الويل لمن يعتمد على غير الرب

31 وَيْلٌ لِلْمُنْحَدِرِينَ إِلَى مِصْرَ طَلَباً لِلْعَوْنِ، الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى الْخَيْلِ، الْوَاثِقِينَ بِكَثْرَةِ الْمَرْكَبَاتِ وَبِبَأْسِ الْفُرْسَانِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، أَوْ يَطْلُبُوا مَشُورَةَ الرَّبِّ. وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ حَكِيمٌ يَجْلِبُ الشَّرَّ، وَلا يَنْقُضُ كَلامَهُ بَلْ سَيَهُبُّ لِيُعَاقِبَ بَيْتَ الأَشْرَارِ وَنَاصِري فَعَلَةِ الإِثْمِ. لَيْسَ الْمِصْرِيُّونَ آلِهَةً بَلْ بَشَراً، وَخُيُولُهُمْ مُجَرَّدُ أَجْسَادٍ وَلَيْسَتْ أَرْوَاحاً، وَعِنْدَمَا يَمُدُّ الرَّبُّ يَدَهُ، يَتَعَثَّرُ الْمُعِينُ وَيَسْقُطُ الْمُسْتَعِينُ، وَيَهْلِكَانِ كِلاهُمَا مَعاً.

لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ لِي: «كَمَا يُزَمْجِرُ الأَسَدُ أَوِ الشِّبْلُ عَلَى فَرِيسَتِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْشَى مِنْ صَرَخَاتِ جَمَاعَةِ الرُّعَاةِ الْمُتَأَلِّبِينَ عَلَيْهِ، أَوْ يَفْزَعَ مِنْ جَلَبَتِهِمْ، هَكَذَا يُقْبِلُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ لِيُحَارِبَ عَنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. وَيَرِفُّ الرَّبُّ الْقَدِيرُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِحِمَايَتِهَا كَالطُّيُورِ الْحَائِمَةِ فَوْقَ أَعْشَاشِهَا، فَيَحْمِي وَيُنْقِذُ وَيَعْفُو وَيُخَلِّصُ.

ارْجِعُوا أَيُّهَا الإِسْرَائِيلِيُّونَ إِلَى مَنْ تَمَرَّدْتُمْ عَلَيْهِ أَشَدَّ التَّمَرُّدِ، لأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَنْبِذُ كُلُّ وَاحِدٍ أَصْنَامَهُ الْفِضِّيَّةَ وَأَوْثَانَهُ الذَّهَبِيَّةَ الَّتِي صَنَعَهَا بِيَدِهِ الْخَاطِئَةِ. وَيُصْرَعُ الأَشُورِيُّونَ وَيُلْتَهَمُونَ، وَلَكِنْ لَيْسَ بِسَيْفِ بَشَرٍ، وَيَفِرُّونَ مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ، وَيُسَاقُ فِتْيَانُهُمْ إِلَى الأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ، وَتَفْنَى صُخُورُهُمْ مِنَ الْفَزَعِ، وَيُوَلِّي قَادَتُهُمُ الأَدْبَارَ عِنْدَمَا يَرَوْنَ عَلَمَ إِسْرَائِيلَ». هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الَّذِي نَارُهُ فِي صِهْيَوْنَ، وَتَنُّورُهُ فِي أُورُشَلِيمَ.

مملكة البر

32 انْظُرُوا هَا إِنَّ مَلِكاً يَمْلِكُ بِالْبِرِّ، وَرُؤَسَاءَ يَحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ. وَيُصْبِحُ كُلُّ إِنْسَانٍ كَمَلاذٍ مِنَ الرِّيحِ، وَكَمَلْجَأٍ مِنَ الْعَاصِفَةِ، أَوْ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ فِي صَحْرَاءَ، أَوْ كَظِلِّ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فِي أَرْضٍ جَدْبَاءَ. عِنْدَئِذٍ تَنْفَتِحُ عُيُونُ النَّاظِرِينَ، وَتُصْغِي آذَانُ السَّامِعِينَ (لاحْتِيَاجَاتِ شَعْبِهِمْ) فَتَفْهَمُ وَتَعْلَمُ الْعُقُولُ الْمُتَهَوِّرَةُ، تَنْطِقُ بِطَلاقَةٍ الأَلْسِنَةُ الثَّقِيلَةُ. وَلا يُدْعَى اللَّئِيمُ بَعْدُ كَرِيماً، وَلا يُقَالُ لِلْمَاكِرِ شَرِيفٌ، لأَنَّ اللَّئِيمَ يَنْطِقُ بِاللُّؤْمِ، وَقَلْبُهُ يَتَآمَرُ بِالإِثْمِ لِيَرْتَكِبَ شَرّاً وَلِيَفْتَرِيَ عَلَى الرَّبِّ، تَارِكاً الْمُتَضَوِّرَ جُوعاً مِنْ غَيْرِ شِبَعٍ، وَحَارِماً الظَّامِئَ مِنَ الشُّرْبِ. إِنَّ أَسَالِيبَ الْمَاكِرِ شِرِّيرَةٌ، وَمُؤَامَرَاتِهِ خَبِيثَةٌ لِيُهْلِكَ الْبَائِسِينَ بِالأَكَاذِيبِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمِسْكِينُ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ. أَمَّا الْكَرِيمُ فَبِالْمَآثِرِ يَفْتَكِرُ وَبِالْمَكَارِمِ يَشْتَهِرُ.

