(بَنَاتُ أُورُشَلِيمَ): أَيْنَ ذَهَبَ حَبِيبُكِ أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ؟ إِلَى أَيْنَ تَحَوَّلَ حَبِيبُكِ فَنَبْحَثَ عَنْهُ مَعَكِ؟

(الْمَحْبُوبَةُ): قَدِ انْطَلَقَ حَبِيبِي إِلَى جَنَّتِهِ، إِلَى خَمَائِلِ الأَطْيَابِ لِيَرْعَى فِي الرَّوْضَاتِ وَيَقْطِفَ السَّوْسَنَ. أَنَا لِحَبِيبِي، وَحَبِيبِي لِي، وَهُوَ يَرْعَى بَيْنَ السَّوْسَنِ.

(المُحِبُّ): أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي كَتِرْصَةَ، حَسْنَاءُ كَأُورُشَلِيمَ، وَجَلِيلَةٌ كَجَيْشٍ يَرْفَعُ أَعْلامَهُ. أَشِيحِي بِعَيْنَيْكِ عَنِّي فَقَدْ قَهَرَتَانِي. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مَاعِزٍ مُنْحَدِرٍ مِنْ جِلْعَادَ. أَسْنَانُكِ فِي بَيَاضِهَا كَقَطِيعِ غَنَمٍ خَارِجٍ مِنَ الاغْتِسَالِ؛ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا ذَاتُ تَوْأَمٍ وَمَا فِيهَا عَقِيمٌ. خَدَّاكِ تَحْتَ نَقَابِكِ كَفِلْقَتَيْ رُمَّانَةٍ. هُنَاكَ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى لَا يُحْصَى لَهُنَّ عَدَدٌ. لَكِنَّكِ يَا حَمَامَتِي يَا كَامِلَتِي فَرِيدَةٌ، الابْنَةُ الْوَحِيدَةُ لأُمِّهَا، الأَعَزُّ عَلَى مَنْ أَنْجَبَتْهَا. رَأَتْهَا الْعَذَارَى فَطَوَّبْنَهَا، وَشَاهَدَتْهَا الْمَلِكَاتُ وَالسَّرَارِي فَمَدَحْنَهَا. 10 مَنْ هَذِهِ الطَّالِعَةُ كَالْفَجْرِ، الْجَمِيلَةُ كَالْبَدْرِ، الْمُشْرِقَةُ كَالشَّمْسِ، الْجَلِيلَةُ كَجَيْشٍ يَرْفَعُ أَعْلامَهُ؟

11 (الْمَحْبُوبَةُ): نَزَلْتُ إِلَى حَدِيقَةِ الْجَوْزِ لأَرَى ثَمَرَ الْوَادِي الْجَدِيدَ، وَأَنْظُرَ هَلْ أَزْهَرَ الْكَرْمُ وَنَوَّرَ الرُّمَّانُ؟ 12 وَقَبْلَ أَنْ أُدْرِكَ مَا يَجْرِي وَجَدْتُ نَفْسِي بَيْنَ أُمَرَاءِ قَوْمِي فَهَرَبْتُ.

13 (بَنَاتُ أُورُشَلِيمَ): ارْجِعِي، ارْجِعِي يَا شُولَمِّيثُ، اِرْجِعِي، اِرْجِعِي لِنَتَأَمَّلَ فِيكِ.

(الْمَحْبُوبَةُ): مَاذَا تَرَوْنَ فِي شُولَمِّيثَ؟

(المُحِبُّ): مِثْلَ رَقْصِ صَفَّيْنِ!

(المُحِبُّ): مَا أَرْشَقَ خَطْوَاتِ قَدَمَيْكِ بِالْحِذَاءِ يَا بِنْتَ الأَمِيرِ! فَخْذَاكِ الْمُسْتَدِيرَانِ كَجَوْهَرَتَيْنِ صَاغَتْهُمَا يَدُ صَانِعٍ حَاذِقٍ. سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ، لَا تَحْتَاجُ إِلَى خَمْرَةٍ مَمْزُوجَةٍ، وَبَطْنُكِ كُومَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ. نَهْدَاكِ كَتَوْأَمَي ظَبْيَةٍ. عُنُقُكِ (مَصْقُولٌ) كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ (عَمِيقَتَانِ سَاكِنَتَانِ) كَبِرْكَتَيْ حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ (شَامِخٌ) كَبُرْجِ لُبْنَانَ الْمُشْرِفِ عَلَى دِمَشْقَ، رَأْسُكِ كَالكَرْمَلِ، وَغَدَائِرُ شَعْرِكِ الْمُتَهَدِّلَةُ كَأُرْجُوَانٍ، قَدْ وَقَعَ الْمَلِكُ أَسِيرَ هَذِهِ الْخُصَلِ. مَا أَجْمَلَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ وَمَا أَلَذَّكِ بِالْمَسَرَّاتِ! قَامَتُكِ هَذِهِ مِثْلُ النَّخْلَةِ، وَنَهْدَاكِ مِثْلُ الْعَنَاقِيدِ. قُلْتُ: لأَصْعَدَنَّ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكَنَّ بِثِمَارِهَا، فَيَكُونَ لِي نَهْدَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ، وَعَبِيرُ أَنْفَاسِكِ كَأَرِيجِ التُّفَّاحِ. فَمُكِ كَأَجْوَدِ الْخَمْرِ!

