Add parallel Print Page Options

11 وَكَانَ يَفتَاحُ الجِلْعَادِيُّ مُحَارِبًا مُقتَدِرًا. وَهُوَ ابْنُ امْرأةٍ عَاهِرَةٍ. وَجِلْعَادُ هُوَ أبُو يَفتَاحَ. وَأنْجَبَتْ زَوْجَةُ جِلْعَادَ أيْضًا لَهُ أوْلَادًا. وَلَمَّا كَبِرَ أبْنَاءُ الزَّوجَةِ، طَرَدُوا يَفُتَاحَ وَقَالُوا لَهُ: «لَنْ تُشَارِكَنَا فِي المِيرَاثِ فِي بَيْتِ أبِينَا، لِأنَّكَ ابْنُ امْرأةٍ غَريبَةٍ.» فَتَرَكَ يَفْتَاحُ إخْوَتَهُ وَعَاشَ فِي أرْضِ طُوبٍ. وَاجتَمَعَ حَوْلَ يَفتَاحَ بَعْضُ الرِّجَالِ المَنبُوذينَ وَتَبِعُوهُ.

وَبَعْدَ مُدَّةٍ، تَوَجَّهَ العَمُّونِيُّونَ لِقِتَالِ بَنِي إسْرَائِيلَ، فَلَمَّا ذَهَبَ العَمُّونِيُّونَ لِمُحَارَبَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ، جَاءَ شُيُوخُ جِلْعَادَ لِيَأْخُذُوا يَفْتَاحَ مِنْ أرْضِ طُوبٍ، وَقَالُوا لِيَفْتَاحَ: «تَعَالَ وَكُنْ آمِرَنَا لِكَي نِسْتَطِيعَ مُقَاتَلَةَ العَمُّونِيِّينَ.»

فَقَالَ يَفتَاحُ لِشُيُوخِ جِلْعَادَ: «أمَا رَفَضْتُمُوني وَطَرَدْتُمُونِي مِنْ بَيْتِ أبِي؟ فَلِمَاذَا تَأْتُونَ إلَيَّ الآنَ وَأنْتُمْ فِي ضِيقٍ؟»

فَقَالَ شُيُوخُ جِلْعَادَ لِيَفْتَاحَ: «بِسَبَبِ ذَلِكَ التَجَأنَا إلَيْكَ الآنَ. نُرِيدُكَ أنْ تَأْتِيَ مَعَنَا، وَأنْ تُقَاتِلَ العَمُّونِيِّينَ، وَتَصِيرَ زَعِيمًا عَلَيْنَا وَعَلَى جَمِيعِ سُكَّانِ جِلْعَادَ.»

فَقَالَ يَفْتَاحُ لِشُيُوخِ جِلْعَادَ: «إنِ استَدْعَيتُمُونِي لِمُقَاتَلَةِ الأمُورِيِّينَ، وَأعَانَنِي اللهُ عَلَى هَزِيمَتِهِمْ، فَلَا بُدَّ أنْ أصِيرَ زَعِيمَكُمْ.»

10 فَقَالَ شُيُوخُ جِلْعَادَ لِيَفتَاحَ: «اللهُ شَاهِدٌ عَلَى وَعدِنَا لَكَ، وَسَنَفعَلُ كَمَا تَقُولُ.»

11 فَذَهَبَ يَفتَاحُ مَعَ شُيُوخِ جِلَعَادَ، وَجَعَلَهُ الشَّعْبُ زَعِيمًا وَآمِرًا عَلَيْهِمْ. وَكَرَّرَ يَفتَاحُ كُلَّ كَلَامِهِ فِي حَضْرَةِ اللهِ فِي المِصْفَاةِ.

