إصلاحات آسا

15 وَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى عَزَرْيَا بْنِ عُودِيدَ، فَتَوَجَّهَ لِلِقَاءِ آسَا وَقَالَ لَهْ: «اسْمَعْ لِي يَا آسَا وَيَا جَمِيعَ أَبْنَاءِ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ: الرَّبُّ مَعَكُمْ مَابَرِحْتُمْ مَعَهَ، فَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوْجَدْ لَكُمْ، وَإِنْ تَخَلَّيْتُمْ عَنْهُ يَنْبِذْكُمْ. لَقَدْ قَضَى الإِسْرَائِيلِيُّونَ حِقْبَةً طَوِيلَةً كَانُوا فِيهَا بِلا إِلَهٍ حَقٍّ، وَبِلا كَاهِنٍ يُعَلِّمُهُمْ، وَبِلا شَرِيعَةٍ. وَلَكِنْ لَمَّا رَجَعُوا فِي ضِيقِهِمْ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ وَطَلَبُوهُ وُجِدَ لَهُمْ. فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنِ الإِنْسَانُ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذِهَابِهِ وَإِيَابِهِ، لأَنَّ اضْطِرَابَاتٍ كَثِيرَةً كَانَتْ تَعُمُّ كُلَّ سُكَّانِ الأَرْضِ، فَأَفْنَتْ أُمَّةٌ أُمَّةً، وَأَبَادَتْ مَدِينَةٌ مَدِينَةً، لأَنَّ اللهَ أَصَابَهُمْ بِكُلِّ بَلاءٍ. فَتَقَوَّوْا أَنْتُمْ، وَلا تَخُرْ عَزِيمَتُكُمْ لأَنَّ لِعَمَلِكُمْ ثَوَاباً».

فَلَمَّا سَمِعَ آسَا كَلامَ نُبُوءَةِ عُودِيدَ النَّبِيِّ تَقَوَّى وَأَزَالَ الرَّجَاسَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْضِ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ، وَمِنَ الْمُدُنِ الَّتِي اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ، وَجَدَّدَ مَذْبَحَ الرَّبِّ الْقَائِمَ أَمَامَ رُوَاقِ هَيْكَلِ الرَّبِّ. وَاسْتَدْعَى كُلَّ بَنِي يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ وَالْغُرَبَاءَ مِنْ أَسْبَاطِ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى وَشِمْعُونَ، مِمَّنْ تَوَافَدُوا إِلَيْهِ مِنْ مَمْلَكَةِ إِسْرَائِيلَ، بَعْدَ أَنْ رَأَوْا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَهُ مَعَهُ.

10 فَتَجَمَّعُوا فِي أُورُشَلِيمَ، فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ مِنَ السَّنَةِ الْخَامِسَةِ عَشْرَةَ لِحُكْمِ آسَا، 11 وَقَرَّبُوا لِلرَّبِّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، سَبْعَ مِئَةٍ مِنَ الْبَقَرِ وَسَبْعَةَ آلافٍ مِنَ الضَّأْنِ مِمَّا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْغَنَائِمِ. 12 وَقَطَعُوا عَهْداً أَنْ يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ وَنُفُوسِهِمْ، 13 وَأَنْ يَقْتُلُوا كُلَّ مَنْ لَا يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ. لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. 14 وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ مُعْلِنِينَ وَلاءَهُمْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَهُتَافٍ وَبِنَفْخِ أَبْوَاقٍ وَقُرُونٍ. 15 وَغَمَرَتِ الْغِبْطَةُ جَمِيعَ أَبْنَاءِ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ، لأَنَّهُمْ تَعَهَّدُوا لِلرَّبِّ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ، وَطَلَبُوهُ عَنْ رِضًى كَامِلٍ، فَوُجِدَ لَهُمْ وَأَرَاحَهُمْ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِمِ الْمُحِيطِينَ بِهِمْ.