(الْمَحْبُوبَةُ): لِتَكُنْ سَائِغَةً لِحَبِيبِي، تَسِيلُ عَذْبَةً عَلَى شِفَاهِ النَّائِمِينَ.

10 أَنَا لِحَبِيبِي، وإِلَيَّ تَشَوُّقُهُ. 11 تَعَالَ يَا حَبِيبِي لِنَمْضِ إِلَى الْحَقْلِ وَلْنَبِتْ فِي الْقُرَى. 12 لِنَخْرُجْ مُبَكِّرَيْنِ إِلَى الْكُرُومِ، لِنَرَى هَلْ أَفْرَخَتِ الْكَرْمَةُ، وَهَلَ تَفَتَّحَتْ بَرَاعِمُهَا، وَهَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟ هُنَاكَ أَهَبُكَ حُبِّي. 13 قَدْ نَشَرَ اللُّفَّاحُ أَرِيجَهُ، وَتَدَلَّتْ فَوْقَ بَابِنَا أَفْخَرُ الثِّمَارِ، قَدِيمُهَا وَحَدِيثُهَا، الَّتِي ادَّخَرْتُهَا لَكَ يَا حَبِيبِي.

(الْمَحْبُوبَةُ): لَيْتَكَ كُنْتَ أَخِي الَّذِي رَضَعَ ثَدْيَ أُمِّي، حَتَّى إِذَا الْتَقَيْتُكَ فِي الْخَارِجِ أُقَبِّلُكَ وَلَيْسَ مَنْ يَلُومُنِي! ثُمَّ أَقُودُكَ وَأَدْخُلُ بِكَ بَيْتَ أُمِّي الَّتِي تُعَلِّمُنِي الْحُبَّ، فَأُقَدِّمُ لَكَ خَمْرَةً مَمْزُوجَةً مِنْ سُلافِ رُمَّانِي. شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي، وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي. أَسْتَحْلِفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ أَلّا تُوْقِظْنَ وَلا تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.

(بَنَاتُ أُورُشَلِيمَ): مَنْ هَذِهِ الصَّاعِدَةُ مِنَ الْقَفْرِ مُتَّكِئَةً عَلَى حَبِيبِهَا؟

(المُحِبُّ): تَحْتَ شَجَرَةِ التُّفَّاحِ حَيْثُ حَبِلَتْ بِكِ أُمُّكِ، وَحَيْثُ تَمَخَّضَتْ بِكِ وَأَنْجَبَتْكِ، أَيْقَظْتُ فِيكِ أَشْوَاقَكِ.

(الْمَحْبُوبَةُ): اجْعَلْنِي كَخَاتَمٍ عَلَى قَلْبِكَ، كَوَشْمٍ عَلَى ذِرَاعِكَ، فَإِنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ، وَالْغَيْرَةَ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ. وَلَهِيبَهَا لَهِيبُ نَارٍ، كَأَنَّهَا نَارُ الرَّبِّ! لَا يُمْكِنُ لِلْمِيَاهِ الْغَزِيرَةِ أَنْ تُخْمِدَ الْمَحَبَّةَ، وَلا تَسْتَطِيعُ السُّيُولُ أَنْ تَغْمُرَهَا. لَوْ بَذَلَ الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ ثَمَناً لِلْمَحَبَّةِ لاحْتُقِرَتْ أَشَدَّ الاحْتِقَارِ. لَنَا أُخْتٌ صَغِيرَةٌ لَمْ يَنْمُ نَهْدَاهَا بَعْدُ، فَمَاذَا نَصْنَعُ لأُخْتِنَا فِي يَوْمِ خِطْبَتِهَا؟

لَوْ كَانَتْ سُوراً لَبَنَيْنَا عَلَيْهِ صَرْحاً مِنْ فِضَّةٍ، وَلَوْ كَانَتْ بَاباً لَدَعَمْنَاهُ بِأَلْوَاحٍ مِنْ أَرْزٍ.

10 (الْمَحْبُوبَةُ): أَنَا كَسُورٍ وَنَهْدَايَ كَبُرْجَيْنِ، حِينَئِذٍ صِرْتُ فِي عَيْنَيْهِ كَامِلَةً.

11 كَانَ لِسُلَيْمَانَ كَرْمٌ فِي بَعْلِ هَامُونَ، فَعَهِدَ بِالْكَرْمِ إِلَى النَّوَاطِيرِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفاً مِنَ الْفِضَّةِ لِقَاءَ الثَّمَرِ. 12 لَكِنَّ كَرْمِي الَّذِي لِي هُوَ أَمَامِي. الأَلْفُ لَكَ يَا سُلَيْمَانُ، وَمِئَتَانِ مِنَ الْفِضَّةِ لِلنَّوَاطِيرِ.

