الويل لمن يعتمد على غير الرب

31 وَيْلٌ لِلْمُنْحَدِرِينَ إِلَى مِصْرَ طَلَباً لِلْعَوْنِ، الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى الْخَيْلِ، الْوَاثِقِينَ بِكَثْرَةِ الْمَرْكَبَاتِ وَبِبَأْسِ الْفُرْسَانِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، أَوْ يَطْلُبُوا مَشُورَةَ الرَّبِّ. وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ حَكِيمٌ يَجْلِبُ الشَّرَّ، وَلا يَنْقُضُ كَلامَهُ بَلْ سَيَهُبُّ لِيُعَاقِبَ بَيْتَ الأَشْرَارِ وَنَاصِري فَعَلَةِ الإِثْمِ. لَيْسَ الْمِصْرِيُّونَ آلِهَةً بَلْ بَشَراً، وَخُيُولُهُمْ مُجَرَّدُ أَجْسَادٍ وَلَيْسَتْ أَرْوَاحاً، وَعِنْدَمَا يَمُدُّ الرَّبُّ يَدَهُ، يَتَعَثَّرُ الْمُعِينُ وَيَسْقُطُ الْمُسْتَعِينُ، وَيَهْلِكَانِ كِلاهُمَا مَعاً.

لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ لِي: «كَمَا يُزَمْجِرُ الأَسَدُ أَوِ الشِّبْلُ عَلَى فَرِيسَتِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْشَى مِنْ صَرَخَاتِ جَمَاعَةِ الرُّعَاةِ الْمُتَأَلِّبِينَ عَلَيْهِ، أَوْ يَفْزَعَ مِنْ جَلَبَتِهِمْ، هَكَذَا يُقْبِلُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ لِيُحَارِبَ عَنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. وَيَرِفُّ الرَّبُّ الْقَدِيرُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِحِمَايَتِهَا كَالطُّيُورِ الْحَائِمَةِ فَوْقَ أَعْشَاشِهَا، فَيَحْمِي وَيُنْقِذُ وَيَعْفُو وَيُخَلِّصُ.

ارْجِعُوا أَيُّهَا الإِسْرَائِيلِيُّونَ إِلَى مَنْ تَمَرَّدْتُمْ عَلَيْهِ أَشَدَّ التَّمَرُّدِ، لأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَنْبِذُ كُلُّ وَاحِدٍ أَصْنَامَهُ الْفِضِّيَّةَ وَأَوْثَانَهُ الذَّهَبِيَّةَ الَّتِي صَنَعَهَا بِيَدِهِ الْخَاطِئَةِ. وَيُصْرَعُ الأَشُورِيُّونَ وَيُلْتَهَمُونَ، وَلَكِنْ لَيْسَ بِسَيْفِ بَشَرٍ، وَيَفِرُّونَ مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ، وَيُسَاقُ فِتْيَانُهُمْ إِلَى الأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ، وَتَفْنَى صُخُورُهُمْ مِنَ الْفَزَعِ، وَيُوَلِّي قَادَتُهُمُ الأَدْبَارَ عِنْدَمَا يَرَوْنَ عَلَمَ إِسْرَائِيلَ». هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الَّذِي نَارُهُ فِي صِهْيَوْنَ، وَتَنُّورُهُ فِي أُورُشَلِيمَ.

