سليمان يطلب حكمة

وَتَزَوَّجَ سُلَيْمَانُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، وَأَحْضَرَهَا إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ رَيْثَمَا يَتِمُّ إِكْمَالُ بِنَاءِ قَصْرِهِ وَبَيْتِ الرَّبِّ والسُّورِ الْمُحِيطِ بِأُورُشَلِيمَ. وَكَانَ الشَّعْبُ آنَئِذٍ يُقَدِّمُونَ ذَبَائِحَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ، لأَنَّ بَيْتَ الرَّبِّ لَمْ يَكُنْ قَدْ بُنِيَ بَعْدُ.

وَأَحَبَّ سُلَيْمَانُ الرَّبَّ وَسَارَ فِي فَرَائِضِ دَاوُدَ أَبِيهِ، إِلّا أَنَّهُ وَاظَبَ عَلَى تَقْدِيمِ ذَبَائِحَ وَإِيقَادِ بَخُورٍ عَلَى الْمُرْتَفَعاتِ. وَمَضَى سُلَيْمَانُ إِلَى جِبْعُونَ، الْمُرْتَفَعَةِ الْعُظْمَى، وَأَصْعَدَ هُنَاكَ أَلْفَ مُحْرَقَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْمَذْبَحِ. وَفِي جِبْعُونَ تَرَاءَى الرَّبُّ لَهُ لَيْلاً فِي حُلْمٍ، وَقَالَ لَهُ: «اطْلُبْ مَاذَا أُعْطِيكَ؟» فَأَجَابَ: «لَقَدْ صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي رَحْمَةً وَاسِعَةً لأَنَّهُ سَلَكَ أَمَامَكَ بِأَمَانَةٍ وَصَلاحٍ وَاسْتِقَامَةِ قَلْبٍ، فَلَمْ تَحْرِمْهُ مِنَ الرَّحْمَةِ الْعَظِيمَةِ، وَرَزَقْتَهُ ابْناً يَخْلُفُهُ عَلَى عَرْشِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ. وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي، لَقَدْ جَعَلْتَ عَبْدَكَ مَلِكاً خَلَفاً لِدَاوُدَ أَبِي، وَأَنَا مَابَرِحْتُ فَتىً صَغِيراً غَيْرَ مُتَمَرِّسٍ بِشُؤُونِ الْحُكْمِ، وَعَبْدُكَ يَتَوَلَّى حُكْمَ شَعْبِكَ الَّذِي اخْتَرْتَهُ، وَهُوَ شَعْبٌ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُعَدَّ أَوْ يُحْصَى لِكَثْرَتِهِ. فَهَبْ عَبْدَكَ قَلْباً فَهِيماً لأَقْضِيَ بَيْنَ شَعْبِكَ، وَأُمَيِّزَ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، لأَنَّهُ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْكُمَ شَعْبَكَ الْعَظِيمَ هَذَا؟» 10 فَسُرَّ الرَّبُّ بِطَلَبِ سُلَيْمَانَ هَذَا. 11 وَقَالَ لَهُ: «لأَنَّكَ قَدْ طَلَبْتَ هَذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تَطْلُبْ حَيَاةً طَوِيلَةً، وَلا غِنىً، وَلا انْتِقَاماً مِنْ أَعْدَائِكَ، بَلْ سَأَلْتَ حِكْمَةً لِتَسُوسَ شُؤُونَ الْحُكْمِ، 12 فَإِنَّنِي سَأُلَبِّي طَلَبَكَ، فَأَهَبُكَ قَلْباً حَكِيماً مُمَيِّزاً، فَلا يُضَاهِيكَ أَحَدٌ مِنْ قَبْلُ وَلا مِنْ بَعْدُ. 13 وَقَدْ أَنْعَمْتُ عَلَيْكَ أَيْضاً بِمَا لَمْ تَسْأَلْهُ، مِنْ غِنىً وَمَجْدٍ، حَتَّى لَا يَكُونَ لَكَ نَظِيرٌ بَيْنَ الْمُلُوكِ فِي أَيَّامِكَ. 14 فَإِنْ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِي وَأَطَعْتَ فَرَائِضِي وَوَصَايَايَ، كَمَا سَلَكَ أَبُوكَ، فَإِنِّي أُطِيلُ أَيَّامَكَ». 15 وَعِنْدَمَا اسْتَيْقَظَ سُلَيْمَانُ مِنْ نَوْمِهِ أَدْرَكَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ حُلْماً، فَعَادَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَقَفَ أَمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَقَرَّبَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلامٍ، وَأَقَامَ وَلِيمَةً لِكُلِّ رِجَالِهِ.

حكمة سليمان في قضائه

16 بَعْدَ ذَلِكَ حَضَرَتِ امْرَأَتَانِ عَاهِرَتَانِ إِلَى الْمَلِكِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا، 17 فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي، إِنَّنِي وَهَذِهِ الْمَرْأَةَ مُقِيمَتَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَرُزِقْتُ بِطِفْلٍ، 18 وَرُزِقَتْ هِيَ بِطِفْلٍ أَيْضاً بَعْدِي بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَكُنَّا مَعاً، لَا يُقِيمُ بَيْنَنَا غَرِيبٌ فِي الْبَيْتِ. كُنَّا وَحْدَنَا فَقَطْ فِي الْبَيْتِ. 19 فَمَاتَ طِفْلُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عِنْدَمَا انْقَلَبَتْ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ نَوْمِهَا. 20 فَنَهَضَتْ فِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ وَأَنَا مُسْتَغْرِقَةٌ فِي النَّوْمِ، وَأَخَذَتْ طِفْلِي مِنْ جَانِبِي وَأَضْجَعَتْهُ فِي حِضْنِهَا، وَأَضْجَعَتِ ابْنَهَا الْمَيْتَ فِي حِضْنِي. 21 فَلَمَّا هَمَمْتُ بِإِرْضَاعِ ابْنِي فِي الصَّبَاحِ وَجَدْتُهُ مَيْتاً، وَحِينَ تَأَمَّلْتُ فِيهِ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ تَبَيَّنْتُ أَنَّهُ لَيْسَ طِفْلِي الَّذِي أَنْجَبْتُهُ». 22 وَشَرَعَتِ الْمَرْأَةُ الأُخْرَى تُقَاطِعُهَا قَائِلَةً: «كَلًّا. إِنَّ ابْنِي هُوَ الْحَيُّ، وَابْنَكِ هُوَ الْمَيْتُ». فَتَرُدُّ عَلَيْهَا الأُخْرَى: «بَلِ ابْنُكِ هُوَ الْمَيْتُ وَابْنِي هُوَ الْحَيُّ». وَهَكَذَا اشْتَدَّ الْجَدَلُ أَمَامَ الْمَلِكِ، 23 فَقَالَ الْمَلِكُ: «كُلٌّ مِنْكُمَا تَدَّعِي أَنَّ الابْنَ الْحَيَّ هُوَ ابْنُهَا وَأَنَّ الابْنَ الْمَيْتَ هُوَ ابْنُ الأُخْرَى. 24 لِذَلِكَ اِيتُونِي بِسَيْفٍ». فَأَحْضَرُوا لِلْمَلِكِ سَيْفاً. 25 فَقَالَ الْمَلِكُ: «اشْطُرُوا الطِّفْلَ الْحَيَّ إِلَى شَطْرَيْنِ، وَأَعْطُوا كُلًّا مِنْهُمَا شَطْراً». 26 فَالْتَهَبَتْ مَشَاعِرُ الأُمِّ الْحَقِيقِيَّةِ وَقَالَتْ لِلْمَلِكِ: «أَصْغِ يَا سَيِّدِي، أَعْطِهَا الطِّفْلَ وَلا تُمِيتُوهُ». أَمَّا الْمَرْأَةُ الأُخْرَى فَكَانَتْ تَقُولُ: «لَنْ يَكُونَ لَكِ وَلا لِي: اشْطُرُوهُ». 27 عِنْدَئِدٍ قَالَ الْمَلِكُ: «أَعْطُوا الطِّفْلَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي أَرَادَتْ لَهُ الْحَيَاةَ، فَهِيَ أُمُّهُ». 28 وَلَمَّا سَرَى نَبَأُ هَذَا الْحُكْمِ الَّذِي صَدَرَ عَنِ الْمَلِكِ بَيْنَ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، امْتَلأُوا تَوْقِيراً لَهُ، لأَنَّهُمْ رَأَوْا فِيهِ حِكْمَةَ اللهِ لإِجْرَاءِ الْعَدْلِ.