رِسَالَةُ يَفتَاحَ إلَى مَلِكِ عَمُّون

12 ثُمَّ أرْسَلَ يَفتَاحُ رُسُلًا إلَى مَلِكِ العَمُّونِيِّينَ وَقَالَ: «مَاذَا بِينِي وَبَيْنَكَ حَتَّى إنَّكَ جِئْتَ لِتُقَاتِلَ بِلَادِي؟»

13 فَقَالَ مَلِكُ العَمُّونِيِّينَ لِرُسُلِ يَفتَاحَ: «لِأنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ أخَذُوا أرْضِي مِنْ نَهْرِ أرنُونَ إلَى نَهْرِ يَبُّوقَ وَإلَى نَهْرِ الأُرْدُنِّ عِنْدَمَا صَعِدُوا مِنْ مِصْرٍ. فَالآنَ، أعِدْ هَذِهِ الأرَاضِي لِي بِلَا حَرْبٍ.»

14 فَعَادَ الرُّسُلُ إلَى يَفتَاحَ. فَأرْسَلَ يَفتَاحُ مَرَّةً أُخْرَى رُسُلًا إلَى مَلِكِ العَمُّونِيِّينَ. 15 وَقَالَ يَفتَاحُ لَلمَلِكِ فِي رِسَالَتِهِ:

«هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ يَفْتَاحُ: لَمْ يَأْخُذْ بَنُو إسْرَائِيلَ أرْضَ مُوآبَ أوْ أرْضَ العَمُّونِيِّينَ. 16 فَعِنْدَمَا صَعِدَ بَنُو إسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرٍ، صَعِدُوا عَبْرَ الصَّحرَاءِ إلَى البَحْرِ الأحْمَرِ، ثُمَّ جَاءُوا إلَى قَادِشَ. 17 ثُمَّ أرْسَلَ بَنُو إسْرَائِيلَ رُسُلًا إلَى مَلِكِ أدُومَ يَقُولُونَ لَهُ: نَرجُو أنْ تَسْمَحَ لَنَا بِالمُرُورِ عَبْرَ أرْضِكَ، لَكِنَّ مَلِكَ أدُومَ رَفَضَ أنْ يُصغِيَ. ثُمَّ أرْسَلَ بَنُو إسْرَائِيلَ رُسُلًا أيْضًا إلَى مَلِكِ مُوآبَ، لَكِنَّهُ رَفَضَ أيْضًا أنْ يَسْمَحَ لَهُمْ بِالعُبُورِ. فَمَكَثَ بَنُو إسْرَائِيلَ فِي قَادِشَ.

18 «ثُمَّ ارتَحَلَ بَنُو إسْرَائِيلَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَدَارُوا حَوْلَ أرْضِ أدُومَ وَأرْضِ مُوآبَ، وَجَاءُوا إلَى شَرْقِ أرْضِ مُوآبَ. وَخَيَّمُوا عَلَى الجَانِبِ الآخَرِ مِنْ نَهْرِ أرنُونَ. وَلَمْ يَدْخُلُوا أرَاضِي مُوآبَ، إذْ كَانَ نَهْرُ أرنُونَ عَلَى حُدُودِ مُوآبَ. 19 ثُمَّ أرْسَلَ بَنُو إسْرَائِيلَ رُسُلًا لِسِيحُونَ مَلِكِ الأمُورِيِّينَ، وَقَالُوا لَهُ: اسْمَحْ لَنِا بِأنْ نَعبُرَ عَبْرَ أرْضِكَ إلَى أرْضِنَا. 20 لَكِنَّ سِيحُونَ لَمْ يَأْمَنْ أنْ يَعْبُرَ بَنُو إسْرَائِيلَ أرَاضِيِهِ. فَحَشَدَ كُلَّ قُوَّاتِهِ، وَعَسْكَرَ فِي يَاهَصَ، وَقَاتَلَ بَنِي إسْرَائِيلَ. 21 فَأعَانَ اللهُ، إلَهُ إسْرَائِيلَ، شَعْبَهُ عَلَى مُحَارَبَةِ سِيحُونَ، فَهَزَمُوهُ. فَأخَذَ بَنُو إسْرَائِيلَ كُلَّ أرْضِ الأمُورِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي ذَلِكَ البَلَدِ. 22 وَاحتَلُّوا كُلَّ أرَاضِي الأمُورِيِّينَ مِنْ نَهْرِ أرنُونَ إلَى نَهْرِ يَبُّوقَ. وَمِنَ الصَّحْرَاءِ إلَى نَهْرِ الأُرْدُنِّ.

