الرب يرفض شاول كملك

15 وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «أَنَا الَّذِي أَرْسَلَنِي الرَّبُّ لأُنَصِّبَكَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَاسْمَعِ الآنَ كَلامَ الرَّبِّ. هَذَا مَا يَقُولُهُ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنِّي مُزْمِعٌ أَنْ أُعَاقِبَ عَمَالِيقَ جَزَاءَ مَا ارْتَكَبَهُ فِي حَقِّ الإِسْرَائِيلِيِّينَ حِينَ تَصَدَّى لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ. فَاذْهَبِ الآنَ وَهَاجِمْ عَمَالِيقَ وَاقْضِ عَلَى كُلِّ مَالَهُ. لَا تَعْفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَلِ اقْتُلْهُمْ جَمِيعاً رِجَالاً وَنِسَاءً، وَأَطْفَالاً وَرُضَّعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جِمَالاً وَحَمِيراً».

فَاسْتَدْعَى جَيْشَهُ وَأَحْصَاهُ فِي طَلايِمَ، فَبَلَغَ عَدَدُهُ مِئَتَيْ أَلْفِ رَاجِلٍ، فَضْلاً عَنْ عَشَرَةِ آلافِ رَجُلٍ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا.

وَتَوَجَّهَ شَاوُلُ إِلَى مَدِينَةِ عَمَالِيقَ وَكَمَنَ فِي الْوَادِي. وَبَعَثَ شَاوُلُ إِلَى الْقَيْنِيِّينَ قَائِلاً: «انْسَحِبُوا مِنْ بَيْنِ الْعَمَالِقَةِ لِئَلّا أُهْلِكَكُمْ مَعَهُمْ، فَأَنْتُمْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ». فَانْسَحَبَ الْقَيْنِيُّونَ مِنْ وَسَطِ الْعَمَالِقَةِ. وَهَجَمَ شَاوُلُ عَلَى الْعَمَالِقَةِ عَلَى طُولِ الطَّرِيقِ مِنْ حَوِيلَةَ حَتَّى مَشَارِفِ شُورٍ مُقَابِلَ مِصْرَ. وَأَسَرَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيًّا، وَقَضَى عَلَى جَمِيعِ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. وَعَفَا شَاوُلُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْعُجُولِ وَالْخِرَافِ، وَعَنْ كُلِّ مَا هُوَ جَيِّدٌ، وَأَبَوْا أَنْ يَقْضُوا عَلَيْهَا، وَلَمْ يُدَمِّرُوا إِلّا الْأمْلاكَ وَالْغَنَائِمَ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا.

10 وَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: 11 «لَقَدْ نَدِمْتُ لأَنِّي جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، فَقَدِ ارْتَدَّ عَنِ اتِّبَاعِي وَلَمْ يُطِعْ أَمْرِي». فَحَزِنَ صَمُوئِيلُ وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ اللَّيْلَ كُلَّهُ. 12 وَفِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي بَاكِراً مَضَى صَمُوئِيلُ لِلِقَاءِ شَاوُلَ، فَقِيلَ لَهُ: «لَقَدْ جَاءَ شَاوُلُ إِلَى الْكَرْمَلِ حَيْثُ أَقَامَ لِنَفْسِهِ نَصَباً تَذْكَارِيًّا، ثُمَّ الْتَفَّ وَانْحَدَرَ نَحْوَ الْجِلْجَالِ». 13 وَعِنْدَمَا الْتَقَى صَمُوئِيلُ بِشَاوُلَ، قَالَ شَاوُلُ: «لِيُبَارِكْكَ الرَّبُّ. لَقَدْ نَفَّذْتُ أَمْرَ الرَّبِّ» 14 فَسَأَلَ صَمُوئِيلُ: «وَمَاذَا تَقُولُ عَنْ ثُغَاءِ الْغَنَمِ وَصَوْتِ الثِّيرَانِ الَّتِي تَضِجُّ فِي مَسَامِعِي؟» 15 فَأَجَابَ شَاوُلُ: «إِنَّهَا مِنْ غَنَائِمِ الْعَمَالِقَةِ، لأَنَّ الشَّعْبَ عَفَا عَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ لِيُقَدِّمَهَا ذَبَائِحَ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ، وَأَمَّا مَا تَبَقَّى فَقَدْ دَمَّرْنَاهُ». 16 فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «اصْمُتْ لأُنْبِئَكَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ إِلَيَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ». فَأَجَابَهُ: «تَكَلَّمْ».

17 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «أَلَمْ تَكُنْ تَحْسَبُ نَفْسَكَ حَقِيراً، وَلَكِنَّ الرَّبَّ جَعَلَكَ عَلَى رَأْسِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ وَأَقَامَكَ مَلِكاً عَلَيْهِمْ، 18 وَكَلَّفَكَ بِمُحَارَبَةِ عَمَالِيقَ وَالْقَضَاءِ عَلَيْهِ قَضَاءً مُبْرَماً؟ 19 فَلِمَاذَا لَمْ تُطِعْ أَمْرَ الرَّبِّ، بَلْ تَهَافَتَّ عَلَى الْغَنِيمَةِ وَارْتَكَبْتَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ؟» 20 فَأَجَابَ شَاوُلُ: «قَدْ أَطَعْتُ أَمْرَ الرَّبِّ وَنَفَّذْتُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ بِهِ، وَأَسَرْتُ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ وَقَضَيْتُ عَلَى شَعْبِهِ. 21 فَاخْتَارَ الْقَوْمُ مِنَ الْغَنِيمَةِ أَفْضَلَ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ لِتَقْرِيبِهَا ذَبَائِحَ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ فِي الْجِلْجَالِ». 22 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «هَلْ يُسَرُّ الرَّبُّ بِالذَّبَائِحِ وَالْمُحْرَقَاتِ كَسُرُورِهِ بِالاسْتِمَاعِ إِلَى صَوْتِهِ؟ إِنَّ الاسْتِمَاعَ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءَ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ. 23 فَالتَّمَرُّدُ مُمَاثِلٌ لِخَطِيئَةِ الْعِرَافَةِ، وَالْعِنَادُ شَبِيهٌ بِشَرِّ عِبَادَةِ الْوَثَنِ وَالإِثْمِ. ولأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلامَ الرَّبِّ فَقَدْ رَفَضَكَ الرَّبُّ مِنَ الْمُلْكِ».