نساء أورشليم

أَيَّتُهَا النِّسَاءُ الْمُتْرَفَاتُ الْمُتَكَاسِلاتُ، انْهَضْنَ وَاسْتَمِعْنَ إِلَى صَوْتِي. أَيَّتُهَا الْبَنَاتُ الْمُطْمَئِنَّاتُ أَصْغِينَ إِلَى أَقْوَالِي. 10 مَا تَكَادُ تَنْقَضِي أَيَّامٌ عَلَى سَنَةٍ حَتَّى تَعْتَرِيكُنَّ رِعْدَةٌ أَيَّتُهَا الآمِنَاتُ، لأَنَّ الْقِطَافَ قَدْ تَلِفَ، وَمَوْعِدَ جَنْيِ الأَثْمَارِ قَدْ أَخْلَفَ. 11 ارْتَعِدْنَ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ الْمُطْمَئِنَّاتُ وَارْتَجِفْنَ أَيَّتُهَا الْفَتَيَاتُ الآمِنَاتُ. تَجَرَّدْنَ مِنْ ثِيَابِكُنَّ وَتَعَرَّيْنَ وَمَنْطِقْنَ أَحْقَاءَكُنَّ بِالْمُسُوحِ. 12 اضْرِبْنَ عَلَى صُدُورِكُنَّ حَسْرَةً عَلَى الْمُرُوجِ الْمُبْهِجَةِ وَالْكُرُومِ الْمُثْمِرَةِ. 13 لأَنَّ أَرْضَ شَعْبِي تُنْبِتُ الشَّوْكَ وَالْحَسَكَ، فَتَنْمُو حَتَّى فِي كُلِّ بُيُوتِ الْفَرَحِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُبْتَهِجَةِ. 14 لأَنَّ الْقَصْرَ يُصْبِحُ مَهْجُوراً، وَالْمُدُنَ الْعَامِرَةَ خَالِيَةً، وَالتِّلالَ وَالْبُرُوجَ مَغَاوِرَ إِلَى الأَبَدِ، وَمَرَاحاً لِلْحَمِيرِ الْوَحْشِيَّةِ وَمَرْعىً لِلْقُطْعَانِ، 15 حَتَّى يَنْسَكِبَ عَلَيْنَا رُوحٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَتَحَوَّلُ البَرِّيَّةُ إِلَى مَرْجٍ مُخْصِبٍ، وَيُحْسَبُ المَرْجُ غَابَةً.

16 عِنْدَئِذٍ يَسْكُنُ الْعَدْلُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيُقِيمُ الْبِرُّ فِي الْمَرْجِ الْمُخْصِبِ، 17 فَيَكُونُ ثَمَرُ الْبِرِّ سَلاماً، وَفِعْلُ الْبِرِّ سَكِينَةً وَطُمَأْنِينَةً إِلَى الأَبَدِ، 18 فَيَسْكُنُ شَعْبِي فِي دِيَارِ سَلامٍ، وَفِي مَسَاكِنَ آمِنَةٍ، وَفِي أَمَاكِنَ رَاحَةٍ مُطْمَئِنَّةٍ، 19 مَعَ أَنَّ الْبَرَدَ يُسَوِّي الْغَابَةَ بِالأَرْضِ، وَتُدَمَّرُ الْمَدِينَةُ حَتَّى الْحَضِيضِ. 20 طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الزَّارِعُونَ عِنْدَ كُلِّ مَاءٍ، الَّذِينَ سَرَّحْتُمْ قَوَائِمَ الثَّوْرِ وَالْحِمَارِ لِتَرْعَى طَلِيقَةً.

الكرب والعون

33 وَيْلٌ لَكَ أَيُّهَا الْمُدَمِّرُ الَّذِي لَمْ تُدَمَّرْ بَعْدُ، وَالنَّاهِبُ الَّذِي لَمْ يَنْهَبُوكَ، فَعِنْدَمَا تَكُفُّ عَنِ التَّدْمِيرِ تُدَمَّرُ، وَحِينَ تَمْتَنِعُ عَنِ النَّهْبِ يَنْهَبُونَكَ. يَا رَبُّ ارْحَمْنَا. إِيَّاكَ انْتَظَرْنَا، كُنْ عَضُدَنَا فِي الصَّبَاحِ، وَخَلاصَنَا فِي أَثْنَاءِ الْمِحْنَةِ. مِنْ صَوْتِ ضَجِيجِكَ هَرَبَتِ الشُّعُوبُ، وَمِنَ ارْتِفَاعِكَ تَبَدَّدَتِ الأُمَمُ، وَكَمَا يَلْتَهِمُ الْجَرَادُ كُلَّ مَا هُوَ أَخْضَرُ، هَكَذَا يُجْمَعُ سَلَبُكُمْ، وَيَتَوَاثَبُ النَّاسُ عَلَيْهِ كَتَوَاثُبِ الْجَنَادِبِ. الرَّبُّ مُتَعَظِّمٌ لأَنَّهُ سَاكِنٌ فِي الْعَلاءِ. يَمْلأُ صِهْيَوْنَ عَدْلاً وَحَقّاً. هُوَ ضَمَانُ أَزْمَانِكَ وَوَفْرَةُ خَلاصٍ وَحِكْمَةٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَتَكُونُ مَخَافَةُ الرَّبِّ كَنْزَهُ.

هَا رُسُلُكُمْ يَنُوحُونَ خَارِجاً، وَمُمَثِّلُو السَّلامِ يَبْكُونَ بِمَرَارَةٍ. أَقْفَرَتِ الطُّرُقُ وَخَلَتْ مِنْ عَابِرِي السَّبِيلِ، نَقَضَ الْعَهْدَ وَازْدَرَى شُهُودَهُ، وَلَمْ تَعُدْ لِلإِنْسَانِ قِيمَةٌ. نَاحَتِ الأَرْضُ وَذَوَتْ. خَجِلَ لُبْنَانُ وَذَبُلَ، وَصَارَ شَارُونُ كَالْبَرِّيَّةِ، وَنَفَضَ بَاشَانُ وَالْكَرْمَلُ عَنْهُمَا أَوْرَاقَهُمَا.

10 فَقَالَ الرَّبُّ: «الآنَ أَقُومُ، الآنَ أَنْهَضُ وَأَتَعَظَّمُ، 11 فَكُلُّ مَا بَذَلْتُمُوهُ مِنْ جَهْدٍ أَيُّهَا الأَشُورِيُّونَ لَا جَدْوَى مِنْهُ كَالْحَشِيْشِ وَالتِّبْنِ وَصَارَتْ أَنْفَاسُكُمْ نَاراً تَلْتَهِمُكُمْ. 12 وَتُصْبِحُ الشُّعُوبُ كَوَقُودِ الْكِلْسِ، كَأَشْوَاكٍ مُسْتَأْصَلَةٍ مُحْتَرِقَةٍ بِالنَّارِ».

13 اسْمَعُوا أَيُّهَا الْبَعِيدُونَ مَا صَنَعْتُ، وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْقَرِيبُونَ اعْرِفُوا قُوَّتِي. 14 قَدِ ارْتَعَبَ الْخُطَاةُ فِي صِهْيَوْنَ، وَاسْتَوْلَتِ الرَّعْدَةُ عَلَى الْكَافِرِينَ، فَهَتَفُوا: مَنْ مِنَّا يَقْدِرُ أَنْ يَسْكُنَ مَعَ نَارٍ آكِلَةٍ؟ وَمَنْ مِنَّا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَ فِي وَقَائِدَ أَبَدِيَّةٍ؟ 15 السَّالِكُ فِي الْبِرِّ، وَالنَّاطِقُ بِالْحَقِّ، وَالنَّابِذُ رِبْحَ الظُّلْمِ، وَالنَّافِضُ يَدَيْهِ مِنْ قَبْضِ الرِّشْوَةِ، الصَّامُّ أُذُنَيْهِ عَنِ الاسْتِمَاعِ إِلَى مُؤَامَرَاتِ سَفْكِ الدِّمَاءِ، الْمُغْمِضُ عَيْنَيْهِ عَنِ التَّأَمُّلِ فِي الشَّرِّ، 16 هُوَ الَّذِي يَسْكُنُ فِي الْعَلاءِ، وَمَلْجَأُهُ مَعَاقِلُ الصُّخُورِ، يُؤَمَّنُ لَهُ خُبْزُهُ. وَيُكْفَلُ لَهُ مَاؤُهُ.