23 «وَالْآنَ، طَرَدَ اللهُ، إلَهُ إسْرَائِيلَ الأمُورِيِّينَ مِنْ أمَامِ شَعْبِهِ بَنِي إسْرَائِيلَ، فَهَلْ تُرِيدُ أنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الأرْضَ؟ 24 ألَسْتَ تَمْتَلِكُ مَا يُعطِيكَ أنْ تَمْتَلِكَهُ إلَهُكَ كَمُوشُ؟[a] أمَّا نَحْنُ فَنَمتَلِكُ الأرَاضِي الَّتِي أخَذَهَا إلَهُنَا يهوه[b] وَأعْطَانَا إيَّاهَا. 25 أأنْتَ أفْضَلُ مِنْ بَالَاقَ بْنِ صِفُّورَ،[c] مَلِكِ مُوآبَ؟ فَهَلْ خَاصَمَ يَومًا بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى هَذِهِ الأرْضِ؟ أوْ هَلْ حَارَبَهُمْ يَومًا؟ 26 عِنْدَمَا سَكَنَ بَنُو إسْرَائِيلَ حَشْبُونَ وَقُرَاهَا، وَعَرُوعِيرَ وَقُرَاهَا، وَفِي كُلِّ المُدُنِ عَلَى ضِفَافِ نَهْرِ أرنُونَ هَذِهِ الثَّلَاثَ مِئَةِ سَنَةٍ، لِمَاذَا لَمْ تَسْتَعِدْهَا مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ؟ 27 أنَا لَمْ أُخطِئْ إلَيْكَ، أمَّا أنْتَ فَتَفْعَلُ بِي شَرًّا بِمُحَارَبَتِكَ إيَّايَ. فَلْيَقْضِ اليَوْمَ اللهُ القَاضِي بَيْنَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَبَيْنَ العَمُّونِيِّينَ.»

28 لَكِنَّ مَلِكَ العَمُّونِيِّينَ لَمْ يُصْغِ إلَى الكَلَامِ الَّذِي أرسَلَهُ إلَيْهِ يَفْتَاحُ.

نَذْرُ يَفتَاح

29 ثُمَّ حَلَّ رُوحُ اللهِ عَلَى يَفتَاحَ، فَعَبَرَ أرَاضِي جِلْعَادَ وَمَنَسَّى، وَوَاصَلَ تَقَدُّمَهُ إلَى المِصْفَاةِ فِي جِلْعَادَ، وَمِنَ المِصْفَاةِ فِي جِلْعَادَ، هَاجَمَ العَمُّونِيِّينَ.

30 وَنَذَرَ يَفْتَاحُ للهِ نَذْرًا، قَالَ: «إنْ أعَنْتَنِي عَلَى هَزِيمَةِ العَمُّونِيِّينَ، 31 فَأوَّلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ أبوَابِ بَيْتِي لِيُلَاقِينِي عِنْدَمَا أعُودُ مُنتَصِرًا مِنَ مَعْرَكَتِي مَعَ العَمُّونِيِّينَ، سَيَكُونُ تَقْدِمَةً للهِ

32 فَذَهَبَ يَفْتَاحُ إلَى العَمُّونِيِّينَ لِيُقَاتِلَهُمْ، فَأعَانَهُ اللهُ عَلَى هَزِيمَتِهِمْ. 33 وَهَزَمَهُمْ مِنْ عَرُوعِيرَ حَتَّى جِوَارِ مِنِّيتَ، عِشْرِينَ مَدِينَةً، وَحَتَّى آبِلَ الكُرُومِ هَزِيمَةً مُنكَرَةً. فَأُخضِعَ العَمُّونِيُّونَ لِبَنِي إسْرَائِيلَ.

