مصير واحد للجميع

هَذَا كُلُّهُ ادَّخَرْتُهُ فِي قَلْبِي وَاخْتَبَرْتُهُ: أَنَّ الأَبْرَارَ وَالْحُكَمَاءَ، وَمَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ مِنْ أَعْمَالٍ، فِي يَدِ اللهِ، وَلا أَحَدَ يَدْرِي مَا يَنْتَظِرُهُ، حُبّاً كَانَ أَمْ بُغْضاً، إِذِ الْجَمِيعُ مُعَرَّضُونَ لِنَفْسِ الْمَصِيرِ، الصَّالِحُونَ وَالطَّالِحُونَ، الأَخْيَارُ وَالأَشْرَارُ، الطَّاهِرُ وَالنَّجِسُ، الْمُقَرِّبُ لِلذَّبَائِحِ وَغَيْرُ الْمُقَرِّبِ. فَالصَّالِحُ كَالطَّالِحِ سِيَّانِ، وَالْحَالِفُ كَمَنْ يَخْشَى الْحَلْفَ. وَأَشَرُّ مَا يَجْرِي تَحْتَ الشَّمْسِ أَنَّ الْجَمِيعَ يَلْقَوْنَ نَفْسَ الْمَصِيرِ، وَأَنَّ قُلُوبَ بَنِي الْبَشَرِ مُفْعَمَةٌ بِالشَّرِّ، وَفِي حَيَاتِهِمْ تَمْتَلِئُ صُدُورُهُمْ بِالْحَمَاقَةِ، ثُمَّ يَمُوتُونَ! أَمَّا مَنْ لَا يَزَالُ حَيًّا مَعَ الأَحْيَاءِ فَلَهُ رَجَاءٌ، لأَنَّ كَلْباً حَيًّا خَيْرٌ مِنْ أَسَدٍ مَيْتٍ. لأَنَّ الأَحْيَاءَ يُدْرِكُونَ أَنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ، أَمَّا الأَمْوَاتُ فَلا يَعْلَمُونَ شَيْئاً، وَلَيْسَ لَهُمْ ثَوَابٌ بَعْدُ، إِذْ قَدْ يُنْسَى ذِكْرُهُمْ. فَقَدْ بَادَ حُبُّهُمْ وَبُغْضُهُمْ وَغَيْرَتُهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَصِيبٌ فِيمَا يَجْرِي تَحْتَ الشَّمْسِ.

فَامْضِ وَتَمَتَّعْ بِأَكْلِ طَعَامِكَ، وَاشْرَبْ خَمْرَكَ بِقَلْبٍ مُنْشَرِحٍ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ رَضِيَ الآنَ عَنْ أَعْمَالِكَ. لِتَكُنْ ثِيَابُكَ دَائِماً بَيْضَاءَ، وَلا يُعْوِزَنَّ رَأْسَكَ الطِّيبُ. تَمَتَّعْ طَوَالَ أَيَّامِ حَيَاتِكَ الْبَاطِلَةِ الَّتِي أَعْطَاكَ إِيَّاهَا الرَّبُّ تَحْتَ الشَّمْسِ مَعَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْبَبْتَهَا، لأَنَّ ذَلِكَ هُوَ حَظُّكَ مِنَ الْحَيَاةِ وَمِنْ عَنَاءِ تَعَبِكَ الَّذِي تُكَابِدُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ. 10 وَكُلُّ مَا تَحْصُلُ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ، فَاعْمَلْهُ بِكُلِّ قُوَّتِكَ، إِذْ لَنْ تَجِدَ فِي الْهَاوِيَةِ الَّتِي أَنْتَ مَاضٍ إِلَيْهَا أَيَّ عَمَلٍ أَوِ ابْتِكَارٍ أَوْ مَعْرِفَةٍ أَوْ حِكْمَةٍ.

11 وَتَطَلَّعْتُ فَرَأَيْتُ شَيْئاً آخَرَ تَحْتَ الشَّمْسِ: إِنَّ الْفَوْزَ فِي السِّبَاقِ لَيْسَ لِلسَّرِيعِ، وَالظَّفَرَ فِي الْمَعْرَكَةِ لَيْسَ لِلأَقْوِيَاءِ، وَلا الْخُبْزَ مِنْ نَصِيبِ الْحُكَمَاءِ، وَلا الغِنَى لِذَوِي الْفَهْمِ، وَلا الْحُظْوَةَ لِلْعُلَمَاءِ، لأَنَّهُمْ كَافَّةً مُعَرَّضُونَ لِتَقَلُّبَاتِ الأَوْقَاتِ وَالْمُفَاجَآتِ، 12 فَالْمَرْءُ لَا يَعْلَمُ مَتَى يَحِينُ وَقْتُهُ، فَكَمَا تَقَعُ الأَسْمَاكُ فِي شَبَكَةٍ مُهْلِكَةٍ، أَوْ تَعْلَقُ الْعَصَافِيرُ بِالْفِخَاخِ، هَكَذَا تَقْتَنِصُ الأَيَّامُ الرَّدِيئَةُ بَنِي الْبَشَرِ، إِذْ تُفَاجِئُهُمْ عَلَى حِينِ غِرَّةٍ.