17 سَتَشْهَدُ عَيْنَاكَ الْمَلِكَ فِي بَهَائِهِ، وَتُبْصِرُ أَرْضاً تَمْتَدُّ بَعِيداً. 18 يَتَذَكَّرُ قَلْبُكَ أَزْمِنَةَ الرُّعْبِ فَتَتَسَاءَلُ: أَيْنَ الْكَاتِبُ الْحَاسِبُ؟ أَيْنَ جَابِي الْجِزْيَةِ؟ أَيْنَ مَنْ يُحْصِي الأَبْرَاجَ؟ 19 لَنْ تَرَى الشَّعْبَ الشَّرِسَ فِيمَا بَعْدُ، الَّذِي يَتَكَلَّمُ لُغَةً أَجْنَبِيَّةً لَا تَفْهَمُهَا. 20 التَفِتْ إِلَى صِهْيَوْنَ مَدِينَةِ أَعْيَادِنَا، فَتَكْتَحِلَ عَيْنَاكَ بِمَرْأَى أُورُشَلِيمَ، الْمَسْكَنِ الْمُطْمَئِنِّ وَالْخَيْمَةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تُقْلَعُ أَوْتَادُهَا إِلَى الأَبَدِ وَلا تَنْقَطِعُ حِبَالُهَا 21 هُنَاكَ يَكُونُ الرَّبُّ لَنَا بِجَلالِهِ مَكَانَ أَنْهَارٍ وَجَدَاوِلَ وَاسِعَةٍ لَا يَبْحُرُ فِيهَا قَارِبٌ ذُو مِجْدَافٍ، وَلا تَمْخُرُ فِيهَا سَفِينَةٌ عَظِيمَةٌ، 22 لأَنَّ الرَّبَّ هُوَ قَاضِينَا، الرَّبُّ هُوَ مُشْتَرِعُنَا، هُوَ مَلِكُنَا وَسَيُخَلِّصُنَا 23 لَقَدِ اسْتَرْخَتْ حِبَالُ أَشْرِعَتِكَ، فَلا يُمْكِنُهَا شَدُّ قَاعِدَةِ السَّارِيَةِ أَوْ نَشْرُ الشِّرَاعِ، حِينَئِذٍ نَقْسِمُ الْغَنَائِمَ الْوَفِيرَةَ. حَتَّى الْعُرْجُ يَنْهَبُونَ السَّلَبَ. 24 لَنْ يَقُولَ مُقِيمٌ فِي صِهْيَوْنَ إِنَّهُ مَرِيضٌ، وَيَنْزِعُ الرَّبُّ إِثْمَ الشَّعْبِ السَّاكِنِ فِيهَا.

دينونة الأمم

34 اقْتَرِبُوا أَيُّهَا الأُمَمُ لِلاسْتِمَاعِ، أَصْغُوا أَيُّهَا الشُّعُوبُ. لِتَسْمَعِ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا، الْمَسْكُونَةُ وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، لأَنَّ الرَّبَّ سَاخِطٌ عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ، وَغَضَبُهُ مُنْصَبٌّ عَلَى جَمِيعِ أَجْنَادِهِمْ. قَضَى عَلَيْهِمْ بِالْفَنَاءِ، وَأَسْلَمَهُمْ إِلَى الذَّبْحِ، فَتُطْرَحُ قَتْلاهُمْ وَيَنْتَشِرُ نَتْنُ جِيَفِهِمْ فِي الْفَضَاءِ، وَتَفِيضُ الْجِبَالُ بِدِمَائِهِمْ، وَتَنْحَلُّ كُلُّ كَوَاكِبِ السَّمَاءِ، وَتُطْوَى السَّمَاوَاتُ كَدَرْجٍ، وَتَتَسَاقَطُ كُلُّ نُجُومِهَا كَتَسَاقُطِ أَوْرَاقِ الْكَرْمَةِ أَوْ حَبَّاتِ التِّينِ الْمُتَغَضِّنَةِ.

لأَنَّ سَيْفِي قَدْ تَشَرَّبَ بِالسَّخَطِ فِي السَّمَاءِ، وَهَا هُوَ يَنْزِلُ لِيُعَاقِبَ أَدُومَ، وَيَنْتَقِمَ مِنَ الشَّعْبِ الَّذِي قَضَيْتُ عَلَيْهِ بِالفَنَاءِ. لِلرَّبِّ سَيْفٌ مُشْبَعٌ بِالدَّمِ، مَطْلِيٌّ بِالشَّحْمِ، بِدَمِ حُمْلانٍ وَتُيُوسٍ، وَبِشَحْمِ كُلَى كِبَاشٍ، لأَنَّ لِلرَّبِّ ذَبِيحَةً فِي بُصْرَةَ، وَمَذْبَحَةً فِي أَدُومَ. وَيَسْقُطُ مَعَهُمُ الْبَقَرُ الْوَحْشِيُّ، وَالْعُجُولُ وَالثِّيرَانُ الْقَوِيَّةُ، فَتَتَشَبَّعُ أَرْضُهُمْ بِالدِّمَاءِ، وَيُخْصِبُ تُرَابُهُمْ بِالشَّحْمِ، لأَنَّ لِلرَّبِّ يَوْمَ انْتِقَامٍ، سَنَةَ ثَأْرٍ لِدَعْوَى صِهْيَوْنَ، فَتَنْقَلِبُ أَنْهَارُ أَدُومَ إِلَى زِفْتٍ، وَتُرَابُهُمْ إِلَى كِبْرِيتٍ، وَتُصْبِحُ أَرْضُهَا قَاراً مُشْتَعِلاً. 10 فَلا تَنْطَفِئُ لَيْلاً وَنَهَاراً، وَيُحَلِّقُ دُخَانُهَا إِلَى الْفَضَاءِ مَدَى الدَّهْرِ، وَتَظَلُّ خَرَاباً جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ، فَلا يَعْبُرُ بِها أَحَدٌ إِلَى الأَبَدِ، 11 وَلا يَرِثُهَا سِوَى الصُّقُورِ وَالْقَنَافِذِ، وَيَسْكُنُ فِيهَا الْبُومُ وَالْغُرَابُ، وَيَمُدُّ الرَّبُّ عَلَيْهَا خَيْطَ الدَّمَارِ وَمِطْمَارَ الْهَلاكِ، 12 وَلا يَجِدُ فِيهَا أَشْرَافُهَا أَثَراً لِلْمَلِكِ، وَيَنْقَرِضُ جَميِعُ رُؤَسَائِهَا. 13 يَنْمُو الشَّوْكُ فِي قُصُورِهَا، وَيَزْحَفُ الْعَوْسَجُ عَلَى حُصُونِهَا، فَتُصْبِحُ مَأْوىً لِبَنَاتِ آوَى، وَمَسْكِناً لِلنَّعَامِ. 14 وَتَجْتَمِعُ فِيهَا الْوُحُوشُ الْبَرِّيَّةُ مَعَ الذِّئَابِ، وَوَعْلُ الْبَرِّ يَدْعُو صَاحِبَهُ، وَهُنَاكَ تَسْتَقِرُّ وُحُوشُ اللَّيْلِ وَتَجِدُ لِنَفْسِهَا مَلاذَ رَاحَةٍ.