34 وَلَمَّا عَادَ يَفْتَاحُ إلَى بَيْتِهِ فِي المِصْفَاةِ، إذَا بِابنَتِهِ خَارِجَةٌ تَضْرِبُ الدَّفَّ وَتَرْقُصُ. وَكَانَتْ وَحِيدَةَ أبِيهَا، إذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ أوْ بِنتٌ غَيرُهَا.

35 فَلَمَّا رَآهَا، مَزَّقَ ثِيَابَهُ حُزْنًا، وَقَالَ: «آهٍ يَا ابْنَتِي! لَقَدْ أحزَنْتِنِي جِدًّا وَصِرْتِ سَبَبَ تَعَاسَتِي، فَقَدْ نَذَرْتُ نَذْرًا للهِ لَا أسْتَطِيعُ التَّرَاجُعَ عَنْهُ.»

36 فَقَالَتْ لَهُ: «لَقَدْ نَذَرْتَ للهِ نَذْرًا يَا أبِي، فَافْعَلْ بِي كَمَا نَذَرْتَ، بِمَا أنَّ اللهَ قَدْ نَصَرَكَ عَلَى أعْدَائِكَ العَمُّونِيِّينَ.» 37 وَقَالَتِ لِأبِيهَا: «لَكِنْ اصْنَعْ مَعِي هَذَا المَعْرُوفَ. أمْهِلْنِي شَهْرَينِ، فَأتَجَوَّلُ عَلَى التِّلَالِ، وَأبكِي مَعَ صَاحِبَاتِي لِأنَّنِي سَأبقَى عَذْرَاءَ.»

38 فَقَالَ لَهَا: «اذْهَبِي.» وَصَرَفَهَا مُدَّةَ شَهْرَينِ. فَذَهَبَتْ هِيَ وَصَاحِبَاتُهَا وَبَكَينَ عَلَى التِّلَالِ لِأنَّهَا سَتَبْقَى عَذْرَاءَ. 39 وَفِي نِهَايَةِ الشَّهْرَينِ عَادَتْ إلَى أبِيهَا، فَفَعَلَ بِهَا كَمَا سَبَقَ أنْ نَذَرَ.

وَلِأنَّهَا لَمْ تُعَاشِرْ رَجُلًا قَطُّ، صَارَتْ عَادَةً عِنْدَ بَنِي إسْرَائِيلَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، 40 أنْ تَخْرُجَ بَنَاتُ بَنِي إسْرَائِيلَ لِيُحيِينَ ذِكرَى ابْنَةِ يَفْتَاحَ الجِلْعَادِيِّ، أرْبَعَةَ أيَّامٍ كُلَّ سَنَةٍ.

Footnotes

  1. 11‏:24 كموش الإله الرسمي فِي مُوآب.
  2. 11‏:24 يهوه أقْرَب مَعْنَى لِهذَا الاسْم «الكَائن.»
  3. 11‏:25 بَالَاق بْن صِفُّور انْظُرْ كتَاب العَدَد 22‏-24.

11 وَكَانَ يَفْتَاحُ الْجِلْعَادِيُّ مُحَارِباً شَدِيدَ الْبَأْسِ، أَنْجَبَهُ أَبُوهُ جِلْعَادُ مِنِ امْرَأَةٍ عَاهِرَةٍ. وَأَنْجَبَ جِلْعَادُ أَيْضاً عَدَداً مِنَ الأَبْنَاءِ مِنْ زَوْجَتِهِ، فَلَمَّا كَبُرُوا طَرَدُوا يَفْتَاحَ قَائِلِينَ لَهُ: «أَنْتَ ابْنُ عَاهِرَةٍ، وَلَنْ تَرِثَ شَيْئاً مِنْ بَيْتِ أَبِينَا». فَهَرَبَ يَفْتَاحُ مِنْ إِخْوَتِهِ وَأَقَامَ فِي أَرْضِ طُوبٍ، فاجْتَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ بَطَّالُونَ وَتَبِعُوهُ.

