30 وَعِنْدَمَا تَبَيَّنَتْ رَاحِيلُ أَنَّهَا عَاقِرٌ، غَارَتْ مِنْ أُخْتِهَا، وَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: «هَبْ لِي بَنِينَ وَإلَّا فَإِنِّي أَمُوتُ».

فَاحْتَدَمَ غَضَبُ يَعْقُوبَ عَلَى رَاحِيلَ وَقَالَ: «أَلَعَلِّي أَقُومُ مَقَامَ اللهِ الَّذِي حَرَمَكِ مِنَ الإِنْجَابِ؟» فَقَالَتْ لَهُ: «هَا هِيَ جَارِيَتِي بِلْهَةُ، عَاشِرْهَا فَتَلِدَ وَيَكُونَ لِي مِنْهَا بَنُونَ». وَأَعْطَتْهُ بِلْهَةَ زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ. وَحَمَلَتْ بِلْهَةُ وَأَنْجَبَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً. فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ قَضَى اللهُ لِي وَأَصْغَى لِصَوْتِي وَرَزَقَنِي ابْناً». لِذَلِكَ دَعَتْهُ دَاناً (وَمَعْنَاهُ: قَاضٍ). ثُمَّ حَمَلَتْ بِلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنْجَبَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً ثَانِياً، فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ تَصَارَعْتُ مَعَ أُخْتِي مُصَارَعَاتٍ عَنِيفَةً وَظَفِرْتُ». وَدَعَتْهُ نَفْتَالِي (وَمَعْنَاهُ: مُصَارَعَتِي).

وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا كَفَّتْ عَنِ الْوِلادَةِ، أَخَذَتْ جَارِيَتَهَا زِلْفَةَ وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً، 10 فَأَنْجَبَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ لِيَعْقُوبَ ابْناً 11 فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «يَا لَحُسْنِ الْحَظِّ!» وَدَعَتْهُ جَاداً (وَمَعْنَاهُ: فَأْلٌ حَسَنٌ، أَوْ كَتِيبَةٌ قَادِمَةٌ). 12 وَأَنْجَبَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةُ ابْناً ثَانِياً لِيَعْقُوبَ، 13 فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «يَا لَغِبْطَتِي، لأَنَّ النِّسَاءَ سَيَدْعُونَنِي الْمَغْبُوطَةَ». وَأَسْمَتْهُ أَشِيْرَ (وَمَعْنَاهُ: سَعِيدٌ أَوْ مَغْبُوطٌ).

14 وَذَهَبَ رَأُوبَيْنُ فِي مَوْسِمِ حَصَادِ الْقَمْحِ إِلَى الْحَقْلِ، فَعَثَرَ فِيهِ عَلَى نَبَاتِ اللُّفَّاحِ وَجَاءَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ لَيْئَةَ. فَقَالَتْ رَاحِيلُ لِلَيْئَةَ: «أَعْطِنِي مِنْ لُفَّاحِ ابْنِكِ». 15 فَأَجَابَتْهَا: «أَلَمْ يَكْفِ أَنَّكِ أَخَذْتِ مِنِّي زَوْجِي، وَالآنَ تُرِيِدينَ أَنْ تَأْخُذِي لُفَّاحَ ابْنِي أَيْضاً؟» فَأَجَابَتْهَا رَاحِيلُ: «إِذاً يُعَاشِرُكِ اللَّيلَةَ لِقَاءَ لُفَّاحِ ابْنِكِ». 16 وَعِنْدَمَا رَجَعَ يَعْقُوبُ مِنَ الْحَقَلِ فِي الْمَسَاءِ خَرَجَتْ لَيْئَةُ لِلِقَائِهِ وَقَالَتْ لَهُ: «إِلَيَّ تَجِيءُ اللَّيْلَةَ لأَنَّنِي قَدِ اسْتَأْجَرْتُكَ بِلُفَّاحِ ابْنِي». فَعَاشَرَهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ. 17 وَاسْتَجَابَ اللهُ لِلَيْئَةَ فَحَمَلَتْ وَأَنْجَبَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً خَامِساً. 18 فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «قَدْ أَعْطَانِي اللهُ أُجْرَتِي لأَنَّنِي وَهَبْتُ جَارِيَتِي لِزَوْجِي». وَدَعَتْهُ يَسَّاكَرَ (وَمَعْنَاهُ: يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ) 19 وَحَبِلَتْ لَيْئَةُ مَرَّةً أُخْرَى فَأَنْجَبَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً سَادِساً. 20 وَقَالَتْ لَيْئَةُ: «قَدَ وَهَبَنِي اللهُ هِبَةً ثَمِينَةً، وَالآنَ يُقِيمُ مَعِي زَوْجِي لأَنِّي أَنْجَبْتُ لَهُ سِتَّةَ بَنِينَ». وَدَعَتْهُ زَبُولُونَ (وَمَعْنَاهُ إِقَامَةُ). 21 ثُمَّ أَنْجَبَتِ ابْنَةً دَعَتْهَا «دِينَةَ».

22 وَذَكَرَ اللهُ رَاحِيلَ وَاسْتَجَابَ لَهَا وَفَتَحَ رَحِمَهَا، 23 فَحَمَلَتْ وَأَنْجَبَتِ ابْناً وَقَالَتْ: «قَدَ نَزَعَ اللهُ عَنِّي عَارِي». 24 وَدَعَتْهُ يُوسُفَ (وَمَعْنَاهُ يَزِيدُ) قَائِلَةً: «لِيَزِدْنِي الرَّبُّ ابْناً آخَرَ».