13 (المُحِبُّ): أَنْتِ أَيَّتُهَا الْجَالِسَةُ فِي الْجَنَّاتِ، إِنَّ مُرَافِقِيَّ يُصْغُونَ بِانْتِبَاهٍ إِلَى صَوْتِكِ، فَأَسْمِعِينِي إِيَّاهُ.

14 (الْمَحْبُوبَةُ): أَسْرِعْ إِلَيَّ كَالْهَارِبِ يَا حَبِيبِي، وَكُنْ كَالظَّبْيِ أَوِ الأُيَّلِ الْفَتِيِّ عَلَى جِبَالِ الأَطْيَابِ!

الفتيَاتُ يَقُلْنَ لَهَا:

أيْنَ مَضَى حَبِيبُكِ، يَا أجمَلَ الجَمِيلَاتِ؟
فِي أيِّ اتِّجَاهٍ مَضَى حَبِيبُكِ؟
قُولِي لَنَا، فَنَبحَثَ عَنْهُ مَعَكِ.

هِيَ تَقُولُ لِلفتَيَات:

حَبِيبِي نَزَلَ إلَى بُستَانِهِ،
إلَى أحوَاضِ الأطيَابِ.
نَزَلَ لِيَرْعَى فِي البَسَاتِينِ وَيَقْطِفَ الزَّنَابِقَ.
أنَا لِحَبِيبِي، وَحَبِيبِي لِي.
هُوَ بَيْنَ الزَّنَابِقِ يَرْعَى.

هُوَ يَقُولُ لَهَا:

أنْتِ جَمِيلَةٌ كَمَدِينَةِ تِرْصَةَ،[a] يَا حَبِيبَتِي،
وَبَدِيعَةٌ كَمَدِينَةِ القُدْسِ.
مُذهِلَةٌ كَجَيْشٍ يَرْفَعُ رَايَاتِهِ.[b]
حَوِّلِي عَيْنَيْكِ عَنِّي، لِأنَّهُمَا تَقْوَيَانِ عَلَيَّ.
شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مَاعِزٍ يَنْحَدِرُ مِنْ عَلَى جَبَلِ جِلْعَادَ،
وَأسنَانُكِ كَقَطِيعِ النِّعَاجِ المَجْزُوزَةِ وَالمَغسُولَةِ لِلتَوِّ.
كُلُّهَا تَلِدُ تَوَائِمَ،
لَمْ تُسقِط إحدَاهَا حَمَلًا.
كَفَلْقَةِ رُمَّانٍ هُوَ خَدُّكِ تَحْتَ خِمَارِكِ.

رُبَّمَا تُوجَدُ سِتُّونَ مَلِكَةً،
وَثَمَانُونَ جَارِيَةً،
وَفَتَيَاتٌ بِلَا عَدَدٍ،
لَكِنْ فَرِيدَةٌ هِيَ يَمَامَتِي، كَامِلَتِي.
فَرِيدَةٌ عِنْدَ أُمِّهَا الَّتِي وَلَدَتهَا.
الشَّابَّاتُ رَأينَهَا فَمَدَحْنَهَا.
المَلِكَاتُ وَالجَوَارِي مَدَحْنَهَا.

الفَتَيَاتُ يَمْدَحْنَهَا:

10 مَنْ هِيَ هَذِهِ الَّتِي تُطِلُّ كَالفَجرِ؟
مَنْ هَذِهِ الجَمِيلَةُ كَالقَمَرِ،
السَّاطِعَةُ كَالشَّمْسِ،
المُرهِبَةُ كَجَيْشٍ يَرْفَعُ رَايَاتِهِ؟

هُوَ يَقُولُ لَهَا:

11 نَزَلتُ إلَى بُسْتَانِ الجَوزِ،
وَنَظرْتُ إلَى البَرَاعِمِ فِي الوَادِي،
لِأرَى إنْ كَانَتِ الكُرُومُ قَدْ أزهَرَتْ،
وَالرُّمَّانُ قَد نَضِجَ.
12 فَلَمْ أشعُرْ إلَّا وَأنَا بَيْنَ مَرْكَبَاتِ شَعْبِي.

الفَتَيَاتُ يُنَادِينَهُا:

13 ارْجِعِي، ارْجِعِي، يَا سَلمَى.
ارْجِعِي، ارْجِعِي، فَنَنظُرَ إلَيكِ.

