27 وَلَمَّا شَاخَ إِسْحاقُ وَضَعُفَ بَصَرُهُ اسْتَدْعَى ابْنَهُ الأَكْبَرَ عِيسُو وَقَالَ لَهُ: «يَا بُنَيَّ، هَا أَنَا قَدْ شِخْتُ وَلَسْتُ أَعْرِفُ مَتَى يَحِينُ يَوْمُ وَفَاتِي. فَالآنَ خُذْ عُدَّتَكَ: جُعْبَتَكَ وَقَوْسَكَ، وَامْضِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَاقْتَنِصْ لِي صَيْداً. وَجَهِّزْ لِي طَعَاماً شَهِيًّا كَمَا أُحِبُّ وَائْتِنِي بِهِ لِآكُلَ، لِتُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ».

وَسَمِعَتْ رِفْقَةُ حَدِيثَ إِسْحاقَ لابْنِهِ عِيسُو. فَعِنْدَمَا انْطَلَقَ عِيسُو إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِيَصْطَادَ صَيْداً وَيَأْتِيَ بِهِ. قَالَتْ رِفْقَةُ لابْنِهَا يَعْقُوبَ: «سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُولُ لِعِيسُو أَخِيكَ: اقْتَنِصْ لِي صَيْداً، وَجَهِّزْ لِي أَطْعِمَةً شَهِيَّةً لِآكُلَ وَأُبَارِكَكَ أَمَامَ الرَّبِّ قَبْلَ مَوْتِي. وَالآنَ يَا بُنَيَّ أَطِعْ قَوْلِي فِي مَا آمُرُكَ بِهِ، وَاذْهَبْ إِلَى قَطِيعِ الْمَاشِيَةِ، وَاخْتَرْ جَدْيَيْنِ لأُجَهِّزَ لأَبِيكَ أَطْعِمَةً شَهِيَّةً كَمَا يُحِبُّ، 10 تُقَدِّمُهَا لأَبِيكَ لِيَأْكُلَ، فَيُبَارِكَكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ». 11 فَقَالَ يَعْقُوبُ لِرِفْقَةَ أُمِّهِ: «أَخِي عِيسُو رَجُلٌ أَشْعَرُ، وَأَنَا رَجُلٌ أَمْلَسُ. 12 وَقَدْ يَجُسُّنِي أَبِي فَيَتَبَيَّنُ خِدَاعِي، وَأَسْتَجْلِبُ عَلَى نَفْسِي لَعْنَةً لَا بَرَكَةً». 13 فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «لَعْنَتُكَ عَلَيَّ يَا بُنَيَّ، فَأَطِعْ قَوْلِي فَقَطْ، وَاذْهَبْ وَأَحْضِرِ الْجَدْيَيْنِ لِي». 14 فَذَهَبَ وَاخْتَارَهُمَا وَأَحْضَرَهُمَا لأُمِّهِ، فَأَعَدَّتْ رِفْقَةُ الأَطْعِمَةَ الْمُطَيَّبَةَ كَمَا يُحِبُّ أَبُوهُ 15 وَتَنَاوَلَتْ ثِيَابَ بِكْرِهَا عِيسُو الْفَاخِرَةَ الْمَوْجُودَةَ عِنْدَهَا فِي الْبَيْتِ وَأَلْبَسَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ، 16 وَكَذَلِكَ غَطَّتْ يَدَيْهِ وَمَلاسَةَ عُنُقِهِ بِجِلْدِ الْجَدْيَيْنِ. 17 وَأَعْطَتْهُ مَا أَعَدَّتْهُ مِنَ الأَطْعِمَةِ الشَّهِيَّةِ وَالْخُبْزِ.

18 فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِيهِ وَقَالَ: «يَا أَبِي». فَأَجَابَهُ: «نَعَمْ يَا ابْنِي، مَنْ أَنْتَ؟» 19 فَقَالَ يَعْقُوبُ: «أَنَا عِيسُو بِكْرُكَ. وَقَدْ فَعَلْتُ كَمَا طَلَبْتَ، وَالآنَ قُمْ وَاجْلِسْ وَكُلْ مِنْ صَيْدِي حَتَّى تُبَارِكَنِي». 20 فَقَالَ إِسْحَاقُ: «كَيْفَ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَجِدَ صَيْداً بِمِثْلِ هَذِهِ السُّرْعَةِ يَا وَلَدِي؟» فَأَجَابَهُ: «لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ قَدْ يَسَّرَ لِي ذَلِكَ». 21 وَقَالَ إِسْحاقُ: «اقْتَرِبْ مِنِّي لأَجُسَّكَ يَا ابْنِي لأَرَى إِنْ كُنْتَ حَقّاً ابْنِي عِيسُو أَمْ لا». 22 فَدَنَا يَعْقُوبُ مِنْ أَبِيهِ إِسْحاقَ فَجَسَّهُ وَقَالَ: «الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ، أَمَّا الْيَدَانِ فَهُمَا يَدَا عِيسُو». 23 وَلَمْ يَعْرِفْهُ لأَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا مُشْعِرَتَيْنِ كَيَدَيْ أَخِيهِ عِيسُو، فَبَارَكَهُ، 24 وَسَأَلَ: «هَلْ أَنْتَ ابْنِي عِيسُو؟» فَأَجَابَ: «أَنَا هُوَ». 25 ثُمَّ قَالَ: «قَدِّمْ لِي مِنْ صَيْدِكَ حَتَّى آكُلَ وَأُبَارِكَكَ». فَأَحْضَرَ يَعْقُوبُ إِلَيْهِ الطَّعَامَ فَأَكَلَ ثُمَّ قَدَّمَ لَهُ خَمْراً فَشَرِبَ، 26 فَقَالَ لَهُ إِسْحاقُ أَبُوهُ: «تَعَالَ وَقَبِّلْنِي يَا وَلَدِي». 27 فَاقْتَرَبَ مِنْهُ وَقَبَّلَهُ، فَتَنَسَّمَ رَائِحَةَ ثِيَابِهِ وَبَارَكَهُ قَائِلاً: «هَا إِنَّ رَائِحَةَ ابْنِي كَرَائِحَةِ حَقْلٍ بَارَكَهُ الرَّبُّ، 28 فَلْيُنْعِمْ عَلَيْكَ الرَّبُّ مِنْ نَدَى السَّمَاءِ وَمِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، فَيُكَثِّرُ لَكَ الْحِنْطَةَ وَالْخَمْرَ. 29 لِتَخْدُمْكَ الشُّعُوبُ، وَتَسْجُدْ لَكَ الْقَبَائِلُ، لِتَكُنْ سَيِّداً عَلَى إِخْوَتِكَ. وَبَنُو أُمِّكِ لَكَ يَنْحَنُونَ. وَلْيَكُنْ لاعِنُوكَ مَلْعُونِينَ، وَمُبَارِكُوكَ مُبَارَكِينَ».