الحكمة أفضل من الحماقة

13 وَشَاهَدْتُ أَيْضاً تَحْتَ الشَّمْسِ هَذِهِ الْحِكْمَةَ الَّتِي أَثَارَتْ إِعْجَابِي الْمُفْرِطَ: 14 كَانَتْ هُنَاكَ مَدِينَةٌ صَغِيرَةٌ فِيهَا نَفَرٌ قَلِيلٌ مِنَ الرِّجَالِ، أَقْبَلَ عَلَيْهَا مَلِكٌ قَوِيٌّ وَحَاصَرَهَا وَبَنَى حَوْلَهَا أَبْرَاجاً عَظِيمَةً. 15 وَكَانَ يُقِيمُ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِسْكِينٌ حَكِيمٌ أَنْقَذَ الْمَدِينَةَ بِفَضْلِ حِكْمَتِهِ. وَلَكِنَّ أَحَداً لَمْ يَذْكُرْهُ. 16 فَقُلْتُ: إِنَّ الْحِكْمَةَ خَيْرٌ مِنَ الْقُوَّةِ. غَيْرَ أَنَّ حِكْمَةَ الْمِسْكِينِ مُحْتَقَرَةٌ وَكَلامَهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ. 17 كَلامُ الْحُكَمَاءِ الْمَسْمُوعُ فِي الهُدُوءِ خَيْرٌ مِنْ صُرَاخِ الْحُكَّامِ بَيْنَ الْجُهَّالِ. 18 الْحِكْمَةُ خَيْرٌ مِنْ آلاتِ الْحَرْبِ، وَخَاطِئٌ وَاحِدٌ يُفْسِدُ خَيْراً جَزِيلاً.

10 كَمَا أَنَّ الذُّبَابَ الْمَيْتَ يُنَتِّنُ طِيبَ الْعَطَّارِ، فَإِنَّ بَعْضَ الْحَمَاقَةِ تَكُونُ أَثْقَلَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْكَرَامَةِ. قَلْبُ الْحَكِيمِ مَيَّالٌ لِعَمَلِ الْحَقِّ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ يَنْزِعُ نَحْوَ ارْتِكَابِ الشَّرِّ. حَتَّى إِذَا مَشَى الْجَاهِلُ فِي الطَّرِيقِ يَفْتَقِرُ إِلَى الْبَصِيرَةِ، وَيَقُولُ عَنْ نَفْسِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ: إِنَّهُ أَحْمَقُ.

إِذَا ثَارَ غَضَبُ الْحَاكِمِ عَلَيْكَ فَلا تَهْجُرْ مَكَانَكَ، فَإِنَّ الْهُدُوءَ يُسَكِّنُ السُّخْطَ عَلَى خَطَايَا عَظِيمَةٍ. رَأَيْتُ شَرّاً تَحْتَ السَّمَاءِ هُوَ كالسَّهْوِ الصَّادِرِ عَنِ السُّلْطَانِ: فَقَدْ تَبَوَّأَتِ الْحَمَاقَةُ مَرَاتِبَ عَالِيَةً، أَمَّا الأَغْنِيَاءُ فَقَدِ احْتَلُّوا مَقَامَاتٍ دَنِيَّةً. وَشَاهَدْتُ عَبِيداً يَمْتَطُونَ صَهَوَاتِ الْجِيَادِ، وَأُمَرَاءَ يَسِيرُونَ عَلَى الأَقْدَامِ كَالْعَبِيدِ. كُلُّ مَنْ يَحْفُرُ حُفْرَةً يَقَعُ فِيهَا، وَمَنْ يَنْقُضْ جِدَاراً تَلْدَغْهُ حَيَّةٌ. وَمَنْ يَقْلَعْ حِجَارَةً تُؤْذِهِ، وَمَنْ يُشَقِّقْ حَطَباً يَتَعَرَّضْ لِخَطَرِهَا. 10 إِنْ كَلَّ الْحَدِيدُ وَلَمْ يَشْحَذْ صَاحِبُهُ حَدَّهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْذُلَ جَهْداً أَكْبَرَ! وَالْحِكْمَةُ تُسْعِفُ عَلَى النَّجَاحِ. 11 إِنْ كَانَتِ الْحَيَّةُ تَلْدَغُ بِلا رُقْيَةٍ، فَلا مَنْفَعَةَ مِنَ الرَّاقِي. 12 كَلِمَاتُ فَمِ الرَّجُلِ الْحَكِيمِ مُفْعَمَةٌ بِالنِّعْمَةِ، أَمَّا أَقْوَالُ شَفَتَيِ الأَحْمَقِ فَتَبْتَلِعُهُ. 13 بِدَايَةُ كَلِمَاتِ فَمِهِ حَمَاقَةٌ، وَخَاتِمَةُ حَدِيثِهِ جُنُونٌ خَبِيثٌ. 14 يُكَثِّرُ الأَحْمَقُ مِنَ الْكَلامِ، وَلا أَحَدَ يَدْرِي مَاذَا سَيَكُونُ، وَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا سَيَجْرِي مِنْ بَعْدِهِ؟ 15 كَدُّ الْجَاهِلِ يُعْيِيهِ، لأَنَّهُ يَضِلُّ طَرِيقَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ.

