مَثل الوكيل الخائن

16 وَقَالَ أَيْضاً لِتَلامِيذِهِ: «كَانَ لإِنْسَانٍ غَنِيٍّ وَكِيلٌ. فَاتُّهِمَ لَدَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ. فَاسْتَدْعَاهُ وَسَأَلَهُ: مَا هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ قَدِّمْ حِسَابَ وِكَالَتِكَ، فَإِنَّكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً لِي بَعْدُ! فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَا عَسَى أَنْ أَعْمَلَ، مَادَامَ سَيِّدِي سَيَنْزِعُ عَنِّي الْوِكَالَةَ؟ لَا أَقْوَى عَلَى نَقْبِ الأَرْضِ؛ وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ! قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَعْمَلُ، حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوِكَالَةِ، يَسْتَقْبِلُنِي الأَصْدِقَاءُ فِي بُيُوتِهِمْ. فَاسْتَدْعَى مَدْيُونِي سَيِّدِهِ وَاحِداً فَوَاحِداً. وَسَأَلَ أَوَّلَهُمْ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ فَأَجَابَ: مِئَةُ بَثٍّ مِنَ الزَّيْتِ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ، وَاجْلِسْ سَرِيعاً، وَاكْتُبْ خَمْسِينَ! ثُمَّ قَالَ لِلآخَرِ: وَأَنْتَ، كَمْ عَلَيْكَ؟ فَأَجَابَ: مِئَةَ كُرٍّ مِنَ الْقَمْحِ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ، وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ! فَامْتَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَهُ الْخَائِنَ لأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِحِكْمَةٍ. فَإِنَّ أَبْنَاءَ هَذَا الْعَالَمِ أَحْكَمُ مَعَ أَهْلِ جِيلِهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ. وَأَقُولُ لَكُمْ: اكْسَبُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ، حَتَّى إِذَا فَنِيَ مَالُكُمْ، تُقْبَلُونَ فِي الْمَنَازِلِ الأَبَدِيَّةِ! 10 إِنَّ الأَمِينَ فِي الْقَلِيلِ أَمِينٌ أَيْضاً فِي الْكَثِيرِ، وَالْخَائِنَ فِي الْقَلِيلِ خَائِنٌ أَيْضاً فِي الْكَثِيرِ. 11 فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَالِ الظُّلْمِ، فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى مَالِ الْحَقِّ؟ 12 وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا يَخُصُّ غَيْرَكُمْ، فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا يَخُصُّكُمْ؟ 13 مَا مِنْ خَادِمٍ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِسَيِّدَيْنِ: فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ أَحَدَهُمَا، فَيُحِبَّ الآخَرَ؛ وَإِمَّا أَنْ يَلْتَحِقَ بِأَحَدِهِمَا، فَيَهْجُرَ الآخَرَ. لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَكُونُوا عَبِيداً لِلهِ وَالْمَالِ مَعاً».

14 وَكَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ أَيْضاً، وَهُمْ مُحِبُّونَ لِلْمَالِ، يَسْمَعُونَ ذلِكَ كُلَّهُ، فَاسْتَهْزَأُوا بِهِ. 15 فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ تُبَرِّرُونَ أَنْفُسَكُمْ أَمَامَ النَّاسِ، وَلكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُمْ. فَمَا يَعْتَبِرُهُ النَّاسُ رَفِيعَ الْقَدْرِ، هُوَ رِجْسٌ عِنْدَ اللهِ.

تعاليم إضافية

16 ظَلَّتِ الشَّرِيعَةُ وَالأَنْبِيَاءُ حَتَّى زَمَنِ يُوحَنَّا: وَمُنْذُ ذلِكَ الْوَقْتِ يُبَشَّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَشُقُّ طَرِيقَهُ بِاجْتِهَادٍ لِلدُّخُولِ إِلَيْهِ. 17 عَلَى أَنَّ زَوَالَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَسْهَلُ مِنْ سُقُوطِ نُقْطَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ: 18 كُلُّ مَنْ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَيَتَزَوَّجُ بِأُخْرَى، يَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَكُلُّ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ مِنْ زَوْجِهَا يَرْتَكِبُ الزِّنَى.

الغني ولعازَر

19 كَانَ هُنَالِكَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ، يَلْبَسُ الأُرْجُوَانَ وَنَاعِمَ الثِّيَابِ، وَيُقِيمُ الْوَلائِمَ، مُتَنَعِّماً كُلَّ يَوْمٍ. 20 وَكَانَ إِنْسَانٌ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، مَطْرُوحاً عِنْدَ بَابِهِ وَهُوَ مُصَابٌ بِالْقُرُوحِ، 21 يَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ الْمُتَسَاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ. حَتَّى الْكِلابُ كَانَتْ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ.