قطعان يعقوب تزداد

25 وَعِنْدَمَا وَلَدَتْ رَاحِيلُ يُوسُفَ، قَالَ يَعْقُوبُ لِلابَانَ: «أَخْلِ سَبِيلِي فَأَنْطَلِقَ إِلَى بَلَدِي وَإِلَى أَرْضِي، 26 وَأَعْطِنِي نِسَائِي وَأَوْلادِي الَّذِينَ خَدَمْتُكَ بِهِمْ، وَدَعْنِي أَمْضِي، فَأَنْتَ تُدْرِكُ أَيَّةَ خِدْمَةٍ خَدَمْتُكَ». 27 فَقَالَ لَهُ لابَانُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ حَظِيتُ بِرِضَاكَ فَأَرْجُوكَ أَنْ تَمْكُثَ مَعِي، لأَنَّنِي عَرَفْتُ بِالتَّفَاؤُلِ بِالْغَيْبِ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ بَارَكَنِي بِفَضْلِكَ». 28 وَأَضَافَ: «عَيِّنْ لِي أُجْرَتَكَ فَأُعْطِيَكَ إِيَّاهَا». 29 فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ: «أَنْتَ تَعْلَمُ كَيْفَ خَدَمْتُكَ، وَمَاذَا آلَتْ إِلَيْهِ مَوَاشِيكَ تَحْتَ رِعَايَتِي، 30 فَالْقَلِيلُ الَّذِي كَانَ لَكَ قَبْلَ مَجِيئِي ازْدَادَ أَضْعَافاً كَثِيرَةً، فَبَارَكَكَ الرَّبُّ مُنْذُ أَنْ قَدِمْتُ عَلَيْكَ، وَالآنَ مَتَى أَشْرَعُ فِي تَحْصِيلِ رِزْقِ عَائِلَتِي؟» 31 فَسَأَلَهُ: «مَاذَا أُعْطِيكَ؟» فَأَجَابَهُ يَعْقُوبُ: «لا تُعْطِنِي شَيْئاً. وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ، فَاصْنَعْ لِي هَذَا الأَمْرَ الْوَاحِدَ فَأَذْهَبَ وَأَرْعَى غَنَمَكَ وَأَعْتَنِيَ بِها: 32 دَعْنِي أَمُرُّ الْيَوْمَ بَيْنَ مَوَاشِيكَ كُلِّهَا، فَتَعْزِلَ مِنْهَا كُلَّ شَاةٍ رَقْطَاءَ وَبَلْقَاءَ وَسَوْدَاءَ مِنْ بَيْنِ الْخِرْفَانِ، وَكُلَّ بَلْقَاءَ وَرَقْطَاءَ بَيْنَ الْمِعْزَى، فَتَكُونُ هَذِهِ أُجْرَتِي. 33 وَتَكُونُ أَمَانَتِي شَاهِدَةً عَلَى صِدْقِ خِدْمَتِي فِي مُسْتَقْبَلِ الأَيَّامِ. فَإِذَا جِئْتَ تَفْحَصُ أُجْرَتِي، وَوَجَدْتَ عِنْدِي مَا لَيْسَ أَرْقَطَ أَوْ أَبْلَقَ بَيْنَ الْمِعْزَى وَأَسْوَدَ بَيْنَ الْخِرْفَانِ، يَكُونُ مَسْرُوقاً عِنْدِي». 34 فَقَالَ لابَانُ: «لِيَكُنْ وَفْقاً لِقَوْلِكَ». 35 وَعَزَلَ لابَانُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ التُّيُوسَ الْمُخَطَّطَةَ وَالْبَلْقَاءَ، وَكُلَّ عَنْزٍ رَقْطَاءَ وَبَلْقَاءَ، كُلَّ مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَكُلَّ خَرُوفٍ أَسْوَدَ. وَعَهِدَ بِها إِلَى أَبْنَاءِ يَعْقُوبَ. 36 وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَعْقُوبَ مَسَافَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَاسْتَمَرَّ يَعْقُوبُ يَرْعَى مَوَاشِي لابَانَ.

37 وَأَخَذَ يَعْقُوبُ قُضْبَاناً خَضْرَاءَ مِنْ أَشْجَارِ اللُّبْنَى وَاللَّوْزِ وَالدُّلْبِ وَقَلَّمَهَا بِخُطُوطٍ بَيْضَاءَ كَاشِفاً عَمَّا تَحْتَ الْقِشْرَةِ مِنْ بَيَاضٍ، 38 وَنَصَبَ الْقُضْبَانَ الَّتِي قَلَّمَهَا تِجَاهَ الْغَنَمِ فِي أَجْرَانِ مَسَاقِي الْمَاءِ حَيْثُ تَرِدُ الْمَوَاشِي، فَتَتَوَحَّمُ عَلَيْهَا إِذَا مَا أَقْبَلَتْ لِتَشْرَبَ. 39 فَكَانَتِ الْغَنَمُ تَتَوَحَّمُ عِنْدَ الْقُضْبَانِ، فَتَلِدُ غَنَماً مُخَطَّطَةً وَرَقْطَاءَ وَبَلْقَاءَ. 40 وَفَرَزَ يَعْقُوبُ الْحُمْلانَ، وَجَعَلَ مُقَدِّمَةَ الْمَوَاشِي فِي مُوَاجَهَةِ كُلِّ مَا هُوَ مُخَطَّطٌ وَأَسْوَدُ مِنْ غَنَمِ لابَانَ، وَأَقَامَ لِنَفْسِهِ قُطْعَاناً عَلَى حِدَةٍ بِمَعْزِلٍ عَنْ غَنَمِ لابَانَ. 41 فَكَانَ يَعْقُوبُ كُلَّمَا تَوَحَّمَتِ الْغَنَمُ الْقَوِيَّةُ يَنْصِبُ الْقُضْبَانَ أَمَامَ عُيُونِ الْمَوَاشِي فِي الأَجْرَانِ لِتَتَوَحَّمَ بَيْنَ الْقُضْبَانِ. 42 وَحِينَ تَكُونُ الْغَنَمُ ضَعِيفَةً، لَا يَضَعُ الْقُضْبَانَ أَمَامَهَا، فَصَارَتِ الضَّعِيفَةُ لِلابَانَ وَالْقَوِيَّةُ لِيَعْقُوبَ. 43 فَاغْتَنَى الرَّجُلُ جِدّاً، وَكَثُرَتْ مَوَاشِيهِ وَجَوَارِيهِ وَعَبِيدُهُ وَجِمَالُهُ وَحَمِيرُهُ.

يعقوب يهرب من لابان

31 وَسَمِعَ يَعْقُوبُ مَا يُرَدِّدُهُ أَبْنَاءُ لابَانَ قَائِلِينَ: «لَقَدِ اسْتَوْلَى يَعْقُوبُ عَلَى كُلِّ مَا لأَبِينَا، وَجَمَعَ ثَرْوَتَهُ مِمَّا يَمْلِكُهُ وَالِدُنَا». وَرَأَى يَعْقُوبُ أَنَّ مُعَامَلَةَ لابَانَ لَهُ قَدْ طَرَأَ عَلَيْهَا تَغْيِيرٌ فَاخْتَلَفَتْ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ سَابِقاً. وَقَالَ الرَّبُّ لِيَعْقُوبَ: «عُدْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكَ وَإِلَى قَوْمِكَ وَأَنَا أَكُونُ مَعَكَ».

فَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ وَاسْتَدْعَى رَاحِيلَ وَلَيْئَةَ إِلَى الْحَقْلِ حَيْثُ يَرْعَى الْمَاشِيَةَ. وَقَالَ لَهُمَا: «إِنِّي أَرَى أَنَّ أَبَاكُمَا لَمْ يَعُدْ يُعَامِلُنِي كَالْعَهْدِ بِهِ مِنْ قَبْلُ، وَلَكِنْ إِلَهُ أَبَائِي كَانَ وَمَازَالَ مَعِي. أَنْتُمَا تَعْلَمَانِ أَنَّنِي خَدَمْتُ أَبَاكُمَا بِكُلِّ قُوَايَ. أَمَّا أَبُوكُمَا فَقَدْ غَدَرَ بِي وَغَيَّرَ أُجْرَتِي عَشْرَ مَرَّاتٍ. لَكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِأَنْ يُسِيءَ إِلَيَّ. فَإِنْ قَالَ: لِتَكُنِ الْغَنَمُ الرُّقْطُ أُجْرَتَكَ، وَلَدَتْ كُلُّ الْغَنَمِ رُقْطاً. وَإِنْ قَالَ: لِتَكُنِ الْغَنَمُ الْمُخَطَّطَةُ أُجْرَتَكَ، وَلَدَتْ كُلُّ الْغَنَمِ مُخَطَّطَةً. لَقَدْ سَلَبَ اللهُ مَوَاشِي أَبِيكُمَا وَأَعْطَانِي إِيَّاهَا. 10 وَرَأَيْتُ فِي مَوْسِمِ تَلاقُحِ الْغَنَمِ حُلْماً: أَنَّ جَمِيعَ الْفُحُولِ الصَّاعِدَةِ عَلَى الْغَنَمِ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ. 11 وَقَالَ لِي مَلاكُ اللهِ فِي الْحُلْمِ: يَا يَعْقُوبُ، 12 تَطَلَّعْ حَوْلَكَ وَانْظُرْ، فَتَرَى أَنَّ جَمِيعَ الْفُحُولِ الصَّاعِدَةِ عَلَى الْغَنَمِ هِيَ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ. فَإِنِّي رَأَيْتُ مَا يَصْنَعُهُ بِكَ لابَانُ. 13 أَنَا إِلَهُ بَيْتِ إِيلَ، حَيْثُ مَسَحْتَ عَمُوداً، وَحَيْثُ نَذَرْتَ لِي نَذْراً. الآنَ قُمْ وَامْضِ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ وَارْجِعْ إِلَى أَرْضِ مَوْلِدِكَ».