15 هُنَاكَ تَعِيشُ الْبُومُ وَتَبِيضُ وَتُفْرِخُ وَتَرْعَى صِغَارَهَا تَحْتَ أَجْنِحَتِهَا، وَهُنَاكَ أَيْضاً تَتَلاقَى الصُّقُورُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.

16 ابْحَثُوا فِي سِفْرِ الرَّبِّ وَاقْرَأُوا: فَكَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَسْقُطَ، إِذْ كُلُّ أَلِيفٍ سَيَجْتَمِعُ بِأَلِيفِهِ، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قَدْ أَمَرَ، وَرُوحَهُ يَجْمَعُهَا مَعاً. 17 فَهُوَ قَدْ أَلْقَى عَلَيْهَا الْقُرْعَةَ، وَيَدُهُ قَدْ وَزَّعَتْهَا بِقِسْطَاسٍ، فَتَرِثُهَا إِلَى الأَبَدِ وَتُقِيمُ فِيهَا جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ.

فرح المفديين

35 سَتَفْرَحُ الصَّحْرَاءُ وَالْقَفْرُ الأَجْرَدُ، وَتَبْتَهِجُ الْبَرِّيَّةُ وَتُزْهِرُ كَالْوَرْدِ. تَزْدَهِرُ ازْدِهَاراً، وَتَبْتَهِجُ أَشَدَّ بَهْجَةٍ وَيُضْفَى عَلَيْهَا مَجْدُ لُبْنَانَ وَجَلالُ الْكَرْمَلِ وَشَارُونَ وَيَشْهَدُونَ مَجْدَ الرَّبِّ وَبَهَاءَ إِلَهِنَا. شَدِّدُوا الأَيْدِي الْمُسْتَرْخِيَةَ، وَثَبِّتُوا الرُّكَبَ الْمُرْتَعِشَةَ. قُولُوا لِذَوِي الْقُلُوبِ الْخَائِرَةِ: «تَقَوَّوْا وَلا تَفْزَعُوا، فَهَا هُوَ إِلَهُكُمْ قَادِمٌ، مُقْبِلٌ بِالنِّقْمَةِ، حَامِلٌ جَزَاءَهُ. سَيَأْتِي وَيُخَلِّصُكُمْ».

عِنْدَئِذٍ تُبْصِرُ عُيُونُ الْمَكْفُوفِينَ وَتَنْفَتِحُ آذَانُ الصُّمِّ، وَيَطْفُرُ الأَعْرَجُ كَالظَّبْيِ، وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَبْكَمِ فَرَحاً، إِذْ تَنْفَجِرُ الْمِيَاهُ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَتَتَدَفَّقُ الْجَدَاوِلُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيَتَحَوَّلُ السَّرَابُ إِلَى وَاحَةٍ، وَالأَرْضُ الْظَّمْأَى إِلَى جَدَاوِلَ. وَفِي الأَوْجِرَةِ حَيْثُ كَانَتْ تَأْوِي بَنَاتُ آوَى، يَنْمُو الْعُشْبُ وَالْقَصَبُ وَالْبَرْدِيُّ. وَتَكُونُ هُنَاكَ طَرِيقٌ تُدْعَى طَرِيقَ الْقَدَاسَةِ، لَا يَسْلُكُ فِيهَا مَنْ هُوَ دَنِسٌ، إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ نَصِيبِ السَّالِكِينَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، وَلا يَضِلُّ فِيهَا حَتَّى الْجُهَّالُ. لَا يَطْرُقُهَا أَسَدٌ، وَلا يَأْتِيهَا حَيَوَانٌ مُفْتَرِسٌ. إِنَّمَا يَسْلُكُ فِيهَا الْمَفْدِيُّونَ 10 وَيَرْجِعُ إِلَيْهَا مَفْدِيُّو الرَّبِّ وَيُقْبِلُونَ إِلَى صِهْيَوْنَ مُتَرَنِّمِينَ يُكَلِّلُ رُؤُوسَهُمْ فَرَحٌ أَبَدِيٌّ، وَتَغْمُرُهُمُ الْغِبْطَةُ وَالسُّرُورُ، وَيَهْرُبُ الْحُزْنُ وَالأَنِينُ.

وُجُوبُ الِاتِّكَالِ عَلَى اللهِ وَحدِه

31 وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَنْزِلُونَ إلَى مِصْرٍ مِنْ أجْلِ المُسَاعَدَةِ.
وَيَتَّكِلُونَ عَلَى الخَيلِ لِتُخَلِّصَهُمْ،
وَعَلَى المَرْكَبَاتِ لِأنَّهَا كَثِيرَةٌ،
وَعَلَى الفُرسَانِ لِأنَّهُمْ أقوِيَاءُ.
وَلَكِنَّهُمْ لَا يَنْظُرُونَ إلَى قُدُّوسِ إسْرَائِيلَ،
وَلَا يَطْلُبُونَ اللهَ لِأجْلِ المَعُونَةِ.
لَكِنَّهُ حَكِيمٌ، يَأْتِي بِالضِّيقِ وَلَا يَتَرَاجَعُ عَنْ كَلِمَاتِهِ.
سَيَقُومُ لِيُحَارِبَ بَيْتَ الأشْرَارِ وَالَّذِينَ يُعِينُونَهُمْ.
مِصْرٌ بَشَرٌ وَلَيْسَتِ هِيَ اللهَ،
وَلَيْسَتْ خُيُولُهَا سِوَى أجسَادٍ لَا رُوحَ لَهَا.
وَعِنْدَمَا يَمُدُّ اللهُ يَدَهُ لِيُعَاقِبَ النَّاسَ،
يَتَعَثَّرُ المُعِينُ وَيَسْقُطُ المُعَانُ،
وَكِلَاهُمَا يُدَمَّرَانِ مَعًا.