22 وَمَاتَ الْمِسْكِينُ، وَحَمَلَتْهُ الْمَلائِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. ثُمَّ مَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضاً وَدُفِنَ. 23 وَإِذْ رَفَعَ عَيْنَيْهِ وَهُوَ فِي الْهَاوِيَةِ يَتَعَذَّبُ، رَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ. 24 فَنَادَى قَائِلاً: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ! ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَغْمِسَ طَرَفَ إِصْبَعِهِ فِي الْمَاءِ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي: فَإِنِّي مُعَذَّبٌ فِي هَذَا اللَّهِيبِ. 25 وَلكِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: يَا بُنَيَّ، تَذَكَّرْ أَنَّكَ نِلْتَ خَيْرَاتِكَ كَامِلَةً فِي أَثْنَاءِ حَيَاتِكَ، وَلِعَازَرُ نَالَ الْبَلايَا. وَلكِنَّهُ الآنَ يَتَعَزَّى هُنَا، وَأَنْتَ هُنَاكَ تَتَعَذَّبُ. 26 وَفَضْلاً عَنْ هَذَا كُلِّهِ، فَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةً عَظِيمَةً قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ هُنَا لَا يَقْدِرُونَ، وَلا الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَسْتَطِيعُونَ الْعُبُورَ إِلَيْنَا!

27 فَقَالَ: أَلْتَمِسُ مِنْكَ إِذَنْ، يَا أَبِي، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، 28 فَإِنَّ عِنْدِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ مُنْذِراً، لِئَلّا يَأْتُوا هُمْ أَيْضاً إِلَى مَكَانِ الْعَذَابِ هَذَا. 29 وَلكِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَهُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ: فَلْيَسْمَعُوا لَهُمْ! 30 فَقَالَ لَهُ: لَا يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا ذَهَبَ إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ! 31 فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَ لِمُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، فَلا يَقْتَنِعُونَ حَتَّى لَوْ قَامَ وَاحِدٌ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ!»

الخطية والإيمان والواجب

17 وَقَالَ لِتَلامِيذِهِ: «لابُدَّ مِنْ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ. وَلكِنِ الْوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي عَلَى يَدِهِ! كَانَ أَنْفَعَ لَهُ لَوْ عُلِّقَ حَوْلَ عُنُقِهِ حَجَرُ رَحىً وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنْ يَكُونَ عَثْرَةً لأَحَدِ هؤُلاءِ الصِّغَارِ. خُذُوا الْحَذَرَ لأَنْفُسِكُمْ: إِنْ أَخْطَأَ أَخُوكَ، فَعَاتِبْهُ. فَإِذَا تَابَ، فَاغْفِرْ لَهُ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَعَادَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَائِلاً: أَنَا تَائِبٌ! فَعَلَيْكَ أَنْ تَغْفِرَ لَهُ».

وَقَالَ الرُّسُلُ لِلرَّبِّ: «زِدْنَا إِيمَاناً!» وَلكِنَّ الرَّبَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ عِنْدَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ بِزْرَةِ الْخَرْدَلِ، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِشَجَرَةِ التُّوتِ هذِهِ: انْقَلِعِي وَانْغَرِسِي فِي الْبَحْرِ! فَتُطِيعُكُمْ!

وَلَكِنْ، أَيُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَكُونُ عِنْدَهُ عَبْدٌ يَحْرُثُ أَوْ يَرْعَى، فَيَقُولُ لَهُ لَدَى رُجُوعِهِ مِنَ الْحَقْلِ: تَقَدَّمْ فِي الْحَالِ وَاتَّكِئْ؟ أَلا يَقُولُ لَهُ بِالأَحْرَى: أَحْضِرْ لِي مَا أَتَعَشَّى بِهِ، وَشُدَّ وَسَطَكَ بِالْحِزَامِ وَاخْدِمْنِي حَتَّى آكُلَ وَأَشْرَبَ وبَعْدَ ذَلِكَ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ أَنْتَ؟ وَهَلْ يُشْكَرُ الْعَبْدُ لأَنَّهُ عَمِلَ مَا أُمِرَ بِهِ؟ 10 هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً، عِنْدَمَا تَعْمَلُونَ كُلَّ مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ، قُولُوا: إِنَّمَا نَحْنُ عَبِيدٌ غَيْرُ نَافِعِينَ، قَدْ عَمِلْنَا مَا كَانَ وَاجِباً عَلَيْنَا!»