مملكة البر

32 انْظُرُوا هَا إِنَّ مَلِكاً يَمْلِكُ بِالْبِرِّ، وَرُؤَسَاءَ يَحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ. وَيُصْبِحُ كُلُّ إِنْسَانٍ كَمَلاذٍ مِنَ الرِّيحِ، وَكَمَلْجَأٍ مِنَ الْعَاصِفَةِ، أَوْ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ فِي صَحْرَاءَ، أَوْ كَظِلِّ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فِي أَرْضٍ جَدْبَاءَ. عِنْدَئِذٍ تَنْفَتِحُ عُيُونُ النَّاظِرِينَ، وَتُصْغِي آذَانُ السَّامِعِينَ (لاحْتِيَاجَاتِ شَعْبِهِمْ) فَتَفْهَمُ وَتَعْلَمُ الْعُقُولُ الْمُتَهَوِّرَةُ، تَنْطِقُ بِطَلاقَةٍ الأَلْسِنَةُ الثَّقِيلَةُ. وَلا يُدْعَى اللَّئِيمُ بَعْدُ كَرِيماً، وَلا يُقَالُ لِلْمَاكِرِ شَرِيفٌ، لأَنَّ اللَّئِيمَ يَنْطِقُ بِاللُّؤْمِ، وَقَلْبُهُ يَتَآمَرُ بِالإِثْمِ لِيَرْتَكِبَ شَرّاً وَلِيَفْتَرِيَ عَلَى الرَّبِّ، تَارِكاً الْمُتَضَوِّرَ جُوعاً مِنْ غَيْرِ شِبَعٍ، وَحَارِماً الظَّامِئَ مِنَ الشُّرْبِ. إِنَّ أَسَالِيبَ الْمَاكِرِ شِرِّيرَةٌ، وَمُؤَامَرَاتِهِ خَبِيثَةٌ لِيُهْلِكَ الْبَائِسِينَ بِالأَكَاذِيبِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمِسْكِينُ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ. أَمَّا الْكَرِيمُ فَبِالْمَآثِرِ يَفْتَكِرُ وَبِالْمَكَارِمِ يَشْتَهِرُ.

نساء أورشليم

أَيَّتُهَا النِّسَاءُ الْمُتْرَفَاتُ الْمُتَكَاسِلاتُ، انْهَضْنَ وَاسْتَمِعْنَ إِلَى صَوْتِي. أَيَّتُهَا الْبَنَاتُ الْمُطْمَئِنَّاتُ أَصْغِينَ إِلَى أَقْوَالِي. 10 مَا تَكَادُ تَنْقَضِي أَيَّامٌ عَلَى سَنَةٍ حَتَّى تَعْتَرِيكُنَّ رِعْدَةٌ أَيَّتُهَا الآمِنَاتُ، لأَنَّ الْقِطَافَ قَدْ تَلِفَ، وَمَوْعِدَ جَنْيِ الأَثْمَارِ قَدْ أَخْلَفَ. 11 ارْتَعِدْنَ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ الْمُطْمَئِنَّاتُ وَارْتَجِفْنَ أَيَّتُهَا الْفَتَيَاتُ الآمِنَاتُ. تَجَرَّدْنَ مِنْ ثِيَابِكُنَّ وَتَعَرَّيْنَ وَمَنْطِقْنَ أَحْقَاءَكُنَّ بِالْمُسُوحِ. 12 اضْرِبْنَ عَلَى صُدُورِكُنَّ حَسْرَةً عَلَى الْمُرُوجِ الْمُبْهِجَةِ وَالْكُرُومِ الْمُثْمِرَةِ. 13 لأَنَّ أَرْضَ شَعْبِي تُنْبِتُ الشَّوْكَ وَالْحَسَكَ، فَتَنْمُو حَتَّى فِي كُلِّ بُيُوتِ الْفَرَحِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُبْتَهِجَةِ. 14 لأَنَّ الْقَصْرَ يُصْبِحُ مَهْجُوراً، وَالْمُدُنَ الْعَامِرَةَ خَالِيَةً، وَالتِّلالَ وَالْبُرُوجَ مَغَاوِرَ إِلَى الأَبَدِ، وَمَرَاحاً لِلْحَمِيرِ الْوَحْشِيَّةِ وَمَرْعىً لِلْقُطْعَانِ، 15 حَتَّى يَنْسَكِبَ عَلَيْنَا رُوحٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَتَحَوَّلُ البَرِّيَّةُ إِلَى مَرْجٍ مُخْصِبٍ، وَيُحْسَبُ المَرْجُ غَابَةً.

16 عِنْدَئِذٍ يَسْكُنُ الْعَدْلُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيُقِيمُ الْبِرُّ فِي الْمَرْجِ الْمُخْصِبِ، 17 فَيَكُونُ ثَمَرُ الْبِرِّ سَلاماً، وَفِعْلُ الْبِرِّ سَكِينَةً وَطُمَأْنِينَةً إِلَى الأَبَدِ، 18 فَيَسْكُنُ شَعْبِي فِي دِيَارِ سَلامٍ، وَفِي مَسَاكِنَ آمِنَةٍ، وَفِي أَمَاكِنَ رَاحَةٍ مُطْمَئِنَّةٍ، 19 مَعَ أَنَّ الْبَرَدَ يُسَوِّي الْغَابَةَ بِالأَرْضِ، وَتُدَمَّرُ الْمَدِينَةُ حَتَّى الْحَضِيضِ. 20 طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الزَّارِعُونَ عِنْدَ كُلِّ مَاءٍ، الَّذِينَ سَرَّحْتُمْ قَوَائِمَ الثَّوْرِ وَالْحِمَارِ لِتَرْعَى طَلِيقَةً.

