أُنْقِذُكَ مِنْ قَبْضَةِ الأَشْرَارِ، وَأَفْدِيكَ مِنْ أَكُفِّ الْعُتَاةِ».

يوم الكارثة

16 وَأَوْحَى الرَّبُّ إِلَيَّ بِهَذَا الْكَلامِ: «لا تَتَزَوَّجْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلا تُنْجِبْ فِيهِ أَبْنَاءً وَلا بَنَاتٍ». لأَنَّ هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ عَنِ الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ الْمَوْلُودِينَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَعَنِ الأُمَّهَاتِ وَالآبَاءِ الَّذِينَ أَنْجَبُوهُمْ فِي هَذِهِ الْبِلادِ: «سَيَمُوتُونَ بِالأَمْرَاضِ، فَلا يُنْدَبُونَ، وَلا يُدْفَنُونَ بَلْ يُصْبِحُونَ نُفَايَةً مَطْرُوحَةً عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وَيَفْنَوْنَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ، وَتَكُونُ جُثَثُهُمْ طَعَاماً لِجَوَارِحِ السَّمَاءِ وَلِوُحُوشِ الأَرْضِ. لَا تَدْخُلْ إِلَى بَيْتٍ فِيهِ مَأْتَمٌ، وَلا تَذْهَبْ لِتَنْدُبَ أَحَداً أَوْ لِلتَّعْزِيَةِ، لأَنِّي قَدْ نَزَعْتُ سَلامِي وَإِحْسَانِي وَمَرَاحِمِي مِنْ هَذَا الشَّعْبِ، فَيَمُوتُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فِي هَذِهِ الأَرْضِ فَلا يُدْفَنُونَ وَلا يُنْدَبُونَ أَوْ يَخْدِشُ أَحَدٌ نَفْسَهُ أَوْ يَحْلِقُ شَعْرَهُ حِدَاداً عَلَيْهِمْ. وَلا يُقَدِّمْ أَحَدٌ طَعَاماً فِي مَأْتَمٍ عَزَاءً لَهُمْ عَنِ الْمَيْتِ، وَلا يَسْقُونَهُمْ كَأْسَ الْمُوَاسَاةِ عَنْ فَقْدِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ. وَلا تَذْهَبْ إِلَى بَيْتٍ فِيهِ مَأْدُبَةٌ لِتَجْلِسَ مَعَهُمْ وَتَأْكُلَ وَتَشْرَبَ، لأَنِّي أَقْطَعُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ، أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ وَفِي أَيَّامِكُمْ، صَوْتَ أَهَازِيجِ الْبَهْجَةِ وَالطَّرَبِ، وَأَغَانِيَ الاحْتِفَالِ بِالْعَرُوسِ وَالْعَرِيسِ. 10 وَعِنْدَمَا تُبَلِّغُ هَذَا الشَّعْبَ هَذَا الْكَلامَ، وَيَسْأَلُونَكَ: لِمَاذَا قَضَى الرَّبُّ عَلَيْنَا بِكُلِّ هَذَا الشَّرِّ الْعَظِيمِ؟ مَا هِيَ آثَامُنَا؟ وَأَيَّةُ خَطِيئَةٍ ارْتَكَبْنَاهَا فِي حَقِّ الرَّبِّ إِلَهِنَا؟ 11 عِنْدَئِذٍ تُجِيبُهُمْ: يَقُولُ الرَّبُّ: لأَنَّ أَبَاءَكُمْ نَبَذُونِي وَضَلُّوا وَرَاءَ الأَوْثَانِ وَعَبَدُوهَا وَسَجَدُوا لَهَا، وَتَرَكُونِي وَلَمْ يُطَبِّقُوا شَرِيعَتِي. 12 وَلأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضاً قَدْ أَسَأْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ آبَائِكُمْ، وَغَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ وَرَاءَ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ الْعَنِيدِ وَرَفَضَ طَاعَتِي. 13 لِذَلِكَ هَا أَنَا أَقْذِفُكُمْ خَارِجَ هَذِهِ الأَرْضِ إِلَى أَرْضٍ لَمْ تَعْرِفُوهَا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ، فَتَعْبُدُونَ هُنَاكَ أَصْنَاماً بَاطِلَةً نَهَاراً وَلَيْلاً، لأَنِّي لَنْ أُبْدِيَ لَهُمْ رَحْمَتِي».

14 لِهَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: «هَا أَيَّامٌ مُقْبِلَةٌ لَا يُقَالُ فِيهَا بَعْدُ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَ شَعْبَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ، 15 إِنَّمَا يُقَالُ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَ شَعْبَ إِسْرَائِيلَ مِنْ بِلادِ الشِّمَالِ وَمِنْ سَائِرِ الأَرَاضِي الَّتِي سَبَاهُمْ إِلَيْهَا. لأَنِّي سَأُرْجِعُهُمْ ثَانِيَةً إِلَى أَرْضِهِمِ الَّتِي وَهَبْتُهَا لِآبَائِهِمْ.

16 هَا أَنَا أُرْسِلُ صَيَّادِينَ كَثِيرِينَ، لِيَصْطَادُوهُمْ، ثُمَّ أَبْعَثُ بِقَنَّاصِينَ كَثِيرِينَ لِيَقْتَنِصُوهُمْ مِنْ كُلِّ جَبَلٍ وَمِنْ كُلِّ رَابِيَةٍ وَمِنْ شُقُوقِ الصُّخُورِ. 17 لأَنَّ عَيْنَيَّ تُرَاقِبَانِ طُرُقَهُمُ الَّتِي لَمْ تَحْتَجِبْ عَنِّي وَإِثْمَهُمُ الَّذِي لَمْ يَسْتَتِرْ عَنْ عَيْنَيَّ. 18 فَأُعَاقِبُهُمْ عِقَاباً مُضَاعَفاً عَلَى إِثْمِهِمْ، لأَنَّهُمْ دَنَّسُوا أَرْضِي بِجُثَثِ أَصْنَامِهِمْ، وَمَلَأُوا مِيرَاثِي بِنَجَاسَاتِهِمْ». 19 يَا رَبُّ أَنْتَ عِزِّي وَحِصْنِي وَمَلاذِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ، إِلَيْكَ تُقْبِلُ الأُمَمُ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ قَائِلَةً: «لَمْ يَرِثْ آبَاؤُنَا سِوَى الْبَاطِلِ وَالأَكَاذِيبِ وَمَا لَا جَدْوَى مِنْهُ. 20 هَلْ فِي وُسْعِ الْمَرْءِ أَنْ يَصْنَعَ لِنَفْسِهِ إِلَهاً؟ إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ آلِهَةً. 21 فَلِذَلِكَ هَا أَنَا أُعَرِّفُهُمْ هَذِهِ الْمَرَّةَ قُوَّتِي وَجَبَرُوتِي، فَيُدْرِكُونَ أَنَّ اسْمِي يَهْوَه (أَيِ الرَّبُّ)».