الثَّروَةُ الحَقِيقِيَّة

16 وَقَالَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ: «كَانَ لِرَجُلٍ ثَرِيٍّ وَكِيلٌ عَلَى أمْلَاكِهِ. فَاتَّهَمَ بَعْضُ النَّاسِ الوَكِيلَ بِأنَّهُ يُبَدِّدُ أمْلَاكَ سَيِّدِهِ. فَاسْتَدعَاهُ وَقَالَ لَهُ: ‹مَا هَذَا الَّذِي أسمَعُهُ عَنْكَ؟ قَدِّمْ لِي كَشفَ حِسَابٍ بِمَا تُدِيرُهُ، وَاعلَمْ أنَّكَ لَنْ تَكُونَ وَكِيلِي فِيمَا بَعْدُ.›

«فَفَكَّرَ الوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: ‹مَاذَا سَأفْعَلُ؟ سَيِّدِي يَنْوِي أنْ يُجَرِّدَنِي مِنْ وَظِيفَتِي، وَأنَا لَسْتُ قَوِيًّا لِأقُومَ بِأعْمَالِ الفِلَاحَةِ، وَأستَحِي أنْ أتَسَوَّلَ. لَقَدْ خَطَرَتْ بِبَالِي فِكرَةٌ مُمتَازَةٌ! سَأفْعَلُ شَيْئًا يَجْعَلُ النَّاسَ يَقْبَلُونَنِي فِي بُيُوتِهِمْ عِنْدَمَا يَعْزِلُنِي سَيِّدِي عَنْ وَظِيفَتِي.›

«فَاسْتَدْعَى الوَكِيلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ المَديُونِينَ لِسَيِّدِهِ. وَقَالَ لِلأوَّلِ: ‹بِكَمْ أنْتَ مَديُونٌ لِسَيِّدِي؟› قَالَ: ‹بِمِئَةِ بَرمِيلٍ مِنْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ.› فَقَالَ لَهُ: ‹خُذْ فَاتُورَتَكَ وَاجعَلْهَا خَمْسِينَ.›

«وَقَالَ لآخَرَ: ‹وَأنْتَ، كَمْ دَينُكَ؟› فَقَالَ: ‹مِئَةُ كِيسٍ مِنَ القَمْحِ.› فَقَالَ لَهُ: ‹خُذْ فَاتُورَتَكَ وَاجعَلْهَا ثَمَانِينَ.›

«فَأثنَى السَّيِّدُ عَلَى الوَكِيلِ غَيْرِ الأمِينِ لِأنَّهُ تَصَرَّفَ بِدَهَاءٍ.» وَأضَافَ يَسُوعُ: «إنَّ أهْلَ هَذَا العَالَمِ أكْثَرُ حِكْمَةً مِنْ أهْلِ النُّورِ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ.

«أقُولُ لَكُمْ: اكسَبُوا أصدِقَاءَ لَكُمْ بِثَروَتِكُمْ[a] الدُّنيَوِيَّةِ، فَعِنْدَمَا تَنْفَدُ ثَروَتُكُمْ، يُرَحِّبُونَ بِكُمْ فِي المَنَازِلِ الأبَدِيَّةِ. 10 الأمِينُ فِي القَلِيلِ، أمِينٌ فِي الكَثِيرِ أيْضًا، وَمَنْ يَخُونُ الأمَانَةَ فِي القَلِيلِ يَخُونُهَا فِي الكَثِيرِ. 11 فإنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ عَلَى الثَّروَةِ الدُّنيَوِيَّةِ، فَمَنِ الَّذِي سَيَأْتَمِنُكُمْ عَلَى الحَقِيقِيَّةِ؟ 12 وَإنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا يَخُصُّ غَيْرَكُمْ، فَمَنِ الَّذِي سَيُعطِيكُمْ مَا يَخُصُّكُمْ؟

13 «لَا يُمْكِنُ لِخَادِمٍ أنْ يَخْدِمَ سَيِّدَينِ. فَإمَّا أنْ يَكْرَهَ أحَدَهُمَا وَيُحِبَّ الآخَرَ، وَإمَّا أنْ يُخلِصَ لِأحَدِهِمَا وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لَا يُمكِنُكُمْ أنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالغِنَى.»