14 فَقَالَتْ رَاحِيلُ وَلَيْئَةُ: «هَلْ بَقِيَ لَنَا نَصِيبٌ وَمِيرَاثٌ فِي بَيْتِ أَبِينَا؟ 15 أَلَمْ يُعَامِلْنَا كَأَجْنَبِيَّتَيْنِ لأَنَّهُ بَاعَنَا وَأَكَلَ ثَمَنَنَا أَيْضاً؟ 16 إِنَّ كُلَّ الثَّرْوَةِ الَّتِي سَلَبَهَا اللهُ مِنْ أَبِينَا هِيَ لَنَا وَلأَوْلادِنَا، وَالآنَ افْعَلْ كُلَّ مَا قَالَهُ اللهُ لَكَ».

17 فَقَامَ يَعْقُوبُ وَحَمَلَ أَوْلادَهُ وَنِسَاءَهُ عَلَى الْجِمَالِ، 18 وَسَاقَ كُلَّ مَاشِيَتِهِ أَمَامَهُ وَجَمِيعَ مُقْتَنَيَاتِهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا فِي سَهْلِ أَرَامَ وَاتَّجَهَ إِلَى إِسْحاقَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. 19 وَكَانَ لابَانُ قَدْ مَضَى لِيَجُزَّ غَنَمَهُ، فَسَرَقَتْ رَاحِيلُ أَصْنَامَ أَبِيهَا. 20 وَكَذَلِكَ خَدَعَ يَعْقُوبُ لابَانَ الأَرَامِيَّ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِقَرَارِهِ 21 فَهَرَبَ هُوَ وَكُلُّ مَا مَعَهُ، وَانْطَلَقَ عَابِراً النَّهْرَ مُتَوَجِّهاً نَحْوَ جَبَلِ جِلْعَادَ.

لابان يطارد يعقوب

22 فَأُخْبِرَ لابَانُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَنَّ يَعْقُوبَ قَدْ هَرَبَ. 23 فَصَحِبَ إِخْوَتَهُ مَعَهُ وَتَعَقَّبَهُ مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ حَتَّى أَدْرَكَهُ فِي جَبَلِ جِلْعَادَ. 24 فَتَجَلَّى اللهُ لِلابَانَ الأَرَامِيِّ فِي حُلْمٍ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «إِيَّاكَ أَنْ تُخَاطِبَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ بِشَرٍّ». 25 وَحِينَ أَدْرَكَ لابَانُ يَعْقُوبَ كَانَ يَعْقُوبُ قَدْ ضَرَبَ خَيْمَتَهُ فِي الْجَبَلِ، فَخَيَّمَ لابَانُ وَإخْوَتُهُ فِي جَبَلِ جِلْعَادَ.

26 وَقَالَ لابَانُ لِيَعْقُوبَ: «مَاذَا دَهَاكَ حَتَّى إِنَّكَ خَدَعْتَنِي وَسُقْتَ ابْنَتَيَّ كَسَبَايَا السَّيْفِ؟ 27 لِمَاذَا هَرَبْتَ خِفْيَةً وَخَدَعْتَنِي؟ لِمَاذَا لَمْ تُخْبِرْنِي فَكُنْتُ أُشَيِّعُكَ بِفَرَحٍ وَغِنَاءٍ وَدُفٍّ وَعُودٍ؟ 28 وَلَمْ تَدَعْنِي أُقَبِّلُ أَحْفَادِي وَابْنَتَيَّ؟ إِنَّكَ بِغَبَاوَةٍ تَصَرَّفْتَ. 29 إنَّ فِي مَقْدُورِي أَنْ أُؤْذِيَكَ، وَلِكِنَّ إِلَهَ أَبِيكَ أَمَرَنِي لَيْلَةَ أَمْسٍ قَائِلاً: إِيَّاكَ أَنْ تُخَاطِبَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ بِشَرٍّ. 30 وَالآنَ أَنْتَ تَمْضِي لأَنَّكَ اشْتَقْتَ إِلَى بَيْتِ أَبِيكَ، وَلَكِنْ لِمَاذَا سَرَقْتَ آلِهَتِي؟».

31 فَأَجَابَ يَعْقُوبُ: «لأَنَّنِي خِفْتُ أَنْ تَغْتَصِبَ ابْنَتَيْكَ مِنِّي. 32 وَالآنَ، مَنْ تَجِدُ آلِهَتَكَ مَعَهُ فَالْمَوْتُ عِقَابُهُ. فَتِّشْ أَمَامَ إِخْوَتِنَا كُلَّ مَا مَعِي. إِنْ وَجَدْتَ لَكَ شَيْئاً فَخُذْهُ». وَلَمْ يَكُنْ يَعْقُوبُ يَعْلَمُ أَنَّ رَاحِيلَ قَدْ سَرَقَتِ الآلِهَةَ.

33 فَدَخَلَ لابَانُ خَيْمَةَ كُلٍّ مِنْ يَعْقُوبَ وَلَيْئَةَ وَالْجَارِيَتَيْنِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ خِبَاءِ لَيْئَةَ وَدَخَلَ إِلَى خَيْمَةِ رَاحِيلَ. 34 وَكَانَتْ رَاحِيلُ قَدْ أَخَذَتِ الأَصْنَامَ وَأَخْفَتْهَا فِي رَحْلِ الْجَمَلِ وَجَلَسَتْ عَلَيْهَا، فَبَحَثَ فِي كُلِّ الْخَيْمَةِ دُونَ أَنْ يَعْثُرَ عَلَى شَيْءٍ. 35 وَقَالَتْ لأَبِيهَا «لا يُسِئْكَ يَا سَيِّدِي عَدَمُ اسْتِطَاعَتِي الْوُقُوفَ أَمَامَكَ لأَنَّ عَادَةَ النِّسَاءِ قَدْ عَرَضَتْ لِي». وَعِنْدَمَا بَحَثَ لابَانُ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً 36 اغْتَاظَ يَعْقُوبُ وَخَاصَمَ لابَانَ قَائِلاً: «مَا هُوَ ذَنْبِي وَمَا هِيَ خَطِيئَتِي حَتَّى تَعَقَّبْتَنِي بِغَيْظٍ؟ 37 وَهَا أَنْتَ قَدْ فَتَّشْتَ جَمِيعَ أَثَاثِ بَيْتِي، فَمَاذَا وَجَدْتَ مِنْ جَمِيعِ أَثَاثِ بَيْتِكَ؟ اعْرِضْهُ هُنَا أَمَامَ أَقْرِبَائِنَا فَيَحْكُمُوا بَيْنَنَا كِلَيْنَا. 38 لَقَدْ مَكَثْتُ مَعَكَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَمَا أَسْقَطَتْ نِعَاجُكَ وَعِنَازُكَ، وَلَمْ آكُلْ مِنْ كِبَاشِ غَنَمِكَ. 39 أَشْلاءَ فَرِيسَةٍ لَمْ أُحْضِرْ لَكَ بَلْ كُنْتُ أَتَحَمَّلُ خَسَارَتَهَا، وَمِنْ يَدِي كُنْتَ تَطْلُبُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مَخْطُوفَةً فِي النَّهَارِ أَمْ فِي اللَّيْلِ. 40 كُنْتُ فِي النَّهَارِ يَأْكُلُنِي الْحَرُّ وَفِي اللَّيْلِ الْجَلِيدُ، وَفَارَقَ نَوْمِي عَيْنَيَّ. 41 لَقَدْ صَارَ لِي عِشْرُونَ سَنَةً فِي بَيْتِكَ. أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْهَا خَدَمْتُكَ لِقَاءَ زَوَاجِي بِابْنَتَيْكَ، وَسِتَّ سَنَوَاتٍ مُقَابِلَ غَنَمِكَ، وَقَدْ غَيَّرْتَ أُجْرَتِي عَشْرَ مَرَّاتٍ. 42 وَلَوْلا أَنَّ إِلَهَ أَبِي، إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَهَيْبَةَ إِسْحاقَ كَانَا مَعِي لَكُنْتَ الآنَ قَدْ صَرَفْتَنِي فَارِغاً. لَكِنِ الرَّبُّ قَدْ رَأَى مَذَلَّتِي وَتَعَبَ يَدَيَّ فَوَبَّخَكَ لَيْلَةَ أَمْسِ».