24 فَقَالَ شَاوُلُ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ لأَنِّي عَصَيْتُ أَمْرَ الرَّبِّ وَوَصِيَّتَكَ، إِذْ خَشِيتُ الشَّعْبَ فَسَمِعْتُ لِقَوْلِهِمْ. 25 فَاصْفَحِ الآنَ عَنْ خَطِيئَتِي وَارْجِعْ مَعِي لأَسْجُدَ لِلرَّبِّ» 26 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «لَنْ أَرْجِعَ مَعَكَ؛ لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلامَ الرَّبِّ رَفَضَكَ الرَّبُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ». 27 وَاسْتَدَارَ صَمُوئِيلُ لِيَمْضِيَ، فَتَشَبَّثَ شَاوُلُ بِهُدْبِ جِبَّتِهِ، فَتَمَزَّقَ هُدْبُ الْجِبَّةِ. 28 فَقَالَ لَهُ صَمُوئِيلُ: «يُمَزِّقُ الرَّبُّ مَمْلَكَةَ إِسْرَائِيلَ عَنْكَ وَيَهَبُهَا لِمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. 29 فَإِنَّ قُوَّةَ إِسْرَائِيلَ (أَيِ اللهِ) لَا يَكْذِبُ وَلا يَنْدَمُ. لَيْسَ هُوَ إِنْسَاناً حَتَّى يُغَيِّرَ رَأْيَهُ». 30 فَقَالَ شَاوُلُ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ، وَلَكِنْ أَكْرِمْنِي أَمَامَ شُيُوخِ شَعْبِي وَأَمَامَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ، وَعُدْ مَعِي لأَسْجُدَ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ». 31 فَانْطَلَقَ صَمُوئِيلُ مَعَ شَاوُلَ حَيْثُ سَجَدَ شَاوُلُ لِلرَّبِّ.

32 ثُمَّ قَالَ صَمُوئِيلُ: «قَدِّمُوا إِلَيَّ أَجَاجَ مَلِكَ الْعَمَالِقَةِ». فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ أَجَاجُ فَرِحاً قَائِلاً لِنَفْسِهِ: «حَقّاً قَدْ تَلاشَتْ مَرَارَةُ الْمَوْتِ». 33 وَقَالَ لَهُ صَمُوئِيلُ: «كَمَا أَثْكَلَ سَيْفُكَ النِّسَاءَ لِتُثْكَلْ كَذَلِكَ أُمُّكَ بَيْنَ النِّسَاءِ». وَقَطَّعَ صَمُوئِيلُ أَجَاجَ إِرْباً أَمَامَ الرَّبِّ فِي الْجِلْجَالِ. 34 ثُمَّ مَضَى صَمُوئِيلُ إِلَى الرَّامَةِ، أَمَّا شَاوُلُ فَتَوجَّهَ إِلَى بَيْتِهِ فِي جِبْعَةِ شَاوُلَ. 35 وَامْتَنَعَ صَمُوئِيلُ عَنْ رُؤْيَةِ شَاوُلَ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ، مَعَ أَنَّ قَلْبَهُ تَمَزَّقَ أَسىً عَلَيْهِ. أَمَّا الرَّبُّ فَقَدْ أَسِفَ لأَنَّهُ أَقَامَ شَاوُلَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ.

صموئيل يمسح داود

16 وَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «إِلَى مَتَى تَظَلُّ تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ وَأَنَا قَدْ رَفَضْتُهُ أَنْ يَكُونَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ؟ امْلأْ قَرْنَكَ بِالزَّيْتِ وَتَعَالَ أُرْسِلْكَ إِلَى يَسَّى الْمُقِيمِ فِي بَيْتِ لَحْمٍ، لأَنِّي قَدِ اخْتَرْتُ أَحَدَ أَبْنَائِهِ لِيَكُونَ مَلِكاً». فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «كَيْفَ أَذْهَبُ؟ إِنْ بَلَغَ شَاوُلَ الأَمْرُ يَقْتُلْنِي». فَأَجَابَهُ الرَّبُّ: «خُذْ مَعَكَ عِجْلَةً وَقُلْ قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ. وَادْعُ يَسَّى لِحُضُورِ تَقْدِيمِ الذَّبِيحَةِ وَأَنَا أُلَقِّنُكَ مَاذَا تَصْنَعُ، فَتَمْسَحُ لِي مَنْ أَقُولُ لَكَ عَنْهُ». فَفَعَلَ صَمُوئِيلُ بِمُوْجِبِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ. وَذَهَبَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ. فَاضْطَرَبَ شُيُوخُ الْمَدِينَةِ لَدَى اسْتِقْبَالِهِ وَقَالُوا لَهُ: «هَلْ لِلسَّلامِ حَضَرْتَ؟» فَأَجَابَ: «نَعَمْ، لِلسَّلامِ. لَقَدْ حَضَرْتُ لأُقَرِّبَ لِلرَّبِّ. طَهِّرُوا أَنْفُسَكُمْ وَتَعَالَوْا مَعِي إِلَى الذَّبِيحَةِ». وَقَدَّسَ يَسَّى أَبْنَاءَهُ وَدَعَاهُمْ لِلذَّبِيحَةِ.