شَرِيعَةُ اللهِ لَا تَتَغَيَّر

(مَتَّى 11‏:12‏-13)

14 وَلَمَّا سَمِعَ الفِرِّيسِيُّونَ هَذَا كُلَّهُ، استَهْزَأُوا بِهِ لِأنَّهُمْ كَانُوا يُحِبُّونَ المَالَ. 15 فَقَالَ لَهُمْ: «أنْتُمْ تُحَاوِلُونَ أنْ تَظْهَرُوا صَالِحِينَ أمَامَ النَّاسِ، لَكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُمْ. وَمَا يَظُنُّهُ النَّاسُ ثَمِينًا جِدًّا، هُوَ بَغِيضٌ عِنْدَ اللهِ.»

16 وَقَالَ أيْضًا: «كَانَتِ الشَّرِيعَةُ وَتَعَالِيمُ الأنْبِيَاءِ هِيَ المُتَاحَةُ إلَى أنْ جَاءَ يُوحَنَّا، وَمُنذُ ذَلِكَ الوَقْتِ، تُذَاعُ بِشَارَةُ مَلَكُوتِ اللهِ، وَالجَمِيعُ يَجْتَهِدُونَ مُتَلَهِّفِينَ عَلَى دُخُولِهِ. 17 غَيْرَ أنَّ زَوَالَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أسهَلُ مِنْ أنْ تُلغَى نُقطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ شَريعَةِ اللهِ.

18 «كُلُّ مَنْ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَيَتَزَوَّجُ بِأُخرَى يَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَمَنْ يَتَزَوَّجُ بِامْرَأةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا يَرْتَكِبُ الزِّنَى أيْضًا.»

لِعَازَرُ وَالغَنِيّ

19 وَقَالَ أيْضًا: «كَانَ فِيمَا مَضَى رَجُلٌ غَنِيٌّ يُحِبُّ أنْ يَلْبَسَ ثِيَابَ الأُرجُوانِ وَالكِتَّانِ الفَاخِرِ، وَيُمَتِّعُ نَفْسَهُ بِحَيَاةِ التَّرَفِ كُلَّ يَوْمٍ. 20 وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ فَقِيرٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ يَتَمَدَّدُ عِنْدَ بَوَّابَتِهِ، وَقَدْ غَطَّتِ القُرُوحُ جَسَدَهُ. 21 وَكَمِ اشتَهَى أنْ يَشْبَعَ مِنْ فُتَاتِ الطَّعَامِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الرَّجُلِ الغَنِيِّ، حَتَّى إنَّ الكِلَابَ كَانَتْ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ.

22 «ثُمَّ مَاتَ الفَقِيرُ، فَحَمَلَتْهُ المَلَائِكَةُ وَوَضَعَتْهُ إلَى جَانِبِ إبرَاهِيمَ. وَمَاتَ الغَنِيُّ أيْضًا وَدُفِنَ. 23 فَرَفَعَ الغَنِيُّ بَصَرَهُ وَهُوَ يَتَعَذَّبُ فِي الهَاوِيَةِ، وَرَأى إبرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ، وَلِعَازَرَ إلَى جَانِبِهِ. 24 فَصَرَخَ وَقَالَ: ‹يَا أبِي إبرَاهِيمَ، أشفِقْ عَلَيَّ وَأرسِلْ لِعَازَرَ لِيَضَعَ طَرَفَ إصبِعِهِ فِي المَاءِ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي. فَأنَا مُتَألِّمٌ فِي هَذِهِ النَّارِ!›

25 «فَقَالَ إبرَاهِيمُ: ‹يَا ابنِي، تَذَكَّرْ أنَّكَ أثْنَاءَ حَيَاتِكَ عَلَى الأرْضِ نِلتَ نَصِيبَكَ مِنَ الخَيْرَاتِ، وَأنَّ لِعَازَرَ نَالَ نَصِيبَهُ مِنَ الشَّدَائِدِ. لَكِنَّهُ الآنَ يَتَعَزَّى وَأنْتَ تَتَألَّمُ. 26 وَقَدْ ثُبِّتَتْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ. فَحَتَّى الَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي العُبُورِ مِنْ هُنَا إلَيكُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ. كَمَا لَا يَسْتَطِيعُ أحَدٌ أنْ يَعْبُرَ إلَينَا مِنْ هُنَاكَ.›