43 فَأَجَابَ لابَانُ: «الْبَنَاتُ بَنَاتِي، وَالأَبْنَاءُ أَبْنَائِي وَالْغَنَمُ غَنَمِي، وَكُلُّ مَا تَرَاهُ هُوَ لِي. وَلَكِنْ مَاذَا أَفْعَلُ بِبَنَاتِي وَأَوْلادِهِنَّ الآنَ؟ 44 فَلْنَقْطَعْ عَهْداً بَيْنَنَا الْيَوْمَ، فَيَكُونَ شَاهِداً بَيْنِي وَبَيْنَكَ».

45 فَأَخَذَ يَعْقُوبُ حَجَراً وَنَصَبَهُ عَمُوداً، 46 وَقَالَ لأَقْرِبَائِهِ: «اجْمَعُوا حِجَارَةً». فَأَخَذُوا الْحِجَارَةَ وَجَعَلُوهَا رُجْمَةً وَأَكَلُوا هُنَاكَ فَوْقَهَا. 47 وَدَعَاهَا لابَانُ «يَجَرْ سَهْدُوثَا» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ لابَانَ) وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَدَعَاهَا «جَلْعِيدَ» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ يَعْقُوبَ). 48 وَقَالَ لابَانُ: «هَذِهِ الرُّجْمَةُ شَاهِدَةٌ الْيَوْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ». لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا جَلْعِيدَ. 49 وَكَذَلِكَ دُعِيَتْ بِالْمِصْفَاةِ أَيْضاً لأَنَّهُ قَالَ: «لِيَكُنِ الرَّبُّ رَقِيباً بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِينَ يَغِيبُ كُلٌّ مِنَّا عَنِ الآخَرِ. 50 إِنْ أَسَأْتَ مُعَامَلَةَ ابْنَتَيَّ، أَوْ تَزَوَّجْتَ عَلَيْهِمَا، فَإِنَّ اللهَ يَرَاكَ وَيَكُونُ حَاكِماً بَيْنِي وَبَيْنَكَ حَتَّى لَوْ لَمْ أَعْرِفْ أَنَا». 51 وَأَضَافَ: «لِتَكُنِ الرُّجْمَةُ، وَهَذَا الْعَمُودُ الَّذِي أَقَمْتُهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ 52 شَاهِدَيْنِ أَنْ لَا أَتَجَاوَزَ هَذِهِ الرُّجْمَةَ لإِيقَاعِ الأَذَى بِكَ، أَوْ تَتَجَاوَزَ أَنْتَ الرُّجْمَةَ وَهَذَا الْعَمُودَ لإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِي. 53 وَلْيَكُنْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ نَاحُورَ وَإِلَهُ أَبِيهِمَا حَاكِماً بَيْنَنَا». فَحَلَفَ يَعْقُوبُ بِهَيْبَةِ أَبِيهِ إِسْحاقَ. 54 ثُمَّ قَدَّمَ يَعْقُوبُ قُرْبَاناً فِي الْجَبَلِ وَدَعَا أَقْرِبَاءَهُ لِيَأْكُلُوا طَعَاماً، فَأَكَلُوا وَقَضَوْا لَيْلَتَهُمْ فِي الْجَبَلِ.

55 وَفِي الصَّبَاحِ الْمُبَكِّرِ نَهَضَ لابَانُ وَقَبَّلَ أَحْفَادَهُ وَابْنَتَيْهِ وَبَارَكَهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعاً، إِلَى مَحَلِّ إِقَامَتِهِ.

30 وَلَمَّا رَأتْ رَاحِيلُ أنَّهَا لَا تُنجِبُ أبْنَاءً لِيَعْقُوبَ، غَارَتْ مِنْ أُختِهَا. فَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: «أعْطِنِي أبْنَاءَ، وَإلَّا مِتُّ!»

فَغَضِبَ يَعْقُوبُ مِنْ رَاحِيلَ. وَقَالَ لَهَا: «أأنَا اللهُ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ الإنْجَابَ؟»

فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «هَا خَادِمَتِي بِلْهَةُ أمَامَكَ. فَعَاشِرْهَا لِكَي تَلِدَ لِي ابْنًا،[a] فَيَكُونَ لِي عَائِلَةٌ مِنْهَا.»

فَزَوَّجَتْهُ رَاحِيلُ مِنْ خَادِمَتِهَا بِلْهَةَ، فَعَاشَرَهَا. فَحَبِلَتْ بِلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنًا.

فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «لَقَدْ سَمِعَ اللهُ صَلَاتِي وَأنصَفَنِي إذْ رَزَقَنِي بِوَلَدٍ.» وَلِهَذَا سَمَّتْهُ رَاحِيلُ دَانًا.[b]

وَحَبِلَتْ بِلْهَةُ، خَادِمَةُ رَاحِيلَ، مَرَّةً أُخْرَى وَوَلَدَتْ ابْنًا ثَانِيًا. فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «جَاهَدْتُ ضِدَّ أُختِي جِهَادًا عَظِيمًا، وَفُزْتُ.» فَسَمَّتْهُ رَاحِيلُ نَفْتَالِي.[c]

وَرَأتْ لَيئَةُ أنَّهَا لَمْ تَعُدْ تُنجِبُ. فَأخَذَتْ خَادِمَتَهَا زِلْفَةَ وَزَوَّجَتْهَا مِنْ يَعْقُوبَ. 10 فَأنْجَبَتْ زِلْفَةُ، خَادِمَةُ لَيئَةَ، لِيَعْقُوبَ ابْنًا، 11 فَقَالَتْ لَيئَةُ: «يَا لِسَعْدِي!» فَسَمَّتْهُ جَادًا.[d] 12 ثُمَّ أنْجَبَتْ خَادِمَةُ لَيئَةَ ابْنًا ثَانِيًا. 13 وَقَالَتْ لَيئَةُ: «هَنِيئًا لِي، لِأنَّ الفَتَيَاتِ ستُبَارِكُ لِي.» فَأسْمَتْهُ أشِيرَ.[e]

14 وَفِي أيَّامِ حَصَادِ القَمْحِ، خَرَجَ رَأُوبَينُ فَوَجَدَ بَعْضَ اللُّفَّاحِ[f] فِي الحَقْلِ. فَأحْضَرَهُ إلَى أُمِّهِ لَيئَةَ. فَقَالَتْ رَاحِيلُ لِلَيئَةَ: «أعْطِينِي مِنْ فَضْلِكِ بَعْضًا مِنَ اللُّفَّاحِ الَّذِي جَلَبَهُ ابْنُكِ.»