17 «قَدْ دُوِّنَتْ خَطِيئَةُ يَهُوذَا بِقَلَمٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَنُقِشَتْ بِرَأْسٍ مِنَ الْمَاسِ عَلَى أَلْوَاحِ قُلُوبِهِمْ وَعَلَى قُرُونِ الْمَذَابِحِ، بَيْنَمَا أَبْنَاؤُهُمْ يَذْكُرُونَ مَذَابِحَهُمْ وَأَنْصَابَ عَشْتَارُوثَ إِلَى جُوَارِ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ وَعَلَى الآكَامِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَعَلَى الْجِبَالِ الْمُنْتَشِرَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ الشَّاسِعَةِ. لِذَلِكَ أَجْعَلُ ثَرْوَتَكَ وَكُنُوزَكَ نَهْباً، ثَمَناً لِخَطِيئَتِكَ الَّتِي ارْتَكَبْتَهَا فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ، وَتَفْقِدُ بِنَفْسِكَ مِيرَاثَكَ الَّذِي وَهَبْتُهُ لَكَ، وَأَجْعَلُكَ مُسْتَعْبَداً لأَعْدَائِكَ فِي أَرْضٍ لَا تَعْرِفُهَا لأَنَّكَ أَضْرَمْتَ نَاراً فِي غَضَبِي لَا يَخْمَدُ لَهَا لَهِيبٌ».

وَهَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: «لِيَكُنْ مَلْعُوناً كُلُّ مَنْ يَتَوَكَّلُ عَلَى بَشَرٍ، وَيَتَّخِذُ مِنَ النَّاسِ ذِرَاعَ قُوَّةٍ لَهُ، وَيُحَوِّلُ قَلْبَهُ عَنِ الرَّبِّ. فَيَكُونُ كَالأَثَلِ فِي الْبَادِيَةِ، لَا يَرَى الْفَلاحَ عِنْدَمَا يُقْبِلُ. يُقِيمُ فِي حَرِّ الصَّحْرَاءِ الشَّدِيدِ، فِي الأَرْضِ الْمَهْجُورَةِ مِنَ النَّاسِ لِمُلُوحَتِهَا. وَلَكِنْ مُبَارَكٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ، وَيَتَّخِذُهُ مُعْتَمَداً لَهُ، فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ الْمِيَاهِ، تَمُدُّ جُذُورَهَا إِلَى الْجَدْوَلِ، وَلا تَخْشَى اشْتِدَادَ الْحَرِّ الْمُقْبِلِ، إِذْ تَظَلُّ أَوْرَاقُهَا خَضْرَاءَ، وَلا يُفْزِعُهَا الْقَحْطُ لأَنَّهَا لَا تَكُفُّ عَنِ الإِثْمَارِ.

الْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، فَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَفْهَمَهُ؟ 10 أَنَا الرَّبُّ أَفْحَصُ الْقُلُوبَ وَأَمْتَحِنُ الأَفْكَارَ، لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ، وَبِمُقْتَضَى أَفْعَالِهِ». 11 مُكْتَنِزُ الْغِنَى مِنْ غَيْرِ حَقٍّ كَحَجَلَةٍ تَحْتَضِنُ وَتَفْقِسُ مَا لَمْ تَبِضْ، لأَنَّهُ سَرْعَانَ مَا يَفْقِدُهُ فِي مُنْتَصَفِ حَيَاتِهِ، وَيَضْحَى آخِرَ أَيَّامِهِ أَحْمَقَ.

12 الْعَرْشُ الْمَجِيدُ الْمُرْتَفِعُ مُنْذُ الْبَدْءِ هُوَ مَقَرُّ مَقْدِسِنَا. 13 أَيُّهَا الرَّبُّ رَجَاءَ إِسْرَائِيلَ: إِنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ يَتَخَلُّونَ عَنْكَ يَلْحَقُ بِهِمِ الْخِزْيُ، وَالَّذِينَ يَنْصَرِفُونَ عَنْكَ (يَزُولُونَ) كَمَنْ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ عَلَى التُّرَابِ لأَنَّهُمْ نَبَذُوا الرَّبَّ يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ. 14 أَبْرِئْنِي يَا رَبُّ فَأَبْرَأَ. خَلِّصْنِي فَأَخْلُصَ، فَإِنَّكَ أَنْتَ تَسْبِحَتِي.

15 هَا هُمْ يَقُولُونَ لِي: «أَيْنَ قَضَاءُ الرَّبِّ؟ لِيَأْتِ». 16 أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَتَهَرَّبْ مِنْ أَنْ أَكُونَ رَاعِياً لَدَيْكَ، وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي لَمْ أَتَمَنَّ مَجِيءَ يَوْمِ الْمِحْنَةِ، وَتَعْلَمُ مَا نَطَقَتْ بِهِ شَفَتَايَ، لأَنَّ كُلَّ مَا صَدَرَ عَنْهُمَا كَانَ فِي مَحْضَرِكَ. 17 لَا تَكُنْ مَثَارَ رُعْبٍ لِي، فَأَنْتَ مَلاذِي فِي يَوْمِ الشَّرِّ. 18 لِيَلْحَقِ الْخِزْيُ بِمُضْطَهِدِيَّ، وَلَكِنِ احْفَظْنِي مِنَ الْعَارِ. لِيَرْتَعِبُوا هُمْ، أَمَّا أَنَا فَلا تَدَعْنِي أَرْتَعِبُ. اجْعَلْ يَوْمَ الشَّرِّ يَحُلُّ بِهِمْ، وَاسْحَقْهُمْ سَحْقاً مُضَاعَفاً.

