أليهو

32 فَكَفَّ هَؤُلاءِ الرِّجَالُ عَنِ الرَّدِّ عَلَى أَيُّوبَ، لأَنَّهُ كَانَ مُقْتَنِعاً بِبَرَاءَةِ نَفْسِهِ.

غَيْرَ أَنَّ غَضَبَ أَلِيهُو بْنِ بَرَخْئِيلَ الْبُوزِيِّ، مِنْ عَشِيرَةِ رَامٍ، احْتَدَمَ عَلَى أَيُّوبَ، لأَنَّهُ ظَنَّ نَفْسَهُ أَبَرَّ مِنَ اللهِ، كَمَا غَضِبَ أَيْضاً عَلَى أَصْحَابِ أَيُّوبَ الثَّلاثَةِ، لأَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّهُمُ اسْتَذْنَبُوهُ. وَكَانَ أَلِيهُو قَدْ لَزِمَ الصَّمْتَ حَتَّى فَرَغُوا مِنَ الْكَلامِ مَعَ أَيُّوبَ، لأَنَّهُمْ كَانُوا أَكْبَرَ مِنْهُ سِنّاً. وَلَمَّا رَأَى أَلِيهُو أَنَّ الرِّجَالَ الثَّلاثَةَ قَدْ أَخْفَقُوا فِي إِجَابَةِ أَيُّوبَ قَالَ بِغَضَبٍ مُحْتَدِمٍ:

«أَنَا صَغِيرُ السِّنِّ وَأَنْتُمْ شُيُوخٌ، لِذَلِكَ تَهَيَّبْتُ وَخِفْتُ أَنْ أُبْدِيَ لَكُمْ رَأْيِي، قَائِلاً لِنَفْسِي: ’لِتَتَكَلَّمِ الأَيَّامُ، وَلْتُلَقِّنْ كَثْرَةُ السِّنِينَ حِكْمَةً.‘ وَلَكِنَّ الرُّوحَ الَّذِي فِي الإِنْسَانِ، وَنَسَمَةَ الْقَدِيرِ، تُعْطِي الإِنْسَانَ فَهْماً. لَيْسَ الْمُسِنُّونَ وَحْدَهُمْ هُمُ الْحُكَمَاءَ، وَلا الشُّيُوخُ فَقَطْ يُدْرِكُونَ الْحَقَّ. 10 لِذَلِكَ أَقُولُ: أَصْغُوا إِلَيَّ لأُحَدِّثَكُمْ بِمَا أَعْرِفُ. 11 لَقَدْ أَنْصَتُّ بِصَبْرٍ حِينَ تَكَلَّمْتُمْ، وَاسْتَمَعْتُ إِلَى حُجَجِكُمْ حِينَ بَحَثْتُمْ عَنِ الْكَلامِ، 12 وَأَوْلَيْتُكُمُ انْتِبَاهِي، فَلَمْ أَجِدْ فِي كَلامِكُمْ مَا أَفْحَمَ أَيُّوبَ، أَوْ رَدَّ عَلَى أَقْوَالِهِ. 13 احْتَرِسُوا لِئَلّا تَقُولُوا إِنَّنَا قَدْ أَحْرَزْنَا حِكْمَةً، فَالرَّبُّ يُفْحِمُ أَيُّوبَ لَا الإِنْسَانُ. 14 إِنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ حَدِيثَهُ إِلَيَّ، لِذَلِكَ لَنْ أُجِيبَهُ بِمِثْلِ كَلامِكُمْ. 15 لَقَدْ تَحَيَّرُوا، يَا أَيُّوبُ، وَلَمْ يُجِيبُوا إِذْ أَعْيَاهُمُ النُّطْقُ، 16 فَهَلْ أَصْمُتُ لأَنَّهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا، وَهَلْ أَمْتَنِعُ عَنِ الرَّدِّ؟ 17 لا، سَأُجِيبُ أَنَا أَيْضاً وَأُبْدِي رَأْيِي، 18 لأَنِّي أَفِيضُ كَلاماً، وَالرُّوحُ فِي دَاخِلِي يُحَفِّزُنِي. 19 انْظُرُوا، إِنَّ قَلْبِي فِي دَاخِلِي كَخَمْرٍ لَمْ تُفْتَحْ، وَكَزِقَاقٍ جَدِيدَةٍ تَكَادُ تَنْشَقُّ! 20 فَلأَتَكَلَّمَنَّ لأُفَرِّجَ عَنْ نَفْسِي، أَفْتَحُ شَفَتَيَّ لأُجِيبَ. 21 لَنْ أُحَابِيَ إِنْسَاناً أَوْ أَتَمَلَّقَ أَحَداً. 22 لأَنِّي لَا أَعْرِفُ التَّمَلُّقَ، وَإلَّا يَقْضِي عَلَيَّ صَانِعِي سَرِيعاً.