16 وَخَلَعَ آسَا أُمَّهُ مَعْكَةَ مِنْ مَنْصِبِ الأُمِّ الْمَلِكَةِ، لأَنَّهَا أَقَامَتْ تِمْثَالاً لِعَشْتَارُوثَ، فَحَطَّمَ تِمْثَالَهَا وَدَقَّهُ وَأَحْرَقَهُ فِي وَادِي قَدْرُونَ. 17 وَمَعَ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ كُلَّهَا لَمْ تُسْتَأْصَلْ مِنْ إِسْرَائِيلَ، فَإِنَّ قَلْبَ آسَا كَانَ كَامِلَ الْوَلاءِ لِلهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. 18 وَأَوْدَعَ خَزَائِنَ الرَّبِّ كُلَّ مَا خَصَّصَهُ أَبُوهُ وَمَا خَصَّصَهُ هُوَ لِهَيْكَلِ الرَّبِّ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالآنِيَةِ. 19 وَلَمْ تَنْشَبْ حَرْبٌ إِلَى السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلاثِينَ لِحُكْمِ آسَا.

سنوات آسا الأخيرة

16 وَفِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلاثِينَ لِحُكْمِ آسَا زَحَفَ بَعْشَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى يَهُوذَا، وَبَنَى الرَّامَةَ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى الْخَارِجِينَ وَالدَّاخِلِينَ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا. فَجَمَعَ آسَا فِضَّةً وَذَهَباً مِنْ خَزَائِنِ هَيْكَلِ الرَّبِّ وَقَصْرِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَهَا إِلَى بَنْهَدَدَ مَلِكِ أَرَامَ الْمُقِيمِ فِي دِمَشْقَ قَائِلاً: «إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ أَبِي وَأَبِيكَ عَهْداً، وَهَا أَنَا بَاعِثٌ إِلَيْكَ فِضَّةً وَذَهَباً. فَهَيَّا انْكُثْ عَهْدَكَ مَعَ بَعْشَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فَيَكُفَّ عَنِّي» فَلَبَّى بَنْهَدَدُ طَلَبَ آسَا، وَأَرْسَلَ رُؤَسَاءَ جُيُوشِهِ لِمُهَاجَمَةِ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ، فَدَمَّرُوا مُدُنَ عُيُونَ وَدَانَ وَآبَلَ الْمِيَاهِ وَجَمِيعَ مَخَازِنِ مُدُنِ نَفْتَالِي. وَعِنْدَمَا بَلَغَتْ بَعْشَا أَنْبَاءُ الْهُجُومِ كَفَّ عَنْ بِنَاءِ الرَّامَةِ وَتَوَقَّفَ عَنْ عَمَلِهِ، فَاسْتَدْعَى الْمَلِكُ آسَا كُلَّ رِجَالِ يَهُوذَا، فَحَمَلُوا كُلَّ حِجَارَةِ الرَّامَةِ وَأَخْشَابِهَا الَّتِي اسْتَخْدَمَهَا بَعْشَا فِي بِنَاءِ الرَّامَةِ وَشَيَّدَ بِها آسَا جَبْعَ وَالْمِصْفَاةَ.

وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جَاءَ حَنَانِي النَّبِيُّ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا وَقَالَ لَهُ: «لأَنَّكَ اعْتَمَدْتَ عَلَى مَلِكِ أَرَامَ، وَلَمْ تَتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ إِلَهِكَ، فَإِنَّ جَيْشَ مَلِكِ أَرَامَ قَدْ نَجَا مِنْ يَدِكَ. أَلَمْ يَزْحَفْ عَلَيْكَ الْكُوشِيُّونَ وَاللُّوبِيُّونَ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ وَمَرْكَبَاتٍ وَفُرْسَانٍ، فَأَظْفَرَكَ الرَّبُّ بِهِمْ لأَنَّكَ اتَّكَلْتَ عَلَيْهِ؟ إِنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولانِ فِي الأَرْضِ قَاطِبَةً لِيُقَوِّيَ ذَوِي الْقُلُوبِ الْخَالِصَةِ لَهُ، أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَصَرَّفْتَ بِحَمَاقَةٍ فِي هَذَا الأَمْرِ، لِهَذَا تَثُورُ ضِدَّكَ حُرُوبٌ». 10 فَغَضِبَ آسَا عَلَى النَّبِيِّ وَزَجَّ بِهِ فِي السِّجْنِ لأَنَّهُ اغْتَاظَ مِنْ كَلامِهِ، كَذَلِكَ ضَايَقَ آسَا بَعْضاً مِنْ أَفْرَادِ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْحِينِ.