حفظ السبت

19 وَهَذَا مَا قَالَهُ الرَّبُّ لِي: «امْضِ وَقِفْ عِنْدَ بَوَّابَةِ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ الَّتِي يَدْخُلُ مِنْهَا مُلُوكُ يَهُوذَا وَيَخْرُجُونَ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ سَائِرِ بَوَّابَاتِ أُورُشَلِيمَ، 20 وَقُلْ لَهُمْ: اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا مُلُوكَ يَهُوذَا وَشَعْبَهَا، وَيَا جَمِيعَ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ الْمُجْتَازِينَ فِي هَذِهِ الْبَوَّابَاتِ. 21 هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: احْتَرِسُوا لأَنْفُسِكُمْ وَلا تَحْمِلُوا أَحْمَالاً فِي يَوْمِ السَّبْتِ وَلا تُدْخِلُوهَا فِي بَوَّابَاتِ أُورُشَلِيمَ، 22 وَلا تَنْقُلُوا حِمْلاً إِلَى خَارِجِ بُيُوتِكُمْ فِي يَوْمِ السَّبْتِ وَلا تَقُومُوا بِأَيِّ عَمَلٍ. إِنَّمَا قَدِّسُوا يَوْمَ السَّبْتِ كَمَا أَوْصَيْتُ آبَاءَكُمْ. 23 مَعَ ذَلِكَ لَمْ يُطِيعُوا وَلَمْ يُصْغُوا، بَلْ قَسَّوْا قُلُوبَهُمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا وَلِئَلَّا يَقْبَلُوا التَّأْدِيبَ 24 وَلَكِنْ إِنِ اسْتَمَعْتُمْ أَنْتُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَمْ تُدْخِلُوا أَحْمَالاً فِي بَوَّابَاتِ أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ، بَلْ قَدَّسْتُمُوهُ وَلَمْ تَقُومُوا بِأَيِّ عَمَلٍ فِيهِ، 25 عِنْدَئِذٍ يَدْخُلُ مِنْ بَوَّابَاتِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ مُلُوكٌ وَرُؤَسَاءُ مِمَّنْ يَجْلِسُونَ عَلَى عَرْشِ دَاوُدَ، رَاكِبِينَ فِي عَرَبَاتٍ وَعَلَى صَهَوَاتِ الْجِيَادِ مَعَ رُؤَسَائِهِمْ، يُوَاكِبُهُمْ سُكَّانُ يَهُوذَا وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ، وَتُعْمَرُ هَذِهِ الْمَدِينَةُ إِلَى الأَبَدِ بِالسُّكَّانِ. 26 وَيُقْبِلُ النَّاسُ مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا وَمِنْ حَوْلِ أُورُشَلِيمَ، وَمِنْ أَرْضِ بِنْيَامِينَ وَمِنَ السَّهْلِ وَالْجَبَلِ، وَمِنَ النَّقَبِ، حَامِلِينَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ وَتَقْدِمَاتٍ وَبَخُوراً مُعَطَّراً، وَقَرَابِينَ شُكْرٍ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ. 27 وَلَكِنْ إِنْ لَمْ تَسْتَمِعُوا لِي لِتُقَدِّسُوا يَوْمَ السَّبْتِ، وَثَابَرْتُمْ عَلَى حَمْلِ أَثْقَالٍ فِيهِ لِتُدْخِلُوهَا مِنْ بَوَّابَاتِ أُورُشَلِيمَ، فَإِنِّي أُضْرِمُ بَوَّابَاتِهَا بِالنَّارِ فَتَلْتَهِمُ قُصُورَ أُورُشَلِيمَ، ولا تَنْطَفِئُ».

القَحطُ وَالأنْبِيَاءُ الكَذَبَة

14 هَذِهِ هِيَ رِسَالَةُ اللهِ الَّتِي جَاءَتْ إلَى إرْمِيَا مِنَ اللهِ بِخُصُوصِ القَحطِ:

«يَهُوذَا تَنُوحُ،
وَأبوَابُهَا ذَبُلَتْ.
وَالأرْضُ يَكْسُوهَا السَّوَادُ،
وَالقُدْسُ تَصِيحُ بِحُزنٍ شَدِيدٍ.
أشرَافُهُمْ يُرسِلُونَ صِغَارَهُمْ إلَى المَاءِ،
يَأْتُونَ إلَى الآبَارِ،
لَكِنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ مَاءً.
خَزُوا وَذَلُّوا،
لِذَلِكَ غَطُّوا رُؤُوسَهُمْ.
لِأنَّ الأرْضَ مُشَقَّقَةٌ[a]
إذْ لَمْ يَأْتِ مَطَرٌ عَلَى الأرْضِ.
خَزِيَ الفَلَّاحُونَ وَغَطُّوا رُؤُوسَهُمْ.
حَتَّى الإيَلَةُ تَلِدُ فِي الحَقْلِ،
وَمِنْ ثُمَّ تَتْرُكُ صَغِيرَهَا.
تَقِفُ الحَمِيرُ الوَحشِيَّةُ عَلَى المُرْتَفَعَاتِ الجَردَاءِ،
لِتَسْتَنْشِقَ الهَوَاءَ كَبَنَاتِ آوَى.
كَلَّتْ عُيُونُهُمْ إذْ لَا عُشبَ هُنَاكَ.»

«يَا اللهُ،
وَإنْ كَانَتْ آثَامُنَا تَشْهَدُ ضِدَّنَا،
لَكِنِ اعمَلْ شَيْئًا لِأجْلِ سُمعَتِكَ وَاسْمِكَ.
لِأنَّنَا ابتَعَدنَا عَنْكَ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً،
وَأخطَأنَا ضِدَّكَ.
يَا رَجَاءَ إسْرَائِيلَ،
أنْتَ تُنْقِذُهُمْ فِي وَقْتِ الضِّيقِ.
فَلِمَاذَا أنْتَ كَالغَرِيبِ فِي هَذِهِ الأرْضِ،
كَمُسَافِرٍ سَيَقْضِي لَيلَتَهُ وَيَذْهَبُ؟
فَلِمَاذَا تَتَصَرَّفُ كَرَجُلٍ مُتَحَيِّرٍ،
وَكَمُحَارِبٍ عَاجِزٍ عَنِ الإنقَاذِ؟
يَا اللهُ، أنْتَ فِي وَسَطِنَا،
وَنَحْنُ نُدْعَى بِاسْمِكَ،
لِذَا لَا تَتْرُكْنَا.»