تعيين كبار موظفي الدولة

وَمَلَكَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُلِّ أَرْجَاءِ إِسْرَائِيلَ. وَهَذِهِ أَسْمَاءُ كِبَارِ مُعَاوِنِيهِ: عَزَرْيَاهُو بْنُ صَادُوقَ الْكَاهِنِ، وَأَلِيحُورَفُ وَأَخِيَّا ابْنَا شِيشَا كَاتِبَا الْبَلاطِ، وَيَهُوشَافَاطُ بْنُ أَخِيلُودَ الْمَسْؤُولُ عَنِ السِّجِلاتِ، وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ قَائِدُ الْجَيْشِ، وَصَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ كَاهِنَانِ، وَعَزَرْيَاهُو بْنُ نَاثَانَ مَسْؤُولٌ عَنْ وُكَلاءِ الْمَنَاطِقِ، وَزَابُودُ بْنُ نَاثَانَ كَاهِنٌ وَنَدِيمُ الْمَلِكِ، وَأَخِيشَارُ مُدِيرُ شُؤُونِ الْقَصْرِ، وَأَدُونِيرَامُ بْنُ عَبْدَا مَسْؤُولٌ عَنِ الأَشْغَالِ الشَّاقَّةِ. وَعَيَّنَ سُلَيْمَانُ اثْنَيْ عَشَرَ وَكِيلاً مُوَزَّعِينَ عَلَى أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، عَهِدَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِإِمْدَادِ الْقَصْرِ وَأَهْلِهِ بِالْمُؤَنِ شَهْراً مِنْ كُلِّ سَنَةٍ. وَهَذِهِ هِيَ أَسْمَاؤُهُمْ: ابْنُ حُورَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ. ابْنُ دَقَرَ فِي مَاقَصَ وَشَعَلُبِّيمَ وَبَيْتِ شَمْسٍ وَأَيْلُونِ بَيْتِ حَانَانَ. 10 ابْنُ حَسَدَ فِي أَرْبُوتَ، وَكَانَ مَسْؤُولاً عَنْ سُوكُوهَ وَسَائِرِ أَرْضِ حَافَرَ أَيْضاً. 11 ابْنُ أَبِينَادَابَ، زَوْجُ طَافَةَ ابْنَةِ سُلَيْمَانَ، فِي كُلِّ مُرْتَفَعَاتِ دُورٍ. 12 بَعْنَا بْنُ أَخِيلُودَ فِي تَعْنَكَ وَمَجِدُّو وَكُلِّ بَيْتِ شَانٍ الْمُجَاوِرَةِ لِصُرْتَانَ أَسْفَلَ يَزْرَعِيلَ، فَضْلاً عَنْ كُلِّ الأَرَاضِي الْوَاقِعَةِ مَا بَيْنَ بَيْتِ شَانٍ وَآبَلِ مَحُولَةَ حَتَّى يَقْمَعَامَ. 13 ابْنُ جَابَرَ فِي رَامُوتِ جِلْعَادَ، بِمَا فِي ذَلِكَ قُرَى يَائِيرَ بْنِ مَنَسَّى فِي جِلْعَادَ، وَإِقْلِيمُ أَرْجُوبَ فِي بَاشَانَ، وَهِيَ سِتُّونَ مَدِينَةً ذَاتَ أَسْوَارٍ وَبَوَّابَاتٍ لَهَا أَرْتَاجٌ نُحَاسِيَّةٌ. 14 أَخِينَادَابُ بْنُ عُدُّو فِي مَحَنَايِمَ. 15 أَخِيمَعَصُ فِي نَفْتَالِي، وَهُوَ أَيْضاً تَزَوَّجَ مِنْ بَاسِمَةَ ابْنَةِ سُلَيْمَانَ. 16 بَعْنَا بْنُ حُوشَايَ فِي أَشِيرَ وَبَعَلُوتَ. 17 يَهُوشَافَاطُ بْنُ فَارُوحَ فِي يَسَّاكَرَ. 18 شِمْعِي بْنُ أَيْلا فِي بِنْيَامِينَ. 19 جَابِرُ بْنُ أُورِي فِي أَرْضِ جِلْعَادَ الَّتِي كَانَتْ لِسِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ وَعُوجَ مَلِكِ بَاشَانَ، وَكَانَ يُشْرِفُ عَلَى هَؤُلاءِ الْوُكَلاءِ مُرَاقِبٌ وَاحِدٌ عَامٌّ.

مؤونة سليمان اليومية

20 وَكَانَ عَدَدُ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ لَا يُحْصَى، وَكَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ بِالسَّعَادَةِ.

21 وَامْتَدَّ سُلْطَانُ سُلَيْمَانَ عَلَى جَمِيعِ الْمَمَالِكِ الْوَاقِعَةِ مَا بَيْنَ نَهْرِ الْفُرَاتِ إِلَى أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَحَتَّى تُخُومِ مِصْرَ. فَكَانَتْ هَذِهِ الْمَمَالِكُ تُقَدِّمُ لَهُ الْجِزْيَةَ وَتَخْضَعُ لَهُ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. 22 وَكَانَتْ مُتَطَلَّبَاتُ الْقَصْرِ الْيَوْمِيَّةُ مِنَ الطَّعَامِ ثَلاثِينَ كُرَّ سَمِيذٍ (نَحْوَ سَبْعَةِ آلافٍ وَمِئَتَيْ لِتْرٍ)، وَسِتِّينَ كُرَّ دَقِيقٍ، 23 وَعَشَرَةَ ثِيرَانٍ مُسَمَّنَةٍ، وَعِشْرِينَ ثَوْراً مِنَ الْمَرَاعِي، وَمِئَةَ خَرُوفٍ، فَضْلاً عَنِ الأَيَائِلِ وَالْغِزْلانِ وَالْيَحَامِيرِ وَالإِوَزِّ الْمُسَمَّنِ، 24 لأَنَّ سُلْطَانَهُ كَانَ مُمْتَدّاً عَلَى كُلِّ الأَرَاضِي الْوَاقِعَةِ غَرْبِيَّ نَهْرِ الْفُرَاتِ مِنْ تَفْسَحَ إِلَى غَزَّةَ وَعَلَى مُلُوكِهَا، فَكَانَ السَّلامُ يُحِيطُ بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. 25 وَتَمَتَّعَ إِسْرَائِيلُ وَيَهُوذَا بِالأَمْنِ طَوَالَ حَيَاةِ سُلَيْمَانَ، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَسْتَمْتِعُ بِالْجُلُوسِ تَحْتَ ظِلالِ كَرْمَتِهِ وَتِينَتِهِ مِنْ دَانٍ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ 26 وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ مِذْوَدٍ لِخَيْلِ مَرْكَبَاتِهِ، وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ. 27 وَكَانَ وُكَلاءُ الْمَنَاطِقِ، كُلٌّ فِي شَهْرِهِ، يَمُدُّونَ الْمَلِكَ سُلَيْمَانَ وَكُلَّ مَنْ يَأْكُلُ عَلَى مَائِدَتِهِ بِالْمَؤُونَةِ، فَلَمْ يَفْتَقِرُوا إِلَى شَيْءٍ. 28 وَكَذَلِكَ جَلَبُوا الشَّعِيرَ وَالتِّبْنَ لِخَيْلِ الْمَرْكَبَاتِ وَسِوَاهَا مِنَ الْجِيَادِ إِلَى الْمَوَاضِعِ الْمُعَيَّنَةِ لِكُلِّ وَكِيلٍ.