11 أَمَّا أَخْبَارُ آسَا مِنْ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا أَلَيْسَتْ هِيَ مُدَوَّنَةً فِي تَارِيخِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ؟ 12 فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلاثِينَ مِنْ مُلْكِهِ، أَصَابَهُ مَرَضٌ شَدِيدٌ فِي رِجْلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَغِثْ بِالرَّبِّ، بَلْ لَجَأَ إِلَى الأَطِبَّاءِ. 13 ثُمَّ مَاتَ آسَا فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ وَالأَرْبَعِينَ لِمُلْكِهِ. 14 فَدَفَنُوهُ فِي قَبْرٍ حَفَرَهُ لِنَفْسِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَأَرْقَدُوهُ عَلَى سَرِيرِهِ تَغْمُرُهُ الأَطْيَابُ وَمُخْتَلَفُ أَصْنَافِ الْعُطُورِ، أعَدَّهَا لَهُ عَطَّارُونَ مَهَرَةٌ، وَأَشْعَلُوا لَهُ حَرِيقَةً كَبِيرَةً تَكْرِيماً لَهُ.

يهوشافاط يملك على يهوذا

17 وَخَلَفَ يَهُوشَافَاطُ أَبَاهُ عَلَى الْمُلْكِ. وَجَعَلَ يُعَبِّىءُ قُوَّاتِهِ لِمُحَارَبَةِ إِسْرَائِيلَ. وَوَزَّعَ جُيُوشَهُ عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا الْحَصِينَةِ، وَأَقَامَ حَامِيَاتٍ فِي سَائِرِ أَرْضِ يَهُوذَا وَفِي مُدُنِ أَفْرَايِمَ الَّتِي اسْتَوْلَى عَلَيْهَا آسَا أَبُوهُ. وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوشَافَاطَ لأَنَّهُ سَارَ فِي طُرُقِ دَاوُدَ أَبِيهِ وَلَمْ يَضِلَّ وَرَاءَ الْبَعْلِيمِ. وَلَكِنَّهُ طَلَبَ إِلَهَ أَبِيهِ وَسَلَكَ حَسَبَ وَصَايَاهُ، وَتَجَنَّبَ أَعْمَالَ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. فَثَبَّتَ الرَّبُّ دَعَائِمَ الْمَمْلَكَةِ فِي يَدِهِ، وَقَدَّمَ لَهُ شَعْبُ يَهُوذَا الْهَدَايَا، فَازْدَادَ غِنىً وَكَرَامَةً. وَامْتَلأَ قَلْبُهُ قُوَّةً بِالرَّبِّ فَسَلَكَ فِي طُرُقِهِ، وَاسْتَأْصَلَ أَيْضاً الْمُرْتَفَعَاتِ وَتَمَاثِيلَ عَشْتَارُوثَ مِنْ يَهُوذَا.

وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لِحُكْمِهِ طَلَبَ مِنْ قَادَتِهِ: بِنْحَائِلَ وَعُوبَدْيَا وَزَكَرِيَّا وَنَثَنْئِيلَ وَمِيخَايَا أَنْ يَشْرَعُوا فِي التَّعْلِيمِ فِي مُدُنِ يَهُوذَا، بِالتَّعَاوُنِ مَعَ اللّاوِيِّينَ: شَمْعِيَا وَنَثَنْيَا وَزَبَدْيَا وَعَسَائِيلَ وَشَمِيرَامُوثَ وَيَهُونَاثَانَ وَأَدُونِيَّا وَطُوبِيَّا وَطُوبَ أَدُونِيَّا، فَضْلاً عَنِ الْكَاهِنَيْنِ أَلِيشَمَعَ وَيَهُورَامَ. فَتَجَوَّلُوا فِي جَمِيعِ أَرْجَاءِ يَهُوذَا حَامِلِينَ مَعَهُمْ سِفْرَ شَرِيعَةِ الرَّبِّ لِيُعَلِّمُوا الشَّعْبَ.