10 هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ عَنْ هَذَا الشَّعْبِ: «أحَبَّتْ أرجُلُهُمُ أنْ تَضِلَّ بَعِيدًا، وَلَمْ يَضْبُطُوا أنْفُسَهُمْ. وَلِهَذَا فَاللهُ غَيْرُ رَاضٍ عَنْهُمْ، وَسَيَتَعَامَلُ مَعَهُمْ بِحَسَبِ آثَامِهِمْ، وَسَيُعَاقِبُ خَطَايَاهُمْ.»

11 ثُمَّ قَالَ اللهُ لِي: «لَا تُصَلِّ لِأجْلِ خَيرِ هَذَا الشَّعْبِ. 12 وَإنْ صَامُوا فَلَنْ أستَمِعَ إلَى تَضَرُّعَاتِهِمْ. وَإنْ قَدَّمُوا ذَبَائِحَ وَتَقْدِمَاتٍ، فَلَنْ أرْضَى عَنْهُمْ. لِأنِّي سَأُبِيدُهُمْ فِي المَعْرَكَةِ وَبِالجُوعِ وَالمَرَضِ.»

13 فَقُلْتُ: «يَا اللهُ، الأنْبِيَاءُ يَقُولُونَ لَهُمْ: ‹لَا تَخَافُوا السَّيْفَ وَالمَجَاعَةَ، فَلَنْ تَأْتِيَ عَلَيْكُمْ، لِأنَّكَ سَتُعطِيهِمْ سَلَامًا فِي هَذَا المَكَانِ.›»

14 فَقَالَ اللهُ لِي: «الأنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالكَذِبِ بِاسْمِي. وَأنَا لَمْ أُرسِلْهُمْ وَلَمْ آمُرْهُمْ، وَلَمْ أتَكَلَّمْ إلَيْهِمْ. كَانُوا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِرُؤيَا كَاذِبَةٍ، وَعِرَافَةٍ بَاطِلَةٍ، وَبِأفكَارِهِمُ الخَادِعَةِ. 15 لِذَلِكَ، هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ عَنِ الأنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِاسْمِي، مَعَ أنِّي لَمْ أُرسِلْهُمْ، الَّذِينَ يَقُولُونَ: ‹لَنْ يَأْتِيَ السَّيْفُ وَالجُوعُ عَلَى هَذِهِ الأرْضِ.› هُمْ سَيُقتَلُونَ بِالسَّيْفِ وَالجُوعِ. 16 حِينَئِذٍ، سَيُطرَحُ الشَّعْبُ الَّذِي كَانُوا يَتَنَبَّأُونَ لَهُ فِي شَوَارِعِ القُدْسِ بِسَبَبِ المَجَاعَةِ وَالسَّيْفِ. وَلَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أحَدٌ لِيَدْفِنَهُمْ. سَأسْكُبُ عَلَى الأنْبِيَاءِ الكَذَبَةِ وَعَلَى نِسَائِهِمْ وَعَلَى أبْنَائِهِمْ وَبَنَاتِهِمُ الشَّرَّ الَّذِي عَمِلُوهُ.

17 «حِينَئِذٍ، سَتُخبِرُهُمْ يَا إرْمِيَا بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ:

«‹أذْرِفُ الدُّمُوعَ لَيْلًا وَنَهَارًا بِلَا تَوَقُّفٍ،
بِسَبَبِ الخَرَابِ العَظِيمِ الَّذِي أتَى عَلَى شَعْبِي،
وَبِسَبَبِ الجُرحِ الألِيمِ الَّذِي يُعَانُونَ مِنْهُ.
18 إنْ ذَهَبتُ إلَى الحَقْلِ،
أرَى المَطعُونِينَ فِي المَعْرَكَةِ.
وَإنْ دَخَلْتُ إلَى المَدِينَةِ،
أرَى المُنهَكِينَ مِنَ الجُوعِ.
لِأنَّ الأنْبِيَاءَ وَالكَهَنَةَ يَتْجُولُونَ فِي أرْضٍ
لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا عَنْهَا.›»

19 هَلْ رَفَضْتَ يَهُوذَا تَمَامًا؟
هَلْ كَرِهْتَ صِهْيَوْنَ؟
لِمَاذَا تَضْرِبُنَا هَكَذَا،
فَلَا يَعُودُ لنَا شِفَاءٌ؟
نَنتَظِرُ السَّلَامَ،
وَلَكِنْ لَا خَيرَ هُنَاكَ.
انتَظَرْنَا وَقْتَ الشِّفَاءِ،
فَجَاءَ الرُّعبُ.

20 يَا اللهُ،
نَعْرِفُ خَطَايَانَا،
وَنَعْرِفُ إثمَ آبَائِنَا.
نَعْرِفُ أنَّنَا أخْطَأنَا ضِدَّكَ.
21 لَا تَرْفُضْنَا،
لِكَي تَعْظُمَ سُمعَتُكَ.
لَا تُهِنْ عَرشَكَ المَجِيدَ.
تَذَكَّرْ عَهْدَكَ مَعَنَا،
وَلَا تَنْقُضْهُ.
22 هَلْ بَيْنَ الآلِهَةِ البَاطِلَةِ الَّتِي تَعْبُدُهَا الأُمَمُ إلَهٌ يُرْسِلُ المَطَرَ؟
أمْ هَلْ تُعطِي السَّمَاوَاتُ مَطَرًا مِنْ ذَاتِهَا؟
ألَسْتَ أنْتَ هُوَ إلَهَنَا؟
لِذَا نَتَّكِلُ عَلَيْكَ،
لِأنَّكَ أنْتَ عَمِلْتَ كُلّ هَذِهِ الأُمُورِ.