لِمَاذَا تُحَدِّقُونَ فِي سَلمَى
وَهِيَ تَرْقُصُ رَقصَةَ النَّصرِ؟[c]

هُوَ يَصْفُ جمَالَهَا:

مَا أجْمَلَ قَدَمَيكِ فِي الحِذَاءِ، يَا نَبِيلَةَ الأصلِ!
مُنعَطَفَاتُ فَخذَيكِ كَحِلِيٍّ صَنَعَهَا صَانِعٌ مَاهِرٌ.
سُرَّتُكِ كَطَاسٍ مُدَوَّرَةٍ لَا تَنْقُصُهَا خَمرٌ مَمْزُوجَةٌ.
بَطنُكِ كَكَومَةٍ مِنَ القَمْحٍ، مُحَاطٌ بِالزُّهُورِ.
ثَدْيَاكِ كَابنَيِّ ظَبيٍ، كَتَوأمَي غَزَالٍ.
عُنُقُكِ كَبُرجٍ مِنَ العَاجِ.
عَينَاكِ كَبُرجِ حَشْبُونَ عِنْدَ بَوَّابَةِ بَثَّ رَبِّيمَ
أنفُكِ كَبُرجِ لُبْنَانَ الَّذِي يَتَطَلَّعُ نَحْوَ دِمَشقَ.
رَأسُكِ يُتَوِّجُكِ كَجَبَلِ الكَرْمِلِ.
خُصُلَاتُ شَعرِكِ كَسِتَارَةٍ أُرجُوانِيَّةٍ،
يَتَعَلَّقُ المَلِكُ بِأهدَابِهَا.
مَا أجْمَلَكِ، وَمَا أبْهَجَكِ، يَا حَبِيبَتِي،
أيَّتُهَا البِنتُ المُبهِجَةُ!
جَلِيلَةٌ أنْتِ كَشَجَرَةِ نَخِيلٍ،
وَثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ البَلَحِ.
قُلْتُ سَأتَسَلَّقُ شَجَرَةَ النَّخِيلِ،
وَسَأُمسِكُ بَعْضَ أغْصَانِهَا.

لِتَكُنْ كَعَنَاقِيدِ العِنَبِ ثَدِيَاكِ،
وَكَالشَّمْسِ رَائِحَةُ أنفَاسِكِ.
وَفَمُكِ كَأفضَلِ نَبيذٍ.

هِيَ تَقُولُ:

نَعَمْ يَنْسَابُ بِرِفْقٍ مِنْ أجْلِ حَبِيبِي،
وَيَنْتَشِرُ عَلَى شَفَتَيَّ وَأسْنَانِي.
10 أنَا لِحَبِيبِي،
وَهُوَ يَشْتَاقُ إلَيَّ.
11 تَعَالَ، يَا حَبِيبِي،
وَلنَذهَبْ إلَى الحَقْلِ.
لِنُمضِ اللَّيلَةَ فِي القُرَى.
12 سَنُبَكِّرُ إلَى الكُرُومِ.
وَسَنَرَى إنْ كَانَتْ قَد أزهَرَتِ الكُرُومُ،
أوْ تَفَتَّحَتِ البَرَاعِمُ،
أوْ تَوَرَّدَ الرُّمَّانُ.
هُنَاكَ سَأُعْطِيكَ حُبِّي.

13 تُطلِقُ وُرُودُ الوُدِّ رَائِحَتَهَا الذَّكِيَّةَ،
وَكُلُّ أنْوَاعِ أطَايِبِ الثِّمَارِ القَدِيمَةِ وَالجَدِيدَةِ فَوْقَ أبوَابِنَا،
حَفِظتُ هَذِهِ كُلَّهَا لَكَ يَا حَبِيبِي.

لَيتَكَ كُنْتَ أخِي،
مَنْ رَضِعَ مِنْ ثَدْيَي أُمِّي؟
إذَا قَابَلتُكَ فِي الشَّارِعِ،
أُقَبِّلُكَ وَلَا يَلُومُنِي أحَدٌ.
أقتَادُكَ وَأُحْضِرُكَ إلَى بَيْتِ أُمِّي،
إلَى غُرْفَةِ وَالِدَتِي،
حَيْثُ تُعَلِّمُنِي.
وَسَأسقِيكَ خَمرًا مَمْزُوجَةً،
هِيَ رَحِيقُ رُمَّانِي.

هِيَ تَقُولُ لِلفَتَيَات:

شِمَالُهُ تَحْتَ رَأسِي،
وَيَمِينُهُ تُطَوِّقُنِي.

يَا بَنَاتِ القُدْسِ،
أستَحْلِفُكُنَّ ألَّا تُنَبِّهْنَ أوْ تُيقِظْنَ الحُبَّ،
حَتَّى أسْتَعِدَّ لَهُ.

الفَتَيَاتُ يَقُلْنَ:

مَنْ هَذِهِ الطَّالِعَةُ مِنَ البَرِّيَّةِ مُسْتَنِدَةً عَلَى حَبِيبِهَا؟

هِيَ تَقُولُ لَهُ:

تَحْتَ شَجَرَةِ التُّفَّاحِ أيقَظتُكَ.
هُنَاكَ حَبِلَتْ بِكَ أُمُّكَ.
هُنَاكَ حَبِلَت بِكَ الَّتِي وَلَدَتكَ.
كَخَاتِمٍ ضَعنِي عَلَى قَلْبِكَ،
كَخَاتِمٍ عَلِى ذِرَاعِكَ.
لِأنَّ الحُبَّ قَوِيٌّ كَالمُوتِ،
غَيْرَتُهُ قَاسِيَةٌ كَالهَاوِيَةِ.
شَرَارُ الحُبِّ شَرَارُ نَارٍ،
لَهَبٌ هَائِلٌ.
لَا يَقْوَى طُوفَانٌ عَلَى إطفَاءِ الحُبِّ،
وَالأنهُارُ لَا تَقْدِرُ أنْ تَجْرِفَهُ.
لَوْ أنَّ إنْسَانًا قَدَّمَ كُلَّ ثَروَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الحُبِّ،
فَإنَّهَا سَتُحتَقَرُ كَثِيرًا.

