تكريم مردخاي

فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَرِقَ الْمَلِكُ، فَأَمَرَ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِ بِكِتَابِ تَاريِخِ أَيَّامِ الْمَمْلَكَةِ، فَقُرِئَ عَلَى الْمَلِكِ، وَإذَا مَكْتُوبٌ فِيهِ مَا كَشَفَهُ مُرْدَخَايُ عَنْ مُؤَامَرَةِ بِغْثَانَا وَتَرَشَ خَصِيَّيِ الْمَلِكِ وَحَاجِبَيِ الْبَابِ اللَّذَيْنِ خَطَّطَا لاِغْتِيَالِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. فَسَأَلَ الْمَلِكُ: «أَيَّةُ مُكَافَأَةٍ وَإِكْرَامٍ أَجْزَلْتُهُمَا لِمُرْدَخَايَ مِنْ أَجْلِ هَذَا؟» فَأَجَابَهُ رِجَالُهُ الْقَائِمُونَ عَلَى خِدْمَتِهِ: «لَمْ يُكَافَأْ بِشَيْءٍ». فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَنْ فِي سَاحَةِ الْقَصْرِ؟» وَكَانَ هَامَانُ قَدْ دَخَلَ سَاحَةَ قَصْرِ الْمَلِكِ الْخَارِجِيَّةَ لِيَطْلُبَ مِنَ الْمَلِكِ أَنْ يَأْمُرَ بِصَلْبِ مُرْدَخَايَ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لَهُ. فَأَجَابَ رِجَالُ الْمَلِكِ: «هَا هُوَ هَامَانُ وَاقِفٌ فِي السَّاحَةِ». فَقَالَ الْمَلِكُ: «لِيَدْخُلْ». وَعِنْدَمَا مَثَلَ هَامَانُ أَمَامَهُ سَأَلَهُ الْمَلِكُ: «أَيَّةُ مُكَافَأَةٍ يَمْنَحُهَا الْمَلِكُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْرِزُ مَسَرَّتَهُ؟» فَقَالَ هَامَانُ فِي نَفْسِهِ: «مَنْ يَرْغَبُ الْمَلِكُ أَنْ يُكْرِمَهُ أَكْثَرَ مِنِّي؟» ثُمَّ أَجَابَ الْمَلِكَ: «تُخْلَعُ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي يَرْغَبُ الْمَلِكُ فِي إِكْرَامِهِ الثِّيَابُ الْمَلَكِيَّةُ الَّتِي يَرْتَدِيهَا الْمَلِكُ، وَيُؤْتَى بِالْفَرَسِ الَّذِي يَرْكَبُهُ الْمَلِكُ، وَالتَّاجِ الَّذِي يَضَعُهُ الْمَلِكُ عَلَى رَأْسِهِ، وَلْيُعْهَدْ بِها جَمِيعِهَا إِلَى أَحَدِ أَشْرَافِ أُمَرَاءِ الْمَلِكِ فَيُلْبِسَهَا هَذَا الرَّجُلَ وَيُرْكِبَهُ عَلَى فَرَسِ الْمَلِكِ وَيَقُودَ مَوْكِبَهُ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ يَهْتِفُ: ’هَكَذَا يُكَافَأُ الرَّجُلُ الَّذِي يَرْغَبُ الْمَلِكُ فِي إِكْرَامِهِ‘».

10 عِنْدَئِذٍ قَالَ الْمَلِكُ لِهَامَانَ: «حَسَناً، أَسْرِعْ وَخُذْ هَذِهِ الثِّيَابَ الْمَلَكِيَّةَ وَفَرَسِي وَافْعَلْ كُلَّ مَا اقْتَرَحْتَهُ لِمُرْدَخَايَ الْيَهُودِيِّ حَاجِبِ الْمَلِكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَغْفَلَ شَيْئاً». 11 فَأَخَذَ هَامَانُ الثِّيَابَ الْمَلَكِيَّةَ وَأَلْبَسَهَا لِمُرْدَخَايَ وَأَرْكَبَهُ عَلَى فَرَسِ الْمَلِكِ، وَقَادَ مَوْكِبَهُ عَبْرَ شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ هَاتِفاً: «هَكَذَا يُكَافِئُونَ الرَّجُلَ الَّذِي يَرْغَبُ الْمَلِكُ فِي إكْرَامِهِ».

12 ثُمَّ عَادَ مُرْدَخَايُ إِلَى عَمَلِهِ. أَمَّا هَامَانُ فَأَسْرَعَ إِلَى بَيْتِهِ يَجُرُّ وَرَاءَهُ أَذْيَالَ الْخِزْيِ 13 وَعِنْدَمَا سَرَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ زَرَشَ وَعَلَى الْمُقَرَّبِينَ إِلَيْهِ مَا حَدَثَ لَهُ قَالَ لَهُ مُشِيرُوهُ وَزَوْجَتُهُ: «إِنْ كَانَ مُرْدَخَايُ الَّذِي أَخَذَ يَغْلِبُ عَلَيْكَ يَنْتَمِي إِلَى الْجِنْسِ اليَهُودِيِّ فَإِنَّكَ لَنْ تَتَمَكَّنَ مِنَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بَلْ لابُدَّ أَنْ تَهْلِكَ أَمَامَهُ». 14 وَفِيمَا هُمْ يَتَدَاوَلُونَ فِي الأَمْرِ أَقْبَلَ رُسُلُ الْمَلِكِ يَسْتَدْعُونَ هَامَانَ لِيُسْرِعَ فِي الْحُضُورِ إِلَى المَأْدُبَةِ الَّتِي أَقَامَتْهَا أَسْتِيرُ.

إعدام هامان

وَحَضَرَ الْمَلِكُ وَهَامَانُ مَأْدُبَةَ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةِ. وَبَيْنَمَا كَانَا يَشْرَبَانِ الْخَمْرَ سَأَلَ الْمَلِكُ أَسْتِيرَ: «مَا هِيَ طِلْبَتُكِ يَا أَسْتِيرُ الْمَلِكَةُ فَتُوْهَبَ لَكِ؟ مَا هُوَ سُؤْلُكِ وَلَوْ إِلَى نِصْفِ الْمَمْلَكَةِ؟» فَأَجَابَتِ الْمَلِكَةُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ حَظِيتُ بِرِضَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ وَإِنْ طَابَ لِلْمَلِكِ فَإِنَّ طِلْبَتِي أَنْ تَحْفَظَ حَيَاتِي، وَسُؤْلِي أَنْ تُنْقِذَ شَعْبِي، لأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بَيْعِي أَنَا وَشَعْبِي لِلْهَلاكِ وَالْقَتْلِ وَالإِبَادَةِ. وَلَوْ أَنَّهُمْ بَاعُونَا عَبِيداً وَإِمَاءً لَكُنْتُ سَكَتُّ، لأَنَّ هَذَا الأَمْرَ لَا يُبَرِّرُ إِزْعَاجَ الْمَلِكِ». فَقَالَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ لِلْمَلِكَةِ أَسْتِيرَ: «مَنْ هُوَ هَذَا الَّذِي يَجْرُؤُ أَنْ يَرْتَكِبَ مِثْلَ هَذَا؟ أَيْنَ هُوَ؟»