33 وَالآنَ يَا أَيُّوبُ أصْغِ إِلَى أَقْوَالِي، وَاسْمَعْ كَلامِي كُلَّهُ: هَا أَنَا قَدْ فَتَحْتُ فَمِي فَنَطَقَ لِسَانِي فِي حَنَكِي، كَلِمَاتِي تَصْدُرُ مِنْ قَلْبٍ مُسْتَقِيمٍ، وَشَفَتَايَ تَتَحَدَّثَانِ بِإِخْلاصٍ بِمَا أَعْلَمُ. رُوحُ اللهِ هُوَ الَّذِي كَوَّنَنِي، وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي، فَأَجِبْنِي إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ. أَحْسِنِ الدَّعْوَى، وَاتَّخِذْ لَكَ مَوْقِفاً. إِنَّمَا أَنَا نَظِيرُكَ أَمَامَ اللهِ، مِنَ الطِّينِ جُبِلْتُ، فَلا هَيْبَتِي تُخِيفُكَ، وَلا يَدِي ثَقِيلَةٌ عَلَيْكَ.

حَقّاً قَدْ تَكَلَّمْتَ فِي أُذُنَيَّ فَاسْتَمَعْتُ إِلَى أَقْوَالِكَ. أَنْتَ قُلْتَ: أَنَا نَقِيٌّ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، أَنَا طَاهِرٌ لَا إِثْمَ فِيَّ، 10 إِنَّمَا اللهُ يَتَرَبَّصُ بِي لِيَجِدَ عِلَّةً عَلَيَّ وَيَحْسِبَنِي عَدُوّاً لَهُ، 11 يَضَعُ أَقْدَامِي فِي الْمِقْطَرَةِ، وَيَتَرَصَّدُ سُبُلِي.

12 وَلَكِنَّكَ مُخْطِئٌ فِي هَذَا، وَأَنَا الَّذِي أُجِيبُكَ. إِنَّ اللهَ أَعْظَمُ مِنَ الإِنْسَانِ، 13 فَمَا بَالُكَ تُخَاصِمُهُ قَائِلاً: إِنَّهُ لَنْ يُجِيبَ عَنْ تَسَاؤُلاتِي؟ 14 إِنَّ اللهَ يَتَكَلَّمُ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى وَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ لَا يُدْرِكُهَا. 15 يَتَكَلَّمُ فِي حُلْمٍ، فِي رُؤْيَا اللَّيْلِ عِنْدَمَا يَغْشَى النَّاسَ سُبَاتٌ عَمِيقٌ. 16 عِنْدَئِذٍ يَفْتَحُ آذَانَ النَّاسِ وَيُرْعِبُهُمْ بِتَحْذِيرَاتِهِ، 17 لِيَصْرِفَ الإِنْسَانَ عَنْ خَطِيئَتِهِ وَيَسْتَأْصِلَ مِنْهُ الْكِبْرِيَاءَ، 18 لِيُنْقِذَ نَفْسَهُ مِنَ الْهَاوِيَةِ وَحَيَاتَهُ مِنَ الْهَلاكِ بِحَدِّ السَّيْفِ.

19 قَدْ يُقَوَّمُ الإِنْسَانُ بِالأَلَمِ عَلَى مَضْجَعِهِ، وَبِالأَوْجَاعِ النَّاشِبَةِ فِي عِظَامِهِ، 20 حَتَّى تَعَافَ حَيَاتُهُ الطَّعَامَ، وَشَهِيَّتُهُ لَذِيذَ الْمَأْكَلِ. 21 يَبْلَى لَحْمُهُ فَيَخْتَفِي عَنِ الْعَيَانِ، وَتَنْبَرِي عِظَامُهُ الَّتِي كَانَتْ خَافِيَةً مِنْ قَبْلُ. 22 تَدْنُو نَفْسُهُ مِنَ الْهَاوِيَةِ، وَحَيَاتُهُ مِنْ زَبَانِيَةِ الْمَوْتِ. 23 إِنْ وُجِدَ لَهُ مَلاكٌ، شَفِيعٌ، وَاحِدٌ مِنْ بَيْنِ أَلْفٍ، لِيُعْلِنَ لِلإِنْسَانِ مَا هُوَ صَالِحٌ لَهُ، 24 يتَرَأَّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: أَنْقِذْهُ يَا رَبُّ مِنَ الانْحِدَارِ إِلَى الْهَاوِيَةِ، فَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ فِدْيَةً. 25 فَيَصِيرَ لَحْمُهُ أَكْثَرَ غَضَاضَةً مِن أَيَّامِ صِبَاهُ وَيَعُودَ إِلَى عَهْدِ رَيعَانِ شَبَابِهِ 26 عِنْدَئِذٍ يَدْعُو الْمَرْءُ اللهَ فَيَرْضَى عَنْهُ، وَيَمْثُلُ فِي حَضْرَتِهِ بِفَرَحٍ، وَيَرُدُّ لَهُ اللهُ بِرَّهُ، 27 ثُمَّ يُرَنِّمُ أَمَامَ النَّاسِ قَائِلاً: لَقَدْ أَخْطَأْتُ وَحَرَّفْتُ مَا هُوَ حَقٌّ وَلَمْ أُجَازَ عَلَيْهِ، 28 قَدِ افْتَدَى اللهُ حَيَاتِي مِنَ الانْحِدَارِ إِلَى الْهَاوِيَةِ، فَتَنْتَعِشُ حَيَاتِي لِتَرَى النُّورَ.