حكمة سليمان

29 وَوَهَبَ اللهُ سُلَيْمَانَ حِكْمَةً وَفَهْماً فَائِقَيْنِ، وَرَحَابَةَ صَدْرٍ غَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ. 30 وَتَفَوَّقَتْ حِكْمَةُ سُلَيْمَانَ عَلَى جَمِيعِ أَبْنَاءِ الْمَشْرِقِ وَكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ. 31 فَكَانَ أَكْثَرَ حِكْمَةً مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ مِثْلَ إِيثَانَ الأَزْرَاحِيِّ وَهِيمَانَ وَكَلْكُولَ وَدَرْدَعَ أَبْنَاءِ مَاحُولَ. وَذَاعَ صِيتُهُ بَيْنَ جَمِيعِ الأُمَمِ الْمُجَاوِرَةِ. 32 وَنَطَقَ بِثَلاثَةِ آلافِ مَثَلٍ، وَبَلَغَتْ أَنَاشِيدُهُ أَلْفاً وَخَمْسَ قَصَائِدَ. 33 وَوَصَفَ الْحَيَاةَ النَّبَاتِيَّةَ بِمَا فِي ذَلِكَ أَشْجَارُ الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ، وَالزُّوفَا النَّابِتُ فِي الْحَائِطِ، كَمَا وَصَفَ الْبَهَائِمَ وَالطَّيْرَ وَالزَّوَاحِفَ وَالسَّمَكَ. 34 فَأَقْبَلَ النَّاسُ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لِيَسْتَمِعُوا إِلَى حِكْمَةِ سُلَيْمَانَ، مُوْفَدِينَ مِنْ قِبَلِ مُلُوكِ الأَرْضِ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمْ أَخْبَارُ حِكْمَتِهِ.

الاستعدادات لبناء الهيكل

وَأَرْسَلَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ وَفْداً إِلَى سُلَيْمَانَ بَعْدَ أَنْ سَمِعَ أَنَّهُ اعْتَلَى الْعَرْشَ خَلَفاً لأَبِيهِ، وَكَانَ حِيرَامُ صَدِيقاً مُحِبّاً لِدَاوُدَ. فَكَتَبَ سُلَيْمَانُ رِسَالَةً إِلَى حِيرَامَ قَائِلاً: «أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبِي دَاوُدَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتاً لاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِهِ مِنْ جَرَّاءِ الْحُرُوبِ الَّتِي خَاضَهَا، حَتَّى أَظْفَرَهُ الرَّبُّ بِأَعْدَائِهِ وَأَخْضَعَهُمْ لَهُ. أَمَّا الآنَ وَقَدْ أَرَاحَنِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَلَيْسَ مِنْ ثَائِرٍ أَوْ حَادِثَةِ شَرٍّ. وَهَا أَنَا قَدْ نَوَيْتُ أَنْ أَبْنِيَ بَيْتاً لاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِي، كَمَا قَالَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ أَبِي: إِنَّ ابْنَكَ الَّذِي يَخْلُفُكَ عَلَى عَرْشِكَ هُوَ يَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي الْعَظِيمِ. فَأَرْجُو أَنْ تَأْمُرَ رِجَالَكَ أَنْ يَقْطَعُوا لِي أَرْزاً مِنْ لُبْنَانَ، وَسَيَعْمَلُ رِجَالِي جَنْباً إِلَى جَنْبٍ مَعَ رِجَالِكَ، وَأَقُومُ أَنَا بِدَفْعِ أُجْرَةِ رِجَالِكَ بِمُوْجِبِ مَا تَرَاهُ، لأَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ قَوْمِي مَنْ يَمْهَرُ فِي قَطْعِ الأَخْشَابِ مِثْلَ الصِّيدُونِيِّينَ».

فَلَمَّا سَمِعَ حِيرَامُ كَلامَ سُلَيْمَانَ، غَمَرَتْهُ الْبَهْجَةُ وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الْيَوْمَ الرَّبُّ الَّذِي رَزَقَ دَاوُدَ ابْناً حَكِيماً لِيَمْلِكَ عَلَى هَذَا الشَّعْبِ الْغَفِيرِ». وَبَعَثَ حِيرَامُ إِلَى سُلَيْمَانَ بِرِسَالَةٍ قَائِلاً: «قَدِ اطَّلَعْتُ عَلَى رِسَالَتِكَ وَسَأَعْمَلُ عَلَى تَلْبِيَةِ رَغْبَتِكَ بِشَأْنِ خَشَبِ الأَرْزِ وَخَشَبِ السَّرْوِ. سَيَقُومُ رِجَالِي بِنَقْلِ الْخَشَبِ مِنْ جَبَلِ لُبْنَانَ إِلَى الْبَحْرِ، وَيَرْبِطُونَ قِطَعَ الْخَشَبِ إِلَى بَعْضِهَا فِي حُزَمٍ ضَخْمَةٍ، يُعَوِّمُهَا رِجَالِي وَيُوَجِّهُونَهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تُعَيِّنُهُ، فَيُسَلِّمُونَهَا لِرِجَالِكَ، وَعَلَيْكَ لِقَاءَ ذَلِكَ، أَنْ تُمَوِّنَ قَصْرِي الْمَلَكِيَّ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ». 10 فَكَانَ حِيرَامُ يُوَفِّرُ لِسُلَيْمَانَ مَا يَطْلُبُهُ مِنْ خَشَبِ الأَرْزِ وَخَشَبِ سَرْوٍ، 11 وَيُقَدِّمُ سُلَيْمَانُ لِحِيرَامَ كُلَّ سَنَةٍ لِقَاءَ ذَلِكَ، عِشْرِينَ أَلْفَ كُرِّ قَمْحٍ (نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلافٍ وَثَمَانِي مِئَةِ طُنٍّ) طَعَاماً لِقَصْرِهِ، وَعِشْرِينَ أَلْفَ كُرِّ زَيْتٍ نَقِيٍّ (نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلافٍ وَثَمَانِي مِئَةِ لِتْرٍ). 12 وَمَنَحَ الرَّبُّ سُلَيْمَانَ حِكْمَةً كَمَا وَعَدَهُ، وَعَقَدَ سُلَيْمَانُ مَعَ حِيرَامَ مُعَاهَدَةَ سَلامٍ وَصَدَاقَةٍ.

13 وَسَخَّرَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ ثَلاثِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ أَرْجَاءِ إِسْرَائِيلَ، 14 فَكَانَ يُرْسِلُ مِنْهُمْ عَشَرَةَ آلافٍ إِلَى لُبْنَانَ لِمُدَّةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ مُنَاوَبَةً، فَيَقْضُونَ شَهْراً فِي لُبْنَانَ وَشَهْرَيْنِ فِي بُيُوتِهِمْ. وَكَانَ أَدُونِيرَامُ الْمُشْرِفَ عَلَى تَنْظِيمِ عَمَلِيَّةِ التَّسْخِيرِ. 15 وَفَضْلاً عَنْ هَؤُلاءِ، كَانَ لِسُلَيْمَانَ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْ حَمَّالِي الْخَشَبِ وَثَمَانُونَ أَلْفاً مِنْ قَاطِعِي الْحِجَارَةِ فِي الْجَبَلِ، 16 مَاعَدَا ثَلاثَةَ آلافٍ وَثَلاثَ مِئَةٍ مِنَ الْمُشْرِفِينَ عَلَى هَؤُلاءِ الْعُمَّالِ. 17 وَبِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْمَلِكِ قَامَ الْعُمَّالُ بِقَلْعِ حِجَارَةٍ كَبِيرَةٍ، هَذَّبُوهَا فَصَارَتْ مُرَبَّعَةً، لاِسْتِخْدَامِهَا فِي أَسَاسِ بِنَاءِ الْهَيْكَلِ. 18 فَنَحَتَهَا بَنَّاؤُو سُلَيْمَانَ بِمُسَاعَدَةِ بَنَّائِي حِيرَامَ وَأَهْلِ جُبَيْلَ، وَهَيَّأُوا الأَخْشَابَ وَالْحِجَارَةَ لِتَشْيِيدِ الْهَيْكَلِ.

المَلِكُ سُلَيْمَانُ يَطْلُبُ حِكمَة

وصَاهَر سُلَيْمَانُ فِرعَوْنَ مَلِكَ مِصْرٍ، حَيْثُ تَزَوَّجَ مِنَ ابنَتِهِ وَأتَى بِهَا إلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ.[a] وَفِي ذَلِكَ الوَقْتِ، لَمْ يَكُنْ سُلَيْمَانُ قَدِ انْتَهَى مِنْ بِنَاءِ قَصْرِهِ وَبَيْتِ اللهِ وَالسُّورِ المُحِيطِ بِالقُدْسِ. وَكَانَ الشَّعْبُ يُقَدِّمُونَ الذَّبَائِحَ للهِ عَلَى المَذَابِحِ فِي المُرْتَفَعَاتِ، لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ بُنِيَ بَعْدُ بَيتٌ إكْرَامًا لِاسْمِ اللهِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ. وَأظْهَرَ سُلَيْمَانُ مَحَبَّتَهُ للهِ بِإطَاعَتِهِ كُلَّ مَا أوصَاهُ بِهِ دَاوُدُ أبُوهُ. إلَّا أنَّهُ كَانَ مَا يَزَالُ يُقَدِّمُ الذَّبَائِحَ وَيُوقِدُ البَخُورَ فِي المُرْتَفَعَاتِ.

وَذَهَبَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ إلَى جِبْعُونَ لِيُقَدِّمَ ذَبِيحَةً، لِأنَّهَا كَانَتِ المُرتَفَعَةَ الأهَمَّ. فَقَدَّمَ ألْفَ ذَبِيحَةٍ عَلَى ذَلِكَ المَذْبَحِ. وَأثنَاءَ وُجُودِ سُلَيْمَانَ فِي جِبْعُونَ، جَاءَ إلَيْهِ اللهُ لَيْلًا فِي حُلْمٍ. وَقَالَ لَهُ: «اطلُبْ مِنِّي مَا شِئتَ، وَسَأُعْطِيهِ لَكَ.»

فَأجَابَ سُلَيْمَانُ: «كُنْتَ كَرِيمًا جِدًّا مَعَ عَبدِكَ دَاوُدَ أبِي. وَهو سَارَ مَعَكَ فِي حَيَاةٍ صَالِحَةٍ بَارَّةٍ وَقَلْبٍ مُسْتَقِيمٍ. فَأظْهَرْتَ لَهُ أعْظَمَ كَرَمٍ، وَأعْطَيْتَهُ ابْنًا يَجْلِسُ عَلَى عَرشِهِ مِنْ بَعدِهِ. يَا إلَهِي، أنْتَ تَلَطَّفتَ فَجَعَلْتَنِي أخْلِفُ وَالِدِي فِي الحُكْمِ. لَكِنَّنِي أشْبَهُ بِطِفلٍ صَغِيرٍ. فَأنَا أفتَقِرُ إلَى الحِكْمَةِ لِأَعْرِفَ مَا يَنْبَغِي عَلَيَّ أنْ أفعَلَ. وَأنَا خَادِمَكَ فِي وَسَطِ عَدَدٍ لَا يُحصَى مِنْ شَعْبِكَ المُختَارِ العَظِيمِ. فأعْطِ خَادِمَكَ فَهمًا لِيَمْلُكَ عَلَى شَعْبِكَ، وَأُمّيِّزَ الصَّوَابَ مِنَ الخَطَأ. فَمَنْ يَقْدِرُ أنْ يَحْكَمَ مِثْلَ هَذَا الشَّعْبِ العَظِيمِ.»

10 فَسُرَّ اللهُ لِأنَّ سُلَيْمَانَ طَلَبَ مِنْهُ هَذَا. 11 وَقَالَ لَهُ اللهُ: «لَمْ تَطْلُبْ لِنَفْسِكَ طُولَ العُمْرِ، وَلَمْ تَطْلُبْ غِنَىً شَخصِيًّا لَكَ. وَلَمْ تَطْلُبْ لِأعْدَائِكَ المَوْتَ. بَلْ طَلَبْتَ لِنَفسِكَ القُدرَةَ عَلَى التَّميِيزِ وَاتِّخَاذِ القَرَارَاتِ الصَّائِبَةِ، 12 لِهَذَا سَأُلَبِّي لَكَ طَلَبَكَ. سَأجْعَلُكَ حَكِيمًا وَفَهِيمًا، بَلْ سَأجْعَلُكَ أحْكَمُ مِنْ كُلِّ مَنْ أتَى قَبلَكَ. وَمِنْ كُلِّ مَنْ سَيَأتِي بَعْدَكَ. 13 وَسَأُكَافِئُكَ أيْضًا بِمَا لَمْ تَطْلُبْ. سَتَتَمَتَّعُ كُلَّ حَيَاتِكَ بِغِنَىً وَكَرَامَةٍ، وَلَنْ يَبْلُغَ مَلِكٌ آخَرُ عَظَمَتَكَ. 14 فَاتبَعْنِي وَأطِعْ شَرَائِعِي وَوَصَايَايَ، كَمَا فَعَلَ دَاوُدُ أبُوكَ. فَإنْ فَعَلْتَ هَذَا سَأُطِيلُ عُمرَكَ أيْضًا.»

15 ثُمَّ استَيْقَظَ سُلَيْمَانُ، فَعَرَفَ أنَّ اللهَ كَلَّمَهُ فِي حُلْمٍ. وَعَادَ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ، وَوَقَفَ أمَامَ صُنْدُوقِ عَهْدِ اللهِ. وَقَدَّمَ لَهُ ذَبِيحَةً صَاعِدَةً وَذَبَائِحَ سَلَامٍ للهِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ أقَامَ حَفلَةً وَدَعَا إلَيْهَا كُلَّ قَادَتِهِ وَمُعَاوِنِيهِ.

إظهَارُ حِكمَةِ سُلَيمَان

16 وَذَاتَ يَوْمٍ جَاءَتِ امْرَأتَانِ عَاهِرَتَانِ إلَى سُلَيْمَانَ، وَوَقَفَتَا أمَامَهُ. 17 فَقَالَتْ إحدَاهُمَا لِلمَلِكِ: «يَا مَوْلَايَ، أنَا أسْكُنُ مَعَ هَذِهِ المَرْأةِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ حَبِلْنَا كِلْتَينَا وَاقْتَرَبَ مَوعِدُ وَضْعِنَا. فَأنجَبْتُ أنَا ابنِي وَهِيَ مَعِي. 18 وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ وَضَعَتْ هَذِهِ المَرْأةُ أيْضًا ابنًا. وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أحَدٌ فِي البَيْتِ سِوَانَا نَحْنُ الِاثنَتَيْنِ. 19 وَذَاتَ لَيلَةٍ، مَاتَ ابْنُ هَذِهِ المَرْأةِ لِأنَّهَا نَامَتْ عليهِ. 20 فَقَامَتْ فِي اللَّيلِ، وَأخَذَتِ ابنِي مِنْ فِرَاشِي وَأنَا نَائِمَةٌ، وَحَمَلَتْهُ وَوَضَعَتْهُ فِي فِرَاشِهَا، ثُمَّ وَضَعَتِ ابْنَهَا المَيِّتَ فِي فِرَاشِي. 21 وَفِي الصَّبَاحِ، نَهَضْتُ لِإرْضَاعِ ابْنِي، فَوَجَدْتُهُ قَدْ مَاتَ. وَلَمَّا تَفَرَّستُ فِيهِ عَنْ قُربٍ، أدرَكْتُ أنَّهُ لَمْ يَكُنِ ابْنِي.»

22 لَكِنَّ المَرْأةَ الأُخرَى قَالَتْ: «لَا! فَالوَلَدُ الحَيُّ هُوَ ابْنِي أنَا، وَالوَلَدُ المَيِّتُ هُوَ ابْنُكِ!»

أمَّا المَرْأةَ الأُولَى فَقَالَتْ: «لَا! لَيْسَ صَحِيحًا! فَالوَلَدُ المَيِّتُ هُوَ ابْنُكِ. وَالوَلَدُ الحَيُّ ابنِي أنَا!» فَتَجَادَلَتَا هَكَذَا أمَامَ المَلِكِ.

23 فَقَالَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ: «تَزْعَمُ كُلٌّ مِنْكُمَا أنَّ الوَلَدَ الحَيَّ هُوَ ابْنُهَا، وَأنَّ الوَلَدَ المَيِّتَ هُوَ ابْنُ المَرْأةِ الأُخرَى.» 24 ثُمَّ أمَرَ المَلِكُ بِإحْضَارِ سَيفٍ. فَأحْضَرُوا لَهُ سَيْفًا. 25 فَقَالَ المَلِكُ لِخَادِمِهِ: «اشْطُرِ الوَلَدَ إلَى نِصفَينِ، وَأعْطِ نِصفًا مِنْهُ لِكُلِّ امْرأةٍ.»