30 وَلَمَّا فَرَغَ إِسْحاقُ مِنْ مُبَارَكَةِ يَعْقُوبَ، وَخَرَجَ يَعْقُوبُ مِنْ عِنْدِ أَبِيهِ، رَجَعَ عِيسُو مِنْ صَيْدِهِ، 31 فَجَهَّزَ هُوَ أَيْضاً أَطْعِمَةً طَيِّبَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: «لِيَقُمْ أَبِي وَيَأْكُلْ مِنْ صَيْدِ ابْنِهِ فَتُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 32 فَقَالَ إِسْحاقُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَأَجَابَهُ: «أَنَا ابْنُكَ بِكْرُكَ عِيسُو». 33 فَارْتَعَدَ إِسْحاقُ بِعُنْفٍ وَقَالَ: «مَنْ هُوَ إِذاً الَّذِي اصْطَادَ صَيْداً وَأَحْضَرَهُ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ، وَبَارَكْتُهُ؟ وَحَقّاً يَكُونُ مُبَارَكاً». 34 فَمَا إِنْ سَمِعَ عِيسُو كَلامَ أَبِيهِ حَتَّى أَطْلَقَ صَرْخَةً هَائِلَةً وَمُرَّةً جِدّاً وَقَالَ: «بَارِكْنِي أَنَا أَيْضاً يَا أَبِي». 35 فَأَجَابَ: «لَقَدْ مَكَرَ بِي أَخُوكَ وَسَلَبَ بَرَكَتَكَ». 36 فَقَالَ: «أَلَمْ يُدْعَ اسْمُهُ يَعْقُوبَ؟ لَقَدْ تَعَقَّبَنِي مَرَّتَيْنِ: أَخَذَ بَكُورِيَّتِي، وَهَا هُوَ يَسْلُبُنِي الآنَ بَرَكَتِي». ثُمَّ قَالَ: «أَمَا احْتَفَظْتَ لِي بِبَرَكَةٍ؟» 37 فَأَجَابَ إِسْحاقُ: «لَقَدْ جَعَلْتُهُ سَيِّداً لَكَ، وَصَيَّرْتُ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ لَهْ خُدَّاماً، وَبِالْحِنْطَةِ وَالْخَمْرِ أَمْدَدْتُهُ. فَمَاذَا أَفْعَلُ لَكَ الآنَ يَا وَلَدِي؟». 38 فَقَالَ عِيسُو: «أَلَكَ بَرَكَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ يَا أَبِي؟ بَارِكْنِي أَنَا أَيْضاً يَا أَبِي». وَأَجْهَشَ عِيسُو بِالْبُكَاءِ بِصَوْتٍ عَالٍ. 39 فَأَجَابَهُ أَبُوهُ: «هَا مَسْكَنُكَ يَكُونُ فِي أَرْضٍ جَدْبَاءَ لَا يَهْطِلُ عَلَيْهَا نَدَى السَّمَاءِ. 40 بِسَيْفِكَ تَعِيشُ وَلأَخِيكَ تَكُونُ عَبْداً، وَلَكِنْ حِينَ تَجْمَحُ تُحَطِّمُ نِيرَهُ عَنْ عُنْقِكَ».

يعقوب يهرب إلى لابان

41 وَحَقَدَ عِيسُو عَلَى يَعْقُوبَ مِنْ أَجْلِ مَا نَالَهُ مِنْ بَرَكَةِ أَبِيهِ. فَنَاجَى نَفْسَهُ: «قَرِيباً يَمُوتُ أَبِي، وَبَعْدَئِذٍ أَقْتُلُ أَخِي يَعْقُوبَ». 42 فَبَلَغَ رِفْقَةَ وَعِيدُ عِيسُو ابْنِهَا الأَكْبَرِ، فَأَرْسَلَتْ وَاسْتَدْعَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ وَقَالَتْ لَهُ: «عِيسُو يُخَطِّطُ لِقَتْلِكَ. 43 وَالآنَ يَا ابْنِي أَصْغِ لِقَوْلِي، وَقُمِ اهْرُبْ إِلَى أَخِي لابَانَ إِلَى حَارَانَ، 44 وَامْكُثْ عِنْدَهُ أَيَّاماً قَلائِلَ رَيْثَمَا يَهْدَأُ سُخْطُ أَخِيكَ. 45 وَمَتَى سَكَنَ غَضَبُهُ وَنَسِيَ مَا صَنَعْتَ بِهِ، عِنْدَئِذٍ أَبْعَثُ إِلَيْكَ لِتَعُودَ مِنْ هُنَاكَ. فَلِمَاذَا أُحْرَمُ مِنْكُمَا كِلَيْكُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟».

46 ثُمَّ قَالَتْ رِفْقَةُ لإِسْحاقَ: «قَدْ كَرِهْتُ حَيَاتِي مِنْ جَرَّاءِ الْبَنَاتِ الْحِثِّيَّاتِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ يَعْقُوبُ مِنِ الْحِثِّيَّاتِ بَنَاتِ هَذِهِ الأَرْضِ الْمُمَاثِلاتِ لِزَوْجَتَيْ عِيسُو، فَإِنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي».

28 فَاسْتَدْعَى إِسْحاقُ يَعْقُوبَ وَبَارَكَهُ وَأَوْصَاهُ قَائِلاً: «لا تَتَزَوَّجْ مِنْ بَنَاتِ كَنْعَانَ. قُمِ انْطَلِقْ إِلَى سَهْلِ أَرَامَ، إِلَى بَيْتِ بَتُوئِيلَ أَبِي أُمِّكَ، وَتَزَوَّجْ إِحْدَى بَنَاتِ خَالِكَ لابَانَ. وَلْيُبَارِكْكَ اللهُ الْقَدِيرُ وَيُنَمِّكَ وَيُكَثِّرْكَ لِتَكُونَ أُمَّةً تَتَفَرَّعُ مِنْهَا شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ، وَلْيُعْطِكَ أَنْتَ وَذُرِّيَّتَكَ مَعَكَ بَرَكَةَ إِبْرَاهِيمَ لِتَرِثَ أَرْضَ غُرْبَتِكَ الَّتِي تُقِيمُ فِيهَا الآنَ؛ هَذِهِ الأَرْضَ الَّتِي وَهَبَهَا اللهُ لإِبْرَاهِيمَ». ثُمَّ صَرَفَ إِسْحاقُ يَعْقُوبَ فَمَضَى إِلَى سَهْلِ أَرَامَ، حَيْثُ يُقِيمُ لابَانُ بْنُ بَتُوئِيلَ الأَرَامِيُّ أَخُو رِفْقَةَ أُمِّ يَعْقُوبَ وَعِيسُو.

وَلَمَّا رَأَى عِيسُو أَنَّ إِسْحاقَ قَدْ بَارَكَ يَعْقُوبَ وَصَرَفَهُ إِلَى سَهْلِ أَرَامَ لِيَخْتَارَ مِنْ هُنَاكَ زَوْجَةً، وَأَوْصَاهُ قَائِلاً: «لا تَتَزَوَّجِ امْرَأَةً كَنْعَانِيَّةً» وَأَنَّ يَعْقُوبَ أَطَاعَ وَالِدَيْهِ وَارْتَحَلَ إِلَى سَهْلِ أَرَامَ وَإِذْ رَأَى عِيسُو أَنَّ بَنَاتِ كَنْعَانَ شِرِّيرَاتٌ لَمْ يَحْظَيْنَ بِرِضَى أَبِيهِ مَضَى إِلَى إِسْمَاعِيلَ عَمِّهِ وَأَخَذَ مَحْلَةَ ابْنَةَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أُخْتَ نَبَايُوتَ، زَوْجَةً لَهُ عَلَى نِسَائِهِ.