29 هَذَا كُلُّهُ يُجْرِيهِ اللهُ عَلَى الإِنْسَانِ مَرَّتَيْنِ وَثَلاثَ مَرَّاتٍ، 30 لِيَرُدَّ نَفْسَهُ عَنِ الْهَاوِيَةِ لِيَسْتَضِيءَ بِنُورِ الْحَيَاةِ. 31 فَأَصْغِ يَا أَيُّوبُ وَأَنْصِتْ إِلَيَّ. اُصْمُتْ وَدَعْنِي أَتَكَلَّمُ. 32 وَإِنْ كَانَ لَدَيْكَ مَا تَقُولُهُ فَأَجِبْنِي، تَكَلَّمْ، فَإِنِّي أَرْغَبُ فِي تَبْرِيرِكَ. 33 وَإلَّا فَأَصْغِ إِلَيَّ، أَنْصِتْ فَأُعَلِّمَكَ الْحِكْمَةَ».

كَلَامُ ألِيهُو

32 وَهَكَذَا تَوَقَّفَ الرِّجَالُ الثَّلَاثَةُ عَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَقَدْ كَانَ مُقتَنِعًا بِبَرَاءَتِهِ. لَكِنَّ ألِيهُوَ بْنَ بَرَخْئِيلَ البُوزِيِّ مِنْ عَشِيرَةِ رَامٍ غَضِبَ كَثِيرًا، وَاشتَعَلَ غَضَبُهُ عَلَى أيُّوبَ لِأنَّهُ بَرَّأ نَفْسَهُ، لَا اللهَ. كَمَا غَضِبَ مِنْ أصدِقَاءِ أيُّوبَ الثَّلَاثَةِ، لِأنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا رَدًّا عَلَى حُجَجِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ اعْتَبَرُوهُ مُذْنِبًا. لَكِنَّ ألِيهُوَ أجَّلَ الرَّدَّ عَلَى أيُّوبَ، لِأنَّهُمْ كَانُوا أكبَرَ مِنْهُ سِنًّا. وَلَمَّا رَأى ألِيهُو أنَّ الرِّجَالَ الثَّلَاثَةَ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الرَّدَّ عَلَى أيُّوبَ، غَضِبَ كَثِيرًا. فَقَالَ ألِيهُو بْنُ بَرَخْئِيلَ:

«أنَا صَغِيرُ السِّنِّ وَأنْتُمْ شُيُوخٌ.
لِهَذَا تَرَدَّدْتُ وَخِفْتُ أنْ أُعْلِنَ لَكُمْ عَنْ رَأيِي.
قُلْتُ: ‹دَعِ الخِبرَةَ تَتَكَلَّمْ،
وَدَعْ كَثْرَةَ السِّنِينِ تُعَلِّمُ الحِكْمَةَ.›
غَيْرَ إنَّ هُنَاكَ رُوحًا فِي الإنْسَانِ،
وَنَسَمَةُ القَدِيرِ تُعطِيهِ فَهْمًا.
الحِكْمَةُ لَيْسَتْ مَقصُورَةً عَلَى الكِبَارِ،
وَلَا هُمْ وَحدُهُمْ يُمَيِّزُونَ الحَقَّ.
10 لِهَذَا قُلْتُ: ‹اسْتَمِعْ إلَيَّ،
فَسَأُصَرِّحُ أنَا أيْضًا بِمَا أعْرِفُهُ.›

11 «انتَظَرْتُ وَأنْتُمْ تَتَكَلَّمُونَ.
أصْغَيتُ إلَى مَنطِقِكُمْ،
وَأنْتُمْ تَزِنُونَ كَلَامَهُ.
12 تَفَكَّرتُ جَيِّدًا فِي مَا قُلْتُمْ،
وَلَيْسَ بَيْنَكُمْ مَنْ أثبَتَ خَطَأ أيُّوبَ،
وَلَمْ يَرُدَّ أحَدُكُمْ عَلَى كَلَامِهِ.
13 لِئَلَّا تَقُولُوا: ‹كُنَّا حُكَمَاءَ.›
اللهُ هُوَ مَنْ سَيَغْلِبُ أيُّوبَ لَا إنْسَانٌ.
14 لَكِنَّ أيُّوبَ لَمْ يُوَجِّهْ كَلَامَهُ إلَيَّ،
وَأنَا لَنْ أرُدَّ عَلَيْهِ بِحُجَجِكُمْ.