فَأَجَابَتْ: «إِنَّ هَذَا الْخَصْمَ وَالْعَدُوَّ هُوَ هَامَانُ الشِّرِّيرُ». فَارْتَاعَ هَامَانُ أَمَامَ الْمَلِكِ وَالْمَلِكَةِ. وَانْصَرَفَ الْمَلِكُ عَنِ الشُّرْبِ مُغْتَاظاً، وَمَضَى إِلَى حَدِيقَةِ الْقَصْرِ. وَوَقَفَ هَامَانُ يَتَوَسَّلُ إِلَى أَسْتِيرَ الْمَلِكَةِ حِفَاظاً عَلَى حَيَاتِهِ، لأَنَّهُ أَدْرَكَ أَنَّ الْمَلِكَ قَدْ قَرَّرَ مَصِيرَهُ الرَّهِيبَ. وَعِنْدَمَا رَجَعَ الْمَلِكُ مِنْ حَدِيقَةِ الْقَصْرِ إِلَى قَاعَةِ الْمَأْدُبَةِ، وَجَدَ هَامَانَ مُنْطَرِحاً عَلَى الأَرِيكَةِ الَّتِي كَانَتْ أَسْتِيرُ تَجْلِسُ عَلَيْهَا. فَقَالَ الْمَلِكُ: «أَيَتَحَرَّشُ أَيْضاً بِالْمَلِكَةِ وَهِيَ مَعِي، وَفِي الْقَصْرِ؟» وَمَا إِنْ نَطَقَ الْمَلِكُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ حَتَّى غَطَّوْا وَجْهَ هَامَانَ. فَقَالَ حَرْبُونَا أَحَدُ الْخِصْيَانِ الْمَاثِلِينَ فِي حَضْرَةِ الْمَلِكِ: «هَا هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي أَعَدَّهَا هَامَانُ لِصَلْبِ مُرْدَخَايَ، الَّذِي أَسْدَى لِلْمَلِكِ خَيْراً، مَنْصُوبَةٌ فِي بَيْتِ هَامَانَ، وَارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعاً». فَقَالَ الْمَلِكُ: «اصْلِبُوهُ عَلَيْهَا». 10 فَصَلَبُوا هَامَانَ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِمُرْدَخَايَ. ثُمَّ هَدَأَتْ حِدَّةُ غَضَبِ الْمَلِكِ.

مرسوم الملك لصالح اليهود

فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهَبَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ لِلْمَلِكَةِ أَسْتِيرَ بَيْتَ هَامَانَ عَدُوِّ الْيَهُودِ. وَمَثَلَ مُرْدَخَايُ أَمَامَ الْمَلِكِ لأَنَّ أَسْتِيرَ أَطْلَعَتْهُ عَلَى قَرَابَتِهِ مِنْهَا، فَنَزَعَ الْمَلِكُ خَاتَمَهُ الَّذِي اسْتَرَدَّهُ مِنْ هَامَانَ وَأَعْطَاهُ لِمُرْدَخَايَ، وَطَلَبَتْ أَسْتِيرُ مِنْ مُرْدَخَايَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى مُمْتَلَكَاتِ هَامَانَ.

ثُمَّ عَادَتْ أَسْتِيرُ وَكَلَّمَتِ الْمَلِكَ، وَانْطَرَحَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، وَتَوَسَّلَتْ إِلَيْهِ بَاكِيَةً لِيُبْطِلَ مُؤَامَرَةَ هَامَانَ الأَجَاجِيِّ وَتَدْبِيرَاتِهِ الَّتِي خَطَّطَهَا ضِدَّ الْيَهُودِ، فَمَدَّ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ صَوْلَجَانَ الذَّهَبِ، فَنَهَضَتْ وَوَقَفَتْ أَمَامَهُ وَقَالَتْ: «إِذَا طَابَ لِلْمَلِكِ وَحَظِيتُ بِرِضَاهُ، وَاسْتَصْوَبَ الْمَلِكُ الرَّأْيَ، وَرُقْتُ أَنَا فِي عَيْنَيْهِ، فَلْيُصْدِرِ الْمَلِكُ أَوَامِرَ تُلْغِي رَسَائِلَ تَدْبِيرَاتِ هَامَانَ بْنِ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيِّ، الَّتِي بَعَثَ بِها لإِبَادَةِ الْيَهُودِ الْمُقِيمِينَ فِي كُلِّ أَقَالِيمِ الْمَلِكِ، إِذْ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ أَرَى الشَّرَّ يَحِيقُ بِشَعْبِي؟ وَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ أَشْهَدَ هَلاكَ أَبْنَاءِ جِنْسِي؟»

فَقَالَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ لِلْمَلِكَةِ أَسْتِيرَ وَلِمُرْدَخَايَ الْيَهُودِيِّ: «لَقَدْ أَعْطَيْتُ مُمْتَلَكَاتِ هَامَانَ لأَسْتِيرَ، وَصَلَبْتُهُ هُوَ عَلَى خَشَبَةٍ، لأَنَّهُ حَاوَلَ أَنْ يَمُسَّ الْيَهُودَ بِسُوءٍ. فَاكْتُبَا أَنْتُمَا إِلَى الْيَهُودِ بِكُلِّ مَا تَرَيَانِهِ مُنَاسِباً بِاسْمِ الْمَلِكِ، وَاخْتُمَاهُ بِخَاتَمِهِ، لأَنَّ الْمَرَاسِيمَ الَّتِي تُسَنُّ بِاسْمِ الْمَلِكِ وَتُخْتَمُ بِخَاتَمِهِ لَا تُبْطَلُ».

فَاسْتُدْعِيَ كُتَّابُ الْمَلِكِ عَلَى التَّوِّ، فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ شَهْرِ سِيوَانَ، (تَمُّوزَ – يُولْيُو) وَكَتَبُوا مَا أَمْلاهُ عَلَيْهِمْ مُرْدَخَايُ إِلَى الْيَهُودِ وَالْحُكَّامِ وَالْوُلاةِ وَرُؤَسَاءِ الأَقَالِيمِ، الَّتِي تَمْتَدُّ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى كُوشٍ، وَالْبَالِغُ عَدَدُهَا مِئَةً وَسَبْعَةً وَعِشْرِينَ إِقْلِيماً إِلَى كُلِّ إِقْلِيمٍ بِلُغَتِهِ وَلَهْجَةِ شَعْبِهِ، وَإِلَى الْيَهُودِ بِلُغَتِهِمْ وَلَهْجَتِهِمْ. 10 وَهَكَذَا كُتِبَتْ هَذِهِ الْمَرَاسِيمُ بِاسْمِ الْمَلِكِ، وَخُتِمَتْ بِخَاتَمِهِ، وَحَمَلَهَا رُكَّابُ الْجِيَادِ وَالْبِغَالِ عَلَى بَرِيدِ خَيْلِ الْمَلِكِ الأَصِيلَةِ، 11 وَفِيهَا خَوَّلَ الْمَلِكُ الْيَهُودَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أَنْ يَتَآزَرُوا لِلدِّفَاعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَيُهْلِكُوا وَيَقْتُلُوا وَيَسْتَأْصِلُوا أَيَّةَ قُوَّةٍ مُسَلَّحَةٍ تَابِعَةٍ لأَيِّ شَعْبٍ أَوْ إِقْلِيمٍ تُهَاجِمُهُمْ مَعَ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَأَنْ يَسْتَوْلُوا عَلَى غَنَائِمِهِمْ، 12 فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، هُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، (آذَارَ – مَارِسَ)، وَذَلِكَ فِي جَمِيعِ أَقَالِيمِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. 13 وَقَدْ وُزِّعَتْ نُسَخٌ مِنَ الْمَرْسُومِ الصَّادِرِ عَلَى كُلِّ أَرْجَاءِ الْبِلادِ، وَأُذِيعَتْ بَيْنَ كُلِّ الأُمَمِ، وَكَانَ عَلَى الْيَهُودِ أَنْ يَتَأَهَّبُوا لِهَذَا الْيَوْمِ لِلانْتِقَامِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ. 14 فَحَمَلَ رُكَّابُ الْجِيَادِ وَالْبِغَالِ الْبَرِيدَ وَانْطَلَقُوا مُسْرِعِينَ يَحُثُّهُمْ أَمْرُ الْمَلِكِ، كَمَا أُذِيعَ الْمَرْسُومُ فِي الْعَاصِمَةِ شُوشَنَ.