26 فَقَالَتِ المَرْأةُ الثَّانِيَةُ: «هَذَا أمرٌ يُوافِقُنِي. اشْطُرِ الوَلَدَ إلَى نِصفَينِ، فَلَا يَكُونَ لِأيٍّ مِنَّا.» لَكِنَّ المَرْأةَ الأُولَى، الأُمَّ الحَقِيقِيَّةَ لِلوَلَدِ، تَحَنَّنَتْ عَلَى ابْنِهَا. فَقَالَتْ لِلمَلِكِ: «لَا يَا مَوْلَايَ! لَا تَقْتُلِ الوَلَدَ! بَلْ أعْطِهِ لَهَا.» 27 فَقَالَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ: «لَا تَقْتُلِ الوَلَدَ! بَلْ أعْطِهِ لِلمَرْأةِ الأُولَى، فَهِيَ أُمُّهُ.»

28 فَذَاعَ فِي كُلِّ إسْرَائِيلَ مَا فَعَلَهُ المَلِكُ سُلَيْمَانُ. فَصَارَ الشَّعْبُ يَحْتَرِمُونَهُ وَيُكَرِّمُونَهُ، لِأنَّهُمْ رَأوْا أنَّ اللهَ أعطَاهُ حِكْمَةً عَظِيمَةً جِدًّا فِي اتِّخَاذِ القَرَارَاتِ وَإصْدَارِهَا.

مَملَكَةُ سُلَيمَان

امتَدَّ حُكْمُ سُلَيْمَانَ عَلَى كُلِّ إسْرَائِيلَ. وَفِيمَا يَلِي أسْمَاءُ كِبَارِ المَسؤُولِينَ الَّذِينَ أعَانُوهُ فِي الحُكْمِ:

الكَاهِنُ عَزَرْيَا بْنُ صَادُوقَ.

ألِيحُورَفُ وَأخِيَّا، ابْنَا شِيشَا، وَكَانَا كَاتِبَينِ لِلسِّجِلَاتِ القَانُونِيَّةِ.

وَالمُؤَرِّخُ يَهُوشَافَاطُ بْنُ أخِيلُودَ.

وَقَائِدُ الجَيْشِ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ.

وَالكَاهِنَانِ صَادُوقُ وَأبِيَاثَارُ.

عَزَرْيَا بْنُ نَاثَانَ المَسؤولُ عَنْ وُلَاةِ المُقَاطَعَاتِ.

زَابُودُ بْنُ نَاثَانَ، وَكَانَ كَاهِنًا وَمُسْتَشَارًا شَخْصِيًّا لِلمَلِكِ.

أخِيشَارُ المَسؤولُ عَنْ شُؤونِ بَيْتِ المَلِكِ.

أدُونِيرَامُ بْنُ عَبْدَا المَسؤولُ عَنِ العُمَّالِ.

وَقَدْ وَلَّى سُلَيْمَانُ اثنَيْ عَشَرَ وَالِيًا عَلَى كُلِّ إسْرَائِيلَ. فَكَانُوا يُوفِّرُونَ الطَّعَامَ لِلمَلِكِ وَلِبَيْتِهِ بِالتَّنَاوُبِ، بَحَيْثُ يَتَولَّى وَاحِدٌ مِنْهُمْ هَذَا الأمْرَ شَهرًا كُلَّ سَنَةٍ. وَفِيمَا يَلِي أسمَاؤُهُمْ:

ابْنُ حُورٍ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مُقَاطَعَةِ أفْرَايِمَ الجَبَلِيَّةِ.

ابْنُ دَقَرَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مَاقَصَ وَشَعَلُبِّيمَ وَبَيْتِ شَمسٍ وَأيلُونِ بَيْتِ حَانَانَ.

10 ابْنُ حَسَدَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى أرُوبُوتَ وَسُوكُوهَ وَحَافَرَ.

11 ابْنُ أبِينَادَابَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مُرتَفَعَاتِ دُوَرٍ. وَكَانَ مُتَزَوِّجًا مِنْ طَافَةَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ.

12 بَعْنَا بْنُ أخِيلُودَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى تَعْنَكَ وَمَجِدُّو وَكُلِّ بَيْتِ شَانٍ المُجَاوِرَةِ لِصُرْتَانَ، وَهِيَ تَحْتَ يَزْرَعِيلَ، مِنْ بَيْتِ شَانٍ إلَى آبَلَ مَحُولَةَ عَلَى الجَانِبِ الآخَرِ مِنْ يَقْمَعَامَ.

13 ابْنُ جَابَرَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى رَامُوثَ الَّتِي فِي جِلْعَادَ. وَكَانَ مَسؤُولًا عَنْ كُلِّ بَلْدَاتِ يَائِيرَ بْنِ مَنَسَّى وَقُرَاهَا فِي جِلْعَادَ، وَعَنْ مِنْطَقَةِ أرْجُوبَ فِي بَاشَانَ. وَكَانَتْ هَذِهِ المِنْطَقَةُ تَضُمُّ سِتِّينَ مَدِينَةً مُسَوَّرَةً، وَلَهَا قُضبَانٌ نُحَاسِيَّةٌ عَلَى بَوَّابَاتِهَا.

14 أخِينَادَابُ بْنُ عُدُّو، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مَحَنَايِمَ.

15 أخِيمَعَصُ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى نَفْتَالِي. وَكَانَ مُتَزَوِّجًا مِنْ بَاسِمَةٍ بِنْتِ سُلَيْمَانَ.

16 بَعْنَا بْنُ حُوشَايَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى أشِيرَ وَبَعَلُوتَ.

17 يَهُوشَافَاطُ بْنُ فَارُوخَ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى يَسَّاكَرَ.

18 شِمْعَى بْنُ أيلَا، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى بَنْيَامِينَ.

19 جَابِرُ بْنُ أُورِي، وَكَانَ وَالِيًا عَلَى جِلْعَادَ حَيْثُ كَانَ سِيحُونُ مَلِكُ الأمُّورِيِّينَ، وَعُوجٌ مَلِكُ بَاشَانَ يسْكُنَانِ. وَكَانَ جَابِرُ وَالِيًا وَحْدَهُ عَلَى كُلِّ تِلْكَ المُقَاطَعَةِ.

20 وَكَانَ النَّاسُ فِي يَهُوذَا وَإسْرَائِيلَ بِكَثْرَةِ رَملِ الشَّوَاطِئِ، لَكِنْ لَمْ يَنْقُصْهُمْ شَيءٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالثِّيَابِ.

21 وَحَكَمَ سُلَيْمَانُ كُلَّ المَمَالِكِ مِنْ نَهْرِ الفُرَاتِ إلَى أرْضِ الفِلِسْطِيِّينَ. وَامتَدَّتْ مَملَكَتُهُ إلَى حُدُودِ مِصْرٍ. وَكَانَتْ تِلْكَ المَمَالِكُ تُرسِلُ الجِزيَةَ إلَى سُلَيْمَانَ وَتَخْضَعُ لَهُ طَوَالَ أيَّامِ حُكمِهِ.

22 وَهَذِهِ كَمِّيَّاتُ الطَّعَامِ الَّتِي احْتَاجَهَا سُلَيْمَانُ كُلَّ يَوْمٍ: ثَلَاثِينَ كِيسًا[b] مِنَ السَّمِيدِ، وَسِتِّينَ كِيسًا مِنَ الطَّحِينِ، 23 وَعَشْرَةُ ثِيرَانٍ مُسَمَّنَةٍ، وَعِشْرُونَ مِنْ بَقَرِ المَرَاعِي، وَمِئَةُ خَرُوفٍ، عَدَا جَمِيعِ أنْوَاعِ الغِزلَانِ[c] وَالطُّيُورِ البَرِّيَّةِ.