15 «لَقَدْ فَشِلُوا بِالرَّدِّ عَلَيْكَ يَا أيُّوبُ،
فَبَدَأُوا يَكرِّرُونَ كَلَامَهُمْ!
16 وَانتَظَرْتُ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا،
لِأنَّهُمْ وَاقِفُونَ دُونَ أنْ يُجِيبُوا.
17 فَأنَا أيْضًا سَأُدلِي بِرَأيِي،
وَسَأُصَرِّحُ أنَا أيْضًا بِمَا أعْرِفُهُ.
18 لِأنَّ عِندِي الكَثِيرَ لِأقُولَهُ،
وَالرُّوحُ الَّتِي فِيَّ تَدْفَعُنِي إلَى الكَلَامِ.
19 وَدَاخِلِي كَزُقَاقِ خَمْرٍ جِلْدِيَّةٍ مُغلَقَةٍ.
كَأوعِيَةِ نَبِيذٍ تُوشِكُ أنْ تَنْشَقَّ.
20 دَعُونِي أتَكَلَّمُ فَأُعَبِّرَ عَنِ الرُّوحِ الَّتِي فِي دَاخِلِي.[a]
دَعُونِي أفتَحُ شَفَتَيَّ لِأُعْطِيَ جَوَابًا.
21 لَنْ أنحَازَ إلَى أحَدٍ
وَلَنْ أتَمَلَّقَ أحَدًا،
22 لِأنِّي لَا أعْرِفُ كَيْفَ أتَمَلَّقُ،
وَإلَّا فَسَرْعَانَ مَا سَيَأْخُذنِي خَالِقِي.

33 «لَكِنْ اسْمَعِ الآنَ كَلَامِي يَا أيُّوبُ،
وَانتَبِه إلَى كَلِمَاتِي.
سَأفتَحُ فَمِي،
وَسَأتَحَدَّثُ بِمَا فِي فِكْرِي.
سَأقُولُ مَا يَجُولُ حقًّا فِي خَاطِرِي،
وَسَيَنْقُلُ لِسَانِي بِإخْلَاصٍ مَا أعرِفُهُ.
رُوحُ اللهِ خَلَقَنِي،
وَنَسْمَةُ القَدِيرِ أحْيَتْنِي.
فَإنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ الرَّدَّ عَلَيَّ،
فَحَضِّرْ حُجَّتَكَ وَقِفْ.
أنَا مِثْلُكَ فِي حَضْرَةِ اللهِ.
فَقَدْ قُطِعْتُ أيْضًا مِنَ الطِّينِ.
فَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُخِيفُكَ مِنِّي،
وَقُوَّتِي لَنْ تُثَقِّلَ عَلَيْكَ.

«غَيْرَ أنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِي أُذُنِي،
فَسَمِعتُ صَوْتَكَ حِينَ تَكَلَّمْتَ.
تَقُولُ: ‹أنَا نَقِيٌّ بِلَا ذَنبٍ،
وَطَاهِرٌ بِلَا إثمٍ.
10 غَيْرَ أنَّ للهِ أسبَابًا فِي مُعَادَاتِي،
وَيَحْسِبُنِي عَدُوًّا لَهُ.
11 يُقَيِّدُ قَدَمَيَّ بِالحَدِيدِ وَالخَشَبِ،
وَيَحْرُسُ كُلَّ مَنَافِذِ هُرُوبِي.›

12 «إنَّكَ مُخطِئٌ حَقًّا فِي هَذَا،
وَلِهَذَا سَأُجِيبُكَ:

«إنَّ اللهَ أعْظَمُ مِنْ كُلِّ البَشَرِ.
13 لِمَاذَا تَتَّهِمُهُ وَتَقُولُ:
‹إنَّ اللهَ لَا يُجِيبُ عَنْ كُلِّ اتِّهَامَاتِ الإنْسَانِ؟›
14 لَكِنَّ اللهَ يُكَلِّمُ النَّاسَ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ،
وَالإنْسَانُ لَا يُدْرِكُ ذَلِكَ.
15 يَتَحَدَّثُ فِي حُلُمٍ،
فِي رُؤيَا اللَّيلِ.
عِنْدَمَا يَنْعَسُ النَّاسُ وَيَنَامُونَ،
16 حِينَئِذٍ، يَفْتَحُ اللهُ آذَانَهُمْ،
وَيُخِيفُهُمْ بِتَحْذِيرَاتِهِ.
17 لِيُحَوِّلَ الإنْسَانَ عَمَّا يَفْعَلُهُ،
وَلِيَمْنَعَ الإنْسَانَ مِنَ التَّكَبُّرِ أوِ التَّفَاخُرِ.
18 يَحْفَظُهُ اللهُ مِنَ الهَاوِيَةِ،
وَيَحْفَظُ حَيَاتَهُ مِنْ عُبُورِ نَهْرِ المَوْتِ.
19 يُؤَدِّبُهُ بِالوَجَعِ عَلَى فِرَاشِهِ،
وَبِألَمٍ مُتَّصِلٍ فِي عِظَامِهِ.
20 فَيَكْرَهُ الطَعَامَ،
وَيَنْفُرُ حَتَّى مِنْ أطَايِبِهِ.
21 لَا يَعُودُ لَحْمُهُ يُرَى مِنَ الهُزَالِ،
وَتَبْرُزُ عِظَامُهُ وَتُرَى.
22 مِنَ الهَاوِيَةِ تَقْتَرِبُ نَفْسُهُ.
مِنَ القَتَلَةِ تَدْنُو حَيَاتُهُ.
23 وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَلَاكٌ وَاحِدٌ،
وَسِيطٌ هُوَ الأفضَلُ بَيْنَ ألفٍ،
يُدَافِعُ عَنِ استِقَامَتِهِ،
24 يَطْلُبُ لَهُ رَحْمَةً وَيَقُولُ للهِ:
‹جَنِّبْهُ الهُبُوطَ فِي الهَاوِيَةِ،
لِأنِّي دَبَّرتُ لَهُ فِديَةً.›
25 فَيَتَجَدَّدُ لَحْمُهُ كَشَّابٍ،
وَإلَيْهِ تَعُودُ قُوَّةُ الصِّبَا.
26 يُصَلِّي الإنْسَانُ إلَى اللهِ فَيَحْظَى بِرِضَاهُ.
وَيُسَرُّ اللهَ أنْ يُعلِنَ نَفْسَهُ لِلإنْسَانِ،
فَيَرُدُّ لِلإنْسَانِ حَقَّهُ.
27 يَهْتِفُ أمَامَ النَّاسِ وَيَقُولُ:
‹أذْنَبْتُ وَعَوَّجتُ المُسْتَقِيمَ،
لَكِنْ لَمْ أُجَازَ عَلَيْهِ.
28 بَلْ فَدَى نَفْسِي مِنَ الهَاوِيَةِ،
فَسَأنظُرُ إلَى نُورِ الحَيَاةِ وَأتَمَتَّعُ.›