وَعِنْدَمَا أَقْبَلُوا وَشَاهَدَ صَمُوئِيلُ أَلِيآبَ بْنَ يَسَّى قَالَ: «إِنَّ هَذَا هُوَ مُخْتَارُ الرَّبِّ». فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «لا تُلْقِ بَالاً إِلَى وَسَامَتِهِ وَطُولِ قَامَتِهِ إِذ لَيْسَ هَذَا مَنِ اخْتَرْتُهُ، فَنَظْرَةُ الرَّبِّ تَخْتَلِفُ عَنْ نَظْرَةِ الإِنْسَانِ، لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْمَظْهَرِ الْخَارِجِيِّ وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ». وَدَعَا يَسَّى ابْنَهُ أَبِينَادَابَ وَأَجَازَهُ أَمَامَ صَمُوئِيلَ، فَقَالَ: «وَهَذَا أَيْضاً لَمْ يَخْتَرْهُ الرَّبُّ». ثُمَّ قَدَّمَ يَسَّى شَمَّةَ، فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «وَهَذَا أَيْضاً لَمْ يَخْتَرْهُ الرَّبُّ». 10 وَعِنْدَمَا انْتَهَى يَسَّى مِنْ تَقْدِيمِ أَبْنَائِهِ السَّبْعَةِ، قَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: «إِنَّ الرَّبَّ لَمْ يَخْتَرْ وَاحِداً مِنْ هَؤُلاءِ». 11 ثُمَّ اسْتَطْرَدَ: «هَلْ لَكَ أَبْنَاءٌ آخَرُونَ؟» فَأَجَابَ يَسَّى: «بَقِيَ بَعْدُ أَصْغَرُهُمْ وَهُوَ يَرْعَى الْغَنَمَ». فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: «أَرْسِلْ مَنْ يَأْتِي بِهِ لأَنَّنَا لَنْ نَتَّكِئَ حَتَّى يَصِلَ إِلَى هُنَا». 12 فَبَعَثَ يَسَّى مَنِ اسْتَدْعَاهُ، وَكَانَ فَتىً أَشْقَرَ، أَخَّاذَ الْعَيْنَيْنِ وَسِيمَ الطَّلْعَةِ. فَقَالَ الرَّبُّ: «قُمِ امْسَحْهُ، لأَنَّ هَذَا هُوَ مَنِ اخْتَرْتُهُ». 13 فَتَنَاوَلَ صَمُوئِيلُ قَرْنَ الزَّيْتِ وَمَسَحَهُ أَمَامَ إِخْوَتِهِ. وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِداً حَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ. ثُمَّ رَجَعَ صَمُوئِيلُ إِلَى الرَّامَةِ.

داود في خدمة شاول

14 وَفَارَقَ رُوحُ الرَّبِّ شَاوُلَ وَهَاجَمَهُ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ رُوحٌ رَدِيءٌ يُعَذِّبُهُ. 15 فَقَالَ لَهُ رِجَالُهُ: «إِنَّ رُوحاً رَدِيئاً يُعَذِّبُكَ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ. 16 فَلْيَأْمُرْ سَيِّدُنَا خُدَّامَهُ الْمَاثِلِينَ أَمَامَهُ أَنْ يَبْحَثُوا لَهُ عَنْ رَجُلٍ مَاهِرٍ فِي الْعَزْفِ عَلَى الْعُودِ، فَيَعْزِفُ أَمَامَكَ كُلَّمَا هَاجَمَكَ الرُّوحُ الرَّدِيءُ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ فَتَطِيبُ نَفْسُكَ». 17 فَطَلَبَ شَاوُلُ مِنْ خُدَّامِهِ أَنْ يَبْحَثُوا لَهُ عَنْ رَجُلٍ مَاهِرٍ فِي الْعَزْفِ وَيُحْضِرُوهُ إِلَيْهِ. 18 فَقَالَ وَاحِدٌ مِنَ الْغِلْمَانِ: «لَقَدْ شَاهَدْتُ ابْناً لِيَسَّى البَيْتَلَحْمِيِّ مَاهِراً فِي الْعَزْفِ وَهُوَ بَطَلٌ جَبَّارٌ وَرَجُلُ حَرْبٍ، فَصِيحُ اللِّسَانِ وَبَهِيُّ الطَّلْعَةِ وَالرَّبُّ مَعَهُ». 19 فَأَوْفَدَ شَاوُلُ رُسُلاً إِلَى يَسَّى قَائِلاً: «أَرْسِلْ إِلَيَّ دَاوُدَ ابْنَكَ الَّذِي يَرْعَى الْغَنَمَ». 20 فَأَعَدَّ يَسَّى حِمَاراً حَمَّلَهُ خُبْزاً وَزِقَّ خَمْرٍ وَجَدْيَ مِعْزَى، وَأَرْسَلَهَا مَعَ دَاوُدَ إِلَى شَاوُلَ. 21 فَمَثُلَ دَاوُدُ أَمَامَ شَاوُلَ فَأَحَبَّهُ وَجَعَلَهُ حَامِلَ سِلاحِهِ. 22 وَأَرْسَلَ شَاوُلُ إِلَى يَسَّى يَقُولُ: «دَعْ دَاوُدَ يَبْقَى فِي خِدْمَتِي لأَنَّهُ قَدْ حَظِيَ بِإِعْجَابِي». 23 وَحَدَثَ عِنْدَمَا هَاجَمَ الرُّوحُ الرَّدِيءُ الْمُرْسَلُ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ شَاوُلَ، أَنَّ دَاوُدَ تَنَاوَلَ الْعُودَ وَعَزَفَ عَلَيْهِ، فَكَانَ الْهُدُوءُ يَسْتَوْلِي عَلَى شَاوُلَ وَتَطِيبُ نَفْسُهُ وَيُفَارِقُهُ الرُّوحُ الرَّدِيءُ.

شَاوُلُ يَقْضِي عَلَى عَمَالِيق

15 وَذَاتَ يَوْمٍ قَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «أرْسَلَنِي اللهُ لِأمسَحَكَ مَلِكًا عَلَى شَعْبِهِ إسْرَائِيلَ. وَالْآنَ اسْتَمِعْ إلَى كَلِمَتِهِ. يَقُولُ اللهُ القَدِيرُ: ‹عِنْدَمَا خَرَجَ بَنُو إسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرٍ، حَاوَلَ عَمَالِيقُ مَنْعَهُمْ مِنَ الدُّخُولِ إلَى كَنْعَانَ. وَرَأيْتُ مَا فَعَلَهُ عَمَالِيقُ. فَالآنَ، اذْهَبْ وَحَارِبْ عَمَالِيقَ. اقْضِ عَلَيْهِمْ قَضَاءً تَامًّا، هُمْ وَكُلِّ مَا لَهُمْ. لَا تُشْفِقْ عَلَيْهِمْ. اقْتُلْ جَمِيعَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالأطْفَالِ وَالرُّضَّعِ، وَاقتُلْ ثِيرَانَهُمْ وَغَنَمَهُمْ وَجِمَالَهُمْ وَحَمِيرَهُمْ.›»