لِأنَّ هَذَا هُوَ مَا قَالَهُ اللهُ لِي:

«عِنْدَمَا يُزَمجِرُ الأسَدُ مَعَ أشبَالِهِ عَلَى فَرِيسَةٍ،
وَتُدعَى جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّعَاةِ لِرَدعِهِ،
فَإنَّهُ لَا يَخَافُ مِنْ صُرَاخِهِمْ،
وَمِنْ ضَجَّتِهِمْ لَا يَرْتَعِبُ.»
هَكَذَا سَيَأْتِي اللهُ القَدِيرُ
لِيُحَارِبَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَعَلَى تَلَّتِهَا.
وَكَمَا تُرَفرِفُ الطُّيُورُ بِأجنِحَتِهَا،
هَكَذَا سَيَحْمِي اللهُ القَدِيرُ مَدِينَةَ القُدْسِ.
سَيَحْمِيهَا وَيُخَلِّصُهَا.
سَيَغْفِرُ لِهَا وَيُنَجِّيهَا.

عُودُوا يَا بَنِي إسْرَائِيلَ إلَى اللهِ الَّذِي خُنْتُمُوهُ. فَفِي ذَلِكَ الوَقْتِ، سَتَرْفُضُونَ جَمِيعًا أوْثَانَ الفِضَّةِ وَأوْثَانَ الذَّهَبِ الَّتِي صَنَعَتْهَا لَكُمْ أيدِيكُمُ الخَاطِئَةُ.

سَتُهزَمُ أشُّورُ بِالسَّيْفِ،
لَكِنْ لَيْسَ بِسَيفِ إنْسَانٍ.
سَيهزِمُهَا السَّيْفُ،
لَكِنْ لَيْسَ سَيْفًا بَشَرِيًّا.
سَتَهْرُبُ مِنَ السَّيْفِ،
وَلَكِنْ سَيُؤسَرُ فِتيَانُهَا وَيُستَعْبَدُونَ.
سَتُدَمَّرُ صَخرَتُهُمْ،
وَمَلجَأُهُمُ الَّذِي هَرَبُوا إلَيْهِ بِسَبَبِ الرُّعبِ.
سَيَرْتَعِبُ رُؤَسَاؤُهُمْ عِنْدَمَا يَرَوْنَ رَايَةَ الحَرْبِ.
هَكَذَا يَقُولُ اللهُ الَّذِي نَارُهُ فِي صِهْيَوْنَ،
وَفُرنُهُ فِي القُدْسِ.

قَادَةٌ صَالِحُون

32 هَا إنَّ مَلِكًا سَيَمْلُكُ بِالحَقِّ،
وَرُؤَسَاءَ سَيَحْكُمُونَ بِالعَدْلِ.
وَسَيَكُونُ ذَلِكَ المَلِكُ مَخبَأً مِنَ الرِّيحِ،
وَمَلجَأً فِي العَاصِفَةِ.
سيَكُونُ كَجَدَاوِلِ المِيَاهِ فِي الأمَاكِنِ الجَافَّةِ،
وَكَظِلِّ صَخرَةٍ كَبِيرَةٍ فِي أرْضٍ حَارَّةٍ قَاحِلَةٍ.
حِينَئِذٍ، لَنْ تُغلَقَ عُيُونُ المُبصِرِينَ،
وَآذَانُ السَّامِعِينَ سَتُصغِي بِانتِبَاهٍ.
وَأذهَانُ المُتَسَرِّعِينَ سَتَتَعَلَّمُ التَّفكِيرَ،
وَذَوُو الألسِنَةِ الثَّقِيلَةِ سَيَتَكَلَّمُونَ بِوُضُوحٍ وَسُرعَةٍ.
وَلَنْ يُدْعَى الحَمْقَى فِيمَا بَعْدُ شُرَفَاءَ،
وَلَا الأشرَارُ نُبَلَاءَ.
لِأنَّ الحَمْقَى[a] يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ غَبِيَّةٍ،
وَأذهَانُهُمْ تُخَطِّطُ لِلشَّرِّ.
يَصْنَعُونَ أُمُورًا شِرِّيرَةً
وَيَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ خَاطِئَةٍ عَنِ اللهِ.
يُهْمِلُونَ بُطُونَ الجَائِعِينَ الفَارِغَةِ،
وَيَمْنَعُونَ المَاءَ عَنِ العِطَاشِ.
أسَالِيبُ الشِّرِيرِ رَديئَةٌ،
وَخُطَطُهُ خَبِيثَةٌ، لِيُحَطِّمَ الفُقَرَاءَ بِالكَذِبِ،
حَتَّى لَوْ قَدَّمَ المَسَاكِينُ أدِلَّةً تُثْبِتُ حَقَّهُمْ.
أمَّا النُّبَلَاءُ فَيُخَطِّطُونَ لِمَا هُوَ نَبِيلٌ،
وَيَثْبُتُونَ عَلَى أُمُورٍ نَبِيلَةٍ.