29 «نَعَمْ، قَد يَفْعَلُ اللهُ كُلَّ هَذِهِ الأُمُورِ
مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا لِلإنْسَانِ،
30 لِكَي يَرُدَّ نَفْسَهُ مِنَ الهَاوِيَةِ وَالهَلَاكِ،
وَيُنِيرَ عَلَيْهِ بِنُورِ الحَيَاةِ.

31 «انتَبِهْ يَا أيُّوبُ، وَاستَمِعْ إلَيَّ.
اصْمُتْ وَدَعْنِي أتَكَلَّمْ.
32 إنْ كَانَ لَدَيكَ جَوَابٌ فَقُلْهُ،
لِأنِّي أتَمَنَّى أنْ أجِدَكَ مُحِقًّا.
33 وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيكَ جَوَابٌ، فَاسْتَمِعْ إلَيَّ.
اصمُتْ وَسَأُعَلِّمُكَ الحِكْمَةَ.»

Footnotes

  1. 32‏:20 أُعبِّر … دَاخلي يُمْكِنُ ترجمتهَا إلَى «فأرتَاح.»

في إيقونية

14 وَفِي إِيْقُونِيَةَ دَخَلَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى الْمَجْمَعِ الْيَهُودِيِّ كَعَادَتِهِمَا، وَأَخَذَا يَتَكَلَّمَانِ حَتَّى آمَنَ جَمْعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ. وَلَكِنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا أَثَارُوا غَيْرَ الْيَهُودِ عَلَى الإِخْوَةِ، وَأَفْسَدُوا عُقُولَهُمْ. إِلّا أَنَّ بُولُسَ وَبَرْنَابَا بَقِيَا هُنَاكَ فَتْرَةً طَوِيلَةً يُبَشِّرَانِ بِالرَّبِّ بِكُلِّ جُرْأَةٍ، وَأَيَّدَهُمَا الرَّبُّ شَاهِداً لِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ بِمَا أَجْرَاهُ عَلَى أَيْدِيهِمَا مِنْ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ. فَانْقَسَمَ أَهْلُ إِيْقُونِيَةَ فَرِيقَيْنِ: فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ مَعَ الْيَهُودِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ مَعَ الرَّسُولَيْنِ. وَلَمَّا أَوْشَكَ غَيْرُ الْيَهُودِ وَالْيَهُودُ وَرُؤَسَاؤُهُمْ أَنْ يُهِينُوا الرَّسُولَيْنِ وَيَرْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ، عَلِمَا بِذلِكَ فَهَرَبَا إِلَى مَدِينَتَيْ لِسْتَرَةَ وَدَرْبَةَ الْوَاقِعَتَيْنِ فِي مُقَاطَعَةِ لِيكَأُونِيَةَ، وَإِلَى الْمِنْطَقَةِ الْمُحِيطَةِ بِهِمَا، وَأَخَذَا يُبَشِّرَانِ هُنَاكَ.