15 وَخَرَجَ مُرْدَخَايُ مِنْ حَضْرَةِ الْمَلِكِ بِثِيَابٍ مُلَوَّنَةٍ بِأَلْوَانٍ زَرْقَاءَ وَبَيْضَاءَ، وَعَلَى هَامَتِهِ تَاجٌ ذَهَبِيٌّ عَظِيمٌ، وَعَلَى كَتِفَيْهِ عَبَاءَةٌ مِنْ كَتَّانٍ وَأُرْجُوَانٍ، وَغَمَرَتِ الْبَهْجَةُ وَالْفَرْحَةُ مَدِينَةَ شُوشَنَ، 16 وَعَمَّتِ الْيَهُودَ الْغِبْطَةُ وَالسَّعَادَةُ وَنُورُ الْفَرَحِ الْمُتَأَلِّقُ، وَنَالَهُمُ الإِكْرَامُ. 17 وَسَادَ الْفَرَحُ يَهُودَ كُلِّ بِلادِ الْمَمْلَكَةِ وَمُدُنِهَا عِنْدَمَا وَصَلَهُمْ مَرْسُومُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ، فَأَقَامُوا الْوَلائِمَ وَاحْتَفَلُوا. وَكَثِيرُونَ مِنْ أَبْنَاءِ أُمَمِ الأَقَالِيمِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ الْخَوْفَ مِنَ الْيَهُودِ طَغَى عَلَيْهِمْ.

انتصار اليهود

وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، (آذَارَ – مَارِسَ)، حِينَ آنَ أَوَانُ تَنْفِيذِ أَمْرِ الْمَلِكِ وَحُكْمِهِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَعْدَاءُ الْيَهُودِ يَرْجُونَ التَّسَلُّطَ عَلَيْهِمِ، انْقَلَبَ المَوْقِفُ ضِدَّهُمْ، فَتَسَلَّطَ الْيَهُودُ عَلَى أَعْدَائِهِمْ. وَتَجَمَّعَ الْيَهُودُ فِي مُدُنِهِمْ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ دِيَارِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ لِيُدَافِعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ ضِدَّ السَّاعِينَ لإِيذَائِهِمْ، فَلَمْ يَجْرُؤْ أَحَدٌ عَلَى مُجَابَهَتِهِمْ لأَنَّ الرُّعْبَ مِنْهُمْ هَيْمَنَ عَلَى جَمِيعِ الأُمَمِ، وَقَامَ رُؤَسَاءُ الأَقَالِيمِ وَالْحُكَّامُ وَالْوُلاةُ وَوُكَلاءُ الْمَلِكِ بِمُسَاعَدَةِ الْيَهُودِ خَوْفاً مِنْ مُرْدَخَايَ، لأَنَّهُ أَصْبَحَ يَتَمَتَّعُ بِنُفُوذٍ عَظِيمٍ فِي قَصْرِ الْمَلِكِ، وَذَاعَ صِيتُهُ فِي كُلِّ الأَقَالِيمِ، بَعْدَ أَنْ تَزَايَدَتْ شُهْرَتُهُ وَعَظَمَتُهُ.

وَقَهَرَ الْيَهُودُ جَمِيعَ أَعْدَائِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ بِالسَّيْفِ وَأَهْلَكُوهُمْ، وَفَعَلُوا بِهِمْ مَا شَاءُوا، فَأَبَادُوا فِي الْعَاصِمَةِ شُوشَنَ خَمْسَ مِئَةِ رَجُلٍ.

كَمَا قَتَلُوا فَرْشَنْدَاثَا وَدَلْفُونَ وَأَسْفَاثَا، وَفُورَاثَا وَأَدَلْيَا وَأَرِيدَاثَا، وَفَرْمَشْتَا وَأَرِيسَايَ وَأَرِيدَايَ وَيِزَاثَا، 10 وَهُمْ عَشَرَةُ أَبْنَاءٍ لِهَامَانَ بْنِ هَمَداثَا عَدُوِّ الْيَهُودِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُقْدِمُوا إِطْلاقاً عَلَى النَّهْبِ.

11 فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رُفِعَ تَقْرِيرٌ بِعَدَدِ الْقَتْلَى فِي الْعَاصِمَةِ شُوشَنَ إِلَى الْمَلِكِ، 12 فَقَالَ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ الْمَلِكَةِ: «إنْ كَانَ الْيَهُودُ قَدْ قَتَلُوا فِي الْعَاصِمَةِ شُوشَنَ وَحْدَهَا خَمْسَ مِئَةِ رِجُلٍ، فَضْلاً عَنْ أَبْنَاءِ هَامَانَ الْعَشَرَةِ، فَكَمْ قَتَلُوا فِي بَاقِي أَقَالِيمِ الْمَلِكِ؟ وَالآنَ مَا هُوَ سُؤْلُكِ فَأُلَبِّيَهُ، وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ فَأَقْضِيَهَا لَكِ؟» 13 فَأَجَابَتْ: «إِنْ طَابَ لِلْمَلِكِ فَلْيُؤْذَنْ لِلْيَهُودِ فِي شُوشَنَ الْعَاصِمَةِ أَنْ يَفْعَلُوا غَداً مَا فَعَلُوهُ الْيَوْمَ وَيَصْلِبُوا أَبْنَاءَ هَامَانَ الْعَشَرَةَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14 فَأَمَرَ الْمَلِكُ بِتَنْفِيذِ الطَّلَبِ، وَأَصْدَرَ مَرْسُوماً بِذَلِكَ فِي شُوشَنَ الْعَاصِمَةِ، وَصَلَبُوا أَبْنَاءَ هَامَانَ الْعَشَرَةَ.

15 ثُمَّ اجْتَمَعَ الْيَهُودُ الْمُقِيمُونَ فِي الْعَاصِمَةِ شُوشَنَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ عَشَرَ أَيْضاً مِنْ شَهْرِ آذَارَ، وَقَتَلُوا ثَلاثَ مِئَةِ رَجُلٍ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُقْدِمُوا عَلَى النَّهْبِ.

16 كَمَا تَآزَرَ الْيَهُودُ الْبَاقُونَ الْمُنْتَشِرُونَ فِي أَقَالِيمِ الْمَلِكِ وَدَافَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَاسْتَرَاحُوا مِنْ أَعْدَائِهِمْ، بَعْدَ أَنْ قَتَلُوا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ أَلْفاً مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُقْدِمُوا عَلَى النَّهْبِ. 17 حَدَثَ هَذَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ آذَارَ، وَاسْتَرَاحُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ عَشَرَ مِنْهُ، حَيْثُ احْتَفَلُوا فِيهِ شَارِبِينَ فَرِحِينَ.

الاحتفال بالفوريم

18 أَمَّا يَهُودُ شُوشَنَ الْعَاصِمَةِ فَقَدِ اجْتَمَعُوا لِلدِّفَاعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فِي الْيَوْمَيْنِ الثَّالِثِ عَشَرَ وَالرَّابِعِ عَشَرَ مِنْهُ، ثُمَّ اسْتَرَاحُوا فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ عَشَرَ، حَيْثُ احْتَفَلُوا فِيهِ شَارِبينَ فَرِحِينَ. 19 لِهَذَا يَحْتَفِلُ الْيَهُودُ الْمُقِيمُونَ فِي مُدُنِ الْمَنَاطِقِ الرِّيفِيَّةِ بِالْيَوْمِ الرَّابِعِ عَشَرَ مِنْ آذَارَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، فَيُقِيمُونَ الْوَلائِمَ وَيَبْتَهِجُونَ وَيَتَبَادَلُونَ الْهَدَايَا.