الكرب والعون

33 وَيْلٌ لَكَ أَيُّهَا الْمُدَمِّرُ الَّذِي لَمْ تُدَمَّرْ بَعْدُ، وَالنَّاهِبُ الَّذِي لَمْ يَنْهَبُوكَ، فَعِنْدَمَا تَكُفُّ عَنِ التَّدْمِيرِ تُدَمَّرُ، وَحِينَ تَمْتَنِعُ عَنِ النَّهْبِ يَنْهَبُونَكَ. يَا رَبُّ ارْحَمْنَا. إِيَّاكَ انْتَظَرْنَا، كُنْ عَضُدَنَا فِي الصَّبَاحِ، وَخَلاصَنَا فِي أَثْنَاءِ الْمِحْنَةِ. مِنْ صَوْتِ ضَجِيجِكَ هَرَبَتِ الشُّعُوبُ، وَمِنَ ارْتِفَاعِكَ تَبَدَّدَتِ الأُمَمُ، وَكَمَا يَلْتَهِمُ الْجَرَادُ كُلَّ مَا هُوَ أَخْضَرُ، هَكَذَا يُجْمَعُ سَلَبُكُمْ، وَيَتَوَاثَبُ النَّاسُ عَلَيْهِ كَتَوَاثُبِ الْجَنَادِبِ. الرَّبُّ مُتَعَظِّمٌ لأَنَّهُ سَاكِنٌ فِي الْعَلاءِ. يَمْلأُ صِهْيَوْنَ عَدْلاً وَحَقّاً. هُوَ ضَمَانُ أَزْمَانِكَ وَوَفْرَةُ خَلاصٍ وَحِكْمَةٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَتَكُونُ مَخَافَةُ الرَّبِّ كَنْزَهُ.

هَا رُسُلُكُمْ يَنُوحُونَ خَارِجاً، وَمُمَثِّلُو السَّلامِ يَبْكُونَ بِمَرَارَةٍ. أَقْفَرَتِ الطُّرُقُ وَخَلَتْ مِنْ عَابِرِي السَّبِيلِ، نَقَضَ الْعَهْدَ وَازْدَرَى شُهُودَهُ، وَلَمْ تَعُدْ لِلإِنْسَانِ قِيمَةٌ. نَاحَتِ الأَرْضُ وَذَوَتْ. خَجِلَ لُبْنَانُ وَذَبُلَ، وَصَارَ شَارُونُ كَالْبَرِّيَّةِ، وَنَفَضَ بَاشَانُ وَالْكَرْمَلُ عَنْهُمَا أَوْرَاقَهُمَا.

10 فَقَالَ الرَّبُّ: «الآنَ أَقُومُ، الآنَ أَنْهَضُ وَأَتَعَظَّمُ، 11 فَكُلُّ مَا بَذَلْتُمُوهُ مِنْ جَهْدٍ أَيُّهَا الأَشُورِيُّونَ لَا جَدْوَى مِنْهُ كَالْحَشِيْشِ وَالتِّبْنِ وَصَارَتْ أَنْفَاسُكُمْ نَاراً تَلْتَهِمُكُمْ. 12 وَتُصْبِحُ الشُّعُوبُ كَوَقُودِ الْكِلْسِ، كَأَشْوَاكٍ مُسْتَأْصَلَةٍ مُحْتَرِقَةٍ بِالنَّارِ».