أشِقَّاؤهَا يَقُوُلُونَ:

عِنْدَنَا أُختٌ صَغِيرَةٌ،
وَلَمْ يَكْبُرْ صَدرُهَا بَعْدُ.
فَمَاذَا نَفعَلُ لِأُختِنَا عِنْدَمَا تُطلَبُ لِلزَّوَاجِ؟

إنْ كَانَتْ سُورًا، سَنَبنِي عَلَيْهَا بُرجًا مِنْ فِضَّةٍ.
وَإنْ كَانَتْ بَابًا، فَسَنَكسُوهَا بِالأرْزِ.

هِيَ تُجِيبُهُم:

10 أنَا سُورٌ، وَثَدْيَايَ بُرجَانِ،
يَنْظُرُ إلَيَّ وَيَجِدُ سَلَامًا.

هُوَ يَقُولُ:

11 كَانَ لِسُلَيمَانَ كَرْمٌ فِي بَعْلِ هَامُونَ.
فَأوكَلَ كَرْمَهُ لِعُمَّالٍ يَتَعَهَّدُونَهُ.
فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يُعْطِي سُلَيْمَانَ عَنْ ثَمَرِ الكَرْمِ ألْفَ قِطْعَةٍ مِنَ الفِضَّةِ.

12 احتَفِظْ بِالألْفِ، يَا سُلَيْمَانُ.
وَأعْطِ مِئَتَيْنِ لِحُرَّاسِ الثَمَرِ.
أمَّا كَرْمِي، الَّذِي أملِكُهُ، فَلِي وَحْدِي.

هُوَ يَقُولُ لَهَا:

13 يَا مَنْ تَجْلِسِينَ فِي البَسَاتِينِ،
أصدِقَائِي يَسْتَمِعُونَ إلَى صَوْتِكِ.
فَأسمِعِينِي صَوْتَكِ أنَا أيْضًا!

هِيَ تَقُولُ لَهُ:

14 عَجِّلْ يَا حَبِيبِي، وَكُنْ كَغَزَالٍ،
أوْ كَالإيَّلِ عَلَى جِبَالِ الأطْيَابِ.

Footnotes

  1. 6‏:4 تِرْصَة مَدينةٌ مُهِمَّةٌ كَانَتْ فِي شِمَالِ إسرَائِيل.
  2. 6‏:4 كَجَيْش … رَايَاتِه أوْ «كَنُجُومٍ عَالِيَةٍ فِي السَّمَاءِ.»
  3. 6‏:13 رَقصَةَ النَّصر أوْ رقصةَ المُعَسْكَرَين.

أَقُولُ أَيْضاً مَادَامَ الْوَرِيثُ قَاصِراً، فَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ أَيُّ فَرْقٍ، مَعَ أَنَّهُ صَاحِبُ الإِرْثِ كُلِّهِ، بَلْ يَبْقَى خَاضِعاً لِلأَوْصِيَاءِ وَالْوُكَلاءِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الْفَتْرَةُ الَّتِي حَدَّدَهَا أَبُوهُ. وَهذِهِ حَالُنَا نَحْنُ أَيْضاً: فَإِذْ كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا عَبِيداً لِمَبَادِىءِ الْعَالَمِ. وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ تَمَامُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ، وَقَدْ وُلِدَ مِنِ امْرَأَةٍ وَكَانَ خَاضِعاً لِلشَّرِيعَةِ، لِيُحَرِّرَ بِالْفِدَاءِ أُولئِكَ الْخَاضِعِينَ لِلشَّرِيعَةِ، فَنَنَالَ جَمِيعاً مَقَامَ أَبْنَاءِ اللهِ. وَبِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ لَهُ، أَرْسَلَ اللهُ إِلَى قُلُوبِنَا رُوحَ ابْنِهِ، مُنَادِياً: «أَبَا، يَا أَبَانَا». إِذَنْ، أَنْتَ لَسْتَ عَبْداً بَعْدَ الآنَ، بَلْ أَنْتَ ابْنٌ. وَمَادُمْتَ ابْناً، فَقَدْ جَعَلَكَ اللهُ وَرِيثاً أَيْضاً.

قلق بولس على كنيسة غلاطية

وَلَكِنْ، لَمَّا كُنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْحِينِ لَا تَعْرِفُونَ اللهَ، كُنْتُمْ فِي حَالِ الْعُبُودِيَّةِ. أَمَّا الآنَ وَقَدْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالأَحْرَى عَرَفَكُمُ اللهُ، فَكَيْفَ تَرْتَدُّونَ أَيْضاً إِلَى تِلْكَ الْمَبَادِئِ الْعَاجِزَةِ الْفَقِيرَةِ الَّتِي تَرْغَبُونَ فِي الرُّجُوعِ إِلَى الْعُبُودِيَّةِ لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟ 10 تَحْتَفِلُونَ بِأَيَّامٍ وَأَشْهُرٍ وَمَوَاسِمَ وَسِنِينَ! 11 أَخَافُ عَلَيْكُمْ، خَشْيَةَ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ مِنْ أَجْلِكُمْ بِلا جَدْوَى.