فَحَشَدَ شَاوُلُ جَيْشَهُ فِي طَلَايِمَ. كَانُوا مِئَتَي ألْفِ جُندِيٍّ وَعَشْرَةَ آلَافٍ مِنَ رِجَالِ يَهُوذَا. فَذَهَبَ شَاوُلُ إلَى مَدِينَةِ عَمَالِيقَ وَانتَظَرَ فِي الوَادِي. وَقَالَ شَاوُلُ لِلشَّعْبِ القِينِيِّ: «اذْهَبُوا وَانفَصِلُوا عَنْ عَمَالِيقَ، لِئَلَّا أقضِيَ عَلَيْكُمْ مَعَهُمْ. فَقَدْ كُنْتُمْ كُرَمَاءَ نَحْوَ بَنِي إسْرَائِيلَ عِنْدَمَا خَرَجُوا مِنْ مِصْرٍ.» فَانفَصَلَ الشَّعْبُ القِينِيُّ عَنْ عَمَالِيقَ.

وَهَزَمَ شَاوُلُ عَمَالِيقَ. وَحَارَبَهُمْ وَطَارَدَهُمْ مِنْ حَوِيلَةَ إلَى شُورٍ عِندِ حُدُودِ مِصْرٍ. وَأسَرَ شَاوُلُ أجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيًّا، وَأبقَى عَلَى حَيَاتِهِ. لَكِنَّهُ قَتَلَ كُلَّ جُنُودِ جَيْشِ أجَاجَ بِالسَّيْفِ. وَلَمْ يَقْتُلْ شَاوُلُ وجُنُودُ إسْرَائِيلَ أجَاجَ. كَمَا أبقَوْا عَلَى أفْضَلِ البَقَرِ وَالغَنَمِ وَالحِمْلَانِ وَكُلِّ مَا هُوَ ثَمِينٌ، فَلَمْ يُدَمِّرُوا كُلَّ شَيءٍ. لَكِنَّهُمْ دَمَّرُوا كُلَّ مَا هُوَ رَخيصٌ وَعَدِيمُ القِيمَةِ.

صَمُوئِيلُ يُواجِهُ شَاوُلَ بِخَطِيَّتِه

10 ثُمَّ تَلَقَّى صَمُوئِيلُ رِسَالَةً مِنَ اللهِ. 11 قَالَ اللهُ: «لَمْ يَعُدْ شَاوُلُ يَتْبَعُنِي، وَقَدْ أسِفْتُ عَلَى جَعلِهِ مَلِكًا. فَهُوَ لَا يَحْفَظُ وَصَايَايَ.» فَغَضِبَ صَمُوئِيلُ مِمَّا فَعَلَهُ شَاوُلُ، وَظَلَّ يَبكي فِي حَضْرَةِ اللهِ طَوَالَ اللَّيلِ.

12 فَقَامَ صَمُوئِيلُ فِي الصَّبَاحِ البَاكِرِ وَذَهَبَ لِلِقَاءِ شَاوُلَ. لَكِنَّ الشَّعْبَ قَالَ لِصَمُوئِيلَ: «ذَهَبَ شَاوُلُ إلَى بَلْدَةِ الكَرمِلِ فِي يَهُوذَا، وَأقَامَ هُنَاكَ نُصْبًا لِنَفْسِهِ. ثُمَّ كَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانٍ إلَى آخَرَ حَتَّى يَنْزِلَ إلَى مَدِينَةِ الجِلجَالِ.» 13 فَذَهَبَ صَمُوئِيلُ إلَى حَيْثُ كَانَ شَاوُلُ. فَتَقَدَّمَ إلَى شَاوُلَ، فَحَيَّاهُ شَاوُلُ وَقَالَ: «ليُبَارِكْكَ اللهُ. لَقَدْ نَفَّذْتُ وَصِيَّةَ اللهِ

14 لَكِنَّ صَمُوئِيلَ قَالَ: «فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي أسْمَعُهُ؟ لِمَاذَا أسمَعُ صَوْتَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ؟»

15 فَقَالَ شَاوُلُ: «غَنِمَهَا الجُنُودُ مِنْ عَمَالِيقَ، فأبقَوْا عَلَى أفْضَلِ الغَنَمِ وَالبَقَرِ لِتَقْدِيمِهَا ذَبَائِحَ صَاعِدَةً لِإلَهِكَ. لَكِنَّنَا قَتَلْنَا كُلَّ شَيءٍ آخَرَ.»

16 فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «كَفَى! وَدَعنِي أُخبِرُكَ بِمَا أخبَرَنِي بِهِ اللهُ اللَّيلَةَ المَاضِيَةَ.» فَقَالَ شَاوُلُ: «حَسَنًا، أخبِرْنِي بِمَا أخبَرَكَ.»

17 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «فِيمَا مَضَى كُنْتَ صَغِيرًا فِي نَظَرِ نَفْسِكَ. لَكِنَّ اللهَ اخْتَارَكَ لِتَكُونَ المَلِكَ. فَصِرْتَ رَئِيسًا لِعَشَائِرِ إسْرَائِيلَ. 18 لَقَدْ أرسَلَكَ اللهُ فِي مَهَمَّةٍ وَقَالَ لَكَ: ‹اذْهَبْ وَاقضِ عَلَى جَمِيعِ شَعْبِ عَمَالِيقَ، لِأنَّهُمْ شَعْبٌ شِرِّيرٌ. اقضِ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا. قَاتِلْهُمْ إلَى أنْ تُبِيدَهُمْ.› 19 فَلِمَاذَا لَمْ تُطِعِ صَوْتَ اللهِ؟ لِمَاذَا هَجَمْتَ عَلَى غَنَائِمِ المَعْرَكَةِ، فَفَعَلْتَ الشَّرَّ أمَامَ اللهِ؟»

20 فَقَالَ شَاوُلُ: «لَكِنِّي أطَعْتُ صَوْتَ اللهِ فِعلًا! ذَهَبْتُ إلَى حَيْثُ أرْسَلَنِي، وَأبَدْتُ كُلَّ شَعْبِ عَمَالِيقَ. وَلَمْ أُبقِ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ أسَرْتُهُ، وَهُوَ مَلِكُهُمْ أجَاجُ. 21 لَكِنْ أخَذَ الجُنُودُ خِيَارَ الغَنَمِ وَالبَقَرِ لِتَقْدِيمِهَا ذَبَائِحَ لِإلَهِكَ فِي الجِلْجَالِ.»