16 وَيْلٌ لَكِ أَيَّتُهَا الأَرْضُ إِنْ كَانَ مَلِكُكِ وَلَداً، وَرُؤَسَاؤُكِ يَأْكُلُونَ إِلَى الصَّبَاحِ. 17 طُوبَى لَكِ أَيَّتُهَا الأَرْضُ إِنْ كَانَ مَلِكُكِ ابْنَ شُرَفَاءَ، وَرُؤَسَاؤُكِ يَأْكُلُونَ فِي الْمَوَاعِيدِ الْمُعَيَّنَةِ، طَلَباً لِلْقُوَّةِ وَلَيْسَ سَعْياً وَرَاءَ السُّكْرِ.

18 مِنْ جَرَّاءِ الْكَسَلِ يَنْهَارُ السَّقْفُ، وَبِتَرَاخِي الْيَدَيْنِ يَسْقُطُ الْبَيْتُ. 19 تُقَامُ الْمَأْدُبَةُ لِلتَّسْلِيَةِ، وَالْخَمْرَةُ تُوَلِّدُ الْفَرَحَ، أَمَّا الْمَالُ فَيَسُدُّ جَمِيعَ الْحَاجَاتِ. 20 لَا تَلْعَنِ الْمَلِكَ حَتَّى فِي فِكْرِكَ، وَلا تَشْتِمِ الْغَنِيَّ فِي مُخْدَعِكَ، لأَنَّ طَيْرَ السَّمَاءِ يَنْقُلُ صَوْتَكَ، وَذَا الْجَنَاحِ يُبَلِّغُ الأَمْرَ.

استثمر في مواضع عدة

11 اطْرَحْ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ، فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ. وَزِّعْ أَنْصِبَةً عَلَى سَبْعَةٍ بَلْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ، لأَنَّكَ لَا تَدْرِي أَيَّةَ بَلِيَّةٍ تَحُلُّ عَلَى الأَرْضِ. إِذَا كَانَتِ السُّحُبُ مُثْقَلَةً بِالْمِيَاهِ فَإِنَّهَا تَصُبُّ الْمَطَرَ عَلَى الأَرْضِ، وَإِنْ سَقَطَتْ شَجَرَةٌ بِاتِّجَاهِ الشِّمَالِ أَوِ الْجَنُوبِ فَإِنَّهَا تَظَلُّ مُسْتَقِرَّةً حَيْثُ سَقَطَتْ. مَنْ يَرْصُدِ الرِّيحَ لَا يَزْرَعْ، وَمَنْ يُرَاقِبِ السُّحُبَ لَا يَحْصُدْ. كَمَا تَجْهَلُ اتِّجَاهَ مَسَارِ الرِّيحِ، أَوْ كَيْفَ تَتَكَوَّنُ عِظَامُ الْجَنِينِ فِي رَحِمِ الأُمِّ، كَذَلِكَ لَا تُدْرِكُ أَعْمَالَ اللهِ الَّتِي يُجْرِيهَا كُلَّهَا. ازْرَعْ زَرْعَكَ فِي الصَّبَاحِ، وَلا تَكُفَّ يَدَكَ عَنِ الْعَمَلِ فِي الْمَسَاءِ، لأَنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا يُفْلِحُ: أَهَذَا الْمَزْرُوعُ فِي الصَّبَاحِ أَمْ ذَاكَ الَّذِي فِي الْمَسَاءِ، أَمْ كِلاهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ؟

اذكر خالقك في شبابك

النُّورُ مُبْهِجٌ، وَكَمْ يَلَذُّ لِلْعَيْنَيْنِ أَنْ تَرَيَا الشَّمْسَ. إِنْ عَاشَ الإِنْسَانُ سِنِينَ كَثِيرَةً وَتَمَتَّعَ فِيهَا جَمِيعاً، فَلْيَتَذَكَّرِ الأَيَّامَ السَّوْدَاءَ، لأَنَّهَا سَتَكُونُ عَدِيدَةً. وَبَاطِلٌ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ! افْرَحْ أَيُّهَا الشَّابُّ فِي حَدَاثَتِكَ، وَلْيُمَتِّعْكَ قَلْبُكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ، وَاتْبَعْ أَهْوَاءَ قَلْبِكَ، وَكُلَّ مَا تَشْهَدُهُ عَيْنَاكَ. وَلَكِنِ اعْلَمْ أَنَّهُ بِسَبَبِ هَذِهِ الأُمُورِ كُلِّهَا يَأْتِي اللهُ بِكَ إِلَى كُرْسِيِّ الْقَضَاءِ. 10 فَأَزِلِ الْغَمَّ مِنْ صَدْرِكَ، وَأقْصِ الشَّرَّ عَنْ جَسَدِكَ، لأَنَّ الْحَدَاثَةَ وَالشَّبَابَ بَاطِلانِ.