12 أُنَاشِدُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنْ تَكُونُوا مِثْلِي، لأَنِّي أَنَا أَيْضاً مِثْلُكُمْ. أَنْتُمْ لَمْ تَظْلِمُونِي بِشَيْءٍ، 13 بَلْ تَعْرِفُونَ أَنَّنِي فِي عِلَّةٍ بِالْجَسَدِ بَشَّرْتُكُمْ أَوَّلَ الأَمْرِ؛ 14 وَمَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي فِي جَسَدِي كَانَتْ تَجْرِبَةً لَكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَمْ تَحْتَقِرُونِي وَلَمْ تَنْفُرُوا مِنِّي بِسَبَبِهَا، بَلْ قَبِلْتُمُونِي كَأَنِّي مَلاكٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ، أَوْ كَأَنِّي الْمَسِيحُ يَسُوعُ. 15 فَأَيْنَ فَرَحُكُمْ؟ فَإِنِّي أَشْهَدُ لَكُمْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ سَتَقْلَعُونَ عُيُونَكُمْ وَتُقَدِّمُونَهَا لِي، لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِناً! 16 فَهَلْ صِرْتُ الآنَ عَدُوّاً لَكُمْ لأَنِّي كَلَّمْتُكُمْ بِالْحَقِّ؟ 17 إِنَّ أُولئِكَ (الْمُعَلِّمِينَ) يُظْهِرُونَ مِنْ نَحْوِكُمْ حَمَاسَةً، وَلَكِنَّهَا غَيْرُ صَادِقَةٍ، بَلْ هُمْ يَرْغَبُونَ فِي عَزْلِكُمْ عَنَّا، 18 لِكَيْ تَتَحَمَّسُوا لَهُمْ. جَميِلٌ إِظْهَارُ الْحَمَاسَةِ فِي مَا هُوَ حَقٌّ، كُلَّ حِينٍ، وَلَيْسَ فَقَطْ حِينَ أَكُونُ حَاضِراً عِنْدَكُمْ. 19 يَا أَطْفَالِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى أَنْ تَتَشَكَّلَ فِيكُمْ صُورَةُ الْمَسِيحِ. 20 وَكَمْ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ الآنَ حَاضِراً عِنْدَكُمْ، فَأُخَاطِبَكُمْ بِغَيْرِ هذِهِ اللهْجَةِ، لأَنِّي مُتَحَيِّرٌ فِي أَمْرِكُمْ.

هاجر وسارة

21 قُولُوا لِي، يَا مَنْ تَرْغَبُونَ فِي الرُّجُوعِ إِلَى الْعُبُودِيَّةِ لِلشَّرِيعَةِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ مَا جَاءَ فِي الشَّرِيعَةِ؟ 22 فَإِنَّهُ قَدْ كُتِبَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ لَهُ ابْنَانِ: أَحَدُهُمَا مِنَ الْجَارِيَةِ، وَالآخَرُ مِنَ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ. 23 أَمَّا ابْنُ الْجَارِيَةِ، فَقَدْ وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ. وَأَمَّا ابْنُ الْحُرَّةِ، فَإِتْمَاماً لِلْوَعْدِ. 24 وَهذِهِ الْحَقِيقَةُ لَهَا مَعْنىً رَمْزِيٌّ. فَهَاتَانِ الْمَرْأَتَانِ تَرْمُزَانِ إِلَى عَهْدَيْنِ: الأَوَّلُ مَصْدَرُهُ جَبَلُ سِينَاءَ، يَجْعَلُ الْمَوْلُودِينَ تَحْتَهُ فِي حَالِ الْعُبُودِيَّةِ، وَرَمْزُهُ هَاجَرُ. 25 وَلَفْظَةُ هَاجَرَ تُطْلَقُ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، فِي بِلادِ الْعَرَبِ، وَتُمَثِّلُ أُورُشَلِيمَ الْحَالِيَّةَ، فَإِنَّهَا مَعَ بَنِيهَا فِي الْعُبُودِيَّةِ. 26 أَمَّا الثَّانِي، فَرَمْزُهُ الْحُرَّةُ الَّتِي تُمَثِّلُ أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةَ الَّتِي هِيَ أُمُّنَا.

27 فَإِنَّهُ قَدْ كُتِبَ: «افْرَحِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَا تَلِدُ، اهْتِفِي بِأَعْلَى صَوْتِكِ أَيَّتُهَا الَّتِي لَا تَتَمَخَّضُ، لأَنَّ أَوْلادَ الْمَهْجُورَةِ أَكْثَرُ عَدَداً مِنْ أَوْلادِ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ!»