22 أجَابَ صَمُوئِيلَ: «مَا الَّذِي يُرضي اللهَ أكْثَرَ، الذَّبَائِحُ وَالتَّقدِمَاتُ، أمْ طَاعَةُ وَصَايَاهُ؟ بَلِ الطَّاعَةُ أفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالِاسْتِمَاعُ للهِ أفْضلُ مِنْ شُحُومِ الكِبَاشِ. 23 فَالعِصْيَانُ كَخَطِيَّةِ العِرَافَةِ، وَالعِنَادُ كَعِبَادَةِ الأوْثَانِ. أنْتَ رَفَضْتَ أنْ تُطِيعَ وَصِيَّةَ اللهِ، فَالآنَ لَمْ يَعُدْ هُوَ يَقْبَلُكَ مَلِكًا.»

24 فَقَالَ شَاوُلُ لِصَمُوئِيلَ: «لَقَدْ أخْطَأتُ إلَى اللهِ. لَمْ أُطِعْ وَصَايَاهُ وَكَلَامَهُ. خِفتُ مِنَ الشَّعْبِ، فَعَمِلْتُ بِمَا قَالُوهُ. 25 وَالْآنَ أرْجُو أنْ تَغْفِرَ لِي خَطِيَّتِي. ارجِعْ مَعي لِكَي أعبُدَ اللهَ

26 لَكِنَّ صَمُوئِيلَ قَالَ لِشَاوُلَ: «لَنْ أرْجِعَ مَعَكَ. فَأنْتَ رَفَضْتَ وَصِيَّةَ اللهِ، وَالْآنَ يَرْفُضُكَ اللهُ مَلِكًا عَلَى إسْرَائِيلَ.»

27 فَلَمَّا استَدَارَ صَمُوئِيلُ لِيَنْصَرِفَ، أمْسَكَ شَاوُلُ بِثَوبِهِ. فَتَمَزَّقَ ثَوبُهُ. 28 فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «مَزَّقَ اللهُ اليَوْمَ مَمْلَكَةَ إسْرَائِيلَ عَنْكَ كَمَا مَزَّقْتَ ثَوبِي. وَقَدْ أعْطَى اللهُ المَمْلَكَةَ لِوَاحِدٍ مِنْ أصْحَابِكَ أفْضَلُ مِنْكَ. 29 إلَهُ إسْرَائِيلَ المَجِيدُ لَا يَتَرَاجَعُ وَلَا يُغَيِّرُ فِكرَهُ. فَهُوَ لَيْسَ بَشَرًا لِيُغَيِّرَ فِكرَهُ.»

30 فَأجَابَ شَاوُلُ: «حَسَنًا، لَقَدْ أخْطَأتُ إلَى اللهِ. لَكِنْ أتَوَسَّلُ إلَيْكَ أنْ تَرْجِعَ مَعِي. أكْرِمْنِي أمَامَ القَادَةِ وَأمَامَ بَنِي إسْرَائِيلَ. ارجِعْ مَعِي لِكَي أعبُدَ إلَهَكَ 31 فَرَجِعَ صَمُوئِيلُ مَعَ شَاوُلَ، وَسَجَدَ شَاوُلُ للهِ.

32 ثُمَّ قَالَ صَمُوئِيلُ: «أحضِرُوا لِي أجَاجَ، مَلِكَ عَمَالِيقَ.» فَجَاءَ أجَاجُ إلَى صَمُوئِيلَ مُقَيَّدًا بِالسَّلَاسِلِ. فَقَالَ أجَاجُ فِي نَفْسِهِ: «لَعَلَّهُ لَنْ يَقْتُلَنِي.»

33 لَكِنَّ صَمُوئِيلَ قَالَ لِأجَاجَ: «قَتَلْتَ بِسَيفِكَ رُضَّعًا وَحَرَمتَ أُمَّهَاتِهِمْ مِنْهُمْ. فَالآنَ سَتُحرَمُ أُمُّكَ مِنْكَ.» فَقَتَلَ صَمُوئِيلُ أجَاجَ وَقَطَّعَهُ أمَامَ اللهِ فِي الجِلجَالِ.

34 ثُمَّ مَضَى صَمُوئِيلُ وَذَهَبَ إلَى الرَّامَةِ. وَصَعِدَ شَاوُلُ إلَى بَيْتِهِ فِي جِبْعَةَ. 35 وَلَمْ يَرَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَطُّ إلَى يَوْمِ مَمَاتِهِ. فَقَدْ حَزِنَ صَمُوئِيلُ وَبَكَى كَثِيرًا بِسَبَبِ مَا فَعَلَهُ شَاوُلُ. وَأسِفَ اللهُ كَثِيرًا لِأنَّهُ جَعَلَ شَاوُلَ مَلِكًا عَلَى إسْرَائِيلَ.

صَمُوئِيلُ يَذْهَبُ إلَى بَيْتِ لَحْم

16 وَقَالَ اللهُ لِصَمُوئِيلَ: «حَتَّى مَتَى سَتَحْزَنُ عَلَى شَاوُلَ؟ أنْتَ مَا زِلْتَ حَزِينًا عَلَيْهِ حَتَّى بَعْدَ أنْ قُلْتُ لَكَ إنِّي رَفَضْتُهُ مَلِكًا عَلَى إسْرَائِيلَ. فَاملأ قَرْنَكَ بِالزَّيْتِ وَاذْهَبْ إلَى بَيْتِ لَحْمٍ. فَإنِّي مُرسِلُكَ إلَى رَجُلٍ مِنْ سُكَّانِ بَيْتِ لَحْمٍ اسْمُهُ يَسَّى. وَقَدِ اختَرْتُ أحَدَ أبنَائِهِ لِيَكُونَ مَلِكًا.»