وَبَعْدَ زَمَنٍ، حَارَبَ بَنُو عَمُّونَ إِسْرَائِيلَ، فَمَضَى شُيُوخُ جِلْعَادَ لِيَأْتُوا بِيَفْتَاحَ مِنْ أَرْضِ طُوبٍ، وَقَالُوا لَهُ: «تَعَالَ وَكُنْ قَائِداً لَنَا فِي حَرْبِنَا مَعَ الْعَمُّونِيِّينَ». فَأَجَابَهُمْ يَفْتَاحُ: «أَلَمْ تُبْغِضُونِي وَتَطْرُدُونِي مِنْ بَيْتِ أَبِي؟ فَمَا بَالُكُمْ تَأْتُونَ إِلَيَّ فِي ضِيقَتِكُمْ؟» فَأَجَابُوهُ: «لأَنَّنَا فِي ضِيقٍ جِئْنَا إِلَيْكَ لِتَرْجِعَ مَعْنَا وَتُحَارِبَ بَنِي عَمُّونَ، وَتَكُونَ رَئِيساً عَلَى كُلِّ سُكَّانِ جِلْعَادَ». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ أَرْجَعْتُمُونِي لِمُحَارَبَةِ بَنِي عَمُّونَ وَهَزَمَهُمُ الرَّبُّ أَمَامِي، فَهَلْ حَقّاً تَجْعَلُونَنِي رَئِيساً عَلَيْكُمْ؟» 10 فَأَجَابُوهُ: «الرَّبُّ شَاهِدٌ بَيْنَنَا إِنْ كُنَّا لَا نَفْعَلُ حَسَبَ قَوْلِكَ». 11 فَانْطَلَقَ يَفْتَاحُ مَعَ شُيُوخِ جِلْعَادَ فَنَصَبَهُ الشَّعْبُ عَلَيْهِمْ رَئِيساً وَقَائِداً، وَرَدَّدَ يَفْتَاحُ تَعَهُّدَاتِهِ أَمَامَ الرَّبِّ فِي الْمِصْفَاةِ.