15 لَكِنَّ لَيئَةَ قَالَتْ لَهَا: «ألَمْ يَكْفِكِ أنَّكِ أخَذْتِ زَوْجِي مِنِّي؟ فَهَلْ تُرِيدِينَ أنْ تَأْخُذِي لُفَّاحَ ابْنِي أيْضًا؟»

فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «إذًا لِيُعَاشِرْكِ يَعْقُوبُ هَذِهِ اللَّيلَةَ مُقَابِلَ لُفَّاحِ ابْنِكِ.»

16 وَلَمَّا رَجِعَ يَعْقُوبُ مِنَ الحَقْلِ فِي المَسَاءِ، خَرَجَتْ لَيئَةُ لِلِقَائِهِ. وَقَالَتْ: «سَتَنَامُ عِندِي اللَّيلَةَ، لِأنِّي دَفَعْتُ مُقَابِلَ ذَلِكَ لُفَّاحَ ابْنِي.» فَعَاشَرَهَا يَعْقُوبُ فِي تِلْكَ اللَّيلَةِ.

17 وَاسْتَجَابَ اللهُ لِصَلَاةِ لَيئَةَ، فَحَبِلَتْ وَأنْجَبَتْ ابْنًا خَامِسًا لِيَعْقُوبَ. 18 فَقَالَتْ لَيئَةُ: «أعطَانِي اللهُ مُكَافَأتِي، لِأنِّي أعْطَيْتُ خَادِمَتِي زَوْجَةً لِزَوْجِي.» فَسَمَّتْهُ يَسَّاكَرَ.[g]

19 وَحَبِلَتْ لَيئَةُ مَرَّةً أُخْرَى وَأنْجَبَتْ ابْنًا سَادِسًا لِيَعْقُوبَ.

20 وَقَالَتْ لَيئَةُ: «أعطَانِي اللهُ عَطِيَّةً رَائِعَةً. وَالْآنَ سَيُكرِمُنِي زَوْجِي، لِأنِّي أنجَبْتُ لَهُ ابْنًا سَادِسًا.» فَسَمَّتْهُ زَبُولُونَ.[h] 21 وَأنْجَبَتْ لَيئَةُ فِيمَا بَعْدُ بِنْتًا أسْمَتْهَا دِينَةَ.

22 ثُمَّ تَذَكَّرَ اللهُ رَاحِيلَ وَاسْتَجَابَ لِصَلَاتِهَا. وَمَكَّنَهَا مِنَ الإنجَابِ. 23 فَحَبِلَتْ رَاحِيلُ وَوَلَدَتِ ابْنًا. فَقَالَتْ: «لَقَدْ نَزَعَ اللهُ عَنِّي عَارِي.» 24 وَسَمَّتْهُ يُوسُفَ.[i] وَقَالَتْ: «لَيتَ اللهَ يَزِيدُنِي ابْنًا آخَرَ.»

يَعْقُوبُ يَخْدَعُ لَابَان

25 وَلَمَّا وَلَدَتْ رَاحِيلُ يُوسُفَ، قَالَ يَعْقُوبُ لِلَابَانَ: «اسْمَحْ لِي بِأنْ أعُودَ إلَى بَيْتِي وَأرْضِي. 26 وَاسْمَحْ لِي بِأنْ آخُذَ مَعِي زَوْجَاتِي وَأبْنَائِي. لَقَدْ خَدَمْتُكَ مُقَابِلَهُمْ. ائْذَنْ لِي وَسَأنطَلِقُ. فَأنْتَ تَعْلَمُ كَيفَ خَدَمْتُكَ.»

27 فَقَالَ لَهُ لَابَانُ: «لَيتَكَ تَرْضَى عَنِّي. قَدْ تَفَاءَلْتُ بِالبَرَكَةِ، فَبَارَكَنِي اللهُ بِسَبَبِكَ.» 28 ثُمَّ قَالَ: «قُلْ كَمْ لَكَ عَلَيَّ، وَأنَا سَأدفَعُ لَكَ.»

29 فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ: «أنْتَ تَعْلَمُ كَيفَ خَدَمْتُكَ وَكَيفَ اعتَنَيتُ بِمَاشِيَتِكَ. 30 فَمَا كَانَ عِنْدَكَ قَبْلَ أنْ آتِيَ كَانَ قَلِيلًا، وَأمَّا الآنَ فَلَدَيكَ كَثِيرٌ. وَقَدْ بَارَكَكَ اللهُ فِي كُلِّ مَا صَنَعَتَ. لَكِنْ مَتَى سَأعمَلُ مِنْ أجْلِ عَائِلَتِي أنَا أيْضًا؟»

31 فَقَالَ لَابَانُ: «مَاذَا تُرِيدُنِي أنْ أُعْطِيَكَ؟»

فَقَالَ يَعْقُوبُ: «لَا أُرِيدُ أنْ تُعطِيَنِي شَيْئًا. لَكِنْ إنْ قَبِلْتَ أنْ تَفْعَلَ هَذَا الأمْرَ مِنْ أجْلِي، فَسَأرْعَى وَأحرُسُ مَوَاشِيَكَ مَرَّةً أُخْرَى. 32 سَأمُرُّ اليَوْمَ بَيْنَ كُلِّ مَاشِيَتِكَ. وَسَأنتَقِي كُلَّ شَاةٍ مُرَقَّطَةٍ وَمُخَطَّطَةٍ، وَكُلَّ حَمَلٍ أسْوَدَ بَيْنَ الحِمْلَانِ. وَكُلَّ مِعْزَاةٍ مُرَقَّطَةٍ وَمُخَطَّطَةٍ. وَهَذَا يَكُونُ أجْرِي. 33 وَسَتَشْهَدُ نَزَاهَتِي عَنِّي فِيمَا بَعْدُ عِنْدَمَا تَتَفَقَّدُ أجْرِي. فَكُلُّ مَا لَيسَ مُخَطَّطًا وَمُرَقَّطًا بَيْنَ المِعزَى، وَكُلُّ مَا لَيسَ أسْوَدَ بَيْنَ الخِرَافِ تَجِدُهُ عِندِي، فَهُوَ يُعتَبَرُ مَسْرُوقًا.»