10 وَكَانَتْ هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَى جَمِيعِ مَمَالِكِ الْبُلْدَانِ الْمُجَاوِرَةِ لِيَهُوذَا فَلَمْ يُحَارِبُوا يَهُوشَافَاطَ. 11 بَلْ إِنَّ بَعْضَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ حَمَلُوا إِلَى يَهُوشَافَاطَ هَدَايَا وَفِضَّةً كَمَا قَدَّمَ إِلَيْهِ الأَعْرَابُ سَبْعَةَ آلافٍ وَسَبْعَ مِئَةِ كَبْشٍ، وَسَبْعَةَ آلافٍ وَسَبْعَ مِئَةِ تَيْسٍ.

12 وَعَظُمَ شَأْنُ يَهُوشَافَاطَ وَبَنَى فِي يَهُوذَا حُصُوناً وَمُدُنَ مَخَازِنَ لِلتَّمْوِينِ. 13 وَتَكَاثَرَتْ أَشْغَالُهُ فِي مُدُنِ يَهُوذَا، كَمَا كَانَ لَهُ فِي أُورُشَلِيمَ جَيْشٌ قَوِيٌّ مِنَ الْمُحَارِبِينَ الأَشِدَّاءِ.

14 وَهَذَا إِحْصَاءٌ بَعَدَدِهِمْ بِحَسَبِ انْتِمَائِهِمْ لِبُيُوتِ آبَائِهِمْ: مِنْ يَهُوذَا رُؤَسَاءُ الأُلُوفِ: عَدَنَةُ الْقَائِدُ الْعَامُّ لِقُوَّاتِ سِبْطِ يَهُوذَا الْبَالِغَةِ ثَلاثَ مِئَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمُحَارِبيِنَ الأَشِدَّاءِ. 15 وَيَتْلُوهُ يَهُونَاثَانُ قَائِداً لِمِئَتَيْنِ وَثَمَانِينَ أَلْفَ جُنْدِيٍّ. 16 ثُمَّ الْقَائِدُ عَمَسْيَا بْنُ زِكْرِي الْمُتَطَوِّعُ لِخِدْمَةِ الرَّبِّ، عَلَى رَأْسِ مِئَتَيْ أَلْفِ مُحَارِبٍ جَبَّارٍ. 17 وَمِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ: أَلِيَادَاعُ قَائِدٌ لِمِئَتَيْ أَلْفٍ مِنْ رُمَاةِ السِّهَامِ وَحَمَلَةِ التُّرُوسِ. 18 وَيَتْلُوهُ يَهُوزَابَادُ الَّذِي تَوَلَّى قِيَادَةَ مِئَةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفاً مِنَ الْجُنُودِ الْمُدَرَّبِينَ عَلَى الْقِتَالِ. 19 هَؤُلاءِ هُمْ قَادَةُ الْمَلِكِ، فَضْلاً عَنِ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ فِي الْمُدُنِ الْحَصِينَةِ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ يَهُوذَا.

ميخا يتنبأ على آخاب

18 وَكَانَ يَهُوشَافَاطُ مَوْفُورَ الثَّرَاءِ وَالْكَرَامَةِ، وَصَاهَرَ آخْابَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ. وَذَهَبَ بَعْدَ سِنِينَ لِزِيَارَتِهِ فِي السَّامِرَةِ، فَذَبَحَ آخْابُ لَهُ وَلِمُرَافِقِيهِ ذَبَائِحَ كَثِيرَةً مِنْ غَنَمٍ وَبَقَرٍ، وَأَغْرَاهُ أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُ لِمُوَاجَهَةِ رَامُوتِ جِلْعَادَ. قَائِلاً لَهُ: «أَتَذْهَبُ مَعِي لِمُحَارَبَةِ رَامُوتِ جِلْعَادَ؟» فَأَجَابَهُ يَهُوشَافَاطُ: «مَثَلِي مَثَلُكَ، وَشَعْبِي كَشَعْبِكَ، وَأَنَا مَعَكَ فِي الْقِتَالِ».