في لسترة ودربة

وَكَانَ يُقِيمُ فِي مَدِينَةِ لِسْتَرَةَ كَسِيحٌ مُقْعَدٌ مُنْذُ وِلادَتِهِ لَمْ يَمْشِ قَطُّ. فَإِذْ كَانَ يُصْغِي إِلَى حَدِيثِ بُولُسَ فَرَأَى فِيهِ إِيمَاناً بِأَنَّهُ سَيُشْفَى، 10 فَنَادَاهُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «انْهَضْ وَاقِفاً عَلَى رِجْلَيْكَ!» فَقَفَزَ الرَّجُلُ وَبَدَأَ يَمْشِي. 11 فَلَمَّا رَأَى الْحَاضِرُونَ مَا قَامَ بِهِ بُولُسُ هَتَفُوا بِاللُّغَةِ اللِّيكَأُونِيَّةِ: «اتَّخَذَ الآلِهَةُ صُورَةَ بَشَرٍ وَنَزَلُوا بَيْنَنَا!» 12 ثُمَّ دَعَوْا بَرْنَابَا زَفْسَ وَبُولُسَ هَرْمَسَ، لأَنَّهُ كَانَ يُدِيرُ الْحَدِيثَ. 13 وَكَانَ عِنْدَ مَدْخَلِ الْمَدِينَةِ مَعْبَدٌ لِلإلَهِ زَفْسَ، فَجَاءَ كَاهِنُهُ عَلَى رَأْسِ جَمْعٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَكَالِيلَ الزُّهُورِ وَيَجُرُّونَ الثِّيرَانَ لِيُقَدِّمُوهَا ذَبِيحَةً لِبُولُسَ وَبَرْنَابَا. 14 فَلَمَّا سَمِعَ الرَّسُولانِ بِذَلِكَ مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا، وَأَسْرَعَا إِلَى الْمُجْتَمِعِينَ 15 وَهُمَا يَصْرُخَانِ: «لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هَذَا أَيُّهَا النَّاسُ؟ مَا نَحْنُ إِلّا بَشَرٌ ضُعَفَاءُ مِثْلُكُمْ، نُبَشِّرُكُمْ بِأَنْ تَرْجِعُوا عَنْ هذِهِ الأَشْيَاءِ الْبَاطِلَةِ إِلَى اللهِ الْحَيِّ صَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ، وَكُلِّ مَا فِيهَا، 16 وَقَدْ تَرَكَ الأُمَمَ فِي الْعُصُورِ الْمَاضِيَةِ يَسْلُكُونَ فِي طُرُقِهِمْ، 17 مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهُمْ دُونَ شَاهِدٍ يَدُلُّهُمْ عَلَيْهِ. فَهُوَ مَازَالَ يُنْعِمُ عَلَيْكُمْ بِالْخَيْرِ، وَيَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَاراً وَمَوَاسِمَ مُثْمِرَةً، وَيُشْبِعُكُمْ طَعَاماً وَيَمْلأُ قُلُوبَكُمْ سُرُوراً». 18 بِهَذَا الْكَلامِ تَمَكَّنَا بَعْدَ جَهْدٍ مِنْ إِقْنَاعِ الْجُمُوعِ بِعَدَمِ تَقْدِيمِ الذَّبَائِحِ لَهُمَا. 19 بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ بَعْضُ الْيَهُودِ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَّةَ، وَاسْتَمَالُوا الْجُمُوعَ، فَرَجَمُوا بُولُسَ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ مَاتَ، وَجَرُّوهُ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ.

العودة إلى أنطاكية في سورية

20 وَلَمَّا أَحَاطَ بِهِ التَّلامِيذُ، قَامَ وَعَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي سَافَرَ مَعَ بَرْنَابَا إِلَى دَرْبَةَ، 21 وَبَشَّرَا أَهْلَهَا، فَصَارَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ تَلامِيذَ لِلرَّبِّ. ثُمَّ رَجَعَا إِلَى لِسْتَرَةَ، وَمِنْهَا إِلَى إِيْقُونِيَةَ، وَأَخِيراً إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 22 وَفِي هذِهِ الأَمَاكِنِ كُلِّهَا كَانَا يُشَدِّدَانِ عَزِيمَةَ التَّلامِيذِ، وَيَحُثَّانِهِمْ عَلَى الثَّبَاتِ فِي الإِيمَانِ، مُؤَكِّدَيْنِ لَهُمْ أَنَّ دُخُولَ مَلَكُوتِ اللهِ يَقْتَضِي أَنْ نُقَاسِيَ صُعُوبَاتٍ كَثِيرَةً. 23 وَعَيَّنَا لِلتَّلامِيذِ شُيُوخاً فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ. ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَأَسْلَمَا الْجَمِيعَ وَدِيعَةً بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ الَّذِي آمَنُوا بِهِ. 24 ثُمَّ سَافَرَا مِنْ مُقَاطَعَةِ بِيسِيدِيَّةَ، وَوَصَلا إِلَى بَمْفِيلِيَّةَ. 25 وَبَشَّرَا بِكَلِمَةِ اللهِ فِي بَرْجَةَ، ثُمَّ سَافَرَا إِلَى أَتَّالِيَةَ. 26 وَمِنْ هُنَاكَ عَادَا بَحْراً إِلَى مَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ، حَيْثُ كَانَ الْمُؤْمِنُونَ قَدْ أَسْلَمُوهُمَا إِلَى نِعْمَةِ اللهِ لِيَقُومَا بِالْعَمَلِ الَّذِي قَدْ أَنْجَزَاهُ.