12 ثُمَّ بَعَثَ يَفْتَاحُ رُسُلاً إِلَى مَلِكِ عَمُّونَ يَسْأَلُهُ: «مَاذَا تُضْمِرُ ضِدَّنَا حَتَّى أَتَيْتَ لِتُهَاجِمَنَا فِي بِلادِنَا؟» 13 فَأَجَابَ مَلِكُ عَمُّونَ رُسُلَ يَفْتَاحَ: «لأَنَّ إِسْرَائِيلَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضِي عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِصْرَ مِنْ أَرْنُونَ إِلَى يَبُّوقَ حَتَّى نَهْرِ الأُرْدُنِّ. وَالآنَ رُدَّهَا مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ». 14 فَعَادَ يَفْتَاحُ فَبَعَثَ رُسُلاً إِلَى مَلِكِ بَنِي عَمُّونَ، 15 قَائِلِينَ لَهُ: «هَذَا مَا يُجِيبُكَ بِهِ يَفْتَاحُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَسْتَوْلُوا عَلَى أَرْضِ مُوآبَ وَلا عَلَى أَرْضِ بَنِي عَمُّونَ، 16 لأَنَّهُ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ سَارُوا فِي الصَّحْرَاءِ حَتَّى بَلَغُوا الْبَحْرَ الأَحْمَرَ وَأَتَوْا إِلَى قَادَشَ. 17 ثُمَّ بَعَثَ الإِسْرَائِيلِيُّونَ رُسُلاً إِلَى مَلِكِ أَدُومَ يَقُولُونَ لَهُ: دَعْنَا نَجْتَازُ فِي أَرْضِكَ. فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ مَلِكُ أَدُومَ. ثُمَّ بَعَثُوا رُسُلاً أَيْضاً إِلَى مَلِكِ مُوآبَ فَرَفَضَ هُوَ الآخَرُ. فَمَكَثَ الإِسْرَائِيلِيُّونَ فِي قَادَشَ. 18 ثُمَّ دَارُوا فِي الصَّحْرَاءِ مُلْتَفِّينَ حَوْلَ أَرْضِ أَدُومَ وَأَرْضِ مُوآبَ قَادِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى أَرْضِ مُوآبَ، وَخَيَّمُوا وَرَاءَ حُدُودِ أَرْنُونَ، وَلَمْ يَعْبُرُوا إِلَى تُخْمِ مُوآبَ لأَنَّ أَرْنُونَ هِيَ حَدُّ مُوآبَ. 19 بَعْدَ ذَلِكَ بَعَثَ بَنُو إِسْرَائِيلَ رُسُلاً إِلَى سِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ فِي عَاصِمَتِهِ حَشْبُونَ يَقُولُونَ: دَعْنَا نَعْبُرُ فِي أَرْضِكَ إِلَى حَيْثُ نَحْنُ مُتَوَجِّهُونَ. 20 وَلَكِنَّ سِيحُونَ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَعْبُرَ الإِسْرَائِيلِيُّونَ فِي أَرْضِهِ، بَلْ حَشَدَ كُلَّ جَيْشِهِ وَعَسْكَرَ فِي يَاهَصَ وَحَارَبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 21 فَنَصَرَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ شَعْبَهُ عَلَى سِيحُونَ وَجَيْشِهِ، فَهَزَمُوهُمْ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى كُلِّ أَرْضِ الأَمُورِيِّينَ سُكَّانِ تِلْكَ الْبِلادِ. 22 فَامْتَلَكُوا كُلَّ بِلادِ الأَمُورِيِّينَ مِنْ أَرْنُونَ فِي الْجَنُوبِ إِلَى الْيَبُّوقِ فِي الشِّمَالِ، وَمِنَ الصَّحْرَاءِ فِي الشَّرْقِ إِلَى نَهْرِ الأُرْدُنِّ فِي الْغَرْبِ. 23 وَالآنَ وَقَدْ طَرَدَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الأَمُورِيِّينَ مِنْ أَمَامِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ، 24 فَبِأَيِّ حَقٍّ تُرِيدُ أَنْتَ أَنْ تَسْتَرِدَّهَا؟ أَلَسْتَ تَحْتَفِظُ بِمَا أَعْطَاهُ لَكَ كَمُوشُ إِلَهُكَ؟ وَنَحْتَفِظُ نَحْنُ أَيْضاً بِمَا أَعْطَاهُ لَنَا الرَّبُّ إِلَهُنَا؟ 25 ثُمَّ هَلْ أَنْتَ أَفْضَلُ مِنْ بَالاقَ بْنِ صِفُّورَ مَلِكِ مُوآبَ؟ هَلْ خَاصَمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ أَثَارَ عَلَيْهِمْ حَرْباً؟ 26 لَقَدْ أَقَامَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي حَشْبُونَ وَقُرَاهَا، وَعَرُوعِيرَ وَقُرَاهَا وَكُلِّ الْمُدُنِ الَّتِي عَلَى مُحَاذَاةِ نَهْرِ أَرْنُونَ ثَلاثَ مِئَةِ سَنَةٍ، فَلِمَاذَا لَمْ تَسْتَرِدَّهَا طَوَالَ تِلْكَ الْحِقْبَةِ؟ 27 إِنَّنِي لَمْ أُسِئْ إِلَيْكَ، أَمَّا أَنْتَ فَتَرْتَكِبُ شَرّاً فِي حَقِّي بِإِثَارَتِكَ الْحَرْبَ عَلَيَّ. فَلْيَكُنِ الرَّبُّ الْيَوْمَ قَاضِياً بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَيْنَ بَنِي عَمُّونَ». 28 فَلَمْ يَأْبَهْ مَلِكُ بَنِي عَمُّونَ لِرِسَالَةِ يَفْتَاحَ.