ثُمَّ أَضَافَ: «إِنَّمَا اطْلُبْ أَوَّلاً مَشُورَةَ الرَّبِّ». فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ أَرْبَعَ مِئَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْبِيَاءِ وَسَأَلَهُمْ: «أَنَذْهَبُ لِلْحَرْبِ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ أَمْ لا؟» فَأَجَابُوا: «اذْهَبْ فَإِنَّ الرَّبَّ يُظْفِرُ الْمَلِكَ بِها». فَسَأَلَ يَهُوشَافَاطُ: «أَلا يُوْجَدُ هُنَا نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ الرَّبِّ فَنَسْأَلَهُ الْمَشُورَةَ؟» فَأَجَابَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «يُوْجَدُ بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ يُمْكِنُنَا عَنْ طَرِيقِهِ أَنْ نَطْلُبَ مَشُورَةَ الرَّبِّ، وَلَكِنَّنِي أَمْقُتُهُ، لأَنَّهُ لَا يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ بِغَيْرِ الشَّرِّ كُلَّ أَيَّامِهِ. إِنَّهُ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ». فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «لا تَقُلْ هَذَا أَيُّهَا الْمَلِكُ». فَاسْتَدْعَى الْمَلِكُ خَصِيًّا وَقَالَ: «أَسْرِعْ وَائْتِ لِي بِمِيخَا بْنِ يَمْلَةَ». وَكَانَ كُلٌّ مِنْ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ، وَقَدِ ارْتَدَيَا حُلَلَهُمَا الْمَلَكِيَّةَ وَالأَنْبِيَاءُ (الكَذَبَةُ) جَمِيعُهُمْ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا. 10 وَصَنَعَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قَرْنَيْ حَدِيدٍ وَقَالَ: «هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: بِهَذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَهْلِكُوا». 11 وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلامِ قَائِلِينَ: «اذْهَبْ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ فَتَظْفَرَ بِها، لأَنَّ الرَّبَّ يُسَلِّمُهَا إِلَى الْمَلِكِ».