15 فَقَالَ اللهُ لِي: «حَتَّى لَوْ وَقَفَ مُوسَى وَصَمُوئِيلُ أمَامِي، فَلَنْ أغفِرَ لِهَذَا الشَّعْبِ. أبعِدْهُمْ مِنْ أمَامِي وَأخْرِجْهُمْ. وَإنْ قَالُوا لَكَ: ‹أيْنَ نَذهَبُ؟› فَحِينَئِذٍ، قُلْ لَهُمْ: هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ:

«‹مَنْ مَصِيرُهُ المَوْتُ سَيَمُوتُ،
وَمَنْ مَصِيرُهُ المَعرَكَةُ فَسَيَسْقُطُ فِي المَعْرَكَةِ،
وَمَنْ مَصِيرُهُ المَجَاعَةُ فَسَيَجُوعُ،
وَمَنْ مَصِيرُهُ السَّبْيُ، فَسَيَذْهَبُ إلَى السَّبْيِ.
سَأُعَاقِبُهُمْ بِأرْبَعِ طُرُقٍ، يَقُولُ اللهُ،
بِالسَّيْفِ القَاتِلِ،
وَبِالكِلَابِ الَّتِي سَتَسْحَبُهُمْ،
وَبِطُيُورِ السَّمَاءِ وَبِحَيَوَانَاتِ الأرْضِ
الَّتِي سَتَأْكُلُهُمْ وَسَتُهلِكُهُمْ.
سَأُرعِبُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الأرْضِ،
بِسَبَبِ مَنَسَّى بْنِ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا،
وَكُلِّ الأُمُورِ الَّتِي عَمِلَهَا فِي القُدْسِ.›

«مَنْ سَيُشفِقُ عَلَيْكِ يَا قُدْسُ؟
مَنْ سَيَتَحَسَّرُ عَلَيْكِ؟
مَنْ سَيَمُرُّ بِكِ،
لِيسألَ عَنْ أحْوَالِكِ؟

«تَرَكتِنِي، يَقُولُ اللهُ،
وَتَرَاجَعْتِ،
لِذَلِكَ سَأُهَاجِمُكِ وَأُدَمِّرُكِ.
مَلَلْتُ مِنْ إظهَارِ الشَّفَقَةِ لَكِ.
سَأُشَتِّتُهُمْ بِالمِذرَاةِ
عِنْدَ بَوَّابَاتِ أرْضِهِمْ.
سَأحْرِمُهُمْ مِنْ أوْلَادِهِمْ،
سَأُهلِكُ شَعْبِي بِسَبَبِ طُرُقِهِمْ الَّتِي لَمْ يَتْرُكُوهَا.
سَتَكُونُ أرَامِلُهُمْ أكْثَرَ مِنَ الرَّملِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ البَحْرِ،
فِي الظَّهِيرَةِ سَآتِي بِدَمَارٍ عَلَى أُمَّهَاتِ الشَّبَابِ.
سَأجْلِبُ عَلَيْهِمْ القَلَقَ وَأُمُورًا مُرعِبَةً فَجْأةً.
الَّتِي وَلَدَتْ سَبعَةً سَتَذْبُلُ،
وَسَتَلْفُظُ أنفَاسَهَا الأخِيرَةَ.
لَنْ تُشرِقَ عَلَيْهَا الشَّمْسُ فِيمَا بَعْدُ،
سَتُذَلُّ وَتُخزَى.
أمَّا بَقِيَّتُهُمْ فَسَيَمُوتُونَ فِي المَعْرَكَةِ
أمَامَ أعْدَائِهِمْ،»
يَقُولُ اللهُ.

شَكْوَى إرْمِيَا إلَى الله

10 يَا أُمِّي،
وَيْلٌ لِي لِأنَّكِ وَلَدْتِنِي إنْسَانَ نِزَاعٍ
وَفِي خِلَافٍ مَعَ كُلِّ الأرْضِ.
لَمْ أُقرِضْ شَيْئًا،
وَلَا استَقْرَضْتُ شَيْئًا،
وَمَعَ هَذَا فَإنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَلْعَنُنِي.
11 وَقَالَ لِيَ اللهُ:
«قَدْ حَفِظْتُ حَيَاتَكَ لِأجْلِ الخَيْرِ،
وَحَمَيتُكَ مِنْ أعْدَائِكَ فِي وَقْتِ الضِّيقِ وَالشِّدَّةِ.»

إجَابَةُ اللهِ لِإرْمِيَا

12 «هَلْ يُمْكِنُ كَسْرُ الحَدِيدِ أوْ البُرُونْزِ
الآتِي مِنَ الشِّمَالِ؟
13 سَأُعْطِي ثَروَتَكَ وَكُنُوزَكَ كَغَنِيمَةٍ بِلَا ثَمَنٍ،
بِسَبَبِ خَطَايَاكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْ أرْضِكَ.
14 وَسَأجعَلُكَ تَذْهَبُ مَعَ أعْدَائِكَ
إلَى أرْضٍ لَا تَعْرِفُهَا.
لِأنَّ غَضَبِي اشْتَعَلَ،
وَسَيَلْتَهِمُكُمْ جَمِيعًا.»

15 يَا اللهُ أنْتَ تَعْلَمُ مَا يَحْدُثُ.
اذكُرْنِي وَاهتَمَّ بِي،
انتَقِمْ لِي مِنَ الَّذِينَ يُطَارِدُونَنِي.
لَا تَدَمِّرْنِي بِينَمَا تَصْبِرُ عَلَيْهِمْ.
وَانْظُرْ كَيْفَ أهَانُونِي مِنْ أجْلِكَ.
16 وَجَدتُ كَلَامَكَ فَالتَهَمتُهُ،
فَجَعَلَنِي كَلَامُكَ سَعِيدًا وَمُبتَهِجًا،
لِأنِّي دُعِيْتُ بِاسْمِكَ أيُّهَا الإلَهُ القَدِيرُ.
17 لَمْ أجْلِسْ مَعَ جَمَاعَةِ الضَّاحِكِينَ لِأحْتَفِلَ.
لِأنَّكَ أنْتَ سَيِّدِي، جَلَسْتُ وَحِيدًا،
لِأنَّكَ مَلأتَنِي بِالغَضَبِ عَلَيْهِمْ.
18 لِمَاذَا وَجَعِي بِلَا نِهَايَةٍ؟
لِمَاذَا جُرحِي مُمِيتٌ لَا يُشفَى؟
هَلْ سَتَكُونُ لِي كَالسَّرَابِ،
كَميَاهٍ وَهْمِيَّةٍ؟

19 فَقَالَ اللهُ:
«إنْ رَجِعتَ تَائِبًا فَسَأقبَلُكَ،
وَسَتَقِفُ أمَامِي.
وَإنْ غَيَّرْتَ الكَلَامَ الرَّدِيءَ إلَى كَلَامٍ حَسَنٍ،
فَحِينَئِذٍ، سَتَكُونُ المُتَكَلِّمَ عَنِّي وَلأجْلِي.
سَيَرْجِعُونَ إلَيْكَ،
وَلَكِنَّكَ لَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِمْ.
20 سَأجعَلُكَ كَسُورٍ مِنْ بُرُونْزٍ مُحَصَّنٍ أمَامَ هَذَا الشَّعْبِ.
سَيُحَارِبُونَكَ، وَلَكِنَّهُمْ لَنْ يَهْزِمُوكَ،
لِأنِّي مَعَكَ،
سَأُخَلِّصُكَ وَأُنقِذُكَ،
يَقُولُ اللهُ،
21 سَأُنقِذُكَ مِنْ يَدِ الأشْرَارِ
وَسَأفدِيكَ مِنْ سَيطَرَةِ المُرعِبِينَ.»