29 فَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى يَفْتَاحَ، فَاجْتَازَ أَرَاضِي جِلْعَادَ وَمَنَسَّى وَمِصْفَاةَ جِلْعَادَ، وَمِنْهَا تَقَدَّمَ نَحْوَ بَنِي عَمُّونَ. 30 وَنَذَرَ يَفْتَاحُ نَذْراً لِلرَّبِّ وَقَالَ: «إِنْ نَصَرْتَنِي عَلَى بَنِي عَمُّونَ، 31 فَإِنَّنِي عِنْدَ رُجُوعِي سَالِماً مِنْ مُحَارَبَةِ بَنِي عَمُّونَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً: أَوَّلَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ أَبْوَابِ بَيْتِي لِلِقَائِي». 32 ثُمَّ تَقَدَّمَ يَفْتَاحُ لِمُحَارَبَةِ بَنِي عَمُّونَ، فَأَظْفَرَهُ الرَّبُّ بِهِمْ، 33 وَهَزَمَهُمْ هَزِيمَةً مُنْكَرَةً مِنْ عَرُوعِيرَ حَتَّى مِنِّيتَ عَلَى امْتِدَادِ عِشْرِينَ مَدِينَةً إِلَى آبَلِ الْكُرُومِ. وَهَكَذَا أَخْضَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْعَمُّونِيِّينَ.

34 ثُمَّ رَجَعَ يَفْتَاحُ إِلَى بَيْتِهِ فِي الْمِصْفَاةِ، فَخَرَجَتِ ابْنَتُهُ الْوَحِيدَةُ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ أَوِ ابْنَةٌ سِوَاهَا، لِلِقَائِهِ بِدُفُوفٍ وَرَقْصٍ. 35 فَلَمَّا رَآهَا مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَوَلْوَلَ قَائِلاً: «آهِ يَا ابْنَتِي، لَقَدْ أَحْزَنْتِنِي وَحَطَّمْتِنِي، لأَنَّنِي نَذَرْتُ نَذْراً لِلرَّبِّ وَلا سَبِيلَ لِلرُّجُوعِ عَنْهُ». 36 فَأَجَابَتْهُ: «لَقَدْ نَذَرْتَ نَذْرَكَ لِلرَّبِّ، فَافْعَلْ بِي كَمَا نَذَرْتَ، وَلاسِيَّمَا أَنَّ الرَّبَّ قَدِ انْتَقَمَ لَكَ مِنْ أَعْدَائِكَ بَنِي عَمُّونَ». 37 ثُمَّ قَالَتْ لأَبِيهَا: «وَلَكِنْ حَقِّقْ لِي هَذَا الطَّلَبَ: أَمْهِلْنِي شَهْرَيْنِ أَتَجَوَّلُ فِيهِمَا فِي الْجِبَالِ وَأَنْدُبُ عَذْرَاوِيَّتِي مَعَ صَاحِبَاتِي». 38 فَقَالَ لَهَا: «اذْهَبِي». وَأَمْهَلَهَا شَهْرَيْنِ قَضَتْهُمَا هِيَ وَصَاحِبَاتُهَا عَلَى الْجِبَالِ تَنْدُبُ عَذْرَاوِيَّتَهَا. 39 ثُمَّ رَجَعَتْ فِي نِهَايَةِ الشَّهْرَيْنِ إِلَى أَبِيهَا، فَأَصْعَدَهَا مُحْرَقَةً وَفَاءً بِنَذْرِهِ، فَمَاتَتْ عَذْرَاءَ، 40 فَصَارَ مِنْ عَادَةِ الإِسْرَائِيلِيَّاتِ أَنْ يَذْهَبْنَ إِلَى الْجِبَالِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي السَّنَةِ لِيَنُحْنَ عَلَى ابْنَةِ يَفْتَاحَ الْجِلْعَادِيِّ.