12 فَاذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أَيَّامِ حَدَاثَتِكَ قَبْلَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيْكَ أَيَّامُ الشَّرِّ، أَوْ تَغْلِبَ عَلَيْكَ السِّنُونَ، حِينَ تَقُولُ: لَيْسَ لِي فِيهَا لَذَّةٌ. قَبْلَ أَنْ تُظْلِمَ فِي عَيْنَيْكَ الشَّمْسُ وَالنُّورُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ، وَتَرْجِعَ سُحُبُ الْحُزْنِ فِي أَعْقَابِ الْمَطَرِ فِي يَوْمٍ تَرْتَعِدُ فِيهِ حَفَظَةُ الْبَيْتِ (الأَذْرُعُ)، وَيَنْحَنِي الرِّجَالُ الأَشِدَّاءُ (الأَرْجُلُ الْقَوِيَّةُ)، وَتَكُفُّ الطَّوَاحِينُ (الأَسْنَانُ) لِقِلَّتِهَا، وَتُظْلِمُ الْعُيُونُ الْمُطِلَّةُ مِنْ بَيْنِ الأَجْفَانِ. وَتُوْصَدُ أَبْوَابُ الشِّفَاهِ عَلَى الشَّارِعِ (أَيِ الفَمِ) وَيَتَلاشَى صَوْتُ الأَسْنَانِ، وَيَسْتَيْقِظُ الرِّجَالُ عِنْدَ زَقْزَقَةِ الْعُصْفُورِ، وَلَكِنَّ تَغْرِيدَهَا يَكُونُ خَافِتاً فِي مَسَامِعِكَ. يَوْمَ يَفْزَعُ الرِّجَالُ مِنَ الْعُلُوِّ، وَيَتَخَوَّفُونَ مِنْ أَخْطَارِ الطَّرِيقِ، وَيُزْهِرُ الشَّيْبُ، وَيُصْبِحُ الْجَرَادُ ثَقِيلاً عَلَى كَتِفِ الْمَرْءِ، وَتَمُوتُ الرَّغْبَةُ. عِنْدَئِذٍ يَمْضِي الإِنْسَانُ إِلَى مَقَرِّهِ الأَبَدِيِّ، وَيَطُوفُ النَّادِبُونَ فِي الشَّوَارِعِ. فَاذْكُرْ خَالِقَكَ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِمَ حَبْلُ الْفِضَّةِ (أَيِ الْحَيَاةِ) أَوْ يَنْكَسِرَ كُوزُ الذَّهَبِ، وَتَتَحَطَّمَ الْجَرَّةُ عِنْدَ الْعَيْنِ، أَوْ تَنْقَصِفَ البَكَرَةُ عِنْدَ الْبِئْرِ. فَيَعُودَ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ، وَتَرْجِعَ الرُّوحُ إِلَى اللهِ وَاهِبِهَا. يَقُولُ الْجَامِعَةُ: بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ وَكُلُّ شَيْءٍ بَاطِلٌ.

ختام الكلام

وَفَضْلاً عَنْ كَوْنِ الْجَامِعَةِ حَكِيماً، فَإِنَّهُ عَلَّمَ النَّاسَ الْمَعْرِفَةَ أَيْضاً، وَقَوَّمَ وَبَحَثَ وَنَظَّمَ أَمْثَالاً كَثِيرَةً.

10 إِذْ سَعَى الْجَامِعَةُ لاِنْتِقَاءِ أَلْفَاظٍ مُبْهِجَةٍ، وَكَتَبَ بِاسْتِقَامَةٍ كَلِمَاتِ الْحَقِّ. 11 أَقْوَالُ الْحُكَمَاءِ كالْمَنَاخِسِ، وَكَلِمَاتُهُمُ الْمَجْمُوعَةُ الصَّادِرَةُ عَنْ رَاعٍ وَاحِدٍ (أَيِ الْمَلِكِ) رَاسِخَةٌ فِي الْعُقُولِ كَالْمَسَامِيرِ الْمُثَبَّتَةِ. 12 وَمَا خَلا ذَلِكَ، فَاحْذَرْ مِنْهُ يَا بُنَيَّ، إِذْ لَا نِهَايَةَ لِتَأْلِيفِ كُتُبٍ عَدِيدَةٍ، وَالدِّرَاسَةُ الْكَثِيرَةُ تُجْهِدُ الْجَسَدَ. 13 فَلْنَسْمَعْ خِتَامَ الْكَلامِ كُلِّهِ: اِتَّقِ اللهَ، وَاحْفَظْ وَصَايَاهُ، لأَنَّ هَذَا هُوَ كُلُّ وَاجِبِ الإِنْسَانِ، 14 لأَنَّ اللهَ سَيَدِينُ كُلَّ عَمَلٍ مَهْمَا كَانَ خَفِيًّا، سَوَاءٌ كَانَ خَيْراً أَمْ شَرّاً.

هَلِ المَوْتُ مُنصِفٌ؟

تَأمَّلْتُ هَذَا كُلَّهُ وَتَفَحَّصْتُهُ. رَأيْتُ أنَّ حيَاةَ الصَّالِحِينَ وَالحُكَمَاءِ وَأعْمَالَهُمْ فِي يَدِ اللهِ. لَا يَعْلَمُ النَّاسُ إنْ كَانُوا سَيُحَبُّونَ أمْ سَيُبغَضُونَ. كُلُّ مَا سَيَحْدُثُ مَعَهُمْ فَارِغٌ. وَمَصِيرٌ وَاحِدٌ لِلجَمِيعِ! لِلأخيَارِ وَلِلأشْرَارِ، لِلأنقِيَاءِ وَغَيرِ الأنقِيَاءِ. لِمَنْ يُقَدِّمُونَ الذَّبَائِحَ وَمَن لَا يُقَدِّمُونَ. الصَّالِحُونَ كَالخُطَاةِ! وَالنَّاذِرُ نُذُورًا كَمَنْ يَتَجَنَّبُونَ النُّذُورَ.