20 وَدَوَّنَ مُرْدَخَايُ هَذِهِ الأَحْدَاثَ، وَبَعَثَ بِرَسَائِلَ إِلَى جَمِيعِ الْيَهُودِ الْقَرِيبِينَ مِنْهُ وَالْبَعِيدِينَ، الْمُنْتَشِرِينَ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ مَمْلَكَةِ فَارِسَ، 21 يَحُثُّهُمْ عَلَى الاحْتِفَالِ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي الْيَوْمَيْنِ الرَّابِعِ عَشَرَ وَالْخَامِسِ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ آذَارَ. 22 وَهُمَا الْيَوْمَانِ اللَّذَانِ اسْتَراحَ فِيهِمَا الْيَهُودُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذِي تَحَوَّلَ عِنْدَهُمْ مِنْ شَهْرِ حُزْنٍ إِلَى شَهْرِ فَرَحٍ، وَمِنْ نُوَاحٍ إِلَى احْتِفَالٍ، فَيَجْعَلُونَهُمَا يَوْمَيْ شُرْبٍ وَفَرَحٍ وَتَبَادُلِ هَدَايَا وَإِحْسَانٍ إِلَى الْفُقَرَاءِ. 23 فَقَبِلَ الْيَهُودُ مَا عَرَضَهُ عَلَيْهِمْ مُرْدَخَايُ، وَاسْتَمَرُّوا يَحْتَفِلُونَ بِذَلِكَ الْيَوْمِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، 24 تَذْكَاراً لِمُؤَامَرَةِ هَامَانَ بْنِ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيِّ عَدُوِّ الْيَهُودِ، الَّذِي سَعَى لإِبَادَتِهِمْ، وَأَلْقَى الْقُرْعَةَ، أَيْ الْفُورَ لإِفْنَائِهِمْ وَإِهْلاكِهِمْ. 25 وَلَكِنْ حَالَمَا لَفَتَتْ أَسْتِيرُ انْتِبَاهَ الْمَلِكِ إِلَى الْمُؤَامَرَةِ أَصْدَرَ مَرْسُوماً ارْتَدَّ فِيهِ كَيْدُ هَامَانَ الَّذِي كَادَهُ لِلْيَهُودِ عَلَى رَأْسِهِ، وَتَمَّ صَلْبُهُ مَعَ أَبْنَائِهِ عَلَى خَشَبَةٍ. 26 لِهَذَا دُعِيَ هَذَانِ الْيَوْمَانِ فُورِيمَ عَلَى اسْمِ «الْفُورِ» مِنْ أَجْلِ مَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ وَمِنْ جَرَّاءِ مَا شَاهَدُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا أَحْدَقَ بِهِمْ مِنْ خَطَرٍ، 27 وَوَافَقَ الْيَهُودُ عَلَى مُمَارَسَةِ هَذَا الاحْتِفَالِ فِي حَيَاتِهِمْ، وَإِحْيَائِهِ فِي ذُرِّيَّتِهِمْ وَفِي جَمِيعِ الْمُلْتَصِقِينَ بِهِمْ، لِيَظَلَّ تَذْكَاراً لَا يَزُولُ، فَيُعَيِّدُوا هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ وَفْقاً لِمَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَفِي مَوْعِدِهُمَا الْمُحَدَّدِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ. 28 وَهَكَذَا يَخْلُدُ هَذَانِ الْيَوْمَانِ وَيُحْتَفَلُ بِهِمَا مِنْ جِيلٍ إِلَى جِيلٍ، فِي كُلِّ عَشِيرَةٍ وَفِي كُلِّ إِقْلِيمٍ وَمَدِينَةٍ عَلَى مَرِّ الأَيَّامِ، فَلا يَزُولُ ذِكْرُهُمَا مِنْ بَيْنِ الْيَهُودِ وَلا يَفْنَى مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ.

29 ثُمَّ كَتَبَتِ الْمَلِكَةُ أَسْتِيرُ ابْنَةُ أَبِيحَائِلَ وَمُرْدَخَايُ الْيَهُودِيُّ بِكُلِّ سُلْطَانٍ رِسَالَةً ثَانِيَةً إِثْبَاتاً لِرِسَالَةِ الْفُورِيمِ، 30 وَبَعَثَتِ الرَّسَائِلَ إِلَى جَمِيعِ الْيَهُودِ الْمُقِيمِينَ فِي أَقَالِيمِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ الْمِئَةِ وَالسَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ، مُحَمَّلَةً بِالسَّلامِ وَالصِّدْقِ، 31 وَفِيهَا حَضٌّ عَلَى الاحْتِفَالِ بِهَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ فِي مَوْعِدَيْهِمَا الْمُقَرَّرَيْنِ، كَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ مُرْدَخَايُ الْيَهُودِيُّ وَالْمَلِكَةُ أَسْتِيرُ، وَكَمَا تَعَهَّدُوا هُمْ وَأَلْزَمُوا نَسْلَهُمْ بِمَوَاعِيدِ الصَّوْمِ وَالنُّوَاحِ، 32 فَأَوْجَبَ أَمْرُ أَسْتِيرَ مُمَارَسَةَ هَذِهِ الْمَرَاسِيمِ، وَتَمَّ تَدْوِينُهَا فِي دَرْجٍ.

عظمة مردخاي

10 وَفَرَضَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ جِزْيَةً عَلَى الأَرْضِ وَجُزُرِ الْبَحْرِ، أَمَّا مُنْجَزَاتُهُ وَمَآثِرُهُ وَمَا أَغْدَقَ عَلَى مُرْدَخَايَ مِنْ تَكْرِيمٍ حَتَّى ذَاعَ صِيتُهُ أَلَيْسَتْ هِيَ مُدَوَّنَةً فِي كِتَابِ تَارِيخِ أَخْبَارِ أَيَّامِ مُلُوكِ مَادِي وَفَارِسَ؟ فَقَدِ احْتَلَّ مُرْدَخَايُ الْيَهُودِيُّ الْمَرْتَبَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، وَتَمَتَّعَ بِمَكَانَةٍ مَرْمُوقَةٍ بَيْنَ الْيَهُودِ، وَكَانَ يَحْظَى بِرِضَى أَغْلَبِيَّةِ أَبْنَاءِ قَوْمِهِ، فَهُوَ لَمْ يَدَّخِرْ جَهْداً مِنْ أَجْلِ خَيْرِ شَعْبِهِ وَالدِّفَاعِ عَنْ مَصَالِحِ أُمَّتِهِ.

إكْرَامُ مُرْدَخَاي

وَلَمْ يَسْتَطِعْ المَلِكُ أنْ يَنَامَ فِي تِلْكَ اللَّيلَةِ، فَطَلَبَ مِنْ خُدَّامِهِ أنْ يُحضِرُوا لَهُ السِّجِلَّ الرَّسمِيَّ لِتَارِيخِ المملَكَةِ. وَعِنْدَمَا قُرِئَ السِّجِلُّ أمَامَ المَلِكِ، اكتَشَفَ أنَّ مُرْدَخَايَ هُوَ الَّذِي كَشَفَ أمْرَ بَغْثَانَا وَتَرَشَ خَادِمَي المَلِكِ وَحَارِسَي بَوَّابَةِ المَلِكِ اللَّذَيْنِ تَآمَرَا عَلَى اغتِيَالِ المَلِكِ أحَشْوِيرُوشَ.