24 وَحَكَمَ سُلَيْمَانُ كُلَّ البُلدَانِ الوَاقِعَةِ شَرقِيَّ نَهْرِ الفُرَاتِ، أيْ مِنْ تَفْسَخَ إلَى غَزَّةَ. وَسَادَ السَّلَامُ جَمِيعَ حُدُودِ مَملَكَتِهِ. 25 وقَدْ عَاشَ كُلُّ الشَّعْبِ فِي يَهُوذَا وَإسْرَائِيلَ مِنْ دَانٍ إلَى بِئْرِ السَّبعِ فِي سَلَامٍ وَأمْنٍ طَوَالَ حُكْمِ سُلَيْمَانَ. فَكَانَ النَّاسُ يَجْلِسُونَ مُطمَئِنِّينَ تَحْتَ أشْجَارِ تِينِهِمْ وَكُرُومِهِمْ. 26 وَكَانَ لَدَى سُلَيْمَانَ اسْطَبلَاتٌ تَتَّسِعُ لِأرْبَعَةِ آلَافٍ مِنْ خُيُولِ مَركِبَاتِهِ، وَاثنَا عَشَرَ ألْفَ فَارِسٍ. 27 وَفِي كُلِّ شَهْرٍ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ كُلِّ وُلَاةِ المُقَاطَعَاتِ الِاثنَيْ عَشَرَ يُزَوِّدُ المَلِكَ بِكُلِّ مَا يَحتَاجُهُ مِنْ طَعَامٍ. فَكَانَ ذَلِكَ يَكْفِي لِجَمِيعِ الآكِلِينَ عَلَى مَائِدَةِ المَلِكِ. 28 كَمَا يُقَدِّمَونَ مَا يَكْفِي مِنَ الشَّعِيرِ وَالتِّبْنِ لِخُيُولِ المَركِبَاتِ وَخُيُولِ الفُرسَانِ، وَيَنَقَلُونَ ذَلِكَ إلَى الأمَاكِنِ المُخَصَّصَةِ.

مِقدَارُ حِكمَةِ سُلَيمَان

29 وَأعْطَى اللهُ سُلَيْمَانَ حِكْمَةً عَظِيمَةً، فَكَانَ يَفْهَمُ أُمُورًا كَثِيرَةً جِدًّا، وَكَانَ وَاسِعَ الإدرَاكِ إلَى حَدٍّ يَصْعُبُ تَصَوُّرُهُ. 30 فَقَدْ فَاقَتْ حِكمَةُ سُلَيْمَانَ كُلَّ حِكمَةِ أهْلِ الشَّرقِ وَمِصْرٍ. 31 كَانَ أحْكَمَ النَّاسِ عَلَى الأرْضِ. فَقَدْ تَفَوَّقَ فِي حِكْمَتِهِ عَلَى إيثَانَ الأَزْرَحِيِّ وَهِيمَانَ وَكَلْكُولَ وَدَرْدَعَ أبْنَاءِ مَاحُولَ. فَذَاعَ صِيتُ سُلَيْمَانَ فِي البُلدَانِ المُحِيطَةِ كُلِّهَا.

32 وَكَتَبَ سُلَيْمَانُ ثَلَاثَةَ آلَافِ قَولٍ حَكِيمٍ، وَألفًا وَخَمْسَ مِئَةِ تَرْنِيمَةٍ وَأُغْنِيَةٍ. 33 وَعَرَفَ سُلَيْمَانُ أيْضًا الكَثِيرَ عَنِ الطَّبِيعَةِ. فَعَلَّمَ عَنْ أنوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ النَّبَاتَاتِ، مِنْ أشْجَارِ الأرْزِ العَظِيمَةِ فِي لُبْنَانَ، إلَى الزُّوفَا المُتَسَلِّقَةِ عَلَى الجُدرَانِ. وَعَلَّمَ أيْضًا عَنِ الحَيَوَانَاتِ وَالطُّيُورِ وَالزَّوَاحِفِ. 34 فَكَانَ يَأْتِي أُنَاسٌ مِنْ كُلِّ الشُّعُوبِ إلَى سُلَيْمَانَ لِيَسْتَمِعُوا إلَى حِكمَتِهِ. وَأرْسَلَ مُلُوكُ كُلِّ الأُمَمِ حُكَمَاءَهُمْ لِكَي يسمَعُوا ويَتَعَلَّمُوا مِنْ حِكمَتِهِ.

سُلَيْمَانُ وَحِيرَامُ

وَكَانَتْ قَدْ رَبَطَتْ حِيرَامَ مَلِكَ صُورٍ عَلَاقَةٌ قَوِيَّةٌ بِدَاوُدَ. فَلَمَّا سَمِعَ حِيرَامُ أنَّ سُلَيْمَانَ خَلَفَ أبَاهُ فِي الحُكْمِ، أرْسَلَ خُدَّامَهُ إلَيْهِ. فَأرْسَلَ المَلِكُ سُلَيْمَانُ إلَى حِيرَامَ الرِّسَالَةَ التَّالِيَةَ:

«أنْتَ تَذْكُرُ أنَّ أبِي، المَلِكَ دَاوُدَ، انشَغَلَ بِحُرُوبٍ كَثِيرَةٍ عَلَى كُلِّ الحُدُودِ المُحِيطَةِ بِمَملَكَتِهِ. فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ بِنَاءِ هَيْكَلٍ إكرَامًا لِاسْمِ إلَهِهِ. فَكَانَ يَنْتَظِرُ إلَى أنْ يَضَعَ اللهُ أعْدَاءَهُ تَحْتَ قَدَمَيهِ. أمَّا الآنَ، فَقَدْ أنعَمَ إلَهي عَلَيَّ بِالسَّلَامِ عَلَى حُدُودِ مَملَكَتِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. فَلَيْسَ لِي عَدُوٌّ[d] وَشَعْبِي آمِنٌ.

«فَأنَا نَوَيتُ أنْ أبنِيَ ذَلِكَ البَيْتَ لِأُكرِمَ اسْمَ إلَهِي، وَفْقًا لِمَا قَالَهُ اللهُ لِأبِي دَاوُدَ: ‹سَأجْعَلُ ابنَكَ مَلِكًا بَعدَكَ، وَسَيَبْنِي بَيْتًا إكرَامًا لِاسْمِي.› لِهَذَا أطلُبُ إلَيْكَ أنْ تُسَاعِدَنِي. أرْسِلْ رِجَالَكَ إلَى لُبْنَانَ لِيَقْطَعُوا لِي أشْجَارَ أرزٍ. وَسَأُرْسِلُ خُدَّامِي لِيُعَاوِنُوهُمْ فِي ذَلِكَ. وَسَأدفَعُ لَكَ أيَّ أجرٍ تُحَدِّدُهُ لِأتعَابِ خُدَّامِكَ. أحتَاجُ إلَى خِبْرَةِ خُدَّامِكَ. فَالنَّجَّارُونَ لَدَيَّ لَيْسُوا بِبَرَاعَةِ نَجَّارِي صَيدَا.»

فَلَمَّا سَمِعَ حِيرَامُ رِسَالَةَ سُلَيْمَانَ، سُرَّ كَثِيرًا وَقَالَ: «أشكُرُ اللهَ اليَوْمَ لِأنَّهُ أعْطَى دَاوُدَ ابنًا حَكِيمًا لِيَحْكُمَ هَذِهِ الأُمَّةَ العَظِيمَةَ!» ثُمَّ أرْسَلَ رِسَالَةً لِسُلَيمَانَ يَقُولُ فِيهَا:

«وَصَلَتْنِي رِسَالَتُكَ، وَسَمِعْتُ بِمَا طَلَبْتَ. سَأُعْطِيكَ كُلَّ أشْجَارِ الأرْزِ وَالسَّروِ الَّتِي طَلَبْتَهَا كَمَا تُرِيدُ. سَيُنزِلُهَا خُدَّامِي مِنْ لُبْنَانَ إلَى البَحْرِ وَيُعَوِّمُونَهَا بِمُحَاذَاةِ الشَّاطِئِ إلَى أيِّ مَكَانٍ تُحَدِّدُهُ أنْتَ. وَهُنَاكَ سَيَفْصِلُونَ ألوَاحَ الأرْزِ عَنْ ألوَاحِ السَّروِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ يُمْكِنُ لِرِجَالِكَ أنْ يَحْمِلُوهَا، وَأمَّا أنْتَ فَتُعْطِينِي الأُجرَةَ الَّتِي تُرْضينِي، وَذَلِكَ بِتَوفيرِ طَعَامٍ لِمَملَكَتِي.»

10 فَأعْطَى حِيرَامُ سُلَيْمَانَ كُلَّ أشْجَارِ الأرْزِ وَالسَّروِ الَّتِي طَلَبَهَا. 11 وَأعْطَى سُلَيْمَانُ حِيرَامَ نَحْوَ عِشْرِينَ ألْفَ جَرَّةٍ[e] مِنَ القَمْحِ، وَنَحْوَ عِشْرِينَ ألْفَ قِدْرٍ[f] مِنْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ النَّقِيِّ كُلَّ عَامٍ طَعَامًا لِعَائِلَتِهِ.