أسوَأُ مَا فِي هَذِهِ الدُّنيَا[a] أنَّ مَصِيرًا وَاحِدًا يَنْتَظِرُ الجَمِيعَ. وَمَعَ هَذَا يُفَكِّرُونَ عَلَى الدَّوَامِ أفكَارَ الشَّرِّ وَالحَمَاقَةِ. وَهَذِهِ الأفكَارُ عَاقِبَتُهَا المَوْتُ. لَكِنْ، لَا أحَدَ يُسْتَثْنَى مِنَ المَوْتِ؟ لَكِنْ لَا يُوجَدُ لِأيِّ حَيٍّ رَجَاءٌ. وَصَدَقَ مَنْ قَالَ:

كَلْبٌ حَيٌّ، خَيْرٌ مِنْ أسَدٍ مَيِّتٍ.

يَعْرِفُ النَّاسُ الأحيَاءُ الآنَ أنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ. أمَّا المَوْتَى فَلَا يَعْرِفُوُنَ شَيْئًا. وَلَنْ يَنَالُوا بَعْدُ مَا يَنَالُهُ البَشَرُ مِنْ مُكَافَآتٍ، ثُمَّ يَنسَاهُمُ النَّاسُ. لَنْ يَعُودُوا قَادِرِينَ عَلَى الحُبِّ وَالبُغضِ وَالغَيْرَةِ. وَلَنْ يَشْتَرِكُوا مَرَّةً أُخْرَى فِي خِبْرَاتِ هَذِهِ الدُّنيَا.

تَمَتَّعْ بِالحَيَاة

فَاذهَبْ وَكُلْ طَعَامَكَ وَتَمَتَّعْ بِهِ، وَاشْرَبْ نَبِيذَكَ وَافرَحْ، فَهَذِهِ مَقبُولَةٌ عِنْدَ اللهِ. البِسْ مَلَابِسَ جَمِيلَةً نَظِيفَةً، وَاظهَرْ بِمَظهَرٍ حَسَنٍ. تَمَتَّعْ بِحَيَاتِكَ مَعَ زَوْجَتِكَ، حَبِيبَةِ عُمْرِكَ. تَمَتَّعْ بِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ أيَّامِ حَيَاتِكَ الزَّائِلَةِ الَّتِي أعطَاكَ إيَّاهَا اللهُ. فَهَذَا كُلُّ مَا سَتَنَالُهُ فِي هَذِهِ الدُّنيَا. فَتَمَتَّعْ بِمَا تَعْمَلُهُ فِي هَذِهِ الدُّنيَا. 10 إنْ عَمِلْتَ شَيْئًا، فَأتْقِنْهُ قَدْرَ اسْتِطَاعَتِكَ. فَفِي الهَاوِيَةِ حَيْثُ سَنَذْهَبُ كُلُّنَا، لَنْ تَخْتَبِرَ العَمَلَ وَالتَّفكِيرَ وَالمَعْرِفَةَ وَالحِكْمَةِ.

لَا عَدلَ فِي هَذِهِ الدُّنيَا

11 وَرَأيْتُ أيْضًا فِي هَذِهِ الدُّنيَا أنَّ الأسْرَعَ لَا يَكْسِبُ السِّبَاقَ دَائِمًا، وَأنَّ الأقوَى لَا يَرْبَحُ المَعَارِكَ دَائِمًا. رَأيْتُ حَكِيمًا بِلَا طَعَامٍ، وَذَكِيًّا بِلَا مَالٍ، وَمَاهِرًا بِلَا تَقْدِيرٍ. فَتَقَلُّبَاتُ الزَّمَنِ وَأحْدَاثُهُ تُصِيبُهُمْ جَمِيعًا!

12 لَا يَعْرِفُ المَرءُ مَوْعِدَ المُصِيبَةِ التَّالِيَةِ. فَهُوَ أشبَهُ بِسَمَكَةٍ تُصطَادُ فِي شَبَكَةٍ فَجْأةً. وَهُوَ أشبَهُ بِالعَصَافِيرِ الَّتِي تَقَعُ فِي مَصَائِدَ فَجْأةً. هَكَذَا الإنْسَانُ الَّذِي يَقَعُ فِي فَخِّ المَصَائِبِ.

قُوَّةُ الحِكْمَة

13 رَأيْتُ أيْضًا رَجُلًا يَفْعَلُ شَيْئًا حَكِيمًا فِي هَذِهِ الدُّنيَا. وَقَدَّرْتُ مَا فَعَلَهُ كَثِيرًا. 14 كَانَتْ هُنَاكَ مَدِينَةٌ صَغِيرَةٌ قَلِيلَةُ السُّكَّانِ، فَجَاءَ مَلِكٌ عَظِيمٌ وَحَاصَرَهَا. 15 وَكَانَ فِي تِلْكَ المَدِينَةِ رَجُلٌ حَكِيمٌ فَقِيرٌ، فَحَرَّرَ المَدِينَةَ بِحِكْمَتَهِ. لَكِنْ نَسِيَ النَّاسُ ذَلِكَ الرَّجُلَ. 16 لِذَلِكَ أقُولُ إنَّ الحِكْمَةَ أفْضَلُ مِنَ القُوَّةِ. لَكِنَّ النَّاسَ يَحْتَقِرُونَ حِكمَةَ الفَقِيرِ، وَلَا يُصغُونَ إلَى كَلَامِهِ.