فَقَالَ المَلِكُ: «بِمَاذَا أكْرَمْنَا مُرْدَخَايَ وَكَافأنَاهُ لِعَمَلِهِ هَذَا؟»

فَأجَابَهُ الخُدَّامُ: «لَمْ نَفعَلَ لَهُ أيُّ شَئٍ!»

فَقَالَ المَلِكُ: «مَنْ هَذَا الَّذِي فِي سَاحَةِ القَصْرِ؟» وَكَانَ هَامَانُ قَدْ دَخَلَ لِتَوِّهِ لِيَطْلُبَ مِنَ المَلِكِ أنْ يُعَلِّقَ مُرْدَخَايَ عَلَى العَمُودِ الخَشَبِيِّ الَّذِي جَهَّزَهُ لَهُ.

فَقَالَ الرِّجَالُ الَّذِينَ يَخْدِمُونَ المَلِكَ: «هَذَا هَامَانُ فِي سَاحَةِ القَصرِ.»

فَقَالَ المَلِكُ: «أدْخِلُوهُ.»

فَدَخَلَ هَامَانُ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: «مَاذَا يُصْنَعُ لِمَنْ يُرِيدُ المَلِكُ أنْ يَكْرِمَهُ؟»

فَقَالَ هَامَانُ فِي نَفْسِهِ: «لَا أحَدَ يَسْتَحِقُّ أنْ يُكْرِمَهُ المَلِكُ سِوَايَ!» وَقَالَ هَامَانُ لِلمَلِكِ: «سَأُخْبِرُكَ مَا يُصْنَعُ لِمَنْ يُرِيدُ المَلِكُ أنْ يَكْرِمَهُ. يُعْطَى ثِيَابًا مَلَكِيَّةً مِنَ الَّتِي كَانَ يَرْتَدِيهَا المَلِكُ، وَحِصَانًا كَانَ المَلِكُ قَدْ رَكِبَ عَلَيْهِ، وَيوضَعُ تَاجٌ عَلَى رَأسِهِ. تُوضَعْ هَذِهِ الثِّيَابُ وَالحِصَانُ فِي عُهدَةِ وَاحِدٍ مِنْ أنبَلِ الرُؤَسَاءِ عِنْدَ المَلِكِ. ثُمَّ يُلْبِسُ الرُّؤَسَاءُ الرَّجُلَ الَّذِي يُرِيدُ المَلِكُ أنْ يُكرِمَهُ، وَيُركِبُونَهُ عَلَى الحِصَانِ لِيَتَجَوَّلَ فِي سَاحَاتِ المَدِينَةِ، بَيْنَمَا هُمْ يَهْتِفُونَ: ‹هَذَا مَا يَنَالُهُ مَنْ يُرِيدُ المَلِكُ أنْ يُكرِمَهُ.›»

10 فَقَالَ المَلِكُ لِهَامَانَ: «إذَنْ أسرِعْ وَخُذِ الثِّيَابَ وَالحِصَانَ كَمَا قُلْتَ، وَافْعَلْ هَذَا لِمُرْدَخَايَ اليَهُودَيِّ، الَّذِي يَجْلِسُ عِنْدَ بَوَّابَةِ المَلِكِ. وَلَا تَنْسَ شَيْئًا مِنَ الأشْيَاءِ التِي قُلْتَهَا.»

11 فَأخَذَ هَامَانُ الثِّيَابَ وَألبَسَهَا لِمُرْدَخَايَ، وَأركَبَهُ عَلَى الحِصَانِ وَتَجَوَّلَ بِهِ فِي كُلِّ المَدِينَةِ. وَأعلَنَ هَامَانُ: «هَذَا مَا يَنَالُهُ مَنْ يُرِيدُ المَلِكُ أنْ يُكرِمَهُ.»

12 ثُمَّ عَادَ مُرْدَخَايُ إلَى بَوَّابَةِ المَلِكِ. أمَّا هَامَانُ فَقَدْ عَادَ مُسرِعًا إلَى بَيْتِهِ وَهُوَ يَشْعُرُ بِاليَأْسِ وَالخِزيِ. 13 وَأخْبَرَ زَوْجَتَهُ زَرَشَ وَأصدِقَاءَهُ بِكُلِّ مَا حَدَثَ. فَقَالَ لَهُ مُسْتَشَارُوهُ وَزَوْجَتُهُ: «إذَا كَانَ مُرْدَخَايُ الَّذِي بَدَأتَ تَنْهَزِمُ أمَامَهُ يَهُودِيًّا بِالفِعْلِ، فَإنَّكَ لَنْ تَنْتَصِرَ عَلَيْهِ، بَلْ سَتُهزَمُ أمَامَهُ بِالتَأْكِيدِ.» 14 وَبَيْنَمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ وَصَلَ خُدَّامُ المَلِكِ، وَاصطَحَبُوا هَامَانَ إلَى الوَلِيمَةِ التِي أعَدَّتهَا أسْتِيرُ.

قَتْلُ هَامَانَ

فَذَهَبَ المَلِكُ وَهَامَانُ إلَى الوَلِيمَةِ التِي أعَدَّتهَا المَلِكَةُ أسْتِيرُ. وَفِي اليَوْمِ التَّالِي، سَألَ المَلِكُ أسْتِيرَ ثَانِيَةً كَمَا فَعَلَ فِي اليَوْمِ الأوَّلِ لِلوَلِيمَةِ: «مَا هِيَ أُمنِيَتُكِ أيَّتُهَا المَلِكَةُ أسْتِيرُ؟ فَسَأُعْطِيهَا لَكِ، وَمَا هِيَ طِلبَتُكِ؟ حَتَّى لَوْ طَلَبتِ نِصْفَ مَملَكَتِي فَسَأُعْطِيكِ مَا تَطْلُبِينَ.»

فَأجَابَتِ المَلِكَةُ أسْتِيرُ: «إنْ رَضِيتَ أيُّهَا المَلِكُ وَاستَحْسَنتَ الأمْرَ، فَإنَّ أُمنِيَتِي أنْ تَتْرُكَنِي أعِيشُ، وَطِلبَتِي أنْ تَتْرُكَ شَعْبِي يَعِيشُ. لَقَد تَمَّ بَيعِي أنَا وَشَعْبِي لِكَي نَهلِكَ وَنُقتَلَ وَنُبَادَ. وَلَوْ تَمَّ بَيعُنَا رِجَالًا وَنِسَاءً كَعَبِيدٍ لَمَا قُلْتُ شَيْئًا، فَمِثْلُ هَذَا الضَرَرِ لَا يَسْتَحِقُّ إزعَاجَ المَلِكِ.»

فَقَالَ المَلِكُ أحَشْوِيرُوشَ لِلمَلِكَةِ أسْتِيرَ: «مَنْ هَذَا الَّذِي يُفَكِّرُ بِعَمَلِ شَيءٍ كَهَذَا؟ وَأينَ هُوَ؟»

أجَابَتْ أسْتِيرُ: «هَذَا العَدُّوُّ الشِرِّيرُ هُوَ هَامَانُ.» فَارْتَعَدَ هَامَانُ أمَامَ المَلِكِ وَالمَلِكَةِ.

فَقَامَ المَلِكُ غَاضِبًا وَخَرَجَ إلَى الحَدِيقَةِ تَارِكًا شَرَابَهُ. فَوَقَفَ هَامَانُ يَتَوَسَّلُ إلَى المَلِكَةِ أسْتِيرَ لِكَي تُنْقِذَ حَيَاتَهُ، لِأنَّهُ عَرَفَ أنَّ المَلِكَ سَيُعَاقِبُهُ.