12 وَأعْطَى اللهُ سُلَيْمَانَ حِكْمَةً كَمَا سَبَقَ أنْ وَعَدَ. وَكَانَ هُنَاكَ سَلَامٌ بَيْنَ حِيرَامَ وَسُلَيمَانَ، حَيْثُ عَقَدَا مُعَاهَدَةً بَيْنَهُمَا.

13 وَجَنَّدَ سُلَيْمَانُ ثَلَاثِينَ ألْفَ رَجُلٍ مِنْ إسْرَائِيلَ عَلَى العَمَلِ فِي هَذَا المَشرُوعِ. 14 وَأقَامَ عَلَيْهِمْ رَئِيسًا اسْمُهُ أدُونِيرَامُ. وَقَسَّمَ العَامِلينَ إلَى ثَلَاثِ مَجمُوعَاتٍ، كُلٌّ مِنْهَا عَشْرَةُ آلَافِ عَامِلٍ. تَعْمَلُ كُلُّ مَجمُوعَةٍ شَهرًا فِي لُبْنَانَ، وَتَعُودُ لِتَرتَاحَ شَهرَينِ. 15 وَكَانَ لِسُلَيمَانَ أيْضًا سَبعِينَ ألْفَ عَامِلٍ لِنَقلِ الحِجَارَةِ، وَثَمَانِينَ ألْفَ حَجَّارٍ فِي المِنْطَقَةِ الجَبَلِيَّةِ. 16 هَذَا عَدَا الَّذِينَ كَانُوا يُشرِفُونَ عَلَى تَوْجِيهِ العُمَّالِ، وَعَدَدُهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثَلَاثُ مِئَةِ رَجُلٍ تَحْتَ إمرَةِ سُلَيْمَانَ. 17 أمَرَهُمُ المَلِكُ سُلَيْمَانُ بِأنْ يَقْطَعُوا حِجَارَةً كَبِيرَةً ثَمِينَةً لِتَكُونَ أسَاسَ الهَيْكَلِ. فَقُطِعَتْ تِلْكَ الحِجَارَةُ بِعِنَايَةٍ. 18 ثُمَّ نَحَتَ بَنَّاؤُو سُلَيْمَانَ وَحِيرَامَ وَالعُمَّالُ الَّذِينَ مِنْ جُبَيل الحِجَارَةَ. فَأعَدُّوا الحِجَارَةَ وَالألوَاحَ الخَشَبِيَّةَ لِبِنَاءِ الهَيْكَلِ.

Notas al pie

  1. 3‏:1 مَدِينَةُ دَاوُد هِيَ مَدِينَةُ القُدْسِ، خَاصّةً الجُزْء الجَنُوبِيّ من المدينة.
  2. 4‏:22 كيس حرفيًا «حُومر.» وَهِيَ وِحدةُ قيَاسٍ للمَكَاييلِ تُعَادلُ نَحْوَ مِئتَيْنِ وَثلَاثِينَ لِترًا. (أيْضًا فِي العَدَد 38)
  3. 4‏:23 جَمِيعِ أنْوَاعِ الغِزلَان حرفيًا «الأيَائِلِ وَالغِزلَانِ وَاليَحَامِيرِ.» وَجَمِيُعهَا مِنَ فَصِيلَةِ الغِزلَانِ.
  4. 5‏:4 عدوّ حرفيًا: «شيطَانٌ …» بدون أل التعريف.
  5. 5‏:11 جَرَّة حرفيًا «كُرّ.» وَهِيَ مكيَالٌ للمكَاييل السَائلة تُعَادلُ نَحْوَ 230 لِترًا.
  6. 5‏:11 قِدْر حرفيًا «بَث.» وَهِيَ وِحدةُ قيَاسٍ للمَكَاييلِ تُعَادلُ نَحْوَ 23 لترًا.

سلطة يسوع

20 وَفِيمَا كَانَ يُعَلِّمُ الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ ذَاتَ يَوْمٍ، وَيُبَشِّرُ، تَصَدَّى لَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ الشُّيُوخِ، وَخَاطَبُوهُ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ تَفْعَلُ مَا فَعَلْتَ؟ أَوْ مَنْ مَنَحَكَ هذِهِ السُّلْطَةَ؟» فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «وَأَنَا أَيْضاً أَسْأَلُكُمْ أَمْراً وَاحِداً، فَأَجِيبُونِي عَنْهُ: أَمِنَ السَّمَاءِ كَانَتْ مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا أَمْ مِنَ النَّاسِ؟» فَتَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ: وَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، يَرْجُمُنَا الشَّعْبُ كُلُّهُ، لأَنَّهُمْ مُقْتَنِعُونَ أَنَّ يُوحَنَّا كَانَ نَبِيًّا». فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ هِيَ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «وَأَنَا لَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ أَفْعَلُ مَا فَعَلْتُ!»

مَثل المزارعين

وَأَخَذَ يُكَلِّمُ الشَّعْبَ بِهَذَا الْمَثَلِ: «غَرَسَ إِنْسَانٌ كَرْماً وَسَلَّمَهُ إِلَى مُزَارِعِينَ، وَسَافَرَ مُدَّةً طَوِيلَةً. 10 وَفِي مَوْسِمِ الْحَصَادِ أَرْسَلَ إِلَى الْمُزَارِعِينَ عَبْداً، لِكَيْ يُعْطُوهُ مِنْ ثَمَرِ الْكَرْمِ. وَلكِنَّ الْمُزَارِعِينَ ضَرَبُوهُ وَرَدُّوهُ فَارِغَ الْيَدَيْنِ. 11 فَعَادَ وَأَرْسَلَ عَبْداً آخَرَ. إِلّا أَنَّهُمْ ضَرَبُوهُ أَيْضاً وَأَهَانُوهُ وَرَدُّوهُ فَارِغَ الْيَدَيْنِ. 12 ثُمَّ عَادَ وَأَرْسَلَ عَبْداً ثَالِثاً، فَجَرَّحُوهُ وَطَرَحُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ. 13 فَقَالَ رَبُّ الْكَرْمِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ سَأُرْسِلُ ابْنِي الْحَبِيبَ، لَعَلَّهُمْ يَهَابُونَهُ! 14 وَلكِنْ مَا إِنْ رَآهُ الْمُزَارِعُونَ، حَتَّى تَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: هَذَا هُوَ الْوَرِيثُ، فَلْنَقْتُلْهُ لِيَصِيرَ الْمِيرَاثُ لَنَا. 15 فَطَرَحُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. فَمَاذَا إِذَنْ يَفْعَلُ رَبُّ الْكَرْمِ بِهِمْ؟ 16 إِنَّهُ يَأْتِي وَيُهْلِكُ أُولئِكَ الْمُزَارِعِينَ، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى غَيْرِهِمْ».

فَلَمَّا سَمِعُوا ذلِكَ، قَالُوا «حَاشَا!» 17 وَلكِنَّهُ نَظَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «إِذَنْ مَا مَعْنَى هذِهِ الآيَةِ الْمَكْتُوبَةِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبُنَاةُ، هُوَ نَفْسُهُ صَارَ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ؟ 18 مَنْ يَقَعُ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَكَسَّرُ، وَمَنْ يَقَعُ الْحَجَرُ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ سَحْقاً؟» 19 فَسَعَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ إِلَى إلْقَاءِ الْقَبْضِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ عَيْنِهَا، وَلكِنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ، فَقَدْ أَدْرَكُوا أَنَّهُ عَنَاهُمْ بِهَذَا الْمَثَلِ.

دفع الجزية للقيصر

20 فَجَعَلُوا يُرَاقِبُونَهُ، وَبَثُّوا حَوْلَهُ جَوَاسِيسَ يَتَظَاهَرُونَ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ يَقُولُهَا، فَيُسَلِّمُوهُ إِلَى قَضَاءِ الْحَاكِمِ وَسُلْطَتِهِ. 21 فَقَالُوا يَسْأَلُونَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ بِالصِّدْقِ، فَلا تُرَاعِي مَقَامَاتِ النَّاسِ، بَلْ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ: 22 أَفَيَحِلُّ لَنَا أَنْ نَدْفَعَ الْجِزْيَةَ لِلْقَيْصَرِ، أَمْ لا؟» 23 فَأَدْرَكَ مَكْرَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: 24 «أَرُونِي دِينَاراً: لِمَنِ الصُّورَةُ وَالنَّقْشُ عَلَيْهِ؟» فَأَجَابُوا: «لِلْقَيْصَرِ!» 25 فَقَالَ لَهُمْ: «إِذَنْ، أَعْطُوا مَا لِلْقَيْصَرِ لِلْقَيْصَرِ، وَمَا لِلهِ لِلهِ». 26 فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنَ الإِيقَاعِ بِهِ أَمَامَ الشَّعْبِ بِكَلِمَةٍ يَقُولُهَا، فَسَكَتُوا مَدْهُوشِينَ مِمَّا سَمِعُوا.