13 اسْمَعُوا أَيُّهَا الْبَعِيدُونَ مَا صَنَعْتُ، وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْقَرِيبُونَ اعْرِفُوا قُوَّتِي. 14 قَدِ ارْتَعَبَ الْخُطَاةُ فِي صِهْيَوْنَ، وَاسْتَوْلَتِ الرَّعْدَةُ عَلَى الْكَافِرِينَ، فَهَتَفُوا: مَنْ مِنَّا يَقْدِرُ أَنْ يَسْكُنَ مَعَ نَارٍ آكِلَةٍ؟ وَمَنْ مِنَّا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَ فِي وَقَائِدَ أَبَدِيَّةٍ؟ 15 السَّالِكُ فِي الْبِرِّ، وَالنَّاطِقُ بِالْحَقِّ، وَالنَّابِذُ رِبْحَ الظُّلْمِ، وَالنَّافِضُ يَدَيْهِ مِنْ قَبْضِ الرِّشْوَةِ، الصَّامُّ أُذُنَيْهِ عَنِ الاسْتِمَاعِ إِلَى مُؤَامَرَاتِ سَفْكِ الدِّمَاءِ، الْمُغْمِضُ عَيْنَيْهِ عَنِ التَّأَمُّلِ فِي الشَّرِّ، 16 هُوَ الَّذِي يَسْكُنُ فِي الْعَلاءِ، وَمَلْجَأُهُ مَعَاقِلُ الصُّخُورِ، يُؤَمَّنُ لَهُ خُبْزُهُ. وَيُكْفَلُ لَهُ مَاؤُهُ.

17 سَتَشْهَدُ عَيْنَاكَ الْمَلِكَ فِي بَهَائِهِ، وَتُبْصِرُ أَرْضاً تَمْتَدُّ بَعِيداً. 18 يَتَذَكَّرُ قَلْبُكَ أَزْمِنَةَ الرُّعْبِ فَتَتَسَاءَلُ: أَيْنَ الْكَاتِبُ الْحَاسِبُ؟ أَيْنَ جَابِي الْجِزْيَةِ؟ أَيْنَ مَنْ يُحْصِي الأَبْرَاجَ؟ 19 لَنْ تَرَى الشَّعْبَ الشَّرِسَ فِيمَا بَعْدُ، الَّذِي يَتَكَلَّمُ لُغَةً أَجْنَبِيَّةً لَا تَفْهَمُهَا. 20 التَفِتْ إِلَى صِهْيَوْنَ مَدِينَةِ أَعْيَادِنَا، فَتَكْتَحِلَ عَيْنَاكَ بِمَرْأَى أُورُشَلِيمَ، الْمَسْكَنِ الْمُطْمَئِنِّ وَالْخَيْمَةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تُقْلَعُ أَوْتَادُهَا إِلَى الأَبَدِ وَلا تَنْقَطِعُ حِبَالُهَا 21 هُنَاكَ يَكُونُ الرَّبُّ لَنَا بِجَلالِهِ مَكَانَ أَنْهَارٍ وَجَدَاوِلَ وَاسِعَةٍ لَا يَبْحُرُ فِيهَا قَارِبٌ ذُو مِجْدَافٍ، وَلا تَمْخُرُ فِيهَا سَفِينَةٌ عَظِيمَةٌ، 22 لأَنَّ الرَّبَّ هُوَ قَاضِينَا، الرَّبُّ هُوَ مُشْتَرِعُنَا، هُوَ مَلِكُنَا وَسَيُخَلِّصُنَا 23 لَقَدِ اسْتَرْخَتْ حِبَالُ أَشْرِعَتِكَ، فَلا يُمْكِنُهَا شَدُّ قَاعِدَةِ السَّارِيَةِ أَوْ نَشْرُ الشِّرَاعِ، حِينَئِذٍ نَقْسِمُ الْغَنَائِمَ الْوَفِيرَةَ. حَتَّى الْعُرْجُ يَنْهَبُونَ السَّلَبَ. 24 لَنْ يَقُولَ مُقِيمٌ فِي صِهْيَوْنَ إِنَّهُ مَرِيضٌ، وَيَنْزِعُ الرَّبُّ إِثْمَ الشَّعْبِ السَّاكِنِ فِيهَا.