وَإذْ رَجِعَ المَلِكُ مِنَ الحَدِيقَةِ إلَى قَاعَةِ الوَلِيمَةِ، وَجَدَ هَامَانَ مُنْطَرِحًا عَلَى الأَرِيكَةِ الَّتِي تَتَكِئُ عَلَيْهَا أسْتِيرُ. فَقَالَ المَلِكُ بِغَضَبٍ: «أيُهَاجِمُ المَلِكَةَ فِي حَضْرَتِي وَفِي بَيْتِي؟»

وَقَبْلَ أنْ يُكْمِلَ المَلِكُ جُملَتَهُ، تَمَّ قَتلُ هَامَانَ. فَقَالَ أحَدُ خُدَّامِ المَلِكِ وَاسْمُهُ حَرْبُونَا: «أعَدَّ هَامَانُ عَمُودًا خَشَبِيًّا ارتِفَاعُهُ خَمْسُونَ ذِرَاعًا[a] لِمُرْدَخَايَ – الَّذِي نَبَّهَ المَلِكَ وَأنقَذَهُ. وَمَا يَزَالُ ذَلِكَ العَمُودُ مَكَانَهُ فِي بَيْتِ هَامَانَ.»

فَقَالَ المَلِكُ: «عَلِّقُوا هَامَانَ عَلَيْهِ.»

10 فَعَلَّقُوا هَامَانَ عَلَى العَمُودِ الخَشَبِيِّ الَّذِي أعَدَّهُ لِمُرْدَخَايَ. وَهَكَذَا هَدَأ غَضَبُ المَلِكِ.

الأمْرُ المَلَكِيُّ بِمُسَاعَدَةِ اليَهُود

وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ، سَلَّمَ المَلِكُ أحَشْوِيرُوشُ لِلمَلِكَةِ أسْتِيرَ كُلَّ مُمْتَلَكَاتِ عَدُوِّ اليَهُودِ هَامَانُ. أمَّا مُرْدَخَايُ فَقَدْ جَاءَ لِيُقَابِلَ المَلِكَ، بَعْدَ أنْ أخْبَرَتْ أسْتِيرُ المَلِكَ عَنْ صِلَةِ قَرَابَتِهَا بِهِ. فَنَزَعَ المَلِكُ خَاتَمَهُ الَّذِي استَرَدَّهُ مِنْ هَامَانَ وَأعْطَاهُ لِمُرْدَخَايَ. أمَّا أسْتِيرُ فَقَدْ أوْكَلَتْ لِمُرْدَخَايَ مَهَمَّةَ الإشْرَافِ عَلَى مُمتَلَكَاتِ هَامَانَ. ثُمَّ تَكَلَّمَتْ أسْتِيرُ مَرَّةً أُخْرَى مَعَ المَلِكِ، وَسَجَدَتْ أمَامَهُ، وَبَكَتْ وَطَلَبَتْ وَقْفَ شَرِّ هَامَانَ الأجَاجِيِّ، وَمُؤَامَرَتِهِ ضِدَّ اليَهُودِ. فَمَدَّ المَلِكُ صَولَجَانَهُ الذَهَبِيِّ نَحْوَ أسْتِيرَ. فَوَقَفَتْ أستِيرُ أمَامَ المَلِكِ وَقَالَتْ: «إنْ شَاءَ المَلِكُ وَرَضِيَ عَنِّي، وَاستَحْسَنَ رَأيِي وَوَافَقَ عَلَيْهِ، فَلْيُصْدِرْ أمْرًا يُلغِي فِيهِ أمرَ هَامَانَ بْنِ هَمَدَاثَا الأجَاجِيَّ الَّذِي أصدَرَهُ لِيَقْضِيَ عَلَى اليَهُودِ فِي كُلِّ مُقَاطَعَاتِ المَلِكِ. لِأنَّهُ كَيْفَ أسْتَطِيعُ رؤْيَةَ شَعْبِي يَتألّمُ، وَكَيْفَ أسْتَطِيعُ احتِمَالَ رُؤْيَةِ أفرَادَ عَائِلَتِي يَمُوتُونَ؟»

فَقَالَ المَلِكُ أحَشْوِيرُوشَ لِلمَلِكَةِ أسْتِيرَ وَلِمُرْدَخَايَ اليَهُودِيِّ: «قَدْ سَلَّمْتُ لِأسْتِيرَ كُلَّ مُمتَلَكَاتِ هَامَانَ، لِأنَّهُ تآمَرَ لِقَتلِ اليَهُودِ. وَهَا هُوَ قَدْ عُلِّقَ عَلَى العَمُودِ الخَشَبِيِّ. فَاكتُبَا بِاسْمِ اليَهُودِ مَا تَرَيَانِهِ مُنَاسِبًا لَهُمْ، وَاختِمَاهُ بِخَاتَمِ المَلِكِ، لِأنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلغَاءُ أمْرٍ يُصدَرُ بِأمْرِ المَلِكِ وَيُختَمُ بِخَاتَمِهِ.»

وَفِي اليَوْمِ الثَالِثِ وِالعِشرِينَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّالِثِ – شَهْرِ سِيوَانَ – استَدْعَى مُرْدَخَايُ كُتَّابَ المَلِكِ، فَكَتَبُوا مَا أمَرَهُمْ بِهِ مُرْدَخَايُ تَمَامًا إلَى كُلِّ اليَهُودِ وَالحُكَّامِ وَرؤَسَاءِ البِلَادِ. وَعَدَدُ تِلْكَ البِلَادِ مِئةٌ وَسَبْعَةٌ وَعِشرُونَ إقْلِيمًا وَبَلَدًا، تَمْتَدُّ مِنَ الهِنْدِ حَتَّى الحَبَشَةِ. وَقَدْ كَتَبُوا إلَى كُلِّ إقْلِيمٍ وَبَلَدٍ بِحَسَبِ أُسلُوبِ كِتَابَتِهِ، وَإلَى كُلِّ شَعْبٍ بِحَسَبِ لُغَتِهِ، وَإلَى اليَهُودِ بِحَسَبِ أُسلُوبِ كِتَابَتِهِمْ وَبِحَسَبِ لُغَتِهِمْ.

10 وَكَتَبَ مُرْدَخَايُ كُلَّ الأوَامِرِ بِاسْمِ المَلِكِ أحَشْوِيرُوشَ وَخَتَمَهَا بِخَاتَمِهِ. ثُمَّ أرْسَلَهَا مَعَ الرُّسُلِ عَلَى ظَهْرِ الخُيُولِ المَلَكِيَّةِ السَّرِيعَةِ. 11 وَتَضَمَّنَتِ الرَسَائِلُ إذْنًا مِنَ المَلِكِ لِليَهُودِ فِي كُلِّ المُدُنِ بِأنْ يَتَوَحَّدُوا لِيُدَافِعُوا عَنْ أرْوَاحِهِمْ. وَأنْ يَقْضُوا عَلَى أيَّةِ قُوَّةٍ مُسَلَّحَةٍ لِأيِّ شَعْبٍ أوْ بَلَدٍ يُهَاجِمُهُمْ أوْ يُهَاجِمُ أوْلَادَهُمْ وَزَوْجَاتِهُمْ، فَيُدَمِّرُوهَا وَيُبيدُوهَا وَيَسْلِبُوا غَنَائِمَهَا. 12 وَكَانَ يَنْبَغِي عَمَلُ كُلَّ هَذِهِ الأُمُورِ فِي كُلِّ بِلَادِ المَلِكِ أحَشْوِيرُوشَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ – شَهرِ آذَارَ.