17 كَلِمَاتٌ قَلِيلَةٌ يَقُولُهَا حَكِيمٌ بِهُدُوءٍ،
أفْضَلُ مِنْ كَلِمَاتٍ صَارِخَةٍ يُطلِقُهَا حَاكِمٌ أحْمَقُ.
18 الحِكْمَةُ أقوَى مِنَ الأسلِحَةِ،
لَكِنَّ خَاطِئًا وَاحِدًا يَقْدِرُ أنْ يُخَرِّبَ خَيْرًا كَثِيرًا.

10 ذُبَابٌ قَلِيلٌ مَيِّتٌ يُنْتِنُ أطيَبَ العُطُورِ. وَيُمكِنُ لِحَمَاقَةٍ قَليلَةٍ أنْ تُفسِدَ الكَثِيرَ مِنَ الحِكمَةِ وَالكَرَامَةِ.

أفكَارُ الحَكِيمِ تَقُودُهُ إلَى الِاسْتِقَامَةِ. أمَّا أفكَارُ الأحْمَقِ فَتَقُودُهُ إلَى الِانْحِرَافِ. الأحْمَقُ يُظهِرُ حُمقَهُ حَتَّى فِي مُجَرَّدِ سَيرِهِ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ يُعلِنُ جَهلَهُ لِلجَمِيعِ.

لَا تَتْرُكْ عَمَلَكَ لِمُجَرَّدِ أنَّ رَئِيسَكَ غَضِبَ عَلَيْكَ، إذْ تَسْتَطِيعُ بِهُدُوئِكَ وَتَعَاوُنِكَ أنْ تُصَحِّحَ أخطَاءً كَبِيرَةً.

وَرَأيْتُ ظَلْمًا فِي هَذِهِ الدُّنيَا،[b] تِلْكَ الأخطَاءَ الَّتِي يَرْتَكِبُهَا الحُكَّامُ. يُعْطَى الحَمْقَى مَنَاصِبَ عَالِيَةً. أمَّا الأغنِيَاءُ فَيَنْزِلُونَ إلَى الحَضِيضِ. رَأيْتُ عَبِيدًا صَارُوا سَادَةً يَرْكَبُونَ الخَيلَ. وَرَأيْتُ سَادَةً صَارُوا يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ كَالعَبِيدِ.

لِكُلِّ وَظِيفَةٍ مَخَاطِرُهَا

مَنْ يَحْفِرُ حُفرَةً يَقَعُ فِيهَا. وَمَنْ يَهْدِمُ حَائِطًا تَلْدَغُهُ حَيَّةٌ. مَنْ يَقْطَعُ حِجَارَةً يَتَأذَّى بِهَا. وَمَنْ يَحْطِبُ الأشْجَارَ مُعَرَّضٌ لِلخَطَرِ. 10 لَكِنَّ الحِكْمَةَ تَجْعَلُ أيَّةَ وَظِيفَةٍ أكْثَرَ سُهُولَةً. السِّكِّينُ غَيْرُ الحَادَّةِ لَا تَقْطَعُ، أمَّا السِّكِّينُ المُسَنَّنَةُ فَتَقْطَعُ جَيِّدًا.

11 إذَا لَدَغَتِ الحَيَّةُ أحَدًا فِي غِيَابِ الحَاوِي، فَمَا الفَائِدَةُ مِنْ كُلِّ سِحرِهِ؟

12 كَلِمَاتُ الحَكِيمِ تَعُودُ عَلَيْهِ بِالمَدِيحِ، أمَّا كَلِمَاتُ الأحْمَقِ فَتَعُودُ عَلَيْهِ بِالدَّمَارِ.

13 يَبْدَأُ الأحْمَقُ كَلَامَهُ بِالحَمَاقَاتِ، وَيُنهِي كَلَامَهُ بِأشْيَاءَ جُنُونِيَّةٍ. 14 لَكِنَّ الأحْمَقَ لَا يَتَوَقَّفُ عَنِ الكَلَامِ. مَا مِنْ إنْسَانٍ يَعْلَمُ مَا سَيَحْدُثُ، أوْ مَا يُخَبِّئُهُ المُسْتَقْبَلُ. 15 يُجهِدُ الأحْمَقُ نَفْسَهُ حَتَّى الإنهَاكِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ طَرِيقَهُ إلَى قَرْيَتِهِ.

قِيمَةُ العَمَل

16 وَيْلٌ لِبَلَدٍ مَلِكُهُ وَلَدٌ، وَقَادَتُهُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ إلَى الصَّبَاحِ. 17 وَهَنِيئًا لِبَلَدٍ مَلِكُهُ نَبِيلٌ، يَأْكُلُ قَادَتُهُ طَعَامَهُمْ فِي وَقْتِهِ لِلقُوَّةِ لَا لِلسُّكْرِ.