27 وَلَمَّا وَصَلا، اسْتَدْعَيَا الْكَنِيسَةَ إِلَى الاجْتِمَاعِ، وَأَخْبَرَا بِكُلِّ مَا فَعَلَ اللهُ بِوَاسِطَتِهِمَا، وَبِأَنَّهُ فَتَحَ بَابَ الإِيمَانِ لِغَيْرِ الْيَهُودِ. 28 وَأَقَامَا مَعَ التَّلامِيذِ هُنَاكَ مُدَّةً طَوِيلَةً.

بُولُسُ وَبَرنَابَا فِي إيقُونِيَة

14 وَحَدَثَ الأمْرُ نَفْسُهُ فِي مَدِينَةِ إيقُونِيَةَ أيْضًا، حَيْثُ دَخَلَ بُولُسُ وَبَرنَابَا إلَى المَجْمَعِ اليَهُودِيِّ وَتَكَلَّمَا، فَآمَنَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ اليَهُودِ وَاليُونَانِيِّينَ. أمَّا اليَهُودُ الَّذِينَ رَفَضُوا أنْ يُؤمِنُوا فَقَدْ هَيَّجُوا غَيْرَ اليَهُودِ وَحَرَّضُوهُمْ عَلَى الإخوَةِ.

وَبَقِيَ بُولُسُ وَبَرنَابَا هُنَاكَ فَترَةً طَوِيلَةً. وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بِشَجَاعَةٍ عَنِ الرَّبِّ. وَأيَّدَ الرَّبُّ رِسَالَةَ نِعْمَتِهِ بِأنْ سَمَحَ بِأنْ تَجْرِيَ مُعجِزَاتٌ وَعَجَائِبُ عَلَى أيدِيهِمَا. وَانقَسَمَ أهْلُ المَدِينَةِ مَا بَيْنَ مُؤَيِّدٍ لِليَهُودِ وَمَا بَيْنَ مُؤَيِّدٍ لِلرَّسُولَينِ.

وَتَحَرَّكَ غَيْرُ اليَهُودِ وَاليَهُودُ جَمِيعًا مَعَ قَادَتِهِمْ لِلإسَاءَةِ إلَيْهِمَا وَرَجمِهِمَا. غَيْرَ أنَّهُمَا عَلِمَا بِهَذَا، وَهَرَبَا إلَى مَدِينَتَي لِستَرَةَ وَدَرْبَةَ فِي مُقَاطَعَةِ لِيكَأُونِيَّةَ وَالمِنْطَقَةِ المُحِيطَةِ. وَهُنَاكَ استَمَرَّا يُبَشِّرَانِ.

فِي لِستَرَةَ وَدَرْبَة

وَكَانَ يَجْلِسُ فِي لِستَرَةَ رَجُلٌ عَاجِزُ القَدَمَينِ. لَمْ يَكُنْ قَدْ مَشَىْ عَلَىْ قَدَميهِ قَطُّ لِأنَّهُ وُلِدَ كَسِيحًا. سَمِعَ هَذَا الرَّجُلُ بُولُسَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ. فَوَجَّهَ بُولُسُ نَظَرَهُ إلَيْهِ، وَرَأى أنَّ لَدَيهِ إيمَانًا لِكَي يُشفَى. 10 وَقَالَ بُولُسُ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ: «قِفْ مُنتَصِبًا عَلَى قَدَمَيكَ!» فَقَفَزَ وَأخَذَ يَمْشِي.

11 فَلَمَّا رَأى الجَمعُ مَا فَعَلَهُ بُولُسُ، رَفَعُوا أصوَاتَهُمْ بِلُغَةِ مُقَاطَعَةِ لِيكَأُونِيَّةَ وَقَالُوا: «أصبَحَ الآلِهَةُ كَالنَّاسِ وَنَزَلُوا إلَينَا!» 12 وَسَمَّوْا بَرنَابَا «زَفْسَ،»[a] أمَّا بُولُسُ فَسَمَّوْهُ «هَرْمَسَ»[b] لِأنَّهُ كَانَ المُبَادِرَ فِي الكَلَامِ. 13 وَأحضَرَ كَاهِنُ زَفْسَ، الَّذِي كَانَ مَعبَدُهُ عِنْدَ مَدْخَلِ المَدِينَةِ، ثِيرَانًا وَأكَالِيلَ إلَى بَوَّابَاتِ المَدِينَةِ. فَقَدْ أرَادَ هُوَ وَالجَمعُ أنْ يُقَدِّمُوا ذَبَائِحَ لَهُمَا.

14 لَكِنْ لَمَّا سَمِعَ الرَّسُولَانِ بَرنَابَا وَبُولُسُ بِهَذَا، مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا، وَاندَفَعَا إلَى الجَمعِ وَهُمَا يَصْرُخَانِ: 15 «أيُّهَا الرِّجَالُ، لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هَذَا؟ إنَّنَا نَحْنُ أيْضًا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. وَنَحْنُ هُنَا لِكَي نَنْقِلَ لَكُمُ البُشْرَى، وَنُبعِدَكُمْ عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ التَّافِهَةِ إلَى الإلَهِ الحَيِّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَالبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا.