13 وَنُشِرَتْ نُسَخٌ مِنْ هَذَا الأمْرِ فِي كُلِّ البِلَادِ. وَأُعلِنَ ذَلِكَ لِكُلِّ النَّاسِ حَتَّى يَسْتَعِدَّ اليَهُودُ لِليَوْمِ الَّذِي سَيَنْتَقِمُونَ فِيهِ مِنْ أعْدَائِهِمْ. 14 وَبِأمرٍ مِنَ المَلِكِ، أسرَعَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الرَّسَائِلَ عَلَى الخُيُولِ المَلَكِيَّةِ. وَأُعلِنَ الأمْرُ فِي العَاصِمَةِ شُوشَنَ أيْضًا. 15 وَخَرَجَ مُرْدَخَايُ مِنْ عِنْدِ المَلِكِ بِثِيَابٍ مَلَكِيَّةٍ بَيْضَاءَ وَأُرجُوانِيَّةٍ. وَعَلَى رَأسِهِ تَاجٌ ذَهَبِيٌّ كَبِيرٌ، وَيَرْتَدِي رِدَاءً مِنَ الكِتَّانِ الأُرجُوانِيِّ. وَعَمَّتِ الفَرحَةُ مَدِينَةَ شُوشَنَ.

16 أمَّا اليَهُودُ فَكَانُوا مُبتَهِجَينَ وَفَرِحِينَ وَسُعَدَاءَ وَفَخُورِينَ. 17 وَأُقِيمَتِ الوَلَائِمُ وَالأفرَاحُ فِي كُلِّ الأمَاكِنِ وَالبِلَادِ وَالمُدُنِ التِي سَمِعَتْ بِأمْرِ المَلِكِ. وَكَثِيرُونَ مِنَ السَّاكِنِينَ فِي تِلْكَ الأرْضِ تَظَاهَرُوا بِأنَّهُمْ يَهُودٌ لِخَوفِهِمْ مِنْهُمْ.

انْتِصَارُ اليَهُود

وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ – شَهرِ آذَارَ – يَوْمَ تَنْفِيذِ مَرسُومِ المَلِكِ، وَيَوْمَ تَمَنّى أعْدَاءُ اليَهُودِ أنْ يَتَسَلَّطُوا عَلَيْهِمْ، تَغَيَّرَ الحَالُ وَتَسَلَّطَ اليَهُودَ عَلَى أعْدَائِهِمْ! فَقَدِ احتَشَدَ اليَهُودُ فِي مُدُنِهِمْ، فِي كُلِّ بِلَادِ المَلِكِ أحَشْوِيرُوشَ وَأقَالِيمِهِ لِيُهَاجِمُوا أعْدَاءَهُمْ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أحَدٌ أنْ يَصْمُدَ أمَامَهُمْ، لِأنَّ الجَمِيعَ صَارُوا يَخَافُونَ مِنْهُمْ. وَدَعَمَهُمْ كُلُّ رُؤَسَاءِ البِلَادِ وَالوُلَاةِ وَالحُكَّامِ وَوُكَلَاءِ المَلِكِ، لِأنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ مِنْ مُرْدَخَايَ. فَقَدْ صَارَ رَجُلًا مُهِمًّا فِي قَصْرِ المَلِكِ، وَاشْتَهَرَ فِي كُلِّ البِلَادِ. وَكَانَتْ هَيبَتُهُ وَعَظَمَتُهُ تَتَزَايَدَانِ يُومًا بَعْدَ يَوْمٍ.

وَهَاجَمَ اليَهُودُ أعْدَاءَهُمْ بِالسَّيْفِ، وَقَتَلُوهُمْ وَأهْلَكُوهُمْ وَفَعَلُوا بِهِمْ كُلَّ مَا يُرِيدُونَهُ. وَقَتَلُوا خَمْسَ مِئَةِ رَجُلٍ فِي العَاصِمَةِ شُوشَنَ وَحدَهَا. كَمَا قَتَلُوا فَرْشَنْدَاثَا وَدَلْفُونَ وَأسْفَاثَا وَفُوَرَاثَا وَأدَلْيَا وَأرِيدَاثَا وَفَرْمَشْتَا وَأرِيسَايَ وَأرِيدَايَ وَيِزَاثَا، 10 وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْلِبُوا أيَّةَ غَنَائِمَ. وَهَؤلَاءِ العَشْرَةُ الَّذِينَ قُتِلُوا كَانُوا أبْنَاءَ عَدُوِّ اليَهُودِ هَامَانَ بْنِ هَمَدَاثَا.

11 وَأبلَغَ الخُدَّامُ المَلِكَ، فِي ذَلِكَ اليَوْمِ نَفْسِهِ، بِعَدَدِ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي العَاصِمَةِ شُوشَنَ. 12 فَقَالَ المَلِكُ لِلمَلِكَةِ أسْتِيرَ: «لَقَدْ قَتَلَ اليَهُودُ خَمْسَ مِئَةِ رَجُلٍ فِي العَاصِمَةِ شُوشَنَ وَحْدَهَا، كَمَا قَتَلُوا أبْنَاءَ هَامَانَ العَشْرَةَ، فَكَمْ سَيَكُونُ عَدَدُ القَتلَى فِي البِلَادِ الأُخْرَى؟ وَالْآنَ مَاذَا تَتَمَنِينَ فَأفْعَلَهُ لَكِ؟ وَمَاذَا تَطْلُبِينَ فَأُعْطِيكِ؟»

13 فَقَالَتْ أسْتِيرُ: «إنِ اسْتَحْسَنَ المَلِكُ رَأيِي، فَلْيَسْمَحْ لِليَهُودِ فِي بَلْدَةِ شُوشَنَ بأِنْ يَفْعَلُوا غَدًا كَمَا فَعَلُوا اليَوْمَ. وَأنْ يُعَلَّقَ أبْنَاءُ هُامَانَ عَلَى أعْمِدَةٍ خَشَبِيَّةٍ.»

14 فَأمَرَ المَلِكُ أنْ تُنَفَّذَ طِلبَةُ أسْتِيرَ. وَأُعلِنَ الأمْرُ فِي مَدِينَةِ شُوشَنَ، فَعُلِّقَ أبْنَاءُ هَامَانَ عَلَى أعمِدَةٍ خَشَبِيَّةٍ. 15 وَفِي اليَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ آذَارَ، اجتَمَعَ اليَهُودُ الَّذِينَ فِي بَلْدَةِ شُوشَنَ مَرَّةً أُخْرَى، وَقَتَلُوا هُنَاكَ ثَلَاثَ مِئَةِ رَجُلٍ، مِنْ دُونِ أنْ يَأْخُذُوا شَيْئًا مِنَ الغَنِيمَةِ.

16 وَكَانَ بَقِيَّةُ اليَهُودِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي بِلَادِ المَلِكِ قَدِ اجتَمَعُوا فِي اليَوْمِ السَّابِقِ لِيُدَافِعُوا عَنْ أنْفُسِهِمْ وَيَتَخَلَّصُوا مِنْ أعْدَائِهِمْ. فَقَتَلُوا خَمْسةً وَسَبعِينَ ألْفَ رَجُلٍ مِنْ أعْدَائِهِمْ، وَلَمْ يَسْلِبُوا مِنْهُمْ غَنِيمَةً. 17 حَدَثَ هَذَا فِي اليَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَاستَرَاحُوا فِي اليَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَجَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ اليَوْمِ يَوْمَ فَرَحٍ وَاحتِفَالٍ وَوَلَائِمَ.