حلم يعقوب في بيت إيل

10 أَمَّا يَعْقُوبُ فَتَوَجَّهَ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ نَحْوَ حَارَانَ، 11 فَصَادَفَ مَوْضِعاً قَضَى فِيهِ لَيْلَتَهُ لأَنَّ الشَّمْسَ كَانَتْ قَدْ غَابَتْ، فَأَخَذَ بَعْضَ حِجَارَةِ الْمَوْضِعِ وَتَوَسَّدَهَا وَبَاتَ هُنَاكَ. 12 وَرَأَى حُلْماً شَاهَدَ فِيهِ سُلَّماً قَائِمَةً عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَمَلائِكَةُ اللهِ تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ عَلَيْهَا، 13 وَالرَّبُّ نَفْسُهُ وَاقِفٌ فَوْقَهَا يَقُولُ: «أَنَا هُوَ الرَّبُّ إِلَهُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحاقَ. إِنَّ الأَرْضَ الَّتِي تَرْقُدُ عَلَيْهَا الآنَ أُعْطِيهَا لَكَ وَلِذُرِّيَّتِكَ، 14 الَّتِي سَتَكُونُ كَتُرَابِ الأَرْضِ، وَتَمْتَدُّ غَرْباً وَشَرْقاً، وَشِمَالاً وَجَنُوباً، وَتَتَبَارَكُ بِكَ وَبِذُرِّيَّتِكَ جَمِيعُ شُعُوبِ الأَرْضِ. 15 هَا أَنَا مَعَكَ وَأَرْعَاكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ. وَلَنْ أَتْرُكَكَ إِلَى أَنْ أَفِيَ بِكُلِّ مَا وَعَدْتُكَ بِهِ».

16 ثُمَّ أَفَاقَ يَعْقُوبُ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «حَقّاً إِنَّ الرَّبَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ!» 17 وَاعْتَرَاهُ خَوْفٌ وَقَالَ: «مَا أَرْهَبَ هَذَا الْمَكَانَ! مَا هَذَا سِوَى بَيْتِ اللهِ وَهَذَا هُوَ بَابُ السَّمَاءِ». 18 ثُمَّ بَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ، وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي تَوَسَّدَهُ وَنَصَبَهُ عَمُوداً وَصَبَّ عَلَيْهِ زَيْتاً، 19 وَدَعَا الْمَكَانَ «بَيْتَ إِيلَ» (وَمَعْنَاهُ: بَيْتُ اللهِ) وَكَانَ اسْمُ الْمَدِينَةِ أَوَّلاً «لُوزَ».

20 وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْراً قَائِلاً: «إِنْ كَانَ اللهُ مَعِي، وَرَعَانِي فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَنَا أَسِيرُ فِيهَا وَوَفَّرَ لِي طَعَاماً لِآكُلَ وَثِيَاباً لأَلْبَسَ، 21 وَعُدْتُ بِسَلامٍ إِلَى بَيْتِ أَبِي، عِنْدَئِذٍ يَكُونُ الرَّبُّ إِلَهاً لِي 22 وَيَكُونُ هَذَا الْحَجَرُ الَّذِي نَصَبْتُهُ عَمُوداً بَيْتاً لِلهِ، وَأَدْفَعُ عُشْرَ كُلِّ مَا تَرْزُقُنِي بِهِ».

رحلة يعقوب

29 وَتَابَعَ يَعْقُوبُ رِحْلَتَهُ حَتَّى وَصَلَ أَرْضَ حَارَانَ. وَتَطَلَّعَ حَوْلَهُ فَشَاهَدَ بِئْراً فِي الْحَقْلِ، تَرْبِضُ عِنْدَهَا ثَلاثَةُ قُطْعَانِ غَنَمٍ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْقُونَ الْقُطْعَانَ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ. وَكَانَ الْحَجَرُ الَّذِي عَلَى فَمِ الْبِئْرِ كَبِيراً، فَكَانَ رُعَاةُ جَمِيعِ الْقُطْعَانِ يَجْتَمِعُونَ هُنَاكَ، وَيُدَحْرِجُونَ الْحَجَرَ عَنْ فَمِ الْبِئْرِ وَيَسْقُونَ الْغَنَمَ. ثُمَّ يَرُدُّونَ الْحَجَرَ إِلَى مَوْضِعِهِ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ. فَقَالَ لَهُمْ يَعْقُوبُ: «يَا إِخْوَتِي مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ؟» فَأَجَابُوا: «نَحْنُ مِنْ حَارَانَ». فَسَأَلَهُمْ: «أَتَعْرِفُونَ لابَانَ بْنَ نَاحُورَ؟» فَأَجَابُوا: «نَعْرِفُهُ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَهُوَ بِخَيْرٍ؟». فَأَجَابُوهُ: «هُوَ بِخَيْرٍ، وَهَا هِيَ رَاحِيلُ ابْنَتُهُ مُقْبِلَةٌ مَعَ الْغَنَمِ». فَقَالَ لَهُمْ: «هُوَذَا النَّهَارُ مَازَالَ طَوِيلاً، وَلَيْسَ هَذَا أَوَانَ اجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي، فَاسْقُوا الْغَنَمَ وَامْضُوا بِها إلَى الْمَرَاعِي». فَقَالُوا: «لا يُمْكِنُنَا ذَلِكَ إِلّا بَعْدَ أَنْ تَجْتَمِعَ جَمِيعُ الْقُطْعَانِ وَرُعَاتُهَا فَيُدَحْرِجُوا الْحَجَرَ عَنْ فَمِ الْبِئْرِ، فَنَسْقِي الْغَنَمَ».

لقاء يعقوب براحيل

وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ أَقْبَلَتْ رَاحِيلُ مَعَ غَنَمِ أَبِيهَا لأَنَّهَا كَانَتْ رَاعِيَةً أَيْضاً. 10 وَعِنْدَمَا رَآهَا يَعْقُوبُ، تَقَدَّمَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنْ فَمِ الْبِئْرِ وَسَقَى غَنَمَ خَالِهِ لابَانَ. 11 وَقَبَّلَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ وَأَجْهَشَ بِالْبُكَاءِ، 12 ثُمَّ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ قَرِيبُ وَالِدِهَا وَأَنَّهُ ابْنُ رِفْقَةَ. فَرَكَضَتْ وَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا. 13 فَعِنْدَمَا سَمِعَ لابَانُ بِخَبَرِ ابْنِ أُخْتِهِ أَسْرَعَ لِلِقَائِهِ وَعَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ وَأَحْضَرَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَقَصَّ يَعْقُوبُ عَلَى لابَانَ جَمِيعَ هَذِهِ الأُمُورِ. 14 فَقَالَ لَهُ لابَانُ: «حَقّاً إِنَّكَ عَظْمِي وَلَحْمِي». وَأَقَامَ عِنْدَهُ نَحْوَ شَهْرٍ مِنَ الزَّمَانِ.

زواج يعقوب من ليئة وراحيل

15 وَقَالَ لابَانُ لِيَعْقُوبَ: «هَلْ لأَنَّكَ قَرِيبِي تَخْدُمُنِي مَجَّاناً؟ أَخْبِرْنِي مَا أُجْرَتُكَ؟» 16 وَكَانَ لِلابَانَ ابْنَتَانِ، اسْمُ الْكُبْرَى لَيْئَةُ وَاسْمُ الصُّغْرَى رَاحِيلُ، 17 وَكَانَتْ لَيْئَةُ ضَعِيفَةَ الْبَصَرِ، وَأَمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ جَمِيلَةَ الصُّورَةِ وَحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ. 18 فَأَحَبَّ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ. وَأَجَابَ يَعْقُوبُ خَالَهُ: «أَخْدِمُكَ سَبْعَ سِنِينَ لِقَاءَ زَوَاجِي بِرَاحِيلَ ابْنَتِكَ الصُّغْرَى». 19 فَقَالَ لابَانُ: «أَنْ أُزَوِّجَهَا مِنْكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ أزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، فَامْكُثْ عِنْدِي». 20 فَخَدَمَ يَعْقُوبُ سَبْعَ سَنَوَاتٍ لِيَتَزَوَّجَ مِنْ رَاحِيلَ بَدَتْ فِي نَظَرِهِ كَأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، لِفَرْطِ مَحَبَّتِهِ لَهَا.