يَوْمُ الكَارِثَة

16 وَكَلَّمَنِي اللهُ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ: «لَا تَتَزَوَّجْ، وَلَا يَكُنْ لَكَ أبْنَاءٌ وَبَنَاتٌ فِي هَذَا المَكَانِ.»

لِأنَّ هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ عَنِ الأبْنَاءِ وَالبَنَاتِ الَّذِينَ يُولَدُونَ فِي هَذَا المَكَانِ، وَعَنْ أُمَّهَاتِهِمُ اللَّوَاتِي يَحْمِلْنَهُمْ فِي بُطُونِهِنَّ، وَعَنْ آبَائِهِمُ الَّذِينَ يَلِدُونَهُمْ فِي هَذِهِ الأرْضِ: «سَيَمُوتُونَ بِأمرَاضٍ كَثِيرَةٍ. وَلَنْ يَنُوحَ عَلَيْهِمْ أوْ يَدْفِنَهُمْ أحَدٌ. سَيَصِيرُونَ كَالرَّوثِ عَلَى سَطْحِ الأرْضِ، وَسَيَمُوتُونَ فِي الحَرْبِ وَالمَجَاعَةِ. سَتَكُونُ أجسَادُهُمْ طَعَامًا لِطُيُورِ السَّمَاءِ، وَللحَيَوَانَاتِ البَرِّيَةِ.»

لِأنَّ هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ: «لَا تَدْخُلْ بَيْتَ الجَنَازَةِ، وَلَا تَذْهَبْ إلَى بَيْتِ النَّوحِ. لَا تَحْزَنْ لِأجْلِهِمْ، لِأنِّي نَزَعتُ سَلَامِي وَمَحَبَّتِي وَرَحمَتِي مِنْ هَذَا الشَّعْبِ،» يَقُولُ اللهُ.

«سَيَمُوتُ العُظَمَاءُ وَالصِّغَارُ فِي هَذِهِ الأرْضِ. لَنْ يُدفَنُوا وَلَنْ يَنُوحَ أحَدٌ عَلَيْهِمْ. لَنْ يُجَرِّحَ أحَدٌ نَفْسَهُ أوْ يَحْلِقَ شَعرَهُ حُزْنًا عَلَيْهِمْ. لَنْ يُشَارِكَ النَّاسُ الطَّعَامَ مَعَهُمْ فِي حُزنِهِمْ لِلتَّعَاطُفِ مَعَهُمْ عَلَى مَنْ مَاتَ، وَلَنْ يُقَدِّمَ النَّاسُ لَهُمْ مَاءً لِيُعَزُّوهُمْ عَنْ مَوْتِ أبِيهِمْ وَأُمِّهِمْ.

«لَا تَدْخُلْ يَا إرْمِيَا إلَى مَكَانِ الِاحْتِفَالِ لِتَجْلِسَ مَعَ الَّذِينَ هُنَاكَ لِتَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَعَهُمْ. لِأنَّ هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ القَدِيرُ، إلَهُ إسْرَائِيلَ: فِي فَترَةِ حَيَاتِكُمْ، سَأُزِيلُ مِنْ هَذَا المَكَانِ صَوْتَ الغِنَاءِ وَصَوْتَ الِاحْتِفَالَاتِ وَصَوْتَ الفَرَحِ فِي الأعْرَاسِ.

10 «وَعِنْدَمَا تُخبِرُ هَذَا الشَّعْبَ بِهَذِهِ الكَلِمَاتِ سَيَقُولُونَ لَكَ: ‹لِمَاذَا أعْلَنَ اللهُ أنَّ هَذَا الشَّرَّ العَظِيمَ سَيُصِيبَنَا؟ مَا هُوَ إثمُنَا؟ وَمَا هِيَ الخَطِيَّةُ الَّتِي ارتَكَبْنَاهَا تُجَاهَ إلَهِنَا؟› 11 تَقُولُ لَهُمْ: ‹لِأنَّ آبَاءَكُمْ تَرَكُونِي، يَقُولُ اللهُ. سَارُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، خَدَمُوهَا وَعَبَدُوهَا، وَتَرَكُونِي، وَلَمْ يَحْفَظُوا شَرِيعَتِي. 12 وَأنْتُمْ عَمِلتُمْ شَرًّا أكْثَرَ مِنْ آبَائِكُمْ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَتْبَعُ قَلْبَهُ الشِّرِّيرَ بِعِنَادٍ بَدَلًا مِنَ الِاسْتِمَاعِ لِي. 13 لِذَلِكَ سَأرمِيكُمْ خَارِجَ هَذِهِ الأرْضِ إلَى أرْضٍ غَريبَةٍ عَلَيْكُمْ وَعَلَى آبَائِكُمْ. وَسَتَخْدِمُونَ آلِهَةً أُخْرَى هُنَاكَ لَيْلًا وَنَهَارًا، لِأنِّي لَنْ أرحَمَكُمْ.›»

14 «لِذَلِكَ سَتَأْتِي أيَّامٌ، يَقُولُ اللهُ، حِينَ لَا يَعُودُ النَّاسُ يَقُولُونَ: ‹أُقْسِمُ بِاللهِ الحَيِّ الَّذِي أصعَدَ إسْرَائِيلَ مِنْ أرْضِ مِصْرٍ.› 15 بَلْ سَيَقُولُونَ: ‹أُقْسِمُ بِاللهِ الحَيِّ الَّذِي أخْرَجَ إسْرَائِيلَ مِنْ أرْضِ الشِّمَالِ، مِنْ كُلِّ الأمَاكِنِ الَّتِي طَرَدَهُمْ إلَيْهَا.› وَسَأُعِيدُهُمْ إلَى الأرْضِ الَّتِي أعْطَيْتُهَا لِآبَائِهِمْ.»