عِيدُ الفُورِيم

18 أمَّا اليَهُودُ الَّذِينَ فِي بَلْدَةِ شُوشَنَ فَقَدْ اجتَمَعُوا لِيُدَافِعُوا عَنْ أنْفُسِهِمْ فِي اليَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ، ثُمَّ استَرَاحُوا فِي اليَوْمِ الخَامِسَ عَشَرَ. وَجَعَلُوا مِنْ هَذَا اليَوْمِ عِيدًا. 19 لِذَلِكَ يَحْتَفِلُ اليَهُودُ فِي الرِّيفِ وَفِي القُرَى الصَّغِيرَةِ فِي اليَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهرِ آذَارَ، وَيَتَبَادَلُونَ الطّعَامَ وَالهَدَايَا.

20 وَكَانَ مُرْدَخَايُ يُسَجِّلُ هَذِهِ الأحْدَاثَ، وَيُرسِلُ بِالرَّسَائِلِ إلَى اليَهُودِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي بِلَادِ المَلِكِ أحَشْوِيرُوشَ القَرِيبَةِ وَالبَعِيدَةِ، 21 وَيَطْلُبُ مِنْهُمْ فِي رَسَائِلِهِ أنْ يَحْتَفِلُوا سَنَوِيًّا فِي اليَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ وَاليَوْمِ الخَامِسَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ آذَارَ. 22 وَهُمَا اليَومَانِ اللَّذَانِ تَخَلَّصَ فِيهِمَا اليَهُودُ مِنْ أعْدَائِهِمْ. فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ، تَحَوَّلَ النُّواحُ إلَى احتِفَالٍ، وَالحُزْنُ إلَى عِيدٍ. فَجَعَلُوهُمَا يَوْمَيَّ عِيدٍ وَاحتِفَالٍ، فِيهِمَا يَتَبَادَلُونَ الطَّعَامَ، وَيُعطُونَ هَدَايَا لِلفُقَرَاءِ.

23 وَالتَزَمَ اليَهودُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِمَا كَتَبَهُ إلَيْهِمْ مُرْدَخَايُ. 24 وَذَلِكَ لِأنَّ عَدُوَّ اليَهُودِ هَامَانَ بنَ هَمَدَاثَا الأجَاجِيَّ تَآمَرَ لِيَقْتُلَ اليَهُودَ، وَألقَى قُرَعًا لِيُفنِيَهُمْ. 25 لَكِنْ لَمَّا دَخَلَتْ أسْتِيرُ إلَى المَلِكِ، وَأخبَرَتْهُ بِذَلِكَ، أصدَرَ أمْرًا خَطِّيًا بِأنْ يَرتدَّ شَرُّ هَامَانَ ضِدَّ اليَهُودِ عَلَى رَأسِهِ، وَبِأنْ يُعَلَّقَ أبنَاؤهُ عَلَى أعمِدَةٍ خَشَبِيَّةٍ كَمَا عُلِّقَ هُوَ.

26 لِذَلِكَ يُسَمِّي اليَهُودُ هَذَينِ اليَوْمَينِ بِالفُورِيمِ نِسبَةً إلَى كَلِمَةِ «فُورَ» التِي تَعْنِي «قُرعَة.» وَبِسَبَبِ رِسَالَةِ مُرْدَخَايَ، وَبِسَبَبِ مَا وَاجَهَهُ اليَهُودُ، وَمَا مَرُّوا بِهِ. 27 فَقَدْ أوجَبُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ وَعَلَى أوْلَادِهِمْ وَعَلَى كُلِّ أقَارِبِهِمْ بِأنْ يَحْتَفِلُوا بِهَذَينِ اليَوْمَينِ فِي مَوعِدِهِمَا كُلِّ سَنَةٍ، تَمَامًا كَمَا كَتَبَ إلَيْهِمْ مُرْدَخَايُ.

28 وَهَكَذَا تَمَّ إحْيَاءُ ذِكرَى هَذِينِ اليَوْمَينِ مِنْ جِيلٍ إلَى جِيلٍ فِي كُلِّ عَائِلَةٍ، وَفِي كُلِّ بَلدَةٍ وَمَدِينَةٍ. وَلَمْ يَنْسَ أحَدٌ مِنَ اليَهُودِ أنْ يَحْتَفِلَ بِهَذَينِ اليَوْمَينِ عَلَى الدَّوَامِ، كَمَا التَزَمَ نَسْلُ أُولَئِكَ اليَهُودِ بِإحيَاءِ هَذِهِ الذِكرَى.

29 ثُمَّ كَتَبَتِ المَلِكَةُ أسْتِيرُ بِنْتُ أبيحَايِلَ، وَمُرْدَخَايُ اليَهُودِيُّ رِسَالَةً ثَانِيَةً بِخُصُوصِ عِيدِ الفُورِيم. 30 وَأرْسَلَ مُرْدَخَايَ رسَائِلَ يَتَمَنَّى فِيهَا السَّلَامَ وَالِاستِقرَارَ لِكُلِّ اليَهُودِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي مِئَةٍ وَسَبعةٍ وَعِشرِينَ إقْلِيمًا تَابِعًا لِمَمْلَكَةِ أحَشْوِيرُوشَ. 31 وَأكَدَّتِ الرِّسَائِلُ عَلَى أهَمِيَّةِ الِاحتِفَالِ بِالفُورِيمِ فِي مَوعِدِهِ المُحَدَّدِ الذَي عَيَّنَهُ مُرْدَخَايُ اليَهُودِيُّ وَالمَلِكَةُ أسْتِيرُ لِليَهُودِ. كَمَا أوجَبَ مُرْدَخَايُ وَأستِيرُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَفسَيهِمَا وَعَلَى نَسْلِهِمُ الصِّيَامَ وَالبُكَاءَ فِي ذِكرَى الأمْرِ بِقَتلِ اليَهُودِ. 32 فَأكَّدَتْ رِسَالَةُ أسْتِيرَ عَلَى أهَمِيَّةِ إحيَاءِ ذِكرَى الفُورِيمِ. وَدُوِّنَ ذَلِكَ فِي وَثِيقَةٍ رَسمِيَّةٍ.

إكْرَامُ مُرْدَخَاي

10 ثُمَّ فَرَضَ المَلِكُ أحَشْوِيرُوشُ الضَرَائِبَ عَلَى الشَّعْبِ وَالمُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ.

أمَّا قِصَّةَ قُوَّةِ المَلِكِ أحَشْوِيرُوشَ وَعَظَمَتَهِ، وَكَيْفَ رَقَّى مُرْدَخَايَ، فَإنّهَا مُدَوَّنَةٌ فِي كِتَابِ تَارِيخِ مُلُوكِ مَادِي وَفَارِسَ.

وَأصبَحَ مُرْدَخَايُ اليَهُودِيُّ فِي المَرتَبَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ المَلِكِ أحَشْوِيرُوشَ. وَعَظُمَ شأنُهُ عِنْدَ اليَهُودِ. نَالَ رِضَى غَالِبِيَّةِ إخْوَتِهِ اليَهُودِ، لِأنَّهُ كَانَ يَسْعَى إلَى خَيرِ شَعْبِهِ، وَيَصْنَعُ السَّلَامَ لِجَمِيعِ اليَهُودِ.

Footnotes

  1. 7‏:9 ذِرَاعٌ وِحدةٌ لقيَاسِ الطُولِ تُعَادلُ أرْبَعةً وَأرْبَعينَ سنتِمترًا وأربعة ملمترَات (وَهِيَ الذّرَاعُ القصيرةُ). أوْ تُعَادلُ إحْدى وَخَمْسِينَ سنتِمترًا وثمَاني ملمترَات (وَهِيَ الذّرَاعُ الطّويلةُ – الرّسميةُ). وَالأغلَبُ أنَّ القيَاسَ هُنَا هُوَ بِالذِّرَاعِ القصِيرةِ.