أوقَاتٌ صَعبَةٌ قَادِمَة

أيَّتُهَا النِّسَاءُ المُرتَاحَاتُ،
قُمنَ وَاسْمَعنَ صَوْتِي.
أيَّتُهَا الفَتَيَاتُ الآمِنَاتُ،
اسْتَمِعْنَ لِمَا أقُولُ.
10 بَعْدَ أكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بِقَلِيلٍ،
سَتَرْتَجِفنَ خَوْفًا أيَّتُهَا الآمِنَاتُ.
لِأنَّ قِطَافَ العِنَبِ سَيَنْتَهِي،
وَقِطَافَ الفَاكِهَةِ لَنْ يَأْتِيَ.
11 ارتَجِفنَ خَوْفًا أيَّتُهَا النِّسَاءُ المُرتَاحَاتُ،
وَارتَعِدنَ أيَّتُهَا الآمِنَاتُ.
اخلَعْنَ ثِيَابَكُنَّ الجَمِيلَةَ،
وَاربِطنَ الخَيْشَ حَوْلَكُنَّ كَحِزَامٍ.
12 اضرِبنَ عَلَى صُدُورِكِنَّ حُزْنًا
عَلَى الحُقُولِ الخَصبَةِ وَالكُرُومِ المُثمِرَةِ.
13 لِأنَّ الأشوَاكَ تُغَطِّي أرْضَ شَعْبِي
سَتُغَطِّي كُلَّ البُيُوتِ السَّعِيدَةِ وَالمَدِينَةِ الفَرِحَةِ.
14 لِأنَّ القَصرَ سَيُهجَرُ،
وَالمَدِينَةَ المُكتَظَّةَ بِالسُّكَّانِ سَتُصبِحُ خَالِيَةً.
وَسَتُصبِحُ القَلعَةُ وَالبُرجُ كَهفَينِ
تَسْكُنُهمَا الحَيَوَانَاتُ إلَى الأبَدِ.
وَسَتُحِبُّ الحَمِيرُ الوَحشِيَّةُ العَيشَ هُنَاكَ،
وَالمَاعِزُ سَتَرْعَى هُنَاكَ.
15 إلَى أنْ يُسكَبَ عَلَيْنَا رُوحٌ مِنَ العَلَاءِ،
فَتُصبِحَ الصَّحرَاءُ بَسَاتِينَ، وَالبَسَاتِينُ غَابَاتٍ.
16 حِينَئِذٍ، يَسْكُنُ العَدلُ فِي البَرِّيَّةِ،
وَالصَّلَاحُ فِي البَسَاتِينِ الخَصبَةِ.
17 وَسَيَأْتِي ذَلِكَ الصَّلَاحُ بِالسَّلَامِ،
وَسَيَأْتِي العَدلُ بِالهُدُوءِ وَالأمَانِ إلَى الأبَدِ.
18 وَسَيَسْكُنُ شَعْبِي فِي بُيُوتٍ آمِنَةٍ،
فِي أمَاكِنَ أمِينَةٍ، وَفِي أمَاكِنِ رَاحَةٍ وَهُدُوءٍ.
19 وَلَكِنْ قَبْلَ هَذِهِ الأُمُورِ،
سَتُدَمَّرُ الغَابَةُ بِالْكَامِلِ،
وَالمَدِينَةُ سَتُذَلُّ تَمَامًا.
20 هَنيئًا لَكُمْ أيُّهَا الزَّارِعُونَ عَلَى ضِفَافِ الجَدَاوِلِ،
يَا مَنْ تُطلِقُونَ ثِيرَانَكُمْ وَحَمِيرَكُمْ لِتَرْعَى.

الرَّجَاءُ بِالله

33 تَنَبَّهْ أيُّهَا المُخَرِّبُ
الَّذِي لَمْ يُهَاجِمْهُ أحَدٌ،
وَأيُّهَا الغَادِرُ الَّذِي لَمْ يَغْدُرْ فِيهِ أحَدٌ.
عِنْدَمَا تَنْتَهِي مِنَ التَّخرِيبِ سَتُخَرَّبُ،
وَعِنْدَمَا تَنْتَهِي مِنَ الغَدْرِ سَتُغدَرُ.

وَسَيُقَالُ: «تَحَنَّنْ عَلَيْنَا يَا اللهُ.
إيَّاكَ انتَظَرنَا.
أعْطِنَا قُوَّةً فِي كُلِّ صَبَاحٍ،
وَخَلِّصْنَا فِي وَقْتِ الضِّيقِ.»
هَرَبَ الشَّعْبُ مِنْ صَوْتِكَ الهَادِرِ.
تَشَتَّتَتِ الأُمَمُ بِسَبَبِ عَظَمَتِكَ.

سَتُجمَعُ غَنَائِمُكُمْ كَمَا يَجْمَعُ الجَرَادُ الطَّعَامَ.
سَيَقْفِزُ كَثِيرُونَ عَلَيْهَا كَالجَنَادِبِ.
اللهُ مُرْتَفِعٌ جِدًّا،
وَيَسْكُنُ فِي الأعَالِي.
هُوَ يَمْلأُ صِهْيَوْنَ بِالعَدْلِ وَالصَّلَاحِ.
هُوَ مَصْدَرُ ثَبَاتِكِ يَا صِهْيَوْنَ.
سَتَنْعَمِينَ بِالخَلَاصِ وَالحِكْمَةِ وَالمَعْرِفَةِ،
وَتَكُونُ مَخَافَةُ اللهِ كَنْزَكِ.

هَا الأبْطَالُ يَصْرُخُونَ فِي الشَّوَارِعِ،
وَرُسُلُ السَّلَامِ يَبْكُونَ بِمَرَارَةٍ.
الطُّرُقُ الكَبِيرَةُ مَهجُورَةٌ،
وَلَا أحَدَ يُسَافِرُ عَلَى الطُّرُقِ الصَّغِيرَةِ.
العَهُودُ مَكسُورَةٌ وَالشُّهُودُ مَرفُوضُونَ،
وَلَا يَحْتَرِمُونَ أحَدًا.
الأرْضُ تَنُوحُ وَتَذْبُلُ.
لُبنَانُ خَجِلَ وَذَبُلَ.
سَهلُ شَارُونَ يُشْبِهُ الصَّحرَاءَ.
وَبَاشَانُ وَالكَرمَلُ يَنْفُضَانِ أورَاقَهُمَا الذَّابِلَةَ وَيَمُوتَانِ.

10 يَقُولُ اللهُ: «الآنَ أقُومُ، الآنَ أنتَصِبُ،
الآنَ أُظهِرُ عَظَمَتِي.
11 تَحْبَلُونَ بِالعُشبِ،
وَتَلِدُونَ قَشًّا،
وَرُوحُكُمْ نَارٌ تَلْتَهِمُكُمْ.
12 سَيَحْتَرِقُ النَّاسُ لِيُصبِحُوا رَمَادًا.
سَيَحْتَرِقُونَ بِالنَّارِ كَالشَّوكِ اليَابِسِ.

13 «اسْمَعُوا مَا عَمِلْتُ أيُّهَا البَعِيدُونَ،
وَاعرِفُوا قُوَّتِي أيُّهَا القَرِيبُونَ.»