18 سَقفُ الكُسَالَى لَا بُدَّ أنْ يَهْبِطَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَنهَارُ بِسَبَبِ تَرَاخِيهِمْ.

19 يَأْكُلُ النَّاسُ الطَّعَامَ لِيَضْحَكُوا، وَيَشْرَبُونَ الخَمْرَ لِيَفْرَحُوا. لَكِنَّ المَالَ يَحُلُّ كُلَّ أنْوَاعِ المَشَاكِلِ.

الِاسْتِغَابَة

20 لَا تَتَكَلَّمْ بِالسُّوءِ عَلَى المَلِكِ وَلَا حَتَّى فِي فِكْرِكَ. وَلَا تَتَكَلَّمْ بِالسُّوءِ عَلَى الأغنِيَاءِ، وَلَا حَتَّى عَلَى فِرَاشِكَ. لِأنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَنْقُلُ الكَلَامَ.

11 افْعَلِ الخَيْرَ حَيْثُمَا أمْكَنَكَ ذَلِكَ. فَبَعْدَ وَقْتٍ، طَالَ أمْ قَصُرَ، سَتَجِدُ أنَّ ذَلِكَ قَدْ عَادَ عَلَيْكَ بِالخَيْرِ.

اسْتَثْمِرْ مَا لَدَيكَ فِي أُمُورٍ عِدَّةٍ، فَأنْتَ لَا تَعْرِفُ أيَّةَ تَطَوُّرَاتٍ سَيِّئَةٍ سَتَحْدُثُ.

نَعْرِفُ أنَّهُ إنِ امتَلأتِ الغُيُومُ بِالمَطَرِ، سَتَسْكُبُهُ عَلَى الأرْضِ. وَإنْ وَقَعَتْ شَجَرَةٌ إلَى الشِّمَالِ أوِ الجَنُوبِ، فَسَتَبْقَى حَيْثُ وَقَعَتْ.

فَمَنْ يَنْتَظِرُ الرِّيحَ المُنَاسِبَةَ لَنْ يَزْرَعَ، وَمَنْ يَحْسِبُ حِسَابًا لِلغُيُومِ لَنْ يَحْصُدَ. وَكَمَا لَا تَعْلَمُ مِنْ أيْنَ تَهُبُّ الرِّيحُ، أوْ كَيْفَ تَتَشَكَّلُ عِظَامُ الجَنِينِ فِي الرَّحِمِ، كَذَلِكَ لَا تَعْلَمُ مَا سَيَفْعَلُهُ اللهُ الَّذِي يَصْنَعُ كُلَّ شَيءٍ.

فَبَادِرْ إلَى زَرعِ زَرعِكَ فِي الصَّبَاحِ، وَلَا تَتَوَقَّفْ حَتَّى المَسَاءِ. فَأنْتَ لَا تَعْلَمُ أيَّ بِذَارٍ سَتُغنِيكَ. وَرُبَّمَا يَنْجَحُ كِلَاهُمَا.

حَسَنٌ أنْ يَكُونَ المَرْءُ عَلَى قَيدِ الحَيَاةِ، وَحُلْوٌّ أنْ يَرَى نُورَ الشَّمْسِ. فَليَتَمَتَّعْ مَنْ يَعِيشُ طَوِيلًا بِكُلِّ سَنَوَاتِهِ، وَلَيتَذَكَّرْ أنَّ أيَامَ الظُلْمَةِ كَثِيرَةٌ أيْضًا، وَكُلُّ مَا سَيَأْتِي زَائِلٌ.

اخدِمِ اللهَ فِي شَبَابِك

أيُّهَا الشَّابُ، تَمَتَّعْ بِشَبَابِكَ. افرَحْ وَافْعَلْ كُلَّ مَا يُحِبُّهُ قَلْبُكَ وَتَشْتَهيهِ عَينَاكَ. لَكِنْ تَذَكَّرْ أنَّ اللهَ سَيُحَاسِبُكَ عَلَى كُلِّ مَا تَفْعَلُهُ. 10 لَا تَدَعْ غَضَبَكَ يَغْلِبْكَ. وَأبْعِدِ الخَطِيَّةَ عَنْ جَسَدِكَ. فَالشَّبَابُ وَفَجْرُ الحَيَاةِ زَائِلَانْ.

الإيمَانُ فِي أيَّامِ الشَّبَاب

12 فَاذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أيَّامِ شَبَابِكَ، قَبْلَ أنْ تُدَاهِمَكَ سَنَوَاتُ الشَّيخُوخَةِ الصَّعْبَةِ. لِأنَّكَ حِينَئِذٍ، سَتَقُولُ: «أيْنَ سَعَادَتِي؟» قَبْلَ أنْ يَأْتِيَ زَمَنٌ تُظلِمُ فِيهِ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجُومُ لَكَ، وَتَتَكَاثَرُ الغُيُومُ بَعْدَ المَطَرِ. حِينَئِذٍ، سَتَفْقِدُ ذِرَاعَاكَ قُوَّتَهُمَا. وَتَضْعُفُ رِجلَاكَ وَتَنْحَنِيَانِ. تَضْعُفُ أسْنَانُكَ وَتَتَسَاقَطُ. وَيَكِلُّ نَظَرُكَ.[c] يَضْعُفُ سَمْعُكَ[d] فَلَا تَقْدِرَ أنْ تَسْمَعَ أصوَاتَ المَطَاحِنِ، أوْ غِنَاءَ النِّسَاءِ. لَكِنَّكَ سَتَصْحُو عَلَى صَوْتِ عُصفُورٍ![e] المُرتَفَعَاتُ سَتُخِيفُكَ. وَكُلُّ حَجَرٍ فِي الطَّرِيقِ، مَهْمَا صَغُرَ، يُعْثِرُكَ. سَيَبْيَضُّ شَعْرُكَ. وَتَجُرُّ قَدَمَيكَ بِتَثَاقُلٍ،[f] وَتَفْقِدُ شَهِيَّتَكَ.[g] ثُمَّ تَذْهَبُ إلَى بَيْتِكَ الأبَدِيِّ. وَيَنُوحُ عَلَيْكَ النَّادِبُونَ وَهُمْ يَحْمِلُونَكَ إلَى القَبْرِ.