34 فَقَالَ لَابَانُ: «اتَّفَقْنَا! لِيَتِمَّ الأمْرُ حَسَبَ مَا قُلْتَ.» 35 لَكِنَّ لَابَانَ قَامَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ بِعَزْلِ كُلِّ التُّيُوسِ المُخَطَّطَةِ وَالمُرَقَّطَةِ، وَكُلِّ المَاعِزِ المُخَطَّطَةِ وَالمُرَقَّطَةِ، وَكُلِّ مَا عَلَيْهِ بَيَاضٌ، وَكُلِّ الحِمْلَانِ السَّوْدَاءِ. وَأعْطَاهَا لِأبْنَائِهِ. 36 ثُمَّ أخَذَ هَذِهِ الحَيَوَانَاتِ إلَى مَكَانٍ يَبْعُدُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ عَنْ يَعْقُوبَ. أمَّا يَعْقُوبُ فَبَقِيَ وَرَعَى مَا تَبَقَّى مِنْ مَوَاشِي لَابَانَ.

37 فَأخَذَ يَعْقُوبُ أغْصَانًا طَرِيَّةً مِنْ أشْجَارِ الحَوْرِ وَاللَّوْزِ وَالدُّلْبِ. وَقَشَّرَهَا لِتَظْهَرَ عَلَيهَا خُطُوطٌ بَيْضَاءَ. 38 ثُمَّ وَضَعَ الأغْصَانَ الَّتِي قَشَّرَهَا أمَامَ القُطْعَانِ عِنْدَ الأحوَاضِ حَيْثُ تَشْرَبُ المَاشِيَةُ. وَكَانَتِ القُطْعَانُ تَتَزَاوَجُ عِنْدَمَا تَأْتِي لِتَشْرَبَ. 39 فَلَمَّا تَزَاوَجَتِ القُطْعَانُ أمَامَ الأغْصَانِ، وَلَدَتْ مَوَاشِي مُخَطَّطَةً وَمُنَقَّطَةً وَمُرَقَّطَةً.

40 وَهَكَذَا زَاوَجَ يَعْقُوبُ الأغْنَامَ، ثُمَّ فَصَلَ الأغْنَامَ المُخَطَّطَةَ مِنَ القَطِيعِ، فَكَثَّرَ بِذَلِكَ قَطِيعَهُ. وَلَمْ يَضَعْ غَنَمَ لَابَانَ مَعَ قَطِيعِهِ. 41 فَلَمَّا كَانَتِ الأغْنَامُ القَوِيَّةُ تَتَزَاوَجُ، كَانَ يَعْقُوبُ يَضَعُ الأغْصَانَ أمَامَهَا فِي أحوَاضِ السِّقَايَةِ، لِكَي تَتَزَاوَجَ أمَامَ الأغْصَانِ. 42 لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَضَعُ الأغْصَانَ أمَامَ الأغْنَامِ الضَّعِيفَةِ فِي القَطِيعِ، فَصَارَتِ مَوَالِيدُ الضَّعِيفَةِ مِنْ نَصِيبِ لَابَانَ، وَمَوَالِيدُ القَوِيَّةِ مِنْ نَصِيبِ يَعْقُوبَ. 43 فَصَارَ يَعْقُوبُ غَنِيًّا جِدًّا. إذْ كَانَتْ لَدَيهِ مَوَاشٍ كَثِيرَةٌ، وَخُدَّامٌ وَخَادِمَاتٌ، وَجِمَالٌ وَحَمِيرٌ.

هُرُوبُ يَعْقُوب

31 وَسَمِعَ يَعْقُوبُ مَا قَالَهُ أبْنَاءُ لَابَانَ: «لَقَدِ اسْتَوْلَى يَعْقُوبُ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لِأبِينَا. وَجَمَعَ كُلَّ ثَرْوَتِهِ مِمَّا كَانَ لِأبِينَا.» وَلَاحَظَ يَعْقُوبُ أنَّ نَظْرَةَ لَابَانَ إلَيْهِ لَمْ تَعُدْ كَمَا كَانَتْ فِي السَّابِقِ. فَقَالَ اللهُ لِيَعْقُوبَ: «عُدْ إلَى أرْضِ آبَائِكَ وَأهْلِكَ. وَسَأكُونُ مَعَكَ.»

فَأرْسَلَ يَعْقُوبُ فِي طَلَبِ رَاحِيلَ وَلَيئَةَ وَدَعَاهُمَا إلَى الحَقْلِ حَيْثُ قُطْعَانُهُ. وَقَالَ لَهُمَا: «لَاحَظْتُ أنَّ نَظْرَةَ أبِيكُمَا إلَيَّ لَمْ تَعُدْ كَمَا فِي السَّابِقِ. وَلَكِنَّ إلَهَ أبِي كَانَ وَمَا يَزَالُ مَعِي. أنْتُمَا تَعْرِفَانِ أنِّي خَدَمْتُ أبَاكُمَا بِكُلِّ قُوَّتِي، وَهُوَ غَشَّنِي وَغَيَّرَ أجْرِي عَشْرَ مَرَّاتٍ. لَكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِأنْ يُؤذِيَنِي.

«فَإنْ قَالَ لَابَانُ: ‹المَوَاشِي المُرَقَّطَةُ سَتَكُونُ أجرَكَ،› حِينَئِذٍ، كَانَتْ كُلُّ القُطْعَانِ تَلِدُ صِغَارًا مُرَقَّطَةً. وَإنْ قَالَ: ‹المَوَاشِي المُخَطَّطَةُ سَتَكُونُ أجرَكَ.› حِينَئِذٍ، كَانَتْ كُلُّ القُطْعَانِ تَلِدُ صِغَارًا مُخَطَّطَةً. فَنَزَعَ اللهُ مَوَاشِي أبِيكُمَا وَأعْطَاهَا لِي.

10 «وَفِي وَقْتِ تَزَاوُجِ القَطِيعِ، رَفَعْتُ نَظَرِي وَرَأيْتُ حُلْمًا. رَأيْتُ أنَّ التُّيُوسَ الَّتِي كَانَتْ تَتَزَاوَجُ مُخَطَّطَةٌ وَمُنَقَّطَةٌ وَمُرَقَّطَةٌ. 11 ثُمَّ جَاءَ إلَيَّ مَلَاكُ اللهِ فِي حُلْمٍ وَقَالَ: ‹يَا يَعْقُوبُ!›

«فَقُلْتُ: ‹سَمْعًا وَطَاعَةً.›

12 «فَقَالَ المَلَاكُ: ‹ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ كَيفَ أنَّ كُلَّ التُّيُوسِ المُتَزَاوِجَةِ مُخَطَّطَةٌ وَمُنَقَّطَةٌ وَمُرَقَّطَةٌ. فَقَدْ رَأيْتُ كُلَّ مَا فَعَلَهُ لَابَانُ بِكَ، 13 أنَا إلَهُ بَيْتِ إيلَ حَيْثُ كَرَّسْتَ عَمُودًا وَنَذَرْتَ لِي نَذْرًا. فَالآنَ قُمْ وَاترُكْ هَذَا المَكَانَ وَعُدْ إلَى أرْضِ أهْلِكَ.›»

14 فَأجَابَتْهُ رَاحِيلُ وَلَيئَةُ: «ألَعَلَّ لَنَا نَصِيبًا أوْ مِيرَاثًا فِي بَيْتِ أبِينَا؟ 15 ألَا يَعْتَبِرُنَا غَرِيبَتَينِ؟ فقَدْ بَاعَنَا وَاسْتَوْلَى عَلَى المَهْرِ الَّذِي دُفِعَ فِينَا. 16 فَكُلُّ الثَّرْوَةِ الَّتِي اسْتَعَادَهَا اللهُ مِنْ أبِينَا هِيَ لَنَا وَلِأبْنَائِنَا. فَالآنَ اعْمَلْ كَمَا قَالَ لَكَ اللهُ!»