لَكِنَّ صَمُوئِيلَ قَالَ: «إنْ ذَهَبْتُ، سَيَسْمَعُ شَاوُلُ بِالخَبَرِ فَيَقْتُلُنِي.»

فَقَالَ اللهُ: «اذْهَبْ إلَى بَيْتِ لَحْمٍ. وَخُذْ مَعَكَ عِجلًا وَقُلْ لَهُمْ: ‹جِئتُ لِأُقَدِّمَ للهِ ذَبِيحَةً.› وَادعُ يَسَّى إلَى الذَّبِيحَةِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ سَأُرِيكَ مَا يَنْبَغِي أنْ تَفْعَلَهُ. يَنْبَغِي أنْ تَمْسَحَ الشَّخصَ الَّذِي أُرِيكَ إيَّاهُ.»

فَفَعَلَ صَمُوئِيلُ كَمَا قَالَ لَهُ اللهُ. فَذَهَبَ إلَى بَيْتِ لَحْمٍ. فَارتَعَدَ شُيُوخُ بَيْتِ لَحْمٍ خَوْفًا. وَاستَقْبَلُوا صَمُوئِيلَ وَسَألُوهُ: «هَلْ أنْتَ هُنَا فِي مَهَمَّةِ سَلَامٍ؟»

فَأجَابَ: «أنَا هُنَا فِي مَهَمَّةِ سَلَامٍ. فَقَدْ جِئتُ لِأُقَدِّمَ ذَبِيحَةً للهِ. طَهِّرُوا أنْفُسَكُمْ وَتَعَالَوا لِلِاشتِرَاكِ فِي الذَّبِيحَةِ مَعِي.» وَطَهَّرَ صَمُوئِيلُ يَسَّى وَأبْنَاءَهُ. ثُمَّ دَعَاهُمْ صَمُوئِيلُ إلَى المَجِيءٍ وَالِاشتِرَاكِ فِي الذَّبِيحَةِ.

فَلَمَّا وَصَلَ يَسَّى وَأبْنَاؤهُ رَأى صَمُوئِيلُ ألِيآبَ. فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ: «لَا شَكَّ أنَّ هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي اخْتَارَهُ اللهُ

لَكِنَّ اللهَ قَالَ لِصَمُوئِيلَ: «صَحِيحٌ أنَّ أليآبَ طَوِيلٌ وَوَسِيمٌ، لَكِنْ لَا تُدخِلْ هَذِهِ الأُمُورَ فِي اعتبَارِكَ. فَاللهُ لَا يَنْظُرُ إلَى مَا يَرَاهُ النَّاسُ. هُوَ لَا يَنْظُرُ إلَى مَظهَرِ الإنْسَانِ، وَإنَّمَا إلَى قَلْبِهِ. فَلَيْسَ أليآبُ هُوَ الَّذِي اختَرْتُهُ.»

ثُمَّ دَعَا يَسَّى ابنَهُ الثَّانِي أبِينَادَابَ. فَمَرَّ أبِينَادَابُ مِنْ أمَامِ صَمُوئِيلَ. فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «لَا، لَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ اللهُ

ثُمَّ طَلَبَ يَسَّى مِنْ شَمَّةَ أنْ يَمُرَّ مِنْ أمَامِ صَمُوئِيلَ. لَكِنَّ صَمُوئِيلَ قَالَ: «لَمْ يَخْتَرِ اللهُ هَذَا الرَّجُلَ أيْضًا.»

10 عَرَضَ يَسَّى أبْنَاءَهُ السَّبعَةَ لِصَمُوئِيلَ. لَكِنَّ صَمُوئِيلَ قَالَ لِيَسَّى: «لَمْ يَخْتَرِ اللهُ أيًّا مِنْ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ.»

11 ثُمَّ سَألَ صَمُوئِيلُ يَسَّى: «ألَدَيكَ أبْنَاءٌ غَيْرُ هَؤُلَاءِ؟»

فَأجَابَ يَسَّى: «لَدَيَّ ابنٌ آخَرُ، هُوَ الأصغَرُ. لَكِنَّهُ فِي المَرعَى يَرْعَى الغَنَمَ.»

فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «أرسِلْ فِي طَلَبِهِ. أحضِرْهُ هُنَا. فَنَحْنُ لَنْ نَجلِسَ لِلطّعَامِ حَتَّى يَأْتِيَ.»

12 فَأرْسَلَ يَسَّى مَنْ يَسْتَدْعِي ابنَهُ الأصغَرَ. وَكَانَ شَابًّا وَسِيمًا مَوفُورَ الصِّحَّةِ.

فَقَالَ اللهُ لِصَمُوئِيلَ: «قُمْ وَامْسَحهُ فَهُوَ الَّذِي اختَرْتُهُ.»

13 فَأخَذَ صَمُوئِيلُ قَرنَ الزَّيْتِ وَسَكَبَ الزَّيْتَ عَلَى الِابْنِ الأصْغَرِ لِيَسَّى أمَامَ إخْوَتِهِ. فَحَلَّ رُوحُ اللهِ بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذَلِكَ اليَوْمَ. ثُمَّ عَادَ صَمُوئِيلُ إلَى بَيْتِهِ فِي الرَّامَةِ.

رُوحٌ شرِّيرٌ يُضَايِقُ شَاوُل

14 وَتَرَكَ رُوحُ اللهِ شَاوُلَ. ثُمَّ أرْسَلَ اللهُ رُوحًا شِرِّيرًا لِشَاوُلَ، فَسَبَّبَ لَهُ إزعَاجًا كَثِيرًا. 15 فَقَالَ خُدَّامُ شَاوُلَ لَهُ: «إنَّ الرُّوحَ الشِّرِّيرَ الَّذِي أرسَلَهُ اللهُ يُزعِجُكَ. 16 فَإنْ أمَرتَنَا فَإنَّنَا نَبحَثُ لَكَ عَنْ رَجُلٍ يُحسِنُ العَزفَ عَلَى القِيثَارِ. فَإذَا هَاجَمَكَ ذَلِكَ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ مِنْ عِندِ اللهِ، يَعْزِفُ لَكَ هَذَا الرَّجُلُ مُوسِيقَى. حِينَئِذٍ، سَيَذْهَبُ عَنْكَ الإحسَاسُ بِالضِّيقِ.»