21 ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ لِلابَانَ: «أَعْطِنِي زَوْجَتِي لأَنَّ خِدْمَتِي قَدْ كَمُلَتْ فَأَدْخُلَ عَلَيْهَا». 22 فَجَمَعَ لابَانُ سَائِرَ أَهْلِ النَّاحِيَةِ وَأَقَامَ لَهُمْ مَأْدُبَةً. 23 وَعِنْدَمَا حَلَّ الْمَسَاءُ حَمَلَ ابْنَتَهُ لَيْئَةَ وَزَفَّهَا إِلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا 24 وَوَهَبَ لابَانُ زِلْفَةَ جَارِيَتَهُ لِتَكُونَ جَارِيَةً لابْنَتِهِ لَيْئَةَ. 25 وَفِي الصَّبَاحِ اكْتَشَفَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِلَيْئَةَ، فَقَالَ لِلابَانَ: «مَاذَا فَعَلْتَ بِي؟ أَلَمْ أَخْدِمْكَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ لِقَاءَ زَوَاجِي مِنْ رَاحِيلَ؟ فَلِمَاذَا خَدَعْتَنِي؟». 26 فَأَجَابَهُ لابَانُ: «لَيْسَ مِنْ عَادَةِ بِلادِنَا أَنْ نُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ قَبْلَ الْبِكْرِ. 27 أَكْمِلْ أُسْبُوعَ لَيْئَةَ ثُمَّ نُزَوِّجُكَ مِنْ رَاحِيلَ، لِقَاءَ خِدْمَتِكَ لِي سَبْعَ سِنِينَ أُخَرَ». 28 فَوَافَقَ يَعْقُوبُ، وَأَكْمَلَ أُسْبُوعَ لَيْئَةَ، فَأَعْطَاهُ لابَانُ رَاحِيلَ ابْنَتَهُ زَوْجَةً أَيْضاً. 29 وَوَهَبَ لابَانُ بِلْهَةَ جَارِيَتَهُ لِتَكُونَ جَارِيَةً لابْنَتِهِ رَاحِيلَ. 30 فَدَخَلَ يَعْقُوبُ عَلَى رَاحِيلَ أَيْضاً، وَأَحَبَّ رَاحِيلَ أَكْثَرَ مِنْ لَيْئَةَ. وَخَدَمَ خَالَهُ سَبْعَ سِنِينَ أُخَرَ.

أبناء يعقوب

31 وَعِنْدَمَا رَأَى الرَّبُّ أَنَّ لَيْئَةَ مَكْرُوهَةٌ جَعَلَهَا مُنْجِبَةً، أَمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ عَاقِراً. 32 فَحَمَلَتْ لَيْئَةُ وَأَنْجَبَتِ ابْناً دَعَتْهُ رَأُوبَيْنَ (وَمَعْنَاهُ: هُوَذَا ابْنٌ) لأَنَّهَا قَالَتْ: «حَقّاً قَدْ نَظَرَ الرَّبُّ إِلَى مَذَلَّتِي، فَالآنَ يُحِبُّنِي زَوْجِي». 33 وَحَمَلَتْ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنْجَبَتِ ابْناً، فَقَالَتْ: «لأَنَّ الرَّبَّ سَمِعَ أَنَّنِي كُنْتُ مَكْرُوهَةً رَزَقَنِي هَذَا الابْنَ أَيْضاً». فَدَعَتْهُ شِمْعُونَ (وَمَعْنَاهُ: سَمِيعٌ) 34 ثُمَّ حَمَلَتْ مَرَّةً ثَالِثَةً وَأَنْجَبَتِ ابْناً فَقَالَتْ: «الآنَ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ يَتَّحِدُ بِي زَوْجِي، لأَنَّنِي أَنْجَبْتُ لَهُ ثَلاثَةَ بَنِينَ». لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ لاوِي (وَمَعْنَاهُ: مُتَّحِدٌ) 35 وَحَبِلَتْ مَرَّةً رَابِعَةً وَأَنْجَبَتِ ابْناً فَقَالَتْ: «فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ أَحْمَدُ الرَّبَّ». لِذَلِكَ دَعَتْهُ يَهُوذَا (وَمَعْنَاهُ: حَمْدٌ). ثُمَّ تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلادَةِ.

يَعْقُوبُ يَخْدَعُ أبَاهُ إسْحَاق

27 وَشَاخَ إسْحَاقُ، وَضَعُفَتْ عَينَاهُ فَلَمْ يَعُدْ يَقْدِرُ أنْ يُبصِرَ. فَدَعَا بِكْرَهُ عِيسُو وَقَالَ لَهُ: «تَعَالَ يَا ابْنِي.»

فَقَالَ عِيسُو: «سَمْعًا وَطَاعَةً.»

فَقَالَ إسْحَاقُ: «هَا أنَا قَدْ شِخْتُ. وَلَا أدرِي مَتَى سَأمُوتُ. فَالآنَ خُذْ عُدَّةَ صَيدِكَ: جُعبَةَ سِهَامِكَ وَقَوْسَكَ. وَاخرُجْ إلَى الحَقْلِ، وَاصْطَدْ لِي حَيَوَانًا آكُلُهُ. أعِدَّ لِي طَعَامًا طَيِّبًا مِمَّا أُحِبُّ، وَأحضِرْهُ لِي لِآكُلَهُ، لِكَي أُبَارِكَكَ قَبْلَ أنْ أمُوتَ.» فَخَرَجَ عِيسُو إلَى الحَقْلِ لِيصْطَادَ.

أمَّا رِفْقَةُ فَكَانَتْ تُصْغِي لِحَدِيثِ إسْحَاقَ وَعِيسُو ابْنِهِ. فَقَالَتْ رِفْقَةُ لِيَعْقُوبَ ابْنِهَا: «اسْمَعْ، سَمِعْتُ أبَاكَ يَقُولُ لِأخِيكَ عِيسُو: ‹اجلِبْ لِي صَيدًا وَأعِدَّ لِي طَعَامًا طَيِّبًا لِآكُلَ، فَأُبَارِكَكَ فِي حَضْرَةِ اللهِ قَبْلَ أنْ أمُوتَ.› وَالْآنَ، أطِعْنِي، يَا ابْنِي، وَافْعَلْ مَا أقُولُهُ لَكَ. اذْهَبْ إلَى قَطِيعِ الغَنَمِ، وَأحْضِرْ جَديَينِ مِنْ خِيَارِ القَطِيعِ. سَأُعِدُّ مِنْهُمَا لِأبِيكَ طَعَامًا طَيِّبًا مِمَّا يُحِبُّ. 10 فَخُذِ الطَّعَامَ لِأبِيكَ لِيَأْكُلَهُ، لِكَي يُبَارِكَكَ قَبْلَ مَوْتِهِ.»