16 يَقُولُ اللهُ: «سَأُرْسِلُ صَيَّادِينَ كَثِيرِينَ، فَسَيَصطَادُونَهُمْ. وَبَعْدَ ذَلِكَ سَأُرْسِلُ قَانِصِينَ كَثِيرِينَ وَسَيَصطَادُونَكُمْ عَلَى كُلِّ تَلَّةٍ وَفِي كُلِّ شَقٍّ فِي الصُّخُورِ، 17 لِأنِّي أُرَاقِبُ لِأرَى كَيْفَ يَتَصَرَّفُونَ. طُرُقُهُمْ لَيْسَتْ مَستُورَةً عَنِّي، وَإثمُهُمْ لَيْسَ مَخفِيًّا عَنْ عَينَيَّ. 18 سَأُعَاقِبُهُمْ عَلَى إثمِهِمْ وَخَطِيَّتِهِمْ عِقَابًا مُضَاعَفًا. فقَدْ نَجَّسُوا أرْضِي بِأصْنَامِهِمُ القَذِرَةِ، وَمَلأُوا مِيرَاثِي بِمَفَاسِدِهِمْ.»

19 يَا اللهُ،
قُوَّتِي وَحِصنِي،
وَمَلْجَأي فِي وَقْتِ الضِّيقِ.
سَتَأْتِي الأُمَمُ إلَيْكَ مِنْ أقَاصِي الأرْضِ،
وَيَقُولُونَ:
«آبَاؤُنَا وَرَثُوا هَذِهِ الأوَثَانَ التَّافِهَةَ
وَغَيْرَ النَّافِعَةِ.»
20 هَلْ يَصْنَعُ الإنْسَانُ آلِهَةً لِنَفْسِهِ،
وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ آلِهَةً؟

21 «لِذَلِكَ سَأُعَلِّمُهُمْ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ.
وَسَأُعلِنُ لَهُمْ عَنْ قُوَّتِي وَقُدرَتِي،
وَسَيَعْرِفُونَ أنَّ اسْمِي هُوَ يهوه.»[b]

خَطِيَّةُ يَهُوذَا الَّتِي لَا تُمْحَى

17 «خَطِيَّةُ يَهُوذَا مَكْتُوبَةٌ بِقَلَمٍ مِنْ حَدِيدٍ،
كُتِبَتْ بِقَلَمٍ مَعدِنِيٍّ عَلَى لَوحِ قُلُوبِهِمْ،
وَعَلَى زَوَايَا مَذَابِحِهِمْ.
يَتَذَكَّرُ بَنُوهُمْ مَذَابِحَهُمْ وَأنصَابَ عَشْتَرُوتَ،
بِجَانِبِ الأشْجَارِ المُورِقَةِ عَلَى التِّلَالِ العَالِيَةِ،
وَعَلَى المُرْتَفَعَاتِ[c] وَفِي الحُقُولِ.
أمَّا ثَروَتُكَ وَكُنُوزُكَ،
فَسَأُعْطِيهَا لِآخَرِينَ مَجَّانًا،
بِسَبَبِ الخَطيَّةِ الَّتِي فِي أرْضِكَ.
سَتَخْسَرُ مِيرَاثَكَ الَّذِي أعْطَيْتُهُ لَكَ بِسَبِبِ أعْمَالِكَ.
وَسَأجعَلُكَ تَخْدِمُ أعْدَاءَكَ فِي أرْضٍ لَا تَعْرِفُهَا.
لِأنَّ غَضَبِي كَنَارٍ تَشْتَعِلُ إلَى الأبَدِ.»

الثِّقَةُ بِالله

هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ:
«مَلْعُونٌ مَنْ يَثِقُ بِبَشَرٍ،
وَيَتَّكِلُ عَلَى النَّاسِ طَلَبًا للقُوَّةِ،
وَيَبْتَعِدُ قَلْبُهُ عَنِ اللهِ.
سَيَصِيرُ مِثْلَ شُجَيرَةٍ فِي البَرِّيَّةِ،
وَلَنْ يَرَى الخَيْرَ عِنْدَمَا يَجِيءُ،
وَيَسْكُنُ فِي الأرَاضِي الحَارَّةِ فِي الصَّحرَاءِ،
فِي أرْضٍ مَالِحَةٍ وَغَيرِ مَسكُونَةٍ.
مُبَارَكٌ الإنْسَانُ الَّذِي يَثِقُ بِاللهِ،
وَيَتَّكِلُ عَلَى اللهِ.
سَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغرُوسَةٍ بِجَانِبِ المَاءِ،
تُرسِلُ جُذُورَهَا بِجِوَارِ النَّهرِ،
وَلَا تَخَافُ مِنَ الحَرِّ عِنْدَمَا يَأتِي،
وَهِيَ مُغَطَّاةٌ بِالوَرَقِ الأخضَرِ،
وَفِي سَنَةِ القَحطِ لَا تَقْلَقُ،
وَلَا تَتَوَقَّفُ عَنْ حَمْلِ الثَّمَرِ.

«القَلْبُ أخدَعُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ،
وَلَا يُمْكِنُ شِفَاؤُهُ.
مَنْ يَسْتَطِيعُ فَهْمَهُ؟
10 أنَا اللهَ أمتَحِنُ القُلُوبَ،
وَأختَبِرُ الرَّغَبَاتِ،
كَي أُكَافِئَ الإنْسَانَ بِحَسَبِ طُرُقِهِ
وَبِحَسَبِ أعْمَالِهِ.
11 مِثْلُ حَجَلَةٍ تَحْضُنُ بُيُوضًا لَيْسَتْ لَهَا،
هَكَذَا الرَّجُلُ الَّذِي يُصْبِحُ غَنِيًّا بِغَيرِ حَقٍّ.
سَيَزُولُ غِنَاهُ فِي وَسَطِ حَيَاتِهِ،
وَسَيَبْدُو أحْمَقَ فِي النِّهَايَةِ.»

12 عَرشٌ مَجِيدٌ مُرْتَفِعٌ مِنَ البِدَايَةِ
هُوَ هَيْكَلُنَا المُقَدَّسُ.
13 اللهُ هُوَ رَجَاءُ إسْرَائِيلَ،
وَكُلُّ مَنْ يَتْرُكُهُ سَيُخزَى.
الَّذِينَ يَبْتَعِدُونَ عَنِّي فِي الأرْضِ
سَتُكتَبُ أسمَاؤُهُمْ عَلَى الرَّملِ.
كُلُّ هَذَا لِأنَّهُمْ تَرَكُوا اللهَ
يُنْبُوعَ المَاءِ الحَيِّ.