17 فَقَالَ شَاوُلُ لِخُدَّامِهِ: «جِدُوا لِي شَخْصًا يُحْسِنُ العَزفَ وَأحْضِرُوهُ لِي.»

18 فَقَالَ أحَدُ الخُدَّامِ: «هُنَاكَ رَجُلٌ اسْمُهُ يَسَّى سَاكِنٌ فِي بَيْتِ لَحْمٍ. وَأنَا أعْرِفُ ابنَهُ. إنَّهُ مَاهِرٌ فِي العَزفِ عَلَى القِيثَارِ. وَهُوَ أيْضًا رَجُلٌ شُجَاعٌ وَمُقَاتِلٌ جَيِّدٌ. وَهُوَ ذَكِيٌّ وَوَسِيمٌ، وَاللهُ مَعَهُ.»

19 فَأرْسَلَ شَاوُلُ رُسُلَهُ إلَى يَسَّى. فَقَالُوا لَهُ: «أرسِلْ إلَى ابنِكَ دَاوُدَ رَاعِي الغَنَمِ.»

20 فَأعَدَّ يَسَّى هَدِيَّةً لِشَاُولَ، أعَدَّ حِمَارًا وَخُبْزًا وَقِنِّينَةَ نَبِيذٍ وَجَديًا، وَأرسَلَهَا مَعَ دَاوُدَ إلَى شَاوُلَ. 21 فَذَهَبَ دَاوُدُ إلَى شَاوُلَ وَوَقَفَ أمَامَهُ، فَأحَبَّهُ شَاوُلُ كَثِيرًا، فَجَعَلَهُ حَامِلَ سِلَاحِهِ. 22 وَأرْسَلَ شَاوُلُ رِسَالَةً إلَى يَسَّى، قَالَ فِيهَا: «دَعْ دَاوُدَ مَعِي لِيَخْدِمَنِي، فَقَدْ أحبَبتُهُ كَثِيرًا.»

23 وَكُلَّمَا هَاجَمَ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ مِنْ عِندِ اللهِ شَاوُلَ، كَانَ دَاوُدُ يَأْخُذُ قِيثَارَهُ وَيَعْزِفُ. حِينَئِذٍ، يُفَارِقُهُ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ، وَيَزُولُ عَنْهُ الإحْسَاسُ بِالضِّيقِ.

مثل السامري الصالح

25 وَتَصَدَّى لَهُ أَحَدُ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ لِيُجَرِّبَهُ، فَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 26 فَقَالَ لَهُ: «مَاذَا كُتِبَ فِي الشَّرِيعَةِ؟ وَكَيْفَ تَقْرَؤهَا؟» 27 فَأَجَابَ: «أَحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ وَكُلِّ قُدْرَتِكَ وَكُلِّ فِكْرِكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 28 فَقَالَ لَهُ: «جَوَابُكَ صَحِيحٌ. فَإِنْ عَمِلْتَ بِهَذَا، تَحْيَا!» 29 لكِنَّهُ إِذْ كَانَ رَاغِباً فِي تَبْرِيرِ نَفْسِهِ، سَأَلَ يَسُوعَ: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟» 30 فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَائِلا:

«كَانَ إِنْسَانٌ نَازِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بِأَيْدِي لُصُوصٍ، فَانْتَزَعُوا ثِيَابَهُ وَمَالَهُ وَجَرَّحُوهُ، ثُمَّ مَضَوْا وَقَدْ تَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. 31 وَحَدَثَ أَنَّ كَاهِناً كَانَ نَازِلاً فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَلكِنَّهُ جَاوَزَهُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ. 32 وَكَذلِكَ مَرَّ أَيْضاً وَاحِدٌ مِنَ اللّاوِيِّينَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى ذلِكَ الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَيْهِ، وَلكِنَّهُ جَاوَزَهُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ. 33 إِلّا أَنَّ سَامِرِيًّا مُسَافِراً جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَآهُ، أَشْفَقَ عَلَيْهِ، 34 فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَرَبَطَ جِرَاحَهُ بَعْدَمَا صَبَّ عَلَيْهَا زَيْتاً وَخَمْراً. ثُمَّ أَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَوْصَلَهُ إِلَى الْفُنْدُقِ وَاعْتَنَى بِهِ. 35 وَعِنْدَ مُغَادَرَتِهِ الْفُنْدُقَ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَدَفَعَهُمَا إِلَى صَاحِبِ الْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ! وَمَهْمَا تُنْفِقْ أَكْثَرَ، فَإِنِّي أَرُدُّهُ لَكَ عِنْدَ رُجُوعِي. 36 فَأَيُّ هؤُلاءِ الثَّلاثَةِ يَبْدُو لَكَ قَرِيباً لِلَّذِي وَقَعَ بِأَيْدِي اللُّصُوصِ؟» 37 فَأَجَابَ: «إِنَّهُ الَّذِي عَامَلَهُ بِالرَّحْمَةِ!» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ، وَاعْمَلْ أَنْتَ هكَذَا!»

يسوع في بيت مرثا ومريم

38 وَبَيْنَمَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ، دَخَلَ إِحْدَى الْقُرَى، فَاسْتَقْبَلَتْهُ امْرَأَةٌ اسْمُهَا مَرْثَا فِي بَيْتِهَا. 39 وَكَانَ لَهَا أُخْتٌ اسْمُهَا مَرْيَمُ، جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ تَسْمَعُ كَلِمَتَهُ. 40 أَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُنْهَمِكَةً بِشُؤُونِ الْخِدْمَةِ الْكَثِيرَةِ. فَأَقْبَلَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدِمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي!» 41 وَلكِنَّ يَسُوعَ رَدَّ عَلَيْهَا قَائِلاً: «مَرْثَا، مَرْثَا! أَنْتِ مُهْتَمَّةٌ وَقَلِقَةٌ لأُمُورٍ كَثِيرَةٍ. 42 وَلكِنَّ الْحَاجَةَ هِيَ إِلَى وَاحِدٍ، وَمَرْيَمُ قَدِ اخْتَارَتِ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا!»