14 الخُطَاةُ فِي صِهْيَوْنَ خَائِفُونَ،
وَالأشرَارُ يُمسِكُهُمُ الرُّعبُ وَيَقُولُونَ:
«مَنْ مِنَّا يَقْدِرُ أنْ يَعِيشَ مَعَ هَذِهِ النَّارِ المُلتَهِمَةِ؟
مَنْ مِنَّا يَقْدِرُ أنْ يَعِيشَ مَعَ هَذِهِ النَّارِ الأبَدِيَّةِ؟»
15 الَّذِينَ يَعِيشُونَ بِالِاسْتِقَامَةِ،
وَيَتَكَلَّمُونَ بِالصِّدقِ،
الَّذِينَ يَرْفُضُونَ الرِّبحَ بِظُلْمِ الآخَرِينَ،
الَّذِينَ يَمْتَنِعُونَ عَنْ أخْذِ الرِّشوَةِ،
الَّذِينَ يَسُدُّونَ آذَانَهُمْ عَنْ سَمَاعِ خُطَطِ القَتلِ،
وَيُغلِقُونَ عُيُونَهُمْ عَنِ النَّظَرِ إلَى الشَّرِّ،
16 هَؤُلَاءِ سَيَعِيشُونَ بِأمَانٍ فِي الأعَالِي،
وَسَيَكُونُ مَكَانُهُمُ الأمِينُ حُصُونًا فِي الجِبَالِ،
حَيْثُ سَيُزَوَّدُونَ بِطَعَامِهِمْ، وَمَاؤُهُمْ لَنْ يَنْفَدَ.
17 سَتَرَى عُيُونُكَ المَلِكَ فِي جَمَالِهِ.
وَسَيَنْظُرُونَ إلَى أرْضٍ كَبِيرَةٍ جِدًّا.
18 وَسَتُفَكِّرُ بِالرُّعبِ الَّذِي كَانَ لَدَيكَ سَابِقًا:
«أيْنَ الكَاتِبُ؟ أيْنَ الوَازِنُ؟
أيْنَ الَّذِي يُحْصِي الحُصُونَ؟»
19 لَنْ تَرَى فِيمَا بَعْدُ الشَّعْبَ المُتَعَجرِفَ
الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِغَيرِ وُضُوحٍ،
وَبِلُغَةٍ لَا تَفْهَمُهَا.

حِمَايَةُ اللهِ لِإسْرَائِيل

20 انْظُرُوا إلَى صِهْيَوْنَ،
مَدِينَةِ أعيَادِنَا.
سَتَرَى عُيُونُكُمُ القُدْسَ مَسكَنًا آمِنًا
وَخَيْمَةً ثَابِتَةً لَا تُخلَعُ أوتَادُهَا،
وَلَا يَنْقَطِعُ حَبلٌ مِنْ حِبَالِهَا.
21 لِأنَّ اللهَ سَيَتَعَظَّمُ هُنَاكَ،
مِثْلَ أرْضٍ مَلِيئَةٍ بِالأنهَارِ وَالجَدَاوِلِ العَرِيضَةِ
الَّتِي لَا تَسِيرُ عَلَيْهَا قَوُارِبُ التَّجدِيفِ،
وَلَا تَعْبُرُهَا سُفُنُ العَدُوِّ الضَّخمَةُ.
22 لِأنَّ اللهَ هُوَ قَاضِينَا،
وَهُوَ يُعطِينَا الشَّرِيعَةَ.
هُوَ مَلِكُنَا، وَهُوَ يُخَلِّصُنَا.
23 انحَلَّتْ حِبَالُ الأشْرَارِ،
وَلَمْ تَعُدْ تُمسِكُ بِقَاعِدَةِ السَّارِيَةِ لِتُثَبِّتَهَا.
لَمْ يَعُودُوا يَنْصِبُونَ الأشرِعَةَ.
حِينَئِذٍ، سَتُقَسَّمُ غَنِيمَةٌ كَبِيرَةٌ،
وَحَتَّى العُرجُ سَيَنَالُونَ نَصِيبًا مِنَ الغَنِيمَةِ.
24 لَنْ يَكُونَ بَيْنَ سَاكِنِيهَا مَنْ يَقُولُ:
«أنَا مَرِيضٌ.»
وَالشَّعْبُ السَّاكِنُ هُنَاكَ،
سَيَكُونُ مَغفُورَ الخَطَايَا.

عِقَابُ اللهِ لِأعْدَائِه

34 اقتَرِبِي أيَّتُهَا الأُمَمُ لِتَسْمَعِي،
وَأصغِي أيَّتُهَا الشُّعُوبُ.
لِتَسْمَعِ الأرْضُ وَكُلُّ مَا فِيهَا،
العَالَمُ وَمَا فِيهِ.
لِأنَّ اللهَ غَاضِبٌ عَلَى الأُمَمِ وَعَلَى جُيُوشِهِمْ.
وَقَدْ سَلَّمَهُمْ لِلهَلَاكِ الكَامِلِ وَالذَّبحِ.
قَتلَاهُمْ سَيُرمَوْنَ.
سَتَنْبَعِثُ رَائِحَةُ جُثَثِهِمْ،
وَتَفِيضُ دِمَاؤُهُمْ عَلَى الجِبَالُ.
سَتَذُوبُ جُندُ السَّمَاءِ،
وَتَلْتَفُّ السَّمَاوَاتُ كَوَرَقَةٍ.
جُندُهَا سَيَذْبُلُونَ،
مِثْلَ أورَاقِ الكَرمَةِ،
وَمِثْلَ حَبَّاتِ التِّينِ.

يَقُولُ اللهُ: «عِنْدَمَا يَرْتَوِي سَيفِي بِمَا يَعْمَلُهُ فِي السَّمَاءِ،
سَيَنْزِلُ لِيُعَاقِبَ أدُومَ، الشَّعْبَ الَّذِي كَرَّسْتُهُ لِلدَّينُونَةِ.»