28 وَأَمَّا أَنْتُمْ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَأَوْلادُ الْوَعْدِ، عَلَى مِثَالِ إِسْحَاقَ. 29 وَلَكِنْ، كَمَا كَانَ فِي الْمَاضِي الْمَوْلُودُ بِحَسَبِ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الْمَوْلُودَ بِحَسَبِ الرُّوحِ، فَكَذَلِكَ أَيْضاً يَحْدُثُ الآنَ. 30 إِنَّمَا مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ الْجَارِيَةِ لَا يَرِثُ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ!» 31 إِذَنْ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، نَحْنُ لَسْنَا أَوْلادَ الْجَارِيَةِ، بَلْ أَوْلادُ الْحُرَّةِ.

وَلَكِنِّي أقُولُ: مَا دَامَ الوَارِثُ طِفْلًا، فَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ عَنِ العَبْدِ، رُغْمَ أنَّهُ يَمْلِكُ كُلَّ شَيءٍ. فَهُوَ خَاضِعٌ لِلأوْصِيَاءِ وَالوُكَلَاءِ، حَتَّى الوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ أبُوهُ. وَهَكَذَا نَحْنُ أيْضًا، عِنْدَمَا كُنَّا أطْفَالًا، كُنَّا عَبِيدًا لِقَوَانِينِ هَذَا العَالَمِ. وَلَكِنْ عِنْدَمَا جَاءَ الوَقْتُ المُنَاسِبُ، أرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ الَّذِي وُلِدَ مِنَ امْرأةٍ وَعَاشَ خَاضِعًا لِلشَّرِيعَةِ. وَذَلِكَ لِكَي يُحَرِّرَ مَنْ هُمْ تَحْتَ الشَّرِيعَةِ، فَنَصِيرَ أوْلَادًا للهِ بِالتَّبَنِّي.

وَلِأنَّكُمْ أوْلَادُ اللهِ، أرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إلَى قُلُوبِنَا مُنَادِيًا: «بَابَا،»[a] أيْ «أيُّهَا الآبُ.» إذًا أنْتَ لَسْتَ عَبْدًا بَعْدَ الآنَ، وَلَكِنَّكَ ابْنٌ. وَلِأنَّكَ ابْنٌ، فَقَدْ جَعَلَكَ اللهُ وَارِثًا.

مَحَبَّةُ بُولُسَ لِمُؤْمِنِي غَلَاطِيَّة

فِي المَاضِي، عِنْدَمَا كُنْتُمْ لَا تَعْرِفُونَ اللهَ، كُنْتُمْ عَبِيدًا لِآلِهَةٍ مُزَيَّفَةٍ. أمَّا الآنَ فَأنْتُمْ تَعْرِفُونَ اللهَ الحَقِيقِيَّ، أوْ بِالأصَحِّ، أصبَحْتُمْ مَعرُوفِينَ مِنَ اللهِ. فَكَيْفَ تَعُودُونَ إلَى مِثْلِ تِلْكَ المَبَادِئِ الضَّعِيفَةِ وَعَدِيمَةِ الفَائِدَةِ الَّتِي تُرِيدُونَ أنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مُجَدَّدًا؟ 10 تَحْتَفِلُونَ بِأيَّامٍ وَشُهُورٍ وَمَوَاسِمَ وَسِنِينَ. 11 أخَافُ عَلَيْكُمْ! أخَافُ أنَّ تَعَبِي عَلَيْكُمْ كَانَ بِلَا فَائِدَةٍ!

12 أتَوَسَّلُ إلَيكُمْ أيُّهَا الإخْوَةُ أنْ تَكُونُوا مِثْلِي، كَمَا أنِّي مِثْلُكُمْ. أنْتُمْ لَمْ تُسِيئُوا إلَيَّ بِشَيءٍ. 13 عَلِمْتُمْ أنَّنِي كُنْتُ مَرِيضًا عِنْدَمَا زُرْتُكُمْ مُبَشِّرًا فِي زِيَارَتِي الأُولَى. 14 وَمَعَ أنَّ حَالَتِي الصِّحِّيَّةَ كَانَتْ مِحنَةً بِالنِّسْبَةِ لَكُمْ، إلَّا أنَّكُمْ لَمْ تَحْتَقِرُونِي أوْ تَرْفُضُونِي، بَلْ قَبِلْتُمُونِي كَمَا لَوْ كُنْتُ مَلَاكَ اللهِ، وَكَأنِّي المَسِيحُ يَسُوعُ! 15 فَأينَ ذَهَبَ مَدْحُكُمْ لِي؟ فَإنِّي أشهَدُ عَنْكُمْ بِأنَّكُمْ، لَوْ استَطَعْتُمْ، لَقَلَعْتُمْ عُيُونَكُمْ وَقَدَّمْتُمُوهَا لِي. 16 فَهَلْ صِرْتُ عَدُوًّا لَكُمْ لِأنِّي أخبَرْتُكُمْ بِالحَقِّ؟

17 إنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَكُمْ أنْ تَخْضَعُوا لِلشَّرِيعَةِ مُتَحَمِّسُونَ لِهَدَفٍ سَيِّئٍ، وَهُوَ أنْ يَفْصِلُوكُمْ عَنَّا، حَتَّى تَتَحَمَّسُوا لَهُمْ. 18 وَلَكِنْ مِنَ الجَيِّدِ لِلإنْسَانِ أنْ يَتَحَمَّسَ فِي الأُمُورِ الجَيِّدَةِ دَائِمًا، وَلَيْسَ فَقَطْ عِنْدَمَا أكُونُ حَاضِرًا مَعَكُمْ.