شَكوَى إرْمِيَا الثَّالِثَة

14 اشفِنِي يَا اللهُ،
حِينَئِذٍ، سَأُشفَى.
خَلِّصْنِي،
حِينَئِذٍ، سَأخلُصُ.
هَذَا لِأنَّكَ أنْتَ مَنْ أُسَبِّحُهُ.
15 انْظُرْ كَيْفَ يَقُولُونَ لِي:
«أيْنَ كَلِمَةُ اللهِ وَوَعدُهُ؟
لِيَأْتِيَا.»

16 لَكِنِّي لَمْ أتَوَقَّفْ عَنْ أنْ أكُونَ رَاعِيًا عِنْدَكَ،
وَلَمْ أرغَبْ فِي مَجِيءِ يَوْمِ الكَارِثَةِ.
أنْتَ تَعْرِفُ كُلَّ مَا أقُولُهُ،
وَهُوَ وَاضِحٌ جِدًّا لَكَ.
17 لَا تُرعِبْنِي،
أنْتَ مَلْجَأي فِي وَقْتِ الكَارِثَةِ.
18 لِيُخْزَ الَّذِينَ يَتْبَعُونَنِي،
أمَّا أنَا، فَلَا تَسْمَحْ بِأنْ أُخزَى.
لِيَرْتَعِبُوا،
أمَّا أنَا، فَلَا تَسْمَحْ بِأنْ أرتَعِبَ.
اجلِبْ عَلَيْهِمْ وَقْتَ مُعَانَاةٍ،
وَحَطِّمهُمْ تَحْطِيمًا مُضَاعَفًا.

حِفظُ يَوْمِ السَّبْت

19 هَذَا هُوَ مَا قَالَهُ اللهُ لِي: «اذْهَبْ وَقِفْ فِي بَوَّابَةِ الشَّعْبِ الَّتِي يَدْخُلُ مِنْهَا مُلُوكُ يَهُوذَا وَمِنهَا يَخْرُجُونَ. وَقِفْ فِي كُلِّ بَوَّابَاتِ مَدِينَةِ القُدْسِ.»

20 «وَقُلْ لَهُمْ: اسمَعُوا رِسَالَةَ اللهِ يَا كُلَّ مُلُوكِ يَهُوذَا، وَكُلَّ بَنِي يَهُوذَا، وَكُلَّ سُكَّانِ القُدْسِ، وَيَا كُلَّ الدَّاخِلِينَ عَبْرَ هَذِهِ البَوَّابَاتِ، 21 هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ اللهُ: ‹احمُوا أنْفُسَكُمْ، وَلَا تَحْمِلُوا شَيْئًا يَوْمَ السَّبْتِ، وَلَا تُدْخِلُوا البَضَائِعَ عَبْرَ بَوَّابَاتِ مَدِينَةِ القُدْسِ. 22 وَلَا تُخرِجُوا البَضَائِعَ مِنْ بُيُوتِكُمْ يَوْمَ السَّبْتِ، وَلَا تَعْمَلُوا. خَصِّصُوا يَوْمَ السَّبْتِ لِي كَمَا أمَرْتُ آبَاءَكُمْ.› 23 وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يَفْتَحُوا آذَانَهُمْ، بَلْ قَسَّوْا رِقَابَهُمْ وَتَجَاهَلُوا وَلَمْ يَصْغُوا لِكَلَامِي. 24 لَكِنْ إنِ استَمَعتُمْ إلِيَّ، يَقُولُ اللهُ، فَلَمْ تُدخِلُوا البَضَائِعَ عَبْرَ بَوَّابَاتِ هَذِهِ المَدِينَةِ يَوْمَ السَّبْتِ، بَلْ خَصَّصْتُمُ السَّبتَ لِي فَلَمْ تَعْمَلُوا فِيهِ، 25 فَإنَّ مُلُوكًا يَجْلِسُونَ عَلَى عَرْشِ دَاوُدَ سَيَدْخُلُونَ عَبْرَ بَوَّابَاتِ القُدْسِ رَاكِبِينَ عَرَبَاتٍ وَخُيُولًا. سَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ مَعَ رُؤَسَائِهِمْ وَرِجَالِ يَهُوذَا وَسُكَّانِ مَدِينَةِ القُدْسِ. وَسَتُسكَنُ هَذِهِ المَدِينَةُ إلَى الأبَدِ. 26 وَسَيَأْتِي أُنَاسٌ مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا وَمِنَ المَنَاطِقِ المُحِيطَةِ بِمَدِينَةِ القُدْسِ، وَمِنْ أرْضِ بَنْيَامِينَ وَمِنَ السُّهُولِ الغَربِيَّةِ وَمِنْ مِنطَقَةِ التِّلَالِ وَمِنَ النَّقَبِ[d] إلَى بَيْتِ اللهِ بِذَبَائِحَ وَأضَاحِي وَقَرَابِينَ وَبَخُورٍ وَذَبَائِحِ شُكرٍ.

27 «‹وَلَكِنْ إنْ لَمْ تَسْتَمِعُوا إلَيَّ، بِأنْ تُخَصِّصُوا السَّبْتَ لِي، وَبِأنْ لَا تُدخِلُوا البَضَائِعَ عَبْرَ بَوَّابَاتِ القُدْسِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَسَأُشعِلُ نَارًا فِي بَوَّابَاتِهَا، فَتَلْتَهِمَ قِلَاعَ المَدِينَةِ، وَلَنْ تُطفَأ.›»

Footnotes

  1. 14‏:4 لِأنَّ … مُشَقَّقَة هُنَاكَ صُعُوبَةٌ فِي فهمِ هَذَا المقطع فِي اللغةِ العِبْريّة.
  2. 16‏:21 يهوه أقْرَب مَعْنَى لِهذَا الاسْم «الكَائن.»
  3. 17‏:3 مرتفَعَات كَانَتْ أمَاكِنُ العِبَادَةِ وَتقديمِ الذَّبَائِحِ تَكْثُرُ فِي المَنَاطِقِ المُرْتَفِعَةِ.
  4. 17‏:26 النّقب المِنْطَقَةُ الصّحرَاويّةُ فِي جَنُوبِ يَهُوذَا.