11 فَقَالَ يَعْقُوبُ لِأُمِّهِ رِفْقَةَ: «أخِي كَثِيرُ الشَّعْرِ، وَأمَّا أنَا فَأملَسُ الجِلْدِ. 12 فَإذَا لَمَسَنِي، اكتَشَفَ أنِّي أُحَاوِلُ خِدَاعَهُ. وَبِهَذَا سَأجْلِبُ عَلَى نَفْسِي لَعْنَةَ وَالِدِي بَدَلًا مِنْ بَرَكَتِهِ.»

13 فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «لِتَأْتِ عَلَيَّ أيَّةُ لَعْنَةٍ تُطلَقُ عَلَيكَ. فَافْعَلْ مَا أقُولُهُ لَكَ. اذْهَبْ وَأحضِرِ الجَدْيَينِ!»

14 فَمَضَى وَأمسَكَ الجَدْيَينِ وَأحضَرَهُمَا لِأُمِّهِ. فَأعَدَّتْ طَعَامًا طَيِّبًا مِمَّا يُحِبُّ أبوْهُ. 15 ثُمَّ أخَذَتْ رِفْقَةُ أفْضَلَ مَلَابِسِ بِكْرِهَا عِيسُو الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا فِي البَيْتِ، وَألبَسَتْهَا لِابْنِهَا الأصْغَرِ. 16 وَوَضَعَتْ جُلُودَ جَدْيِ المِعزَى عَلَى يَدَيهِ وَعَلَى عُنْقِهِ الأملَسِ. 17 وَأعطَتِ ابْنَهَا يَعْقُوبَ الطَّعَامَ الطَّيِّبَ وَالخُبْزَ الَّذِي أعَدَّتْهُ.

18 فَذَهَبَ يَعْقُوبُ إلَى أبِيهِ وَقَالَ: «يَا أبِي.»

فَقَالَ إسْحَاقُ: «نَعَمْ، يَا ابْنِي. أيُّ وَلَدَيَّ أنْتَ؟»

19 فَقَالَ يَعْقُوبُ لِأبِيهِ: «أنَا عِيسُو بِكْرُكَ. وَقَدْ فَعَلْتُ كَمَا طَلَبْتَ مِنِّي. فَتَعَالَ وَاجلِسْ وَكُلْ مِمَّا اصْطَدْتُ، لِكَي تُبَارِكَنِي.»

20 فَقَالَ إسْحَاقُ لِيَعْقُوبَ: «كَيفَ وَجَدْتَ صَيدًا بِهَذِهِ السُّرْعَةِ يَا بُنَيَّ؟» فَقَالَ: «لِأنَّ إلَهَكَ وَضَعَهُ فِي طَرِيقِي.»

21 فَقَالَ إسْحَاقُ لِيَعْقُوبَ: «اقْتَرِبْ لِألمَسَكَ يَا بُنَيَّ، فَأعرِفَ إنْ كُنْتَ حَقًّا ابْنِي عِيسُو.»

22 فَاقْتَرَبَ يَعْقُوبُ مِنْ إسْحَاقَ أبِيهِ، فَلَمَسَهُ إسْحَاقُ. ثُمَّ قَالَ إسْحَاقُ: «صَوْتُكَ كَصَوْتِ يَعْقُوبَ، أمَّا مَلْمَسُ يَدَيكَ فَكَمَلْمَسِ يَدَي عِيسُو.» 23 لَمْ يَسْتَطِعْ إسْحَاقُ أنْ يُمَيِّزَ يَعْقُوبَ، لِأنَّ يَدَي يَعْقُوبَ كَانَتَا غَزيرَتَيِ الشَّعْرِ كَيَدَي أخِيهِ عِيسُو. فَبَارَكَهُ إسْحَاقُ.

24 وَقَالَ لَهُ: «أأنْتَ حَقًّا عِيسُو ابْنِي؟»

فَقَالَ يَعْقُوبُ: «نَعَمْ أنَا هُوَ!»

بَرَكَةُ يَعْقُوب

25 فَقَالَ إسْحَاقُ: «أعْطِنِي بَعْضًا مِنَ اللَّحْمِ لِآكُلَ يَا بُنَيَّ، لِكَي أُبَارِكَكَ.» فَأعطَاهُ يَعْقُوبُ لَحْمًا، فَأكَلَهُ. وَأحْضَرَ أيْضًا نَبِيذًا فَشَرِبَهُ إسْحَاقُ. 26 ثُمَّ قَالَ لَهُ أبوْهُ إسْحَاقُ: «اقْتَرِبْ وَقَبِّلْنِي، يَا بُنَيَّ.» 27 فَاقْتَرَبَ يَعْقُوبُ وَقَبَّلَهُ. فَشَمَّ إسْحَاقُ رَائِحَةَ مَلَابِسِهِ، فَبَارَكَهُ. وَقَالَ:

«هَا رَائِحَةُ ابْنِي كَرَائِحَةِ حَقْلٍ بَارَكَهُ اللهُ.
28 لِيُعطِكَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ نَدَىً،
وَحُقُولًا خَصِيبَةً،
وَوَفْرَةً فِي القَمْحِ وَالنَّبِيذِ.
29 لِتَخْدِمْكَ شُعُوبٌ،
وَلْتَنْحَنِ أُمَمٌ أمَامَكَ.
وَلْتَكُنْ سَيِّدَ إخْوَتِكَ،
وَلْيَنْحَنِ لَكَ أوْلَادُ أُمِّكَ.

«فَلِيُلْعَنْ لَاعِنُوكَ،
وَلْيُبَارَكْ مُبَارِكُوكَ.»

بَرَكَةُ عِيسُو

30 وَلَمَّا انْتَهَى إسْحَاقُ مِنْ مُبَارَكَةِ يَعْقُوبَ، انصَرَفَ يَعْقُوبُ مِنْ مَحضَرِهِ. وَعَادَ أخُوهُ عِيسُو مِنْ صَيدِهِ. 31 وَأعَدَّ عِيسُو طَعَامًا طَيِّبًا وَأحْضَرَهُ لِأبِيهِ. وَقَالَ لِأبِيهِ: «يَا أبِي، قُمْ وَكُلْ مِنَ اللَّحمِ الَّذِي أحْضَرْتُ لَكَ لِكَي تُبَارِكَنِي.»

32 فَقَالَ إسْحَاقُ أبوْهُ لَهُ: «مَنْ أنْتَ؟» فَقَالَ عِيسُو: «أنَا ابْنُكَ، بِكْرُكَ عِيسُو.»

33 فَارْتَجَفَ إسْحَاقُ ارتِجَافًا عَظِيمًا وَقَالَ: «فَمَنِ الَّذِي اصطَادَ حَيَوَانًا وَأحضَرَهُ إلَيَّ إذًا؟ لَقَدْ أكَلْتُهُ كُلَّهُ وَبَارَكْتُهُ قَبْلَ أنْ تَأْتِيَ. وَسَيَكُونُ مَنْ بَارَكْتُهُ مُبَارَكًا.»

34 فَلَمَّا سَمِعَ عِيسُو كَلَامَ أبِيهِ، صَرَخَ صُرَاخًا عَالِيًا وَمُرًّا جِدًّا. وَقَالَ لِأبِيهِ: «بَارِكْنِي، أنَا أيْضًا يَا أبِي.»

35 فَقَالَ إسْحَاقُ: «جَاءَ أخُوكَ وَاحتَالَ عَلَيَّ وَأخَذَ بَرَكَتَكَ.»