17 فَاسْتَعَدَّ يَعْقُوبُ وَأركَبَ أبْنَاءَهُ وَزَوْجَاتِهِ الجِمَالَ. 18 وَسَاقَ كُلَّ مَوَاشِيهِ وَكُلَّ مُقتَنَيَاتِهِ. سَاقَ كُلَّ شَيءٍ اقْتَنَاهُ، وَالمَاشِيَةَ الَّتِي حَصَلَ عَلَيهَا فِي فَدَّانَ أرَامَ، لِيَذْهَبَ إلَى أبِيهِ إسْحَاقَ فِي أرْضِ كَنْعَانَ.

19 وَكَانَ لَابَانُ قَدْ ذَهَبَ لِيَجِزَّ الصُّوفَ عَنْ غَنَمِهِ. فَسَرَقَتْ رَاحِيلُ تَمَاثِيلَ أبِيهَا.

20 وَخَدَعَ يَعْقُوبُ لَابَانَ الأرَامِيَّ إذْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِرَحِيلِهِ، 21 بَلْ هَرَبَ بِكُلِّ مَا كَانَ لَهُ. وَانطَلَقَ يَعْقُوبُ وَعَبَرَ نَهْرَ الفُرَاتِ، قَاصِدًا أرْضَ جِلْعَادَ الجَبَلِيَّةَ.

22 وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ أُخْبِرَ لَابَانُ بِأنَّ يَعْقُوبَ قَدْ هَرَبَ. 23 فَأخَذَ لَابَانُ أقْرِبَاءَهُ مَعَهُ وَلَاحَقَهُ مُدَّةَ سَبْعَةِ أيَّامٍ، إلَى أنْ أدرَكَهُ فِي جِلْعَادَ الجَبَلِيَّةِ. 24 وَجَاءَ اللهُ إلَى لَابَانَ الأرَامِيُّ فِي حُلْمٍ فِي تِلْكَ اللَّيلَةِ. وَقَالَ اللهُ لِلَابَانَ: «احتَرِسْ مِنْ أنْ تُهَدِّدَ يَعْقُوبَ بِأيَّةِ كَلِمَةٍ!»

البَحْثُ عَنِ التَّمَاثيلِ المَسْرُوقَة

25 فَأدرَكَ لَابَانُ يَعْقُوبَ. وَنَصَبَ يَعْقُوبُ خَيْمَتَهُ عَلَى الجَبَلِ. وَنَصَبَ لَابَانُ خَيْمَتَهُ فِي جِلْعَادَ الجَبَلِيَّةِ.

26 فَقَالَ لَابَانُ لِيَعْقُوبَ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتَهُ؟ خَدَعْتَنِي وَأخَذْتَ ابْنَتَيَّ كَمَا لَوْ أنَّهُمَا أسِيرَتَا حَرْبٍ. 27 فَلِمَاذَا هَرَبْتَ سِرًّا وَخَدَعْتَنِي وَلَمْ تُخبِرْنِي؟ لَوْ أخبَرْتَنِي لَوَدَّعْتُكَ بِفَرَحٍ وَأغَانٍ وَدُفُوفٍ وَقَيَاثيرَ. 28 لَمْ تَسْمَحْ لِي حَتَّى بِتَقْبِيلِ أحْفَادِي وَبِنْتَيَّ قُبلَةَ الوَدَاعِ، وَكَانَ هَذَا حُمْقًا مِنْكَ. 29 أُقْسِمُ أنِّي كُنْتُ أنوِي إيذَاءَكَ. لَكِنْ ظَهَرَ لِي لَيلَةَ أمْسٍ إلَهُ أبِيكَ، وَقَالَ لِي: ‹احتَرِسْ مِنْ أنْ تُهَدِّدَ يَعْقُوبَ بِأيَّةِ كَلِمَةٍ!› 30 وَالْآنَ أنْتَ غَادَرْتَ لِأنَّكَ اشْتَقْتَ إلَى بَيْتِ أبِيكَ، لَكِنْ لِمَاذَا سَرَقْتَ أوْثَانَ بَيْتِي؟»

31 فَرَدَّ يَعْقُوبُ عَلَى لَابَانَ وَقَالَ: «غَادَرْتُ دُونَ أنْ أُخْبِرَكَ لِأنِّي خِفْتُ أنْ تَأْخُذَ ابْنَتَيكَ مِنِّي. 32 لَكِنْ إنْ وَجَدْتَ أوْثَانَكَ مَعَ أحَدٍ، فَسَيُقْتَلُ، أيًّا كَانَ. وَأنَا أقُولُ لَكَ عَلَى مَسْمَعٍ مِنْ أقْرِبَائِنَا: أشِرْ إلَى أيِّ شَيءٍ مَعِي وَقُلْ إنَّهُ لَكَ، حِينَئِذٍ، يَرْجِعُ إلَيكَ.» لَكِنَّ يَعْقُوبَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أنَّ رَاحِيلَ هِيَ الَّتِي سَرَقَتِ الأوْثَانَ.

33 فَدَخَلَ لَابَانُ إلَى خَيْمَةِ يَعْقُوبَ وَخَيْمَةِ لَيئَةَ وَخَيْمَةِ الخَادِمَتَينِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدِ الأوْثَانَ. ثُمَّ دَخَلَ إلَى خَيْمَةِ رَاحِيلَ. 34 وَكَانَتْ رَاحِيلُ قَدْ أخَذَتْ أوْثَانَ البَيْتِ وَوَضَعَتْهَا فِي سَرْجِ الجَمَلِ الَّذِي كَانَتْ تَجْلِسُ عَلَيْهِ. وَفَتَّشَ لَابَانُ الخَيْمَةَ كُلَّهَا فَلَمْ يَجِدِ الأوْثَانَ.

35 فَقَالَتْ رَاحِيلُ لِأبِيهَا: «لَا تَغْضَبْ مِنِّي يَا سَيِّدِي، فَأنَا لَا أسْتَطِيعُ الوُقُوفَ أمَامَكَ. إذْ عَلَيَّ العَادَةُ الشَّهْرِيَّةُ.» فَفَتَّشَ لَابَانُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ أوْثَانَ بَيْتِهِ.