19 يَا أوْلَادِي، هَا أنَا أتَألَّمُ الآنَ لأجْلِكُمْ ثَانِيَةً، كَمَا تَتَألَّمُ المَرْأةُ عِنْدَ الوِلَادَةِ، إلَى أنْ تُصبِحُوا مُشَابِهِينَ لِصُورَةِ المَسِيحِ. 20 أوَدُّ لَوْ أنِّي مَعَكُمُ الآنَ لِأتَحَدَّثَ إلَيكُمْ بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ، لِأنَّنِي مُحتَارٌ فِي كَيفيةِ التَّعَامُلِ مَعَكُمْ.

مَثَلُ هَاجَرَ وَسَارَة

21 أخبِرُونِي أنْتُمْ يَا مَنْ تُرِيدُونَ أنْ تَكُونُوا تَحْتَ الشَّرِيعَةِ، ألَا تَسْمَعُونَ مَا تَقُولُهُ الشَّرِيعَةُ؟ 22 فَإنَّهُ مَكْتُوبٌ أنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ لَهُ ابْنَانِ: وَاحِدٌ مِنَ الجَارِيَةِ، وَالآخَرُ مِنَ الحُرَّةِ. 23 فَالَّذِي أنْجَبَتْهُ الجَارِيَةُ وُلِدَ بِطَرِيقَةٍ طَبِيعِيَّةٍ، أمَّا الَّذِي أنْجَبَتْهُ الحُرَّةُ فَقَدْ وُلِدَ بِوَعْدٍ مِنَ اللهِ. 24 وَلِذَلِكَ مَعنَىً رَمزِيٌّ. فَهَاتَانِ المَرأتَانِ تَرْمُزَانِ إلَى عَهْدَينِ: الأوَّلِ مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ، وَيَكُونُ المَولُودُ فِيهِ تَحْتَ العُبُودِيَّةِ، وَهُوَ مَا تُمَثِّلُهُ هَاجَرُ. 25 وَهَاجَرُ تُمَثِّلُ جَبَلَ سِينَاءَ فِي أرْضِ العَرَبِ. وَهِيَ صُورَةٌ عَنِ القُدْسِ الحَالِيَّةِ، لِأنَّهَا تَحْتَ عُبُودِيَّةِ الشَّرِيعَةِ هِيَ وَأوْلَادَهَا. 26 أمَّا العَهْدُ الثَّانِي فَمِنَ القُدْسِ السَّمَاوِيَّةِ الحُرَّةِ، وَهِيَ أُمُّنَا. 27 كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:

«افرَحِي أيَّتُهَا العَاقِرُ الَّتِي لَا تَلِدُ،
اهتِفِي بِأعلَى صَوْتِكِ يَا مَنْ لَمْ تَعْرِفِي آلَامَ الوِلَادَةِ.
لِأنَّ أوْلَادَ المَرْأةِ المَهجُورَةِ
سَيَكُونُونَ أكْثَرَ عَدَدًا مِنْ أوْلَادِ المُتُزَوِّجَةِ.»[b]

28 وَالْآنَ أيُّهَا الإخْوَةُ، أنْتُمْ أوْلَادُ الوَعْدِ كَإسْحَاقَ. 29 وَلَكِنْ كَمَا كَانَ فِي تِلْكَ الأيَّامِ، فَإنَّ المَولُودَ بِطَرِيقَةٍ طَبِيعِيَّةٍ، أسَاءَ إلَى المَولُودِ بِحَسَبِ الرُّوحِ، وَهَذَا مَا يَحْدُثُ الآنَ. 30 وَلَكِنْ مَاذَا يَقُولُ الكِتَابُ؟ يَقُولُ: «اطْرُدِ الجَارِيَةَ وَابْنَهَا بَعِيدًا، لِأنَّ ابْنَ الجَارِيَةِ لَنْ يَرِثَ مَعَ ابْنِ الحُرَّةِ.»[c] 31 لِهَذَا أيُّهَا الإخْوَةُ، نَحْنُ لَسْنَا أوْلَادَ الجَارِيَةِ، بَلْ أوْلَادَ الحُرَّةِ.

Footnotes

  1. 4‏:6 يَا بَابَا حرفيَا «أبَا أوْ آبَا.» وَهِيَ كَلِمَةٌ أرَامية يَسْتَخدمهَا الأطْفَال لمنَادَاة آبَائهم.
  2. 4‏:27 إشَعْيَاء 54‏:1.
  3. 4‏:30 اطردوَا … الحرّة من كتَاب التَّكْوِين 21‏:10.