36 فَقَالَ عِيسُو: «لَمْ يُخطِئْ مَنْ سَمَّاهُ يَعْقُوبَ![a] هَذِهِ هِيَ المَرَّةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يَحتَالُ فِيهَا عَلَيَّ. سَبَقَ أنْ أخَذَ حُقُوقِي كَابْنٍ بِكْرٍ،[b] وَالْآنَ أخَذَ بَرَكَتِي.» ثُمَّ قَالَ عِيسُو: «أمَا احْتَفَظْتَ لِي بِبَرَكَةٍ؟»

37 فَقَالَ إسْحَاقُ لِعِيسُو: «جَعَلْتُهُ عَلَيكَ سَيِّدًا، وَجَعَلْتُ كُلَّ إخْوَتِهِ لَهُ خُدَّامًا. وَأعْطَيْتُهُ قَمْحًا وَنَبِيذًا أيْضًا. فَمَا الَّذِي تَبَقَّى؟ وَمَاذَا يُمْكِنُنِي أنْ أفْعَلَ لَكَ، يَا ابْنِي؟»

38 فَقَالَ عِيسُو لِأبِيهِ: «أمَا عِنْدَكَ وَلَا بَرَكَةٌ وَاحِدَةٌ يَا أبِي؟ بَارِكْنِي أنَا أيْضًا، يَا أبِي!» ثُمَّ بَدَأ عِيسُو يَنُوحُ بِصَوْتٍ عَالٍ.

39 فَقَالَ لَهُ أبوْهُ:

«هَا مَسْكَنُكَ يَكُونُ بَعِيدًا عَنِ الأرَاضِي الخَصِيبَةِ،
وَبِلَا نَدَى السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ.
40 بِسَيفِكَ تَعِيشُ،
وَخَادِمًا لِأخِيكَ تَكُونُ.
لَكِنْ حِينَ تُجَاهِدُ لِتُحَرِّرَ نَفْسَكَ،
تُفلِتُ مِنْ سَيطَرَتِهِ.»

يَعْقُوبُ يَتْرُكُ البِلَاد

41 فَأبغَضَ عِيسُو يَعْقُوبَ بِسَبَبِ مُبَارَكَةِ أبِيهِ إيَّاهُ، وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «قَرُبَ وَقْتُ البُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى أبِي، ثًمَّ سَأقتُلُ يَعْقُوبَ أخِي!»

42 فَوَصَلَ إلَى مَسَامِعِ رِفْقَةَ خَبَرُ تَخْطِيطِ عِيسُو لِقَتْلِ يَعْقُوبَ. فَأرسَلَتْ فِي طَلَبِ ابْنِهَا الأصغَرِ وَقَالَتْ لَهُ: «اسْمَعْ. إنَّ أخَاكَ عِيسُو يُفَكِّرُ بِقَتْلِكَ. 43 فَاسْمَعِ الآنَ مَا أقُولُهُ، يَا ابْنِي. اذْهَبْ حَالًا إلَى بَيْتِ أخِي لَابَانَ فِي حَارَانَ. 44 وَابْقَ عِنْدَهُ بَعْضَ الوَقْتِ إلَى أنْ يَهْدَأ غَضَبُ أخِيكَ. 45 امكُثْ لَدَيهِ إلَى أنْ يَرْتَدَّ عَنْكَ غَضَبُهُ. وَيَنْسَى مَا فَعَلْتَهُ بِهِ. حِينَئِذٍ، سَأُرْسِلُ خَادِمًا يَسْتَدْعِيَكَ مِنْ هُنَاكَ. فَأنَا لَا أُرِيدُ أنْ أخْسَرَكُمَا الِاثنَيْنِ فِي نَفْسِ اليَوْمِ.»

46 وَقَالَتْ رِفقَةُ لِإسْحَاقَ: «لَقَدْ سَئِمْتُ حَيَاتِي مِنَ المَرأتَينِ الحِثِّيَّتَينِ. فَإذَا تَزَوَّجَ يَعْقُوبُ فَتَاةً حِثِّيَّةً أيْضًا مِنْ هَذِهِ الأرْضِ، فَإنِّي أُفَضِّلُ المَوْتَ.»

28 ثُمَّ دَعَا إسْحَاقُ يَعْقُوبَ وَبَارَكَهُ، وَأوصَاهُ: «لَا تَتَزَوَّجْ مِنَ امْرأةٍ كَنْعَانِيَّةٍ. بَلِ اذْهَبْ فَوْرًا إلَى فَدَّانَ أرَامَ. إلَى بَيْتِ بَتُوئِيلَ، أبِي أُمِّكَ. وَتَزَوَّجِ امْرأةً مِنْ هُنَاكَ، مِنْ بَنَاتِ خَالِكَ لَابَانَ. لِيُبَارِكْكَ اللهُ الجَبَّارُ.[c] وَلْيُعطِكَ أبْنَاءً كَثِيرِينَ فَتُصْبِحَ أبًا لِمَجمُوعَةٍ مِنَ الشُّعُوبِ. لِيُبَارِكْكَ اللهُ كَمَا بَارَكَ إبْرَاهِيمَ، أنْتَ وَنَسْلَكَ مَعًا. لِيُبَارِكْكَ هَكَذَا فَتَمْتَلِكَ الأرْضَ الَّتِي تَعِيشُ فِيهَا غَرِيبًا، الأرْضَ الَّتِي أعْطَاهَا اللهُ لِإبْرَاهِيمَ.»

فَأرْسَلَ إسْحَاقُ يَعْقُوبَ. فَمَضَى يَعْقُوبُ إلَى فَدَّانَ أرَامَ، إلَى لَابَانَ بْنِ بَتُوئِيلَ الأرَامِيِّ الَّذِي كَانَ أخَا رِفْقَةَ، أُمِّ يَعْقُوبَ وَعِيسُو.

عَلِمَ عِيسُو أنَّ إسْحَاقَ بَارَكَ يَعْقُوبَ وَأرسَلَهُ إلَى فَدَّانَ أرَامَ لِيَتَزَوَّجَ مِنِ امْرأةٍ مِنْ هُنَاكَ. وَعَلِمَ أيْضًا أنَّ إسْحَاقَ لَمَّا بَارَكَهُ أوصَاهُ: «لَا تَتَزَوَّجْ مِنَ امْرأةٍ كَنْعَانِيَّةٍ.» وَعَلِمَ أنَّ يَعْقُوبَ أطَاعَ أبَاهُ وَأُمَّهُ وَذَهَبَ إلَى فَدَّانَ أرَامَ. فَفَهِمَ عِيسُو أنَّ أبَاهُ إسْحَاقَ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا عَنِ الكَنْعَانِيَّاتِ. فَذَهَبَ عِيسُو إلَى إسْمَاعِيلَ وَتَزَوَّجَ مِنْ مَحلَةَ بِنْتِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، أُختِ نَبَايُوتَ، عَلَى زَوْجَتَيهِ.