المَوْت

اذْكُرْ خَالِقَكَ قَبْلَ أنْ يَنْقَطِعَ حَبلُ الفِضَّةِ،
وَيَتَحَطَّمُ إنَاءُ الذَّهَبِ،
وَتَنْكَسِرُ حَيَاتُكَ مِثْلَ جَرَّةٍ عِنْدَ بِئرٍ،
أوْ كَحَجَرٍ يُغَطِّي بَابَ بِئرٍ فَيَسْقُطُ فِي دَاخِلِهَا.
حِينَئِذٍ، يَعُودُ جَسَدُكَ إلَى التُّرَابِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ،
وَتَعُودُ الرُّوحُ إلَى اللهِ الَّذِي جَاءَتْ مِنْهُ.

كُلُّ شَيءٍ زَائِلٌ وَبِلَا مَعْنَى، يَقُولُ المُعَلِّمُ، الكُلُّ زَائلٌ!

الخُلَاصَة

كَانَ المُعَلِّمُ حَكِيمًا. بِحِكمَتِهِ عَلَّمَ الشَّعْبَ. وَزَنَ أُمُورَ الحَيَاةِ وَدَرَسَ وَفَتَّشَ، وَجَمَعَ أمثَالًا وَحِكَمًا كَثِيرَةً. 10 اجتَهَدَ المُعَلِّمُ أنْ يَجِدَ الكَلِمَاتِ المُنَاسِبَةَ. فَكَتَبَ تَعَالِيمَ مُسْتَقِيمَةً وَجَدِيرَةً بِالثِّقَةِ.

11 كَلَامُ الحُكَمَاءِ مُؤَشِّرٌ إلَى الطَّرِيقِ القَوِيمِ. هُوَ أشْبَهُ بِأوْتَادٍ مُمَكَّنَةٍ لَا تُقلَعُ. وَلَهُ كُلَّهُ مَصدَرٌ وَاحِدٌ، هُوَ اللهُ الرَّاعِي. 12 فَادرُسْ يَا ابْنِي هَذِهِ التَّعَالِيمَ. لَكِنِ احتَرِسْ مِنَ الكُتُبِ الأُخرَى. فَالنَّاسُ يَكْتُبُونَ كُتُبًا لَا حَصْرَ لَهُا. وَدِرَاسَتُهَا كُلُّهَا أمْرٌ مُتْعِبٌ جِدًّا.

13 وَالْآنَ مَا هِيَ خُلَاصَةُ هَذَا الكِتَابِ كُلِّهِ؟ اتِّقِ اللهَ وَاحْفَظْ وَصَايَاهُ. فَهَذَا هُوَ القَصْدُ الَّذِي خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ أجْلِهِ. 14 وَسَيُحَاسِبُ اللهُ النَّاسَ جَمِيعًا بِحَسَبِ أعْمَالِهِمْ – حَتَّى الخَفِيَّةِ مِنْهَا – إنْ كَانَتْ خَيْرًا أوْ شَرًّا.

Notas al pie

  1. 9‏:3 فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حرفيًا «تَحْتَ الشّمس.» (وَكَذَلِكَ فِي بَقِيّةِ كِتَابِ الجَامعة)
  2. 10‏:5 فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حرفيًا «تَحْتَ الشّمس.» (وَكَذَلِكَ فِي بَقِيّةِ كِتَابِ الجَامعة)
  3. 12‏:3 حَرْفيًّا: «حِينَئذٍ، يَتَزَعزَعُ حَارِسَا البَيْتِ، وَيَنْحَنِي الرَّجُلَانِ القَوِيَّانِ، وَتَضْعُفُ الطَّوَاحِينُ وَتَقِلُّ، وَتُظلِمُ النَّاظِرَتَيْنِ مِنَ الشُّبَّاكَينِ.»
  4. 12‏:4 حَرْفيًّا: «تُغلَقُ بَوَّابَتَا السُّوقِ.»
  5. 12‏:4 سَتَصْحُو … عُصفُور بِمَعنى خِفَّةِ النَّومِ.
  6. 12‏:5 حَرْفيًّا: «سَيُزهِرُ اللَّوزُ، وَيَنُوءُ الجُندُبُ تَحْتَ ثِقلِهِ.»
  7. 12‏:5 شَهِيَّتَك أوْ «شَهوَتَك.»