Read full chapter

السَّامِرِيُّ الصَّالِح

25 ثُمَّ وَقَفَ وَاحِدٌ مِنْ خُبَرَاءِ الشَّرِيعَةِ لِيَمْتَحِنَ يَسُوعَ، فَسَألَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا يَنْبَغِي أنْ أفعَلَ لِكَي أنَالَ الحَيَاةَ الأبَدِيَّةَ؟»

26 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَا المَكْتُوبُ فِي الشَّرِيعَةِ؟ وَكَيْفَ تَفْهَمُهُ؟»

27 فَأجَابَ: «مَكْتُوبٌ: ‹تُحِبُّ الرَّبَّ إلَهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَبِكُلِّ نَفْسِكَ، وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ، وَبِكُلِّ عَقلِكَ،›[a] وَمَكْتُوبٌ أيْضًا: ‹تُحِبُّ صَاحِبَكَ كَمَا تُحِبُّ نَفْسَكَ.›[b]»

28 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «هَذَا صَحِيحٌ، افْعَلْ هَذَا وَسَتَحيَا.»

29 لَكِنَّ الرَّجُلَ أرَادَ أنْ يُبَرِّرَ سُؤَالَهُ، فَقَالَ لِيَسُوعَ: «وَمَنْ هُوَ صَاحِبِي؟»

30 فَأجَابَهُ يَسُوعُ: «كَانَ رَجُلٌ نَازِلًا مِنَ القُدْسِ إلَى أرِيحَا، فَوَقَعَ فِي أيدِي لُصُوصٍ. فَجَرَّدُوهُ مِنْ مَلَابِسِهِ وَضَرَبُوهُ، ثُمَّ مَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ الحَيَاةِ وَالمَوْتِ.

31 «فَمَرَّ بِهِ كَاهِنٌ كَانَ نَازِلًا مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ. فَلَمَّا رَآهُ، ذَهَبَ إلَى الجَانِبِ الآخَرِ مِنَ الطَّرِيقِ دُونَ أنْ يَلْتَفِتَ إلَيْهِ. 32 وَكَذَلِكَ مَرَّ لَاوِيٌّ[c] مِنْ ذَلِكَ المَكَانِ وَرَأى الرَّجُلَ المَضْرُوبَ، فَذَهَبَ إلَى الجَانِبِ الآخَرِ أيْضًا.

33 «لَكِنَّ سَامِرِيًّا[d] مُسَافِرًا مَرَّ بِهِ أيْضًا. وَحِينَ رَآهُ تَحَنَّنَ عَلَيْهِ. 34 فَاقْتَرَبَ مِنْهُ وَضَمَّدَ جِرَاحَهُ بَعْدَ أنْ سَكَبَ عَلَيْهَا زَيْتَ زَيْتُونٍ وَنَبِيذًا. ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأخَذَهُ إلَى فُندُقٍ وَاعتَنَى بِهِ هُنَاكَ. 35 وَفِي اليَوْمِ التَّالِي أخْرَجَ دِينَارَينِ مِنَ الفِضَّةِ وَأعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الفَندُقِ، وَقَالَ لَهُ: ‹اعتَنِ بِهِ، وَمَهمَا زَادَ مَا تَصْرُفُهُ فَإنِّي سَأُعَوِّضُكَ حِينَ أعُودُ.›

36 «فَمَنْ مِنَ الثَّلَاثَةِ تَصَرَّفَ كَصَاحِبٍ حَقِيقِيٍّ لِلرَّجُلِ الَّذِي وَقَعَ فِي أيدِي اللُّصُوصِ فِي اعتِقَادِكَ؟»

37 قَالَ الخَبِيرُ فِي الشَّرِيعَةِ: «الرَّجُلُ الَّذِي أظْهَرَ لَهُ رَحْمَةً.» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَاذْهَبْ وَافْعَلْ كَمَا فَعَلَ.»

مَريَمُ وَمَرثَا

38 وَبَيْنَمَا كَانَ يَسُوعُ وَتَلَامِيذُهُ سَائِرِينَ، دَخَلُوا بَلدَةً، حَيْثُ اسْتَضَافَتْ يَسُوعَ امْرأةٌ اسْمُهَا مَرثَا فِي بَيْتِهَا. 39 وَكَانَتْ لَهَا أختٌ اسْمُهَا مَريَمُ. فَجَلَسَتْ مَريَمُ عِنْدَ قَدَمَي الرَّبِّ تُصغِي إلَى مَا يَقُولُهُ. 40 أمَّا مَرْثَا فَقَدِ انْشَغَلَتْ بِالإعْدَادَاتِ الكَثِيرَةِ. فَجَاءَتْ إلَى يَسُوعَ وَقَالَتْ: «ألَا يَهُمُّكَ أنَّ أُخْتِي تَرَكَتْنِي لِأقُومَ بِالعَمَلِ كُلِّهِ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أنْ تُسَاعِدَنِي.»

41 فَأجَابَهَا الرَّبُّ: «يَا مَرْثَا، يَا مَرْثَا، أنْتِ تَسْمَحِينَ لأُمُورٍ كَثِيرَةٍ بِأنْ تُزْعِجَكِ، 42 بَيْنَمَا الضَّرُورَةُ هِيَ لأمْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ. فَهَا مَريَمُ قَدِ اخْتَارَتْ لِنَفْسِهَا الحِصَّةَ الفُضْلَى الَّتِي لَنْ تُؤخَذَ مِنْهَا.»

Read full chapter

Footnotes

  1. 10‏:27 تُحِبُّ الرَّبَّ … عَقلِك من كتَاب التثنية 6‏:5.
  2. 10‏:27 تُحِبُّ صَاحِبَكَ … نَفسَك من كتَاب اللَّاوِييِّنَ 19‏:18.
  3. 10‏:32 لَاوي من عَشِيرَة اللَّاوِييِّنَ اليهودية. وكَان اللَّاوِيُّون مسؤولين عَنْ مسَاعدة الْكَهَنَة فِي خدمة الهيكل.
  4. 10‏:33 سَامريًا نسبة إلَى مَدِينَةُ السَّامرة. وَالسَّامريون هم فئة من اليهود كَانُوا قَدْ اختلطوَا بغير اليهود وغيَّروَا المكَان التقليدي للعبَادة.