للهِ سَيفٌ مُغَطَّىً بِالدِّمَاءِ وَالشَّحمِ،
بِدَمِ حِمْلَانٍ وَتُيُوسٍ، وَبِشَحمِ كِلَى كِبَاشٍ.
لِأنَّ اللهَ سَيَعْمَلُ ذَبِيحَةً فِي بُصْرَةَ،
وَمَذْبَحَةً عَظِيمَةً فِي أرْضِ أدُومَ.
وَسَيُذبَحُ مَعَهُمْ بَقَرٌ وَحشِيٌّ وَعُجُولٌ وَثِيرَانٌ.
وَسَتَرْتَوِي أرْضُهُمْ بِالدَّمِ،
وَتُرَابُهُمْ سَيَتَغَطَّى بِالشَّحمِ.
عَيَّنَ اللهُ وَقْتَ عِقَابٍ
وَسَنَةَ جَزَاءٍ مِنْ أجْلِ قَضِيَّةِ صِهْيَوْنَ.
سَتُصبِحُ أنهَارُ أدُومَ كَالزِّفتِ،
وَتُرَابُهَا كَالكِبرِيتِ،
وَأرْضُهَا كَالزِّفتِ المُشْتَعِلِ.
10 وَلَنْ تَنْطَفِئَ النَّارُ لَيْلًا أوْ نَهَارًا،
وَسَيَصْعَدُ دُخَانُهَا إلَى الأبَدِ.
وَسَتَكُونُ خَرِبَةً عَبْرَ الأجيَالِ،
وَلَنْ يَجتَازَ فِيهَا أحَدٌ إلَى الأبَدِ.
11 سَتَمْتَلِكُهَا الصُّقُورُ وَالقنَافِذُ،
وَتعِيشُ فِيهَا البُومُ وَالغِربَانُ.
سَيَجْعَلُهَا اللهُ قَاحِلَةً فَارِغَةً.[b]
12 فَلَا يَبْقَى لَهُمْ مَا يَدْعُونَهُ مَملَكَةً هُنَاكَ.
وَكُلُّ رُؤَسَائِهَا يُصبِحُونَ لَا شَيءَ.
13 سَيَنْمُو الشَّوكُ فِي قُصُورِهَا،
وَالشُّجَيرَاتُ فِي حُصُونِهَا.
سَتُصبِحُ مَسْكَنًا لِلكِلَابِ البَرِّيَّةِ،
وَمَكَانَ سَكَنٍ لِلبُومِ.
14 وَسَتَلْتَقِي هُنَاكَ الحَيَوَانَاتُ البَرِّيَّةُ مَعَ الضِّبَاعِ،
وَسَيُنَادِي المَاعِزُ البَرِّيُّ بَقِيَّةَ القَطِيعِ.
سَتَعِيشُ حَيَوَانَاتُ اللَّيلِ هُنَاكَ وَتَسْتَرِيحُ.
15 سَتَصْنَعُ البُومُ أعشَاشَهَا هُنَاكَ،
وَتَرْقُدُ عَلَى بَيضِهَا،
وَتُرَبِّي صِغَارَهَا تَحْتَ ظَلِّ جَنَاحَيهَا.
وَسَتَجْتَمِعُ هُنَاكَ الصُّقُورُ مَعًا.
16 فَتِّشُوا فِي كِتَابِ اللهِ وَاقرَأُوا،
لِأنَّهُ لَنْ يُفَقَدَ أيٌّ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ.
جَمِيعُ الحَيَوَانَاتِ المَذكُورَةِ سَتَكُونُ مَعًا.
لِأنَّ فَمَ اللهِ أمَرَ، وَرُوحُهُ جَمَعَهَا.
17 ألقَى اللهُ قُرعَةً لِتَحْدِيدِ بُقعَةِ الأرْضِ الَّتِي لَهُمْ.
وَقَسَّمَ الأرْضَ بِخَيطِ القِيَاسِ،
كَي يَمْتَلِكُوهَا إلَى الأبَدِ،
وَيَعِيشُوا هُنَاكَ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ.

تَعْزِيَةُ اللهِ لِشَعْبِه

35 سَتَفْرَحُ البَرِّيَّةُ وَالأرْضُ الجَافَّةُ.
وَسَتَبْتَهِجُ الصَّحرَاءُ وَتُزهِرُ مِثْلَ النَّرجِسِ.
سَتُزهِرُ وَتَفْرَحُ وَتُغَنِّي.
سَتُعْطَى مَجْدَ غَابَاتِ لُبْنَانَ،
وَجَمَالَ جِبَالِ الكَرمِلِ وَسَهلِ شَارُونَ.
فَيَرَوْنَ مَجْدَ اللهِ وَجَلَالَ إلَهِنَا.

شَدِّدُوا الأيَادِي المُرتَخِيَةَ،
وَثَبِّتُوا الرُّكَبَ الضَّعِيفَةَ.
قُولُوا لِلخَائِفِينَ:
«تَشَدَّدُوا، لَا تَخَافُوا، فَهَا هُوَ إلَهُكُمْ.
سَيَأْتِي بِالعِقَابِ وَالمُجَازَاةِ عَلَى أعْدَائِكُمْ.
وَهُوَ سَيَأْتِي وَيُنقِذُكُمْ.»
حِينَئِذٍ، سَتُبصِرُ عُيُونُ العُمِي،
وَآذَانُ الصُّمِّ سَتَسْمَعُ.
حِينَئِذٍ، سَيَقْفِزُ الأعرَجُ كَالغَزَالِ،
وَسَيَهْتِفُ الأخْرَسُ فَرِحًا.
لِأنَّ مِيَاهًا سَتَتَدَفَّقُ فِي البَرِّيَّةِ،
وَجَدَاوِلَ فِي الصَّحرَاءِ.
وَسَيُصبِحُ السَّرَابُ بِركَةَ مَاءٍ،
وَالأرْضُ العَطشَى سَتُصبِحُ يَنَابِيعَ مَاءٍ،
وَفِي مَسكَنِ الكِلَابِ البَرِّيَّةِ وَمَكَانِ رَاحَتِهَا،
سَيَنْبِتُ القَصَبُ وَالنَّبَاتَاتُ الطَّوِيلَةُ.
وَسَتَكُونُ هُنَاكَ طَرِيقٌ وَاسِعَةٌ تُدعَى
«الطَّرِيقَ المُقَدَّسَةَ.»
لَنْ يُسَافِرَ عَلَيْهَا النَّجِسُونَ،
وَلَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا الحَمْقَى،
لَكِنَّهَا لِلمُسْتَقِيمِينَ فَقَطْ.
لَا يَكُونُ عَليْهَا أُسُودٌ،
وَلَا تَسِيرُ فِيهَا حَيَوَانَاتٌ مُفتَرِسَةٌ،
بَلْ يَسِيرُ فِيهَا المَفدِيُّونَ فَقَطْ.
10 وَسَيَرْجِعُ الَّذِينَ فَدَاهُمُ اللهُ،
وَيَدْخُلُونَ صِهْيَوْنَ بِالتَّرنِيمِ،
وَسَيُغَطِّيهِمْ فَرَحٌ أبَدِيٌّ.
سَيَغْمُرُهُمُ الفَرَحُ وَالبَهجَةُ،
وَأمَّا الحُزنُ وَالتَّنَهُّدُ فَسَيَهْرُبَانِ.

Footnotes

  1. 32‏:6 الحَمْقَى وتعني هُنَا أولئكَ الَّذِينَ لَا يهتمونَ بأُمورِ الله.
  2. 34‏:11 قَاحِلَةً فَارِغَةً نفسُ الكلمتينِ فِي كِتَابِ التّكوين 1‏:2.