16 «لَقَدْ سَمَحَ لِلشُّعُوبِ فِي الأزمِنَةِ الغَابِرَةِ بِأنْ يَعِيشُوا كَمَا يَحْلُو لَهُمْ. 17 لَكِنَّهُ لَمْ يَتْرُكْكُمْ دُونَ أدِلَّةٍ تَشْهَدُ لَهُ، لِأنَّهُ يَصْنَعُ لَكُمْ خَيرَاتٍ كَثِيرَةً. فَهُوَ يُعطِيكُمْ أمطَارًا مِنَ السَّمَاءِ وَمَحَاصِيلَ فِي أوقَاتِهَا. وَهُوَ يُزَوِّدُكُمْ بِالطَّعَامِ وَيَملأُ قُلُوبَكُمْ بِالفَرَحِ.»

18 وَرُغْمَ كَلَامِهِمَا هَذَا، فَإنَّهُمَا لَمْ يَسْتَطِيعَا مَنْعَ النَّاسِ مِنْ تَقْدِيمِ الذَّبَائِحِ إلَّا بَعْدَ جَهدٍ كَبِيرٍ.

19 ثُمَّ جَاءَ بَعْضُ اليَهُودِ مِنْ مَدِينَتَي أنطَاكِيَةَ وَإيقُونِيَةَ، وَاستَمَالُوا الجُمُوعَ إلَى جَانِبِهِمْ. فَرَجَمُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ إلَى خَارِجِ المَدِينَةِ ظَانِّينَ أنَّهُ مَيِّتٌ. 20 وَعِنْدَمَا تَجَمَّعَ التَّلَاميذُ حَوْلَهُ، نَهَضَ بُولُسُ وَدَخَلَ المَدِينَةَ. وَفِي اليَوْمِ التَّالِي ذَهَبَ مَعَ بَرنَابَا إلَى مَدِينَةِ دَرْبَةَ.

العَودَةُ إلَى أنطَاكِيَةَ فِي سُورِيَّة

21 وَبَشَّرَا فِي تِلْكَ المَدِينَةِ وَتَلْمَذَا كَثِيرِينَ، ثُمَّ عَادَا إلَى لِستَرَةَ وَإيقُونِيَةَ وَأنطَاكِيَةَ. 22 وَكَانَا يُقَوِّيَانِ نُفُوسَ التَّلَامِيذِ وَيُشَجِّعَانِهِمْ عَلَى أنْ يَسْتَمِرُّوا فِي الإيمَانِ. وَقَالَا لَهُمْ: «يَنْبَغِي أنْ نَدخُلَ فِي مُلكِ اللهِ بِمُعَانَاةٍ كَثِيرَةٍ.» 23 ثُمَّ عَيَّنَا شُيُوخًا فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ، وَصَلَّيَا وَصَامَا لِكَي يَحْفَظَهُمُ الرَّبُّ الَّذِي آمَنُوا بِهِ.

24 وَبَعْدَ أنِ اجتَازَا بِيسِيدِيَّةَ، وَصَلَا إلَى بَمفِيلِيَّةَ. 25 ثُمَّ تَكَلَّمَا بِالرِّسَالَةِ فِي بَرجَةَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ نَزَلَا إلَى أتَّالِيَةَ. 26 وَمِنْ هُنَاكَ أبحَرَا إلَى أنطَاكِيَةَ، وَهِيَ المَدينَةُ الَّتِي كَانَ الإخْوَةُ قَدْ أرسَلَاهُمَا مِنْهَا بِنِعْمَةِ اللهِ لإنجَازِ الخِدْمَةِ المُوكَلَةِ لَهُمَا،[c] وَقَدْ أنجَزَاهَا الآنَ بِالفِعْلِ.

27 وَعِنْدَمَا وَصَلَا، جَمَعَا شَعْبَ الكَنِيسَةِ، وَأخبَرَاهُمْ بِمَا عَمِلَ اللهُ مَعَهُمْ. وَقَالَا لَهُمْ إنَّ اللهَ قَدْ فَتَحَ بَابَ الإيمَانِ لِغَيرِ اليَهُودِ. 28 وَأقَامَا مَعَ التَّلَامِيذِ مُدَّةً غَيْرَ قَصِيرَةٍ.

Footnotes

  1. 14‏:12 زَفْس اسْمُ أهَمِّ الآلِهَةِ عند اليونَان. أيْضًا فِي العَدَد 13.
  2. 14‏:12 هَرْمَس من آلِهَةِ اليونَان، وكَان يُعتقدُ أنَّه رسولٌ لبقية الآلِهَةِ ونَاطقٌ بِاسْمِهِم.
  3. 14‏:26 … لإنجَازِ الخِدْمَةِ المُوكَلَةِ لَهُمَا انْظُرْ أعْمَال 13‏:2‏-3.