دينونة الأمم

34 اقْتَرِبُوا أَيُّهَا الأُمَمُ لِلاسْتِمَاعِ، أَصْغُوا أَيُّهَا الشُّعُوبُ. لِتَسْمَعِ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا، الْمَسْكُونَةُ وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، لأَنَّ الرَّبَّ سَاخِطٌ عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ، وَغَضَبُهُ مُنْصَبٌّ عَلَى جَمِيعِ أَجْنَادِهِمْ. قَضَى عَلَيْهِمْ بِالْفَنَاءِ، وَأَسْلَمَهُمْ إِلَى الذَّبْحِ، فَتُطْرَحُ قَتْلاهُمْ وَيَنْتَشِرُ نَتْنُ جِيَفِهِمْ فِي الْفَضَاءِ، وَتَفِيضُ الْجِبَالُ بِدِمَائِهِمْ، وَتَنْحَلُّ كُلُّ كَوَاكِبِ السَّمَاءِ، وَتُطْوَى السَّمَاوَاتُ كَدَرْجٍ، وَتَتَسَاقَطُ كُلُّ نُجُومِهَا كَتَسَاقُطِ أَوْرَاقِ الْكَرْمَةِ أَوْ حَبَّاتِ التِّينِ الْمُتَغَضِّنَةِ.

لأَنَّ سَيْفِي قَدْ تَشَرَّبَ بِالسَّخَطِ فِي السَّمَاءِ، وَهَا هُوَ يَنْزِلُ لِيُعَاقِبَ أَدُومَ، وَيَنْتَقِمَ مِنَ الشَّعْبِ الَّذِي قَضَيْتُ عَلَيْهِ بِالفَنَاءِ. لِلرَّبِّ سَيْفٌ مُشْبَعٌ بِالدَّمِ، مَطْلِيٌّ بِالشَّحْمِ، بِدَمِ حُمْلانٍ وَتُيُوسٍ، وَبِشَحْمِ كُلَى كِبَاشٍ، لأَنَّ لِلرَّبِّ ذَبِيحَةً فِي بُصْرَةَ، وَمَذْبَحَةً فِي أَدُومَ. وَيَسْقُطُ مَعَهُمُ الْبَقَرُ الْوَحْشِيُّ، وَالْعُجُولُ وَالثِّيرَانُ الْقَوِيَّةُ، فَتَتَشَبَّعُ أَرْضُهُمْ بِالدِّمَاءِ، وَيُخْصِبُ تُرَابُهُمْ بِالشَّحْمِ، لأَنَّ لِلرَّبِّ يَوْمَ انْتِقَامٍ، سَنَةَ ثَأْرٍ لِدَعْوَى صِهْيَوْنَ، فَتَنْقَلِبُ أَنْهَارُ أَدُومَ إِلَى زِفْتٍ، وَتُرَابُهُمْ إِلَى كِبْرِيتٍ، وَتُصْبِحُ أَرْضُهَا قَاراً مُشْتَعِلاً. 10 فَلا تَنْطَفِئُ لَيْلاً وَنَهَاراً، وَيُحَلِّقُ دُخَانُهَا إِلَى الْفَضَاءِ مَدَى الدَّهْرِ، وَتَظَلُّ خَرَاباً جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ، فَلا يَعْبُرُ بِها أَحَدٌ إِلَى الأَبَدِ، 11 وَلا يَرِثُهَا سِوَى الصُّقُورِ وَالْقَنَافِذِ، وَيَسْكُنُ فِيهَا الْبُومُ وَالْغُرَابُ، وَيَمُدُّ الرَّبُّ عَلَيْهَا خَيْطَ الدَّمَارِ وَمِطْمَارَ الْهَلاكِ، 12 وَلا يَجِدُ فِيهَا أَشْرَافُهَا أَثَراً لِلْمَلِكِ، وَيَنْقَرِضُ جَميِعُ رُؤَسَائِهَا. 13 يَنْمُو الشَّوْكُ فِي قُصُورِهَا، وَيَزْحَفُ الْعَوْسَجُ عَلَى حُصُونِهَا، فَتُصْبِحُ مَأْوىً لِبَنَاتِ آوَى، وَمَسْكِناً لِلنَّعَامِ. 14 وَتَجْتَمِعُ فِيهَا الْوُحُوشُ الْبَرِّيَّةُ مَعَ الذِّئَابِ، وَوَعْلُ الْبَرِّ يَدْعُو صَاحِبَهُ، وَهُنَاكَ تَسْتَقِرُّ وُحُوشُ اللَّيْلِ وَتَجِدُ لِنَفْسِهَا مَلاذَ رَاحَةٍ.