36 فَغَضِبَ يَعْقُوبُ وَوَبَّخَ لَابَانَ. وَقَالَ لِلَابَانَ: «أيَّةَ جَرِيمَةٍ ارتَكَبْتُ؟ وَمَا هِيَ الإسَاءَةُ الَّتِي أسَأتُ بِهَا إلَيكَ، حَتَّى جِئْتَ تُطَارِدُنِي؟ 37 لَقَدْ فَتَّشْتَ كُلَّ أغرَاضِي. فَهَلْ وَجَدْتَ بَيْنَهَا شَيْئًا مِنْ مُقتَنَيَاتِ بَيْتِكَ؟ إنْ وَجَدْتَهُ، فَضَعْهُ هُنَا أمَامَ أقْرِبَائِي وَأقْرِبَائِكَ. وَلْيَحْكُمُوا بَيْنَنَا. 38 كُنْتُ مَعَكَ عِشْرِينَ عَامًا وَلَمْ تُجهِضْ فِيهَا نِعَاجُكَ وَمِعَازُكَ. وَلَمْ آكُلْ يَوْمًا مِنْ كِبَاشِ قُطْعَانِكَ. 39 وَلَمْ أُحضِرْ لَكَ يَوْمًا رَأسًا مِنْ مَاشِيَتِكَ افتَرَسَتْهُ الوُحُوشُ، بَلْ كُنْتُ أُعَوِّضُ لَكَ الخَسَارَةَ مِنِّي عِنْدَمَا كُنْتَ تَطْلُبُهَا. وَقَدْ تَعَرَّضْتُ لِلسَّلْبِ لَيلًا وَنَهَارًا. 40 عِشْتُ هَكَذَا: كَانَتْ قُوَّتِي تُمْتَصُّ مِنَ الحَرِّ نَهَارًا، وَمِنَ البَرْدِ لَيلًا. وَلَمْ أذُقْ طَعْمَ النَّوْمِ حِرْصًا عَلَى مَوَاشِيكَ. 41 كُنْتُ فِي بَيْتِكَ طَوَالَ هَذِهِ السَّنَوَاتِ العِشْرِينَ أعمَلُ كَعَبْدٍ، أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً مُقَابِلَ ابْنَتَيكَ وَسِتَّ سَنَوَاتٍ مُقَابِلَ غَنَمِكَ. وَغَيَّرْتَ أجرِي عَشَرَ مَرَّاتٍ. 42 لَكِنَّ إلَهَ أبِي، إلَهَ إبْرَاهِيمَ، وَمَهَابَةَ إسْحَاقَ،[j] كَانَ مَعِي. وَلَولَا ذَلِكَ لَأرْسَلْتَنِي فَارِغَ اليَدَينِ. رَأى اللهُ ضِيقِي وَتَعَبِي. وَلِهَذَا وَبَّخَكَ اللهُ لَيلَةَ أمْسِ.»

عَهْدُ يَعْقُوبَ وَلَابَان

43 فَأجَابَ لَابَانُ: «هَاتَانِ ابْنَتَايَ، وَهُؤلَاءِ الغِلمَانُ لِي، وَالغَنَمُ غَنَمِي، وَكُلُّ مَا تَرَاهُ هُوَ لِي. لَكِنْ مَاذَا عَسَانِي أفْعَلُ اليَوْمَ بِابْنَتَيَّ وَأوْلَادِهِنَّ؟ 44 فَتَعَالَ وَلْنَقْطَعْ أنَا وَأنْتَ عَهْدًا. وَلْيَكُنْ هَذَا العَهْدُ شَاهِدًا بَيْنِي وَبَيْنَكَ.»

45 فَأخَذَ يَعْقُوبُ حَجَرًا، وَنَصَبَهُ عَمُودًا. 46 ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ لِأقْرِبَائِهِ: «اجْمَعُوا حِجَارَةً!» فَأخَذُوا حِجَارَةً وَجَعَلُوا مِنْهَا كَوْمَةً. ثُمَّ أكَلُوا مَعًا بِجَانِبِ كَوْمَةِ الحِجَارَةِ. 47 وَسَمَّى لَابَانُ ذَلِكَ المَكَانَ يَجَرْ سَهْدُوثَا.[k] وَسَمَّاهُ يَعْقُوبُ جَلْعِيدَ.[l]

48 فَقَدْ قَالَ لَابَانُ لِيَعْقُوبَ: «كَوْمَةُ الحِجَارَةِ هَذِهِ تَشْهَدُ اليَوْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.» لِذَلِكَ دُعِيَ المَوضِعُ جَلْعِيدُ.

49 وَدُعِيَ المَكَانُ أيْضًا مِصْفَاةَ،[m] لِأنَّ لَابَانَ قَالَ: «لِيُرَاقِبِ اللهُ كِلَينَا عِنْدَمَا يَفْتَرِقُ أحَدُنَا عَنِ الآخَرِ، وَيَحْكُمْ بَيْنَنَا. 50 فَلَا تُؤذِ بَنَاتِي، وَلَا تَتَزَوَّجْ عَلَيْهِنَّ. فَاللهُ شَاهِدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا أحَدٌ.»

51 وَقَالَ لَابَانُ لِيَعْقُوبَ: «هَا كَوْمَةُ الحِجَارَةِ وَالعَمُودُ بَيْنَنَا. 52 هَذِهِ الكَوْمَةُ شَاهِدَةٌ وَهَذَا العَمُودُ شَاهِدٌ عَلَى أنِّي لَنْ أتَخَطَّى هَذِهِ الكَوْمَةَ إلَيكَ لِإيذَائِكَ، وَأنَّكَ لَنْ تَتَخَطَّى هَذِهِ الكَوْمَةَ وَهَذَا العَمُودَ إلَيَّ لِإيذَائِي. 53 وَلْيَحْكُمْ بَيْنَنَا إلَهُ إبْرَاهِيمَ وَإلَهُ نَاحُورَ.» أيْ إلَهَي آبائِهِمَا.

فَحَلَفَ يَعْقُوبُ بِمَهَابَةِ إسْحَاقَ[n] أبِيهِ. 54 وَقَدَّمَ ذَبِيحَةً عَلَى الجَبَلِ. وَدَعَا أقْرِبَاءَهُ إلَى الطَّعَامِ. فَأكَلُوا وَبَاتُوا لَيلَتَهُمْ عَلَى الجَبَلِ. 55 وَفي الصَّبَاحِ البَاكِرِ، اسْتَيقَظَ لَابَانُ وَقَبَّلَ أحْفَادَهُ وَبَنَاتِهِ وَبَارَكَهُمْ، ثُمَّ عَادَ إلَى بَيْتِهِ.

Footnotes

  1. 30‏:3 تْلد لِي ابْنًا حرفيًا «تَضَعُ ابْنًا عَلَى رُكْبَتِيَّ.»
  2. 30‏:6 دَان مَعْنَاهُ «أدَان.» أوْ «قَضَى.»
  3. 30‏:8 نفتَالي مَعْنَاهُ «كفَاحي.»
  4. 30‏:11 جَاد مَعْنَاهُ «محظوظ.»
  5. 30‏:13 أشير مَعْنَاهُ «مُبَارك.»
  6. 30‏:14 اللفَّاح نبَات بري له فوَائد طبية يسمّى «البيروح» أيْضًا و «السيدة الحسنَاء.» و «ورد الحب» وكَان يعتقد أن فيه شفَاءً للعقم.
  7. 30‏:18 يسَاكر مَعْنَاهُ «مكَافأة.»
  8. 30‏:20 زبولون مَعْنَاهُ «مدح» أوْ «كرَامة.»
  9. 30‏:24 يُوسُف مَعْنَاهُ «يضيف» أوْ «يزيد.»
  10. 31‏:42 مهَابة إسْحَاق أيْ الله. بِمَعْنَى الله الَّذِي يهَابه إسْحَاق.
  11. 31‏:47 يَجَرْ سَهْدُوثَا عبَارة آرَامية تعني «كومة العَهْد.»
  12. 31‏:47 جلعيد اسْم آخر لجلعَاد. وتعني فِي العِبْرِيِّة «كومة العَهْد.»
  13. 31‏:49 مصفَاة أيْ مكَان المرَاقبة.
  14. 31‏:53 مهَابة إسْحَاق أيْ الله. بِمَعْنَى الله الَّذِي يهَابه إسْحَاق.