27 «فَقَالَ الغَنِيُّ: ‹إذًا أرْجُوكَ يَا أبِي أنْ تُرسِلَ لِعَازَرَ إلَى أهْلِي. 28 فَلِي خَمْسَةُ إخْوَةٍ هُنَاكَ. دَعهُ يُنذِرْهُمْ لِكَيْ لَا يَأْتُوا إلَى مَكَانِ العَذَابِ هَذَا.›

29 «فَقَالَ لَهُ إبرَاهِيمُ: ‹لَدَيهِمْ كُتُبُ مُوسَى وَالأنْبِيَاءِ، فَلْيَسْتَمِعُوا إلَيْهِمْ.›

30 «فَقَالَ الرَّجُلُ الغَنِيُّ: ‹لَا يَكْفِي ذَلِكَ يَا أبِي إبرَاهِيمَ، لَكِنْ إذَا ذَهَبَ إلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأمْوَاتِ فَسَيَتُوبُونَ.›

31 «فَقَالَ لَهُ إبرَاهِيمُ: ‹إنْ لَمْ يَسْتَمِعُوا إلَى مُوسَى وَالأنْبِيَاءِ، فَلَنْ يَقْتَنِعُوا حَتَّى وَلَوْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ المَوْتِ!›»

العَثَرَاتُ وَالمُسَامَحَة

(مَتَّى 18‏:6‏-7، 21‏-22؛ مَرْقُس 9‏:42)

17 وَقَالَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ: «لَا مَفَرَّ مِنْ حُدُوثِ العَثَرَاتِ، لَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإنْسَانِ الَّذِي تَأْتِي العَثَرَاتُ بِسَبَبِهِ! سَيَكُونُ أفْضَلَ لَهُ لَوْ أنَّ حَجَرَ الرَّحَى وُضِعَ حَوْلَ رَقَبَتِهِ، وَأُلقِيَ بِهِ فِي البَحْرِ، مِنْ أنْ يُوقِعَ أحَدَ هَؤُلَاءِ الصِّغَارِ فِي الخَطِيَّةِ. فَانتَبِهُوا لِأنفُسِكُمْ!

«إذَا أسَاءَ أخُوكَ، فَوَبِّخْهُ، وَإذَا اعتَذَرَ سَامِحْهُ. وَإذَا أخطَأ إلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَعَادَ إلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ مُعتَذِرًا، فَسَامِحْهُ.»

قُوَّةُ الإيمَان

وَقَالَ الرُّسُلُ للِرَّبِّ: «قَوِّ إيمَانَنَا.»

فَقَالَ الرَّبُّ: «لَوْ كَانَ إيمَانُكُمْ فِي حَجمِ بِذْرَةِ الخَردَلِ، لأمكَنَكُمْ أنْ تَأْمُرُوا شَجَرَةَ التُّوتِ هَذِهِ فَتَقُولُوا لَهَا: ‹انقَلِعِي وَانزَرِعِي فِي البَحْرِ،› فَتُطِيعَكُمْ.»

الخِدْمَةُ الصَّالِحَة

وَقَالَ: «لِنَفتَرِضْ أنَّ لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ عَبْدًا يَحْرُثُ أوْ يَرْعَى الخِرَافَ، فَهَلْ يَقُولُ لِهَذَا العَبدِ حِينَ يَأتِي مِنَ الحَقْلِ: ‹تَعَالَ بِسُرعَةٍ وَاجلِسْ لِتَأْكُلَ›؟ ألَا يَقُولُ لَهُ بِالأحْرَى: ‹جَهِّزْ لِي عَشَائِي، وَالبِسْ ثِيَابَ الخِدْمَةِ وَاخْدِمْنِي بَيْنَمَا آكُلُ وَأشرَبُ. وَبَعْدَ ذَلِكَ يُمْكِنُكَ أنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ›؟ وَهَلْ يَكُونُ مَدِينًا لِخَادِمِهِ بِالشُّكْرِ عَلَى تَنْفِيذِ أوَامِرِهِ؟ 10 فَهَكَذَا أنْتُمْ أيْضًا، بَعْدَ أنْ تَفْعَلُوا كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ، قُولُوا: ‹نَحْنُ خُدَّامٌ غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ، لِأنَّنَا لَمْ نَفعَلْ غَيْرَ وَاجِبِنَا.›»

Footnotes

  1. 16‏:9 ثروتكم حرفيًا «مَامونَا.» وَهِيَ كَلِمَةٌ أرَاميَّة تعني «ثروة،» بمعنَاهَا السلبي، إذ تمثِّل هُنَا إلهًا يخدمه النَّاس من دون الله. مكررة فِي العَدَد 11: «الثروة» وَالعدد 13: «الغنى.»