15 هُنَاكَ تَعِيشُ الْبُومُ وَتَبِيضُ وَتُفْرِخُ وَتَرْعَى صِغَارَهَا تَحْتَ أَجْنِحَتِهَا، وَهُنَاكَ أَيْضاً تَتَلاقَى الصُّقُورُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.

16 ابْحَثُوا فِي سِفْرِ الرَّبِّ وَاقْرَأُوا: فَكَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَسْقُطَ، إِذْ كُلُّ أَلِيفٍ سَيَجْتَمِعُ بِأَلِيفِهِ، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قَدْ أَمَرَ، وَرُوحَهُ يَجْمَعُهَا مَعاً. 17 فَهُوَ قَدْ أَلْقَى عَلَيْهَا الْقُرْعَةَ، وَيَدُهُ قَدْ وَزَّعَتْهَا بِقِسْطَاسٍ، فَتَرِثُهَا إِلَى الأَبَدِ وَتُقِيمُ فِيهَا جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ.

فرح المفديين

35 سَتَفْرَحُ الصَّحْرَاءُ وَالْقَفْرُ الأَجْرَدُ، وَتَبْتَهِجُ الْبَرِّيَّةُ وَتُزْهِرُ كَالْوَرْدِ. تَزْدَهِرُ ازْدِهَاراً، وَتَبْتَهِجُ أَشَدَّ بَهْجَةٍ وَيُضْفَى عَلَيْهَا مَجْدُ لُبْنَانَ وَجَلالُ الْكَرْمَلِ وَشَارُونَ وَيَشْهَدُونَ مَجْدَ الرَّبِّ وَبَهَاءَ إِلَهِنَا. شَدِّدُوا الأَيْدِي الْمُسْتَرْخِيَةَ، وَثَبِّتُوا الرُّكَبَ الْمُرْتَعِشَةَ. قُولُوا لِذَوِي الْقُلُوبِ الْخَائِرَةِ: «تَقَوَّوْا وَلا تَفْزَعُوا، فَهَا هُوَ إِلَهُكُمْ قَادِمٌ، مُقْبِلٌ بِالنِّقْمَةِ، حَامِلٌ جَزَاءَهُ. سَيَأْتِي وَيُخَلِّصُكُمْ».

عِنْدَئِذٍ تُبْصِرُ عُيُونُ الْمَكْفُوفِينَ وَتَنْفَتِحُ آذَانُ الصُّمِّ، وَيَطْفُرُ الأَعْرَجُ كَالظَّبْيِ، وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَبْكَمِ فَرَحاً، إِذْ تَنْفَجِرُ الْمِيَاهُ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَتَتَدَفَّقُ الْجَدَاوِلُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيَتَحَوَّلُ السَّرَابُ إِلَى وَاحَةٍ، وَالأَرْضُ الْظَّمْأَى إِلَى جَدَاوِلَ. وَفِي الأَوْجِرَةِ حَيْثُ كَانَتْ تَأْوِي بَنَاتُ آوَى، يَنْمُو الْعُشْبُ وَالْقَصَبُ وَالْبَرْدِيُّ. وَتَكُونُ هُنَاكَ طَرِيقٌ تُدْعَى طَرِيقَ الْقَدَاسَةِ، لَا يَسْلُكُ فِيهَا مَنْ هُوَ دَنِسٌ، إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ نَصِيبِ السَّالِكِينَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، وَلا يَضِلُّ فِيهَا حَتَّى الْجُهَّالُ. لَا يَطْرُقُهَا أَسَدٌ، وَلا يَأْتِيهَا حَيَوَانٌ مُفْتَرِسٌ. إِنَّمَا يَسْلُكُ فِيهَا الْمَفْدِيُّونَ 10 وَيَرْجِعُ إِلَيْهَا مَفْدِيُّو الرَّبِّ وَيُقْبِلُونَ إِلَى صِهْيَوْنَ مُتَرَنِّمِينَ يُكَلِّلُ رُؤُوسَهُمْ فَرَحٌ أَبَدِيٌّ، وَتَغْمُرُهُمُ الْغِبْطَةُ وَالسُّرُورُ، وَيَهْرُبُ الْحُزْنُ وَالأَنِينُ.