حُلْمُ يَعْقُوبَ فِي بَيْتِ إيل

10 وَغَادَرَ يَعْقُوبُ بِئْرَ السَّبْعِ مُتَّجِهًا إلَى حَارَانَ. 11 وَوَصَلَ إلَى مَكَانٍ حَيْثُ بَاتَ لَيلَتَهُ هُنَاكَ، لِأنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرُبَتْ. فَأخَذَ أحَدَ الحِجَارَةِ فِي ذَلِكَ المَكَانِ وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأسِهِ، وَاسْتَلْقَى فِي ذَلِكَ المَكَانِ لِيَنَامَ. 12 وَرَأى فِي حُلْمٍ سُلَّمًا قَائِمَةً عَلَى الأرْضِ. وَقِمَّتُهَا تَصِلُ السَّمَاءَ. وَكَانَتْ مَلَائِكَةُ اللهِ تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ عَلَيهَا. 13 وَكَانَ اللهُ وَاقِفًا فَوْقَهَا.[d] فَقَالَ اللهُ: «أنَا إلَهُ أبِيكَ إبْرَاهِيمَ، وَإلَهُ إسْحَاقَ. سَأُعْطِيكَ وَنَسْلَكَ الأرْضَ الَّتِي أنْتَ مُضطَجِعٌ عَلَيهَا. 14 وَسَيَكُونُ نَسْلُكَ بِعَدَدِ ذَرَّاتِ تُرَابِ الأرْضِ. وَسَيَنْتَشِرُونَ غَرْبًا وَشَرْقًا وَشِمَالًا وَجَنُوبًا. وَسَتأتِي عَلَى كُلِّ شُعُوبِ الأرْضِ بَرَكَةٌ مِنْ خِلَالِكَ وَخِلَالِ نَسْلِكَ.

15 «وَهَا أنَا مَعَكَ. سَأحمِيكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ. وَسَأُعِيدُكَ إلَى هَذِهِ الأرْضِ. وَسَتَعْلَمُ أنِّي لَمْ أتْرُكْكَ حِينَ أفِي بِوَعدِي لَكَ.»

16 فَأفَاقَ يَعْقُوبُ مِنْ نَومِهِ وَقَالَ: «إنَّ اللهَ فِي هَذَا المَكَانِ حَقًّا وَأنَا لَا أعْلَمُ!»

17 فَخَافَ وَقَالَ: «مَا أرْهَبَ هَذَا المَكَانَ! مَا هَذَا سِوَى بَيْتِ اللهِ! وَمَا هَذِهِ سِوَى بَوَّابَةِ السَّمَاءِ!»

18 فَبَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ، وَأخَذَ الحَجَرَ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأسِهِ، وَأقَامَهُ نَصَبًا تَذْكَاريًّا، وَسَكَبَ فَوقَهُ زَيْتًا. 19 وَسَمَّى ذَلِكَ المَكَانَ بَيْتَ إيلَ.[e] وَكَانَ اسْمُ المَدِينَةِ لُوزًا قَبْلَ ذَلِكَ.

20 وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْرًا فَقَالَ: «إنْ كَانَ اللهُ مَعِي، وَإنْ حَمَانِي فِي رِحلَتِي هَذِهِ، وَأعطَانِي طَعَامًا لِآكُلَ وَثِيَابًا لِألبَسَ. 21 وَإنْ أرجَعَنِي بِأمَانٍ إلَى أهْلِي، فَإنَّ يهوه[f] سَيَكُونُ هُوَ إلَهِي. 22 وَسَأجْعَلُ هَذَا الحَجَرَ الَّذِي أقَمْتُهُ نَصَبًا تَذْكَاريًّا يَكُونُ بَيْتَ اللهِ. وَسَأُعْطِي اللهَ عُشْرَ كُلِّ شَيءٍ يُعطِينِي.»

لِقَاءُ يَعْقُوبَ وَرَاحِيل

29 ثُمَّ وَاصَلَ يَعْقُوبُ رِحلَتَهُ، وَوَصَلَ إلَى أرْضِ أهْلِ المَشْرِقِ. فَتَطَلَّعَ حَوْلَهُ، فَرَأى بِئْرًا فِي الحَقْلِ. وَرَأى ثَلَاثَةَ قُطْعَانٍ مِنَ المَاشِيَةِ رَابِضَةً عِنْدَهَا، تَنْتَظِرُ أنْ تُسْقَى مِنَ المَاءِ. فَقَدْ كَانَ هُنَاكَ حَجَرٌ ضَخْمٌ عَلَى فَتْحَةِ البِئْرِ. وَلَمَّا كَانَتْ تُجمَعُ كُلُّ القُطْعَانِ هُنَاكَ، كَانَ يُدَحرَجُ الحَجَرُ عَنْ فَتْحَةِ البِئْرِ، فَتُسْقَى الأغْنَامُ. وَبَعْدَ ذَلِكَ كَانُوا يُعِيدُونَ الحَجَرَ إلَى مَكَانِهِ فَوْقَ فَتْحَةِ البِئْرِ.

فَقَالَ لَهُمْ يَعْقُوبُ: «مِنْ أيْنَ أنْتُمْ، أيُّهَا الإخْوَةُ؟»

أجَابُوا: «نَحْنُ مِنْ حَارَانَ.»

فَقَالَ لَهُمْ يَعْقُوبُ: «هَلْ تَعْرِفُونَ لَابَانَ بْنَ نَاحُورَ؟» فَقَالُوا: «نَعَمْ، نَعْرِفُهُ.»

فَقَالَ لَهُمْ: «أهُوَ بِخَيرٍ؟» فَقَالُوا: «نَعَمْ، بِخَيرٍ. وَهَا هِيَ ابْنَتُهُ رَاحِيلُ قَادِمَةٌ مَعَ الغَنَمِ!»

ثُمَّ قَالَ: «انْظُرُوا، مَا زَالَ الوَقْتُ نَهَارًا. وَلَمْ يَحِنْ بَعْدُ وَقْتُ جَمْعِ المَاشِيَةِ لِلمَبِيتِ. فَاسْقُوا الغَنَمَ. وَعُودُوا بِهَا إلَى المَرْعَى.»

فَقَالُوا: «لَا نَقدِرُ أنْ نَفْعَلَ هَذَا حَتَّى تُجمَعَ كُلُّ القُطعَانِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ سَنُدَحرِجُ الحَجَرَ عَنْ فَتْحَةِ البِئْرِ وَنَسْقِي الغَنَمَ.» وَبَيْنَمَا كَانَ لَا يَزَالُ يَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ، وَصَلَتْ رَاحِيلُ مَعَ غَنَمِ أبِيهَا، فَقَدْ كَانَتْ تَرْعَى الغَنَمَ. 10 رَأى يَعْقُوبُ رَاحِيلَ بِنْتَ لَابَانَ خَالِهِ، وَقَطِيعَ لَابَانَ. فَاقْتَرَبَ يَعْقُوبُ وَدَحرَجَ الحَجَرَ عَنْ فَمِ البِئْرِ وَسَقَى قَطِيعَ خَالِهِ لَابَانَ. 11 ثُمَّ قَبَّلَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ، وَأخَذَ يَبْكِي بِصَوْتٍ عَالٍ. 12 ثُمَّ أخبَرَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ بِأنَّ أبَاهَا قَرِيبٌ لَهُ. وَأخبَرَهَا بِأنَّهُ ابْنُ رِفْقَةَ.

13 فَلَمَّا سَمِعَ لَابَانُ عَنْ ابْنِ أُختِهِ يَعْقُوبَ، رَكَضَ لِمُلَاقَاتِهِ، وَعَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، وَأتَى بِهِ إلَى بَيْتِهِ. ثُمَّ أخبَرَ يَعْقُوبُ لَابَانَ عَنْ كُلِّ مَا حَصَلَ.

14 فَقَالَ لَهُ لَابَانُ: «أنْتَ مِنْ دَمِي وَلَحْمِي حَقًّا!» وَبَقِيَ يَعْقُوبُ عِنْدَهُ شَهْرًا كَامِلًا.