Read full chapter

التَشْكِيكُ بِسُلطَانِ يَسُوع

(مَتَّى 21‏:23‏-27؛ مَرْقُس 11‏:27‏-33)

20 وَكَانَ يَسُوعُ يُعَلِّمُ النَّاسَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي سَاحَةِ الهَيْكَلِ وَيُعلِنُ بِشَارَتَهُ. فَاجتَمَعَ كِبَارُ الكَهَنَةِ وَمُعَلِّمُو الشَّرِيعَةِ مَعَ الشُّيُوخِ وَجَاءُوا إلَيْهِ، وَقَالُوا: «أخبِرنَا بِأيِّ سُلطَانٍ تَفْعَلُ هَذِهِ الأشْيَاءَ، وَمَنِ الَّذِي أعطَاكَ هَذَا السُّلطَانَ؟»

فَأجَابَهُمْ يَسُوعُ: «وَسَأسألُكُمْ أنَا أيْضًا فَأجِيبُونِي: هَلْ كَانَتْ مَعمُودِيَّةُ يُوحَنَّا بِسُلطَانٍ مِنَ اللهِ، أمْ بِسُلطُانٍ مِنَ النَّاسِ؟»

فَنَاقَشُوا الأمْرَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «إنْ قُلنَا مِنَ السَّمَاءِ سَيَقُولُ: ‹فَلِمَاذَا لَمْ تُصَدِّقُوهُ؟› وَإنْ قُلْنَا مِنَ النَّاسِ، فَسَيَرْجُمُنَا كُلُّ النَّاسِ لِأنَّهُمْ مُقتَنِعُونَ بِأنَّ يُوحَنَّا كَانَ نَبِيًّا.» فَقَالُوا إنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَصدَرَ مَعمُودِيَّةِ يُوحَنَّا.

فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «وَلَا أنَا أُخبِرُكُمْ بِأيِّ سُلطَانٍ أفْعَلُ هَذِهِ الأُمُورَ.»

مَثَلُ صَاحِبِ الكَرْم

(مَتَّى 21‏:33‏-46؛ مَرْقُس 12‏:1‏-12)

ثُمَّ رَاحَ يَسُوعُ يَرْوِي لِلنَّاسِ هَذَا المَثَلَ: «غَرَسَ رَجُلٌ كَرْمًا. ثُمَّ أجَّرَهُ لِبَعْضِ الفَلَّاحِينَ وَسَافَرَ بَعِيدًا مُدَّةً طَوِيلَةً. 10 وَجَاءَ وَقْتُ الحَصَادِ. فَأرْسَلَ خَادِمًا إلَى الفَلَّاحِينَ لِكَي يُعطُوهُ شَيْئًا مِنْ نَتَاجِ الكَرْمِ. لَكِنَّ الفَلَّاحِينَ ضَرَبُوهُ وَصَرَفُوهُ فَارِغَ اليَدَينِ. 11 فَأرْسَلَ أيْضًا خَادِمًا آخَرَ، لَكِنَّهُمْ ضَرَبُوا هَذَا أيْضًا، وَعَامَلُوهُ مُعَامَلةً مُخزِيَةً، وَصَرَفُوهُ فَارِغَ اليَدَينِ. 12 فَأرْسَلَ أيْضًا خَادِمًا ثَالِثًا، لَكِنَّهُمْ جَرَّحُوا هَذَا أيْضًا وَطَرَدُوهُ خَارِجًا.

13 «فَقَالَ صَاحِبُ الكَرْمِ: ‹مَاذَا عَسَايَ أفْعَلُ؟ سَأُرْسِلُ ابنِي حَبِيبِي نَفْسَهُ. فَرُبَّمَا يَحْتَرِمُونَهُ.› 14 لَكِنْ عِنْدَمَا رَأى الفَلَّاحُونَ الابْنَ، تَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَقَالُوا: ‹هَذَا هُوَ الوَرِيثُ، فَلنَقتُلْهُ لِكَي نَسْتوليَ عَلَى المِيرَاثِ.› 15 فَألقَوْهُ خَارِجَ الكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. فَمَاذَا تَظُنُّونَ أنَّ صَاحِبَ الكَرْمِ سَيَفْعَلُ بِهِمْ؟ 16 سَيَأْتِي وَيَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الفَلَّاحِينَ، وَيُعطِي الكَرْمَ لِغَيرِهِمْ.»

فَلَمَّا سَمِعُوا هَذَا قَالُوا: «حَاشَا! لَا يَكُونُ هَذَا أبَدًا!» 17 لَكِنَّ يَسُوعَ نَظَرَ إلَيْهِمْ وَقَالَ: «إذًا مَا مَعنَى هَذَا القَولِ المَكْتُوبِ:

‹الحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ البَنَّاؤُونَ،
هُوَ الَّذِي صَارَ حَجَرَ الأسَاسِ›؟[a]

18 فَكُلُّ مَنْ يَسْقُطُ عَلَى هَذَا الحَجَرِ يَنْكَسِرُ، وَكُلُّ مَنْ وَقَعَ الحَجَرُ عَلَيْهِ يُسحَقُ!»

19 وَكَانَ مُعَلِّمُو الشَّرِيعَةِ وَكِبَارُ الكَهَنَةِ يَبْحَثُونَ عَنْ طَرِيقَةٍ يَقْبِضُونَ عَلَيْهِ بِهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، لِأنَّهُمْ عَرَفُوا أنَّهُ كَانَ يَقْصِدُهُمْ بِالمَثَلِ الَّذِي رَوَاهُ، لَكِنَّهُمْ خَافُوا مِنَ النَّاسِ.

قَادَةُ اليَهُودِ يُحَاوِلُونَ اصطِيَادَ يَسُوع

(مَتَّى 22‏:15‏-22؛ مَرْقُس 12‏:13‏-17)

20 فَأخَذُوا يُرَاقِبُونَهُ مُرَاقَبَةً دَقِيقَةً. وَأرسَلُوا إلَيْهِ جَوَاسِيسَ يَتَظَاهَرُونَ بِأنَّهُمْ أتقِيَاءُ، بَيْنَمَا كَانُوا يُخَطِّطُونَ لَاصطِيَادِهِ فِي شَيءٍ يَقُولُهُ، لِكَي يَتَمَكَّنُوا مِنْ إخضَاعِهِ لِسُلطَةِ الوَالِي فَيُحَاكِمَهُ. 21 فَسَألَهُ الجَوَاسِيسُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَحْنُ نَعْلَمُ أنَّكَ تَقُولُ وَتُعَلِّمُ الحَقَّ، وَأنَّكَ لَا تَتَحَيَّزُ لِأحَدٍ، بَلْ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِكُلِّ صِدقٍ. 22 فَقُلْ لَنَا، هَلْ يَتَوَافَقُ مَعَ الشَّرِيعَةِ أنْ نَدْفَعَ ضَرِيبَةً للِقَيصَرِ أمْ لَا؟»

23 فَأدرَكَ يَسُوعُ نَوَايَاهُمُ الشِّرِيرَةَ وَقَالَ: 24 «أرُونِي دِينَارًا. مَنْ صَاحِبُ الرَسْمِ وَالاسْمِ المَنقُوشَينِ عَلَى هَذَا الدِّينَارِ؟» قَالُوا: «القَيصَرُ.»

25 فَقَالَ لَهُمْ: «إذًا أعطُوا القَيصَرَ مَا يَخُصُّهُ، وَأعطُوا اللهَ مَا يَخُصُّهُ.»

26 فَعَجِزُوا عَنِ اصطِيَادِهِ فِي كَلَامِهِ أمَامَ النَّاسِ، وَذُهِلُوا مِنْ رَدِّهِ، وَسَكَتُوا.

Read full chapter

Notas al pie

  1. 20‏:17 المَزْمُور 118‏:22.