12 وَأَمَّا الرَّسُولُ الَّذِي انْطَلَقَ لاسْتِدْعَاءِ مِيخَا فَقَالَ لَهُ: «لَقَدْ تَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ بِفَمٍ وَاحِدٍ مُبَشِّرِينَ الْمَلِكَ بِالْخَيْرِ، فَلْيَكُنْ كَلامُكَ مُوَافِقاً لِكَلامِهِمْ، يَحْمِلُ بَشَائِرَ الْخَيْرِ». 13 فَأَجَابَ مِيخَا: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّنِي لَنْ أَنْطِقَ إِلّا بِمَا يَقُولُ الرَّبُّ». 14 وَلَمَّا مَثَلَ مِيخَا أَمَامَ الْمَلِكِ، سَأَلَهُ الْمَلِكُ: «يَا مِيخَا، أَنَذْهَبُ لِلْحَرْبِ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ أَمْ نَمْتَنِعُ؟» فَقَالَ لَهُ: «اذْهَبْ فَتَظْفَرَ بِها لأَنَّ الرَّبَّ يُسَلِّمُهَا إِلَى الْمَلِكِ». 15 فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «كَمْ مَرَّةٍ اسْتَحْلَفْتُكَ بِاسْمِ الرَّبِّ أَلّا تُخْبِرَنِي إِلّا الْحَقَّ؟» 16 عِنْدَئِذٍ قَالَ مِيخَا: «رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُبَدَّدِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ بِلا رَاعٍ. فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهَؤُلاءِ قَائِدٌ. فَلْيَرْجِعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلامٍ» 17 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُ لَا يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ بِغَيْرِ الشَّرِّ؟» 18 فَأَجَابَ مِيخَا: «إِذاً فَاسْمَعْ كَلامَ الرَّبِّ. قَدْ شَاهَدْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ أَجْنَادِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 19 فَسَأَلَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي آخْابَ لِيَخْرُجَ إِلَى الْحَرْبِ وَيَمُوتَ فِي رَامُوتِ جِلْعَادَ؟ فَأَجَابَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ. 20 ثُمَّ بَرَزَ رُوحٌ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. فَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 21 فَأَجَابَ: أَخْرُجُ وَأُصْبِحُ رُوحَ ضَلالٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ الرَّبُّ: إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى إِغْوَائِهِ وَتُفْلِحُ فِي ذَلِكَ، فَامْضِ وَنَفِّذِ الأَمْرَ. 22 وَهَا الرَّبُّ قَدْ جَعَلَ الآنَ رُوحَ ضَلالٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ هَؤُلاءِ، وَقَدْ قَضَى عَلَيْكَ بِالشَّرِّ». 23 فَاقْتَرَبَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ مِنْ مِيخَا وَضَرَبَهُ عَلَى الْفَكِّ قَائِلاً: «مِنْ أَيْنَ عَبَرَ رُوحُ الرَّبِّ مِنِّي لِيُكَلِّمَكَ؟» 24 فَأَجَابَهُ مِيخَا: «سَتَعْرِفُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَلْجَأُ فِيهِ لِلاِخْتِبَاءِ مِنْ مُخْدَعٍ إِلَى مُخْدَعٍ». 25 حِينَئِذٍ أَمَرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «اقْبِضُوا عَلَى مِيخَا وَسَلِّمُوهُ إِلَى آمُونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ وَإِلَى يُوآشَ ابْنِ الْمَلِكِ، 26 وَقُولُوا لَهُمَا: إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ أَمَرَ بِإِيْدَاعِ هَذَا فِي السِّجْنِ وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ، حَتَّى يَرْجِعُ مِنَ الْحَرْبِ بِسَلامٍ». 27 فَأَجَابَهُ مِيخَا: «إِنْ رَجَعْتَ بِسَلامٍ فَإِنَّ الرَّبَّ لَا يَكُونُ قَدْ تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِي، فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ أَيُّهَا الشَّعْبُ جَمِيعاً».

قتل آخاب في راموت جلعاد

28 وَتَوَجَّهَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ، 29 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «إِنَّنِي سَأَخُوضُ الْحَرْبَ مُتَنَكِّراً، أَمَّا أَنْتَ فَارْتَدِ ثِيَابَكَ الْمَلَكِيَّةَ». وَهَكَذَا تَنَكَّرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَخَاضَا الْحَرْبَ. 30 وَأَمَرَ مَلِكُ أَرَامَ قُوَّادَ مَرْكَبَاتِهِ: «لا تُحَارِبُوا صَغِيراً وَلا كَبِيراً إِلّا مَلِكَ إِسْرَائِيلَ وَحْدَهُ». 31 فَلَمَّا شَاهَدَ قُوَّادُ الْمَرْكَبَاتِ يَهُوشَافَاطَ ظَنُّوا أَنَّهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، فَحَاصَرُوهُ لِيُقَاتِلُوهُ، فَأَطْلَقَ يَهُوشَافَاطُ صَرْخَةً فَأَغَاثَهُ الرَّبُّ وَرَدَّهُمْ عَنْهُ. 32 وَعِنْدَمَا أَدْرَكَ رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ تَحَوَّلُوا عَنْهُ. 33 وَلَكِنْ حَدَثَ أَنَّ جُنْدِيًّا أَطْلَقَ سَهْمَهُ عَنْ غَيْرِ عَمْدٍ، فَأَصَابَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ أَوْصَالِ دِرْعِهِ، فَقَالَ لِقَائِدِ مَرْكَبَتِهِ: «أَخْرِجْنِي مِنَ الْمَعْرَكَةِ لأَنَّنِي قَدْ جُرِحْتُ». 34 وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَتَحَامَل مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَرْكَبَتِهِ، وَظَلَّ وَاقِفاً فِي مُوَاجَهَةِ الأَرَامِيِّينَ إِلَى الْمَسَاءِ ثُمَّ مَاتَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.