لَابَانُ يَخْدَعُ يَعْقُوب

15 ثُمَّ قَالَ لَابَانُ لِيَعْقُوبَ: «لَا يُعقَلُ أنْ تَخْدِمَنِي مَجَّانًا لِأنَّكَ قَرِيبِي. فَأخبِرْنِي مَاذَا تُرِيدُ أنْ يَكُونَ أجرُكَ.»

16 وَكَانَ لِلَابَانَ ابْنَتَانِ، اسْمُ الكُبْرَى لَيئَةُ، وَاسْمُ الصُّغرَى رَاحِيلُ.

17 وَكَانَتْ عَينَا لَيئَةَ رَقيِقَتَينِ،[g] أمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ رَائِعَةَ القَوَامِ وَجَمِيلَةَ الشَّكلِ. 18 وَكَانَ يَعْقُوبُ يُحِبُّ رَاحِيلَ، فَقَالَ: «سَأخدِمُكَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ مُقَابِلَ أنْ تُزَوِّجَنِي مِنِ ابْنَتِكَ رَاحِيلَ.»

19 فَقَالَ لَابَانُ: «أنْ أُعْطِيَهَا لَكَ أفْضَلُ لِي مِنْ أنْ أُعْطِيَهَا لِرَجُلٍ آخَرَ. فَابْقَ مَعِي.»

20 فَخَدَمَ يَعْقُوبُ سَبْعَ سَنَوَاتٍ مِنْ أجْلِ رَاحِيلَ. لَكِنَّهَا بَدَتْ فِي عَيْنَيْهِ أيَّامًا قَلِيلَةً بِسَبَبِ حُبِّهِ لَهَا.

21 فَقَالَ يَعْقُوبُ لِلَابَانَ: «لَقَدْ أنهَيتُ سَنَوَاتِ خِدْمَتِي الَّتِي طَلَبْتَهَا مِنِّي، فَأعْطِنِي زَوْجَتِي فَأُعَاشِرَهَا.»

22 فَجَمَعَ لَابَانُ كُلَّ أهْلِ المِنْطَقَةِ، وَأقَامَ وَلِيمَةَ عُرْسٍ. 23 وَفِي المَسَاءِ أخَذَ لَابَانُ ابْنَتَهُ لَيئَةَ وَأحضَرَهَا لِيَعْقُوبَ، فَعَاشَرَهَا. 24 وَأعْطَى لَابَانُ خَادِمَتَهُ زِلْفَةَ لِابْنَتِهِ لَيئَةَ لِتَكُونَ خَادِمَةً لَهَا. 25 وَفِي الصَّبَاحِ اكتَشَفَ يَعْقُوبُ أنَّ المَرْأةَ الَّتِي عَاشَرَهَا هِيَ لَيئَةُ. فَقَالَ لِلَابَانَ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتَهُ بِي؟ أمَا خَدَمْتُكَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ مِنْ أجْلِ رَاحِيلَ؟ فَلِمَاذَا خَدَعْتَنِي؟»

26 فَقَالَ لَابَانُ: «لَيسَ مِنْ عَادَتِنَا فِي هَذِهِ البِلَادِ أنْ نُزَوِّجَ البِنْتَ الصُّغْرَى قَبْلَ الكُبْرَى. 27 فَأكْمِلْ أُسْبُوعَ احتِفَالَاتِ الزَّوَاجِ مَعَ الكُبْرَى. وَأنَا أعِدُ بِأنْ أُزَوِّجَكَ الصُّغرَى أيْضًا إذَا خَدَمْتَنِي سَبْعَ سَنَوَاتٍ أُخْرَى.»

28 وَهَكَذَا فَعَلَ يَعْقُوبُ. إذْ أكمَلَ أُسْبُوعَ احتِفَالَاتِ الزَّوَاجِ مَعَ الكُبْرَى. وَبَعْدَ هَذَا زَوَّجَهُ لَابَانُ مِنِ ابْنَتِهِ رَاحِيلَ. 29 وَأعْطَى لَابَانُ خَادِمَتَهُ بِلْهَةَ لِابْنَتِهِ رَاحِيلَ لِتَكُونَ خَادِمَةً لَهَا. 30 فَعَاشَرَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ أيْضًا. وَأحَبَّ رَاحِيلَ أكْثَرَ مِنْ لَيئَةَ. وَاشْتَغَلَ عِنْدَ لَابَانَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ أُخْرَى.

نُمُوُّ عَائِلةِ يَعْقُوب

31 وَرَأى اللهُ أنَّ لَيئَةَ كَانَتْ مَكْرُوهَةً، فَمَكَّنَهَا مِنَ الإنجَابِ. أمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ عَاقِرًا.

32 وَحَبِلَتْ لَيئَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا سَمَّتْهُ رَأُوبَيْنَ،[h] فَقَدْ قَالَتْ: «رَأى اللهُ مَذَلَّتِي. وَالْآنَ لَا بُدَّ أنْ يُحِبَّنِي زَوْجِي!»

33 ثُمَّ حَبِلَتْ لَيئَةُ ثَانِيَةً وَوَلَدَتِ ابْنًا، فَقَالَتْ: «لَقَدْ أعطَانِي اللهُ هَذَا الوَلَدَ لِأنَّهُ سَمِعَ أنِّي مَكْرُوهَةٌ.» فَسَمَّتْهُ شِمْعُونَ.[i]

34 وَحَبِلَتْ لَيئَةُ مَرَّةً أُخْرَى وَوَلَدَتِ ابْنًا، فَقَالَتْ: «لَا بُدَّ أنَّ زَوْجِي سَيَتَعَلَّقُ بِي هَذِهِ المَرَّةَ، لِأنِّي أنجَبْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ أبْنَاءٍ.» وَلِهَذَا سَمَّتْهُ لَاوِيَ.[j]

35 وَحَبِلَتْ لَيئَةُ مَرَّةً أُخْرَى وَوَلَدَتِ ابْنًا، فَقَالَتْ: «هَذِهِ المَرَّةَ سَأُسَبِّحُ اللهَ.» وَسَمَّتْهُ يَهُوذَا.[k] ثُمَّ تَوَقَّفَتْ عَنِ الإنْجَابِ.

Notas al pie

  1. 27‏:36 يعقوب أيْ «يعقُب،» أوْ «يَتَعَقَّب.»
  2. 27‏:36 حقوقي كَابن بِكْر كَانَ الِابْن البكر يحصل عَلَى نصف الميرَاث بَعْدَ موتْ أبيه ويترأس العَائلة.
  3. 28‏:3 الله الجَبَّار حرفيًا «إيل شدَّاي.»
  4. 28‏:13 فَوقَهَا أوْ «إلَى جَانِبِهَا.»
  5. 28‏:19 بيتَ إيل أيْ «بيتَ الله.»
  6. 28‏:21 يهوه أقْرَب مَعْنَى لِهذَا الاسْم «الكَائن.»
  7. 29‏:17 … عينَا ليئة رقيقتْين ربمَا هَذِهِ طريقة مهذّبة للقول إن ليئة لَمْ تْكن جميلة جدًّا.
  8. 29‏:32 رَأُوبَين مَعْنَاهُ «هوذَا ابْن!»
  9. 29‏:33 شمعون مَعْنَاهُ «سمَاع.»
  10. 29‏:34 لَاوي مَعْنَاهُ «يَقْرِنُ» أوْ «يَجْمَعُ.»
  11. 29‏:35 يَهُوذَا مَعْنَاهُ «هُوَ يَحْمَدُ.»